العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 جمادى الآخرة 1434هـ/24-04-2013م, 09:26 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة المطففين [ من الآية (7) إلى الآية (17) ]

{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:09 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)}

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الحارث عن محمّد بن عبيد اللّه عن العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: {إنّ كتاب الأبرار لفي علّيّين}، قال: السماء السابعة العليا، و{كتاب الفجار لفي سجين}، قال: في الأرض السّابعة السّفلى). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 10-11] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {سجين}؛ قال: هو أسفل الأرض السابعة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 355]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (وعن سعيدٍ في قوله: {كلّا إنّ كتاب الفجار لفي سجينٍ}؛ تحت خدّ إبليس). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 35] [سعيد: هو ابن جبير]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَلاَّ؛ أَي: ليسَ الأَمْرُ كما يَظُنُّ هَؤُلاءِ الْكُفَّارُ، أنهم غَيْرُ مبعوثينَ وَلاَ مُعَذَّبِينَ، إِنَّ كِتَابَهُمْ الذي كُتِبَ فِيهِ أَعْمَالُهُمْ الَّتِي كانوا يعملونَها فِي الدُّنيَا {لَفِي سِجِّينٍ} وهي الأَرْضُ السابعةُ السُّفْلَى، وهُو " فِعِّيلٌ " مِن السِّجْنِ، كما قيلَ: رَجُلٌ سِكِّيرٌ مِن السُّكْرِ، وفِسِّيقٌ مِن الفِسْقِ.
وقد اختلفَ أهلُ التأويلِ فِي معنَى ذَلِكَ، فقالَ بَعْضُهُمْ: مِثْلَ الذي قلنا فِي ذَلِكَ.
ذكرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثنا ابْنُ بشارٍ قالَ: ثنا أبو أَحْمَدَ قالَ: ثنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن مُغِيثِ بنِ سُمَيٍّ: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قالَ: فِي الأَرْضِ السابعةِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن مغيثِ بنِ سميٍّ قالَ: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قالَ: الأَرْضِ السُّفْلَى، قالَ: إِبْلِيسُ مُوثَقٌ بالحديدِ وَالسَّلاسِلِ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى.
- حدَّثني يُونُسُ قالَ: أخبرَنا ابْنُ وَهْبٍ قالَ: أخبرني جريرُ بنُ حازمٍ، عن سليمانَ الأعمشِ، عن شمرِ بنِ عطيةَ، عن هلالِ بنِ يَسَافٍ قالَ: كُنَّا جلوساً إلَى كعبٍ أَنَا وربيعُ بنُ خُثَيْمٍ، وخالدُ بنُ عَرْعَرَةَ، ورهطٌ مِن أصحابِنا، فَأَقْبَلَ ابْنُ عبَّاسٍ، فجلسَ إلَى جَنبِ كعبٍ، فقالَ: يَا كعبُ، أخبرني عن {سِجِّينٍ}، فقال كعبٌ: أَمَّا سِجِّينٌ: فَإِنَّهَا الأَرْضُ السابعةُ السُّفْلَى، وَفِيهَا أرواحُ الْكُفَّارِ تَحْتَ خَدِّ إِبْلِيسَ.
- حدَّثنا بِشْرٌ, قالَ: ثنا يَزِيدُ, قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} ذُكِرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عمرٍو كانَ يقولُ: هِي الأَرْضُ السُّفْلَى، فيها أرواحُ الْكُفَّارِ، وأعمالُهم أعمالُ الْسَّوْءِ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: {لَفِي سِجِّينٍ}؛ قالَ: فِي أَسْفَلِ الأَرْضِ السابعةِ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ, قالَ: ثني أَبِي, قالَ: ثني عَمِّي, قالَ: ثني أَبِي، عن أبيه، عن ابْنِ عبَّاسٍ، فِي قولِهِ: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} يقولُ: أَعْمَالُهُمْ فِي كِتَابٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو, قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ, قالَ: ثنا عِيسى؛ وحدَّثني الحارثُ, قالَ: ثنا الحسنُ, قالَ: ثنا وَرْقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {لَفِي سِجِّينٍ}؛ قالَ: عَمَلُهُمْ فِي الأَرْضِ السابعةِ لاَ يَصْعَدُ.
- حدَّثني الحارثُ, قالَ: ثنا الحسنُ, قالَ: ثنا ورقاءُ، عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مِثْلَهُ.
- حدَّثني عمرُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ مُجالِدٍ، قالَ: ثنا مُطَرِّفُ بنُ مازنٍ قاضي اليمنِ، عن معمرٍ، عن قتادةَ قالَ: {سِجِّينٌ} الأَرْضُ السابعةُ.
- حُدِّثْتُ عن الحسينِ قالَ: سَمِعْتُ أَبا معَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ قالَ: سَمِعْتُ الضحاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {لَفِي سِجِّينٍ} يقولُ: فِي الأَرْضِ السُّفْلَى.
- حدَّثنا ابْنُ بشارٍ قالَ: ثنا سليمانُ قالَ: ثنا أبو هلالٍ قالَ: ثنا قتادةُ، فِي قولِهِ: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} قالَ: الأَرْضِ السابعةِ السفلَى.
- حدَّثني يُونُسُ قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ، فِي قولِهِ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قالَ: يُقَالُ: سِجِّينٌ الأَرْضُ السافلةُ، وسجينٌ بالسماءِ الدُّنيَا.
وقال آخرونَ: بلْ ذَلِكَ خدُّ إِبْلِيسَ.
ذكرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يعقوبُ القُمِّيُّ، عن حفصِ بنِ حُمَيْدٍ، عن شمرٍ قالَ: جَاءَ ابْنُ عبَّاسٍ إلَى كعبِ الأَحْبَارِ، فقالَ لَهُ ابْنُ عبَّاسٍ: حدِّثْني عن قَوْلِ اللَّهِ: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}... الآيةَ. قالَ كعبٌ: إِنَّ رُوحَ الفاجرِ يُصْعَدُ بها إلَى الْسَّمَاءِ فتأبَى الْسَّمَاءُ أَنْ تقبلَها، ويُهبَطُ بها إلَى الأَرْضِ فتأبَى الأَرْضُ أَنْ تقبلَها، فتهبطُ فتدخلُ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضينَ، حتَى يُنتهَى بها إلَى سِجِّينٍ، وهُو خدُّ إِبْلِيسَ، فيخرجُ لَهَا مِن سِجِّينٍ مِن تَحْتِ خدِّ إِبْلِيسَ رَقٌّ، فيُرقمُ ويُختمُ، ويُوضعُ تَحْتَ خدِّ إِبْلِيسَ - بمعرفتِها الهلاكُ - إلَى يَومِ القيامةِ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ قالَ: ثنا ابْنُ يمانٍ، عن أشعثَ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، فِي قولِهِ: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} قالَ: تَحْتَ خدِّ إِبْلِيسَ.
وقال آخرونَ: هو جُبٌّ فِي جهنمَ مفتوحٌ، وروَوْا فِي ذَلِكَ خَبَراً عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- حدَّثنا بِه إسحاقُ بنُ وَهْبٍ الواسطيُّ قالَ: ثنا مسعودُ بنُ موسَى بنِ مُشْكانَ الواسطيُّ قالَ: ثنا نصرُ بنُ خزيمةَ الواسطيُّ، عن شُعَيْبِ بنِ صفوانَ، عن مُحَمَّدِ بنِ كعبٍ القرظيِّ، عن أَبِي هريرةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «الْفَلَقُ جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى، وَأَمَّا سِجِّينٌ فَمَفْتُوحٌ
».
وقال بَعْضُ أهلِ العربيةِ: ذَكَرُوا أَن {سِجِّين}: الصَّخْرَةُ الَّتِي تَحْتَ الأَرْضِ، قالَ: ونرَى أَنَّ {سِجِّين}: صفةٌ مِن صفاتِها؛ لأنه لَوْ كانَ لَهَا اسماً لم يُجْرَ، قالَ: وَإِنْ قُلْتَ: أجريتُه لأني ذَهَبْتُ بالصخرةِ إلَى أَنَّهَا الحَجرُ الذي فِيه الكِتَابُ؛ كانَ وجهاً.
وإنما اخترتُ الْقَوْلَ الذي اخترتُ فِي معنَى قولِهِ: {سِجِّينٌ} لما حدَّثنا ابْنُ وكيعٍ قالَ: ثنا ابْنُ نُميرٍ قالَ: ثنا الأعمشُ قالَ: ثنا المنهالُ بنُ عمرٍو، عن زاذانَ أَبِي عمرٍو، عن البراءِ قالَ: {سِجِّينٌ}: الأَرْضِ السُّفْلَى.
- حدَّثنا أبو كُريبٍ قالَ: ثنا أبو بكرٍ، عن الأعمشِ، عن المنهالِ، عن زاذانَ، عن البراءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] قالَ، وذكرَ نَفْسَ الفاجرِ، وَأَنَّه يُصعدُ بها إلَى الْسَّمَاءِ قالَ:
«فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلاَ يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلاَّ قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: فُلانٌ، بأقبحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسمَّى بِهَا فِي الدُّنيَا، حَتَّى يَنتَهُوا بِهَا إلَى الْسَّمَاءِ الدُّنيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ، فَلاَ يُفْتَحُ لَهُ». ثُمَّ قرأَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «{لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ الْسَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} فَيَقُولُ اللَّهُ: اكْتُبوا كِتَابَهُ فِي أَسْفَلِ الأَرْضِ، فِي سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى».
- حدَّثنا نصرُ بنُ عَلِيٍّ قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ سُلَيمٍ قالَ: ثنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ، فِي قولِهِ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قالَ: سِجِّينٌ: صخرةٌ فِي الأَرْضِ السابعةِ، فيُجعلُ كِتَابُ الفُجَّارِ تَحْتَهَا). [جامع البيان: 24/ 193-197]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}.
- أخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ شِمْرِ بنِ عَطَيَّةَ: أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ عن قولِه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: إِنَّ رُوحَ الفَاجِرِ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فتَأْبَى السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا, فيُهْبَطُ بِهَا إلى الأَرْضِ فتَأْبَى الأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا، فيُدْخَلُ بِهَا تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى سِجِّينِ، وهو خَدُّ إِبْلِيسَ، فيُخْرَجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ خَدِّ إِبْلِيسَ كِتَابٌ فيُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ خَدِّ إِبْلِيسَ لهَلاكِه للحِسَابِ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}). [الدر المنثور: 15/ 292-293] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ سعيدُ بنُ مَنْصورٍ وابنُ المُنْذِرِ, عن محمدِ بنِ كَعْبٍ في الآيةِ قَالَ: قَدْ رَقَمَ اللَّهُ علَى الفُجَّارِ ما هُمْ عَامِلُونَ في سِجِّينٍ، فهو أَسْفَلُ، والفُجَّارُ مُنْتَهونَ إلى مَا قَدْ رَقَمَ اللَّهُ عليهم، ورَقَمَ علَى الأَبْرَارِ ما هم عَامِلُونَ في عِلِّيِّينَ، وهو فَوْقُ, فهم مُنْتَهونَ إلى مَا قَدْ رَقَمَ اللَّهُ عليهم). [الدر المنثور: 15/ 393-294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ, عن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سِجِّينٌ أَسْفَلَ الأرَضِينَ). [الدر المنثور: 15/ 294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ, عن أبي هُرَيْرَةَ, عن النَّبِيِّ [صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ] قَالَ:
«الفَلَقُ جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى، وأَمَّا سِجِّينٌ فمَفْتُوحٌ» ). [الدر المنثور: 15/ 294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: عَمَلُهُم فِي الأَرْضِ السَّابِعَةِ لا يَصْعَدُ). [الدر المنثور: 15/ 294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ : {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: تَحْتَ الأَرْضِ السُّفْلَى, فيها أَرْوَاحُ الكُفَّارِ وأَعمالُهم أعمالُ السَّوْءِ). [الدر المنثور: 15/ 294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ أبو الشيخِ في العَظَمَةِ والمَحَاملِيُّ في أمَالِيهِ, عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: سِجِّينٌ: صَخْرَةٌ تَحْتَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ في جَهَنَّمَ تُقْلَبُ فيُجْعَلُ كِتَابُ الفاجِرِ تَحْتَها). [الدر المنثور: 15/ 294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ فَرْقَدٍ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: الأَرْضِ السابعةِ). [الدر المنثور: 15/ 294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ مُغِيثٍ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: تَحْتَ الأَرْضِ السُّفْلَى). [الدر المنثور: 15/ 294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ, وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: هو أَسْفَلُ الأَرْضِ السَّابِعَةِ). [الدر المنثور: 15/ 294-295] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ, عن عَائِشَةَ, عنِ النَّبِيِّ [صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ] قَالَ:
«سِجِّينٌ الأَرْضُ السَّابِعَةُ السُّفْلَى» ). [الدر المنثور: 15/ 295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِه: {لَفِي سِجِّينٍ} قال: بَلَغَنِي أَنَّ {سِجِّينٌ} الأَرْضُ السُّفْلَى). [الدر المنثور: 15/ 295] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عَنْ عِكْرِمَةَ: {لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: لَفِي خَسَارٍ). [الدر المنثور: 15/ 295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ, عن جابرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حدَّثَنِي رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ]:
«إنَّ المَلَكَ يَرْفَعُ العَمَلَ للعَبْدِ يَرَى أَنَّ في يَدِهِ مِنْهُ سُرُوراً حَتَّى يَنْتَهِيَ إلى المِيقَاتِ الذي وَصَفَ اللَّهُ له، فيَضَعُ العَمَلَ فيهِ, فيُنَادِيهِ الجَبَّارُ مِنْ فَوْقِهِ: ارْمِ بِمَا مَعَكَ فِي سِجِّينٍ. وسِجِّينٌ الأَرْضُ السَّابِعَةُ. فيَقُولُ المَلَكُ: مَا رَفَعْتُ إِلَيْكَ إِلاَّ حَقًّا؛ فيَقُولُ: صَدَقْتَ, ارْمِ بِمَا مَعَكَ فِي سِجِّينٍ» ). [الدر المنثور: 15/ 295-296]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ مَاجَهْ والطَّبَرانِيُّ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ كَعْباً الوَفَاةُ أَتَتْهُ أُمُّ بِشْرٍ بِنْتُ البَرَاءِ, فقَالَتْ: إِنْ لَقِيتَ ابْنِي فأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ. فقَالَ لها: غَفَرَ اللَّهُ لَكِ يَا أُمَّ بِشْرٍ, نَحْنُ أَشْغَلُ مِنْ ذَلِكَ. فقَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يقولُ:
«إِنَّ نَسَمَةَ المُؤْمِنِ تَسْرَحُ فِي الجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، وَإِنَّ نَسَمَةَ الكَافِرِ فِي سِجِّينٍ»؟ قَالَ: بَلَى. قَالَتْ: فَهُو ذَلِكَ). [الدر المنثور: 15/ 296]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُبَارَكِ, عن سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ قَالَ: الْتَقَى سَلْمَانُ وعَبْدُ اللَّهِ بنُ سَلاَمٍ, فقَالَ أحَدُهما لصَاحِبِه: إِنْ مِتَّ قَبْلِي فالْقَنِي, فأَخْبِرْنِي بِمَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ ، وإِنْ أَنَا مِتُّ قَبْلَكَ لَقِيتُكَ فأَخْبَرْتُكَ. فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَيْفَ يَكُونُ هذا؟ أَوَيَكُونُ هذا؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ تَكُونُ في بَرْزَخٍ مِنَ الأَرْضِ, تَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَتْ، ونَفْسَ الكَافِرِ فِي سِجِّينٍ). [الدر المنثور: 15/ 296]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ مِن طريقِ خَالِدِ بنِ عَرْعَرَةَ وأَبِي عُجَيْلٍ, أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْباً عن قولِه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} الآيةَ. قَالَ: إنَّ المؤمنَ يَحْضُرُه المَوْتُ ويَحْضُرُه رُسُلُ رَبِّه, فلا هم يَسْتَطِيعونَ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ سَاعَةً ولا يُعَجِّلُوهُ حَتَّى تَجِيءَ سَاعَتُه، فإِذَا جاءتْ سَاعَتُه قَبَضُوا نَفْسَه، فدَفَعُوه إلى ملائكةِ الرَّحْمَةِ، فأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرُوهُ مِن الخيرِ، ثُمَّ عَرَجُوا برُوحِه إلى السَّماءِ فيُشَيِّعُهُ مِن كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ إلى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فيَضعُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِم، ولا يَنْتَظِرُونَ بِهِ صَلاتَكُمْ عليهِ، فَيَقولُونَ: اللَّهُمَّ, هذا عَبْدُكَ فُلانٌ قَبَضْنَا نَفْسَه -فيَدْعُونَ لَهُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوا -فنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُشْهِدَنَا اليَوْمَ كِتَابَهُ. فيُنْشَرُ كِتَابُهُ مِن تَحْتِ العَرْشِ فيُثْبِتُونَ اسْمَهُ فِيهِ، وهم شُهودٌ، فذلك قولُه: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ}. وسألَه عن قولِه: {إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} الآيةَ، قَالَ: إِنَّ العَبْدَ الكَافِرَ يَحْضُرُهُ المَوْتُ ويَحْضُرُه رُسُلُ اللَّهِ، فإِذَا جَاءَتْ سَاعَتُه قَبَضُوا نَفْسَهُ فدَفَعُوهُ إِلَى ملائكةِ العَذَابِ، فأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُرُوهُ مِنَ الشَّرِّ, ثُمَّ هَبَطُوا بهِ إلى الأرضِ السُّفْلَى وهي سِجِّينٌ، وهي آخِرُ سُلطانِ إِبْلِيسَ، فأَثْبَتُوا كِتَابَهُ فيها. وسأَلَه عَنْ سِدْرَةِ المُنْتَهَى, فقَالَ: هي سِدْرَةٌ نَابِتَةٌ في السماءِ السابعةِ، ثمَّ عَلَتْ فانتَهَى عِلْمُ الخلائقِ إلى مَا دُونَها و{عِنْدَها جَنَّةُ المَأْوَى}. قَالَ: جَنَّةُ الشُّهَدَاءِ). [الدر المنثور: 15/ 303] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن عطاءِ بنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلاً مِن حِمْيَرَ كانَ عَلاَّمَةً يَقْرَأُ الكُتُبَ, فقُلْتُ لَهُ: الأرضُ التي نحن عليها ما سُكَّانُها؟ قَالَ: هي علَى صَخْرَةٍ خَضْرَاءَ, تلك الصَّخْرَةُ علَى كَفِّ مَلَكٍ، ذلك المَلَكُ قَائِمٌ على ظَهْرِ حُوتٍ مُنْطَوٍ بالسماواتِ والأرضِ من تحتِ العرشِ. قلتُ: الأرضُ الثانيةُ مَن سُكَّانُها؟ قَالَ: ساكِنُها الرِّيحُ العَقِيمُ، لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهْلِكَ عَاداً أَوْحَى إلى خَزَنَتِهَا أَنِ افْتَحُوا عليهم مِنْهَا بَاباً. قَالُوا: يا رَبَّنَا, مِثْلَ مِنْخَرِ الثَّوْرِ؟ قَالَ: إِذَنْ تُكْفَأُ الأَرْضُ ومَن عَلَيْهَا. فضُيِّقَ ذلك حَتَّى جُعِلَ مِثْلَ حَلْقَةِ الخَاتَمِ، فبَلَغَتْ ما حَدَّثَ اللَّهُ. قُلْتُ: الأرضُ الثالثةُ مَن سُكَّانُها؟ قَالَ: فيها حِجَارَةُ جَهَنَّمَ. قُلْتُ: الأرضُ الرابعةُ مَن سُكَّانُهَا؟ قَالَ: فيها كِبْرِيتُ جَهَنَّمَ. قُلْتُ: الأَرْضُ الخامسةُ مَن سُكَّانُها؟ قَالَ: فيها عَقَارِبُ جَهَنَّمَ. قُلْتُ: الأَرْضُ السادسةُ مَن سُكَّانُها؟ قَالَ: فيها حَيَّاتُ جَهَنَّمَ. قُلْتُ: الأرضُ السابعةُ مَن سُكَّانُها؟ قَالَ: تلك سِجِّينٌ, فيها إِبْلِيسُ مَوْثُوقٌ, يَدٌ أَمَامَهُ ويَدٌ خَلْفَه، ورِجْلٌ أمامَه ورِجْلٌ خَلْفَه, كانَ يُؤْذِي الملائكةَ، فاسْتَعْدَتْ عليه فسُجِنَ هناك، وله زمانٌ يُرْسَلُ فيه، فإذا أُرْسِلَ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةُ الناسِ بأَعْيَى عليهم مِن شَيْءٍ). [الدر المنثور: 15/ 304]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ, عن ضَمْرَةَ بنِ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ]:
«إِنَّ الملائكةَ يَرْفَعُونَ أَعْمَالَ العَبْدِ مِن عِبَادِ اللَّهِ يَسْتَكْثِرُونَهُ ويُزَكُّونَهُ حَتَّى يَبْلُغُوا بِهِ إِلَى حَيْثُ يَشَاءُ اللَّهُ مِن سُلْطَانِه، فيُوحِي اللَّهُ إليهم: إنَّكُمْ حَفَظَةٌ علَى عَمَلِ عَبْدِي, وأنا رَقِيبٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِه, إِنَّ عَبْدِي هذا لَمْ يُخْلِصْ لِي عَمَلَهُ فاجْعَلُوهُ فِي سِجِّينٍ. ويَصْعَدُونَ بعَمَلِ العَبْدِ يَسْتَقِلُّونَهُ ويَحْقِرُونَهُ حَتَّى يَبْلُغوا بِهِ إلى حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِن سُلْطَانِه، فيُوحِي اللَّهُ إليهم: إنَّكُمْ حَفَظَةٌ علَى عَمَلِ عَبْدِي, وأنا رَقِيبٌ عَلَى مَا في نَفْسِه, إنَّ عَبْدِي هذا أَخْلَصَ لِي عَمَلَهُ فاجْعَلُوهُ فِي عِلِّيِّينَ»). [الدر المنثور: 15/ 304-305]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني عمارة بن عيسى، عن يونس بن يزيد، عن من حدثه، عن ابن عباس أنه قال: لكعب: أخبرني عن ست آياتٍ في القرآن لم أكن علمتهن، ولا تخبرني عنهن إلا ما تجد في كتاب الله المنزل: ما {سجين}، وما {عليون}، وما {سدرة المنتهى}، وما {جنة المأوى}، وما بال {أصحاب الرس}، ذكرهم الله في الكتاب، وما بال {طالوت}، رغب عنه قومه، وما بال إدريس ذكره الله فقال: {رفعناه مكانا عليا}؛ قال: كعب: والذي نفسي بيده، لا أخبرك عنهن إلا بما أجد في كتاب الله المنزل؛ أما سجين، فإنها شجرةٌ سوداء تحت الأرضين السبع مكتوبٌ فيها اسم كل شيطان، فإذا قبضت نفس الكافر عرج بها إلى السماء فغلقت أبواب السماء دونها، ثم ترمى إلى سجين، فذلك سجين؛ وأما عليون، فإنه إذا قبضت نفس المرء المسلم عرج بها إلى السماء وفتحت لها أبواب السماء، حتى ينتهي إلى العرش فيكتب له نزله وكرامته، فذلك عليون، أما سدرة المنتهى، فإنها شجرةٌ عن يمين العرش انتهى إليها علم العلماء، فلا يعلم العلماء ما وراء تلك السدرة؛ أما جنة المأوى، فإنها جنةٌ يأوى إليها أرواح المؤمنين؛ وأما أصحاب الرس، فإنهم كانوا قوما مؤمنين يعبدون الله في ملك جبارٍ لا يعبد الله، فخيرهم في أن يكفروا أو يقتلهم، فاختاروا القتل على الكفر، فقتلهم، ثم رمى بهم في قليب، فبذلك سموا أصحاب الرس؛ وأما طالوت، فإنه كان من غير السبط الذي الملك فيه، فبذلك رغب قومه عنه؛ وأما إدريس، فإنه كان يعرج بعمله إلى السماء فيعدل عمله جميع عمل أهل الأرض، فاستأذن فيه ملكٌ من الملائكة أن يؤاخيه، فأذن الله له أن يؤاخيه، فسأله إدريس: أي أخي، هل بينك وبين ملك الموت إخاءٌ، فقال نعم، ذلك أخي دون الملائكة وهم يتآخون كما يتآخى بنو آدم، قال: هل لك أن تسأله لي كم بقي من أجلي لكي أزداد في العمل، قال: إن شئت سألته وأنت تسمع قال: فجعله الملك تحت جناحه حتى صعد به إلى السماء فسأل ملك الموت: أي أخي، كم بقى من أجل إدريس، قال: ما أدري حتى أنظر، قال: فنظر، قال: إنك تسألني عن رجلٍ ما بقى من أجله إلا طرف عينٍ؛ قال: فنظر الملك تحت جناحه، فإذا إدريس قد قبض وهو لا يشعر). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 29-30]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني جرير بن حازم عن سليمان الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال: كنا جلوسا إلى كعب أنا وربيع بن خثيم وخالد بن عرعرة ورهطٌ من أصحابنا فأقبل ابن عباس رجلٌ جميلٌ حسن الشعرة، فقال القوم: هذا ابن عم نبيكم فأوسعوا له؛ فجلس إلى جنب كعب فقال: يا كعب، كل القرآن قد علمت فيما أنزل غير ثلاثة أمور، إن كان لك بها علمٌ فأخبرني عنها؛ أخبرني ما {سجينٌ}، وما {عليون}، وما {سدرة المنتهى}، وما قول الله لإدريس: {ورفعناه مكانا عليا}، قال كعب: أما {سجين} فإنها الأرض السابعة السفلى وفيها أرواح الكفار تحت حد إبليس، وأما {عليون} فإنها السماء السابعة وفيها أرواح المؤمنين، وأما إدريس فإن الله أوحى إليه إني رافعٌ لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم، فأحب أن تزداد عملا، فأتاه خليلٌ له من الملائكة، فقال له: إن الله أوحى إلي كذا وكذا، فكلم لي ملك الموت فليؤخرني حتى أزداد عملا؛ فحمل بين جناحيه، ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم ملك الموت منحدرا فكلمه، فكلمه ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: أين إدريس، فقال: ها هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: فالعجب بعثت قبل أن أقبض روح إدريس في السماء الرابعة وهو في الأرض؛ فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض، فقبض روحه هناك؛ فذلك قول الله: {ورفعناه مكانا عليا}، وأما سدرة المنتهى، فإنها سدرة على رؤوس حملة
العرش ينتهي إليها علم الخلائق، ثم ليس لأحد وراءها علمٌ، فلذلك سميت سدرة المنتهى لانتهاء العلم إليها). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 79-81]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لنبيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وأيُّ شيءٍ أَدْرَاكَ يَا مُحَمَّدُ، أَيَّ شيءٍ ذَلِكَ الكِتَابُ، ثمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُه فقالَ: هو كِتَابٌ مَرْقُومٌ وعنَى بالمرقومِ المكتوبَ.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ فِي: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ قالَ: كِتَابٌ مكتوبٌ.
- حدَّثنا بِشرٌ قالَ: ثنا يَزِيدُ قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ قالَ: رُقمَ لهم بِشَرٍّ.
- حدَّثني يُونُسُ قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} قالَ: المرقومُ المكتوبُ). [جامع البيان: 24/ 197-198]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛
أخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ شِمْرِ بنِ عَطَيَّةَ: أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ عن قولِه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: إِنَّ رُوحَ الفَاجِرِ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فتَأْبَى السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا, فيُهْبَطُ بِهَا إلى الأَرْضِ فتَأْبَى الأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا، فيُدْخَلُ بِهَا تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى سِجِّينِ، وهو خَدُّ إِبْلِيسَ، فيُخْرَجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ خَدِّ إِبْلِيسَ كِتَابٌ فيُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ خَدِّ إِبْلِيسَ لهَلاكِه للحِسَابِ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}). [الدر المنثور: 15/ 292-293] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ, وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: هو أَسْفَلُ الأَرْضِ السَّابِعَةِ: وفي قولِهِ:{كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ قَالَ: مَكْتُوبٌ. قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَمْرٍو كَانَ يَقُولُ: الأَرْضُ السُّفْلَى فِيهَا أَرْوَاحُ الكفَّارِ وأَعْمَالُهم السَّوْءُ). [الدر المنثور: 15/ 294-295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِه: {لَفِي سِجِّينٍ}؛ قال: بَلَغَنِي أَنَّ {سِجِّينٌ} الأَرْضُ السُّفْلَى. وفي قَوْلِهِ: {مَرْقُومٌ}؛ قَالَ: مَكْتوبٌ). [الدر المنثور: 15/ 295]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله: {كتاب مرقوم}؛ قال: كتاب مكتوب). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 356]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لنبيِّهِ مُحَمَّدٍ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: وأيُّ شيءٍ أَدْرَاكَ يَا مُحَمَّدُ، أَيَّ شيءٍ ذَلِكَ الكِتَابُ، ثمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُه فقالَ: هو كِتَابٌ مَرْقُومٌ وعنَى بالمرقومِ المكتوبَ.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ فِي: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ قالَ: كِتَابٌ مكتوبٌ.
- حدَّثنا بِشرٌ قالَ: ثنا يَزِيدُ قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ قالَ: رُقمَ لهم بِشَرٍّ.
- حدَّثني يُونُسُ قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ قالَ: المرقومُ المكتوبُ). [جامع البيان: 24/ 197-198](م)
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا هشيم قال ثنا العوام بن حوشب عن القاسم بن عوف الشيباني عن كعب الأحبار قال المرقوم المكتوب). [تفسير مجاهد: 737]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالى: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}.
أخْرَجَ ابنُ المُبارَكِ في الزُّهْدِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ مِن طريقِ شِمْرِ بنِ عَطَيَّةَ: أَنَّ ابنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ كَعْبَ الأَحْبَارِ عن قولِه: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: إِنَّ رُوحَ الفَاجِرِ يُصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فتَأْبَى السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا, فيُهْبَطُ بِهَا إلى الأَرْضِ فتَأْبَى الأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا، فيُدْخَلُ بِهَا تَحْتَ سَبْعِ أرَضِينَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إلى سِجِّينِ، وهو خَدُّ إِبْلِيسَ، فيُخْرَجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ خَدِّ إِبْلِيسَ كِتَابٌ فيُخْتَمُ ويُوضَعُ تَحْتَ خَدِّ إِبْلِيسَ لهَلاكِه للحِسَابِ، فذلك قولُه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ}). [الدر المنثور: 15/ 292-293] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ, وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ قَالَ: هو أَسْفَلُ الأَرْضِ السَّابِعَةِ: وفي قولِهِ:{كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ قَالَ: مَكْتُوبٌ. قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَمْرٍو كَانَ يَقُولُ: الأَرْضُ السُّفْلَى فِيهَا أَرْوَاحُ الكفَّارِ وأَعْمَالُهم السَّوْءُ). [الدر المنثور: 15/ 294-295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِه: {لَفِي سِجِّينٍ}؛ قال: بَلَغَنِي أَنَّ {سِجِّينٌ}؛ الأَرْضُ السُّفْلَى. وفي قَوْلِهِ: {مَرْقُومٌ}؛ قَالَ: مَكْتوبٌ). [الدر المنثور: 15/ 295] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ قَالَ: رُقِمَ لهم بِشَرٍّ). [الدر المنثور: 15/ 295]


تفسير قوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بهذهِ الآيَاتِ). [جامع البيان: 24/ 198]


تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ}؛ يقولُ: الَّذِينَ يُكَذِّبُون بِيَوْمِ الْحِسَابِ والمُجازاةِ.
- حدَّثني يُونُس, قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ, قالَ: قالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قولِهِ: {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ}؛ قالَ: أهلُ الشركِ يُكَذِّبُون بِالدِّينِ، وقرأَ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ}.... إلَى آخِرِ الآيَةِ). [جامع البيان: 24/ 198]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وما يكذِّبُ بِيَوْمِ الدينِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ اعتدَى عَلَى اللَّهِ فِي قولِهِ، فخالَفَ أَمْرَهُ، أَثِيمٍ بربِّهِ.
كما حدَّثنا بِشْرٌ قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}: قالَ اللَّهُ: {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} أَيْ: بِيَوْمِ الدينِ، إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ فِي قولِهِ، أثيمٍ بربِّهِ). [جامع البيان: 24/ 198-199]

تفسير قوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({إِذا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِذا قُرِئَ عَلَيْهِ حُجَجُنا وأدلَّتُنا الَّتِي بيَّناها فِي كِتَابِنَا الذي أَنزَلْنَاهُ إلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ، {قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ *}؛ يقولُ: قالَ: هَذَا مَا سطرَهُ الأَوَّلُونَ فكتبُوهُ، مِن الأَحَادِيثِ والأخبارِ). [جامع البيان: 24/ 199]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الحسن، في قوله: {كلا بل ران على قلوبهم}؛ قال: هو الذنب على الذنب حتى يرين على القلب فيسود). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 356]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن سليمان التيمي، عن نعيم بن أبي هند، عن ربعي ابن حراش، عن حذيفة قال: إن الفتنة تعرض على القلب كما يعرض الحصير فمن أشربها قلبه كانت في قلبه نكتة سوداء ومن أنكرها قلبه كانت في قلبه نكته بيضاء حتى يصير الناس أو يكونوا على قلبين قلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة أبدا وقلب منكوس أسود مرباد لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 356]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {بل ران}: «ثبت الخطايا»). [صحيح البخاري: 6/ 167]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قَولُهُ: وقَالَ مُجَاهِدٌ: {بل رَانَ}؛ ثَبْتُ الخَطَايَا وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ ورُوِّينَا " فِي فَوَائِدِ الدِّيبَاجِيِّ " مِن طَرِيقِ عِيسَى، عنِ ابنِ أَبِي نَجِيحٍ عن مُجَاهِدٍ في قَولِهِ: {بَل رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم}؛ قَالَ: ثَبَتَتْ على قُلوبِهِمُ الخَطَايَا حتَّى غَمَرَتْها. انتَهَى.
والرَّانُ والرَّيْنُ الغِشَاوَةُ وهُو كالصَّدَى علَى الشَّيءِ الصَّقيلِ، ورَوَى ابنُ حِبَّانَ والَحاكِمُ والتِّرمِذِيُّ والنَّسَائِيُّ من طَرِيقِ القَعقَاعِ بنِ حَكِيمٍ عن أَبِي صالحٍ عن أَبِي هُرَيرَةَ عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ قَالَ:
«إِنَّ العبدَ إذا أَخطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ في قَلبِهِ فإِنْ هُو نَزَعَ واستَغفَرَ صُقِلَتْ، فإِن هُو عادَ زِيدَ فيها حتَّى تَعلُو قَلبَهُ فهُو الرَّانُ الذي ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى {كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}».
ورُوِّينَا في المَحَامِلِيَّاتِ مِن طَرِيقِ الأعْمَشِ عن مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانُوا يَرَونَ الرَّيْنَ هُو الطَّبْعَ.
تَنْبِيهٌ: قولُ مُجَاهِدٍ هَذَا ثَبَتُ بِفَتحِ المُثَلَّثَةِ والمُوَحَّدَةِ بعدَها مُثَنَّاةٌ ويجوزُ تَسكِينُ ثَانِيهِ). [فتح الباري: 8/ 696]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد: {بل ران}؛ ثبت الخطايا ثوب جوزي
أخبرنا عبد الله بن عمر عن زينب بنت الكمال عن عجيبة بنت أبي بكر أن الحسن بن العبّاس الفقيه كتب إليهم أنا أبو بكر السمسار ثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا ابن أبي مذعور ثنا عيسى عن الأعمش عن مجاهد في قوله: {بل ران على قلوبهم}؛ قال كانوا يرون الرين هو الطّبع.
وأنبئت عن غير واحد، عن عبد الكريم بن عمر، أنا يحيى بن أسعد، أنا أبو طالب بن يوسف، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا سهل بن أحمد الديباجي، ثنا أبو خليفة، ثنا يحيى بن خلف، ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {كلا بل ران على قلوبهم} قال أثبت على قلوبهم الخطايا حتّى غمرته). [تغليق التعليق: 4/ 363]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ مُجَاهِدٌ {بَلْ رَانَ}: ثَبْتُ الخَطَايَا.
أَيْ قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وَفَسَّرَ رَانَ بِقَوْلِهِ: ثَبْتُ الْخَطَايَا، وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أُثْبِتَتْ عَلَى قُلُوبِهُمُ الْخَطَايَا حَتَّى غَمَرَتْهَا، وَرَانَ مِنَ الرَّيْنِ، وَأَصْلُهُ: الْغَلَبَةُ يُقَالُ: رَانَتِ الْخَمْرُ عَلَى قَلْبِهِ إِذَا غَلَبَتْ عَلَيْهِ فَسَكِرَ، ومَعْنَى الآيَةِ غَلَبَتِ الْخَطَايَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَحَاطَتْ بِهَا حَتَّى غَمَرَتْهَا وَغَشِيَتْهَا، ويُقَالُ: الرَّانُ وَالرَّيْنُ الْغِشَاوَةُ، وَهُوَ كَالصَّدَى عَلَى الشَّيْءِ الصَّقِيلِ). [عمدة القاري: 19/ 283]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وَقَالَ مُجَاهِدٌ فيما وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ رَانَ}؛ وَسَقَطَ بَلْ لغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ أي: ثَبْتَ الْخَطَايَا بفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بعدها مُثَنَّاةٌ فَوْقِيَّةٌ، حتى غَمَرَتْهَا، والرَّانُ: الْغِشَاوَةُ على الْقَلْبِ كَالصَّدَأِ على الشَّيْءِ الصَّقِيلِ من سَيْفٍ وَنَحْوِهِ قَالَ:
وَكَمْ رَانَ مِنْ ذَنْبٍ عَلَى قَلْبِ فَاجِرٍ ....... فَتَابَ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي رَانَ فَانْجَلَى
وَأَصْلُ الرَّيْنِ: الْغَلَبَةُ، ومنه رَانَتِ الْخَمْرُ على عَقْلِ شَارِبِهَا، وَمَعْنَى الآيَةِ أنَّ الذُّنُوبَ غَلَبَتْ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَأَحَاطَتْ بِهَا. وفي التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ عن أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ، فَإِنْ هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَتْ، فَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، فَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}». [إرشاد الساري: 7/ 413]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا قتيبة، قال: حدّثنا اللّيث، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيمٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن رسول الله [صلّى اللّه عليه وسلّم] قال: «إنّ العبد إذا أخطأ خطيئةً نكتت في قلبه نكتةٌ سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتّى تعلو قلبه، وهو الرّان الّذي ذكر اللّه {كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}
».
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5 / 291]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه: {كلّا بل ران على قلوبهم}؛ قال: طبع على قلوبهم). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 100]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {كلّا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا اللّيث، عن ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم] قال: «إنّ العبد إذا أخطأ خطيئةً نكتت في قلبه نكتةٌ، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقلت قلبه، وإن عاد زيد فيها حتّى تعلو قلبه فهو الرّان الّذي ذكر الله:{كلّا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}
» ). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 328]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مكذِّباً لهم فِي قيلِهم ذَلِكَ: كَلاَّ، مَا ذَلِكَ كذلكَ، وَلَكِنَّه {رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم}، يقولُ: غلَبَ عَلَى قُلُوبِهِم وغمَرَتها، وأحاطتْ بها الذنوبُ فغطَّتْها. يُقَالُ منه: رانت الْخَمْرُ عَلَى عقلِهِ، فهي تَرِينُ عَلَيْهِ رَيْناً، وذلك إِذا سَكِرَ فغلبتْ عَلَى عقلِهِ، وَمِنْه قَوْلُ أَبِي زبيدٍ الطائيِّ:
ثُمَّ لَمَّا رَآهُ رانتْ بِه الْخَمْرُ وأَنْ لاَ تَرِينَهُ باتِّقاءِ
يعني: تَرِينَه بمخافةٍ. يقولُ: سكِرَ فهو لاَ ينتبِهُ؛ وَمِنْه قَوْلُ الراجزِ:
لَمْ نَرْوَ حتَّى هَجَّرَت ورينَ بي ....... ورينَ بالساقِي الذي أمسَى معِي
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ، وَجَاءَ الأثرُ عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا أبو خَالِدٍ، عن ابْنِ عَجْلانَ، عن القَعْقاعِ بن حَكِيمٍ، عن أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي هريرةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِنْ تَابَ صُقِلَ مِنهَا، فَإِنْ عَادَ عَادَتْ حَتَّى تَعْظُمَ فِي قَلْبِهِ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}».
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا صفوانُ بنُ عِيسَى قالَ: ثنا ابْنُ عجلانَ، عن القعقاعِ، عن أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي هريرةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صَقَلَتْ قَلْبَهُ، فَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، فَذَلِكَ الرانُ الذي قالَ اللَّهُ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}».
- حدَّثني عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ قالَ: ثنا الوليدُ بنُ مسلمٍ، عن مُحَمَّدِ بنِ عجلانَ، عن القعقاعِ بنِ حَكِيمٍ، عن أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي هريرةَ، عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ مِنهَا صُقِلَ قَلْبُهُ، فَإِنْ زَادَ زَادَتْ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
».
- حدَّثني أبو صَالِحٍ الضراريُّ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ، قالَ: أخبرني طارقُ بنُ عَبْدِ العزيزِ، عن ابْنِ عجلانَ، عن القعقاعِ، عن أَبِي هريرةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً كَانَتْ نُكْتَةً فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَاسْتَغْفَرَ وَنَزَعَ صَقَلَتْ قَلْبَهُ، وذلكَ الرانُ الذي ذَكَرَ اللَّهُ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}».
قالَ أبو صَالِحٍ: كذا قالَ: صَقَلَتْ، وقالَ غَيْرُه: سَقَلَتْ.
- حدَّثني عليُّ بنُ سهلٍ الرَّمْليُّ قالَ: ثنا الوليدُ، عن خُلَيْدٍ، عن الحسنِ قالَ: وقرأَ: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ قالَ: الذَّنبُ عَلَى الذَّنبِ حتَى يَمُوتَ قَلْبُهُ.
- حدَّثني يعقوبُ قالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عن أَبِي رجاءٍ، عن الحسنِ، فِي قولِهِ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ قالَ: الذَّنبُ عَلَى الذَّنبِ حتَى يَعْمَى القلبُ فيموتَ.
- حدَّثني يَحْيَى بنُ طلحةَ اليَرْبُوعيُّ، قالَ: ثنا فُضَيلُ بنُ عِياضٍ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ قالَ: الْعَبْدُ يَعْمَلُ بالذنوبِ، فتحيطُ بالقلبِ، ثُمَّ ترتفعُ حتَى تغشَى القلبَ.
- حدَّثني عِيسَى بنُ عثمانَ بنِ عِيسَى الرمليُّ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ عِيسى، عن الأعمشِ، قالَ: أرانا مجاهدٌ بيدِهِ، قالَ: كانوا يَرَوْنَ القلبَ فِي مِثْلِ هَذَا- يعني الكفَّ، فَإِذَا أذنبَ الْعَبْدُ ذنباً ضمَّ منه -وقالَ بإصبعهِ الخِنْصَرِ هكذا- فَإِذاَ أذنبَ ضمَّ إصبعاً أُخْرَى، فَإِذا أذنبَ ضمَّ إصبعاً أُخْرَى، حتَّى ضمَّ أصابِعَهُ كُلَّهَا، ثُمَّ يُطْبَعُ عَلَيْهِ بطابعٍ، قالَ مجاهدٌ: وَكَانُوا يرونَ أَنَّ ذَلِكَ الرينُ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن مجاهدٍ قالَ: القلبُ مِثْلُ الكفِّ، فَإِذا أذنبَ الذَّنبَ قبضَ إصبعاً، حتَى يَقْبِضَ أصابِعَهُ كُلَّهَا، وَإِنَّ أصحابَنا يرونَ أنَّه الرانُ.
- وحدَّثنا أبو كريبٍ مَرَّةً أُخْرَى بإسنادِهِ عن مجاهدٍ، قالَ: القلبُ مِثْلُ الكفِّ، وَإِذَا أذنبَ انقبضَ -وقبَضَ إصبعهُ- فَإِذا أذنبَ انقبضَ، حتَى ينقبضَ كُلُّهُ، ثُمَّ يُطْبَعُ عَلَيْهِ، فَكَانُوا يرونَ أَن ذَلِكَ هو الرانُ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، عن ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}؛ قالَ: الخطايا حتَى غَمَرتْهُ.
- حدَّثنا الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} انبثَّتْ عَلَى قَلْبِهِ الخطايا حتَّى غَمَرتْهُ.
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} يقولُ: يُطْبَعُ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} قالَ: طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَسَبُوا.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن طلحةَ، عن عَطَاءٍ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ قالَ: غَشِيَتْ عَلَى قُلُوبِهم فهوتْ بها، فَلاَ يَفْزَعونَ، وَلاَ يَتَحاشَوْنَ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن الحسنِ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهْمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ قالَ: هو الذَّنبُ حتَى يَمُوتَ القلبُ.
قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}؛ قالَ: الرانُ الطبعُ: يُطْبَعُ القلبُ مِثْلُ الراحةِ، فيذنبُ الذَّنبَ، فيصيرُ هكذا -وعقدَ سفيانُ الخنصرَ- ثُمَّ يُذنبُ الذَّنبَ فيصيرُ هكذا -وقبضَ سفيانُ كفَّهُ- فيُطْبعُ عَلَيْهِ.
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}: أعمالَ الْسَّوْءِ، إِي وَاللّهِ؛ ذَنبٌ عَلَى ذَنبٍ، وذنبٌ عَلَى ذَنبٍ، حتَى ماتَ قَلْبُهُ واسودَّ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ، فِي قولِهِ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}؛ قالَ: هَذَا الذَّنبُ عَلَى الذَّنبِ، حتَى يَرِينَ عَلَى القلبِ فيسودَّ.
- حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ، فِي قولِهِ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}؛ قالَ: غلبَ عَلَى قُلُوبِهِم ذُنُوبُهُمْ، فَلاَ يخلُصُ إِلَيْهَا مَعَهَا خيرٌ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، فِي قولِهِ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ قالَ: الرجلُ يُذْنِبُ الذَّنبَ، فيحيطُ الذَّنبُ بقلبِه، حتَى تغشَى الذنوبُ عَلَيْهِ. قالَ مجاهدٌ: وهي مِثْلُ الآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ البقرةِ: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ الْنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ} ). [جامع البيان: 24/ 199-204]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال: نا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {بل ران على قلوبهم}؛ قال نبتت الخطايا على القلب حتى غمرته وهو الران الذي قال الله عز وجل بل ران على قلوبهم). [تفسير مجاهد: 2/ 737-738]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا بكّار بن قتيبة القاضي بمصر، ثنا صفوان بن عيسى، أنبأ محمّد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيمٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه -صلّى الله عليه وسلّم-، قال: «إنّ المؤمن إذا أذنب ذنبًا كانت نكتةً سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر سقل منها قلبه، وإن زاد زادت حتّى يعلق بها قلبه فذلك الرّان الّذي ذكر اللّه في كتابه {كلّا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}
» «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/ 562]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو هريرة -رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ العبد إذا أخطأ خطيئة، نكتت في قلبه نكتةٌ، فإذا هو نزع واستغفر وتاب، صقل قلبه، وإن عاد، زيد فيها، حتى تعلو قلبه، وهو الرّان الذي ذكره الله {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} ». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(نكت) النكت: الأثر في الشيء.
(الران) ران على قلبه، أي: غطى، وقيل غلب). [جامع الأصول: 2 / 425]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بمصر حدثنا عيسى بن حمّاد أنبأنا اللّيث عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيمٍ عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة عن رسول اللّه -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال:
«إنّ العبد إذا أخطأ خطيئةً نكتت في قلبه نكتةٌ فإن هو نزع واستغفر وتاب صقلت فإن هو عاد زيد فيها حتّى تعلو قلبه فهو الرّان الّذي ذكر اللّه: {كلّا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}»). [موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 1/ 439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ أَحْمَدُ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ, والنَّسائِيُّ وابنُ مَاجَهْ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ وابنُ حِبَّانَ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابنُ مَرْدُويَهْ, والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ, عَنِ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه, عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قَالَ:
«إِنَّ العَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فإِنْ تَابَ ونَزَعَ واسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ, وإِنْ عَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، فذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ في القُرْآنِ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}»). [الدر المنثور: 15/ 296-297]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ:
«مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً اسْوَدَّ سُدُسُ قَلْبِهِ، فإِنْ قَتَلَ اثْنَيْنِ اسْوَدَّ ثُلُثُ قَلْبِهِ، وإِنْ قَتَلَ ثَلاثَةً رِينَ عَلَى قَلْبِهِ فَلَمْ يُبَالِ بمَا قَتَلَ، فذَلِكَ قَوْلُه: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}»). [الدر المنثور: 15/ 297]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ والبَيْهَقِيُّ عن حُذَيْفَةَ قَالَ: القَلْبُ هَكَذَا مِثْلُ الكَفِّ فيُذْنِبُ الذَّنْبَ فيَنْقَبِضُ مِنْهُ, ثُمَّ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فيَنْقَبِضُ مِنْهُ, حَتَّى يَجْتَمِعَ فإذا اجْتَمَعَ طُبِعَ عَلَيْهِ, فإِذَا سَمِعَ خَيْراً دَخَلَ فِي أُذُنَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ القَلْبَ، فَلا يَجِدُ فِيهِ مَدْخلاً، فذلك قولُه: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} الآيةَ). [الدر المنثور: 15/ 297]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ في قَوْلِهِ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ} الآيةَ. قَالَ: إِذَا عَمِلَ الرَّجُلُ الذَّنْبَ نُكِتَ فِي قَلْبِه نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ, ثُمَّ يَعْمَلُ الذَّنْبَ بعدَ ذَلِكَ، فيُنْكَتُ في قَلْبِه نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَسْوَدَّ قَلْبُهُ، فإِذَا ارْتَاحَ العَبْدُ، قَالَ: يُيَسَّرُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ فيَذْهَبُ مِنَ السَّوَادِ بَعْضُهُ, ثُمَّ يُيَسَّرُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أَيْضاً فيَذْهَبُ مِنَ السَّوَادِ بَعْضُهُ، ثُمَّ يُيَسَّرُ لَهُ أَيْضاً عَمَلٌ صَالِحٌ فيَذْهَبُ مِنَ السَّوَادِ بَعْضُهُ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَذْهَبَ السُّوَادُ كُلُّه). [الدر المنثور: 15/ 297-298]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ في الفِتَنِ والحَاكِمُ وصحَّحه وتَعَقَّبَه الذَّهَبِيُّ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ- أنَّه كانَ يَقُولُ:
«لَنْ تَنْفَكُّوا بخَيْرٍ مَا اسْتَغْنَى أَهْلُ بَدْوِكُمْ عَنْ أَهْلِ حَضَرِكُمْ, وَلَيَسُوقَنَّهُمُ السِّنُونَ والسِّنَاتُ حَتَّى يَكُونُوا مَعَكُمْ فِي الدِّيارِ ولا تَمْتَنِعُوا مِنهُمْ لِكَثْرَةِ مَنْ يَسِيرُ عَلَيْكُمْ مِنْهُم». قَالَ:«يَقُولُونَ: طَالَما جُعْنَا وشَبِعْتُمْ، وطَالَمَا شَقِينَا ونَعِمْتُمْ فوَاسُونَا اليومَ. ولَتَسْتَصْعِبَنَّ بِكُمُ الأَرْضُ حَتَّى يَغِيظَ أَهْلُ حَضَرِكُمْ أَهْلَ بَدْوِكُمْ، ولَتَمِيلَنَّ بِكُمُ الأَرْضُ مَيْلَةً يَهْلِكُ مِنْها مَن هَلَكَ ويَبْقَى مَن بَقِيَ حَتَّى تُعْتَقَ الرِّقَابُ، ثُمَّ تَهْدَأُ بِكُمُ الأرضُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَنْدَمَ المُعْتِقُونَ، ثُمَّ تَمِيلُ بِكُمُ الأَرْضُ مَيْلَةً أُخْرَى فيَهْلِكُ فِيهَا مَن هَلَكَ ويَبْقَى مَنْ بَقِيَ, يَقُولُونَ: رَبَّنَا نَعْتِقُ. رَبَّنَا نَعْتِقُ، فيُكَذِّبُهُمُ اللَّهُ: كَذَبْتُمْ كَذَبْتُمْ، أَنَا أَعْتِقُ». قَالَ: «ولَيَبْتَلِيَنَّ أُخْرَياتِ هذهِ الأُمَّةِ بالرَّجْفِ، فإِنْ تَابُوا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وإِنْ عَادُوا أعَادَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرَّجْفَ والقَذْفَ والخَذْفَ والمَسْخَ والخَسْفَ والصَّوَاعِقَ، فإِذَا قِيلَ: هَلَكَ النَّاسُ, هَلَكَ النَّاسُ, فَقَدْ هَلَكُوا، ولَنْ يُعَذِّبَ اللَّهُ أُمَّةً حَتَّى تُعْذَرَ». قَالُوا: وَمَا عُذْرُهَا؟ قَالَ:«يَعْتَرِفُونَ بالذُّنُوبِ ولا يَتُوبُونَ, ولَتَطْمَئِنُّ القُلُوبُ بِمَا فِيهَا مِنْ بِرِّهَا وفُجورِهَا كَمَا تَطْمَئِنُّ الشَّجَرَةُ بِمَا فِيهَا, حَتَّى لا يَسْتَطِيعَ مُحْسِنٌ يَزْدَادُ إِحْسَاناً, ولا يَسْتَطِيعُ مُسِيءٌ اسْتِعْتَاباً؛ قَالَ اللَّهُ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}» ). [الدر المنثور: 15/ 298-299]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ قَالَ: أَعْمَالُ السَّوْءِ, ذَنْبٌ عَلَى ذَنْبٍ حَتَّى مَاتَ قَلْبُهُ واسْوَدَّ). [الدر المنثور: 15/ 299]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ قَالَ: أُثْبِتَتْ عَلَى قَلْبِهِ الخَطَايَا حَتَّى غَمَرَتْهُ). [الدر المنثور: 15/ 299]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {رَانَ}؛ قَالَ: طَبَعَ). [الدر المنثور: 15/ 299]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: {الرَّانُ}: الطَّابِعُ). [الدر المنثور: 15/ 299]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ سعيدُ بنُ مَنْصورٍ وابنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ، عَنْ مُجَاهِدٍ في الآيةِ: كانوا يَرَوْنَ أَنَّ الرَّيْنَ هو الطَّبْعُ). [الدر المنثور: 15/ 299-300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ: كانوا يَرَوْنَ أَنَّ القَلْبَ مِثْلُ الكَفِّ, فيُذْنِبُ الذَّنْبَ فيَنْقَبِضُ مِنْهُ، ثُمَّ يُذْنِبُ الذَّنْبُ فيَنْقَبِضُ، حَتَّى يُخْتَمَ عَلَيْهِ ويَسْمَعَ الخَيْرَ فلا يَجِدَ لَهُ مَساغاً). [الدر المنثور: 15/ 300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ والبَيْهَقِيُّ, عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: {الرَّانُ}؛ أَيْسَرُ مِنَ الطَّبْعِ، والطَّبْعُ أَيْسَرُ مِنَ الأَقْفَالِ، وَالأَقْفَالُ أَشَدُّ ذَلِكَ كُلِّهِ). [الدر المنثور: 15/ 300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}؛ قَالَ: يَعْمَلُ الذَّنْبَ فيُحِيطُ بالقَلْبِ، فكُلَّمَا عَمِلَ ارْتَفَعَتْ حَتَّى يُغْشَى القَلْبُ). [الدر المنثور: 15/ 300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنِ الحَسَنِ: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}؛ قَالَ: الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ، ثُمَّ الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ حَتَّى يَغْمُرَ القَلْبَ فيَمُوتَ). [الدر المنثور: 15/ 300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ مِن طَرِيقِ خُلَيْدِ بنِ الحَكَمِ, عن أبي المُجِيرِ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ-:
«أَرْبَعُ خِصَالٍ مُفْسِدَةٌ للقُلوبِ: مُجَارَاةُ الأَحْمَقِ، فإِنْ جَارَيْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ، وإِنْ سَكَتَّ عَنْهُ سَلِمْتَ مِنْهُ، وكَثْرَةُ الذُّنُوبِ مَفْسَدَةُ القُلُوبِ، وقَدْ قَالَ اللهُ: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}، والخَلْوَةُ بالنِّسَاءِ، والاسْتِمْتَاعُ مِنْهُنَّ، والعَمَلُ برَأْيِهِنَّ, ومُجَالَسَةُ المَوْتَى». قِيلَ: ومَا المَوْتَى يا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: «كُلُّ غَنِيٍّ قَدْ أَبْطَرَهُ غِنَاهُ» ). [الدر المنثور: 15/ 301]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا الأَمْرُ كما يقولُ هَؤُلاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدينِ، مِن أَنَّ لهم عِنْدَ اللَّهِ زُلْفَةً، إِنَّهُم يَوْمَئِذٍ عن رَبِّهِمْ لَمَحْجُوبُونَ، فَلاَ يَرَوْنَهُ وَلاَ يرونَ شَيئاً مِن كرامتِهِ يَصِلُ إِلَيْهِم.
وقد اختلفَ أهلُ التأويلِ فِي معنَى قولِه: {إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}؛ فقالَ بَعْضُهُم: معنَى ذَلِكَ: إنهم محجوبونَ عن كرامتِه.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني عَلِيُّ بنُ سهلٍ، قالَ: ثنا الوليدُ بنُ مسلمٍ، عن خليدٍ، عن قتادةَ: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}: هو ألاَّ ينظرُ إِلَيْهِم، وَلاَ يزكِّيهم، وَلَهُم عَذَابٌ أليمٌ.
- حدَّثني سعيدُ بنُ عمرٍو السَّكونيُّ، قالَ: ثنا بَقِيَّةُ بنُ الوليدِ، قالَ: ثنا جريرٌ، قالَ: ثني نمرانُ أبو الحسنِ الذماريُّ، عن ابْنِ أَبِي مُلَيْكةَ أنَّه كانَ يقولُ فِي هذه الآيَةِ: {إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}؛ قالَ: المنَّانُ والمختالُ، وَالَّذِي يقتطعُ أموالَ النَّاسِ بِيَمِينِه بالباطلِ.
وقال آخرونَ: بلْ معنَى ذَلِكَ: إِنَّهُم محجوبونَ عن رؤيةِ رَبِّهِمْ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمَّارٍ الرازيُّ، قالَ: ثنا أبو معمرٍ المنقريُّ، قالَ: ثنا عَبْدُ الوارثِ بنُ سعيدٍ، عن عمرِو بنِ عبيدٍ، عن الحسنِ فِي قولِهِ: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}؛ قالَ: يُكْشَفُ الحجابُ فَيَنظُرُ إِلَيه المؤمنونَ كُلَّ يَومٍ غُدْوةً وعَشِيةً، أَو كلاماً هَذَا معناهُ.
وأوْلَى الأقوالِ فِي ذَلِكَ بالصوابِ أَن يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أخبرَ عن هَؤُلاءِ الْقَوْمِ أنَّهم عن رؤيتِهِ محجوبونَ. ويحتملُ أَنْ يكونَ مراداً بِه الحجابُ عن كرامتِهِ، وأَنْ يكونَ مراداً بِه الحجابُ عن ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلاَ دلالةَ فِي الآيَةِ تدلُّ عَلَى أنه مرادٌ بِذَلِك الحجابُ عن معنًى منه دُونَ معنًى، وَلاَ خبرَ بِه عن رَسُولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] قامتْ حُجَّتُه. فالصوابُ أَنْ يُقَالَ: هُمْ محجوبونَ عن رؤيتِه وَعَنْ كرامتِهِ؛ إِذ كانَ الخبرُ عَامًّا لاَ دلالةَ عَلَى خصوصِهِ). [جامع البيان: 24/ 204-206]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، قال: نا عبد الوارث بن سعيد أبو عبيدة، قال نا عمرو بن عبيد: عن الحسن، قال: لا يبقى أحد من خلقه يؤمن إلا رآه ثم يحجب عنه الكافرون ويراه المؤمنون فذلك قوله عز وجل: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}). [تفسير مجاهد: 2/ 738]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن أبي مُلَيْكَةَ الذِّمارِيِّ في قَوْلِهِ: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}؛ قَالَ: المَنَّانُ والمُخْتَالُ والذي يَقْطَعُ يَمِينَهُ بالكَذِبِ؛ ليَأْكُلَ أَمْوالَ الناسِ). [الدر المنثور: 15/ 301]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمَ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ثُمَّ إِنَّهُم لواردو الْجَحِيمِ، فمشويُّونَ فيها). [جامع البيان: 24/ 206]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ثُمَّ يُقالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}؛ يقولُ جلَّ ثناؤُه: ثُمَّ يُقَالُ لِهَؤُلاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدينِ: هَذَا العَذَابُ الذي أَنتُم فِيه الْيَوْمَ، هو العَذَابُ الذي كنتُم فِي الدُّنيَا تُخبَرونَ أنَّكم ذائقُوه فتُكذِّبونَ بِهِ وتنكرونَه، فَذُوقُوهُ الآنَ فقد صَلِيتُمْ بِه). [جامع البيان: 24/ 206]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 جمادى الآخرة 1434هـ/3-05-2013م, 10:11 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({لفي سجّينٍ}؛ في حبس فعّيل من السجن كما يقال: فسّيق من الفسق). [مجاز القرآن: 2/ 289]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لفي سجّينٍ}: فعيل، من «سجنت»). [تفسير غريب القرآن: 519]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({كلا}: ردع وزجر...، وقال: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) كَلَّا} يريد: انتهوا). [تأويل مشكل القرآن: 558]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كلّا إنّ كتاب الفجّار لفي سجّين (7)} (كلّا) ردع وتنبيه. المعنى: ليس الأمر على ما هم عليه، فليرتدعوا عن ذلك.
وقوله: {في سجّين}؛ زعم أهل اللغة أن "سجّين" فعّيل من السجن، المعنى كتابهم في حبس، جعل ذلك دلالة على خساسة منزلتهم.
وقيل {في سجّين}؛ في حساب، وفي سجّين في حجر من الأرض السابعة). [معاني القرآن: 5/ 298]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سِجِّينٍ} "فِعِّيل" من سجنت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 297]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سِجِّينٍ}: جهنم). [العمدة في غريب القرآن: 340]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وما أدراك ما سجّينٌ...} ذكروا أنها الصخرة التي تحت الأرض، ونرى أنه صفة من صفاتها؛ لأنه لو كان لها اسما لم يجر.
وإن قلت: أجريته لأني ذهبت بالصخرة إلى أنها الحجر الذي فيه الكتاب كان وجها). [معاني القرآن: 3/ 246]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وما أدراك ما سجّين (8)}؛ أي ليس ذلك مما كنت تعلمه أنت ولا قومك). [معاني القرآن: 5/ 298]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({مرقومٌ} مكتوب). [مجاز القرآن: 2/ 289]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم فسر فقال: {كتاب مرقوم (9)} أي مكتوب). [معاني القرآن: 5/ 298]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):{مَّرْقُومٌ} أي مكتوب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 297]

تفسير قوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10)}

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)}

تفسير قوله تعالى:{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين (13)}؛ أساطير أباطيل، واحدها أسطورة مثل أحدوثة وأحاديث). [معاني القرآن: 5/ 299]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {كلاّ بل ران على قلوبهم مّا كانوا يكسبون...}؛ يقول: كثرت المعاصي والذنوب منهم، فأحاطت بقلوبهم فذلك الرّين عليها. وجاء في الحديث: إن عمر بن الخطاب رحمه الله، قال للأسيفع أصبح قدرين به. يقول: قد أحاط بماله، الدين وأنشدني بعض العرب:
* لم ترو حتى هجرت ورين بي *
يقول: حتى غلبت من الإعياء، كذلك غلبة الدّين، وغلبة الذنوب). [معاني القرآن: 3/ 246-247]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({كلاّ بل ران على قلوبهم} غلب على قلبه والخمر ترين على عقل السكران والموت يرين على الميت قال أبو زبيد:
ثم لما رآه رانت به الخمر ....... وألّا تــريـــنـــه بــانـــقـــاء).
[مجاز القرآن: 2/ 289]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({كلاّ بل ران على قلوبهم مّا كانوا يكسبون} وقال: {كلاّ بل ران على قلوبهم} تقول فيه: "ران" "يرين" "ريناً"). [معاني القرآن: 4/ 48]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({بل ران}: أي غلب والرين الصدأ يقال إن القلب ليسود من الذنوب. ويقال لكل مغرق في هوى أو شكر أو عشق قد ران به).[غريب القرآن وتفسيره: 419]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({كلّا بل ران على قلوبهم}؛ أي غلب. يقال: رانت الخمر على عقله، أي غلبت). [تفسير غريب القرآن: 519]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كلّا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون (14)}؛ (كلّا) وتفسيرها تفسير التي قبلها.
{بل ران على قلوبهم}؛ بإدغام اللام في الراء وتفخيم الألف. وقد قرئت (بل ران) - بإمالة الألف والراء إلى الكسر. وقرئت (بل ران) بإظهار اللام والإدغام، والإدغام أجود لقرب اللام من الراء، ولغلبة الراء على اللام. وإظهار اللام جائز إلا أن اللام من كلمة، والراء من كلمة أخرى.
و{ران} بمعنى غطى على قلوبهم، يقال: ران على قلبه الذنب، يرين رينا إذا غشي على قلبه.
ويقال (غان) على قلبه يغين غينا. والغين كالغيم الرقيق، والرين كالصدأ يغشى على القلب). [معاني القرآن: 5/ 299]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَلْ رَانَ}؛ أي غلب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 297]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جل ثناؤه: {كلّا إنّهم عن ربّهم يومئذ لمحجوبون (15)} وفي هذه الآية دليل على أن الله يرى في الآخرة، لولا ذلك لما كان في هذه الآية فائدة، ولا [خسّت] منزلة الكفار بأنهم يحجبون عن اللّه -عزّ وجلّ- وقال تعالى في المؤمنين: {وجوه يومئذ ناضرة (22) إلى ربّها ناظرة (23)} فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن المؤمنين ينظرون إلى اللّه، وأن الكفار يحجبون عنه). [معاني القرآن: 5/ 299]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} قال: ثعلب: في هذا دليل أن ثم قوما ليسوا بمحجوبين، وهو بمعنى الخبر: إنكم ترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر). [ياقوتة الصراط: 561]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ثمّ إنّهم لصالو الجحيم (16)} ثم بعد حجبهم، عن الله يدخلون النار ولا يخرجون عنها خالدين فيها). [معاني القرآن: 5/ 299]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ثمّ يقال هذا الّذي كنتم به تكذّبون (17)} أي كنتم تكذبون بالبعث والجنة والنّار). [معاني القرآن: 5/ 299]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 10:26 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)}
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ({كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} قال: يقال صخرة تحت الأرض). [مجالس ثعلب: 121]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8)}

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9)}

تفسير قوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10)}

قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومثل الرفع: {طوبى لهم وحسن مآبٍ}؛ يدلّك على رفعها رفع حسن مآبٍ.
وأمّا قوله تعالى جدّه: {ويل يومئذ للمكذبين} و{ويلٌ للمطففين} فإنّه لا ينبغي أن تقول إنّه دعاءٌ ههنا لأنّ الكلام بذلك قبيح واللفظ به قبيحٌ ولكنّ العباد إنّما كلموا بكلامهم وجاء القرآن على لغتهم وعلى ما يعنون فكأنّه والله أعلم قيل لهم ويلٌ للمطففين وويل يومئذٍ للمكذبين أي هؤلاء ممن وجب هذا القول لهم لأنّ هذا الكلام إنّما يقال لصاحب الشّر والهلكة فقيل هؤلاء ممن دخل في الشرّ والهلكة ووجب لهم هذا.
ومثل ذلك قوله تعالى: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى}. فالعلم قد أتى من وراء ما يكون ولكن اذهبا أنتما في رجائكما وطمعكما ومبلغكما من اعلم وليسلهما أكثر من ذا ما لم يعلما
ومثله: {قاتلهم الله} فإنما أجرى هذا على كلام العباد وبه أنزل القرآن.
وتقول ويلٌ له ويلٌ طويلٌ فإن شئت جعلته بدلاً من المبتدأ الأوّل وإن شئت جعلته صفةً له وإن شئت قلت ويلٌ لك ويلاً طويلا تجعل الويل الآخر غير مبدول ولا موصوف به ولكنّك تجعله دائماً أي ثبت لك الويل دائما). [الكتاب: 1/ 331-332] (م)

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)}

تفسير قوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13)}

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (في حديث عمر -رضي الله عنه- في أسيفع جهينة أنه خطب فقال: «ألا إن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سابق الحاج - أو قال: سبق الحاج - فادان معرضا فأصبح قد رين به، فمن كان له عليه دين فليغد بالغداة فلنقسم ماله بينهم بالحصص».
وقوله: فأصبح قد رين به، قال أبو زيد يقال: قد رين بالرجل رينا: إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه ولا قبل له به وقال القناني الأعرابي: رين به: انقطع به.
وهذا المعنى شبيه بما قال أبو زيد لأنه إذا أتاه ما لا قبل له به فو منقطع به، وكذلك كل ما غلبك وعلاك فقد ران بك وران عليك
ومنه قول الله عز وجل: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} قال: حدثنا عباد بن القوام عن عاصم، عن الحسن في هذه الآية قال: هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب.
وهذا من الغلبة عليه أيضا.
وكذلك قول أبي زبيد يصف رجلا شرب حتى غلبه الشراب سكرا، فقال:
ثم لما رآه رانت به الخمـ ....... ـر وألا ترينه باتقاء
فقوله: رانت به الخمر: أي غلبت على قلبه وعقله.
قال الأموي: ويقال أيضا: قد أران القوم فهم مرينون: إذا هلكت مواشيهم أو هزلت، وهذا من الأمر الذي أتاهم مما يغلبهم ولا يستطيعون احتماله). [غريب الحديث: 4/ 167-170]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: لست بالطبع الحريص. فالطبع: الشديد الطمع الذي لا يفهم لشدة طمعه. وإنما أخذ هذا من طبع السيف، يقال: طبع السيف. يا فتى! وهو سيف طبع، إذا ركبه الصدأ حتى يغطي عليه. والمثل من هذا في الذي طبع على قلبه وإنما هو تغطية وحجاب. يقال: طبع الله على قلب فلان. كما قال جل وعز: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ}. هذا الوقف. ثم قال: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} وكذلك: رين على قلبه. وغين على قلبه؛ فالرين يكون من أشياء تألف عليه فتغطيه. قال الله جل وعز: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. وأما غين على قلبه. فهي غشاوة تعتريه، والغينة: القطعة من الشجر الملتف تغطي ما تحتها، قال الشاعر:

كأني بين خافيتي عقاب ....... أصاب حمامة في يوم غين).
[الكامل: 2/ 985-986] (م)
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ): (ران بهم: غلب، قال الله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم}). [الأمالي: 1/ 274]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)}

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)}

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)}


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:14 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {كلّا إنّ كتاب الفجّار لفي سجّينٍ * وما أدراك ما سجّينٌ * كتابٌ مّرقومٌ * ويلٌ يومئذٍ لّلمكذّبين * الّذين يكذّبون بيوم الدّين * وما يكذّب به إلّا كلّ معتدٍ أثيمٍ * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين * كلّا بل ران على قلوبهم مّا كانوا يكسبون * كلّا إنّهم عن رّبّهم يومئذٍ لّمحجوبون * ثمّ إنّهم لصالوا الجحيم * ثمّ يقال هذا الّذي كنتم به تكذّبون}.
هذه الآية وما بعدها يظهر أنها من نمط المكّيّ، وهو أحد الأقوال التي ذكرناها قبل.
و{كلاّ} يجوز أن تكون ردًّا لأقوال قريشٍ، ويحتمل أن تكون استفتاحاً بمنزلة (ألا). وهذا قول أبي حاتمٍ واختياره.
والفجّار: الكفّار، وكتابهم يراد به الذي فيه تحصيل أمرهم وأفعالهم، ويحتمل عندي أن يكون المعنى: وعدادهم وكتاب كونهم هو في سجّينٍ، أي: هنالك كتبوا في الأزل.
وقرأ أبو عمرٍو والأعرج وعيسى: (الفجّار) بالإمالة، و {الأبرار} بالفتح. قاله أبو حاتمٍ.
واختلف الناس في {سجّينٍ} ما هو؟ فقال الجمهور: هو فعّيلٌ من السّجن، كسكّيرٍ وشرّيبٍ، أي: في موقع ساجنٍ وساكرٍ وشاربٍ، فجاء سجّينٌ بناء مبالغةٍ.
قال مجاهدٌ: وذلك في صخرةٍ تحت الأرض السابعة. وقال كعبٌ حاكياً عن التوراة وأبيّ بن كعبٍ: هو في شجرةٍ سوداء هنالك.
وقيل عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: في بئرٍ هنالك. وقيل: تحت خدّ إبليس. وقال عطاءٌ الخراسانيّ: هي الأرض السّفلى. وقاله البراء عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. وقال عكرمة: سجّينٌ: عبارةٌ عن الخسار والهوان، كما تقول: بلغ فلانٌ الحضيض. إذا صار في غاية الخمول.
وقال قومٌ من اللّغويّين: سجّينٌ: نونه بدلٌ من لامٍ، وهو من السّجّيل). [المحرر الوجيز: 8/ 559-560]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما أدراك ما سجّينٌ} تعظيمٌ لأمر هذا السّجّين، وتعجيبٌ منه، ويحتمل أن يكون تقرير استفهامٍ، أي: هذا ممّا لم تكن تعلمه قبل الوحي). [المحرر الوجيز: 8/ 560]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {كتابٌ مرقومٌ}؛ من قال بالقول الأول في {سجّينٍ} فـ {كتابٌ} مرتفعٌ عنده على خبر {إنّ}، والظّرف الذي هو {لفي سجّينٍ} ملغًى.
ومن قال في {سجّينٍ} بالقول الثاني فـ {كتابٌ} مرتفعٌ عنده على خبر ابتداء مضمرٍ، والتقدير: هو كتابٌ مرقومٌ، ويكون هذا الكلام مفسّراً لـ {سجّينٍ} ما هو.
و{مرقومٌ} معناه: مكتوبٌ، رقم لهم بشرٍّ). [المحرر الوجيز: 8/ 560]

تفسير قوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ أثبت تعالى للمكذّبين بيوم الحساب والدّين الويل.
وقوله تعالى: {يومئذٍ} إشارةٌ إلى ما يتضمّنه المعنى في قوله تعالى: {كتابٌ مرقومٌ}؛ وذلك أنه يتضمّن أنه يرفع ليوم عرضٍ وجزاءٍ، وبهذا يتمّ الوعيد ويتّجه معناه). [المحرر الوجيز: 8/ 560]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(المعتدي): الذي يتجاوز حدود الأشياء.و{أثيمٍ} مبالغةٌ في (آثمٍ) ). [المحرر الوجيز: 8/ 560]

تفسير قوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: {تتلى} بالتاء، وقرأ أبو حيوة: (يتلى) بالياء من تحت.
و(الأساطير) جمع أسطورةٍ، وهي الحكايات التي سطرت قديماً. وقيل: هو جمع أسطارٍ، وأسطارٌ جمع سطرٍ. ويروى أنّ هذه الآية نزلت بمكّة في النّضر بن الحارث بن كلدة، وهو الذي كان يقول: أساطير الأوّلين. وكان هو قد كتب بالحيرة أحاديث رستم واسفنديار، وكان يحدّث بها بمكّة ويقول: أنا أحسن حديثاً من محمّدٍ، فإنما يحدّثكم بأساطير الأوّلين). [المحرر الوجيز: 8/ 560]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كلاّ} زجرٌ وردٌّ لقولهم: {أساطير الأوّلين}.
ثمّ أوجب تعالى أن ما كسبوا من الكفر والطّغيان والعتوّ قد ران على قلوبهم، أي: غطّى عليها وغلب، فهم مع ذلك لا يبصرون رشداً، ولا يخلص إلى قلوبهم خيرٌ، يقال: رانت الخمر على عقل شاربها، وران الغشي على قلب المريض، وكذلك الموت، ومنه قول الشاعر:
ثمّ لمّا رآه رانت به الخمـ ....... ـر وألاّ ترينه باتّقاء
والبيت لأبي زبيدٍ. قال الحسن وقتادة: الرّين: الذّنب على الذّنب حتى يموت القلب. ويروى عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم] قال:«إنّ الرّجل إذا أذنب صارت نكتةٌ سوداء في قلبه، ثمّ كذلك حتّى يتغطّى، فذلك الرّان الّذي قال اللّه تعالى: {كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}».
وقرأ ابن كثيرٍ وأبو عمرٍو وابن عامرٍ بإدغام اللام في الراء، وقرأ نافعٌ أيضاً بالإدغام والإمالة، وقال أبو حاتمٍ: القراءة بالفتح والإدغام. وعلّق تعالى اللوم بهم فيما كسبوه –وإن كان ذلك بخلقٍ منه سبحانه واختراعٍ– لأنّ الثواب والعقاب متعلّقٌ بكسب العبد). [المحرر الوجيز: 8/ 560-561]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{كلاّ} في قوله تعالى: {كلاّ إنّهم} يصلح فيها الوجهان اللّذان تقدّم ذكرهما، والضمير في قوله تعالى: {إنّهم} وفي {ربّهم} هو للكفّار، فمن قال بالرؤية –وهم أهل السّنّة– قال: إنّ هؤلاء لا يرون ربّهم، فهم محجوبون عنه. واحتجّ بهذه الآية مالك بن أنسٍ عن مسألة الرؤية من جهة دليل الخطاب، وإلاّ فلو حجب الرؤية عن الكلّ لما أغنى هذا التخصيص.
وقال الشافعيّ: فلمّا حجب قوماً بالسّخط دلّ أنّ قوماً يرونه بالرّضى.
ومن قال بأن لا رؤية –وهو قول المعتزلة– قال في هذه الآية: إنهم محجوبون عن رحمة ربّهم وغفرانه). [المحرر الوجيز: 8/ 561]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ( (صليّ الجحيم) هو مباشرة حرّ النار دون حائلٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 561]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ثمّ يقال}؛ هو على معنى التوبيخ لهم والتقريع.
وقوله تعالى: {هذا الّذي كنتم به تكذّبون} مفعولٌ لم يسمّ فاعله؛ لأنه قولٌ بني له الفعل الذي هو {يقال}. وقوله تعالى: {هذا} إشارةٌ إلى تعذيبهم وكونهم في الجحيم). [المحرر الوجيز: 8/ 561]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كلّا إنّ كتاب الفجّار لفي سجّينٍ * وما أدراك ما سجّينٌ * كتابٌ مرقومٌ * ويلٌ يومئذٍ للمكذّبين * الّذين يكذّبون بيوم الدّين * وما يكذّب به إلّا كلّ معتدٍ أثيمٍ * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين * كلّا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلّا إنّهم عن ربّهم يومئذٍ لّمحجوبون * ثمّ إنّهم لصالوا الجحيم * ثمّ يقال هذا الّذي كنتم به تكذّبون}.
يقول: حقًّا {إنّ كتاب الفجّار لفي سجّينٍ}؛ أي: إنّ مصيرهم ومأواهم لفي سجّينٍ ؛؛ فعّيلٌ، من السّجن وهو الضّيق، كما يقال: فسّيقٌ وشرّيبٌ وخمّيرٌ وسكّيرٌ. ونحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 349]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ولهذا عظّم أمره فقال: {وما أدراك ما سجّينٌ}؛ أي: هو أمرٌ عظيمٌ، وسجنٌ مقيمٌ، وعذابٌ أليمٌ.
ثمّ قد قال قائلون: هي تحت الأرض السّابعة. وقد تقدّم في حديث البراء بن عازبٍ في حديثه الطّويل: يقول اللّه عزّ وجلّ في روح الكافر: اكتبوا كتابه في سجّينٍ. وسجّينٌ هي تحت الأرض السّابعة.
وقيل: صخرةٌ تحت السّابعة خضراء.
وقيل: بئرٌ في جهنّم. قد روى ابن جريرٍ في ذلك حديثاً غريباً منكراً لا يصحّ، فقال: حدّثنا إسحاق بن وهبٍ الواسطيّ، حدّثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطيّ، حدّثنا نصر بن خزيمة الواسطيّ، عن شعيب بن صفوان، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة عن النّبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم] قال:
«الفلق جبٌّ في جهنّم مغطًّى، وأمّا سجّينٌ فمفتوحٌ».
والصّحيح أنّ سجّيناً مأخوذٌ من السّجن وهو الضّيق، فإنّ المخلوقات كلّ ما تسافل منها ضاق، وكلّ ما تعالى منها اتّسع، فإنّ الأفلاك السّبعة كلّ واحدٍ منها أوسع وأعلى من الذي دونه، وكذلك الأرضون، كلّ واحدةٍ أوسع من التي دونها حتّى ينتهي السّفول المطلق والمحلّ الأضيق إلى المركز في وسط الأرض السّابعة، ولمّا كان مصير الفجّار إلى جهنّم وهي أسفل السّافلين، كما قال تعالى: {ثمّ رددناه أسفل سافلين * إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}؛ وقال ههنا: {كلاّ إنّ كتاب الفجّار لفي سجّينٍ * وما أدراك ما سجينٌ}.
وهو يجمع الضّيق والسّفول كما قال: {وإذا ألقوا منها مكاناً ضيّقاً مقرّنين دعوا هنالك ثبوراً}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 349-350]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كتابٌ مرقومٌ}؛ ليس تفسيراً لقوله: {وما أدراك ما سجّينٌ}؛ وإنّما هو تفسيرٌ لما كتب لهم من المصير إلى سجّينٍ، أي: مرقومٌ مكتوبٌ مفروغٌ منه، لا يزاد فيه أحدٌ، ولا ينقص منه أحدٌ، قاله محمّد بن كعبٍ القرظيّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 350]

تفسير قوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {ويلٌ يومئذٍ للمكذّبين}؛ أي: إذا صاروا يوم القيامة إلى ما أوعدهم اللّه من السّجن والعذاب المهين، وقد تقدّم الكلام على قوله: {ويلٌ}. بما أغنى عن إعادته، وأنّ المراد من ذلك الهلاك والدّمار كما يقال: ويلٌ لفلانٍ.
وكما جاء في المسند والسّنن من رواية بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]:
«ويلٌ للّذي يحدّث فيكذب ليضحك النّاس، ويلٌ له، ويلٌ له»). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 350]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مفسّراً للمكذّبين الفجّار الكفرة: {الّذين يكذّبون بيوم الدّين}؛ أي: لا يصدّقون بوقوعه ولا يعتقدون كونه، ويستبعدون أمره). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 350]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {وما يكذّب به إلاّ كلّ معتدٍ أثيمٍ}؛ أي: معتدٍ في أفعاله من تعاطي الحرام، والمجاوزة في تناول المباح، والأثيم في أقواله، إن حدّث كذب، وإن وعد أخلف، وإن خاصم فجر). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 350]

تفسير قوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين}؛ أي: إذا سمع كلام اللّه من الرّسول يكذّب به، ويظنّ به ظنّ السّوء فيعتقد أنّه مفتعلٌ مجموعٌ من كتب الأوائل كما قال: {وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأوّلين}، وقال تعالى: {وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلاً}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 350]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}؛ أي: ليس الأمر كما زعموا، ولا كما قالوا، أنّ هذا القرآن أساطير الأوّلين، بل هو كلام اللّه ووحيه وتنزيله على رسوله -صلّى اللّه عليه وسلّم-، وإنّما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الرّين الّذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذّنوب والخطايا، ولهذا قال تعالى: {كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}، والرّين يعتري قلوب الكافرين، والغيم للأبرار، والغين للمقرّبين.
وقد روى ابن جريرٍ والتّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه من طرقٍ عن محمّد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيمٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال:
«إنّ العبد إذا أذنب ذنباً كانت نكتةٌ سوداء في قلبه، فإن تاب منها صقل قلبه، وإن زاد زادت، فذلك قول اللّه: {كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}».
وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ، ولفظ النّسائيّ:
«إنّ العبد إذا أخطأ خطيئةً نكتت في قلبه نكتةٌ، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، فإن عاد زيد فيها حتّى يعلو قلبه، فهو الرّان الّذي قال اللّه: {كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}».
وقال أحمد: حدّثنا صفوان بن عيسى، أخبرنا ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيمٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-:
«إنّ المؤمن إذا أذنب كانت نكتةً سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، فإن زاد زادت حتّى يعلو قلبه، وذاك الرّان الّذي ذكر اللّه في القرآن: {كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}». وقال الحسن البصريّ: وهو الذّنب على الذّنب حتّى يعمى القلب فيموت. وكذا قال مجاهد بن جبرٍ وقتادة وابن زيدٍ وغيرهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 350-351]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كلاّ إنّهم عن ربّهم يومئذٍ لمحجوبون}؛ أي: لهم يوم القيامة منزل ونزلٌ سجّينٌ، ثمّ هم مع ذلك محجوبون عن رؤية ربّهم وخالقهم.‌‌‌‌
قال الإمام أبو عبد اللّه الشّافعيّ: وفي هذه الآية دليلٌ على أنّ المؤمنين يرونه عزّ وجلّ يومئذٍ. وهذا الذي قاله الإمام الشّافعيّ رحمه اللّه في غاية الحسن، وهو استدلالٌ بمفهوم هذه الآية، كما دلّ عليه منطوق قوله: {وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربّها ناظرةٌ}. وكما دلّت على ذلك الأحاديث الصّحاح المتواترة في رؤية المؤمنين ربّهم عزّ وجلّ في الدّار الآخرة رؤيةً بالأبصار في عرصات القيامة وفي روضات الجنان الفاخرة.
وقد قال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن عمّارٍ الرّازيّ، حدّثنا أبو معمرٍ المنقريّ، حدّثنا عبد الوارث بن سعيدٍ، عن عمرو بن عبيدٍ، عن الحسن في قوله: {كلاّ إنّهم عن ربّهم يومئذٍ لمحجوبون}؛ قال: يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون والكافرون ثمّ يحجب عنه الكافرون وينظر إليه المؤمنون كلّ يومٍ غدوةً وعشيّةً. أو كلاماً هذا معناه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 351]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ إنّهم لصالوا الجحيم} أي: ثمّ هم مع هذا الحرمان عن رؤية الرّحمن من أهل النّيران). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 351]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ يقال هذا الّذي كنتم به تكذّبون}؛ أي: يقال لهم ذلك على وجه التّقريع والتّوبيخ والتّصغير والتّحقير). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 351]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:54 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة