العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنبياء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:49 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الأنبياء [من الآية(36) إلى الآية(40)]

{وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36) خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:50 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا رآك الّذين كفروا إن يتّخذونك إلاّ هزوًا أهذا الّذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرّحمن هم كافرون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وإذا رآك} يا محمّد {الّذين كفروا} باللّه {إن يتّخذونك إلاّ هزوًا} يقول: ما يتّخذونك إلاّ سخريًّا، يقول بعضهم لبعضٍ: {أهذا الّذي يذكر آلهتكم} يعني بقوله: {يذكر آلهتكم} بسوءٍ، ويعيبها، تعجّبًا منهم من ذلك. يقول اللّه تعالى ذكره: فيعجبون من ذكرك يا محمّد آلهتهم الّتي لا تضرّ ولا تنفع بسوءٍ. {وهم بذكر الرّحمن} الّذي خلقهم وأنعم عليهم، ومنه نفعهم، وبيده ضرّهم، وإليه مرجعهم بما هو أهله منهم، أن يذكروه به {كافرون}.
والعرب تضع الذّكر موضع المدح والذّمّ، فيقولون: سمعنا فلانًا يذكر فلانًا، وهم يريدون سمعناه يذكره بقبيحٍ، ويعيبه، ومن ذلك قول عنترة:
لا تذكري مهري وما أطعمته = فيكون جلدك مثل جلد الأجرب
يعني بذلك: لا تعيبي مهري وسمعناه يذكر بخيرٍ). [جامع البيان: 16/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 36
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم على أبي سفيان وأبي جهل وهما يتحدثان فلما رآه أبو جهل ضحك وقال لأبي سفيان: هذا نبي بني عبد مناف، فغضب أبو سفيان فقال: ما تنكرون أن يكون لبني عبد مناف نبي، فسمعها النّبيّ صلى الله عليه وسلم فرجع إلى أبي جهل فوقع به وخوفه وقال: ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك، وقال لأبي سفيان: أما إنك لم تقل ما قلت إلا حمية فنزلت هذه الآية {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا} الآية). [الدر المنثور: 10/293-294]

تفسير قوله تعالى: (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني شبيب عن شعبة عن الحكم أنّ سلمان الفارسيّ قال: أوّل ما خلق اللّه من آدم وجهه ورأسه، فجعل ينظر وهو يخلق؛ قال: وبقيت رجلاه، فلمّا كان بعد العصر [قال]: يا ربّ، عجّل قبل اللّيل، قال: فأنزلت: {خلق الإنسان من عجلٍ}). [الجامع في علوم القرآن: 2/26]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى خلق الإنسان من عجل قال خلق الإنسان عجولا). [تفسير عبد الرزاق: 2/24]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: {خلق الانسان من عجل} قال: آدم [الآية: 37]). [تفسير الثوري: 201]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجلٍ سأريكم آياتي فلا تستعجلون (37) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}.
يقول تعالى ذكره: {خلق الإنسان} يعني آدم {من عجلٍ}.
واختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: من عجلٍ في بنتيه، وخلقه، كان من العجلة، وعلى العجلة.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قوله: {خلق الإنسان من عجلٍ} قال: لمّا نفخ فيه الرّوح في ركبتيه ذهب لينهض، فقال اللّه: {خلق الإنسان من عجلٍ}.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا نفخ فيه يعني في آدم الرّوح، فدخل في رأسه عطس، فقالت الملائكة: قل الحمد للّه، فقال: الحمد للّه. فقال اللّه له: رحمك ربّك فلمّا دخل الرّوح في عينيه نظر إلى ثمار الجنّة، فلمّا دخل في جوفه اشتهى الطّعام، فوثب قبل أن تبلغ الرّوح رجليه عجلان إلى ثمار الجنّة، فذلك حين يقول: {خلق الإنسان من عجلٍ} يقول: خلق الإنسان عجولاً.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {خلق الإنسان من عجلٍ} قال: خلق عجولاً.
وقال آخرون: معناه: خلق الإنسان من عجلٍ، أي من تعجيلٍ في خلق اللّه إيّاه، ومن سرعةٍ فيه، وعلى عجلٍ. وقالوا: خلقه اللّه في آخر النّهار يوم الجمعة قبل غروب الشّمس على عجلٍ في خلقه إيّاه قبل مغيبها.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {خلق الإنسان من عجلٍ} قال: قول آدم حين خلق بعد كلّ شيءٍ آخر النّهار من يوم خلق الخلق، فلمّا أحيا الرّوح عينيه ولسانه ورأسه ولم تبلغ أسفله قال: يا ربّ، استعجل بخلقي قبل غروب بالشّمس.
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال مجاهدٌ: {خلق الإنسان من عجلٍ} قال آدم حين خلق بعد كلّ شيءٍ، ثمّ ذكر نحوه، غير أنّه قال في حديثه: استعجل بخلقي فقد غربت الشّمس.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {خلق الإنسان من عجلٍ} قال: على عجل آدم آخر ذلك اليوم من ذلك اليوم، يريد يوم الجمعة، وخلقه على عجلٍ، وجعله عجولاً.
وقال بعض أهل العربيّة من أهل البصرة ممّن قال نحو هذه المقالة: إنّما قال: {خلق الإنسان من عجلٍ} وهو يعني أنّه خلقه من تعجيلٍ من الأمر، لأنّه قال: {إنّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} قال: فهذا العجل. وقوله: {فلا تستعجلون} إنّي {سأريكم آياتي}.
وعلى قول صاحب هذه المقالة، يجب أن يكون كلّ خلق اللّه خلق على عجلٍ، لأنّ كلّ ذلك خلق بأن قيل له: كن، فكان. فإذا كان ذلك كذلك، فما وجه خصوص الإنسان إذًا بذكر أنّه خلق من عجلٍ دون الأشياء كلّها، وكلّها مخلوقٌ من عجلٍ؟ وفي خصوص اللّه تعالى ذكره الإنسان بذلك الدّليل الواضح، على أنّ القول في ذلك غير الّذي قاله صاحب هذه المقالة.
وقال آخرون منهم: هذا من المقلوب، وإنّما هو خلق العجل من الإنسان، وخلقت العجلة من الإنسان. وقالوا: ذلك مثل قوله: {ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة}، إنّما هو: لتنوء العصبة بها متثاقلةً. وقالوا: هذا وما أشبهه في كلام العرب كثيرٌ مشهورٌ. قالوا: وإنّما كلّم القوم بما يعقلون. قالوا: وذلك مثل قولهم: عرضت النّاقة على الحوض يريدون: عرضت الحوت على الناقه، وكقولهم: إذا طلعت الشّعرى، واستوت العود على الحرباء، أي استوت الحرباء على العود، كقول الشّاعر:
وتركب خيلاً لا هوادة بينها = وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر
وكقول ابن مقبلٍ:
حسرت كفّي عن السّربال آخذه = فردًا يجرّ على أيدي المفدّينا
يريد: حسرت السّربال عن كفّي، ونحو ذلك من المقلوب.
وفي إجماع أهل التّأويل على خلاف هذا القول الكفاية المغنية عن الاستشهاد على فساده بغيره.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القول في تأويل ذلك عندنا الّذي ذكرناه عمّن قال معناه: خلق الإنسان من عجلٍ في خلقه، أي على عجلٍ وسرعةٍ في ذلك وإنّما قيل ذلك كذلك، لأنّه بودر بخلقه مغيب الشّمس في آخر ساعةٍ من نهار يوم الجمعة، وفي ذلك الوقت نفخ فيه الرّوح.
وإنّما قلنا: ذلك أولى الأقوال الّتي ذكرناها في ذلك بالصّواب، لدلالة قوله تعالى: {سأريكم آياتي فلا تستعجلون} عليّ ذلك، وأنّ أبا كريبٍ:
- حدّثنا قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبى هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ في الجمعة لساعةً " يقلّلها قال: " لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ يسأل اللّه فيها خيرًا إلاّ أتاه اللّه إيّاه " فقال عبد اللّه بن سلامٍ: قد علمت أيّ ساعةٍ هي، هي آخر ساعات النّهار من يوم الجمعة. قال اللّه: {خلق الإنسان من عجلٍ سأريكم آياتي فلا تستعجلون}.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا المحاربيّ، وعبدة بن سليمان، وأسد بن عمرٍو، عن محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو سلمة، عن أبى هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه وذكر كلام عبد اللّه بن سلامٍ بنحوه.
فتأويل الكلام إذا كان الصّواب في تأويل ذلك ما قلنا بما به استشهدنا خلق الإنسان من تعجيلٍ ولذلك يستعجل ربّه بالعذاب. {سأريكم آياتي فلا تستعجلون} أيّها المستعجلون ربّهم بالآيات القائلون لنبيّهم محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: بل هو شاعرٌ، فليأتنا بآيةٍ كما أرسل الأوّلون، آياتي كما أريتها من قبلكم من الأمم الّتي أهلكتها بتكذيبها الرّسل، إذ أتتها الآيات: {فلا تستعجلون} يقول: فلا تستعجلوا ربّكم، فإنّا سنأتيكم بها، ونريكموها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {خلق الإنسان من عجلٍ} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار: {خلق الإنسان من عجلٍ} بضمّ الخاء على مذهب ما لم يسمّ فاعله. وقرأه حميدٌ الأعرج: ( خلق ) بفتحها، بمعنى: خلق اللّه الإنسان.
والقراءة الّتي عليها قرّاء الأمصار، هي القراءة الّتي لا أستجيز خلافها). [جامع البيان: 16/270-275]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد خلق الإنسان من عجل قال خلق آدم عليه السلام حين خلق بعد كل شيء في آخر النهار من يوم خلق الخلق فلما أحيى الروح عينيه ولسانه ورأسه ولم يبلغ أسفله قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس). [تفسير مجاهد: 410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 37 - 38.
أخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة قال: لما نفخ في آدم الروح ماد في رأسه فعطس فقال: الحمد لله، فقالت الملائكة: يرحمك الله فذهب لينهض قبل أن تمور في رجليه فوقع فقال الله: {خلق الإنسان من عجل} ). [الدر المنثور: 10/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال: أول ما نفخ فيه الروح نفخ في رأسه ثم في ركبتيه فذهب ليقوم قال: {خلق الإنسان من عجل} ). [الدر المنثور: 10/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {خلق الإنسان من عجل} قال: آدم حين خلق بعد كل شيء آخر النهار من يوم خلق الخلق فلما أجرى الروح في عينيه ولسانه ورأسه ولم يبغ أسفله قال: يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس). [الدر المنثور: 10/294-295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: نفخ الرب تبارك وتعالى الروح في نافوخ آدم فأبصر ولم يعقل حتى إذا بلغ الروح قلبه ونظر فرأى الجنة ففعرف أنه إن قام دخلها ولم يبلغ الروح أسفله فتحرك فذلك قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} ). [الدر المنثور: 10/295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {خلق الإنسان من عجل} قال: خلق عجولا، والله أعلم). [الدر المنثور: 10/295]

تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} يقول تعالى ذكره: ويقول هؤلاء المستعجلون ربّهم بالآيات والعذاب لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: متى هذا الوعد؟ يقول: متى يجيئنا هذا الّذي تعدنا من العذاب إن كنتم صادقين، فيما تعدوننا به من ذلك؟
وقيل: {هذا الوعد} والمعنى: الموعود، لمعرفة السّامعين معناه. وقيل: {إن كنتم صادقين} كأنّهم قالوا ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وللمؤمنين به.
و ( متى ) في موضع نصبٍ، لأنّ معناه: أيّ وقتٍ هذا الوعد، وأيّ يومٍ هو؟ فهو نصب على الظّرف لأنّه وقتٌ). [جامع البيان: 16/276]

تفسير قوله تعالى: (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لو يعلم الّذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون}.
يقول تعالى ذكره: لو يعلم هؤلاء الكفّار المستعجلون عذاب ربّهم ماذا لهم من البلاء حين تلفح وجوههم النّار، وهم فيها كالحون، فلا يكفّون عن وجوههم النّار الّتي تلفحها، ولا عن ظهورهم، فيدفعونها عنها بأنفسهم {ولاهم ينصرون} يقول: ولا لهم ناصرٌ ينصرهم، فيستنقذهم حينئذٍ من عذاب اللّه، لما أقاموا على ما هم عليه مقيمون من الكفر باللّه، ولسارعوا إلى التّوبة منه والإيمان باللّه، ولما استعجلوا لأنفسهم البلاء). [جامع البيان: 16/276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 39 - 41.
أخرج البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما منكم أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه حجاب يحجبه ولا ترجمان يترجم له فيقول: ألم أوتك مالا فيقول: بلى، فيقول: ألم أرسل إليك رسولا فيقول: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار وينظر عن يساره فلا يرى إلا النار وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار فليتق أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة). [الدر المنثور: 10/295-296]

تفسير قوله تعالى: (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل تأتيهم بغتةً فتبهتهم فلا يستطيعون ردّها ولا هم ينظرون}.
يقول تعالى ذكره: لا تأتي هذه النّار الّتي تلفح وجوه هؤلاء الكفّار الّذين وصف أمرهم في هذه السّورة حين تأتيهم عن علمٍ منهم بوقتها، ولكنّها تأتيهم مفاجأةً لا يشعرون بمجيئها {فتبهتهم} يقول: فتغشاهم فجأةً، وتلفح وجوههم معاينةً كالرّجل يبهت الرّجل في وجهه بالشّيء، حتّى يبقى المبهوت كالحيران منه {فلا يستطيعون ردّها} يقول: فلا يطيقون حين تبغتهم فتبهتهم دفعها عن أنفسهم {ولا هم ينظرون} يقول: ولا هم وإن لم يطيقوا دفعها عن أنفسهم يؤخّرون بالعذاب بها لتوبةٍ يحدثونها، وإنابةٍ ينيبون، لأنّها ليست حين عملٍ، وساعة توبةٍ وإنابةٍ، بل هي ساعة مجازاةٍ وإثابةٍ). [جامع البيان: 16/276-277]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:51 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
Post

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا رآك الّذين كفروا} [الأنبياء: 36] يقوله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{إن يتّخذونك إلا هزوًا أهذا الّذي يذكر آلهتكم} [الأنبياء: 36] يقوله بعضهم لبعضٍ أي: يعيبها ويشتمها.
قال اللّه: {وهم بذكر الرّحمن هم كافرون} [الأنبياء: 36] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/312]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أهذا الّذي يذكر آلهتكم...}

يريد: يعيب آلهتكم. وكذلك قوله: {سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم} أي يعيبهم. وأنت قائل للرجل: لئن ذكرتني لتندمنّ وأنت تريد: بسوء قال عنترة:
لا تذكري مهري وما أطعمته = فيكون جلدك مثل جلد الأشهب
أي لا تعيبيني بأثرة مهري فجعل الذكر عيباً). [معاني القرآن: 2/202-203]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم يقال للخير: بلاء، وللشر: بلاء، لأنّ الاختبار الذي هو بلاء وابتلاء يكون بهما.
قال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}، أي نختبركم بالشر، لنعلم كيف صبركم؟ وبالخير، لنعلم كيف شكركم؟.
(فتنة) أي اختبارا. ومنه يقال: اللهم لا تبلنا إلا بالتي هي أحسن. أي لا تختبرنا إلا بالخير، ولا تختبرنا بالشر.
يقال من الاختبار: بلوته أبلوه بلوا، والاسم بلاء. ومن الخير: أبليته أبليه إبلاء.
ومنه يقال: يبلى ويولي.
قال زهير:
فأبلاهما خيرَ البلاء الذي يَبْلُو
أي: خير البلاء الذي يختبر به عباده.
ومن الشر: بلاه الله يبلوه بلاء). [تأويل مشكل القرآن: 469-470]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا رآك الّذين كفروا إن يتّخذونك إلّا هزوا أهذا الّذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرّحمن هم كافرون}
{أهذا الّذي يذكر آلهتكم} (هذا) على إضمار الحكاية، المعنى وإذا رآك الّذين كفروا إن يتّخذونك إلّا هزوا يقولون أهذا الذي يذكر آلهتكم.
والمعنى أهذا الذي يعيب آلهتكم يقال فلان يذكر الناس أي يغتابهم ويذكرهم بالعيوب، ويقال فلان يذكر اللّه، أي يصفه بالعظمة، ويثني عليه ويوحّده.
وإنما يحذف مع الذكر ما عقل معناه.
قال الشاعر:
لا تذكري فرسي وما أطعمته= فيكون لونك مثل لون الأجرب
المعنى لا تذكري فرسي وإحساني إليه فتعيبيني بإيثاري إيّاه عليك). [معاني القرآن: 3/392]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أهذا الذي يذكر آلهتكم} أي: يعيبها، ويتنقصها). [ياقوتة الصراط: 360]

تفسير قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {خلق الإنسان من عجلٍ} [الأنبياء: 37] خلق آدم آخر ساعات النّهار من يوم الجمعة بعد ما خلق الخلق، فلمّا أحيا الرّوح عينيه ورأسه ولم يبلغ أسفله قال: ربّ استعجل بخلقي، قد غربت الشّمس.
هذا تفسير مجاهدٍ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/312]
- نا خداشٌ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خير يومٍ طلعت فيه الشّمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنّة، وفيه هبط منها، وفيه تقوم السّاعة، وفيه ساعةٌ، ثمّ قبض يده يقلّلها، لا يوافقها مسلمٌ يصلّي يسأل اللّه خيرًا إلا أعطاه إيّاه».
قال: فقال عبد اللّه بن سلامٍ: قد علمت أيّ ساعةٍ هي، هي آخر ساعات النّهار من يوم الجمعة، وهي السّاعة الّتي خلق اللّه فيها آدم.
قال اللّه: {خلق الإنسان من عجلٍ سأريكم آياتي فلا تستعجلون} [الأنبياء: 37] وقال قتادة: {خلق الإنسان من عجلٍ} [الأنبياء: 37] خلق عجولًا.
قال اللّه: {سأريكم آياتي فلا تستعجلون} [الأنبياء: 37] وذلك لمّا كانوا يستعجلون به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، لمّا خوّفهم به من العذاب، وذلك منهم استهزاءٌ وتكذيبٌ.
قال الحسن: يعني الموعد الّذي وعده اللّه في الدّنيا: القتل لهم، والنّصر عليهم، والعذاب لهم في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/313]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {خلق الإنسان من عجلٍ...}

وعلى عجلٍ كأنك قلت: بنيته وخلقته من العجلة وعلى العجلة). [معاني القرآن: 2/203]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {خلق الإنسان من عجل} مجازه مجاز خلق العجل من الإنسان وهو العجلة والعرب تفعل هذا إذا كان الشيء من سبب الشيء بدءوا بالسبب،
وفي آية أخرى {ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوّة}.
والعصبة هي التي تنوء بالمفاتيح، ويقال: إنها لتنوء عجيزتها، والمعنى أنها هي التي تنوء بعجيزتها،
قال الأعشى:
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته=وأن تعلمي أن المعان موفّق
أي أن الموفق معان، وقال الأخطل:
مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت=نجران اوبلغت سوآتهم هجر
وإنما السّوءة البالغة هجر، وهذا البيت مقلوب وليس بمنصوب). [مجاز القرآن: 2/38-39]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {خلق الإنسان من عجلٍ سأوريكم آياتي فلا تستعجلون}
وقال: {خلق الإنسان من عجلٍ سأوريكم آياتي فلا تستعجلون} يقول: "من تعجيلٍ من الأمر، لأنه قال: {إنّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نّقول له كن}،
فهذا العجل كقوله: {فلا تستعجلوه} وقوله: {فلا تستعجلون} فإنّني {سأوريكم آياتي} ). [معاني القرآن: 3/7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {خلق الإنسان من عجل}: روي عن ابن عباس أنه قال: العجل: الطين.
وأنشدوا هذا البيت:
النبع في الصخرة الصماء منبته = والنخل منبته في السهل والعجل
وقال بعضهم معناه: خلق الإنسان عجلا). [غريب القرآن وتفسيره: 255-254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خلق الإنسان من عجلٍ} أي خلقت العجلة في الإنسان، وهذا من المقدم والمؤخر، وقد بينت ذلك في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 286]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (... وقال عز وجل: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} أي خلق العجل من الإنسان، يعني العجلة.
كذلك قال أبو عبيدة. ومن المقلوب ما قلب على الغلط كقول خِدَاش بن زهير:
وتركبُ خيلٌ لا هوادَة بينها = وتعصِى الرِّمَاح بالضَّيَاطِرَةِ الحُمْرِ
أي: (تعصي الضياطرة بالرّماح) وهذا ما لا يقع فيه التّأويل، لأن الرماح لا تعصى بالضّياطرة وإنما يعصى الرجال بها، أي يطعنون.
ومنه قول الآخر:
أسلَمْتُه في دمشقَ كما = أسلمَتْ وحشيَّةٌ وَهَقَا
[تأويل مشكل القرآن: 197-198]
أراد: (كما أسلم وحشية وهق) فقلب على الغلط.
وقال آخر:
كانت فريضةَ ما تقول كَمَا = كان الزِّنَاءُ فريضةُ الرَّجْمِ
أراد (كما كان الرجم فريضة الزنى).
وكان بعض أصحاب اللغة يذهب في قول الله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} إلى مثل هذا في القلب، ويقول: وقع التشبيه بالراعي في ظاهر الكلام، والمعنى للمنعوق به وهو الغنم.
وكذلك قوله سبحانه: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} أي: تنهض بها وهي مثقلة.[تأويل مشكل القرآن: 199]
وقال آخر في قوله سبحانه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي: وإن حبّه للخير لشديد.
وفي قوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} أي: اجعل المتّقين لنا إماما في الخير.
وهذا ما لا يجوز لأحد أن يحكم به على كتاب الله عزّ وجلّ لو لم يجد له مذهبا، لأنّ الشعراء تقلب اللفظ، وتزيل الكلام على الغلط، أو على طريق الضرورة للقافية، أو لاستقامة وزن البيت. فمن ذلك قول لبيد:
نحن بنو أمّ البنين الأربعة
قال ابن الكلبي: هم خمسة، فجعلهم للقافية أربعة.
وقال آخر يصف إبلا:
صبَّحن من كاظمة الخصَّ الخَرِب = يحملْنَ عَبَّاسَ بنَ عبدَ المطَّلِب
أراد: (عبد الله بن عباس) فذكر أباه مكانه.
وقال الصّلتان:
أرى الخطفيَّ بذَّ الفرزدقَ شعرُه = ولكنَّ خيرًا مُن كُليب مُجَاشع
أراد: «أرى جريراً بذَّ الفرزدق شعره» فلم يمكنه فذكر جدّه.
وقال ذو الرّمة:
عشيَّةَ فرَّ الحارثيُّون بعدَما = قضى نَحْبَه في ملتقى القوم هَوْبُرُ
قال ابن الكلبي: هو (يزيد بن هوبر) فاضطرّ.
وقال (أوس):
فهل لكم فيها إليَّ فإنّني = طبيب بما أعيا النِّطاسيَّ حِذْيَمَا
أراد: (ابن حذيم) وهو طبيب كان في الجاهلية وقال ابن ميّادة وذكر بعيرا:
كأنَّ حيثُ تلتقي منه المُحُلْ = من جانبيه وَعِلَينِ وَوَعِل
أراد: وَعِلَينِ من كل جانب، فلم يمكنه فقال: وَوَعِل.
وقال أبو النجم:
ظلَّت وَوِرْدٌ صادقٌ مِن بالِها = وظلَّ يوفِي الأُكُمَ ابنُ خالِها
أراد فحلها؛ فجعله ابن خالها.
وقال آخر:
مثل النصارى قتلوا المسيح
أراد: اليهود.
وقال آخر:
ومحور أخلص من ماء اليَلَب
واليلب: سيور تجعل تحت البيض، فتوهّمه حديدا.
وقال رؤبة:
أو فضّة أو ذهب كبريتُ
وقال أبو النجم:
كلمعة البرق ببرق خلَّبُه
أراد: بخلّب برقه، فقلب.
وقال آخر:
إنَّ الكريم وأبيك يعتَمِلْ = إن لم يجد يوماً على مَن يَتَّكِلْ
أراد: إن لم يجد يوما من يتكل عليه.
في أشباه لهذا كثيرة يطول باستقصائها الكتاب.
والله تعالى لا يغلطُ ولا يضطرُّ، وإنما أراد: ومثل الذين كفروا ومثلنا في وعظهم كمثل الناعق بما لا يسمع، فاقتصر على قوله: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا}،
وحذف ومثلنا، لأنّ الكلام يدل عليه. ومثل هذا كثير في الاختصار.
وقال الفراء: أراد: ومثل واعظ الذين كفروا، فحذف، كما قال: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}، أي: أهلها.
وأراد بقوله: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}، أي: تميلها من ثقلها.
قال الفراء أنشدني بعض العرب:
حتى إذا ما الْتَأَمَتْ مفاصِلُه = وَنَاءَ فِي شِقِّ الشِّمَالِ كَاهِلُه
يريد: أنه لما أخذ القوس ونزع، مال عليها.
قال: ونرى قولهم: (ما سَاءك ونَاءَك)، من هذا.
وكان الأصل (أناءك) فألقي الألف لما اتبعه (ساءك) كما قالوا: (هَنَّأَنِي وَمَرَّأَنِي)، فاتبع مرأني هنأني. ولو أفرد لقال: أمرأني.
وأراد بقوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، أي: وإنه لحبّ المال لبخيل، والشدة: البخل هاهنا، يقال: رجل شديد ومتشدّد.
وقوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، يريد: اجعلنا أئمة في الخير يقتدي بنا المؤمنون، كما قال في موضع آخر: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}، أي: قادة، كذلك قال المفسّرون.
وروي عن بعض خيار السلف: أنه كان يدعو الله أن يحتمل عنه الحديث، فحمل عنه.
وقال بعض المفسرين في قوله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، أي:اجعلنا نقتدي بمن قبلنا حتى يقتدي بنا من بعدنا. فهم على هذا التأويل متّبعون ومتّبعون). [تأويل مشكل القرآن: 200-205]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون}
قال أهل اللغة: المعنى خلقت العجلة من الإنسان، وحقيقته يدل عليها، { وكان الإنسان عجولا}، وإنما خوطبت العرب بما تعقل، والعرب تقول للذي يكثر الشيء خلقت منه، كما تقول: أنت من لعب، وخلقت من لعب، نريد المبالغة بوصفه باللعب). [معاني القرآن: 3/392]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {خلق الإنسان من عجل} قال ثعلب: العجل: العجلة، والعجل - أيضا: الطين). [ياقوتة الصراط: 360]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ}: أي خلقت العجلة في الإنسان). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 156]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِنْ عَجَلِ}: من طين). [العمدة في غريب القرآن: 207]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [الأنبياء: 38] هذا قول المشركين للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: متى هذا الّذي تعدنا به من أمر القيامة؟). [تفسير القرآن العظيم: 1/313]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم...}

(متى) في موضع نصب، لأنك لو أظهرت جوابها رأيته منصوباً فقلت: الوعد يوم كذا وكذا (ولو) جعلت (متى) في موضع رفع كما تقول: متى الميعاد؟
فيقول: يوم الخميس ويوم الخميس. وقال الله {موعدكم يوم الزّينة} فلو نصبت كان صواباً. فإذا جعلت الميعاد في نكرة من الأيّام والليالي والشهور والسنين رفعت
فلقت: معادك يومٌ أو يومان، وليلة وليلتان كما قال الله {غدوّها شهرٌ ورواحها شهرٌ} والعرب تقول: إنما البرد شهران وإنما الصيف شهران. ولو جاء نصباً كان صواباً.
وإنّما اختاروا الرفع لأنك أبهمت الشهرين فصارا جميعاً كأنهما وقت للصّيف. وإنما اختاروا النصب في المعرفة لأنها حينٌ معلومٌ مسند إلى الذي بعده، فحسنت الصّفة،
كما أنك تقول: عبد الله دونٌ من الرجال، وعبد الله دونك فتنصب، ومثله اجتمع الجيشان فالمسلمون جانبٌ والكفّار جانب.
فإذا أضفت نصبت فقلت: المسلمون جانب صاحبهم، والكفّار جانب صاحبهم فإذا لم تضف الجانب صيرتهم هم كالجانب لا أنهم فيه فقس على ذا).[معاني القرآن: 2/203-204]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى: {لو يعلم الّذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون} [الأنبياء: 39] وفيها تقديمٌ.
أي: أنّ الوعد الّذي كانوا يستعجلون به في الدّنيا هو يومٌ لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون لو يعلم الّذين كفروا). [تفسير القرآن العظيم: 1/313]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولا هم ينصرون...}

وقوله: {فمن ينصرني من الله إن عصيته}: فمن يمنعني. ذلك معناه - والله أعلم - في عامّة القرآن). [معاني القرآن: 2/204]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لو يعلم الّذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون}
أي حين لا يدفعون عن وجوههم النار، وجواب (لو) محذوف، المعنى لعلموا صدق الوعد، لأنهم قالوا {متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}.
وجعل الله عزّ وجلّ الساعة موعدهم). [معاني القرآن: 3/392-393]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {بل تأتيهم بغتةً} [الأنبياء: 40] يعني: القيامة.
{فتبهتهم} [الأنبياء: 40] مباهتةً.
{فلا يستطيعون ردّها ولا هم ينظرون} [الأنبياء: 40] أي: ولا هم يؤخّرون). [تفسير القرآن العظيم: 1/313]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(ثم قال: {بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردّها ولا هم ينظرون }

بغتة فجاءة وهم غافلون عنها، فتبهتم فتحيرهم). [معاني القرآن: 3/393]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:53 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[
ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36) }

تفسير قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وقالوا أيضاً: إذا طلعت الجوزاء انتصب العود في الحرباء. يعني: ينتصب الحرباء
في العود، كقول الله عزّ وجلّ: {خلق الإنسان من عجلٍ} أي: خلق العجل من الإنسان. و{ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة}. ومثل ذلك قول الراجز:
يشقى بأمّ الرأس والمطوّق
ضرب هدال الأيكة المسوّق
أي: تشقى به أمّ الرّأس. ومثل ذلك قول الآخر:
وتركب خيلٌ لا هوادة بينها = فتشقى الرماح بالضياطرة الحمر
يريد: وتشقى الضياطرة بالرماح. وأظنّ ذلك محكيًّا عن أبي عمرو بن العلاء.
ثمّ تطلع الشّعرى. فإذا طلعت الشّعرى جعل صاحب أرخلٍ يرى. يعني الرّخل. قال قطربٌ: لا أدري من سمنٍ أو هزالٍ). [الأزمنة:25- 26]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) }

تفسير قوله تعالى: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) }

تفسير قوله تعالى: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 11:55 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 11:56 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 12:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}
روي أن أبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فاستهزءا به فنزلت الآية بسببهما، وظاهر الآية أن كفار قريش وعظماءهم يعمهم هذا المعنى من أنهم ينكرون أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر آلهتهم، وذكره لهم بفساد. و"إن" بمعنى "ما"، وفي الكلام حذف تقديره: يقولون: أهذا الذي؟ وقوله: "يذكر" لفظ يعم المدح والذم لكن قرينة المقال أبدا تدل على المراد من الذكر، وتم ما حكى عنهم في قوله: "آلهتكم".
ثم رد عليهم بأن قرن بإنكارهم ذكر الأصنام كفرهم بذكر الله، أي: فهم أحق بالملام، وهم المخطئون. وقوله تعالى: "بذكر" أي: بما يجب أن يذكر به، و"لا إله إلا الله" منه. وقوله سبحانه: {بذكر الرحمن}، روي أن الآية نزلت حين أنكروا هذه اللفظة وقالوا: ما نعرف الرحمن إلا باليمامة، وظاهر الكلام أن "الرحمن" قصد به العبارة عن الله تعالى، كما لو قال: وهم بذكر الله، وهذا التأويل أغرق في ضلالهم وخطئهم). [المحرر الوجيز: 6/167]

تفسير قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} توطئة للرد عليهم في استعجالهم العذاب، وطلبهم آية مقترحة، وهي مقرونة بعذاب مجهز إن كفروا بعد ذلك. ووصف تعالى الإنسان الذي هو اسم الجنس بأنه خلق من عجل، وهذا على جهة المبالغة، كما تقول للرجل البطال: أنت من لعب ولهو، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لست من دد ولا دد مني. وهذا نحو قول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 6/167]
وأنا لمما نضرب الكبش ضربة على رأسه تلقي اللسان على الفم
كأنهم مما كانوا أهل ضرب للهام، وملازمة الضرب قال: إنهم من الضرب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا التأويل يتم به معنى الآية المقصود في أن ذمت عجلتهم وقيل لهم على جهة الوعيد: إن الآيات ستأتي فلا تستعجلون، وقال بعض المفسرين في قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل}: إنه على المقلوب، كأنه أراد: خلق العجل من الإنسان، على معنى أنه جعل طبيعة من طبائعه وجزءا من أخلاقه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا التأويل ليس فيه مبالغة، وإنما هو إخبار مجرد، وإنما حمل قائليه عليه عدمهم وجه التجوز والاستعارة في أن يبقى الكلام على ترتيبه، ونظير هذا القلب الذي قالوه قول العرب: "إذا طلعت الشعرى استوت العود على الحرباء"، وكما قالوا: "عرضت الناقة على الحوض"، وكما قال الشاعر:
حسرت كفي عن السربال آخذه ... فردا يجر على أيدي المفدينا
[المحرر الوجيز: 6/168]
وأما المعنى في تأويل من رأى الكلام من المقلوب فكالمعنى الذي قدمناه، وقالت فرقة من المفسرين: قوله: {خلق الإنسان من عجل} إنما أراد أن آدم عليه السلام خلقه الله تعالى في آخر ساعة من يوم الجمعة فتعجل به قبل مغيب الشمس، وروى بعضهم أن آدم عليه السلام قال: يا رب أكمل خلقي فإن الشمس على الغروب أو قد غربت.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول ضعيف، ومعناه لا يناسب معنى الآية. وقالت فرقة: العجل: الطين، والمعنى: خلق آدم من طين، وأنشد النقاش:
... ... ... ... ... .... والنخل ينبت بين الماء والعجل
وهذا أيضا ضعيف مغاير لمعنى الآية. وقالت فرقة: معنى خلق الإنسان من عجل أي بقوله تعالى: "كن"، فهو حال عجلة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا أيضا ضعيف، وفيه تخصيص ابن آدم بشيء كل مخلوق يشاركه فيه، وليس في هذه الأقوال ما يصح معناه ويلتئم مع الآية إلا القول الأول.
وقرأت فرقة: "خلق الإنسان" على بناء الفعل للمفعول، وقرأت فرقة: "خلق الإنسان" على معنى: خلق الله الإنسان، فمعنى الآية بجملتها خلق الإنسان من عجل، على معنى التعجب من تعجل هؤلاء المقصودين بالرد. ثم توعدهم بقوله: {سأريكم آياتي}، أي: سيأتي ما يسوؤكم إذا متم على كفركم، يريد يوم بدر وغيره). [المحرر الوجيز: 6/170]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم فسر
[المحرر الوجيز: 6/169]
تعالى استعجالهم بقولهم: {متى هذا الوعد} وكان استفهامهم على جهة الهزء والتكذيب، وقولهم: {إن كنتم صادقين} يريدون محمدا صلى الله عليه وسلم ومن آمن به؛ لأن المؤمنين كانوا يتوعدونهم على لسان الشرع، وموضع "متى" رفع عند البصريين، وقال بعض الكوفيين: موضعه نصب على الظرف، والعامل فعل مقدر تقديره: يكون أو يجيء، والأول أصوب). [المحرر الوجيز: 6/170]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون}
حذف جواب "لو" إيجازا لدلالة الكلام عليه، وأبهم قدر العذاب لأنه أبلغ وأهيب من النص عليه، وهذا محذوف نحو قوله تعالى: {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى}، ويقدر المحذوف في جواب هذه الآية: لما استعجلوه، ونحوه. وقوله تعالى: {حين لا يكفون عن وجوههم النار} يريد يوم القيامة، وذكر الوجوه خاصة لشرفها من الإنسان وأنها موضع حواسه وهو أحرص على الدفاع عنها، ثم ذكر الظهور ليبين عموم النار لجميع أبدانهم). [المحرر الوجيز: 6/170]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "بل تأتيهم" استدراك مقدر قبله نفي تقديره: إن الآيات لا تأتي بحسب اقتراحهم بل تأتيهم بغتة، والضمير للساعة التي تصيرهم إلى العذاب، ويحتمل أن يكون للنار، وقرأت فرقة: "بل يأتيهم" بالياء على أن الضمير للوعد، "فيبهتهم" بالياء على أن الضمير للوعد أيضا، و"البغتة": الفجأة من غير مقدمة، و"ينظرون" معناه: يؤخرون). [المحرر الوجيز: 6/170]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 01:33 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 01:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا رآك الّذين كفروا إن يتّخذونك إلا هزوًا أهذا الّذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرّحمن هم كافرون (36) خلق الإنسان من عجلٍ سأريكم آياتي فلا تستعجلون (37)}.
يقول تعالى لنبيّه، صلوات اللّه وسلامه عليه، {وإذا رآك الّذين كفروا} يعني: كفّار قريشٍ كأبي جهلٍ وأشباهه {إن يتّخذونك إلا هزوًا} أي: يستهزئون بك وينتقصونك، يقولون: {أهذا الّذي يذكر آلهتكم} يعنون: أهذا الّذي يسبّ آلهتكم ويسفّه أحلامكم، قال تعالى: {وهم بذكر الرّحمن هم كافرون} أي: وهم كافرون باللّه، ومع هذا يستهزئون برسول اللّه، كما قال في الآية الأخرى: {وإذا رأوك إن يتّخذونك إلا هزوًا أهذا الّذي بعث اللّه رسولا. إن كاد ليضلّنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضلّ سبيلا} [الفرقان:41، 42]). [تفسير ابن كثير: 5/ 342]

تفسير قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {خلق الإنسان من عجلٍ}، كما قال في الآية الأخرى: {وكان الإنسان عجولا} [الإسراء:11] أي: في الأمور.
قال مجاهدٌ: خلق اللّه آدم بعد كلّ شيءٍ من آخر النّهار، من يوم خلق الخلائق فلمّا أحيا الرّوح عينيه ولسانه ورأسه، ولم يبلغ أسفله قال: يا ربّ، استعجل بخلقي قبل غروب الشّمس.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن سنان، حدّثنا يزيد بن هارون، أنبأنا محمّد بن علقمة بن وقّاصٍ اللّيثيّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "خير يومٍ طلعت فيه الشّمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنّة، وفيه أهبط منها، وفيه تقوم السّاعة، وفيه ساعةٌ لا يوافقها مؤمنٌ يصلّي -وقبض أصابعه قلّلها -فسأل اللّه خيرًا، إلّا أعطاه إيّاه". قال أبو سلمة: فقال عبد اللّه بن سلامٍ: قد عرفت تلك السّاعة، وهي آخر ساعات النّهار من يوم الجمعة، وهي الّتي خلق اللّه فيها آدم، قال اللّه تعالى: {خلق الإنسان من عجلٍ سأريكم آياتي فلا تستعجلون}.
والحكمة في ذكر عجلة الإنسان هاهنا أنّه لمّا ذكر المستهزئين بالرّسول، صلوات اللّه [وسلامه] عليه، وقع في النّفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت، فقال اللّه تعالى: {خلق الإنسان من عجلٍ}؛ لأنّه تعالى يملي للظّالم حتّى إذا أخذه لم يفلته، يؤجّل ثمّ يعجّل، وينظر ثمّ لا يؤخّر؛ ولهذا قال: {سأوريكم آياتي} أي: نقمي وحكمي واقتداري على من عصاني، {فلا تستعجلون}).[تفسير ابن كثير: 5/ 342-343]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (38) لو يعلم الّذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون (39) بل تأتيهم بغتةً فتبهتهم فلا يستطيعون ردّها ولا هم ينظرون (40)}.
يخبر تعالى عن المشركين أنّهم يستعجلون أيضًا بوقوع العذاب بهم، تكذيبًا وجحودًا وكفرًا وعنادًا واستبعادًا، فقال: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}
قال اللّه تعالى: {لو يعلم الّذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم} أي: لو تيقّنوا أنّها واقعةٌ بهم لا محالة لما استعجلوا، به ولو يعلمون حين يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم، {لهم من فوقهم ظللٌ من النّار ومن تحتهم ظللٌ} [الزّمر:16]، {لهم من جهنّم مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ} [الأعراف:41]، وقال في هذه الآية: {حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم} وقال: {سرابيلهم من قطرانٍ وتغشى وجوههم النّار} [إبراهيم:50]، فالعذاب محيطٌ بهم من جميع جهاتهم، {ولا هم ينصرون} أي: لا ناصر لهم كما قال: {وما لهم من اللّه من واقٍ} [الرّعد:34]). [تفسير ابن كثير: 5/ 343]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {بل تأتيهم بغتةً} أي: "تأتيهم النّار بغتةً"، أي: فجأةً {فتبهتهم} أي: تذعرهم فيستسلمون لها حائرين، لا يدرون ما يصنعون، {فلا يستطيعون ردّها} أي: ليس لهم حيلةٌ في ذلك، {ولا هم ينظرون} أي: ولا يؤخّر عنهم ذلك ساعة واحدة). [تفسير ابن كثير: 5/ 343]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة