العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الفرقان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 11:42 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة الفرقان [ من الآية (1) إلى الآية (6) ]

{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 06:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه دخل على أبيه وعنده رجلٌ من أهل العراق وهو يسأله عن الآية التي في {تبارك الّذي نزّل الفرقان على عبده}، والتي في النساء: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا}، فقال زيد: قد عرفت الناسخة من المنسوخة، نسختها التي في النساء بعدها بستة أشهر). [الجامع في علوم القرآن: 3/86-87]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تبارك الّذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا}.
قال أبو جعفرٍ: تبارك: تفاعل من البركة
- كما حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، قال: حدّثنا أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، قال: تبارك: تفاعل من البركة.
وهو كقول القائل: تقدّس ربّنا، فقوله: {تبارك الّذي نزّل الفرقان} يقول: تبارك الّذي نزّل الفصل بين الحقّ والباطل، فصلاً بعد فصلٍ، وسورةً بعد سورةٍ، على عبده محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ليكون محمّدٌ لجميع الجنّ والإنس الّذين بعثه اللّه إليهم داعيًا إليه، نذيرًا: يعني منذرًا ينذرهم عقابه، ويخوّفهم عذابه، إن لم يوحّدوه، ولم يخلصوا له العبادة، ويخلعوا كلّ ما دونه من الآلهة والأوثان.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {تبارك الّذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا} قال: النّبيّ النّذير.
وقرأ: {وإن من أمّةٍ إلاّ خلا فيها نذيرٌ}، وقرأ: {وما أهلكنا من قريةٍ إلاّ لها منذرون}، قال: رسلٌ. قال: المنذرون: الرّسل. قال: وكان نذيرًا واحدًا بلغ ما بين المشرق والمغرب، ذو القرنين، ثمّ بلغ السّدّين، وكان نذيرًا، ولم أسمع أحدًا يحقّ أنّه كان نبيًّا. {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}، قال: من بلغه القرآن من الخلق، فرسول اللّه نذيره. وقرأ: {يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعًا}، وقال: لم يرسل اللّه رسولاً إلى النّاس عامّةً إلاّ نوحًا، بدأ به الخلق، فكان رسول أهل الأرض كلّهم، ومحمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ختم به). [جامع البيان: 17/394-395]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (تبارك الّذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا (1)
قوله تعالى: تبارك
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء، ثنا عثمان بن سعيدٍ الزّيّات أنبأ بشر بن عمارة، ثنا أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: تبارك تفاعل من البركة- وروى عن أبي مالكٍ الغفاريّ نحو ذلك.
قوله تعالى: الّذي نزّل الفرقان
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة أنبأ عبد اللّه بن المبارك أنبأ صفوان بن عمرٍو حدّثني عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ عن أبيه قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود يومًا فقال: لقد بعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وجاهليّةً ما يرون أنّ دينًا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقانٍ فرّق بين الحقّ والباطل وفرّق بين الوالد وولده حتّى إنّ الرّجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرًا قد فتح اللّه قفل قلبه للإيمان يعلم أنّه إن هلك دخل النّار فلا يقرّ عينًا وهو يعلم أنّ حبيبه في النّار وإنّها للّتي قال اللّه: الّذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعينٍ الآية.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا تليد بن سليمان عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: نزّل الفرقان قال: خواتيم سورة البقرة من كنزٍ تحت العرش.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع في قوله: نزّل الفرقان قال: الفرقان فرّق بين الحقّ والباطل.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشامٍ، ثنا سفيان عن رجلٍ عن مجاهدٍ قال: إنّما سمّي الفرقان لأنّه فرّق بين الحقّ والباطل.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: تبارك الّذي نزّل الفرقان على عبده يقول: الفرقان فيه حلال اللّه وحرامه وشرائعه ودينه فرّق بين الحقّ والباطل.
قوله تعالى: على عبده
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو كريبٍ، ثنا يونس بن بكيرٍ قال ابن إسحاق على عبده يعني محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: ليكون للعالمين نذيرًا
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا الوليد، ثنا الفرات ابن الوليد عن مغيث بن سميٍّ عن تبيعٍ قال: العالمين ألف أمّةٍ فستّمائةٍ في البحر وأربعمائةٍ في البرّ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو غسّان مالك بن إسماعيل، ثنا قيسٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: للعالمين قال: الجنّ والإنس.
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محلّمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن في قوله: للعالمين قال: النّاس كلّهم.
قوله تعالى: نذيرًا
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: ليكون للعالمين نذيرًا بعث اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم نذيرًا من النّار وينذر بأس اللّه ووقائعه بمن خلا قبلكم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: ليكون للعالمين نذيرًا قال: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم النّذير وقرأ: وإن من أمّةٍ إلا خلا فيها نذيرٌ وقرأ: وما أهلكنا من قريةٍ إلا لها منذرون قال: رسل المنذرين الرّسل قال: وكان نذيرًا واحدًا بلغ ما بين المشرق والمغرب ذو القرنين بلغ السّدّين، وكان نذيرًا ولم أسمع بحقٍّ أنّه كان نبيا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2659-2660]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا * الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء
فقدره تقديرا * واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا * وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا * وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا * قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما * وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا * أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا * تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا * بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: تبارك تفاعل من البركة). [الدر المنثور: 11/134]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} قال: هو القرآن فيه حلال الله وحرامه وشرائعه ودينه فرق الله به بين الحق والباطل {ليكون للعالمين نذيرا} قال: بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم نذير من الله لينذر الناس بأس الله ووقائعه بمن خلا قبلكم {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} قال: بين لكل شيء من خلقه صلاحه وجعل ذلك بقدر معلوم، {واتخذوا من دونه آلهة} قال: هي هذه الأوثان التي تعبد من دون الله {لا يخلقون شيئا وهم يخلقون} وهو الله الخالق الرازق وهذه الأوثان تخلق ولا تخلق شيئا ولا تضر ولا تنفع ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا يعني بعثا {وقال الذين كفروا إن هذا} هذا قول مشركي العرب {إلا إفك} هو الكذب {افتراه وأعانه عليه} أي على حديثه هذا وأمره {قوم آخرون فقد جاؤوا} فقد أتوا {ظلما وزورا} {وقالوا أساطير الأولين} قال: كذب الأولين وأحاديثهم {وقالوا ما لهذا الرسول} قال: عجب الكفار من ذلك أن يكون رسول {يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها} قال الله يرد عليهم {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} يقول: خيرا مما قال الكفار من الكنز والجنة {جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا} قال: وأنه والله من دخل الجنة ليصيبن قصورا لا تبلى ولا تهدم). [الدر المنثور: 11/134-135]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (والفرقان الفارق بين الحلال والحرام الذي جمعت منافعه وعمت فوائده). [إرشاد الساري: 7/271]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذي له ملك السّموات والأرض ولم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك وخلق كلّ شيءٍ فقدّره تقديرًا}.
يقول تعالى ذكره: {تبارك الّذي نزّل الفرقان} {الّذي له ملك السّموات والأرض} فـ الّذي من نعت الّذي الأولى، وهما جميعًا في موضع رفعٍ، الأولى بقوله {تبارك}، والثّانية نعتٌ لها.
ويعني بقوله: {الّذي له ملك السّموات والأرض} الّذي له سلطان السّماوات والأرض ينفذ في جميعها أمره وقضاءه، ويمضي في كلّها أحكامه. يقول: فحقٌّ على من كان كذلك أن يطيعه أهل مملكته ومن في سلطانه، ولا يعصوه. يقول: فلا تعصوا نذيري إليكم أيّها النّاس، واتّبعوه، واعملوا بما جاءكم به من الحقّ.
{ولم يتّخذ ولدًا} يقول تكذيبًا لمن أضاف إليه الولد وقال: الملائكة بنات اللّه: ما اتّخذ الّذي نزّل الفرقان على عبده ولدًا، فمن أضاف إليه ولدًا فقد كذب وافترى على ربّه.
{ولم يكن له شريكٌ في الملك} يقول تكذيبًا لمن كان يضيف الألوهة إلى الأصنام ويعبدها من دون اللّه من مشركي العرب، ويقول في تلبيته: لبّيك لا شريك لك، إلاّ شريكًا هو لك، تملكه وما ملك: كذب قائلو هذا القول، ما كان للّه شريكٌ في ملكه وسلطانه، فيصلح أن يعبد من دونه يقول تعالى ذكره: فأفردوا أيّها النّاس لربّكم الّذي نزّل الفرقان على عبده محمّدٍ نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم الألوهة، وأخلصوا له العبادة، دون كلّ ما تعبدونه من دونه من الآلهة والأصنام والملائكة والجنّ والإنس، فإنّ كلّ ذلك خلقه وفي ملكه، فلا تصلح العبادة إلاّ للّه الّذي هو مالك جميع ذلك.
وقوله: {وخلق كلّ شيءٍ} يقول تعالى ذكره: وخلق الّذي نزّل على محمّدٍ الفرقان كلّ شيءٍ، فالأشياء كلّها خلقه وملكه، وعلى المماليك طاعة مالكهم، وخدمة سيّدهم دون غيره. يقول: وأنا خالقكم، ومالككم، فأخلصوا لي العبادة دون غيري.
وقوله: {فقدّره تقديرًا} يقول: فسوّى كلّ ما خلق وهيّأه لما يصلح له، فلا خلل فيه ولا تفاوت). [جامع البيان: 17/395-396]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذي له ملك السّماوات والأرض ولم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك وخلق كلّ شيءٍ فقدّره تقديرًا (2)
قوله تعالى: الذي له ملك السماوات والأرض
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء أبو كريب، ثنا عثمان ابن سعيدٍ، ثنا سعيدٍ، ثنا بشر بن عمارة، ثنا أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ قال: قال جبريل: يا محمّد للّه الخلق كلّه السّماوات كلّهنّ ومن فيهنّ والأرضون كلّهنّ ومن فيهنّ وما بينهنّ ممّا يعلم وممّا لا يعلم يقول: اعلم يا محمّد أنّ ربّك هذا لا يشبهه شيءٌ بالصّفة الّتي ألهمك.
قوله تعالى: ولم يتّخذ ولدًا
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ أنبأ حفص بن عمر العدنيّ، ثنا الحكم ابن أبان، عن عكرمة قال: قالت اليهود عزيرٌ ابن اللّه وقالت النّصارى المسيح ابن اللّه وقالت الصّابئة نحن نعبد الملائكة من دون اللّه وقالت المجوس نحن نعبد الشّمس والقمر من دون اللّه، وقال أهل الأوثان نحن نعبد الأوثان من دون اللّه، فأوحى اللّه إلى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليكذّب قولهم: ولم يتّخذ ولدًا
قوله تعالى: ولم يكن له شريكٌ في الملك
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ أنبأ أبو صخرٍ، عن القرظيّ محمّد بن كعبٍ في هذه الآية: ولم يكن له شريكٌ في الملك قال: قالت اليهود والنّصارى: اتّخذ اللّه ولدًا وقالت العرب: لبّيك اللّهمّ لبّيك لا شريك لك إلّا شريكًا هو لك، وقالت الصّابئة والمجوس: لولا أولياء اللّه لذلّ اللّه فأنزل اللّه عزّ وجلّ: لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك
قوله تعالى: وخلق كلّ شيءٍ
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ أنّه سمع عمّه وهب بن منبّهٍ يقول: قال عزيرٌ اللّهمّ ربّ إنّك تسمّيت الرّحمن الرّحيم أرحم الرّاحمين لأنّك ترحم الخاطئين وتتجاوز، عن المذنبين وتسمّيت الجواد لأنّك تعطي أكثر ممّا تسأل إنّما نحن خلقك وعمل يديك خلقت أجسادنا في أرحام أمّهاتنا وصوّرتنا كيف تشاء بقدرتك جعلت لنا أركانًا وجعلت فيها عظامًا وشققت لنا أسماعًا وأبصارًا ثمّ جعلت لها في تلك الظّلمة نورًا وفي ذلك الضّيق فسحًا وفي ذلك الفم روحًا ثمّ هيّأت لها بحكمتك رزق الحامل والمحمول كلاهما أنت تحمل وترزق فلمّا أخرجته لمدّته أمرت الأركان فتجلّبت وأمرت العروق فتشبّكت وخلقت له لبنًا صافيًا من فضلك وجعلته لخلقك الّذي خلقت رزقًا ثمّ هيّأت له من فضلك رزقًا يقوته على مشيئتك ثمّ وعظته بكتابك ثمّ قضيت عليه الموت لا محالة ثمّ أنت تعيده كما بدأته.
قوله تعالى: فقدّره تقديرًا
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: وخلق كلّ شيءٍ فقدّره تقديرًا من خلقه وصلاحه وجعل ذلك بقدرٍ معلومٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2661-2662]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} قال: هو القرآن فيه حلال الله وحرامه وشرائعه ودينه فرق الله به بين الحق والباطل {ليكون للعالمين نذيرا} قال: بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم نذير من الله لينذر الناس بأس الله ووقائعه بمن خلا قبلكم {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} قال: بين لكل شيء من خلقه صلاحه وجعل ذلك بقدر معلوم، {واتخذوا من دونه آلهة} قال: هي هذه الأوثان التي تعبد من دون الله {لا يخلقون شيئا وهم يخلقون} وهو الله الخالق الرازق وهذه الأوثان تخلق ولا تخلق شيئا ولا تضر ولا تنفع ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا يعني بعثا {وقال الذين كفروا إن هذا} هذا قول مشركي العرب {إلا إفك} هو الكذب {افتراه وأعانه عليه} أي على حديثه هذا وأمره {قوم آخرون فقد جاؤوا} فقد أتوا {ظلما وزورا} {وقالوا أساطير الأولين} قال: كذب الأولين وأحاديثهم {وقالوا ما لهذا الرسول} قال: عجب الكفار من ذلك أن يكون رسول {يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها} قال الله يرد عليهم {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} يقول: خيرا مما قال الكفار من الكنز والجنة {جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا} قال: وإنه والله من دخل الجنة ليصيبن قصورا لا تبلى ولا تهدم). [الدر المنثور: 11/134-135] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتّخذوا من دونه آلهةً لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا ولا يملكون موتًا ولا حياةً ولا نشورًا}.
يقول تعالى ذكره مقرّعًا مشركي العرب بعبادتهم ما دونه من الآلهة، ومعجّبًا أولي النّهى منهم، ومنبّههم على موضع خطأ فعلهم وذهابهم عن منهج الحقّ، وركوبهم من سبل الضّلالة ما لا يركبه إلاّ كلّ مدخول الرّأي، مسلوب العقل: واتّخذ هؤلاء المشركون بالله من دون الّذي له ملك السّماوات والأرض وحده، من غير شريكٍ، الّذشي خلق كلّ شيءٍ فقدّره – {ءالهة}: يعني أصنامًا بأيديهم يعبدونها، لا تخلق شيئًا وهي تخلق، ولا تملك لأنفسها نفعًا تجرّه إليها، ولا ضرًّا تدفعه عنها ممّن أرادها بضرٍّ، ولا تملك إماتة حيٍّ، ولا إحياء ميّتٍ، ولا نشره من بعد مماته، وتركوا عبادة خالق كلّ شيءٍ، وخالق آلهتهم، ومالك الضّرّ والنّفع، والّذي بيده الموت والحياة والنّشور.
والنّشور: مصدر نشر الميّت نشورًا، وهو أن يبعث ويحيا بعد الموت). [جامع البيان: 17/396-397]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واتّخذوا من دونه آلهةً لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا ولا يملكون موتًا ولا حياةً ولا نشورًا (3)
قوله تعالى: واتّخذوا من دونه آلهةً
- به عن قتادة: واتّخذوا من دونه آلهةً وهي هذه الأوثان الّتي تعبد من دون اللّه عزّ وجلّ.
قوله تعالى: لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون
- وبه عن قتادة قوله: لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون وهو اللّه الخالق الرّازق وهذه الأوثان الّتي تعبد من دون اللّه تخلق ولا تخلق شيئًا.
قوله تعالى: ولا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا
- حدّثنا أبي ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ضرًّا ولا نفعًا ضرًّا قال: ضلالةً.
قوله تعالى: ولا يملكون موتًا ولا حياةً
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: ولا يملكون موتًا ولا حياةً وهي هذه الأوثان الّتي تعبد من دون اللّه لا تضرّ ولا تنفع ولا تملك موتًا ولا حياةً وفي قوله: ولا نشورًا أي: ولا بعثًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2662]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} قال: هو القرآن فيه حلال الله وحرامه وشرائعه ودينه فرق الله به بين الحق والباطل {ليكون للعالمين نذيرا} قال: بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم نذير من الله لينذر الناس بأس الله ووقائعه بمن خلا قبلكم {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} قال: بين لكل شيء من خلقه صلاحه وجعل ذلك بقدر معلوم، {واتخذوا من دونه آلهة} قال: هي هذه الأوثان التي تعبد من دون الله {لا يخلقون شيئا وهم يخلقون} وهو الله الخالق الرازق وهذه الأوثان تخلق ولا تخلق شيئا ولا تضر ولا تنفع ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا يعني بعثا {وقال الذين كفروا إن هذا} هذا قول مشركي العرب {إلا إفك} هو الكذب {افتراه وأعانه عليه} أي على حديثه هذا وأمره {قوم آخرون فقد جاؤوا} فقد أتوا {ظلما وزورا} {وقالوا أساطير الأولين} قال: كذب الأولين وأحاديثهم {وقالوا ما لهذا الرسول} قال: عجب الكفار من ذلك أن يكون رسول {يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها} قال الله يرد عليهم {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} يقول: خيرا مما قال الكفار من الكنز والجنة {جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا} قال: وإنه والله من دخل الجنة ليصيبن قصورا لا تبلى ولا تهدم). [الدر المنثور: 11/134-135] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين كفروا إن هذا إلاّ إفكٌ افتراه وأعانه عليه قومٌ آخرون فقد جاءوا ظلمًا وزورًا}.
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء الكافرون باللّه الّذين اتّخذوا من دونه آلهةً: ما هذا القرآن الّذي جاءنا به محمّدٌ {إلاّ إفكٌ} يعني: إلاّ كذبٌ وبهتانٌ، {افتراه} اختلقه وتخرّصه، وتقوّله {وأعانه عليه قومٌ آخرون} ذكر أنّهم كانوا يقولون: إنّما يعلّم محمّدًا هذا الّذي يجيئنا به اليهود، فذلك قوله: {وأعانه عليه قومٌ آخرون} يقول: وأعان محمّدًا على هذا الإفك الّذي افتراه يهود.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {وأعانه عليه قومٌ آخرون} قال: يهود.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقوله: {فقد جاءوا ظلمًا وزورًا} يقول تعالى ذكره: فقد أتى قائلو هذه المقالة، يعني الّذين قالوا: {إن هذا إلاّ إفكٌ افتراه وأعانه عليه قومٌ آخرون} ظلمًا، يعني بالظّلم: نسبتهم كلام اللّه، وتنزيله إلى أنّه إفكٌ افتراه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقد بيّنّا فيما مضى أنّ معنى الظّلم: وضع الشّيء في غير موضعه، فكان ظلم قائلي هذه المقالة القرآن بقيلهم هذا، وصفهم إيّاه بغير صفته. والزّور: أصله تحسين الباطل.
فتأويل الكلام: فقد أتى هؤلاء القوم في قيلهم {إن هذا إلاّ إفكٌ افتراه وأعانه عليه قومٌ آخرون} كذبًا محضًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، وحدّثني القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فقد جاءوا ظلمًا وزورًا} قال: كذبًا). [جامع البيان: 17/397-399]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وقال الّذين كفروا
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة يعني قوله: وقال الّذين كفروا قال: هذا قول مشركي العرب.
قوله تعالى: إن هذا إلا إفكٌ افتراه
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يحيى بن يمانٍ عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: كلّ شيءٍ في القرآن إفكٌ فهو كذبٌ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: وقال الّذين كفروا إن هذا إلا إفكٌ افتراه والإفك هو: الكذب
قوله تعالى: وأعانه عليه
- به عن قتادة قوله: وأعانه عليه أي على حديثه هذا وأمره.
قوله تعالى: قومٌ آخرون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وأعانه عليه قومٌ آخرون قال: يهود.
قوله تعالى: فقد جاؤ ظلمًا وزورًا
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: فقد جاؤ ظلمًا وزورًا قد أتوا ظلمًا وزورًا.
قوله تعالى: وزورًا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ظلمًا وزورًا كذبًا.
.... ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2662-2663]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وأعانه عليه قوم آخرون قال يهود تقوله). [تفسير مجاهد: 447]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فقد جاؤوا ظلما وزروا قال الظلم الكذب). [تفسير مجاهد: 447]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} قال: هو القرآن فيه حلال الله وحرامه وشرائعه ودينه فرق الله به بين الحق والباطل {ليكون للعالمين نذيرا} قال: بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم نذير من الله لينذر الناس بأس الله ووقائعه بمن خلا قبلكم {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} قال: بين لكل شيء من خلقه صلاحه وجعل ذلك بقدر معلوم، {واتخذوا من دونه آلهة} قال: هي هذه الأوثان التي تعبد من دون الله {لا يخلقون شيئا وهم يخلقون} وهو الله الخالق الرازق وهذه الأوثان تخلق ولا تخلق شيئا ولا تضر ولا تنفع ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا يعني بعثا {وقال الذين كفروا إن هذا} هذا قول مشركي العرب {إلا إفك} هو الكذب {افتراه وأعانه عليه} أي على حديثه هذا وأمره {قوم آخرون فقد جاؤوا} فقد أتوا {ظلما وزورا} {وقالوا أساطير الأولين} قال: كذب الأولين وأحاديثهم {وقالوا ما لهذا الرسول} قال: عجب الكفار من ذلك أن يكون رسول {يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها} قال الله يرد عليهم {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} يقول: خيرا مما قال الكفار من الكنز والجنة {جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا} قال: وإنه والله من دخل الجنة ليصيبن قصورا لا تبلى ولا تهدم). [الدر المنثور: 11/134-135] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كل شيء في القرآن إفك فهو كذب). [الدر المنثور: 11/135]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأعانه عليه قوم آخرون} قال: يهود {فقد جاؤوا ظلما وزورا} قال: كذبا). [الدر المنثور: 11/136]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {تملى عليه} [الفرقان: 5] : " تقرأ عليه، من أمليت وأمللت). [صحيح البخاري: 6/109]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أساطير تقدّم في تفسير سورة الأنعام). [فتح الباري: 8/491]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تملى عليه تقرأ عليه من أمليت وأمللت قال أبو عبيدة في قوله فهي تملى عليه أي تقرأ عليه وهو من أمليت عليه وهي في موضعٍ آخر أمللت عليه يشير إلى قوله تعالى في سورة البقرة وليملل الّذي عليه الحق). [فتح الباري: 8/491]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (تملى عليه أي تقرأ عليه من أمليت وأمللت
أشار به إلى قوله تعالى: {وقالوا أساطير الأوّلين} (الفرقان: 5) اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا، وفسّر: (تملى عليه) بقوله: (تقرأ عليه) ، قوله: (وقالوا) أي: الكفّار، (أساطير الأوّلين) يعني: ما سطره المتقدمون من نحو أحاديث رستم وإسفنديار، والأساطير جمع إسطار وأسطورة كأحدوثة. قوله: اكتتبها: يعني أمر بكتبها لنفسه وأخذها، وقيل: المعنى أكتتبها كاتب له لأنّه كان أمّيا لا يكتب بيده، وذلك من تمام إعجازه. قوله: (من أمليت) ، أشار به إلى أن تملى من أمليت من الإملاء، وأشار بقوله: (أمللت) إلى أن الإملال لغة في الإملاء، وقال الجوهري: أمليت الكتاب أملي وأمللته أمله لغتان جيدتان جاء بهما القرآن، كقوله تعالى: {فليملل الّذي عليه الحق} (البقرة: 282) ). [عمدة القاري: 19/94]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (تملى عليه) في قوله: {وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تملى عليه} [الفرقان: 5] أي (تقرأ عليه من أمليت) بتحتية ساكنة بعد اللام (وأمللت) بلام بدل التحتية والمعنى أن هذا القرآن ليس من الله إنما سطره الأوّلون فهي تقرأ عليه ليحفظها). [إرشاد الساري: 7/272]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلاً (5) قل أنزله الّذي يعلم السّرّ في السّموات والأرض إنّه كان غفورًا رحيمًا}.
ذكر أنّ هذه الآية نزلت في النّضر بن الحارث، وأنّه المعنيّ بقوله: {وقالوا أساطير الأوّلين}.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثنا شيخٌ، من أهل مصر، قدم منذ بضعٍ وأربعين سنةً، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: كان النّضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدّار بن قصيٍّ من شياطين قريشٍ، وكان يؤذي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وينصب له العداوة، وكان قد قدم الحيرة، تعلّم بها أحاديث ملوك فارس، وأحاديث رستم وأسفنديار، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا جلس مجلسًا فذكّر باللّه، وحدّث قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة اللّه، خلفه في مجلسه إذا قام، ثمّ يقول: أنا واللّه يا معشر قريشٍ أحسن حديثًا منه، فهلمّوا، فأنا أحدّثكم أحسن من حديثه ثمّ يحدّثهم عن ملوك فارس ورستم وأسفنديار، ثمّ يقول: ما محمّدٌ أحسن حديثًا منّي قال: فأنزل اللّه تبارك وتعالى في النّضر ثماني آياتٍ من القرآن قوله: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين}، وكلّ ما ذكر فيه الأساطير في القرآن.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن سعيدٍ، أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ نحوه، إلاّ أنّه جعل قوله: فأنزل اللّه في النّضر ثماني آياتٍ، عن ابن إسحاق، عن الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {أساطير الأوّلين} أشعارهم وكهانتهم؛ وقالها النّضر بن الحارث.
فتأويل الكلام: وقال هؤلاء المشركون باللّه، الّذين قالوا لهذا القرآن: إن هذا إلاّ إفكٌ افتراه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم: هذا الّذي جاءنا به محمّدٌ أساطير الأوّلين، يعنون: أحاديثهم الّتي كانوا يسطّرونها في كتبهم، اكتتبها محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم من يهود. {فهي تملى عليه} يعنون بقولهم: {فهي تملى عليه} فهذه الأساطير تقرأ عليه، من قولهم: أمليت عليك الكتاب وأمللت. {بكرةً} غدوةً، {وأصيلاً} يقول: وتملى عليه غدوةً وعشيًّا). [جامع البيان: 17/399-401]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلًا (5)
قوله تعالى: وقالوا أساطير الأوّلين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة: وقالوا أساطير الأوّلين أي كذب الأوّلين وباطلهم.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: قالوا أساطير الأوّلين يقول: أحاديث الأولين وباطلهم.
قوله تعالى: فهي تملى عليه بكرةً وأصيلا
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عبد الرّحيم الرّزيقيّ، ثنا ابن المبارك، عن الرّبيع بن أنسٍ حدّثني أبو العالية في قوله: بكرةً قال: صلاة الفجر وقوله: وأصيلا قال: صلاة العصر). [تفسير القرآن العظيم: 8/2663-2664]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} قال: هو القرآن فيه حلال الله وحرامه وشرائعه ودينه فرق الله به بين الحق والباطل {ليكون للعالمين نذيرا} قال: بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم نذير من الله لينذر الناس بأس الله ووقائعه بمن خلا قبلكم {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} قال: بين لكل شيء من خلقه صلاحه وجعل ذلك بقدر معلوم، {واتخذوا من دونه آلهة} قال: هي هذه الأوثان التي تعبد من دون الله {لا يخلقون شيئا وهم يخلقون} وهو الله الخالق الرازق وهذه الأوثان تخلق ولا تخلق شيئا ولا تضر ولا تنفع ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا يعني بعثا {وقال الذين كفروا إن هذا} هذا قول مشركي العرب {إلا إفك} هو الكذب {افتراه وأعانه عليه} أي على حديثه هذا وأمره {قوم آخرون فقد جاؤوا} فقد أتوا {ظلما وزورا} {وقالوا أساطير الأولين} قال: كذب الأولين وأحاديثهم {وقالوا ما لهذا الرسول} قال: عجب الكفار من ذلك أن يكون رسول {يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها} قال الله يرد عليهم {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} يقول: خيرا مما قال الكفار من الكنز والجنة {جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا} قال: وإنه والله من دخل الجنة ليصيبن قصورا لا تبلى ولا تهدم). [الدر المنثور: 11/134-135] (م)

تفسير قوله تعالى: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قل أنزله الّذي يعلم السّرّ في السّموات والأرض} يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لهؤلاء المكذّبين بآيات اللّه من مشركي قومك: ما الأمر كما تقولون من أنّ هذا القرآن أساطير الأوّلين، وأنّ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم افتراه وأعانه عليه قومٌ آخرون، بل هو الحقّ، أنزله الرّبّ الّذي يعلم سرّ من في السّموات ومن في الأرض، ولا يخفى عليه شيءٌ، وهو محصي ذلك على خلقه، ومجازيهم بما عزمت عليه قلوبهم، وأضمروه في نفوسهم. {إنّه كان غفورًا رحيمًا} يقول: إنّه لم يزل يصفح عن خلقه ويرحمهم، فيتفضّل عليهم بعفوه، يقول: فلأنّ ذلك من عادته في خلقه، يمهلكم أيّها القائلون ما قلتم من الإفك، والفاعلون ما فعلتم من الكفر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {قل أنزله الّذي يعلم السّرّ في السّموات والأرض} قال: ما يسرّ أهل الأرض وأهل السّماء). [جامع البيان: 17/401-402]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل أنزله الّذي يعلم السّرّ في السّماوات والأرض إنّه كان غفورًا رحيمًا (6)
قوله تعالى: قل أنزله الّذي يعلم السر في السماوات والأرض
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: خلق اللّه اللّوح المحفوظ كمسيرة مائة عامٍ فقال للقلم قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش تبارك وتعالى: اكتب فقال القلم: وما أكتب؟ قال: علمي في خلقي إلى يوم تقوم السّاعة، فجرى القلم بما هو كائنٌ في علم اللّه إلى يوم القيامة فذلك يقول للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يعلم ما في السّماء والأرض.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: يعلم السّرّ قال: السّرّ ما أسرّ ابن آدم في نفسه.
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو عامرٍ العقديّ، ثنا سفيان، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ قال: السّرّ ما حدّثت به نفسك.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً أنا ابن وهبٍ أنبأ حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم في قول اللّه: يعلم السّرّ قال: يعلم سرار العبد، تقدّم تفسيره غير مرّةٍ.
قوله تعالى: إنّه كان غفورًا رحيمًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبير قوله: غفورًا يعنى لما كان منهم في الشّرك،: رحيمًا بهم في الإسلام). [تفسير القرآن العظيم: 8/2664]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 01:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {تبارك} [الفرقان: 1] وهو من باب البركة كقوله: تعالى، ارتفع.
قوله: {الّذي نزّل الفرقان} [الفرقان: 1] قال قتادة: وهو القرآن.
وفرقانه حلاله وحرامه.
{على عبده} [الفرقان: 1] محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{ليكون للعالمين} [الفرقان: 1] يعني الإنس والجنّ.
تفسير السّدّيّ.
{نذيرًا} [الفرقان: 1] ينذرهم النّار وعذاب الدّنيا قبل عذاب النّار في الآخرة إن لم يؤمنوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/468]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(قوله: {تبارك...}:

هو من البركة. وهو في العربيّة كقولك تقدّس ربّنا. البركة والتقدّس العظمة وهما بعد سواء). [معاني القرآن: 2/262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تبارك} من البركة). [تفسير غريب القرآن: 310]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {تبارك الّذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا}
(تبارك) معناه تفاعل من البركة، كذلك يقول أهل اللغة، وكذلك روي عن ابن عباس، ومعنى البركة الكثرة في كل ذي خير.
والفرقان القرآن، يسمى فرقانا لأنه فرّق به بين الحق والباطل.
وقوله: {ليكون للعالمين نذيرا}.
" النذير " المخوف من عذاب الله، وكل من خوّف فقد أنذر.
قال الله - عز وجل - (فأنذرتكم نارا تلظّى). [معاني القرآن: 4/57]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز تبارك: {الذي نزل الفرقان على عبده}
وقرأ عبد الله بن الزبير (على عباده) تبارك تفاعل من البركة وهي حلول الخير
ومنه فلان مبارك أي الخير يحل بحلوله مشتق من البرك والبركة وهما المصدر
و الفرقان القرآن لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر
و النذير المخوف عذاب الله تبارك وتعالى وكل مخوف نذير ومنذر). [معاني القرآن: 5/7-8]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تبارك} أي: تعالى). [ياقوتة الصراط: 381]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَبَارَكَ}: من البركة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 171]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَبَارَكَ}: من البركة). [العمدة في غريب القرآن: 222]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {الّذي له ملك السّموات والأرض ولم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك وخلق كلّ شيءٍ فقدّره تقديرًا} [الفرقان: 2] حدّثني عبد القدّوس بن مسلمٍ، عن أبي الصّهباء، عن سعيد بن جبيرٍ، عن عليٍّ قال: كلّ شيءٍ بقدرٍ حتّى هذه، ووضع طرف إصبعه السّبّابة على طرف لسانه، ثمّ وضعها على ظفر إبهامه اليسرى). [تفسير القرآن العظيم: 1/468]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {الّذي له ملك السّماوات والأرض ولم يتّخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كلّ شيء فقدّره تقديرا}

{وخلق كلّ شيء فقدّره تقديرا}
خلق الله الحيوان وقدر له ما يصلحه ويقيمه، وقدّر جميع ذلك لخلقه بحكمة وتقدير). [معاني القرآن: 4/57]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وخلق كل شيء فقدره تقديرا}
أي قدره لكل شيء ما يصلحه ويقوم به). [معاني القرآن: 5/8]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واتّخذوا من دونه} [الفرقان: 3] من دون اللّه.
{آلهةً} [الفرقان: 3] يعني الأوثان.
{لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون} [الفرقان: 3] يصنعونها بأيديهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/468]
وقال سعيدٌ عن قتادة في قوله: {أتعبدون ما تنحتون} [الصافات: 95] يعني أصنامهم الّتي عملوا بأيديهم {واللّه خلقكم وما تعملون} [الصافات: 96] بأيديكم.
وقال السّدّيّ: {وهم يخلقون} [الفرقان: 3] يعني: وهم يصوّرون.
قوله: {ولا يملكون لأنفسهم} [الفرقان: 3] يعني الأوثان.
{ضرًّا ولا نفعًا ولا يملكون موتًا} [الفرقان: 3] أي: لا يميتون أحدًا.
{ولا حياةً} [الفرقان: 3] أي: ولا يحيون أحدًا.
{ولا نشورًا} [الفرقان: 3] قال قتادة: أي: ولا بعثًا.
لا يملكون شيئًا من ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/469]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
(" ولا حياةً ولا نشوراً " مصدر نشر الميت نشوراً وهو أن يبعث ويحيا بعد الموت، قال الأعشى:

حتى يقول الناس مما رأوا=يا عجبا للميّت الناشر).
[مجاز القرآن: 2/70]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و(النّشور): الحياة بعد الموت.
{افتراه}: تخرّضه). [تفسير غريب القرآن: 310]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا}
يقال أنشر الله الموتى فنشروا). [معاني القرآن: 5/8]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (النُشُور): البعث). [العمدة في غريب القرآن: 222]


تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقال الّذين كفروا إن هذا} [الفرقان: 4] يعنون القرآن.
قوله: {إلا إفكٌ} [الفرقان: 4] قال قتادة: إلا كذبٌ.
{افتراه} [الفرقان: 4] يعنون محمّدًا.
{وأعانه عليه} [الفرقان: 4] على القرآن.
{قومٌ آخرون} [الفرقان: 4] يهود، في تفسير مجاهدٍ.
وقال الحسن: يعنون عبد ابن الحضرميّ.
وقال الكلبيّ: عبد ابن الحضرميّ، وعدّاسٌ غلام عتبة.
قال اللّه: {فقد جاءوا} [الفرقان: 4] قال قتادة: فقد أتوا.
{ظلمًا} [الفرقان: 4] إثمًا وشركًا.
{وزورًا} [الفرقان: 4] كذبًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/469]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
(" إن هذا إلاّ إفكٌ افتراه " الإفك البهتان وأسوأ الكذب، افتراه أي اختلقه واخترعه من عنده).
[مجاز القرآن: 2/70]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {وقال الّذين كفروا إن هذا إلّا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا}
" الإفك " الكذب.
{وأعانه عليه قوم آخرون} يعنون اليهود.
{فقد جاءوا ظلما وزورا} والزّور: الكذب، ونصب (فظلما وزورا) على: فقد جاءوا بظلم وزور، فلما سقطت الباء أفضى الفعل فنصب). [معاني القرآن: 4/57-58]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه}
قال مجاهد وقتادة إفك أي كذب
ثم قال تعالى: {وأعانه عليه قوم آخرون}
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال اليهود
ثم قال جل وعز: {فقد جاءوا ظلما وزورا}
قال مجاهد أي كذبا
قال أبو جعفر والتقدير فقد جاءوا بظلم وزور). [معاني القرآن: 5/9]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وقالوا أساطير الأوّلين} [الفرقان: 5] قال قتادة: أحاديث الأوّلين، أي: كذب الأوّلين وباطلهم.
{اكتتبها} [الفرقان: 5] يقول: اكتتبها محمّدٌ.
كتب الأساطير من عبد ابن الحضرميّ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/469]
وقال الكلبيّ: وعدّاسٍ غلام عتبة.
{فهي تملى عليه} [الفرقان: 5] على محمّدٍ.
{بكرةً وأصيلا} [الفرقان: 5] والأصيل: العشيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/470]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فهي تملي عليه} أي تقرأ عليه وهي من أمليته عليه، وهي في موضع أخر أمللت عليه).
[مجاز القرآن: 2/70]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تملى عليه}: أي تقرأ عليه. يقال أمليت وأمللت). [غريب القرآن وتفسيره: 276]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا}
خبر ابتداء محذوف، المعنى وقالوا: الذي كتابه أساطير الأولين.
معناه مما سطره الأولون، وواحد الأساطير أسطورة، كما تقول أحدوثة وأحاديث.
وقوله عزّ وجلّ: (فهي تملى عليه بكرة وأصيلا).
الأصيل العشيّ). [معاني القرآن: 4/58]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا}
قال مجاهد أي أحاديث الأولين
قال قتادة وأصيلا أي عشيا). [معاني القرآن: 5/9]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تُمْلَى عَلَيْهِ}: تقرأ عليه). [العمدة في غريب القرآن: 222]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {قل أنزله} [الفرقان: 6] أنزل القرآن.
{الّذي يعلم السّرّ في السّموات والأرض إنّه كان غفورًا رحيمًا} [الفرقان: 6] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/470]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 01:50 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) }

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) }

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والزور: الباطل والكذب). [إصلاح المنطق: 124] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والأصيل والأصيلال، بالعشي. يقال: أتيته أصيلا، ومؤصلا، وأصيلالا، قال الشاعر، وهو النابغة:
وقفت فيها أصيلالا أسائلها). [الأيام والليالي: 101]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (
والأصيل: العشي). [الأمالي: 2/65]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 01:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 01:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 01:06 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا}
"تبارك" وزنه تفاعل، وهو فعل مضارع. "بارك"، من البركة، و"بارك" فاعل من واحد، معناه: زاد، و"تبارك" فعل مختص بالله تعالى، لم يستعمل في غيره، ولذلك لم يصرف منه مستقبل، ولا اسم فاعل، وهو صفة فعل، أي: كثرت بركاته، ومن جملتها إنزال كتابه الذي هو الفرقان بين الحق والباطل. وصدر هذه الآية إنما هو رد على مقالات كانت لقريش، فمن جملتها قولهم: "إن القرآن افتراه محمد، وإنه ليس من عند الله"، فهو رد على هذه المقالات.
وقرأ الجمهور: "على عبده"، وقرأ عبد الله بن الزبير: "على عباده"، والضمير في قوله: "ليكون" يحتمل أن يكون لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو عبده المذكور، وهذا تأويل ابن
[المحرر الوجيز: 6/416]
زيد، ويحتمل أن يكون للقرآن، وأما على قراءة ابن الزبير فهو للقرآن، لا يحتمل غير ذلك إلا بكره. وقوله تعالى: {للعالمين} عام في كل إنسي وجني، عاصره أو جاء بعده، وهو مؤيد من غير ما موضع من الحديث المتواتر وظاهر الآيات. و"النذير": المحذر من الشر، والرسول من عند الله نذير، وقد يكون نذيرا ليس برسول، كما روي في ذي القرنين، وكما ورد في رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجن، فإنهم نذر وليسوا برسل). [المحرر الوجيز: 6/417]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {الذي له ملك السماوات والأرض} الآية، هي من الرد على قريش في قولهم: "إن لله شريكا"، وفي قولهم: "اتخذ البنات"، وفي قولهم في التلبية: "إلا شريك هو لك". وقوله تعالى: {وخلق كل شيء} عام في كل مخلوق، وتقدير الأشياء هو حدها بالأمكنة والأزمان والمقادير والمصلحة والإتقان). [المحرر الوجيز: 6/417]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم عقب تعالى ذكر هذه الصفات التي هي للألوهية بالطعن على قريش في اتخاذهم آلهة ليست لهم هذه الصفات، فالعقل يعطي أنهم ليسوا بآلهة. وقوله تعالى: {وهم يخلقون} يحتمل أن يريد: يخلقهم الله بالاختراع والإيجاد، ويحتمل أن يريد: يخلقهم البشر بالنحت والنجارة، وهذا التأويل أشد إبداء لخساسة الأصنام، وخلق البشر يجوز، ولكن العرب تستعمله، ومنه قول زهير:
ولأنت تفري ما خلقت وبعـ = ـض القوم يخلق ثم لا يفري
وهذا من: خلقت الجلد، إذا عملت فيه رسوما يقطع عليها، فالفري هو أن يقطع على ترك الرسوم، وقوله تعالى: {موتا ولا حياة} يريد: إماتة ولا إحياء، و"النشور": بعث الناس من القبور). [المحرر الوجيز: 6/417]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما}
المراد بـ الذين كفروا قريش، وذلك أن بعضهم قالوا: هذا كذب افتراه محمد، واختلف الناس في المعينين لمحمد صلى الله عليه وسلم -على زعم قريش - فقال مجاهد: أشاروا إلى قوم من اليهود، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أشاروا إلى عبيد كانوا للعرب من الفرس، أحدهم أبو فكيهة مولى الحضرميين، وجبر، ويسار، وعداس، وغيرهم. ثم أخبر الله تعالى عنهم أنهم ما جاؤوا إلا إثما وزورا، أي: ما قالوا إلا بهتانا وزورا. و"الزور": تحسين الباطل، هذا عرفه، وأصله التحسين مطلقا، ومنه قول عمر رضي الله عنه: " فأردت أن أقدم بين يدي أبي بكر مقالة كنت زورتها"). [المحرر الوجيز: 6/418]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقالوا أساطير الأولين}، قال ابن عباس: يعني بذلك قول النضر بن الحارث، وذلك أنهم قالوا: كل ما في القرآن من ذكر أساطير الأولين فإنما هو بسبب النضر بن الحارث المشهور في ذلك. ثم رموا محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه اكتتبها. وقرأ طلحة بن مصرف: "اكتتبها" بضم التاء الأولى وكسر الثانية، على معنى: اكتتبت له، ذكرها أبو الفتح. وقرأ طلحة: "تتلى" بتاء بدل الميم). [المحرر الوجيز: 6/418]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر الله تعالى أن يقول: الذي أنزله هو الله الذي يعلم سر جميع الأشياء التي في السماوات والأرض، ثم أعلم بأنه غفور رحيم ليرجي كل سامع في عفوه ورحمته مع التوبة والإنابة، والمعنى أن الله غفور رحيم في إبقائه على أهل هذه المقالات والكفر لعلهم أن يؤمنوا). [المحرر الوجيز: 6/418]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 02:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 02:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({تبارك الّذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا (1) الّذي له ملك السّماوات والأرض ولم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك وخلق كلّ شيءٍ فقدّره تقديرًا (2) }
يقول تعالى حامدًا نفسه الكريمة على ما نزّله على رسوله الكريم من القرآن العظيم، كما قال تعالى: {الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيّمًا لينذر بأسًا شديدًا من لدنه ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات [أنّ لهم أجرًا حسنًا ماكثين فيه أبدًا]} [الكهف: 1 -3] وقال هاهنا: {تبارك} وهو تفاعل من البركة المستقرّة الدّائمة الثّابتة {الّذي نزل الفرقان} نزّل: فعّل، من التّكرّر، والتّكثّر، كما قال: {والكتاب الّذي نزل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل} [النّساء: 136]؛ لأنّ الكتب المتقدّمة كانت تنزل جملةً واحدةً، والقرآن نزل منجّماً مفرّقاً مفصّلا آياتٍ بعد آياتٍ، وأحكامًا بعد أحكامٍ، وسورًا بعد سور، وهذا أشدّ وأبلغ، وأشدّ اعتناءً بمن أنزل عليه كما قال في أثناء هذه السّورة: {وقال الّذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدةً كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا. ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا} [الفرقان: 32،33]. ولهذا سمّاه هاهنا الفرقان؛ لأنّه يفرق بين الحقّ والباطل، والهدى والضّلال، والغيّ والرّشاد، والحلال والحرام.
وقوله: {على عبده}: هذه صفة مدحٍ وثناءٍ؛ لأنّه أضافه إلى عبوديّته، كما وصفه بها في أشرف أحواله، وهي ليلة الإسراء، فقال: {سبحان الّذي أسرى بعبده ليلا} [الإسراء: 1]، وكما وصفه بذلك في مقام الدّعوة إليه: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} [الجنّ: 19]، وكذلك وصفه عند إنزال الكتاب عليه ونزول الملك إليه، فقال {تبارك الّذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا}.
وقوله: {ليكون للعالمين نذيرًا} أي: إنّما خصّه بهذا الكتاب العظيم المبين المفصّل المحكم الّذي: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ} [فصلت: 42]، الّذي جعله فرقانًا عظيمًا -إنّما خصّه به ليخصّه بالرّسالة إلى من يستظلّ بالخضراء، ويستقلّ على الغبراء، كما قال -صلوات اللّه وسلامه عليه -"بعثت إلى الأحمر والأسود". وقال: "أعطيت خمسًا لم يعطهنّ أحدٌ من الأنبياء قبلي"، فذكر منهنّ: أنّه "كان النّبيّ يبعث إلى قومه خاصّةً، وبعثت إلى النّاس عامّةً"، وقال اللّه تعالى: {قل يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعًا الّذي له ملك السّموات والأرض [لا إله إلا هو] يحيي ويميت} [الأعراف: 158] أي: الذي أرسلني هو مالك السموات والأرض، الّذي يقول للشّيء كن فيكون، وهو الّذي يحيي ويميت، وهكذا قال هاهنا: {الّذي له ملك السّموات والأرض ولم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك}، فنزه نفسه عن الولد، وعن الشّريك.
ثمّ أخبر أنّه: {وخلق كلّ شيءٍ فقدّره تقديرًا} أي: كلّ شيءٍ ممّا سواه مخلوقٌ مربوبٌ، وهو خالق كلّ شيءٍ وربّه ومليكه وإلهه، وكلّ شيءٍ تحت قهره [وتسخيره]، وتدبيره وتقديره). [تفسير ابن كثير: 6/ 92-93]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واتّخذوا من دونه آلهةً لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا ولا يملكون موتًا ولا حياةً ولا نشورًا (3)}
يخبر تعالى عن جهل المشركين في اتّخاذهم آلهةً من دون اللّه، الخالق لكلّ شيءٍ، المالك لأزمّة الأمور، الّذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. ومع هذا عبدوا معه من الأصنام ما لا يقدر على خلق جناح بعوضةٍ، بل هم مخلوقون، ولا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا، فكيف يملكون لعابديهم؟ {ولا يملكون موتًا ولا حياةً ولا نشورًا} أي: ليس لهم من ذلك شيءٌ، بل ذلك مرجعه كلّه إلى اللّه عزّ وجلّ، الّذي هو يحيي ويميت، وهو الّذي يعيد الخلائق يوم القيامة أوّلهم وآخرهم، {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان: 28]، {وما أمرنا إلا واحدةٌ كلمحٍ بالبصر} [القمر: 50]، {فإنّما هي زجرةٌ واحدةٌ * فإذا هم بالسّاهرة} [النّازعات: 13،14]، {فإنّما هي زجرةٌ واحدةٌ فإذا هم ينظرون} [الصّافّات: 19]، {إن كانت إلا صيحةً واحدةً فإذا هم جميعٌ لدينا محضرون} [يس: 53]. فهو اللّه الّذي لا إله غيره ولا ربّ سواه، ولا تنبغي العبادة إلّا له؛ لأنّه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وهو الّذي لا ولد له ولا والد، ولا عديل ولا نديد ولا وزير ولا نظير، بل هو الأحد الصّمد، الّذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحدٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 93]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الّذين كفروا إن هذا إلّا إفكٌ افتراه وأعانه عليه قومٌ آخرون فقد جاءوا ظلمًا وزورًا (4) وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلًا (5) قل أنزله الّذي يعلم السّرّ في السّماوات والأرض إنّه كان غفورًا رحيمًا (6)}
يقول تعالى مخبرًا عن سخافة عقول الجهلة من الكفّار، في قولهم عن القرآن: {إن هذا إلا إفكٌ}: أي: كذبٌ، {افتراه} يعنون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، {وأعانه عليه قومٌ آخرون} أي: واستعان على جمعه بقومٍ آخرين. قال اللّه تعالى: {فقد جاءوا ظلمًا وزورًا} أي: فقد افتروا هم قولا باطلا هم يعلمون أنّه باطلٌ، ويعرفون كذب أنفسهم فيما يزعمون). [تفسير ابن كثير: 6/ 93-94]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها} يعنون: كتب الأوائل استنسخها، {فهي تملى عليه} أي: تقرأ عليه {بكرةً وأصيلا} أي: في أوّل النّهار وآخره.
وهذا الكلام -لسخافته وكذبه وبهته منهم- كلّ أحدٍ يعلم بطلانه، فإنّه قد علم بالتّواتر وبالضّرورة: أنّ محمّدًا رسول اللّه لم يكن يعاني شيئًا من الكتابة، لا في أوّل عمره ولا في آخره، وقد نشأ بين أظهرهم من أوّل مولده إلى أن بعثه اللّه نحوًا من أربعين سنةً، وهم يعرفون مدخله ومخرجه، وصدقه، وبرّه وأمانته ونزاهته من الكذب والفجور وسائر الأخلاق الرّذيلة، حتّى إنّهم لم يكونوا يسمّونه في صغره إلى أن بعث إلّا الأمين، لما يعلمون من صدقه وبرّه. فلمّا أكرمه اللّه بما أكرمه به، نصبوا له العداوة، ورموه بهذه الأقوال الّتي يعلم كلّ عاقلٍ براءته منها، وحاروا ماذا يقذفونه به، فتارةً من إفكهم يقولون: ساحرٌ، وتارةً يقولون: شاعرٌ، وتارةً يقولون: مجنونٌ، وتارةً يقولون: كذّابٌ، قال اللّه تعالى: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلا} [الإسراء: 48].
وقال تعالى في جواب ما عاندوا هاهنا وافتروا: {قل أنزله الّذي يعلم السّرّ في السّموات والأرض} أي: أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأوّلين والآخرين إخبارًا حقًّا صدقًا مطابقًا للواقع في الخارج، ماضيًا ومستقبلًا {أنزله الّذي يعلم السّرّ} أي: الله الذي يعلم غيب السموات والأرض، ويعلم السّرائر كعلمه بالظّواهر.
وقوله: {إنّه كان غفورًا رحيمًا}: دعاءٌ لهم إلى التّوبة والإنابة، وإخبارٌ بأنّ رحمته واسعةٌ، وأنّ حلمه عظيمٌ، وأنّ من تاب إليه تاب عليه. فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم وفجورهم وبهتهم وكفرهم وعنادهم، وقولهم عن الرّسول والقرآن ما قالوا، يدعوهم إلى التّوبة والإقلاع عمّا هم فيه إلى الإسلام والهدى، كما قال تعالى: {لقد كفر الّذين قالوا إنّ اللّه ثالث ثلاثةٍ وما من إلهٍ إلا إلهٌ واحدٌ وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسّنّ الّذين كفروا منهم عذابٌ أليمٌ * أفلا يتوبون إلى اللّه ويستغفرونه واللّه غفورٌ رحيمٌ} [المائدة: 73 -74]، وقال تعالى: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثمّ لم يتوبوا فلهم عذاب جهنّم ولهم عذاب الحريق} [البروج: 10]. قال الحسن البصريّ: انظروا إلى هذا الكرم والجود، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التّوبة والرّحمة [سبحانه وتعالى] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 94]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:46 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة