العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 07:30 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة التين [ من الآية (1) إلى آخر السورة ]

{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}
روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الناسخ والمنسوخ الآية رقم (8)
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:25 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني ابن زيد عن أبيه قال: {والتين}، مسجد دمشق، {والزيتون}، مسجد إيلياء، {وطور سنين}؛ مسجد الطور، {وهذا البلد الأمين}؛ قال: مسجد الحرام). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 162-163]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {والتين}؛ قال: الجبل الذي عليه دمشق والزيتون الذي عليه بيت المقدس وطور سينين جبل بالشام جبل مبارك حسن). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 382]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر: قال الكلبي: هو التين والزيتون: اللذان تأكلون، وأما طور سنين: فهو الجبل ذو الشجر). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 382]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: " هو التّين والزّيتون الّذي يأكل النّاس). [صحيح البخاري: 6 / 172]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقَالَ مُجَاهِدٌ: هُو التينُ والزيتونُ الذي يَأْكُلُ النَّاسُ، وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ من طَرِيقِ مُجَاهِدٍ في قَولِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: الفاكهةُ التي تَأْكُلُ النَّاسُ، {وَطُورِ سِينِينَ}، الطورُ: الجبلُ، وسِينِينَ: المُبَارَكُ.
- وأَخرَجَهُ الحَاكِمُ من وجهٍ آخَرَ عنِ ابنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ، وأَخرَجَهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ من طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. ومِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: التينُ: مَسْجِدُ نُوحٍ الذي بُنِيَ على الجُودِيِّ. ومِن طريقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: التينُ: جَبَلٌ عليه التينُ، والزيتونُ: جَبَلٌ عليه الزيتونُ. ومِن طريقِ قَتَادَةَ: الجَبَلُ الذي عليه دِمَشْقُ. ومِن طريقِ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ. قَالَ: مَسْجِدُ أصحابِ الكهفِ، والزيتونُ مَسْجِدُ إِيلِيَاءَ. ومِن طريقِ قَتَادَةَ: جبلٌ عليه بيتُ المَقْدِسِ). [فتح الباري: 8 / 713]

- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال مجاهد: {والتين والزّيتون}؛ الّذي يأكل النّاس.
قال الفريابيّ ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {والتين والزّيتون}؛ قال: الفاكهة الّتي يأكل النّاس {وطور سينين}؛ قال: الطّور الجبل وسينين المبارك). [تغليق التعليق: 4 / 373]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الَّذِي يَأْكُلُ النَّاسُ.
رَوَاهُ عَنْهُ، عَنْ شَبَابَةَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ قَالَ: التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الْفَاكِهَةُ الَّتِي يَأْكُلُ النَّاسُ، وَعَنْ قَتَادَةَ: التِّينُ الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ دِمَشْقُ وَالزَّيْتُونُ الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ). [عمدة القاري: 19/ 301-302]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ مُجَاهِدٌ فيما وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ: هو التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الَّذِي يَأْكُلُ النَّاسُ وَخَصَّهُمَا بِالْقَسَمِ؛ لأنَّ التِّينَ فَاكِهَةٌ طَيِّبَةٌ لا فَضْلَ لَهَا، وَغِذَاءٌ لَطِيفٌ سَرِيعُ الْهَضْمِ، وَدَوَاءٌ كَثِيرُ النَّفْعِ؛ لأنَّهُ يُلَيِّنُ الطَّبْعَ وَيُحَلِّلُ الْبَلْغَمَ وَيُطَهِّرُ الْكُلْيَتَيْنِ، وَيُزِيلُ رَمْلَ الْمَثَانَةِ، وَيَفْتَحُ سُدَّةَ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ، وَيُسَمِّنُ الْبَدَنَ، وَيَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ، وَيَنْفَعُ مِنَ النِّقْرِسِ، وَيُشْبِهُ فَوَاكِهَ الْجَنَّةِ؛ لأنه بِلا عَجْمٍ، ولا يَمْكُثُ في الْمَعِدَةِ، وَيَخْرُجُ بِطَرِيقِ الرَّشَحِ، وأمَّا الزَّيْتُونُ ففاكهةٌ وإدامٌ ودواءٌ وله دُهْنٌ لَطِيفٌ كَثِيرُ الْمَنَافِعِ، وَيَنْبُتُ في الجبالِ الَّتِي ليست فيها دُهْنِيَّةٌ، فلَمَّا كَانَ فيهما هذه الْمَنَافِعُ الدَّالَّةُ على قُدْرَةِ خَالِقِهِمَا؛ لا جَرَمَ أَقْسَمَ اللَّهُ بهما. وعن ابْنِ عَبَّاسٍ فيما رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: التِّينُ: مَسْجِدُ نُوحٍ الَّذِي بُنِيَ على الْجُودِيِّ وقِيلَ: التِّينُ: مَسْجِدُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَالزَّيْتُونُ مَسْجِدُ إِيلِيَاءَ). [إرشاد الساري: 7/ 424-425]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (اخْتَلَفَ أهلُ التَأْوِيلِ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بالتينِ: التينُ الذي يُؤْكَلُ، وَالزَّيْتُونِ: الزيتونُ الذي يُعْصَرُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنِ الحسنِ، في قولِ اللَّهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: تِينُكُمْ هَذَا الذي يُؤْكَلُ، وَزَيْتُونُكُمْ هَذَا الذي يُعْصَرُ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بنُ إِبراهيمَ، قَالَ: ثنا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَكَمَ يُحَدِّثُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: التينُ: هوَ التينُ، وَالزيتونُ: الذي تَأْكُلُونَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بنُ وَاضحٍ، قَالَ: ثنا الحسينُ، عَنْ يزيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: تِينُكُمْ وَزَيْتُونُكُمْ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أبي رجاءٍ، قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ عَنْ قولِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: التِّينُ تِينُكُمْ هَذَا، وَالزَّيْتُونُ: زَيْتُونُكُمْ هَذَا.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: التينُ الذي يُؤْكَلُ، وَالزيتونُ: الذي يُعْصَرُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهدٍ مِثْلُهُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حميدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ؛ وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، جَمِيعاً عَنْ سفيانَ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلُهُ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحَارِثُ، قَالَ: ثنا الحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ في قولِ اللَّهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: الفاكهةُ التي تَأْكُلُ الناسُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مَهْرَانُ، عَنْ سَلَّامِ بنِ سُلَيْمٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مجاهدٍ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: هُوَ تِينُكُمْ وَزَيْتُونُكُمْ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ، فِي قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: التِّينُ الذي يُؤْكَلُ، وَالزيتونُ الذي يُعْصَرُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الكلبيِّ {التِّينُ وَالزَّيْتُونُ}: هوَ الذي تَرَوْنَ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ قَالَ: قَالَ الحسنُ فى قولِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ التِّينُ تِينُكُمْ، وَالزيتونُ زَيْتُونُكُمْ هذا.
وقالَ آخرونَ: التِّينُ: مَسْجِدُ دِمَشْقَ، وَالزيتونُ: بَيْتُ المَقْدِسِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنْ يَزِيدَ أبي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ كعبٍ أَنَّهُ قَالَ في قولِ اللَّهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: التِّينُ: مَسْجِدُ دِمَشْقَ، وَالزيتونُ: بيتُ المقدسِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قتادةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قَالَ: الجَبَلُ الذي عَلَيْهِ دِمَشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ الذي عَلَيْهِ بيتُ المقدسِ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ قَولَه: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} ذُكِرَ لَنَا أنَّ التينَ: الجَبَلُ الذي عَلَيْهِ دِمَشْقُ، وَالزيتونَ: الذي عَلَيْهِ بيتُ المقدسِ.
- حَدَّثَنِي يونسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ قولِ اللَّهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: التِّينُ: مَسْجِدُ دِمَشْقَ، وَالزيتونُ: مَسْجِدُ إِيلِيَاءَ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أبي بكرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قَالَ: هُمَا جَبَلانِ.
وقالَ آخرونَ: التِّينُ: مَسْجِدُ نُوحٍ، وَالزيتونُ: مَسْجِدُ بيتِ المقدسِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قولُهُ: {وَالتِّينِ}؛ يَعْنِي مَسْجِدَ نُوحٍ الذي بُنِيَ على الجُودِيِّ، {وَالزَيْتُونُ}: بيتُ المقدسِ. قَالَ: وَيُقَالُ: {التِّينُ وَالزيتونُ وَطورُ سِينِينَ}: ثَلاثةُ مَسَاجِدَ بالشامِ.
والصوابُ مِنَ القَوْلِ في ذلكَ عِنْدَنَا قولُ مَنْ قَالَ: التِّينُ: هوَ التينُ الذي يُؤْكَلُ، وَالزيتونُ: هوَ الزيتونُ الذي يُعْصَرُ منهُ الزيتُ؛ لأنَّ ذلكَ هوَ المعروفُ عندَ العربِ، وَلا يُعْرَفُ جبلٌ يُسَمَّى تِيناً، وَلا جَبَلٌ يُقَالُ لهُ: زَيْتُونٌ، إِلاَّ أنْ يَقُولَ قائلٌ: أَقْسَمَ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ بالتينِ وَالزيتونِ. وَالمرادُ مِنَ الكلامِ: القَسَمُ بِمَنَابِتِ التِّينِ، وَمَنَابِتِ الزَّيْتُونِ، فيكونُ ذلكَ مَذْهَباً، وَإِنْ لمْ يكنْ على صِحَّةِ ذلكَ أَنَّهُ كَذَلِكَ دلالةٌ في ظاهرِ التنزيلِ، وَلا مِنْ قَوْلِ مَنْ لا يَجُوزُ خِلافُهُ؛ لأنَّ دمشقَ بها مَنَابِتُ التينِ، وَبيتُ المقدسِ منابتُ الزيتونِ). [جامع البيان: 24/ 501-504]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {والتين والزيتون}؛ قال: هما التين والزيتون الذي يأكل الناس). [تفسير مجاهد: 2/ 769]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا عبد الرّحمن بن الحسن القاضي، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {والتّين والزّيتون}؛ قال: «الفاكهة الّتي يأكلها النّاس»، {وطور سينين}؛ قال: {الطّور} [البقرة: 63] الجبل، و {سينين}؛ قال: «المبارك» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه ). [المستدرك: 2/ 576]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ الخطِيبُ، وابنُ عساكِرَ، بسَنَدٍ فيه مجهولٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنسٍ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سورةُ {وَالتِّينِ} على رسولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَرِحَ بها فَرَحاً شَدِيداً، حتى تَبَيَّنَ لنا شِدَّةُ فَرَحِهِ، فسَأَلْنَا ابنَ عبَّاسٍ عن تفسيرِها فقالَ: {التِّينُ}: بلادُ الشامِ، و{الزَّيْتُونُ}: بلادُ فَلَسْطِينَ). [الدر المنثور: 15 / 507] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: مَسْجِدُ نوحٍ الذي بُنِيَ أعلى الجُودِيِّ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: بيتُ المَقْدِسِ). [الدر المنثور: 15/ 507-508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هما المسجدانِ: مَسْجِدُ الحَرَامِ، ومسجدُ الأقصى، حيثُ أُسْرِيَ بالنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [الدر المنثور: 15/ 508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ عساكِرَ، عن قتادةَ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: التينُ: الجبلُ الذي عليه دَمِشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ الذي عليه بيتُ المَقْدِسِ). [الدر المنثور: 15 / 508 (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن أبي عبدِ اللَّهِ الفارِسِيِّ، قالَ: التينُ: مَسْجِدُ دِمَشْقَ، وَالزَّيْتُونُُ: بيتُ المقدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}: جبلُ موسى، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: البلدُ الحرامُ). [الدر المنثور: 15 / 509]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن محمدِ بنِ كعبٍ، قالَ: {التينُ}: مسجدُ أصحابِ الكهفِ، و{الزَّيْتُونِ}: مَسْجِدُ إِيلِيَا، {وَطُورِ سِينِينَ}: مَسْجِدُ الطُّورِ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مكةُ). [الدر المنثور: 15 / 509]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن الضَّحَّاكِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قال: مسجدانِ بالشامِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبَلُ، وسِينينَ: الحَسَنُ). [الدر المنثور: 15/ 509]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ الضُّرَيْسِ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ عساكِرَ، عن كَعْبِ الأَحْبَارِ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ} الآيةَ، قالَ: التينُ: دِمَشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}: بَيْتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}: الذي كَلَّمَ اللَّهُ موسى ، والبلدُ الأمينُ: مكةُ). [الدر المنثور: 15 / 509]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ سعيدُ بنُ منصورٍ، عن أبي حَبِيبٍ الحارِثِ بنِ محمدٍ، قالَ: أربعةُ جبالٍ مُقَدَّسَةٍ بينَ يَدَيِ اللَّهِ تعالى: طُورُ زِيتَا، وطُورُ سِينَا وطُورُ تِينَا وطُورُ تِيمَا. وهو قولُ اللَّهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}. فأمَّا طُورُ زِيتَا فَبَيْتُ المَقْدِسِ، وأمَّا طُورُ سِينَا فالطُّورُ، وأما طُورُ تِينَا فدِمَشْقُ، وأمَّا طورُ تِيمَا فمكةُ). [الدر المنثور: 15/ 509-510]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ عَسَاكِرَ عن الحَكَمِ: {وَالتِّينِ}؛ دِمَشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ فَلَسْطِينُ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ مكةُ). [الدر المنثور: 15 / 510]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، والحاكمُ وصَحَّحَه، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: الفاكهةُ التي يَأْكُلُها الناسُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسينينَ: المبارَكُ). [الدر المنثور: 15 / 510]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: الفاكهةُ التي يَأْكُلُ الناسُ). [الدر المنثور: 15/ 510] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: هو هذا التينُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هو هذا الزيتونُ). [الدر المنثور: 15 / 513] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ عن الحسَنِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: تِينُكُم هذا الذي تأكلونَ، وزَيْتُونُكُم هذا الذي تَعْصِرُونَ). [الدر المنثور: 15 / 513] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَطُورِ سِينِينَ (2)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني ابن زيد عن أبيه قال: {والتين}، مسجد دمشق، {والزيتون}، مسجد إيلياء، {وطور سنين}، مسجد الطور، {وهذا البلد الأمين}، قال: مسجد الحرام). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 162-163] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {والتين}؛ قال: الجبل الذي عليه دمشق والزيتون الذي عليه بيت المقدس وطور سينين جبل بالشام جبل مبارك حسن). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 382] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر: قال الكلبي: هو التين والزيتون اللذان تأكلون وأما {طور سنين}؛ فهو الجبل ذو الشجر). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 382] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَطُورِ سِينِينَ}؛
اخْتَلَفَ أهلُ التَأْوِيلِ في تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هوَ جبلُ مُوسَى بنِ عِمْرَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسلامُهُ عَلَيْهِ وَمسجدُهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ قتادةَ، عَنْ قَزَعَةَ، قَالَ: قُلْتُ لابنِ عُمَرَ: إِنِّي أُرِيدُ أنْ آتِيَ بَيْتَ المقدسِ وَطُورَ سِينِينَ. فَقَالَ: لا تَأْتِ طُورَ سِينِينَ، ما تُرِيدُونَ أَنْ تَدَعُوا أَثَرَ نَبِيٍّ إِلاَّ وَطِئْتُمُوهُ. قَالَ قتادةُ: {وَطُورِ سِينِينَ} مَسْجِدُ مُوسَى [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ].
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنِ الحسنِ، فِي قَوْلِهِ: {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قَالَ: جَبَلُ مُوسَى.
قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنْ يَزِيدَ أبي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ كعبٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قَالَ: جَبَلُ مُوسَى [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ].
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قَالَ: هوَ الطورُ.
- حَدَّثَنِي يونسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قَالَ: مَسْجِدُ الطورِ.
وقالَ آخرونَ: الطورُ: هوَ كلُّ جَبَلٍ يَنْبُتُ. وَقولُهُ: {سِينِينَ} حَسَنٌ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ موسى القَزَّازُ، قَالَ: ثنا عبدُ الوارثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قَالَ: هوَ الحسنُ، وَهي لغةُ الحبشةِ، يقولونَ للشيءِ الحسنِ: سِينَا سِينَا.
- حَدَّثَنَا يعقوبُ بنُ إِبراهيمَ، قَالَ: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أبي رجاءٍ، قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ عَنْ قولِهِ: {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قَالَ: طُورٌ: جَبَلٌ، وَسِينِينَ: حَسَنٌ بالحَبَشِيَّةِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا الصبَّاحُ بنُ مُحَارِبٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عمرِو بنِ مَيْمُونَ، قَالَ: صَلَّيْتُ خلفَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ المغربَ، فَقَرَأَ في أوَّلِ ركعةٍ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ}؛ قَالَ: هوَ جَبَلٌ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا المُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ الحكمَ يُحَدِّثُ، عَنْ عكرمةَ {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قَالَ: سَواءٌ عَلَيَّ نَبَاتُ السهلِ وَالجبلِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سفيانُ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهدٍ {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قَالَ: الجَبَلُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهدٍ {وَطُورِ سِينِينَ}؛ جبلٌ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سفيانَ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلُهُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {وَطُورِ سِينِينَ}: الجبلُ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ النضرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: الطورُ: الجبلُ، وَالسِّينِينَ: الحسنُ، كما يَنْبُتُ في السهلِ، كذلكَ يَنْبُتُ في الجبلِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الكلبيِّ: أمَّا {طُورِ سِينِينَ} فهوَ الجبلُ ذو الشجرِ.
وقالَ آخرونَ: هوَ الجبلُ، وَقولُه: {سِينِينَ} مُبَارَكٌ حَسَنٌ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نجيحٍ، عَنْ مجاهدٍ: {وَطُورِ} الجبلُ وَ{سِينِينَ} قَالَ: المُبَارَكُ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قَالَ: جَبَلٌ مُبَارَكٌ بالشَّامِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {وَطُورِ سِينِينَ}: جبلٌ بالشامِ مُبَارَكٌ وحَسَنٌ.
وأَوْلَى الأقوالِ في ذلكَ بالصوابِ قولُ مَنْ قَالَ: طورُ سِينِينَ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ؛ لأنَّ الطورَ هوَ الجبلُ ذو النَّبَاتِ، فَإِضَافَتُهُ إِلى سينينَ تَعْرِيفٌ لهُ، وَلوْ كانَ نَعْتاً للطورِ، كما قَالَ مَنْ قَالَ: معناهُ حَسَنٌ أَوْ مُبَارَكٌ، لكانَ الطورُ مُنَوَّناً، وَذلكَ أنَّ الشيءَ لا يُضَافُ إِلى نعتِهِ، لغيرِ عِلَّةٍ تَدْعُو إِلى ذلكَ). [جامع البيان: 24 / 504-508]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {وطور سينين}؛ قال: الطور الجبل والسينين المبارك). [تفسير مجاهد: 2/ 769]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا عبد الرّحمن بن الحسن القاضي، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {والتّين والزّيتون}؛ قال: «الفاكهة الّتي يأكلها النّاس» {وطور سينين}؛ قال: {الطّور} [البقرة: 63] الجبل، و{سينين} [التين: 2] قال: «المبارك» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 576] (م)
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال مجاهد: {والتين والزّيتون}؛ الّذي يأكل النّاس.
قال الفريابيّ ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {والتين والزّيتون}؛ قال الفاكهة الّتي يأكل النّاس {وطور سينين}؛ قال: الطّور الجبل وسينين المبارك). [تغليق التعليق: 4 / 373] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ الخطِيبُ، وابنُ عساكِرَ، بسَنَدٍ فيه مجهولٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنسٍ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سورةُ {وَالتِّينِ}، على رسولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَرِحَ بها فَرَحاً شَدِيداً، حتى تَبَيَّنَ لنا شِدَّةُ فَرَحِهِ، فسَأَلْنَا ابنَ عبَّاسٍ عن تفسيرِها فقالَ: {التِّينُ} بلادُ الشامِ، و{الزَّيْتُونُ}: بلادُ فَلَسْطِينَ، {وطُورُ سِينِينَ} الذي كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عليه). [الدر المنثور: 15 / 507] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: مَسْجِدُ نوحٍ الذي بُنِيَ أعلى الجُودِيِّ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: بيتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: مَسْجِدُ الطُّورِ). [الدر المنثور: 15 / 507-508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هما المسجدانِ: مَسْجِدُ الحَرَامِ، ومسجدُ الأقصى، حيثُ أُسْرِيَ بالنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {وَطُورِ سِينِينَ}: الجَبَلُ الذي صَعِدَهُ موسى). [الدر المنثور: 15 / 508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ عساكِرَ، عن قتادةَ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: التينُ: الجبلُ الذي عليه دَمِشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ الذي عليه بيتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: جبلٌ بالشامِ مبارَكٌ، حَسَنٌ، ذو شَجَرٍ). [الدر المنثور: 15 / 508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن أبي عبدِ اللَّهِ الفارِسِيِّ، قالَ: التينُ: مَسْجِدُ دِمَشْقَ، وَالزَّيْتُونُُ: بيتُ المقدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ جبلُ موسى، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: البلدُ الحرامُ). [الدر المنثور: 15 / 509] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن محمدِ بنِ كعبٍ، قالَ: {التينُ}: مسجدُ أصحابِ الكهفِ، و{الزَّيْتُونِ}: مَسْجِدُ إِيلِيَا، {وَطُورِ سِينِينَ}: مَسْجِدُ الطُّورِ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مكةُ). [الدر المنثور: 15 / 509] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن الضَّحَّاكِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قال: مسجدانِ بالشامِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبَلُ، وسِينينَ: الحَسَنُ). [الدر المنثور: 15 / 509] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ الضُّرَيْسِ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ عساكِرَ، عن كَعْبِ الأَحْبَارِ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ} الآيةَ، قالَ: التينُ: دِمَشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}: بَيْتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}: الذي كَلَّمَ اللَّهُ موسى ، والبلدُ الأمينُ: مكةُ). [الدر المنثور: 15 / 509] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ سعيدُ بنُ منصورٍ، عن أبي حَبِيبٍ الحارِثِ بنِ محمدٍ، قالَ: أربعةُ جبالٍ مُقَدَّسَةٍ بينَ يَدَيِ اللَّهِ تعالى: طُورُ زِيتَا، وطُورُ سِينَا وطُورُ تِينَا وطُورُ تِيمَا. وهو قولُ اللَّهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ فأمَّا طُورُ زِيتَا فَبَيْتُ المَقْدِسِ، وأمَّا طُورُ سِينَا فالطُّورُ، وأما طُورُ تِينَا فدِمَشْقُ، وأمَّا طورُ تِيمَا فمكةُ). [الدر المنثور: 15 / 509-510] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن زيدِ بنِ مَيْسَرَةَ مِثْلَه. وفيه: وطورُ سِينا حيثُ كلَّمَ اللَّهُ موسى). [الدر المنثور: 15 / 510]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، والحاكمُ وصَحَّحَه، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: الفاكهةُ التي يَأْكُلُها الناسُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسينينَ: المبارَكُ). [الدر المنثور: 15 / 510] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: الفاكهةُ التي يَأْكُلُ الناسُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسِينِينَ: المباركُ). [الدر المنثور: 15 / 510] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: {سينِينَ}؛ هو الحَسَنُ). [الدر المنثور: 15 / 511]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: هو الحَسَنُ، بلسانِ الحبشةِ). [الدر المنثور: 15 / 511]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ عن الرَّبِيعِ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الجبلُ الذي عليه التينُ والزيتونُ). [الدر المنثور: 15 / 511]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ الأنباريِّ في "المصاحِفِ"، عن عمرِو بنِ مَيْمُونٍ، قالَ: صَلَّيْتُ خلفَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ المغربَ، فقَرَأَ في الرَّكْعَةِ الأولى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينَا}؛ قالَ: وهكذا هي قراءةُ عبدِ اللَّهِ، وقَرَأَ في الركعةِ الثانيةِ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}[الفيل:1]. و{لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} [قريش:1]. جَمَعَ بينَهما، ورَفَعَ صوتَه، فقَدَّرْتُ أنَّه رَفَعَ صوتَه تعظيماً للبيتِ). [الدر المنثور: 15 / 511-512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: هو هذا التينُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هو هذا الزيتونُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسينينَ: هو الحَسَنُ بالحَبَشَةِ). [الدر المنثور: 15 / 513] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني ابن زيد عن أبيه قال: {والتين}، مسجد دمشق، {والزيتون}، مسجد إيلياء، {وطور سنين}، مسجد الطور، {وهذا البلد الأمين}، قال: مسجد الحرام). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 162-163] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}؛ يَقُولُ: وَهذا البلدِ الآمِنِ مِنْ أَعْدَائِهِ أَنْ يُحَارِبُوا أَهْلَهُ، أَوْ يَغْزُوهُمْ. وَقِيلَ: الأَمِينُ، وَمَعْنَاهُ: الآمِنُ، كما قَالَ الشاعرُ:
أَلَمْ تَعْلَمِي يَا أَسْمَ وَيْحَكِ أَنَّنِي ....... حَلَفْتُ يَمِيناً لا أَخُونُ أَمِينِي
يُرِيدُ: آمِنِي، وَهذا كما قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيَتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}.
وإِنَّمَا عُنِيَ بقولِهِ: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} مَكَّةُ.
وَبِنَحْوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قولُهُ: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}؛ قَالَ: مَكَّةَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنْ يَزِيدَ أبي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ كعبٍ، في قولِ اللَّهِ: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}؛ قَالَ: البَلَدِ الْحَرَامِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنِ الحسنِ، فِي قَوْلِهِ: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}؛ قَالَ: البلدِ الحرامِ.
قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سفيانُ؛ وَحَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سفيانَ؛ وَحَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}؛ قَالَ: مَكَّةَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سَلَّامِ بنِ سُلَيْمٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}؛ مَكَّةَ.
- حَدَّثَنِي يعقوبُ، قَالَ: ثنا المُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ الحَكَمَ يُحَدِّثُ عَنْ عكرمةَ {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}؛ قَالَ: البلدِ الحرامِ.
قالَ: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أبي رَجَاءٍ، قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ، عَنْ قولِهِ: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}؛ قَالَ: مَكَّةُ.
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يزيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}: يَعْنِي مَكَّةَ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}: قَالَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}: مَكَّةَ). [جامع البيان: 24 / 508-510]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ الخطِيبُ، وابنُ عساكِرَ، بسَنَدٍ فيه مجهولٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنسٍ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سورةُ {وَالتِّينِ}. على رسولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَرِحَ بها فَرَحاً شَدِيداً، حتى تَبَيَّنَ لنا شِدَّةُ فَرَحِهِ، فسَأَلْنَا ابنَ عبَّاسٍ عن تفسيرِها فقالَ: {التِّينُ} بلادُ الشامِ، و{الزَّيْتُونُ}: بلادُ فَلَسْطِينَ، {وطُورُ سِينِينَ} الذي كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عليه، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مَكَّةَ). [الدر المنثور: 15 / 507] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: مَسْجِدُ نوحٍ الذي بُنِيَ أعلى الجُودِيِّ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: بيتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: مَسْجِدُ الطُّورِ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكَّةُ). [الدر المنثور: 15 / 507-508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هما المسجدانِ: مَسْجِدُ الحَرَامِ، ومسجدُ الأقصى، حيثُ أُسْرِيَ بالنبيِّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، {وَطُورِ سِينِينَ}: الجَبَلُ الذي صَعِدَهُ موسى، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مَكَّةُ). [الدر المنثور: 15 / 508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ عساكِرَ، عن قتادةَ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: التينُ: الجبلُ الذي عليه دَمِشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ الذي عليه بيتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: جبلٌ بالشامِ مبارَكٌ، حَسَنٌ، ذو شَجَرٍ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مَكَّةُ). [الدر المنثور: 15 / 508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن أبي عبدِ اللَّهِ الفارِسِيِّ، قالَ: التينُ: مَسْجِدُ دِمَشْقَ، وَالزَّيْتُونُُ: بيتُ المقدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ جبلُ موسى، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: البلدُ الحرامُ). [الدر المنثور: 15 / 509] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن محمدِ بنِ كعبٍ، قالَ: التينُ: مسجدُ أصحابِ الكهفِ، و{الزَّيْتُونِ}: مَسْجِدُ إِيلِيَا، {وَطُورِ سِينِينَ}: مَسْجِدُ الطُّورِ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مكةُ). [الدر المنثور: 15 / 509] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ الضُّرَيْسِ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ عساكِرَ، عن كَعْبِ الأَحْبَارِ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ} الآيةَ، قالَ: التينُ: دِمَشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}: بَيْتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}: الذي كَلَّمَ اللَّهُ موسى ، والبلدُ الأمينُ: مكةُ). [الدر المنثور: 15 / 509] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ سعيدُ بنُ منصورٍ، عن أبي حَبِيبٍ الحارِثِ بنِ محمدٍ، قالَ: أربعةُ جبالٍ مُقَدَّسَةٍ بينَ يَدَيِ اللَّهِ تعالى: طُورُ زِيتَا، وطُورُ سِينَا وطُورُ تِينَا وطُورُ تِيمَا. وهو قولُ اللَّهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}. فأمَّا طُورُ زِيتَا فَبَيْتُ المَقْدِسِ، وأمَّا طُورُ سِينَا فالطُّورُ، وأما طُورُ تِينَا فدِمَشْقُ، وأمَّا طورُ تِيمَا فمكةُ). [الدر المنثور: 15 / 509-510] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ عَسَاكِرَ عن الحَكَمِ: {وَالتِّينِ}؛ دِمَشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ فَلَسْطِينُ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ مكةُ). [الدر المنثور: 15 / 510] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: الفاكهةُ التي يَأْكُلُ الناسُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسِينِينَ: المباركُ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكةُ). [الدر المنثور: 15 / 510] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن جابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ، أن خُزَيْمَةَ بنَ ثَابِتٍ، وليسَ بالأنصارِيِّ، سَأَلَ النبيَّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] عن البلدِ الأمينِ فقالَ: «مَكَّةُ» ). [الدر المنثور: 15 / 511]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: هو هذا التينُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هو هذا الزيتونُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسينينَ: هو الحَسَنُ بالحَبَشَةِ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكةُ). [الدر المنثور: 15 / 513] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثنا إسماعيل بن عياش [ ....... ] عبيد عمن حدثه عن وهب بن منبه في قول الله قال: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ ثم رددناه أسفل سافلين}، قال: فرد .. .. رددناه أسفل سافلين). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 127-128]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، والكلبي، في قوله: {أحسن تقويم}؛ قال: في أحسن صورة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 382]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({تقويمٍ}: «الخلق»). [صحيح البخاري: 6 / 173]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {تَقْوِيمٍ}: خَلْقٍ كذا ثَبَتَ لأبي نُعَيْمٍ، وقد وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ مِن طَرِيقِ مُجَاهِدٍ في قَولِهِ: {أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} قَالَ: أَحْسَنِ خَلْقٍ. وأَخرَجَ ابنُ المُنْذِرِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ بإسنادٍ حَسَنٍ قَالَ: أَعْدَلِ خَلْقٍ). [فتح الباري: 8/ 713]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {تَقْوِيمٍ} قَالَ مُجَاهِدٌ: الْخَلْقِ -بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ اللاَّمِ- يَعْنِي أنه خَصَّ الإِنْسَانَ بِانْتِصَابِ الْقَامَةِ وَحُسْنِ الصُّورَةِ، وكُلُّ حَيَوَانٍ مُنْكَبٌّ على وَجْهِهِ. وقَوْلُهُ: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أي: في تَقْوِيمٍ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. وَسَقَطَ لأَبِي ذَرٍّ: تَقْوِيمٍ: الْخَلْقِ). [إرشاد الساري: 7 / 425]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ وَهذا جَوَابُ القسمِ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}، {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}.
وَبالَّذِي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ، قَالَ: وَقَعَ القسمُ هَهُنَا {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ اخْتَلَفَ أهلُ التَأْوِيلِ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: في أَعْدَلِ خَلْقٍ، وَأَحْسَنِ صُورَةٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أبي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} قَالَ: في أَعْدَلِ خَلْقٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قَالَ: في أَحْسَنِ صُورَةٍ.
قالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سفيانُ، عَنْ حمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ مِثْلَهُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حميدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سفيانَ، عَنْ حمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} قَالَ: خَلْقٍ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سفيانَ، عَنْ حمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قَالَ: في أَحْسَنِ صُورَةٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ أبي جَعْفَرٍ، عَنِ الربيعِ، عَنْ أبي العاليةِ {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ يَقُولُ: فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ في أَحْسَنِ صُورَةٍ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سفيانَ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قَالَ: أَحْسَنِ خَلْقٍ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قولُهُ: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} قَالَ: في أَحْسَنِ خَلْقٍ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ يَقُولُ: فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قتادةَ، هوَ وَالكَلْبِيُّ {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قَالا: في أحسنِ صُورَةٍ.
وقالَ آخرونَ: بلْ مَعْنَى ذلكَ: لقدْ خَلَقْنَا الإِنسانَ، فَبَلَغْنَا بهِ اسْتِوَاءَ شَبَابِهِ وَجَلَدِهِ وَقُوَّتِهِ، وَهوَ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ، وَأَعْدَلُ ما يَكُونُ وَأَقْوَمُهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي يعقوبُ، قَالَ: ثنا المُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ الحكمَ يُحَدِّثُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قَالَ: الشابُّ القَوِيُّ الجَلِدُ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قَالَ: شَبَابِهِ أَوَّلِ مَا نَشَأَ.
وقالَ آخرونَ: قِيلَ ذلكَ لأنَّهُ ليسَ شيءٌ مِنَ الحيوانِ إِلاَّ وَهوَ مُنْكَبٌّ على وَجهِهِ غيرَ الإِنسانِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} قَالَ: خَلَقَ كلَّ شَيْءٍ مُنْكَبًّا على وَجْهِهِ، إِلاَّ الإِنسانَ.
وأَوْلَى الأقوالِ في ذلكَ بالصوابِ أنْ يُقَالَ: إِنَّ مَعْنَى ذلكَ: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسانَ في أحسنِ صورةٍ وَأَعْدَلِهَا؛ لأنَّ قولَهُ: {أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} إِنَّمَا هوَ نعتٌ لمحذوفٍ، وَهو في تقويمٍ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، فَكَأَنَّهُ قيلَ: لقدْ خَلَقْنَاهُ في تقويمٍ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ). [جامع البيان: 24 / 510-513]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا قيس بن الربيع، وشيبان، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي رزين، عن ابن عباس {في أحسن تقويم}؛ قال: يعني في أعدل خلق، {ثم رددناه أسفل سافلين}؛ يعني إلى أرذل العمر، {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون}؛ يقول: غير منقوص، يقول: فإذا بلغ المؤمن أرذل العمر وكان يعمل في شبابه عملا صالحا كتب الله له الأجر مثل ما كان يعمل في صحته وشبابه ولم يضره ما كان يعمل في كبره ولم يكتب عليه الخطايا التي يعمل بعد ما يبلغ أرذل العمر.
- ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا قيس بن الربيع، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله وزاد فيه: ولا يؤاخذ بما عمل في كبره بعد ما يرد إلى أرذل العمر من الخطايا). [تفسير مجاهد: 2/ 770]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {في أحسن تقويم}؛ يعني في أحسن خلق، {ثم رددناه أسفل سافلين}؛ يعني إلا من آمن). [تفسير مجاهد: 2/ 770-771]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ الخطِيبُ، وابنُ عساكِرَ، بسَنَدٍ فيه مجهولٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنسٍ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سورةُ {وَالتِّينِ} على رسولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَرِحَ بها فَرَحاً شَدِيداً، حتى تَبَيَّنَ لنا شِدَّةُ فَرَحِهِ، فسَأَلْنَا ابنَ عبَّاسٍ عن تفسيرِها فقالَ: {التِّينُ} بلادُ الشامِ، و{الزَّيْتُونُ}: بلادُ فَلَسْطِينَ، {وطُورُ سِينِينَ} الذي كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عليه، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مَكَّةَ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [الدر المنثور: 15 / 507] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هما المسجدانِ: مَسْجِدُ الحَرَامِ، ومسجدُ الأقصى، حيثُ أُسْرِيَ بالنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {وَطُورِ سِينِينَ}: الجَبَلُ الذي صَعِدَهُ موسى، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مَكَّةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في انْتِصابٍ، لم يُخْلَقْ مُنَكَبًّا على وَجْهِه). [الدر المنثور: 15 / 508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ عساكِرَ، عن قتادةَ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: التينُ: الجبلُ الذي عليه دَمِشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ الذي عليه بيتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: جبلٌ بالشامِ مبارَكٌ، حَسَنٌ، ذو شَجَرٍ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مَكَّةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ}؛ قالَ: وَقَعَ القَسَمُ هاهنا). [الدر المنثور: 15 / 508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: الفاكهةُ التي يَأْكُلُ الناسُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسِينِينَ: المباركُ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في أحسنِ صورةٍ). [الدر المنثور: 15 / 510] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ سعيدُ بنُ منصورٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في أعدلِ خَلْقٍ). [الدر المنثور: 15 / 512] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: خَلَقَ كلَّ شيءٍ مُنْكَبًّا على وَجْهِه إلاَّ الإنسانَ). [الدر المنثور: 15 / 512] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: هو هذا التينُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هو هذا الزيتونُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسينينَ: هو الحَسَنُ بالحَبَشَةِ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: شبابٍ وشِدَّةٍ). [الدر المنثور: 15 / 513] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ عن الحسَنِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: تِينُكُم هذا الذي تأكلونَ، وزَيْتُونُكُم هذا الذي تَعْصِرُونَ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في أحسنِ صورةٍ). [الدر المنثور: 15 / 513] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن أبي العاليةِ في قَوْلِهِ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ يقولُ: في أحسنِ صورةٍ). [الدر المنثور: 15 / 513] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن إبراهيمَ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في أحسنِ صورةٍ). [الدر المنثور: 15 / 514] (م)

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر، عن قتادة، والكلبي، في قوله تعالى: {ثم رددناه أسفل سافلين}؛ قالا: رددناه إلى الهرم قال: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} حتى آخر السورة قالا: فمن أدركه الهرم، وكان يعمل عملا صالحا قالا: كان له مثل أجره إذ كان يعمل). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 382]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر: وأما الحسن، فقال: {رددناه أسفل سافلين} في النار {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}؛ قال: الحسن وهي كقوله: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 382]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ اخْتَلَفَ أهلُ التَأْوِيلِ في تَأْوِيلِ ذلكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذلكَ: ثمَّ رَدَدْنَاهُ إِلى أَرْذَلِ العُمُرِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عَنْ داوُدَ، عَنْ عكرمةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ: إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامُ بنُ سَلْمٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أبي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ: إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ يَقُولُ: يُرَدُّ إِلى أرذلِ العمُرِ، كَبِرَ حتَّى ذَهَبَ عَقْلُهُ، وَهم نَفَرٌ رُدُّوا إِلى أَرْذَلِ العُمُرِ على عهدِ رَسُولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] حينَ سَفِهَتْ عُقُولُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهُم أنَّ لهم أَجْرَهُم الذي عَمِلُوا قبلَ أنْ تَذْهَبَ عُقُولُهُمْ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أبي رَجَاءٍ، قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ، عَنْ قولِهِ: {ثمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ: رُدُّوا إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ وَعبدُ الرحمنِ، قالا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ، فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ: إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ مِثْلَهُ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ مِثْلَهُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قتادةَ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ: رَدَدْنَاهُ إِلَى الهَرَمِ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ، قَالَ: الهَرَمُ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا المُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ الحكمَ يُحَدِّثُ عَنْ عِكْرِمَةَ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ: الشيخُ الهَرِمُ لم يَضُرَّهُ كِبَرُهُ إِنْ خَتَمَ اللَّهُ لهُ بأحسنِ ما كانَ يَعْمَلُ.
وقالَ آخرونَ: بلْ مَعْنَى ذلكَ: ثمَّ رَدَدْنَاهُ إِلى النارِ في أقبحِ صورةٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أبي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الربيعِ بنِ أنسٍ، عَنْ أبي العاليةِ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ: في شَرِّ صُورَةٍ في صورةِ خِنْزِيرٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ: النارَ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِلى النارِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: في النارِ.
قال: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابنِ أبي نجيحٍ، عَنْ مجاهدٍ قَالَ: إِلى النارِ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ الحسنُ: جَهَنَّمُ مَأْوَاهُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قتادةَ، قَالَ: قَالَ الحسنُ فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ: في النارِ.
- حَدَّثَنِي يونسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} قَالَ: إِلى النارِ.
وأَوْلَى الأقوالِ في ذلكَ عندِي بالصِّحَّةِ، وَأَشْبَهُهَا بتَأْوِيلِ الآيةِ قولُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ إِلى أَرْذَلِ العُمُرِ، إِلى عُمْرِ الخَرْفَى، الذينَ ذَهَبَتْ عُقُولُهُمْ مِنَ الهَرَمِ وَالكِبَرِ، فهوَ في أسفلِ مَنْ سَفِلَ: في إِدْبَارِ العُمُرِ وَذهابِ العقلِ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: هذا القَوْلُ أَوْلَى بالصوابِ في ذلكَ؛ لأنَّ اللَّهَ -تعالى ذِكْرُهُ- أَخْبَرَ عَنْ خلقِهِ ابنِ آدمَ، وَتَصْرِيفِهِ في الأحوالِ؛ احْتِجَاجاً بذلكَ على مُنْكِرِي قُدْرَتِهِ على البعثِ بعدَ الموتِ. أَلاَ تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}؛ يَعْنِي: بَعْدَ هذهِ الحُججِ. وَمُحَالٌ أنْ يُحْتَجَّ على قومٍ كانوا مُنْكِرِينَ مَعْنًى مِنَ المعانِي بِمَا كَانُوا لهُ مُنْكِرِينَ. وَإِنَّمَا الحُجَّةُ على كلِّ قومٍ مَا لا يَقْدِرُونَ على دَفْعِهِ مِمَّا يُعَايِنُونَهُ وَيَحُسُّونَهُ، أَوْ يُقِرُّونَ بهِ، وَإِنْ لمْ يَكُونُوا لهُ مُحِسِّينَ.
وإِذا كانَ ذلكَ كذلكَ، وَكانَ القومُ للنارِ التي كانَ اللَّهُ يَتَوَعَّدَهُمْ بها في الآخرةِ مُنْكِرِينَ، وَكانوا لأهلِ الهَرَمِ وَالخرفِ مِنْ بعدِ الشبابِ وَالجَلَدِ شَاهِدِينَ، عُلِمَ أَنَّهُ إِنَّمَا احْتَجَّ عليهِم بما كانُوا لهُ مُعَايِنِينَ، مِنْ تَصْرِيفِهِ خَلْقَهُ، وَنَقْلِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ حالِ التقويمِ الحسنِ وَالشبابِ وَالجَلَدِ، إِلى الضَّعْفِ وَ الهَرَمِ وَفناءِ العُمُرِ، وَحُدُوثِ الخَرَفِ). [جامع البيان: 24 / 513-516]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا قيس بن الربيع وشيبان، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي رزين، عن ابن عباس {في أحسن تقويم}؛ قال: يعني في أعدل خلق، {ثم رددناه أسفل سافلين}؛ يعني إلى أرذل العمر، {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون}؛ يقول: غير منقوص، يقول: فإذا بلغ المؤمن أرذل العمر وكان يعمل في شبابه عملا صالحا كتب الله له الأجر مثل ما كان يعمل في صحته وشبابه ولم يضره ما كان يعمل في كبره ولم يكتب عليه الخطايا التي يعمل بعد ما يبلغ أرذل العمر.
- ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا قيس بن الربيع، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله وزاد فيه ولا يؤاخذ بما عمل في كبره بعد ما يرد إلى أرذل العمر من الخطايا). [تفسير مجاهد: 2/ 770] (م)
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {في أحسن تقويم}؛ يعني في أحسن خلق، {ثم رددناه أسفل سافلين}؛ يعني إلا من آمن). [تفسير مجاهد: 2/ 770-771] (م)
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} إلا مَنْ آمَنَ، كذا ثَبَتَ للنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ، وقد تَقَدَّمَ لهم في بَدءِ الخَلقِ. وأَخرَجَ الحَاكِمُ من طَرِيقِ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عن عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ لَمْ يُرَدَّ إلى أَرْذَلِ العُمُرِ، وذلك قولُهُ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا}؛ قَالَ: الذين قَرَؤُوا القرآنَ). [فتح الباري: 8 / 713]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ الخطِيبُ، وابنُ عساكِرَ، بسَنَدٍ فيه مجهولٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنسٍ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سورةُ {وَالتِّينِ}، على رسولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَرِحَ بها فَرَحاً شَدِيداً، حتى تَبَيَّنَ لنا شِدَّةُ فَرَحِهِ، فسَأَلْنَا ابنَ عبَّاسٍ عن تفسيرِها فقالَ: {التِّينُ} بلادُ الشامِ، و{الزَّيْتُونُ}: بلادُ فَلَسْطِينَ، {وطُورُ سِينِينَ} الذي كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عليه، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مَكَّةَ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ عَبَدَةُ اللاَّتِ وَالْعُزَّى). [الدر المنثور: 15 / 507] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: مَسْجِدُ نوحٍ الذي بُنِيَ أعلى الجُودِيِّ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: بيتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: مَسْجِدُ الطُّورِ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكَّةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ يقولُ: يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العُمُرِ، كَبِرَ حتى ذَهَبَ عقلُه، هم نَفَرٌ كانُوا على عهدِ رسولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، فسُئِلَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] حينَ َسَفَّهَتْ عُقُولُهم، فأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهم أنَّ لهم أَجْرَهُم الذي عَمِلُوا قبلَ أن تَذْهَبَ عُقُولُهم). [الدر المنثور: 15 / 507-508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هما المسجدانِ: مَسْجِدُ الحَرَامِ، ومسجدُ الأقصى، حيثُ أُسْرِيَ بالنبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، {وَطُورِ سِينِينَ}: الجَبَلُ الذي صَعِدَهُ موسى، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مَكَّةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في انْتِصابٍ، لم يُخْلَقْ مُنَكَبًّا على وَجْهِه، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: أرْذَلُ العُمُرِ). [الدر المنثور: 15 / 508]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ عساكِرَ، عن قتادةَ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: التينُ: الجبلُ الذي عليه دَمِشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ الذي عليه بيتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: جبلٌ بالشامِ مبارَكٌ، حَسَنٌ، ذو شَجَرٍ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مَكَّةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ}؛ قالَ: وَقَعَ القَسَمُ هاهنا، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: جَهَنَّمُ). [الدر المنثور: 15 / 508] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: الفاكهةُ التي يَأْكُلُ الناسُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسِينِينَ: المباركُ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في أحسنِ صورةٍ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: في النارِ). [الدر المنثور: 15 / 510] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ سعيدُ بنُ منصورٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في أعدلِ خَلْقٍ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ يقولُ: إلى أرْذَلِ العُمُرِ). [الدر المنثور: 15 / 512] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: خَلَقَ كلَّ شيءٍ مُنْكَبًّا على وَجْهِه إلاَّ الإنسانَ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ إلى أرذلِ العُمُرِ). [الدر المنثور: 15 / 512] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: هو هذا التينُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هو هذا الزيتونُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسينينَ: هو الحَسَنُ بالحَبَشَةِ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: شبابٍ وشِدَّةٍ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: رُدَّ إلى أرذلِ العُمُرِ). [الدر المنثور: 15 / 513] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ عن الحسَنِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: تِينُكُم هذا الذي تأكلونَ، وزَيْتُونُكُم هذا الذي تَعْصِرُونَ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في أحسنِ صورةٍ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: في نارِ جَهَنَّمَ). [الدر المنثور: 15 / 513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن أبي العاليةِ في قَوْلِهِ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ يقولُ: في أحسنِ صورةٍ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: في النارِ في شَرِّ صُورَةٍ). [الدر المنثور: 15 / 513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن إبراهيمَ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في أحسنِ صورةٍ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: إلى أرذلِ العمُرِ، فإذا بَلَغُوا ذلك كُتِبَ لهم من العملِ مثلَ ما كانَوا يعملونَ في الصحَّةِ). [الدر المنثور: 15 / 514]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، أن نافعَ بنَ الأزرقِ قالَ له: أخْبِرْنِي عن قولِه عزَّ وجلَّ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}.
قالَ: هذا للكافرِ من الشبابِ إلى الكِبَرِ، ومِن الكبرِ إلى النارِ.
قالَ: وهل تَعْرِفُ العربُ ذلك؟
قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ قَوْلَ عليِِّ بنِِ أبي طالِبٍ:
فَأَضْحَوْا لَدَى دَارِ الجَحِيمِ بِمَعْزِلٍ ....... عَنِ الشَّعْثِ وَالْعُدْوَانِ فِي أَسْفَلِ السَّفَلِ).
[الدر المنثور: 15 / 514]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ عن الضَّحَّاكِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: إلى أرذلِ العمُرِ). [الدر المنثور: 15 / 514]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: الهَرَمُ {لِكَيْلاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً}[الحج: 5] قالَ: ولا يَنْزِلُ تلكَ المنزلةَ أحدٌ قَرَأَ القرآنَ، وذلك قولُه: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} الآيةَ. قالَ: هم أصحابُ القرآنِ). [الدر المنثور: 15 / 515]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ يقولُ: إلى الكِبَرِ وضَعْفِهِ، فإذَا كَبِرَ وضَعُفَ عن العملِ كُتِبَ له مثلُ أجرِ ما كانَ يَعْمَلُ في شَبِيبَتِه). [الدر المنثور: 15 / 515]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر، عن قتادة، والكلبي، في قوله تعالى: {ثم رددنه أسفل سافلين}؛ قالا: رددناه إلى الهرم قال: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} حتى آخر السورة، قالا: فمن أدركه الهرم وكان يعمل عملا صالحا قالا: كان له مثل أجره إذ كان يعمل). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 382] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر، وأما الحسن، فقال: {رددناه أسفل سافلين في النار إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}؛ قال: الحسن وهي كقوله: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 382] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
اخْتَلَفَ أهلُ التَأْوِيلِ في معنى هذا الاستثناءِ، فَقَالَ بعضُهُم: هوَ اسْتِثْنَاءٌ صحيحٌ مِنْ قولِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالُوا: وَإِنَّمَا جَازَ استثناءُ الذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحاتِ، وَهم جَمْعٌ مِنَ الهاءِ فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ} وَهي كنايةُ الإِنسانِ، وَالإِنسانُ في لَفْظٍ وَاحدٍ، لأنَّ الإِنسانَ وَإِنْ كانَ في لفظٍ وَاحدٍ فإِنَّهُ في مَعْنَى الجمعِ، لأنَّهُ بِمَعْنَى الجنسِ، كما قِيلَ: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}؛ قَالُوا: وَكذلكَ جَازَ أنْ يُقَالَ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ فَيُضَافُ أَفْعَلَ إِلى جماعةٍ، وَقالوا: وَلوْ كَانَ مَقْصُوداً بهِ قَصْدُ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، لمْ يَجُزْ ذلكَ، كما لا يُقَالُ: هذا أَفْضَلُ قَائِمِينَ، وَلكنْ يُقَالُ: هذا أفضلُ قَائِمٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ سعيدِ بنِ سَابِقٍ، عَنْ عاصمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: مَنْ قَرَأَ القرآنَ لمْ يُرَدَّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، ثمَّ قَرَأَ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ قَالَ: لا يَكُونُ حتَّى لا يَعْلَمَ مِنْ بعدِ عِلْمٍ شَيْئاً، فعلى هذا التَأْوِيلِ قَوْلُهُ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ لِخَاصٍّ مِنَ الناسِ، غيرُ دَاخِلٍ فيهمُ الذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحاتِ؛ لأنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُمْ.
وقالَ آخرونَ: بل الذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحاتِ قدْ يَدْخُلُونَ في الذينَ رُدُّوا إِلى أسفلِ سَافِلِينَ؛ لأنَّ أَرْذَلَ العُمُرِ قدْ يُرَدُّ إِليهِ المُؤْمِنُ وَالكافرُ. قَالُوا: وَإِنَّمَا اسْتُثْنِيَ قَوْلُهُ: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} مِنْ مَعْنًى مُضْمَرٍ فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالُوا: وَمَعْنَاهُ: ثمَّ رَدَدْنَاهُ أسفلَ سَافِلِينَ، فَذَهَبَتْ عُقُولُهُمْ وَخَرِفُوا، وَانْقَطَعَتْ أَعْمَالُهُمْ، فلم تَثْبُتْ لهم بعدَ ذلكَ حَسَنَةٌ. {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ فإِنَّ الذي كَانُوا يَعْمَلُونَهُ مِنَ الخيرِ، في حالِ صِحَّةِ عُقُولِهِمْ، وَسَلامَةِ أَبْدَانِهِمْ، جَارٍ لهم بَعْدَ هَرَمِهِمْ وَخَرَفِهِمْ.
وقدْ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ قولُهُ: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعاً، لأنَّهُ يَحْسُنُ أنْ يُقَالَ: ثمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ، إِلاَّ الذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، لَهُم أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ، بعدَ أَنْ يُرَدَّ أَسْفَلَ سَافِلِينَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ مَعْنَى هذا القَوْلِ:
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قَالَ: ثنا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عَنْ داودَ، عَنْ عكرمةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ قَالَ: فَأَيُّمَا رَجُلٍ كانَ يَعْمَلُ عَمَلاً صَالِحاً وَهُوَ قَوِيٌّ شَابٌّ، فَعَجَزَ عنهُ، جَرَى لهُ أَجْرُ ذلكَ العملِ حتَّى يَمُوتَ.
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}. يَقُولُ: إِذا كانَ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ في شَبِيبَتِهِ كُلِّهَا، ثمَّ كَبِرَ حتَّى ذَهَبَ عَقْلُهُ، كُتِبَ لهُ مثلُ عَمَلِهِ الصالحِ، الذي كانَ يَعْمَلُ في شَبِيبَتِهِ، وَلمْ يُؤَاخَذْ بِشَيْءٍ مِمَّا عَمِلَ في كِبَرِهِ، وَذَهَابِ عَقْلِهِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، وَكانَ يُطِيعُ اللَّهَ في شَبِيبَتِهِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ، فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قَالَ: إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، فإِذا بَلَغَ المؤمنُ إِلى أرذلِ العمرِ، كُتِبَ لهُ كَأَحْسَنِ ما كَانَ يَعْمَلُ في شبابِهِ وَصِحَّتِهِ، فهوَ قولُهُ: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سفيانُ، عَنْ حمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: فإِنَّهُ يُكْتَبُ لهُ مِنَ الأجرِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ في الصِّحَّةِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادِ بنِ أبي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبراهيمَ مِثْلَهُ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سفيانَ، عَنْ حمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ قَالَ: إِذا بَلَغَ مِنَ الكِبَرِ ما يَعْجَزُ عَنِ العملِ، كُتِبَ لهُ ما كانَ يَعْمَلُ.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ مَعْنَى ذَلِكَ: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ فإِنَّهُ يُكْتَبُ لهم حَسَنَاتُهُم وَيُتَجَاوَزُ لهم عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عاصمٍ، عَنْ أبي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ قَالَ: هُمُ الذينَ أَدْرَكَهُمُ الْكِبَرُ، لا يُؤَاخَذُونَ بِعَمَلٍ عَمِلُوهُ في كِبَرِهِمْ، وَهم هَرْمَى لا يَعْقِلُونَ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أبي رَجَاءٍ، قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ عَنْ قولِهِ: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ قَالَ: يُوَفِّيهِ اللَّهُ أَجْرَهُ أَوْ عَمَلَهُ، وَلا يُؤَاخِذُهُ إِذا رُدَّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ.
- حَدَّثَنِي يعقوبُ، قَالَ: ثنا المعتمرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الحكمَ يُحَدِّثُ، عَنْ عكرمةَ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ قَالَ: الشيخُ الهَرِمُ لمْ يَضُرَّهُ كِبَرُهُ إِنْ خَتَمَ اللَّهُ لهُ بِأَحْسَنِ ما كَانَ يَعْمَلُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قتادةَ {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَهُ الهَرَمُ وَكانَ يَعْمَلُ صَالِحاً، كانَ لهُ مثلُ أَجْرِهِ إِذا كَانَ يَعْمَلُ.
وقالَ آخرونَ: بلْ مَعْنَى ذلكَ: ثمَّ رَدَدْنَاهُ أسفلَ سَافِلِينَ فِي جَهَنَّمَ، {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ فَعَلَى هذا التَأْوِيلِ: إِلاَّ الذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مُسْتَثْنَوْنَ مِنَ الهاءِ فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ} وَجَازَ اسْتِثْنَاؤُهُمْ مِنْهَا إِذْ كَانَتْ كِنَايَةً للإِنسانِ، وَهوَ بِمَعْنَى الجَمْعِ، كما قَالَ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحَارِثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} إِلاَّ مَنْ آمَنَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ الحسنُ، فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ في النارِ، {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ قَالَ الحسنُ: وهيَ كقولِهِ: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
وأَوْلَى الأقوالِ في ذلكَ عندَنَا بالصِّحَّةِ قولُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: ثمَّ رَدَدْنَاهُ إِلى أَرْذَلِ العُمُرِ، إِلاَّ الذينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصالحاتِ في حالِ صِحَّتِهِمْ وَشبَابِهِمْ، فلهم أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ بعدَ هَرَمِهِمْ، كهيئةِ ما كانَ لهم مِنْ ذلكَ على أعمالِهِم في حالِ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ وَهمْ أَقْوِيَاءُ على العملِ.
وإِنَّمَا قُلْنَا: ذلكَ أَوْلَى بالصِّحَّةِ؛ لِمَا وَصَفْنَا مِنَ الدلالةِ على صِحَّةِ القَوْلِ بأنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ إِلى أَرْذَلِ العُمُرِ.
وَاخْتَلَفُوا في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ فَقَالَ بعضُهُم: مَعْنَاهُ: لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَنْقُوصٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أبو صالحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ يَقُولُ: غَيْرُ مَنْقُوصٍ.
وقالَ آخرونَ: بلْ مَعْنَاهُ: غيرُ مَحْسُوبٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سفيانَ، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} غيرُ مَحْسُوبٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ.
حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ قَالَ: غَيْرُ مَحْسُوبٍ.
قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبراهيمَ {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ قَالَ: غَيْرُ مَحْسُوبٍ.
وقدْ قيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذلكَ: فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَقْطُوعٍ.
وأَوْلَى الأقوالِ في ذلكَ بالصوابِ قولُ مَنْ قَالَ: فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَنْقُوصٍ، كما كَانَ لهُ أيَّامَ صِحَّتِهِ وَشَبَابِهِ، وَهوَ عِنْدِي مِنْ قَوْلِهِمْ: جَبَلٌ مَنِينٌ: إِذا كَانَ ضَعِيفاً؛ وَمنهُ قولُ الشاعرِ:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌ ........ ما في عَطَائِهِمُ مَنٌّ وَلا سَرَفُ
يعني: أَنَّهُ ليسَ فيهِ نَقْصٌ وَلا خَطَأٌ). [جامع البيان: 24 / 516-522]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} إلا مَنْ آمَنَ، كذا ثَبَتَ للنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ، وقد تَقَدَّمَ لهم في بَدءِ الخَلقِ. وأَخرَجَ الحَاكِمُ من طَرِيقِ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عن عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ لَمْ يُرَدَّ إلى أَرْذَلِ العُمُرِ، وذلك قولُهُ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا}؛ قَالَ: الذين قَرَؤُوا القرآنَ). [فتح الباري: 8 / 713] (م)
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني عليّ بن عيسى، ثنا إبراهيم بن أبي طالبٍ، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن عاصمٍ الأحول، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " من قرأ القرآن لم يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علمٍ شيئًا، وذلك قوله عزّ وجلّ: {ثمّ رددناه أسفل سافلين (5) إلّا الّذين آمنوا}؛ قال: إلّا الّذين قرءوا القرآن «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2 / 576]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ الخطِيبُ، وابنُ عساكِرَ، بسَنَدٍ فيه مجهولٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنسٍ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سورةُ {وَالتِّينِ} على رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرِحَ بها فَرَحاً شَدِيداً، حتى تَبَيَّنَ لنا شِدَّةُ فَرَحِهِ، فسَأَلْنَا ابنَ عبَّاسٍ عن تفسيرِها فقالَ: {التِّينُ} بلادُ الشامِ، و{الزَّيْتُونُ}: بلادُ فَلَسْطِينَ، {وطُورُ سِينِينَ} الذي كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عليه، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مَكَّةَ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ عَبَدَةُ اللاَّتِ وَالْعُزَّى، {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ). [الدر المنثور: 15 / 507] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: الفاكهةُ التي يَأْكُلُ الناسُ، {وَطُورِ سِينِينَ}. قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسِينِينَ: المباركُ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في أحسنِ صورةٍ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: في النارِ، {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ قالَ: إلاَّ مَن آمَنَ، {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ قالَ: غيرُ محسوبٍ). [الدر المنثور: 15 / 510]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ سعيدُ بنُ منصورٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: في أعدلِ خَلْقٍ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ يقولُ: إلى أرْذَلِ العُمُرِ، {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ غيرُ منقوصٍ. يقولُ: فإذا بَلَغَ المؤمنُ أرْذَلَ العُمُرِ، وكانَ يَعْمَلُ في شبابِه عملاً صالحاً كُتِبَ له مِنَ الأجرِ مثلَ ما كانَ يَعْمَلُ في صحَّتِه وشبابِه، ولم يَضُرَّه ما عَمِلَ في كِبَرِه، ولم يَكْتُبْ عليه الخَطَايا التي يَعْمَلُ بعدَ ما يَبْلُغُ أرْذَلَ العُمُرِ). [الدر المنثور: 15 / 512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: خَلَقَ كلَّ شيءٍ مُنْكَبًّا على وَجْهِه إلاَّ الإنسانَ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ إلى أرذلِ العُمُرِ، {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآيةَ، قالَ: فأَيُّما رجلٍ كانَ يَعْمَلُ عملاً صالحاً وهو قَوِيٌّ شابٌّ فعَجَزَ عنه، جَرَى له أجرُ ذلك العملِ حتى يَمُوتَ). [الدر المنثور: 15 / 512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: هو هذا التينُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: هو هذا الزيتونُ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: الطورُ: الجبلُ، وسينينَ: هو الحَسَنُ بالحَبَشَةِ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}؛ قالَ: شبابٍ وشِدَّةٍ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: رُدَّ إلى أرذلِ العُمُرِ، {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ قالَ: يُوَفِّيه اللَّهُ أجْرَه وعمَلَه، فلا يُؤَاخِذُه إذَا رُدَّ إلى أرذلِ العُمُرِ، وفي لفظٍ: قالَ: مَن رُدَّ مِنهم إلى أرذلِ العُمُرِ جَرَى له مِن الأجرِ مثلَ ما كانَ يَعْمَلُ في صِحَّتِه وشبابِه، فذلك الأجرُ {غيرُ مَمْنُونٍ}؛ قالَ: ولا يُمَنُّ بِه عليهم). [الدر المنثور: 15 / 513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الحاكمُ وصحَّحَه، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ"، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: مَن قَرَأَ القرآنَ لَم يُرَدَّ إلى أرذلِ العمُرِ، وذلك قولُه: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ قالَ: إلاَّ الذينَ قَرَؤُوا القرآنَ). [الدر المنثور: 15 / 514]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، عن عِكْرِمَةَ، قالَ: كانَ يُقالُ: مَن قَرَأَ القرآنَ لم يُرَدَّ إلى أرذلِ العمُرِ. ثُم قَرَأَ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
قالَ: لا يَكُونُ حتى لا يَعْلَمَ مِنْ بعدِ عِلمٍ شيئاً). [الدر المنثور: 15 / 515]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: الهَرَمُ {لِكَيْلاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً}[الحج: 5] قالَ: ولا يَنْزِلُ تلكَ المنزلةَ أحدٌ قَرَأَ القرآنَ، وذلك قولُه: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} الآيةَ. قالَ: هم أصحابُ القرآنِ). [الدر المنثور: 15 / 515] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ عن أبي موسى، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «إِذَا كَانَ الْعَبْدُ عَلَى طَرِيقَةٍ مِنَ الْخَيْرِ فَمَرِضَ أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ
»، ثُمَّ قَرَأَ: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} ). [الدر المنثور: 15 / 515]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أَحَمْدُ وَالبُخاريُّ وَابْنُ حِبَّانَ عن أبي موسى، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحاً مُقِيماً» ). [الدر المنثور: 15 / 515-516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في نَوَادِرِ الأصولِ، عن أنَسٍ، عن النبيِّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] في قَوْلِهِ: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}.
قالَ:
«غَيْرُ مَمْنُونٍ مَا يَكْتُبُ لَهُمْ صَاحِبُ الْيَمِينِ، فَإِنْ عَمِلَ خَيْراً كَتَبَ صَاحِبُ الْيَمِينِ، وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ كَتَبَ لَهُ صَاحِبُ الْيَمِينِ، وَأَمْسَكَ صَاحِبُ الشِّمَالِ، فَلَمْ يَكْتُبْ سَيِّئَةً، وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً»). [الدر المنثور: 15 / 516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ عَسَاكِرَ، عن مَكْحُولٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ يُقَالُ لِصَاحِبِ الشِّمَالِ: ارْفَعْ عَنْهُ الْقَلَمَ، وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْيَمِينِ: اكْتُبْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ يَعْمَلُ؛ فَإِنِّي أَعْلَمُ بِهِ وَأَنَا قَيَّدْتُهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطبرانيُّ عن شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يقولُ:
«إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، يَقُولُ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْداً مِنْ عِبَادِي مُؤْمِناً فَحَمِدَنِي عَلَى مَا ابْتَلَيْتُهُ، فَإِنَّهُ يَقُومُ مِنْ مَضْجَعِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الْخَطَايَا، ويقولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي أَنَا قَيَّدْتُ عَبْدِي هَذَا وَابْتَلَيْتُهُ، فَأْجْرُوا لَهُ مَا كُنْتُمْ تُجْرُونَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ» ). [الدر المنثور: 15 / 516]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الكلبي، في قوله تعالى: {فما يكذبك بعد بالدين}؛ قال: إنما يعني الإنسان يقول: خلقتك في أحسن تقويم يقول فما يكذبك أيها الإنسان بعد بالدين). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 383]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال: {فما يكذّبك}: فما الّذي يكذّبك بأنّ النّاس يدانون بأعمالهم؟ كأنّه قال: ومن يقدر على تكذيبك بالثّواب والعقاب؟ "). [صحيح البخاري: 6 / 172]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (يُقَالُ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ} فما الذي يُكَذِّبُكَ بأنَّ النَّاسَ يُدَانُونَ بأعمالِهِمْ؟ كأنه قَالَ: ومَنْ يَقْدِرُ على تَكْذِيبِكَ بالثوابِ والعِقَابِ؟) في رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الكُشْمِيهَنِيِّ: تُدَالُونَ، بدالٍ بَدَلَ النُّونِ الأُولَى، والأولُ هُو الصَّوَابُ، كذا هُو في كلامِ الفَرَّاءِ بلَفْظِهِ، وَزَادَ في آخرِهِ: بَعْدَمَا تَبَيَّنَ له كَيْفِيَّةُ خَلْقِهِ. قَالَ ابنُ التِّينِ: كأنه جَعَلَ مَا لِمَنْ يَعْقِلُ، وهُو بعيدٌ. وقِيلَ: المخاطَبُ بذلك الإنسانُ المَذْكُورُ، قيلَ: هُو على طريقِ الالتفاتِ، وهذا عن مُجَاهِدٍ أي: مَا الذي جَعَلَكَ كَاذِبًا؛ لأنَّكَ إذا كَذَّبْتَ بالجزاءِ صِرْتَ كَاذِبًا؛ لأنَّ كُلَّ مُكَذِّبٍ بالحقِّ فهو كاذبٌ، وأما تَعَقُّبُ ابنِ التِّينِ قَوْلَ الفَرَّاءِ جَعَلَ مَا لِمَنْ يَعْقِلُ: وهُو بعيدٌ؛ فالجوابُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ فِيمَنْ أَبْهَمَ أَمْرَهُ، ومِنْهُ {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} ). [فتح الباري: 8 / 713]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (يُقَالُ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ}: فَمَا الَّذِي يُكَذِّبُكَ بِأَنَّ النَّاسَ يُدَانُونَ بِأَعْمَالِهِمْ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِكَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ).
هَذَا ظَاهِرٌ، قَوْلُهُ: (يُدَانُونَ) أَيْ: يُجَازَوْنَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: يُدَالُونَ بِاللاَّمِ بَدَلَ النُّونِ الأُولَى، وَالأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ، وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ} لِلإِنْسَانِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ} عَلَى طَرِيقَةِ الالْتِفَاتِ وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِرَسُولِ اللَّهِ [ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ]). [عمدة القاري: 19 / 302]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( يُقَالُ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ} أي: فَمَا الَّذِي يُكَذِّبُكَ بأنَّ النَّاسَ يُدَانُونَ بِأَعْمَالِهِمْ يُجَازَوْنَ بها. ولأَبِي ذَرٍّ عن الْحَمَوِيِّ والْمُسْتَمْلِىِّ: يُدَالُونَ باللاَّمِ بَدَلَ النُّونِ، والأوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ. كأنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يَقْدِرُ على تَكْذِيبِكَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، زَادَ الْفَرَّاءُ: بعدما تَبَيَّنَ لَهُ كَيْفِيَّةُ خَلْقِهِ. وَمَا: استفهاميَّةٌ في مَحَلِّ رَفْعٍ بالابتداءِ، والْخَبَرُ الْفِعْلُ بَعْدَهَا، والْمُخَاطَبُ الرَّسُولُ، وقِيلَ: الإنْسَانُ على طريقةِ الالتفاتِ). [إرشاد الساري: 7 / 425]
قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: كأنه قال: ومن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب أي: ومن يقدر على أن يجعل خبرك كاذباً غير مطابق للواقع بأن لا يقع ما أخبرت به ليس المراد ومن يقدر على نسبة الكذب إليك، والله تعالى أعلم اهـ سندي). [حاشية السندي على البخاري: 3 / 80]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (اخْتَلَفَ أهلُ التَأْوِيلِ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ}؛ فَقَالَ بعضُهُم مَعْنَاُه: فَمَنْ يُكَذِّبُكَ يا مُحَمَّدُ بعدَ هذهِ الحُجَجِ التي احْتَجَجْنَا بها بالدِّينِ، يَعْنِي: بطاعةِ اللَّهِ، وَما بَعَثَكَ بهِ مِنَ الحقِّ، وَأنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ في القبورِ؟ وقَالُوا: " مَا " في معنَى " مَنْ "؛ لأنَّهُ عُنِيَ بهِ ابنُ آدَمَ وَمَن بُعِثَ إِليهِ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقالَ آخرونَ: بلْ مَعْنَى ذلكَ: فما يُكَذِّبُكَ أَيُّهَا الإِنسانُ بعدَ هذهِ الحُجَجِ بالدِّينِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ منصورٍ، قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}؛ عُنِيَ بهِ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ! عُنِيَ بهِ الإِنسانُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ، عَنْ سفيانَ، عَمَّنْ سَمِعَ مجاهداً يَقُولُ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}؛ قُلْتُ: يَعْنِي بِهِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ! إِنَّمَا يَعْنِي بهِ الإِنسانَ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سفيانَ، عَنْ منصورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}؛ أَعْنِي بهِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ! إِنَّمَا عُنِيَ بهِ الإِنسانُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الكلبيِّ {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}؛ إِنَّمَا يَعْنِي الإِنسانَ، يَقُولُ: خَلَقْتُكَ في أحسنِ تقويمٍ، فما يُكَذِّبُكَ أَيُّهَا الإِنسانُ بَعْدُ بالدِّينِ.؟
وقالَ آخرونَ: إِنَّمَا عُنِيَ بذلكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقيلَ لهُ: اسْتَيْقِنْ معَ مَا جَاءَكَ مِنَ اللَّهِ مِنَ البيانِ أنَّ اللَّهَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ، قولُهُ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}. أي: اسْتَيْقِنْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ اللَّهِ البيانُ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}.
وأَوْلَى الأقوالِ في ذلكَ عندِي بالصوابِ قولُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى " مَا " مَعْنَى " مَنْ ". وَوَجْهُ تَأْوِيلِ الكلامِ إِليَّ: فَمَنْ يُكَذِّبُكَ يا مُحَمَّدُ بَعْدَ الذي جَاءَكَ مِنْ هذا البيانِ مِنَ اللَّهِ بالدينِ؟ يَعْنِي: بطاعةِ اللَّهِ، وَمُجَازَاتِهِ العبادَ على أعمالِهِم. وَقدْ تَأَوَّلَ ذلكَ بعضُ أهلِ العربيَّةِ بِمَعْنَى: فَمَا الذي يُكَذِّبُكَ بِأَنَّ الناسَ يُدَانُونَ بِأَعْمَالِهِمْ؟ وَكأنَّهُ قَالَ: فَمَنْ يَقْدِرُ على تَكْذِيبِكَ بالثوابِ وَالعقابِ بعدَ ما تَبَيَّنَ لهُ خَلْقُنَا الإِنسانَ على ما وَصَفْنَا.
واخْتَلَفُوا في معنَى قولِهِ: {بِالدِّينِ}؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: بالحِسَابِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأسودِ الطَّفَاوِيُّ، قَالَ: ثنا محمدُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ النَّضْرِ بنِ عَرَبِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}؛ قَالَ: الحسابِ.
وقالَ آخرونَ: مَعْنَاهُ: بِحُكْمِ اللَّهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}؛ يَقُولُ: ما يُكَذِّبُكَ بِحُكْمِ اللَّهِ.
وأَوْلَى القَوْلَيْنِ فِي ذلكَ بالصوابِ قولُ مَنْ قَالَ: الدينُ في هذا الموضعِ الجزاءُ وَالحسابُ. وَذلكَ أنَّ أَحَدَ مَعَانِي الدينِ في كلامِ العربِ الجزاءُ وَالحسابُ، وَمنهُ قولُهُم: كَمَا تَدِينُ تُدَانُ. وَلا أَعْرِفُ مِنْ مَعَانِي الدِّينِ “ الحُكْمُ “ في كلامِهِم، إِلاَّ أنْ يَكُونَ مُرَاداً بذلكَ: فَمَا يُكَذِّبُكَ بعدُ بِأَمْرِ اللَّهِ الذي حَكَمَ بهِ عليكَ أنْ تُطِيعَهُ فِيهِ؟ فيكونُ ذلكَ). [جامع البيان: 24 / 523-525]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: مَسْجِدُ نوحٍ الذي بُنِيَ أعلى الجُودِيِّ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قالَ: بيتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: مَسْجِدُ الطُّورِ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مكَّةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ يقولُ: يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العُمُرِ، كَبِرَ حتى ذَهَبَ عقلُه، هم نَفَرٌ كانُوا على عهدِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسُئِلَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينَ َسَفَّهَتْ عُقُولُهم، فأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهم أنَّ لهم أَجْرَهُم الذي عَمِلُوا قبلَ أن تَذْهَبَ عُقُولُهم، {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}؛ يقولُ: بحكمِ اللَّهِ). [الدر المنثور: 15 / 507-508]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ عساكِرَ، عن قتادةَ في قَوْلِهِ: {وَالتِّينِ}؛ قالَ: التينُ: الجبلُ الذي عليه دَمِشْقُ، {وَالزَّيْتُونِ}؛ الذي عليه بيتُ المَقْدِسِ، {وَطُورِ سِينِينَ}؛ قالَ: جبلٌ بالشامِ مبارَكٌ، حَسَنٌ، ذو شَجَرٍ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}؛ قالَ: مَكَّةُ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ}؛ قالَ: وَقَعَ القَسَمُ هاهنا، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}؛ قالَ: جَهَنَّمُ، {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}؛ يقولُ: اسْتَيْقِنْ؛ فقدْ جاءَكَ مِن اللَّهِ البيانُ). [الدر المنثور: 15 / 508-509]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ،
عن منصورٍ، قالَ: قلتُ لمُجَاهِدٍ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}، و{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ}[الماعون]. عُنِيَ به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، إنما عُنِيَ به الإنسانُ). [الدر المنثور: 15 / 517]

تفسير قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أميّة عن شيخٍ سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلم]: إذا قرأ أحدكم: {والتين والزيتون}، فبلغ آخرها فليقل: بلى، وإذا قرأ: {لا أقسم بيوم القيامة}، فبلغ آخرها، فليقل: بلى، وإذا قرأ {والمرسلات عرفاً}، فبلغ آخرها: {فبأي حديثٍ بعده يؤمنون}، فليقل: {آمنّا باللّه}). [الجامع في علوم القرآن: 3/ 17]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني مسلم بن خالدٍ، عن إسماعيل بن أمية، عن رسول الله عليه [صلى الله عليه وسلم] السّلام مثله، إلا أنّه قال في آخر: {والتين والزيتون}: فليقل: آمنت باللّه وبما أنزل). [الجامع في علوم القرآن: 3/ 18]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر: وكان قتادة إذا تلا {أليس الله بأحكم الحكمين}؛ قال: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين أحسبه كان يرفع ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 383]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه كان إذا قرأ: أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى، قال: بلى). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 383]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن إسماعيل بن أمية أن النبي كان إذا قرأ فبأي حديث بعده يؤمنون، قال: آمنت بالله وبما أنزل وإذا قرأ: {أليس الله بأحكم الحاكمين}؛ قال: بلى وإذا قرأ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى قال بلى). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 383]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان، عن إسماعيل بن أميّة، قال: سمعت رجلاً بدويًّا أعرابيًّا، يقول: سمعت أبا هريرة يرويه يقول: من قرأ سورة: والتّين والزّيتون فقرأ: {أليس اللّه بأحكم الحاكمين} فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشّاهدين.
هذا حديثٌ إنّما يروى بهذا الإسناد عن هذا الأعرابيّ، عن أبي هريرة ولا يسمّى). [سنن الترمذي: 5 / 300]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}؛ يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: أليسَ اللَّهُ يا محمدُ, بأحكمِ مَنْ حَكَمَ في أحكامِهِ وَفَصْلِ قَضَائِهِ بينَ عِبَادِهِ؟ وَكانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا قَرَأَ ذلكَ فيما بَلَغَنَا قَالَ:
«بَلَى».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}. ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ إِذا قَرَأَهَا قَالَ:
«بَلَى، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذا قَرَأَ: {ألَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}؟ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، وَبَلَى.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: كانَ قتادةُ إِذا تَلا: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}؛ قَالَ: بَلَى، وَأنا عَلَى ذلكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ، أَحْسَبُهُ كانَ يَرْفَعُ ذلكَ؛ وَإِذا قَرَأَ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}؛ قَالَ: بَلَى، وَإِذا تَلا: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}؛ قَالَ: آمَنْتُ باللَّهِ، وَبِمَا أُنْزِلَ). [جامع البيان: 24 / 525-526]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ الخطِيبُ، وابنُ عساكِرَ، بسَنَدٍ فيه مجهولٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنسٍ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سورةُ {وَالتِّينِ}؛ على رسولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَرِحَ بها فَرَحاً شَدِيداً، حتى تَبَيَّنَ لنا شِدَّةُ فَرَحِهِ، فسَأَلْنَا ابنَ عبَّاسٍ عن تفسيرِها فقالَ: {التِّينُ} بلادُ الشامِ، و{الزَّيْتُونُ}: بلادُ فَلَسْطِينَ، {وطُورُ سِينِينَ} الذي كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عليه، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: مَكَّةَ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}: محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}: عَبَدَةُ اللاَّتِ وَالْعُزَّى، {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}: أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ، {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}: إذْ بَعَثَكَ فيهم نبيًّا وجَمَعَكَ على التقوَى يا محمدُ). [الدر المنثور: 15 / 507]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن قَتَادَةَ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}: قالَ: ذُكِرَ لنا أن نبيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يقولُ:
«بَلَى، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ»). [الدر المنثور: 15 / 517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن صالحٍ أبي الخَلِيلِ، قالَ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أَتَى على هذه الآيةِ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}؛ يقولُ:
«سُبْحَانَكَ فَبَلَى» ). [الدر المنثور: 15 / 517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي هريرةَ يَرْوِيه: مَنْ قَرَأَ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}، فَقَرَأَ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}، فلْيَقُلْ: بلى، وأنا على ذلك مِن الشاهدينَ). [الدر المنثور: 15 / 517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن جابرٍ، عن النبيِّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، قالَ:
«إِذَا قَرَأْتَ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}؛ فَقَرَأْتَ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}؛ فَقُلْ: بَلَى» ). [الدر المنثور: 15 / 517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ، عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّه كانَ إذا قَرَأَ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}؛ قالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ, فَبَلَى). [الدر المنثور: 15 / 518]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 08:29 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {والتّين والزّيتون...} قال ابن عباس: هو تينكم هذا وزيتونكم، ويقال: إنهما جبلان بالشام، وقال مرة أخرى: مسجدان بالشام، أحدهما: الذي كلّم الله تبارك وتعالى موسى صلى الله عليه وسلم عليه.
... وسمعت رجلا من أهل الشام وكان صاحب تفسير قال: التين جبال ما بين حلوان إلى همدان، والزيتون: جبال الشام). [معاني القرآن: 3/ 276]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({التّين والزّيتون}: جبلان بالشام، يقال لهما: «طور تينا، وطور زيتا» بالسّريانية. سمّيا بالتين والزيتون: لأنهما ينبتانهما). [تفسير غريب القرآن: 532]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {والتّين والزّيتون (1)} قيل: التين دمشق والزيتون بيت المقدس.
وقيل: التين جبل عليه دمشق، والزيتون جبل عليه بيت المقدس.
وقيل: {والتين والزيتون} جبلان.
وقيل: {والتين والزيتون} هذا التين الذي نعرفه، وهذا الزيتون الذي نعرفه). [معاني القرآن: 5/ 343]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} جبلان بالشام. يقال: أحدهما طور سيناء، وطور زيتا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 304]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَالتِّينِ}: الذي يؤكل {وَالزَّيْتُونِ}: مثله). [العمدة في غريب القرآن: 350]

تفسير قوله تعالى: {وَطُورِ سِينِينَ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({وطور سينين...}: جبل). [معاني القرآن: 3/ 276]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وطور سينين} جبلٌ). [مجاز القرآن: 2/ 303]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وطور سينين} قال: {وطور سينين} وواحدها "السّينينة"). [معاني القرآن: 4/ 51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({طور سنين}: جبل). [غريب القرآن وتفسيره: 434]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
({وطور سينين (2)}
جبل، وقرأ بعضهم (وطور سيناء)، وهذا القول –والله أعلم- أشبه لقوله: {وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدّهن}). [معاني القرآن: 5/ 343]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَطُورِ}: جبل، {سِينِينَ}: موضع). [العمدة في غريب القرآن: 350]

تفسير قوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وهذا البلد الأمين...} مكة، يريد: الآمن، والعرب تقول للآمن. الأمين، قال الشاعر:

ألم تعلى يا أسم ويحك أنني ....... حلفت يميناً لا أخون أميني؟
يريد؛ آمني). [معاني القرآن: 3/ 276]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وهذا البلد الأمين} يعني: مكة. يريد: الآمن). [تفسير غريب القرآن: 532]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وهذا البلد الأمين (3)}؛ يعني مكة). [معاني القرآن: 5/343]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْبَلَدِ الْأَمِينِ}: مكة). [العمدة في غريب القرآن: 350]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {في أحسن تقويمٍ...} يقول: إنا لنبلغ بالآدمي أحسن تقويمه، وهو اعتداله واستواء شبابه، وهو أحسن ما يكون). [معاني القرآن: 3/ 276](م)
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({في أحسن تقويمٍ} في أحسن صورةٍ). [مجاز القرآن: 2/ 303]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}. يريد: عدّلنا خلقه، وقوّمناه أحسن تعديل وتقويم). [تأويل مشكل القرآن: 342](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4)}؛ أي في أحسن صورة). [معاني القرآن: 5/ 343]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {في أحسن تقويمٍ...}؛ يقول: إنا لنبلغ بالآدمي أحسن تقويمه، وهو اعتداله واستواء شبابه، وهو أحسن ما يكون، ثم نرده بعد ذلك إلى أرذل العمر، وهو وإن كان واحدا، فإنه يراد به نفعل ذا بكثير من الناس، وقد تقول العرب: "أنفق ماله على فلان"، وإنما أنفق بعضه، وهو كثير في التنزيل؛ من ذلك قوله في أبي بكر: {الّذي يؤتي ماله يتزكّى} لم يرد كل ماله؛ إنما أراد بعضه.
ويقال: {ثمّ رددناه أسفل سافلين...} إلى النار). [معاني القرآن: 3/ 276-277]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أسفل سافلين} أي أرذل العمر وبدل حالا بعد حال). [مجاز القرآن: 2/ 303]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أسفل سافلين}: إلى أرذل العمر). [غريب القرآن وتفسيره: 434]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({ثمّ رددناه أسفل سافلين}: إلى الهرم و«السافلون» هم: الأطفال والزّمني والهرمي.
{إلّا الّذين آمنوا}: فمن أدركه الهرم كان له مثل أجره، إذا كان يعمل. وقال الحسن: «{أسفل سافلين}: [في] النار».
{غير ممنونٍ} أي غير مقطوع). [تفسير غريب القرآن: 532-533]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}، والسّافلون: هم الضعفاء والزّمنى والأطفال، ومن لا يستطيع حيلة، ولا يجد سبيلا. وتقول: سفل يسفل فهو سافل، وهم سافلون. كما تقول: علا يعلو فهو عال وهم عالون. وهو مثل قوله سبحانه: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النحل: 70] وأراد: أنّ الهرم يخرف ويهتز وينقص خلقه، ويضعف بصره وسمعه، وتقلّ حيلته، ويعجز عن عمل الصالحات، فيكون أسفل من هؤلاء جميعا). [تأويل مشكل القرآن: 342](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ثمّ رددناه أسفل سافلين (5)} إلى أرذل العمر، وقيل إلى الضلال كما قال عزّ وجلّ: {إنّ الإنسان لفي خسر (2) إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} وهو -واللّه أعلم- أن خلق الخلق على الفطرة فمن كفر وضل فهو المردود إلى أسفل السّافلين). [معاني القرآن: 5/ 343]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَسْفَلَ سَافِلِينَ}: أرذل العمر). [العمدة في غريب القرآن: 350]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (ثم استثنى فقال: {إلاّ الذين آمنوا} استثناء من الإنسان: لأنّ معنى الإنسان: الكثير. ومثله: {إنّ الإنسان لفي خسرٍ، إلاّ الّذين آمنوا} وهي في قراءة عبد الله (أسفل السافلين)، ولو كانت: أسفل سافل لكان صوابا؛ لأنّ لفظ الإنسان. واحدٌ، فقيل: {سافلين} على الجمع؛ لأن الإنسان في معنى جمع، وأنت تقول: هذا أفضل قائم، ولا تقول: هذا أفضل قائمين؛ لأنك تضمر لواحد، فإذا كان الواحد غير مقصود له رجع اسمه بالتوحيد وبالجمع كقوله: {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به أولئك هم المتّقون}، وقال في عسق: {وإن تصبهم سيّئةٌ بما قدّمت أيديهم فإنّ الإنسان كفورٌ} فردّ الإنسان على جمع، ورد تصبهم على الإنسان للذي أنبأتك به). [معاني القرآن: 3/ 277]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أجرٌ غير ممنونٍ} ليس فيه منٌ ويجوز غير مقطوع). [مجاز القرآن: 2/ 303]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({غير ممنون}: ليس فيه من، أي غير محسوب وقالوا غير مقطوع). [غريب القرآن وتفسيره: 434]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({ثمّ رددناه أسفل سافلين}: إلى الهرم و«السافلون» هم: الأطفال والزّمني والهرمي.
{إلّا الّذين آمنوا}: فمن أدركه الهرم كان له مثل أجره، إذا كان يعمل. وقال الحسن: «{أسفل سافلين}: [في] النار».
{غير ممنونٍ} أي غير مقطوع). [تفسير غريب القرآن: 532-533](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} يريد: عدّلنا خلقه، وقوّمناه أحسن تعديل وتقويم.
{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}، والسّافلون: هم الضعفاء والزّمنى والأطفال، ومن لا يستطيع حيلة، ولا يجد سبيلا. وتقول: سفل يسفل فهو سافل، وهم سافلون. كما تقول: علا يعلو فهو عال وهم عالون. وهو مثل قوله سبحانه: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النحل: 70] وأراد: أنّ الهرم يخرف ويهتز وينقص خلقه، ويضعف بصره وسمعه، وتقلّ حيلته، ويعجز عن عمل الصالحات، فيكون أسفل من هؤلاء جميعا.
{إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشعراء: 227] في وقت القوّة والقدرة، فإنّهم في حال الكبر غير منقوصين، لأنّا نعلم أنا لو لم نسلبهم القدرة والقوّة لم يكونوا ينقطعون عن عمل الصّالحات، فنحن نجري لهم أجر ذلك ولا نمنّه، أي لا نقطعه ولا ننقصه، وهو معنى قول المفسرين. ومثله قوله سبحانه: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2]، والخسر: النقصان {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3] فإنهم غير منقوصين. ونحوه قول رسول الله، صلّى الله عليه وسلم: «يقول الله للكرام الكاتبين: إذا مرض عبدي فاكتبوا له ما كان يعمل في صحته، حتى أعاقبه أو أقبضه»). [تأويل مشكل القرآن: 342-343](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم أجر غير ممنون (6)} أي إلّا هؤلاء فلم يردوا إلى أسفل سافلين.
وقوله: {فلهم أجر غير ممنون} أي لا يمنّ عليهم، وقيل غير ممنون غير مقطوع.
وجواب القسم في قوله: {والتّين والزّيتون} قوله: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}). [معاني القرآن: 5/ 344]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({غَيْرُ مَمْنُونٍ}: مقطوع). [العمدة في غريب القرآن: 350]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فما يكذّبك...} يقول: فما الذي يكذبك بأن الناس يدانون بأعمالهم، كأنه قال، فمن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب بعد ما تبين له من خلقنا الإنسان على ما وصفنا). [معاني القرآن: 3/ 277]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فما يكذّبك بعد بالدّين} وقال: {فما يكذّبك بعد} فجعل {ما} للإنسان. وفي هذا القول يجوز "ما جاءني زيد" في معنى "الذي جاءني زيد"). [معاني القرآن: 4/ 51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قال: {فَمَا يُكَذِّبُكَ} أيها الإنسان {بِالدِّينِ}؟ أي: بمجازاتي إيّاك بعملك وأنا أحكم الحاكمين؟). [تأويل مشكل القرآن: 343](م)

تفسير قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 08:31 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) }

تفسير قوله تعالى: {وَطُورِ سِينِينَ (2) }

تفسير قوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) }

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) }

قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} و(أسفل السافلين) يقال: الهرم، ويقال: النار). [مجالس ثعلب: 224]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) }

قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
لعمرك والمنايا غالبات ....... لكل بني أب منها ذنوب
والمنايا والمنون سواء، و(المنون) الدهر، و(المنون) تؤنث وتذكر، فمن ذكره صرفه إلى معنى الدهر، ومن أنث صرف إلى لفظ (المنايا).
...
وسميت (منونا) لأنها تمن الأشياء أي تنقص، وقال الله جل وعز: {لهم أجر غير ممنون} غير منقوص). [شرح أشعار الهذليين: 1/ 104] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:54 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:55 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:55 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:55 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {والتّين والزّيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين * لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ * ثمّ رددناه أسفل سافلين * إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم أجرٌ غير ممنونٍ * فما يكذّبك بعد بالدّين * أليس اللّه بأحكم الحاكمين}
اختلف الناس في معنى التّين والزيتون اللذين أقسم اللّه تعالى بهما؛ فقال ابن عبّاسٍ، والحسن، ومجاهدٌ، وعكرمة، وإبراهيم، وعطاءٌ، وجابر بن زيدٍ، ومقاتلٌ: هو التين الذي يؤكل، والزيتون الذي يعتصر.
وأكل النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مع أصحابه رضي اللّه عنهم تينًا أهدي إليه فقال: «لو قلت: إنّ فاكهةً نزلت في الجنّة قلت: هذه؛ لأنّ فاكهة الجنّة بلا عجمٍ، فكلوا فإنّه يقطع البواسير، وينفع من النّقرس».
وقال عليه الصلاة والسلام: «نعم السّواك الزّيتون من الشّجرة المباركة، هي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي».
وقال كعبٌ وعكرمة: «القسم بمنابتهما، وذلك أنّ التين ينبت كثيرًا بدمشق، والزيتون ينبت بإيلاء، فأقسم اللّه تعالى بالأرضين».
وقال قتادة: «هما جبلان بالشام، على أحدهما دمشق، وعلى الآخر بيت المقدس».
وقال ابن زيدٍ: «التين مسجد دمشق، والزيتون مسجد إيلياء».
وقال ابن عبّاسٍ وغيره: «التّين مسجد نوحٍ عليه السلام، على الجوديّ، والزيتون مسجد بيت المقدس».
وقيل: التين مسجد نوحٍ، والزيتون مسجد إبراهيم عليهما السلام.
وقيل: التّين، والزيتون، وطور سينين ثلاثة مساجد بالشام.
وقال محمّد بن كعبٍ القرظيّ: «التين مسجد أصحاب الكهف، والزيتون مسجد إيلياء، وأمّا طور سينين فلم يختلف أنه جبلٌ بالشام، كلّم اللّه تعالى عليه موسى عليه السلام».
واختلف في معنى {سينين}؛ فقال عكرمة ومجاهدٌ: معناه: حسنٌ مباركٌ. وقيل: معناه: ذو الشّجر.
وقرأ الجمهور: {سينين}، وقرأ ابن إسحاق وأبو رجاءٍ: (سينين) ـ بفتح السين ـ وهي لغة بكرٍ وتميمٍ، وقرأ عمر بن الخطّاب، وطلحة، والحسن، وابن مسعودٍ: (سينًا) ، بسينٍ مكسورة وألفٍ ـ وقرأ أيضًا عمر رضي اللّه عنه بفتحها.
و(البلد الأمين) مكّة بلا خلافٍ.
وقيل: معنى {سينين}: المبارك. وقيل: معناه: شجرٌ، واحدها سينينةٌ. قاله الأخفش، وسعيد بن مسعدة.
و(أمينٌ) فعيلٌ من الأمن؛ بمعنى: آمنٌ، أي: آمنٌ من فيه، ومن دخله، وما فيه من طيرٍ وحيوانٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 647-648]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والقسم واقعٌ على قوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ}. ولا يدفع هذا أن يكون غيره من المخلوقات - كالشمس وغيرها - أحسن تقويمًا منه بالمناسبة.
وقال بعض العلماء بالعموم، أي: أن الإنسان أحسن المخلوقات تقويمًا، ولم ير قومٌ الحنث على من حلف بالطلاق أنّ زوجته أحسن من الشمس، واحتجّوا بهذه الآية.
واختلف الناس في تقويم الإنسان ما هو؟ فقال النّخعيّ، ومجاهدٌ، وقتادة: «حسن صورته وحواسّه». وقال بعضهم: هو انتصاب قامته. وقال أبو بكر بن طاهرٍ في كتاب الثّعلبيّ: «هو عقله وإدراكه، اللذان زيّناه بالتميّز».
وقال عكرمة: «هو الشباب والقوة».
والصواب أن جميع هذا هو حسن التقويم، إلا قول عكرمة؛ إذ قد يفضل فيه بعض الحيوان.
و(الإنسان) هنا اسم الجنس، وتقدير الكلام: في تقويمٍ أحسن تقويمٍ؛ لأنّ (أحسن) صفةٌ لا بدّ أن تجري على موصوفٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 648]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في معنى قوله تعالى: {ثمّ رددناه أسفل سافلين}؛ فقال عكرمة، وقتادة، والضّحّاك، والنّخعيّ: معناه: بالهرم وذهول العقل وتغلّب الكبر، حتى يصير لا يعلم شيئًا، أما إنّ المؤمن مرفوعٌ عنه القلم. والاستثناء - على هذا - منقطعٌ. وهذا قولٌ حسنٌ، وليس المعنى أن كلّ إنسانٍ يعتريه هذا، بل في الجنس من يعتريه ذلك، وهذه عبرٌ منصوبةٌ. وقرأ ابن مسعودٍ: (السّافلين) بالألف واللام). [المحرر الوجيز: 8/ 648]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى أنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات - وإن نال بعضهم هذا في الدنيا - فلهم في الآخرة أجرٌ عظيمٌ غير ممنونٍ، وقال الحسن، ومجاهدٌ، وقتادة، وابن زيدٍ، وأبو العالية: المعنى: رددناه أسفل سافلين في النار على كفره. ثمّ استثنى تعالى الذين آمنوا استثناءً متّصلًا، فهم - على هذا - ليس فيهم من يردّ أسفل سافلين، وفي حديث أنسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا بلغ المؤمن خمسين سنةً خفّف اللّه حسابه، وإذا بلغ السّتّين رزقه اللّه الإنابة إليه، فإذا بلغ السّبعين أحبّه أهل السّماء، فإذا بلغ ثمانين كتبت حسناته، وتجاوز اللّه عن سيّئاته، فإذا بلغ تسعين غفرت ذنوبه، وشفع في أهل بيته، وكان أسير اللّه في أرضه، فإذا بلغ مائةً - ولم يعمل شيئًا - كتب له مثل ما كان يعمل في صحّته، ولم تكتب عليه سيّئةٌ».
وفي حديث: «إنّ المؤمن إذا ردّ إلى أرذل العمر كتب له خير ما كان يعمل في قومه، وذلك أجرٌ غير ممنونٍ».
و(ممنونٌ) معناه: محسوبٌ مصرّدٌ يمنّ عليهم به. قاله مجاهدٌ وغيره، وقال كثيرٌ من المفسّرين: معناه: مقطوعٌ. من قولهم: (حبلٌ منينٌ) أي: ضعيفٌ منقطعٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 649]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف في المخاطب بقوله تعالى: {فما يكذّبك بعد بالدّين}؛ فقال قتادة، والفرّاء، والأخفش: «هو محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم»، قال اللّه تعالى له: فما الذي يكذّبك فيما تخبر به من الجزاء والبعث - وهو الدّين - بعد هذه العبرة التي يوجب النّظر فيها صحّة ما قلت؟!
ويحتمل أن يكون (الدّين) - على هذا التأويل - جميع دينه وشرعه.
وقال جمهورٌ من المتأوّلين: المخاطب الإنسان الكافر، أي: ما الذي يجعلك كذّابًا بالدين، تجعل له تعالى أندادًا، وتزعم ألاّ بعث بعد هذه الدلائل؟
قال منصورٌ: قلت لمجاهدٍ: قوله تعالى: {فما يكذّبك بعد بالدّين} «يراد به النبيّ عليه الصلاة والسلام؟» فقال: «معاذ اللّه. يعني به الشّاكّ»). [المحرر الوجيز: 8/ 649]

تفسير قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ وقف تعالى جميع خلقه على أنه سبحانه أحكم الحاكمين، على جهة التقرير، وروي عن قتادة، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا قرأ هذه السورة قال: «بلى، وأنا على ذلكم من الشّاهدين» ). [المحرر الوجيز: 8/ 650]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:55 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:55 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم الله الرّحمن الرّحيم
{والتّين والزّيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين * لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ * ثمّ رددناه أسفل سافلين * إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم أجرٌ غير ممنونٍ * فما يكذّبك بعد بالدّين * أليس اللّه بأحكم الحاكمين}
اختلف المفسّرون ههنا على أقوالٍ كثيرةٍ؛ فقيل: المراد بالتين مسجد دمشق. وقيل: هي نفسها. وقيل: الجبل الذي عندها.
وقال القرظيّ: «هو مسجد أصحاب الكهف».
وروى العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: «أنه مسجد نوحٍ الذي على الجوديّ».
وقال مجاهدٌ: «هو تينكم هذا».
{والزّيتون} قال كعب الأحبار، وقتادة، وابن زيدٍ، وغيرهم: «هو مسجد بيت المقدس».
وقال مجاهدٌ وعكرمة: «هو هذا الزيتون الذي تعصرون».
{وطور سينين} قال كعب الأحبار وغير واحدٍ: «هو الجبل الذي كلّم الله عليه موسى».
{وهذا البلد الأمين} يعني: مكّة. قاله ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة والحسن، وإبراهيم النّخعيّ، وابن زيدٍ، وكعب الأحبار، ولا خلاف في ذلك.
وقال بعض الأئمّة: هذه محالّ ثلاثةٌ، بعث الله في كلّ واحدةٍ منها نبيًّا مرسلاً من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار:
فالأوّل: محلّة التين والزيتون، وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم.
والثاني: طور سينين، وهو طور سيناء، الذي كلّم الله عليه موسى بن عمران.
والثالث: مكّة، وهو البلد الأمين، الذي من دخله كان آمناً، وهو الذي أرسل فيه محمداً صلّى الله عليه وسلّم.
قالوا: وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: جاء الله من طور سيناء – يعني: الذي كلّم الله عليه موسى- وأشرق من ساعير - يعني: جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى - واستعلن ‌من جبال فاران. يعني: جبال مكّة التي أرسل الله منها محمداً صلّى الله عليه وسلّم، فذكرهم مخبراً عنهم على الترتيب الوجوديّ بحسب ترتيبهم في الزمان، ولهذا أقسم بالأشرف ثمّ الأشرف منه، ثمّ بالأشرف منهما). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 434-435]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ} هذا هو المقسم عليه، وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورةٍ وشكلٍ، منتصب القامة، سويّ الأعضاء، حسنها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 435]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ رددناه أسفل سافلين} أي: إلى النار. قاله مجاهدٌ، وأبو العالية، والحسن، وابن زيدٍ، وغيرهم. ثمّ بعد هذا الحسن والنّضارة مصيره إلى النار إن لم يطع الله ويتّبع الرسل.
ولهذا قال: {إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}.
وقال بعضهم: {ثمّ رددناه أسفل سافلين} أي: إلى أرذل العمر. وروي هذا عن ابن عبّاسٍ وعكرمة، حتى قال عكرمة: من جمع القرآن لم يردّ إلى أرذل العمر. واختار ذلك ابن جريرٍ، ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك؛ لأنّ الهرم قد يصيب بعضهم، وإنما المراد ما ذكرناه، كقوله: {والعصر * إنّ الإنسان لفي خسرٍ * إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}.
وقوله: {فلهم أجرٌ غير ممنونٍ} أي: غير مقطوعٍ، كما تقدّم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 435]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {فما يكذّبك} أي: يا بن آدم {بعد بالدّين} أي: بالجزاء في المعاد، وقد علمت البدءة، وعرفت أنّ من قدر على البدءة فهو قادرٌ على الرّجعة بطريق الأولى، فأيّ شيءٍ يحملك على التكذيب بالمعاد وقد عرفت هذا؟.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن سنانٍ، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصورٍ، قال: قلت لمجاهدٍ: {فما يكذّبك بعد بالدّين}« عنى به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: معاذ الله! عنى به الإنسان». وهكذا قال عكرمة وغيره). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 435]

تفسير قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أليس الله بأحكم الحاكمين}؟ أي: أما هو أحكم الحاكمين، الذي لا يجور ولا يظلم أحداً؟! ومن عدله أن يقيم القيامة، فينتصف للمظلوم في الدنيا ممّن ظلمه، وقد قدّمنا في حديث أبي هريرة مرفوعاً: «فإذا قرأ أحدكم: {والتّين والزّيتون} فأتى آخرها: {أليس الله بأحكم الحاكمين} فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشّاهدين» ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 435]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة