العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم الاعتقاد > كتاب الأسماء والصفات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 رمضان 1438هـ/7-06-2017م, 09:44 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي حكم اقتران بعض الأسماء الحسنى ببعض


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 11:01 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

الأحاديث والآثار


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 11:03 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

بيانِ بعضِ ما تَضَمَّنَهُ اقترانُ بعضِ الأسماءِ الحُسْنَى ببعضٍ مِن اللطائفِ العجيبةِ والفوائدِ البديعةِ

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى
: (البابُ العشرونَ:
في بيانِ بعضِ ما تَضَمَّنَهُ اقترانُ بعضِ الأسماءِ الحُسْنَى ببعضٍ مِن اللطائفِ العجيبةِ والفوائدِ البديعةِ.

([اعْلَمْ - وَفَّقَكَ الله تعالى - أنَّ] اقترانَ أَحَدِ الاسمينِ والوصفينِ بالآخَرِ... قَدْرٌ زائدٌ على مُفْرَدَيْهِمَا)([1]) (فلهُ بذلكَ جميعُ أقسامِ الكمالِ: كمالٌ مِنْ هذا الاسمِ بِمُفردِهِ، وكمالٌ مِن الآخَرِ بِمُفْرَدِهِ، وكمالٌ مِن اقترانِ أَحَدِهما بالآخَرِ.
مثالُ ذلكَ: قولُهُ تعالى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6)} [التغابن: 6] {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)} [التوبة: 106] {وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)} [الممتحنة: 7] فالغِنَى صِفةُ كمالٍ. والحمْدُ صِفةُ كمالٍ، واقترانُ غِناهُ بِحَمْدِهِ كَمَالٌ)([2]) (آخَرُ؛ فلهُ ثناءٌ مِنْ غِناهُ، وثناءٌ مِنْ حَمْدِهِ، وثناءٌ مِن اجتماعِهما)([3])
(وعِلْمُهُ كمالٌ، وحِكمتُهُ كمالٌ، واقترانُ العلْمِ بالحكمةِ كمالٌ أيضاً. وقُدرتُهُ كمالٌ ومَغفرتُهُ كَمالٌ، واقترانُ القُدرةِ بالمغفرةِ كمالٌ، وكذلكَ العفوُ بعدَ القُدرةِ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)} ([4]) [النساء: 43] واقترانُ العلْمِ بالحِلْمِ {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} [النساء: 12]... فما قُرِنَ شيءٌ إلى شيءٍ أَزْيَنُ مِنْ حِــلْمٍ إلى عِـلْمٍ، ومِنْ عَفْوٍ إلى قُدْرَةٍ، ومِنْ مُلْكٍ إلى حَمْدٍ، ومِنْ عِزَّةٍ إلى رَحمةٍ {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9)} [الشعراء: 9]). ([5])
(وهكذا عامَّةُ الصِّفَاتِ المقترِنةِ والأسماءِ المزدَوِجَةِ في القرآنِ... فتَأَمَّلْهُ فإنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ المعارِفِ) ([6]) .

[ الربُّ، الْمَلِكُ، الإلهُ]:
فمِنْ ذلكَ قولُ الله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)} [سورة الناس]
(فذَكَرَ رُبوبيَّتَهُ للناسِ ومُلْكَهُ إيَّاهُمْ وإلهيَّتَهُ لهم، ولا بُدَّ مِنْ مُناسبَةٍ في ذِكْرِ تلكَ في الاستعاذةِ مِن الشيطانِ... فنَذْكُرُ أوَّلاً معنى هذهِ الإضافاتِ الثلاثِ، ثُمَّ وَجْهَ مُناسَبَتِها لهذه الاستعاذةِ.
الإضافةُ الأُولَى: إضافةُ الربوبيَّةِ المتضَمِّنَةِ لِخَلْقِهِم وتدبيرِهم وتَربيتِهم وإصلاحِهم وجَلْبِ مَصالِحِهم، وما يَحتاجونَ إليهِ، ودَفْعِ الشرِّ عنهم، وحِفْظِهِم مِمَّا يُفْسِدُهُم، هذا معنى رُبوبيَّتِهِ لهم، وذلكَ يَتضمَّنُ قُدرتَهُ التامَّةَ، ورَحمتَهُ الواسعةَ، وإحسانَهُ وعِلْمَهُ بتفاصيلِ أحوالِهم، وإجابةَ دَعَواتِهم وكَشْفَ كُرُبَاتِهِم.
الإضافةُ الثانيَةُ: إضافةُ الْمُلْكِ، فهوَ مَلِكُهم المتصَرِّفُ فيهم وهم عَبيدُهُ ومَماليكُهُ، وهوَ الْمُتَصَرِّفُ لهم الْمُدَبِّرُ لهم كما يَشاءُ، النافذُ القُدرةِ فيهم، الذي لهُ السلطانُ التامُّ عليهم، فهوَ مَلِكُهُم الحقُّ الذي إليهِ مَفْزَعُهم عندَ الشدائدِ والنوائبِ وهوَ مُستغاثُهم ومَعاذُهم ومَلجؤُهم , فلا صَلاحَ لهم , ولا قِيامَ إلاَّ بهِ وبتدبيرِهِ، فليسَ لهم مَلِكٌ غيرُهُ يَهْرُبُونَ إليهِ إذا
دَهَمَهُم العدُوُّ ويَستصرخونَ بهِ إذا نَـزَلَ العَدُوُّ بِسَاحَتِهِمْ.
الإضافةُ الثالثةُ: إضافةُ الإلهيَّةِ، فهوَ إِلَهُهُم الحقُّ ومعبودُهم الذي لا إلهَ لهم سِواهُ، ولا مَعبودَ لهم غيرُهُ.
فكما أنَّهُ وَحْدَهُ هوَ رَبُّهم ومَليكُهم لم يَشْرَكْهُ في رُبوبيَّتِهِ ولا في مُلْكِهِ أَحَدٌ، فكذلكَ هوَ وحدَهُ إلهُهم ومَعبودُهم، فلا يَنبغِي أن يَجْعَلُوا معه شَريكاً في إلهيَّتِهِ, كما لا شَريكَ معه في ربوبيَّتِهِ ومُلْكِهِ. وهذه طريقةُ القرآنِ يَحْتَجُّ عليهم بإقرارِهم بهذا التوحيدِ على ما أَنكروهُ مِنْ توحيدِ الإلهيَّةِ والعِبادةِ، وإذا كانَ وحدَهُ هوَ رَبَّنَا ومَلِكَنا وإلهَنا فلا مَفْزَعَ لنا في الشدائدِ سِواهُ، ولا مَلْجَأَ لنا منهُ إلاَّ إليهِ، ولا مَعبودَ لنا غيرُهُ، فلا يَنبغِي أن يُدْعَى ولا يُخافَ، ولا يُرْجَى ولا يُحَبَّ سِواهُ، ولا يُذَلَّ لغيرِهِ، ولا يُخْضَعَ لسِواهُ ولا يُتَوَكَّلَ إلاَّ عليهِ؛ لأنَّ مَنْ تَرجوهُ وتَخافُهُ وتَدعوهُ وتَتوكَّلُ عليهِ إمَّا أن يكونَ:
- مُرَبِّيَكَ والقَيِّمَ بأُمورِكَ، ومُتَوَلِّيَ شأنِكَ، وهوَ رَبُّكَ فلا ربَّ سِواهُ.
- أو تكونَ مَملوكَهُ وعَبْدَهُ الحقَّ، فهوَ مَلِكُ الناسِ حَقًّا، وكلُّهم عبيدُهُ ومَماليكُهُ.
- أو يكونَ مَعبودَكَ وإلهَكَ الذي لا تَستغنِي عنهُ طَرْفَةَ عينٍ، بلْ حاجتُكَ إليهِ أَعظمُ مِنْ حاجتِكَ إلى حَياتِكَ ورُوحِكَ، وهوَ الإلهُ الحقُّ إلهُ الناسِ، الذي لا إلهَ لهم سِواهُ.
فمَنْ كانَ ربَّهم ومَلِكَهم وإلهَهم فهم جَدِيرُونَ أن لا يَستعيذوا بغيرِهِ، ولا يَستنصِرُوا بسواهُ، ولا يَلْجَأُوا إلى غيرِ حِماهُ فهوَ كافِيهِمْ وحَسْبُهُم وناصرُهم ووَلِيُّهُمْ، ومُتَوَلِّي أمورِهم جميعاً بربوبيَّتِهِ ومُلْكِهِ وإلهيَّتِهِ لهم، فكيفَ لا يَلتجئُ العبدُ عندَ النوازلِ ونـزولِ عدُوِّهِ بهِ إلى ربِّهِ ومالِكِهِ وإلهِهِ.
فظَهَرَتْ مُناسبَةُ هذهِ الإضافاتِ الثلاثِ للاستعاذةِ مِنْ أَعْدَى الأعداءِ، وأَعظَمِهِم عَداوةً، وأشَدِّهْم ضَرَراً، وأَبْلَغِهِم كَيْداً.
ثُمَّ إنَّهُ سبحانَهُ كَرَّرَ الاسمَ الظاهرَ ولم يُوقِع المُضْمَرَ مَوْقِعَهُ فيقولُ: ربِّ الناسِ ومَلِكِهم وإلهِهِمْ، تَحقيقاً لهذا المعنى وتقويَةً لهُ، فأعادَ ذِكْرَهم عندَ كلِّ اسمٍ مِنْ أسمائِهِ.
ولم يَعْطِفْ بالواوِ لِمَا فيها مِن الإيذانِ بالْمُغايَرَةِ، والمقصودُ الاستعاذةُ بمجموعِ هذهِ الصِّفَاتِ حتَّى كأنَّها صِفةٌ واحدةٌ.
وقَدَّمَ الربوبيَّةَ لعُمومِها وشُمولِها لكلِّ مربوبٍ، وأَخَّرَ الإلهيَّةَ لِخُصوصِها؛ لأنَّهُ سُبحانَهُ إِنَّمَا هوَ إلهُ مَنْ عَبَدَهُ ووَحَّدَهُ واتَّخَذَهُ دونَ غيرِهِ إلهاً، فمَنْ لم يَعْبُدْهُ ويُوَحِّدْهُ فليسَ بإلهِهِ، وإن كانَ في الحقيقةِ لا إلهَ لهُ سِواهُ، ولكن تَرَكَ إلهَهُ الحقَّ واتَّخَذَ إلهاً غيرَهُ.
ووَسَّطَ صفةَ الْمُلْكِ بينَ الرُّبوبيَّةِ والإلهيَّةِ؛ لأنَّ الْمَلِكَ هوَ الْمُتَصَرِّفُ بقولِهِ وأَمْرِهِ، فهوَ الْمُطاعُ إذا أَمَرَ، ومُلْكُهُ لهم تابعٌ لِخَلْقِهِ إيَّاهُمْ فمُلْكُهُ مِنْ كمالِ رُبوبيَّتِهِ، وكونُهُ إلهَهم الْحَقَّ مِنْ كمالِ مُلْكِهِ. فرُبوبيَّتُهُ تَستلزِمُ مُلْكَهُ وتَقتضِيهِ، ومُلْكُهُ يَستلزِمُ إِلهِيَّتَهُ ويَقْتَضِيهَا فهوَ الربُّ الحقُّ، الملِكُ الحقُّ، الإلهُ الحقُّ، خَلَقَهُم برُبوبيَّتِهِ، وقَهَرَهم بِمُلْكِهِ، واسْتَعْبَدَهُمْ بإلَهِيَّتِهِ.
فتَأَمَّلْ هذهِ الجلالةَ وهذه العَظمةَ التي تَضَمَّنَتْهَا هذهِ الألفاظُ الثلاثةُ على أَبْدَعِ نِظامٍ وأَحسنِ سِياقٍ: رَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ.
* * *
وقد اشْتَمَلَتْ هذهِ الإضافاتُ الثلاثُ على جميعِ قَواعدِ الإيمانِ، وتَضَمَّنَتْ معانيَ أسمائِهِ الْحُسْنَى:
أمَّا تَضَمُّنُها لمعاني أسمائِهِ الْحُسْنَى فإنَّ ((الربَّ)) هوَ القادرُ الخالقُ البارئُ الْمُصَوِّرُ الْحَيُّ القَيُّومُ العليمُ السميعُ البصيرُ الْمُحْسِنُ المنعِمُ الْجَوَادُ الْمُعْطِي المانعُ الضارُّ النافعُ المقَدِّمُ المؤَخِّرُ، الذي يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ويَهدِي مَنْ يَشاءُ، ويُسْعِدُ مَنْ يَشاءُ ويُشْقِي، ويُعِزُّ مَنْ يَشاءُ ويُذِلُّ مَنْ يَشاءُ، إلى غيرِ ذلكَ مِنْ معاني رُبوبيَّتِهِ التي لهُ منها ما يَسْتَحِقُّهُ مِن الأسماءِ الْحُسْنَى.
وأَمَّا ((الْمَلِكُ)) فهوَ الآمِرُ الناهي الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ، الذي يُصَرِّفُ أمورَ عِبادِهِ كما يُحِبُّ ويُقَلِّبُهُم كما يَشاءُ، ولهُ مِنْ معنى الْمُلْكِ ما يَسْتَحِقُّهُ مِن الأسماءِ، كالعزيزِ الجبَّارِ المتكَبِّرِ الْحَكَمِ العَدْلِ الخافضِ الرافعِ الْمُعِزِّ الْمُذِلِّ العظيمِ الجليلِ الكبيرِ الحسيبِ المجيدِ الوالي المتعالي مالكِ الْمُلْكِ الْمُقْسِطِ الجامعِ، إلى غيرِ ذلكَ مِن الأسماءِ العائدةِ إلى الْمُلْكِ.
وأما ((الإلهُ)) فهوَ الجامعُ لجميعِ صفاتِ الكمالِ ونعوتِ الجلالِ، فيَدخُلُ في هذا الاسمِ جميعُ الأسماءِ الْحُسْنَى؛ ولهذا كانَ القولُ الصحيحُ أنَّ الله أصلُهُ الإلهُ، كما هوَ قولُ سِيبويهِ وجُمهورِ أصحابِهِ إلاَّ مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ، وأنَّ اسمَ الله تعالى هوَ الجامعُ لجميعِ معاني الأسماءِ الْحُسْنَى والصفاتِ الْعُلَى.
فقدْ تَضَمَّنَتْ هذهِ الأسماءُ الثلاثةُ جميعَ مَعانِي أسمائِهِ الْحُسْنَى؛ فكان المستعيذُ بها جَديراً بأن يُعاذَ ويُحفَظَ ويُمْنَعَ مِن الوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ولا يُسَلَّطَ عليهِ.
وأسرارُ كلامِ الله أَجَلُّ وأَعْظَمُ مِنْ أن تُدْرِكَهَا عُقولُ البَشَرِ، وإِنَّمَا غايَةُ أُولِي العِلْمِ الاستدلالُ بما ظَهَرَ منها على ما وَراءَهُ. وإنَّ بَاديَهُ إلى الخافِي يَسيرٌ )([7]).

[الْخَلاَّقُ العليمُ، اللطيفُ الخبيرُ]:
(ومِنْ ذلكَ احتجاجُهُ سُبحانَهُ على إثباتِ عِلْمِهِ بالجزئِيَّاتِ كلِّها بأَحْسَنِ دليلٍ وأَوْضَحِهِ وأَصَحِّهِ حيث يقولُ: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13)} [الملك: 13] ثُمَّ قَرَّرَ عِلْمَهُ بذلكَ بقولِهِ: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} [الملك: 14].
وهذا مِنْ أَبْلَغِ التقريرِ، فإنَّ الخالقَ لا بُدَّ أن يَعْلَمَ مخلوقَهُ، والصانعَ يَعْلَمُ مَصنوعَهُ، وإذا كنتم مُقِرِّينَ بأنَّهُ خالِقُكم وخالقُ صدورِكم وما تَضَمَّنَتْهُ، فكيفَ تَخْفَى عليهِ وهيَ خَلْقُهُ. وهذا التقريرُ مِمَّا يَصْعُبُ على القَدَرِيَّةِ فَهْمُهُ، فإنَّهُ لم يَخْلُقْ عندَهم ما في الصدورِ فلم يكنْ في الآيَةِ على أصولِهم دليلٌ على عِلْمِهِ بها، ولهذا طَرَدَ غُلاةُ القومِ ذلكَ، ونَفَوْا عِلْمَهُ فأَكْفَرَهُم السلَفُ قاطبةً.
وهذا التقريرُ مِن الآيَةِ صحيحٌ على التقديرينِ أَعْنِي تقديرَ أن تكونَ (مَنْ): في مَحَلِّ رفْعٍ على الفاعليَّةِ، وفي مَحَلِّ نَصْبٍ على الْمَفْعُولِيَّةِ.
- فعلى التقديرِ الأَوَّلِ: ألا يَعْلَمُ الخالقُ الذي شأنُهُ الْخَلْقُ.
- وعلى التقديرِ الثاني: ألا يَعلَمُ الربُّ مَخلوقَهُ ومَصنوعَهُ.
ثُمَّ ختَمَ الْحُجَّةَ باسمينِ مُقتضيينِ لثُبوتِها وهما:
- ((اللطيفُ)) الذي لَطُفَ صُنْعُهُ وحِكْمَتُهُ ودَقَّ حتَّى عَجَزَتْ عنهُ الأفهامُ.
و ((الخبيرُ)) الذي انتهى عِلْمُهُ إلى الإحاطةِ ببَواطِنِ الأشياءِ وخَفاياها، كما أحاطَ بظَواهِرِها.
فكيفَ يَخْفَى على ((اللطيفِ الخبيرِ)) ما تَحويهِ الضمائرُ وتُخفيهِ الصدورُ)([8]).

[العزيزُ الحكيمُ]:
(كثيراً ما يَقْرِنُ تعالى بينَ هذينِ الاسمينِ ((العزيزِ الحكيمِ)) في آياتِ التشريعِ والتكوينِ والجزاءِ؛ لتَدُلَّ عِبادَهُ على أنَّ مَصْدَرَ ذلكَ كلِّهِ عنْ حِكمةٍ بالغةٍ، وعِزَّةٍ قاهرةٍ، ففَهِمَ الْمُوَفَّقُونَ عن الله عَزَّ وجَلَّ مُرادَهُ وحِكمتَهُ، وانْتَهَوْا إلى ما وَقَفُوا عليهِ، ووَصَلَتْ إليهِ أفهامُهم وعلومُهم، ورَدُّوا عِلْمَ ما غابَ عنهم إلى أَحْكَمِ الحاكمينِ، ومَنْ هوَ بكلِّ شيءٍ عليمٌ، وتَحَقَّقُوا بما عَمِلُوهُ مِنْ حِكْمَتِهِ التي بَهَرَتْ عُقولَهم أنَّ للهِ في كلِّ ما خَلَقَ وأَمَرَ
وأثابَ وعاقَبَ مِن الْحِكَمِ البوالِغِ ما تَقْصُرُ عقولُهم عنْ إدراكِهِ، وأنَّهُ تعالى هوَ الغنيُّ الحميدُ العليمُ الحكيمُ، فمَصْدَرُ خَلْقِهِ وأَمْرِهِ وثوابِهِ وعِقابِهِ غِناهُ وحَمْدُهُ وعِلْمُهُ وحِكْمَتُهُ، ليسَ مَصْدَرُهُ مَشيئةً مُجَرَّدَةً، وقُدرةً خاليَةً مِن الحكمةِ والرحمةِ والْمَصلحةِ والغاياتِ المحمودةِ المطلوبةِ لهُ خَلْقاً وأمراً، وأنَّهُ سُبحانَهُ لا يُسألُ عَمَّا يَفعلُ لكَمالِ حِكمتِهِ وعِلْمِهِ، ووقوعِ أفعالِهِ كُلِّها على أَحسنِ الوُجوهِ وأَتَمِّهَا، على الصوابِ والسَّدادِ، ومُطابقةِ الْحِكَمِ، والعِبادُ يُسألونَ؛ إذ ليستْ أفعالُهم كذلكَ، ولهذا قالَ خطيبُ الأنبياءِ شُعيبٌ صَلَّى الله عليهِ وسَلَّمَ: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)} [هود: 56]، فأَخْبَرَ عنْ عُمومِ قُدرتِهِ تعالى، وأنَّ الخلْقَ كلَّهُم تحتَ تَسخيرِهِ وقُدرتِهِ، وأنَّهُ آخِذٌ بنَواصِيهِمْ، فلا مَحِيصَ لهم عنْ نُفوذِ مَشيئتِهِ وقُدرتِهِ فيهم)([9]).

[الحكيمُ العليمُ]:
(و[مِنْ ذلك] قولُهُ [تعالى]: {إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)} [الذاريات: 30] [حيث]... تَضَمَّنَ لإثباتِ صِفةِ الحكمةِ والعلْمِ اللذَيْنِ هما مَصْدَرُ الخلْقِ والأمرِ، فجميعُ ما خَلَقَهُ - سُبحانَهُ - صادرٌ عنْ عِلْمِهِ وحِكمتِهِ، وكذلكَ أَمْرُهُ وشَرْعُهُ مَصْدَرُهُ عنْ عِلْمِهِ وحِكمتِهِ.
والعلْمُ والحكمةُ مُتَضَمِّنَانِ لجميعِ صفاتِ الكمالِ، فالعلْمُ يَتَضَمَّنُ الحياةَ ولوازمَ كمالِها مِن القَيُّومِيَّةِ والقُدرةِ والبقاءِ والسمْعِ والبصرِ، وسائرِ الصِّفَاتِ التي يَستلزِمُها العلْمُ التامُّ.
والحكمةُ تَتضمَّنُ كمالَ الإرادةِ والعَدْلِ والرحمةِ والإحسانِ والجُودِ والبِرِّ ووَضْعِ الأشياءِ في [مَواضِعِها] على أَحسنِ وُجُوهِها، ويَتَضَمَّنُ إرسالَ [الرُّسُلِ] وإثباتَ الثوابِ والعقابِ.
كلُّ هذا العلْمِ مِن اسمِهِ ((الحكيمِ)) كما هيَ طريقةُ القرآنِ في الاستدلالِ على هذهِ المطالبِ العظيمةِ بصِفةِ الحكمةِ، والإنكارِ على مَنْ يَزعمُ أنَّهُ خَلَقَ الخلْقَ عَبَثاً وسُدًى وباطلاً. فحينئذٍ صِفةُ حِكمتِهِ تَتضمَّنُ الشرْعَ والقدَرَ والثوابَ والعقابَ)([10])

[فصلٌ]:
(وهو سُبحانَهُ يَقْرِنُ بينَ سَعةِ العلْمِ والرحمةِ كما يَقرِنُ بينَ العلْمِ والحِلْمِ:
- فمِن الأوَّلِ قولُهُ: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7].
- ومِن الثاني: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} [النساء: 12].
فما قُرِنَ شيءٌ إلى شيءٍ أَحسنُ مِنْ حِلْمٍ إلى عِلْمٍ، ومِنْ رَحمةٍ إلى عِلْمٍ.
وحَملةُ العرشِ أربعةٌ:
- اثنان يقولانِ: ((سُبْحَانَكَ اللهمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ , لَكَ الْحَمْدُ عَلَى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ)).
- واثنانِ يقولانِ: ((سُبْحَانَكَ اللهمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ , لَكَ الْحَمْدُ عَلَى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ)).
((فما كلُّ مَنْ قَدَرَ عَفَا، ولا كلُّ مَنْ عَفَا يَعفو عنْ قُدرةٍ، ولا كلُّ مَنْ عَلِمَ يكونُ حَلِيماً، ولا كلُّ حليمٍ عالمٌ))([11])
فاقترانُ العفوِ بالقُدرةِ كاقترانِ الحلْمِ والرحمةِ بالعلْمِ؛ لأنَّ العفوَ إِنَّمَا يَحْسُنُ عندَ القدرةِ؛ وكذلكَ الحلْمُ والرحمةُ إِنَّمَا يَحْسُنانِ معَ العِلْمِ) ([12]) .

[الْمَلِكُ الْحَقُّ]:
(قالَ [الله تعالى]: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)} [المؤمنون: 115] ثُمَّ نَـزَّهَ نفسَهُ عنْ هذا الْحِسبانِ الْمُضادِّ لحكمتِهِ وعِلْمِهِ وحَمْدِهِ فقالَ: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)} [المؤمنون: 116] وتَأَمَّلْ ما في هذينِ الاسمينِ، وهما الْمَلِكُ الحقُّ، مِنْ إبطالِ هذا الْحِسبانِ الذي ظَنَّهُ أعداؤُهُ؛ إذ هوَ مُنافٍ لكمالِ مُلْكِهِ ولكونِهِ الحقَّ، إذ ((الْمَلِكُ الْحَقُّ)) هوَ الذي يكونُ لهُ الأمرُ والنهيُ فيَتَصَرَّفُ في خَلْقِهِ بقولِهِ وأَمْرِهِ. وهذا هوَ الفرْقُ بينَ المَلِكِ والمالكِ؛ إذ المالكُ هوَ المتصَرِّفُ بفِعْلِهِ، والمَلِكُ هوَ المتصَرِّفُ بفِعلِهِ وأَمْرِهِ.
والربُّ تعالى مالكُ الْمُلْكِ فهوَ المتصَرِّفُ بفِعْلِهِ وأَمْرِهِ، فمَنْ ظَنَّ أنَّهُ خَلَقَ خَلْقَهُ عَبَثاً لم يَأْمُرْهُم ولم يَنْهَهُم، فقدْ طَعَنَ في مُلْكِهِ ولم يَقَْدِرْهُ حَقَّ قَدْرِهِ، كما قالَ تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 91] فمَنْ جَحَدَ شَرْعَ الله وأَمْرَهُ ونَهْيَهُ، وجَعَلَ الْخَلْقَ بِمَنـزلةِ الأنعامِ الْمُهْمَلَةِ، فقدْ طَعَنَ في مُلْكِ الله، ولم يَقْدِرْهُ حَقَّ قَدْرِهِ.
وكذلكَ كونُهُ تعالى إلهَ الخلْقِ يَقتضِي كمالَ ذَاتِهِ وصِفاتِهِ وأسمائِهِ، ووُقوعَ أفعالِهِ على أَكملِ الوُجوهِ وأَتَمِّهَا.
فكما أنَّ ذاتَهُ الحقُّ فَقَوْلُهُ الحقُّ، ووَعْدُهُ الحقُّ، وأمرُهُ الحقُّ، وأفعالُهُ كلُّها حَقٌّ، وجَزاؤُهُ المستلْزِمُ لشَرْعِهِ ودِينِهِ ولليومِ الآخِرِ حَقٌّ.
فمَنْ أَنْكَرَ شيئاً مِنْ ذلكَ فما وَصَفَ الله بأنَّهُ ((الحقُّ)) المطلَقُ مِنْ كلِّ وَجهٍ وبكلِّ اعتبارٍ، فكونُهُ حَقًّا يَستلزِمُ شَرْعَهُ ودِينَهُ وثَوابَهُ وعِقابَهُ. فكيفَ يُظَنُّ بالْمَلِكِ الحقِّ أن يَخْلُقَ خَلْقَهُ عبثاً؟! وأن يَتْرُكَهُم سُدًى لا يَأمرُهم ولا يَنهاهم، ولا يُثيبُهم ولا يُعاقِبُهم؟! كما قالَ تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)} [القيامة: 36] قالَ الشافعيُّ - رَحِمَهُ الله -: مُهْمَلاً لا يُؤْمَرُ ولا يُنْهَى. وقالَ غيرُهُ: لا يُجْزَى بالخيرِ والشرِّ، ولا يُثابُ ولا يُعاقَبُ.
والقولانِ مُتلازمانِ. فالشافعيُّ ذَكَرَ سببَ الجزاءِ والثوابِ والعِقابِ وهوَ الأمرُ والنهيُ، والآخرُ ذَكَرَ غايَةَ الأمرِ والنهيِ وهوَ الثوابُ والعقابُ)([13]) .

[لهُ الْمُلْكُ ولهُ الْحَمْدُ]:
[قالَ الله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)} [التغابن: 1] (فـ] قَرَنَ بينَ الْمُلْكِ والحمْدِ على عادتِهِ تعالى في كلامِهِ، فإنَّ اقترانَ أحدِهما بالآخَرِ لهُ كمالٌ زائدٌ على الكمالِ بِكُلِّ واحدٍ منهما، فلهُ كمالٌ مِنْ مُلْكِهِ، وكمالٌ مِنْ حَمْدِهِ، وكمالٌ مِن اقترانِ أحدِهما بالآخَرِ. فإنَّ الْمُلْكَ بلا حَمْدٍ نَقْصٌ، والحمدَ بلا مُلْكٍ يَستلزِمُ عَجْزاً، والحمدَ معَ الْمُلْكِ غايَةُ الكمالِ. ونَظيرُ هذا: العِزَّةُ والرحمةُ، والعفوُ والقُدرةُ، والغِنَى والكَرَمُ)([14]).
(و... المُلْكُ والحَمْدُ في حقِّهِ مُتلازمانِ، فكلُّ ما شَمِلَهُ مُلْكُهُ وقُدرتُهُ شَمِلَهُ حَمْدُهُ، فهوَ مَحمودٌ في مُلْكِهِ، ولهُ الْمُلْكُ والقُدرةُ معَ حَمْدِهِ، فكما يَستحيلُ خُروجُ شيءٍ مِن الموجوداتِ عنْ مُلْكِهِ وقُدرتِهِ، يَستحيلُ خُروجُها عنْ حَمْدِهِ وحِكمتِهِ، ولهذا يَحْمَدُ سبحانَهُ نفسَهُ عندَ خَلْقِهِ وأَمْرِهِ، ليُنَبِّهَ عِبادَهُ على أنَّ مَصدَرَ خَلْقِهِ وأَمْرِهِ عنْ حَمْدِهِ، فهوَ مَحمودٌ على كلِّ ما خَلَقَهُ وأَمَرَ بهِ، حمدَ شُكْرٍ وعُبودِيَّةٍ، وحَمْدَ ثَناءٍ ومَدْحٍ) ([15]) .

[الحيُّ القَيُّومُ]:
([اعْلَمْ] أنَّ لاسمِ ((الحيِّ القَيُّومِ)) تَأثيراً خاصًّا في إجابةِ الدعواتِ، وكَشْفِ الكُرُبَاتِ. وفي (السُّنَنِ) و (صحيحِ أبي حاتمٍ) مَرفوعاً: ((اسمُ الله الأعظمُ في هاتينِ الآيتينِ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} [البقرة: 163]، وفاتحةِ آلِ عِمرانَ: {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} [آل عمران: 1-2]))
قالَ التِّرمذيُّ: حديثٌ صحيحٌ ([16]) .
وفي (السُّنَنِ) و (صحيحِ ابنِ حِبَّانَ) أيضاً: مِنْ حديثِ أَنَسٍ أنَّ رَجُلاً دَعَا، فقالَ: اللهمَّ إني أسألُكَ بأنَّ لكَ الحمدَ، لا إلهَ إلاَّ أنتَ الْمَنَّانُ، بَديعُ السماواتِ والأرضِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، فقالَ النبيُّ صَلَّى الله عليهِ وسَلَّمَ: ((لَقَدْ دَعَا الله بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى)). ([17]) ولهذا كانَ النبيُّ صَلَّى الله عليهِ وسلَّمَ إذا اجتهَدَ في الدعاءِ قالَ: ((يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ)) ([18]) ([19]) .
(فإنَّ صِفةَ الحياةِ مُتَضَمِّنَةٌ لجميعِ صِفاتِ الكمالِ، مُستلزِمَةٌ لها، وصِفةَ القيوميَّةِ مُتَضَمِّنَةٌ لجميعِ صِفاتِ الأفعالِ، ولهذا كانَ اسمُ الله الأعظمُ الذي إذا دُعِيَ بهِ أَجابَ، وإذا سُئِلَ بهِ أَعْطَى: هوَ اسمَ ((الحيِّ الْقَيُّومِ))، والحياةُ التامَّةُ تُضَادُّ جَميعَ الأسقامِ والآلامِ، ولهذا لَمَّا كَمُلَتْ حياةُ أهلِ الجنَّةِ لم يَلْحَقْهُم هَمٌّ ولا غَمٌّ ولا حُزْنٌ ولا شيءٌ مِن الآفاتِ. ونُقصانُ الحياةِ تَضُرُّ بالأفعالِ، وتُنافِي القَيُّومِيَّةَ.
فكَمالُ القَيُّومِيَّةِ لكمالِ الحياةِ، فالحيُّ المطلَقُ التامُّ الحياةِ لا تَفوتُهُ صِفةُ الكمالِ الْبَتَّةَ، والقَيُّومُ لا يَتَعَذَّرُ عليهِ فِعْلٌ مُمْكِنٌ الْبَتَّةَ، فالتوَسُّلُ بصفةِ الحياةِ والقيومِيَّةِ لهُ تأثيرٌ في إزالةِ ما يُضَادُّ الحياةَ، ويَضُرُّ بالأفعالِ.
ونظيرُ هذا تَوَسُّلُ النبيِّ صَلَّى الله عليهِ وسَلَّمَ إلى رَبِّهِ برُبوبيَّتِهِ لجبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ أن يَهْدِيَهُ لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِن الحقِّ بإِذنِهِ، فإنَّ حياةَ القلبِ بالهدايَةِ، وقدْ وَكَّلَ الله سبحانَهُ هؤلاءِ الأملاكَ الثلاثةَ بالحياةِ: فجبريلُ مُوَكَّلٌ بالوحيِ الذي هوَ حياةُ القلوبِ، ومِيكائيلُ بالقَطْرِ الذي هوَ حياةُ الأبدانِ والحيوانِ، وإسرافيلُ بالنفخِ في الصُّورِ الذي هوَ سببُ حياةِ العالمِ وعَودِ الأرواحِ إلى أجسادِها.
فالتوَسُّلُ إليهِ سبحانَهُ بربوبيَّةِ هذهِ الأرواحِ العظيمةِ الموَكَّلَةِ بالحياةِ، لهُ تأثيرٌ في حُصولِ المطلوبِ)([20]).
(و[كذلك]... قولُ الداعِي: ((يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بَرحمتِكَ أَستغيثُ)) ([21])... ولهذا كانَ هذا الدعاءُ مِنْ أَدعيَةِ الكَرْبِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِن التوحيدِ والاستغاثةِ برَحمةِ أَرحمِ الراحمينَ مُتَوَسِّلاً إليهِ باسمينَ عليهما مَدارُ الأسماءِ الْحُسْنَى كلِّها , وإليهما مَرْجِعُ مَعانيها جميعِها , وهوَ اسمُ الحيِّ القَيُّومِ:
- فإنَّ الحياةَ مُستلزِمَةٌ لجميعِ صِفاتِ الكمالِ، ولا يَتخلَّفُ عنها صِفةٌ منها إلاَّ لضَعْفِ الحياةِ. فإذا كانتْ حياتُهُ تعالى أَكملَ حَياةٍ وأَتَمَّها استَلْزَمَ إثباتُها إثباتَ كلِّ كمالٍ يُضَادُّ نَفْيَ كمالِ الحياةِ...
- وأمَّا ((القَيُّومُ)) فهوَ مُتَضَمِّنٌ كمالَ غِناهُ وكمالَ قُدرتِهِ، فإنَّهُ القائمُ بنفسِهِ لا يَحتاجُ إلى مَنْ يُقيمُهُ بوَجهٍ مِن الوجوهِ، وهذا مِنْ كمالِ غِناهُ بنفسِهِ عما سِواهُ , وهوَ المقيمُ لغيرِهِ فلا قِيامَ لغيرِهِ إلاَّ بإقامتِهِ، وهذا مِنْ كمالِ قُدرتِهِ وعِزَّتِهِ.
فانْتَظَمَ هذانِ الاسمانِ صِفاتِ الكمالِ والغِنَى التامِّ، فكأنَّ المستغيثَ بهما مُستغيـثٌ بكلِّ اسمٍ مِنْ أسماءِ الربِّ تعالى، وبكلِّ صفةٍ مِنْ صفاتِهِ، فما أَوْلَى الاستغاثةِ بهذينِ الاسمينِ أنْ يَكُونَا في مَظِنَّةِ تفريجِ الكُرُباتِ وإغاثةِ اللهفاتِ وإنالةِ الطَّلِباتِ)([22]).
ولهُ الحياةُ كمالُها فلأَجْلِ ذا = ما للمماتِ عليهِ مِنْ سُلطانِ
وكذلكَ القَيُّومُ مِنْ أَوْصَافِهِ = ما للمنامِ لَدَيْهِ مِنْ غَشَيانِ
وكذاكَ أَوصافُ الكمالِ جَمِيعُها = ثَبَتَتْ لهُ ومَدارُها الوَصفانِ
فمُصَحِّحُ الأوصافِ والأفعالِ والْـ = أسماءِ حَقًّا ذانِكَ الوَصفانِ
ولأجْلِ ذا جاءَ الحديثُ بأَنَّهُ = في آيَةِ الكُرْسِيْ وذي عِمرانِ
اسمُ الإلهِ الأعظمُ اشْتَمَلا على اسْـ = ـمِ الحيِّ والقيُّومِ مُقترنانِ
فالكلُّ مَرْجِعُها إلى الاسمينِ يدْ = رِي ذاكَ ذو بَصَرٍ بهذا الشانِ)([23])

[العليُّ العظيمُ]:
(قدْ شَرَعَ الله - سُبحانَهُ - لعِبادِهِ ذِكْرَ هذينِ الاسمينِ: العليِّ العظيمِ في الركوعِ والسجودِ كما ثَبَتَ في الصحيحِ أنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)} [الواقعة: 74] قالَ النبيُّ صَلَّى الله عليهِ وسَلَّمَ: ((اجْعَلُوها في رُكوعِكُم))، فلَمَّا نَـزَلَتْ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1]، قالَ: ((اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ)). ([24])
وهوَ سُبحانَهُ كثيراً ما يَقْرِنُ في وَصْفِهِ بينَ هذينِ الاسمينِ كقولِهِ: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)} [البقرة: 255]، وقولِهِ:[أين الآية؟] [الحج: 62]، وقولِهِ: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)} [الرعد: 9] يُثْبِتُ بذلكَ عُلُوَّهُ على المخلوقاتِ وعَظَمَتَهُ، فالعُلُوُّ رِفعتُهُ، والعظمةُ عَظمةُ قَدْرِهِ ذَاتاً ووَصْفاً)([25]).

[الحميدُ المجيدُ]:
( ((الحميدُ)) فعيلٌ مِن الحمْدِ وهوَ بمعنَى مَحمودٍ... الذي لهُ مِن الصِّفَاتِ وأسبابِ الحمدِ ما يَقتضِي أن يكونَ مَحْمُوداً...
والحمدُ والمجْدُ إليهما يَرجعُ الكمالُ كُلُّهُ؛ فإنَّ الحمدَ يَستلزِمُ الثناءَ والمحَبَّةَ للمحمودِ، فمَنْ أَحْبَبْتَهُ ولم تُثْنِ عليهِ لم تكنْ حَامِداً لهُ، وكذا مَنْ أَثنيتَ عليهِ لغَرَضٍ ما ولم تُحِبَّهُ لم تكنْ حامداً لهُ حتَّى تكونَ مُثْنِياً.
وهذا الثناءُ والحُبُّ تَبَعٌ للأسبابِ المُقْتَضِيَةِ لهُ، وهوَ ما عليهِ المحمودُ مِنْ صفاتِ الكمالِ ونعوتِ الجلالِ والإحسانِ إلى الغيرِ، فإنَّ هذهِ هيَ أسبابُ الْمَحَبَّةِ، وكلَّمَا كانتْ هذهِ الصِّفَاتُ أَجمَعَ وأَكْمَلَ كانَ الحمْدُ والحُبُّ أَتَمَّ وأَعظمَ، والله سُبحانَهُ لهُ الكمالُ الْمُطْلَقُ الذي لا نَقْصَ فيهِ بوَجهٍ ما، والإحسانُ كلُّهُ لهُ ومنهُ، فهوَ أَحَقُّ بكلِّ حَمْدٍ، وبكلِّ حُبٍّ مِنْ كلِّ جِهةٍ. فهوَ أَهْلٌ أن يُحَبَّ لذاتِهِ ولصفاتِهِ ولأفعالِهِ ولأسمائِهِ ولإحسانِهِ ولكلِّ ما صَدَرَ منهُ سُبحانَهُ.
وأمَّا الْمَجْدُ فهوَ مُستلزِمٌ للعَظمةِ والسَّعَةِ والجلالِ كما يَدُلُّ عليهِ مَوضوعُهُ في اللغةِ، فهوَ دالٌّ على صفاتِ العظمةِ والجلالِ، والحمْدُ يَدُلُّ على صِفاتِ الإكرامِ، والله سُبحانَهُ ذو الجلالِ والإكرامِ، وهذا معنى قولِ العبدِ: (لا إلهَ إلاَّ الله والله أَكبرُ) فلا إلهَ إلاَّ الله دالٌّ على أُلوهيَّتِهِ وتَفَرُّدِهِ فيها، فأُلوهِيَّتُهُ تَستلزِمُ مَحَبَّتَهُ التامَّةَ (والله أَكبرُ) دَالٌّ على مَجْدِهِ وعَظمتِهِ، وذلكَ يَستلزِمُ تَمجيدَهُ وتَعظيمَهُ وتَكبيرَهُ.
ولهذا يَقْرِنُ سبحانَهُ بينَ هذينِ النوعينِ في القرآنِ كثيراً كقولِهِ: {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73)} [هود: 73] وقولِهِ سُبحانَهُ: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)} [الإسراء: 111] فأَمَرَ بحَمْدِهِ وتَكبيرِهِ. وقالَ تعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)} [الرحمن: 78] وقالَ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن: 27]. وفي المسنَدِ وصحيحِ أبي حاتمٍ وغيرِهِ، مِنْ حديثِ أَنَسٍ عن النبيِّ صَلَّى الله عليهِ وسَلَّمَ أنَّهُ قالَ: ((أَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)). ([26]) يَعْنِي الْزَمُوها وتَعَلَّقُوا بها.
فالجلالُ والإكرامُ هوَ الحمْدُ والمجْدُ. ونظيرُ هذا قولُهُ: {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)} [النمل: 40] وقولُهُ: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)} [النساء: 149] وقولُهُ: {وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)}[الممتحنة: 7] وقولُهُ: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)} [البروج14-15] وهوَ كثيرٌ في القرآنِ.
وفي الحديثِ الصحيحِ ؛ حديثِ دُعاءِ الكَرْبِ: ((لا إِلَهَ إِلاَّ الله الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لا إِلَهَ إِلاَّ الله رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ، لا إِلَهَ إِلاَّ الله رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ)) ([27]).
فذِكْرُ هذينِ الاسمينِ ((الحميدِ المجيدِ)) عَقِيبَ الصلاةِ على النبيِّ صَلَّى الله عليهِ وسَلَّمَ وعلى آلِهِ مُطابِقٌ لقولِهِ: (رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).
ولَمَّا كانت الصلاةُ على النبيِّ صَلَّى الله عليهِ وسَلَّمَ وهيَ ثناءُ الله تعالى عليهِ وتَكريمُهُ والتنويهُ بهِ ورَفْعُ ذِكْرِهِ وزيادةُ حُبِّهِ وتَقريبُهُ كما تَقَدَّمَ، كانتْ مُشتَمِلَةً على الحمْدِ والمجْدِ. فكأنَّ المصَلِّيَ طَلَبَ مِن الله تعالى أن يَزيدَ في حَمْدِهِ ومَجْدِهِ؛ فإنَّ الصلاةَ عليهِ هيَ نوعُ حَمْدٍ لهُ وتَمجيدٍ، هذا حقيقتُها، فذَكَرَ في هذا المطلوبِ الاسمينِ المناسبَيْنِ لهُ وهما اسما ((الحميدِ)) و ((المجيدِ)) وهذا كما تَقَدَّمَ أنَّ الداعيَ يُشْرَعُ لهُ أن يَخْتِمَ دُعاءَهُ باسمٍ مِن الأسماءِ الْحُسْنَى يُناسِبُ لمطلوبِهِ أوْ يَفْتَتِحَ دُعاءَهُ بهِ. وتَقَدَّمَ أنَّ هذا مِنْ قولِهِ: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] قالَ سُليمانُ عليهِ السلامُ في دُعائِهِ لرَبِّهِ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)} [ص: 35]، وقالَ الخليلُ وابنُهُ إسماعيلُ في دُعائِهِمَا: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)} [البقرة: 128] وكان النبيُّ صَلَّى الله عليهِ وسَلَّمَ يقولُ: ((رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ)). مائةَ مَرَّةٍ في مَجْلِسِهِ ([28])، وقالَ لعائشةَ رَضِيَ الله عنها وقدْ سَألَتْهُ: إن وافَقْتُ ليلةَ القَدْرِ ما أَدْعُو بهِ؟ قالَ: ((قُولِي: اللهمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي)) ([29]) وقالَ للصِّدِّيقِ - رَضِيَ الله عنهُ - وقدْ سألَهُ أن يُعَلِّمَهُ دُعاءً يَدْعُو بهِ في صَلاتِهِ قُل: ((اللهمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) ([30])؛ وهذا كثيرٌ قدْ ذَكرناهُ في كتابِ الرُّوحِ والنَّفْسِ...
فلَمَّا كانَ المطلوبَ للرسولِ صَلَّى الله عليهِ وسَلَّمَ حَمْدٌ ومَجْدٌ بصلاةِ الله عليهِ ختَمَ هذا السؤالَ باسْمَيِ ((الحميدِ)) و ((المجيدِ)).
وأيضاً فإنَّهُ لَمَّا كانَ المطلوبَ للرسولِ حَمْدٌ ومَجْدٌ، وكان ذلكَ حاصلاً لهُ خَتَمَ ذلكَ بالإخبارِ عنْ ثُبوتِ ذَيْنِكَ الوصفينِ للربِّ بطريقِ الأَوْلَى. وكلُّ كمالٍ في العبدِ غيرِ مُستلزِمٍ للنقْصِ فالربُّ أَحَقُّ بهِ.
وأيضاً فإنَّهُ لَمَّا طُلِبَ للرسولِ حَمْدٌ ومَجْدٌ بالصلاةِ عليهِ، وذلكَ يَستلزِمُ الثناءَ على مُرْسِلِهِ بالحمدِ والْمَجْدِ، ليكونَ هذا الدعاءُ مُتَضَمِّناً لطَلَبِ الحمْدِ والمجْدِ لرسولِ الله صَلَّى
الله عليهِ وسَلَّمَ، والإخبارِ عنْ ثُبوتِهِ للربِّ سبحانَهُ وتعالى)([31]).

[الغفورُ الوَدودُ]:
( ((الوَدودُ)) مِنْ أسماءِ الربِّ تعالى، وفيهِ قولانِ:
- أحدُهما: أنَّهُ الْمَودودُ. قالَ البخاريُّ رَحِمَهُ الله في صَحيحِهِ: “ الوَدودُ: الحبيبُ “.
- والثاني: أنَّهُ الوادُّ لعِبادِهِ. أي: الْمُحِبُّ لهم.
وقَرَنَهُ باسمِهِ ((الغفورِ)) إعلاماً بأنَّهُ يَغْفِرُ الذنْبَ، ويُحِبُّ التائبَ منهُ ويَوَدُّهُ...
وعلى القولِ الأَوَّلِ: ((الوَدودُ)) في معنى [المودودِ]، يكونُ سِرُّ الاقترانِ – أي: اقترانِ ((الودودِ)) بـ ((الغفورِ)) استدعاءَ مَوَدَّةِ العِبادِ لهُ ومَحَبَّتِهِم إيَّاهُ باسمِ ((الغفورِ)))([32]).

[الغفورُ الرحيمُ]:
([تَضَمَّنَ هذانِ الاسمانِ] صفتينِ تَقتضيانِ غايَةَ الإحسانِ إلى خَلْقِهِ وهما الرحمةُ والمغفرةُ، فيَجْلُبُ لهم الإحسانَ والنفْعَ على أَتَمِّ الوُجوهِ برحمتِهِ، ويَعفو عنْ زَلَّتِهم ويَهَبُ لهم ذنوبَهم ولا يُؤاخِذُهم بها بِمَغفرتِه)([33])، (ومِنْ هنا يُعْلَمُ حكمةُ اقترانِ اسمِهِ ((الغفورِ)) باسمِهِ ((الرحيمِ)) في عامَّةِ القرآنِ)([34]).

[الرزاقُ ذو القوَّةِ المتينُ]:
(وقالَ تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)} [الملك: 20-21] فجَمَعَ سبحانَهُ بينَ النصْرِ والرزْقِ؛ فإنَّ العبدَ مُضْطَرٌّ إلى مَنْ يَدفعُ عنهُ عَدُوَّهُ بنَصْرِهِ، ويَجْلُبُ لهُ مَنافِعَهُ برِزْقِهِ، فلا بُدَّ لهُ مِنْ ناصرٍ ورازقٍ. والله وَحْدَهُ هوَ الذي يَنْصُرُ ويَرزقُ؛ فهوَ الرزاقُ ذو القوَّةِ الْمَتينُ.
ومِنْ كمالِ فِطنةِ العبدِ ومَعرفتِهِ: أن يَعلمَ أنَّهُ إذا مَسَّهُ الله بسوءٍ لم يَرْفَعْهُ عنهُ غيرُهُ، وإذا نالَهُ بنِعمةٍ لم يَرزُقْهُ إيَّاها سِواهُ.
ويُذكَرُ أنَّ الله تعالى أَوْحَى إلى بعضِ أنبيائِهِ: (أَدْرِكْ لي لَطيفَ الفِطنةِ وخَفِيَّ اللُّطْفِ، فإني أُحِبُّ ذلكَ. قال: يا رَبِّ وما لَطيفُ الفِطْنَةِ؟ قالَ: إن وَقَعَتْ عليكَ ذُبابةٌ فاعْلَمْ أَنِّي أنا أَوْقَعْتُها فاسْأَلْنِي أَرْفَعْها. قالَ: وما خَفِيُّ اللُّطْفِ؟ قالَ: إذا أَتَتْكَ حَبَّةٌ فاعْلَمْ أنِّي أنا ذَكَرْتُكَ بِهَا)، وقدْ قالَ تعالى عن السحَرَةِ: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102] فهوَ سُبحانَهُ وَحْدَهُ الذي يَكْفِي عَبدَهُ ويَنْصُرُهُ ويَرزقُهُ ويَكْلَؤُهُ)([35]).

[الجليلُ الجميلُ، ذو الجلالِ والإكرامِ]:
(لا رَيبَ أنَّ الحُبَّ والأُنْسَ الْمُجَرَّدَ عن الإجلالِ والتعظيمِ يَبْسُطُ النفْسَ، ويَحْمِلُها على بعضِ الدَّعَاوي والرُّعوناتِ والأمانِيِّ الباطلةِ وإساءةِ الأدَبِ والجِنايَةِ على حَقِّ الْمَحَبَّةِ. فإذا قارَنَ المحبَّةَ مَهابةُ المحبوبِ وإجلالُهُ وتعظيمُهُ وشُهودُ عِزِّ جَلالِهِ وعظيمِ سُلطانِهِ، انْكَسَرَتْ نفسُهُ لهُ وذَلَّتْ لعَظمتِهِ واستكانَتْ لعِزَّتِهِ وتَصاغَرَتْ لِجَلالِهِ وصَفَتْ مِنْ رُعوناتِ النفْسِ وحَماقاتِها ودَعاوِيهَا الباطلةِ وأمانِيِّهَا الكاذبةِ.
ولهذا في الحديثِ يقولُ الله عَزَّ وجَلَّ: ((أينَ المُتَحَابُّون بِجَلالِي؟ اليومَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي يومَ لا ظِلَّ إلاَّ ظِلِّي)) ([36])، فقالَ: ((أَيْنَ المُتَحَابُّونَ بِجَلالِي)) فهوَ حُبٌّ بجلالِهِ سُبحانَهُ وتعظيمِهِ ومَهابتِهِ، ليسَ حُبًّا لمُجَرَّدِ جمالِهِ، فإنَّهُ سُبحانَهُ ((الجليلُ الجميلُ))، والحبُّ الناشئُ عنْ شُهودِ هذينِ الوصفينِ هوَ الْحُبُّ النافعُ الموجِبُ لكونِهم في ظِلِّ عَرْشِهِ يومَ القِيامةِ.
فشهودُ الجلالِ وحدَهُ يُوجِبُ خَوْفاً وخَشيَةً وانْكِسَاراً، وشهودُ الجمالِ وحدَهُ يُوجِبُ حُبًّا بانبساطٍ وإدلالٍ ورُعونةٍ، وشهودُ الوَصْفَيْنِ معاً يُوجِبُ حُبًّا مَقروناً بتعظيمٍ
وإجلالٍ ومهابةٍ، وهذا هوَ غايَةُ كمالِ العبدِ. والله أَعلمُ)([37])

[الضارُّ النافعُ]:
([مِن] أسمائِهِ تعالى... الضارُّ النافعُ)([38]) ([وهو] مِنْ... الأسماءِ المزدوجةِ كالمُعِزِّ المذِلِّ، والخافضِ الرافعِ، والقابضِ الباسطِ، والْمُعْطِي المانعِ)([39]) .
(و[ذلك] إعلاماً بأنَّ الضررَ والنفْعَ بيدِ الله عزَّ وجَلَّ، فإن شاءَ أن يَضُرَّ عَبْدَهُ ضَرَّهُ، وإن شاءَ أن يَصْرِفَ عنهُ الضُّرَّ صَرَفَهُ، بلْ إن شاءَ أن يَنفعَهُ بما هوَ مِنْ أسبابِ الضَّرَرِ، ويَضُرَّهُ بما هوَ مِنْ أسبابِ النفْعِ فَعَلَ؛ لِيَتَبَيَّنَ العِبادُ أنَّهُ وَحْدَهُ الضارُّ النافعُ، وأنَّ أسبابَ الضُّرِّ والنفْعِ بيَدَيْهِ، وهوَ الذي جَعَلَها أَسباباً، وإن [شاءَ] خَلَعَ منها سَبَبِيَّتَها، وإن شاءَ جَعَلَ ما تَقتضيهِ بخِلافِ المعهودِ منها، ليُعْلَمَ أنَّهُ الفاعلُ المختارُ، وأنَّهُ لا يَضُرُّ شيءٌ ولا يَنفعُ إلاَّ بإذنِهِ، وأنَّ التوَكُّلَ عليهِ والثقَةَ بهِ تُحيلُ الأسبابَ المكروهةَ إلى خِلافِ مُوجَبَاتِها، وتَتبيَّنُ مَرْتَبَتُها، وأنَّها مَحالُّ لِمَجَارِي مَشيئةِ الله وحِكمتِهِ، وأنَّهُ سُبحانَهُ هوَ الذي يَضُرُّ بها ويَنفعُ، ليسَ إليها ولا لها مِن الأمرِ شيءٌ وأنَّ الأمرَ كلَّهُ للهِ)([40])
).[المرتبع الأسنى: ؟؟]


(1) بَدائِعُ الفوائدِ (1/ 161).
(2) مَدارِجُ السَّالكِينَ (1/ 58).
(3) بَدائِعُ الفوائدِ (1/ 161)
(4) هكذا في الأصلِ، ولعلَّ المرادَ من قولِ اللهِ تعالَى: {فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [سورةُ النساءِ: 149]، فانتَقَلَ ذِهنُ المؤلِّفِ أو الناسخِ إلى هذه الآيةِ.
([5]) مَدارِجُ السَّالكِينَ (1/ 59).
([6]) بَدائِعُ الفوائدِ (1/ 161).
([7]) بَدائِعُ الفوائدِ (2/ 247-249).
([8]) الصَّواعِقُ المُرْسَلَةُ (2/ 491-492).
([9]) مِفْتَاحُ دَارِ السَّعادةِ (2/ 485).
([10]) الرِّسَالَةُ التَّبُوكِيَّةُ (80-81).
([11]) مَدارِجُ السَّالكِينَ (1/ 60).
([12]) بَدائِعُ الفوائدِ (1/ 80).
([13]) بَدائِعُ الفوائدِ (4/ 165).
([14]) بَدائِعُ الفوائدِ (1/ 79-80).
([15]) طَرِيقُ الهِجرتَيَنِ (129).
([16]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (27064)، والتِّرْمِذِيُّ في كتابِ الدَّعواتِ / بابُ (65)، الحديثُ رَقْمُ (3478)، وأبو داودَ في كتابِ الصلاةِ / بابُ الدعاءِ (1496)، وابْنُ مَاجَهْ في كتابِ الدعاءِ / بابُ اسمِ اللهِ الأعظَمِ (3855) من حديثِ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، عن أسماءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضيَ اللهُ عنها.
([17]) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 137.
([18]) رواهُ التِّرْمِذِيُّ في كتابِ الدَّعَواتِ / بابُ ما جاءَ ما يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ (3436) من طريقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ المُفَضَّلِ (وهو ضعيفٌ) عن سعيدٍ المَقْبُرِيِّ، عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه.
([19]) زَادُ المَعادِ (4/ 206).
([20]) زَادُ المَعادِ (4/ 204).
(21) أخرجَهُ التِّرْمِذِيُّ في كتابِ الدَّعَواتِ/ بابُ (92) برَقْمِ (3522) من حديثِ الرُّجَيْلِ بنِ مُعاوِيَةَ، عن يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه، قالَ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ إذا كَرَبَهُ أمرٌ قالَ: ((يا حَيُّ، يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ)).
وأخرجَهُ الحاكمُ في المُسْتَدْرَكِ (1/ 689) من حديثِ القاسمِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيه، عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ إذا نَزَلَ به هَمٌّ أو غَمٌّ قال: ((يَا حَيُّ، يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ)). قال الحاكِمُ: هذا حديثٌ صَحِيحُ الإسنادِ ولم يُخْرِجَاهُ.
([22]) بَدائِعُ الفوائدِ (2/ 184).
وقال -رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى- في كتابِ الصَّواعِقِ المُرسلَةِ (911 - 912): وكان اسمُ اللهِ الأعظَمُ في هاتينِ الآيتينِ آيَةِ الكُرْسِيِّ، وفَاتِحَةِ آلِ عِمْرَانَ لاشتمالِها على صفةِ الحياةِ المُصحِّحَةِ لجميعِ الصفاتِ، وصفةِ القيُّومِيَّةِ المُتضمِّنَةِ لجميعِ الأفعالِ؛ ولهذا كانت سيِّدَةَ آيِ القرآنِ وأَفْضَلَهَا).
([23]) القصيدةُ النونيةُ (65).
وقال -رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى- في القصيدةِ النونيةِ (248):
هَذَا وَمِنْ أَوْصَافِهِ الْقَيُّومُ والْـ = قَيُّومُ مِنْ أَوْصَافِهِ أَمْرَانِ
إِحْدَاهُمَا الْقَيُّومُ قَامَ بِنَفْسِهِ = وَالْكَوْنُ قَامَ بِهِ هُمَا الأَمْرَانِ
فَالأَوَّلُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ غَيْرِهِ = وَالْفَقْرُ مِنْ كُلٍّ إِلَيْهِ الثَّانِي
وَالْوَصْفُ بِالْقَيُّومِ ذُو شَأْنٍ عَظِيمٍ هَكَذَا = مَوْصُوفُهُ أَيْضًا عَظِيمُ الشَّانِ
وَالْحَيُّ يَتْلُوهُ فَأَوْصَافُ الْكَمَا = لِ هُمَا لأُفْقِ سَمائِهَا قُطْبَانِ
فَالْحَيُّ وَالْقَيُّومُ لَنْ تَتَخَلَّفَ الْـ = أَوْصَافُ أَصْلاً عَنْهُمَا بِبَيَانِ)
[/poem]

([24]) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 227.
([25]) الصَّواعِقُ المُرْسَلَةُ (4/ 1364-1365).
([26]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (17143) من حديثِ ربيعةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ورجالُه ثقاتٌ. ورَواه التِّرْمِذِيُّ في كتابِ الدَّعَواتِ / بابُ (92) الحديثُ رَقْمُ (3524،3525) من حديثِ أنسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه. ثم قالَ: " هذا حديثٌ غريبٌ وليس بمحفوظٍ، وإنما يُروَى هذا عن حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عن حُمَيْدٍ، عن الحسنِ، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، وهذا أصحُّ، ومُؤَمِّلٌ غَلَطَ فيه، فقال: عن حمادٍ، عن حُمَيْدٍ، عن أنسٍ، ولا يُتابَعْ فيهِ " اهـ.
([27]) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 114.
([28]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (4712)، والتِّرْمِذِيُّ في كتابِ الدَّعَوَاتِ / بابُ ما يقولُ إذا قامَ من المَجلِسِ (3434)، وأبو داودَ في كتابِ الصلاةِ / بابٌ في الاستغفارِ (1516)، وابْنُ مَاجَهْ في كتابِ الأدبِ / بابُ الاستغفارِ (3814) من طُرقٍ عن مالكِ بنِ مِغْوَلٍ، عن مُحَمَّدِ بنِ سُوقَةَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهُما.
([29]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (24856،24967،24969،24977،25213،25683)، والتِّرْمِذِيُّ في كتابِ الدَّعَواتِ / بابُ (84)، الحديثُ رقْمُ (3513)، وقالَ: هذا حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وابْنُ مَاجَهْ في كتابِ الدعاءِ / بابُ الدعاءِ بالعفوِ والعافيةِ (3850) من حديثِ عَائِشَةَ رضيَ اللهُ عنها.
([30]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (8)، والبُخَارِيُّ في كتابِ صِفَةِ الصلاةِ / بابُ الدعاءِ قبلَ السلامِ (834)، ومسلمٌ في كتابِ الذِّكرِ والدعاءِ / بابُ استحبابِ خَفْضِ الصوتِ بالذكرِ (6809)، والتِّرْمِذِيُّ في كتابِ الدَّعَواتِ / بابُ (97)، الحديثُ (3531)، والنَّسَائِيُّ في كتابِ السهْوِ / بابُ نوعٍ آخَرَ مِنَ الدعاءِ (1301)، وابْنُ مَاجَهْ في كتابِ الدعاءِ / بابُ دعاءِ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ.
([31]) جلاءُ الأفهامِ (164-167).
([32]) مَدارِجُ السَّالكِينَ (3/ 29).
([33]) بَدائِعُ الفوائدِ (1/ 80).
([34]) بَدائِعُ الفوائدِ (2/ 178).
([35]) إغاثةُ اللهفانِ (1/ 54).
([36]) رواه الإمامُ مالكٌ في كتابِ الشَّعْرِ / بابُ ما جَاءَ في المُتحابِّينَ في اللهِ، والإمامُ أحمدُ (7190،8250،8614)، ومسلمٌ في كتابِ البِرِّ والصِّلَةِ / بابُ فَضلِ الحُبِّ في اللهِ (6494) من حديثِ عبدِ الرحمنِ بنِ مَعْمَرٍ، عن سعيدِ بنِ يَسارٍ، عن أبي هُريرةَ رضيَ اللهُ عنه.
([37]) طَرِيقُ الهِجرتَيَنِ (300).
([38]) بَدائِعُ الفوائدِ (1/ 167).
([39]) شِفَاءُ العَلِيلِ (2/ 151).
([40]) مفتاحُ دارِ السَّعادةِ (3/ 386).


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة