العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة المؤمنون

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:25 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة المؤمنون [من الآية (62) إلى الآية (70) ]

{وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:27 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا نكلّف نفسًا إلاّ وسعها ولدينا كتابٌ ينطق بالحقّ وهم لا يظلمون}.
يقول تعالى ذكره: ولا نكلّف نفسًا إلاّ ما يسعها ويصلح لها من العبادة؛ ولذلك كلّفناها ما كلّفناها من معرفة وحدانيّة اللّه، وشرعنا لها ما شرعنا من الشّرائع. {ولدينا كتابٌ ينطق بالحقّ} يقول: وعندنا كتاب أعمال الخلق بما عملوا من خيرٍ وشرٍّ؛ {ينطق بالحقّ وهم لا يظلمون} يقول: يبيّن بالصّدق عمّا عملوا من عملٍ في الدّنيا، لا زيادة عليه، ولا نقصان. ونحن موفّو جميعهم أجورهم، المحسن منهم بإحسانه والمسيء بإساءته. {وهم لا يظلمون} يقول: وهم لا يظلمون، بأن يزاد على سيّئات المسيء منهم ما لم يعمله فيعاقب على غير جرمه، وينقص المحسن عمّا عمل من إحسانه فينقص عمّا له من الثّواب). [جامع البيان: 17/73]

تفسير قوله تعالى: (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد في قوله تعالى ولهم أعمال من دون ذلك قال أعمال لا بد لهم أن يعملوها). [تفسير عبد الرزاق: 2/46]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن العلاء بن عبد الكريم عن مجاهدٍ في قوله: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون} قال: أعمال لا بد أن يعملوها [الآية: 63]). [تفسير الثوري: 217]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون}.
يقول تعالى ذكره: ما الأمر كما يحسب هؤلاء المشركون، من أنّ إمدادناهم بما نمدّهم به من مالٍ وبنين، بخيرٍ نسوقه بذلك إليهم، والرّضا منّا عنهم؛ ولكنّ قلوبهم في غمرة عمًى عن هذا القرآن.
وعني بالغمرة: ما غمر قلوبهم فغطّاها عن فهم ما أودع اللّه كتابه من المواعظ والعبر والحجج.
وعنى بقوله: {من هذا} من القرآن.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {في غمرةٍ من هذا} قال: في عمًى من هذا القرآن.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {في غمرةٍ من هذا} قال: من القرآن.
وقوله: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون} يقول تعالى ذكره: ولهؤلاء الكفّار أعمالٌ لا يرضاها اللّه من المعاصي {من دون ذلك} يقول: من دون أعمال أهل الإيمان باللّه، وأهل التّقوى والخشية له.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون} قال: الخطايا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك} قال: الحقّ.
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك} قال: خطايا من دون ذلك الحقّ.
- قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، في قوله: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك}. الآية، قال: أعمالٌ دون الحقّ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: ذكر اللّه الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ، ثمّ قال للكفّار: {بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون} قال: من دون الأعمال الّتي منها قوله: {من خشية ربّهم مشفقون}، {والّذين}، {والّذين}.
- حدّثني القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عيسى بن يونس، عن العلاء بن عبد الكريم، عن مجاهدٍ، قال: أعمالٌ لا بدّ لهم من أن يعملوها.
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ قال: حدّثنا زيد بن أبي الزّرقاء، عن حمّاد بن سلمة، عن حميدٍ، قال: سألت الحسن عن قول اللّه: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون} قال: أعمالٌ لم يعملوها سيعملونها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون} قال: لم يكن له بدٌّ من أن يستوفي بقيّة عمله، ويصلّي به.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن العلاء بن عبد الكريم، عن مجاهدٍ في قوله: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون} قال: أعمالٌ لا بدّ لهم من أن يعملوها.
- حدّثنا عمرٌو قال: حدّثنا مروان بن معاوية، عن العلاء بن عبد الكريم، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تبارك وتعالى: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك} قال: أعمالٌ لا بدّ لهم من أن يعملوها). [جامع البيان: 17/73-76]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله بل قلوبهم في غمرة من هذا يعني في عمى من هذا القرآن). [تفسير مجاهد: 432]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولهم أعمال من دون ذلك يعني خطايا من دون ذلك لا بد لهم أن يعملوها). [تفسير مجاهد: 433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال: يعني بالغمرة الكفر والشك {ولهم أعمال من دون ذلك} يقول: أعمال سيئة دون الشرك {هم لها عاملون} قال: لا بد لهم من أن يعملوها). [الدر المنثور: 10/587]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال: في عمى من هذا القرآن {ولهم أعمال} قال: خطايا {من دون ذلك هم لها عاملون} قال: لا بد لهم أن يعملوها). [الدر المنثور: 10/587]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {بل قلوبهم في غمرة من هذا} قال: في غفلة من أعمال المؤمنين {ولهم أعمال من دون ذلك} قال: هي شر من أعمال المؤمنين ذكر الله {الذين هم من خشية ربهم مشفقون} المؤمنون الآية 57 والذين والذين ثم قال للكافرين {بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال} من دون الأعمال التي سمى الذين والذين والذين). [الدر المنثور: 10/587]

تفسير قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون قال نزلت في يوم بدر). [تفسير عبد الرزاق: 2/47]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن علقمة بن مرثدٍ عن مجاهد في قوله: {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال: أخذوا يوم بدرٍ بالسّيوف [الآية: 64]). [تفسير الثوري: 217]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({يجأرون} [المؤمنون: 64] : «يرفعون أصواتهم كما تجأر البقرة»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله يجأرون يرفعون أصواتهم كما تجأر البقرة ثبت هذا هنا للنّسفيّ وتقدّم في أواخر الزّكاة وسيأتي في كتاب الأحكام لغيره مثله). [فتح الباري: 8/446]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (يجأرون) أي (يرفعون أصواتهم) بالاستغاثة والضجيج (كما تجأر البقرة) لشدة ما نالهم). [إرشاد الساري: 7/249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون (64) لا تجأروا اليوم إنّكم منّا لا تنصرون}.
يقول تعالى ذكره: ولهؤلاء الكفّار من قريشٍ أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون، إلى أن يؤخذ أهل النّعمة والبطر منهم بالعذاب.
- كما حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال: المترفون: العظماء.
{إذا هم يجأرون} يقول: فإذا أخذناهم به جأروا، يقول: ضجّوا واستغاثوا ممّا حلّ بهم من عذابنا.
ولعلّ الجؤار: رفع الصّوت، كما يجأر الثّور؛ ومنه قول الأعشى:
يراوح من صلوات المليك = طورًا سجودًا وطورًا جؤارا
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {إذا هم يجأرون} يقول: يستغيثون.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، وعبد الرّحمن، قالا: حدّثنا سفيان، عن علقمة بن قرددٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون} قال: بالسّيوف يوم بدرٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، في قوله: {إذا هم يجأرون} قال: يجزعون.
- قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال: عذاب يوم بدرٍ. {إذا هم يجأرون} قال: الّذين بمكّة.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} يعني أهل بدرٍ، أخذهم اللّه بالعذاب يوم بدرٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمعت ابن زيدٍ، يقول في قوله: {إذا هم يجأرون} قال: يجزعون). [جامع البيان: 17/76-78]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذ هم يجأرون * لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون * قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون * مستكبرين به سامرا تهجرون.
أخرج النسائي عن ابن عباس في قوله {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} الآية، قال: هم أهل بدر). [الدر المنثور: 10/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال: ذكر لنا أنها نزلت في الذي قتل الله يوم بدر). [الدر المنثور: 10/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال: بالسيوف يوم بدر {إذا هم يجأرون} قال: الذين بمكة). [الدر المنثور: 10/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} قال: بالسيف يوم بدر). [الدر المنثور: 10/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {حتى إذا أخذنا مترفيهم} قال: مستكبريهم). [الدر المنثور: 10/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إذا هم يجأرون} قال: يستغيثون، وفي قوله: {فكنتم على أعقابكم تنكصون} قال: تدبرون، وفي قوله {سامرا تهجرون} قال: تسمرون حول البيت وتقولون هجرا). [الدر المنثور: 10/588-589]

تفسير قوله تعالى: (لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن جعفر بن محمّدٍ، حدّثنا عليّ بن المدينيّ، حدّثنا بشّار بن عيسى، عن عبد الله بن المبارك، قال: حدّثني موسى بن عقبة، قال: سمعت عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله {بالعذاب إذا هم يجأرون (64) لا تجأروا اليوم إنّكم منّا لا تنصرون} [المؤمنون: 65]، قال: «هم أهل بدرٍ»، قال حمزة بن محمّدٍ، حدّثنا محمّد بن جعفر بن الإمام، قال: حدّثني عليّ بن المدينيّ، بإسناده مثله). [السنن الكبرى للنسائي: 10/194]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا تجأروا اليوم} يقول: لا تضجّوا وتستغيثوا اليوم وقد نزل بكم العذاب الّذي لا يدفع عن الّذين ظلموا أنفسهم، فإنّ ضجيجكم غير نافعكم، ولا دافعٍ عنكم شيئًا ممّا قد نزل بكم من سخط اللّه. {إنّكم منّا لا تنصرون} يقول: إنّكم من عذابنا الّذي قد حلّ بكم لا تستنقذون، ولا يخلّصكم منه شيءٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ: {لا تجأروا اليوم} لا تجزعوا اليوم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا الرّبيع بن أنسٍ: {لا تجأروا اليوم} لا تجزعوا الآن حين نزل بكم العذاب، إنّه لا ينفعكم، فلو كان هذا الجزع قبل نفعكم). [جامع البيان: 17/78-79]

تفسير قوله تعالى: (قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({على أعقابكم} [المؤمنون: 66] : «رجع على عقبيه»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تنكصون تستأخرون ثبت عند النّسفي وحدّه ووصله الطّبري من طريق مجاهدٍ). [فتح الباري: 8/445]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله على أعقابكم رجع على عقبيه هو قول أبي عبيدة). [فتح الباري: 8/446]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (تنكصون تستأخرون
أشار به إلى قوله عز وجل: {وكنتم على أعقابكم تنكصون} (المؤمنون: 66) وفسره بقوله: (تستأخرون) وكذا ذكره الطّبريّ عن مجاهد وقيل: أي ترجعون القهقرى، وهذا لم يثبت إلاّ عند النّسفيّ). [عمدة القاري: 19/71]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({على أعقابكم}) [المؤمنون: 66] يقال (رجع على عقبيه) أي أدبر يعني أنهم مدبرون عن سماع الآيات). [إرشاد الساري: 7/249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون (66) مستكبرين به سامرًا تهجرون}.
يقول تعالى ذكره لهؤلاء المشركين من قريشٍ: لا تضجّوا اليوم وقد نزل بكم سخط اللّه وعذابه، بما كسبت أيديكم واستوجبتموه بكفركم بآيات ربّكم. {قد كانت آياتي تتلى عليكم} يعني: آيات كتاب اللّه، يقول: كانت آيات كتابي تقرأ عليكم فتكذّبون بها، وترجعون مولّين عنها إذا سمعتموها، كراهيةً منكم لسماعها. وكذلك يقال لكلّ من رجع من حيث جاء: نكص فلانٌ على عقبه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فكنتم على أعقابكم تنكصون} قال: تستأخرون.
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فكنتم على أعقابكم تنكصون} يقول: تدبرون.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون} يعني أهل مكّة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن. قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {تنكصون} قال: تستأخرون). [جامع البيان: 17/79-80]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تنكصون قال تستأخرون). [تفسير مجاهد: 433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إذا هم يجأرون} قال: يستغيثون، وفي قوله: {فكنتم على أعقابكم تنكصون} قال: تدبرون، وفي قوله {سامرا تهجرون} قال: تسمرون حول البيت وتقولون هجرا). [الدر المنثور: 10/588-589] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله {تنكصون} قال: تستأخرون). [الدر المنثور: 10/589]

تفسير قوله تعالى: (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى مستكبرين به قال مستكبرين بالحرم سمرا يقول سامروا أهل الحرم أمنا لا يخافون كانوا يقولون نحن أهل الحرم فلا نخاف تهجرون تقولون سوآ). [تفسير عبد الرزاق: 2/47]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن تهجرون رسول الله وكتاب الله
قال معمر وقال الكلبي تهجرون أي يقولون هجرا). [تفسير عبد الرزاق: 2/47]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن حصينٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {مستكبرين به} قال: مستكبرين بالحرم [الآية: 67]). [تفسير الثوري: 217]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن حصينٍ عن سعيد بن جبير في قوله: {سامرا نهجرون} وتقولون غير الحق [الآية: 66] تدبرون [الآية: 67]). [تفسير الثوري: 217]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({سامرًا} [المؤمنون: 67] : «من السّمر، والجميع السّمّار، والسّامر ها هنا في موضع الجمع»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله سامرا من السمر والجمع السّمّار والسّامر ها هنا في موضع الجمع ثبت هنا للنّسفيّ وقد تقدّم في أواخر المواقيت). [فتح الباري: 8/446]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (سامرًا) نصب على الحال من فاعل تنكصون أو من الضمير في مستكبرين مأخوذ (من السمر) وهو سهر الليل مأخوذ وهو ما يقع على الشجر من ضوء القمر فيجلسون إليه يتحدثون مستأنسين به قال:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا = أنيس ولم يسمر بمكة سامر
وقال الراغب السامر الليل المظلم (والجميع السمار) بوزن الجمار (والسامر ها هنا في موضع الجمع) وهو الأفصح تقول قوم سامر ونظيره نخرجكم طفلًا). [إرشاد الساري: 7/249]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا أحمد بن سليمان، حدّثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، أنّه سمع سعيد بن جبيرٍ يحدّث عن ابن عبّاسٍ، قال: " إنّما كره السّمر حين نزلت هذه الآية {مستكبرين به سامرًا تهجرون} [المؤمنون: 67]، فقال: " مستكبرين بالبيت يقولون: نحن أهله، {سامرًا} [المؤمنون: 67] قال: كانوا يتكبّرون ويسمرون فيه ولا يعمرونه، ويهجرونه "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/194]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {مستكبرين به} يقول: مستكبرين بحرم اللّه، يقولون: لا يظهر علينا فيه أحدٌ، لأنّا أهل الحرم.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {مستكبرين به} يقول: مستكبرين بحرم البيت أنّه لا يظهر علينا فيه أحدٌ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {مستكبرين به} قال: بمكّة بالبلد.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا هوذة، قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن: {مستكبرين به} قال: مستكبرين بحرمي.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {مستكبرين به} بالحرم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {مستكبرين به} قال: مستكبرين بالحرم.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، مثله.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {مستكبرين به} قال: بالحرم.
وقوله: {سامرًا} يقول: تسمرون باللّيل.
ووحّد قوله: {سامرًا} وهو بمعنى السّمّار، لأنّه وضع موضع الوقت. ومعنى الكلام: وتهجرون ليلاً، فوضع السّامر موضع اللّيل، فوحّد لذلك.
وقد كان بعض البصريّين يقول: وحّد ومعناه الجمع، كما قيل: طفلٌ في موضع أطفالٍ.
وممّا يبيّن عن صحّة ما قلنا في أنّه وضع موضع الوقت فوحّد لذلك، قول الشّاعر:
من دونهم إن جئتهم سمرًا = عزف القيان ومجلسٌ غمر
فقال: سمرًا، لأنّ معناه: إن جئتهم ليلاً وهم يسمرون، وكذلك قوله: {سامرًا}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {سامرًا} يقول: يسمرون حول البيت.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {سامرًا} قال: مجلسًا باللّيل.
- حدّثني القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {سامرًا} قال: مجالس.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {سامرًا} قال: تسمرون باللّيل.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {سامرًا} قال: كانوا يسمرون ليلتهم ويلعبون: يتكلّمون بالشّعر والكهانة وبما لا يدرون.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {سامرًا} قال: يعني سمر اللّيل.
وقال بعضهم في ذلك ما:
- حدّثنا به ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {سامرًا} يقول: سامرًا من أهل الحرم آمنًا لا يخاف، كانوا يقولون: نحن أهل الحرم؛ لا يخافون.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة: {سامرًا} يقول: سامرًا من أهل مكّة آمنًا لا يخاف قال: كانوا يقولون: نحن أهل الحرم لا نخاف.
وقوله: {تهجرون} اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار: {تهجرون} بفتح التّاء وضمّ الجيم.
ولقراءة من قرأ ذلك كذلك وجهان من المعنى: أحدهما أن يكون عنى أنّه وصفهم بالإعراض عن القرآن أو البيت، أو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ورفضه. والآخر: أن يكون عنى أنّهم يقولون شيئًا من القول كما يهجر الرّجل في منامه، وذلك إذا هذى؛ فكأنّه وصفهم بأنّهم يقولون في القرآن ما لا معنى له من القول، وذلك أن يقولوا فيه باطلاً من القول الّذي لا يضرّه.
وقد جاء بكلا القولين التّأويل من أهل التّأويل.
ذكر من قال: كانوا يعرضون عن ذكر اللّه والحقّ ويهجرونه:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {تهجرون} قال: يهجرون ذكر اللّه والحقّ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن السّدّيّ، عن أبي صالحٍ في قوله: {سامرًا تهجرون} قال: السّبّ.
ذكر من قال: كانوا يقولون الباطل والسّيّئ من القول في القرآن:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {تهجرون} قال: يهجرون في الباطل.
- قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبير: {سامرًا تهجرون} قال: يسمرون باللّيل يخوضون في الباطل.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {تهجرون} قال: بالقول السّيّئ في القرآن.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {تهجرون} قال: الهذيان؛ الّذي يتكلّم بما لا يريد، ولا يعقل كالمريض الّذي يتكلّم بما لا يدري قال: كان أبيّ يقرؤها: {سامرًا تهجرون}.
وقرأ ذلك آخرون: سامرًا تهجرون بضمّ التّاء، وكسر الجيم. وممّن قرأ ذلك كذلك من قرّاء الأمصار نافع بن أبي نعيمٍ، بمعنى: يفحشون في المنطق، ويقولون الخنا، من قولهم: أهجر الرّجل: إذا أفحش في القول.
وذكر أنّهم كانوا يسبّون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: (تهجرون) قال: تقولون هجرًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبد المؤمن، عن أبي نهيكٍ، عن عكرمة، أنّه قرأ: سامرًا تهجرون: أي تسبّون.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا هوذة، قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن، في قوله: سامرًا تهجرون. رسولي.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة قال: قال الحسن: تهجرون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، تهجرون يقول: يقولون سوءًا.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: قال الحسن: تهجرون. كتاب اللّه ورسوله.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: تهجرون يقول: يقولون المنكر والخنا من القول، كذلك هجر القول.
وأولى القراءتين بالصّواب في ذلك عندنا القراءة الّتي عليها قرّاء الأمصار، وهي فتح التّاء وضمّ الجيم، لإجماع الحجّة من القرّاء). [جامع البيان: 17/80-86]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله مستكبرين به يعني بمكة بالبلد سامرا يعني بالليل). [تفسير مجاهد: 433]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني محمّد بن إسحاق الصّفّار، ثنا أحمد بن نصرٍ، ثنا عمرو بن طلحة، أنبأ إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: إنّما كره السّمر حين نزلت هذه الآية {مستكبرين به سامرًا تهجرون} [المؤمنون: 67] قال: " مستكبرين بالبيت يقولون: نحن أهله {تهجرون} [المؤمنون: 67] قال: كانوا يهجرونه ولا يعمّرونه «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/427]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {مستكبرين به سامرًا} [المؤمنون: 67].
- عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرأ هذا الحرف: {مستكبرين به سامرًا تهجرون} [المؤمنون: 67] قال: كان المشركون يهجرون برسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - في شعرهم.
رواه الطّبرانيّ، وفيه يحيى بن سلمة بن كهيلٍ وهو ضعيفٌ، وقد ذكره ابن حبّان في الثّقات وقال: في رواية ابنه إبراهيم عنه مناكير، قلت: وهذا منها). [مجمع الزوائد: 7/73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إذا هم يجأرون} قال: يستغيثون، وفي قوله: {فكنتم على أعقابكم تنكصون} قال: تدبرون، وفي قوله {سامرا تهجرون} قال: تسمرون حول البيت وتقولون هجرا). [الدر المنثور: 10/588-589] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة {مستكبرين به} قال: بالبيت والحرام {سامرا} قال: كان سامرهم لا يخاف مما أعطوا من الأمن وكانت العرب تخاف سامرهم ويغزو بعضهم بعضا وكان أهل مكة لا يخافون ذلك بما أعطوا من الأمن {تهجرون} قال: يتكلمون بالشرك والبهتان في حرم الله وعند بيته قال: وكان الحسن يقول {سامرا تهجرون} كتاب الله ونبي الله). [الدر المنثور: 10/589]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن {مستكبرين به} قال: بحرمي {سامرا تهجرون} قال: القرآن وذكري ورسولي). [الدر المنثور: 10/589-590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {مستكبرين به} قال: مستكبرين بحرمي {سامرا} فيه مما لا ينبغي من القول، واخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {مستكبرين به} قال: بمكة بالبلد (سامرا) قال: مجالسا {تهجرون} بالقول السيئ في القرآن). [الدر المنثور: 10/590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد ابن حميد، وابن أبي حاتم عن أبي صالح {مستكبرين به} قال: بالقرآن). [الدر المنثور: 10/590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {سامرا تهجرون} قال: كانوا يهجرون على اللهو والباطل قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت الشاعر يقول:
وباتوا بشعب لهم سامرا * إذا خب نيرانهم أوقدوا). [الدر المنثور: 10/590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كانت قريش تسمر حول البيت ولا تطوف به ويفتخرون به فأنزل الله {مستكبرين به سامرا تهجرون} ). [الدر المنثور: 10/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {سامرا تهجرون} قال: كانت قريش يستحلقون حلقا يتحدثون حول البيت). [الدر المنثور: 10/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {مستكبرين به سامرا تهجرون} قال: كان المشركون يهجرون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم). [الدر المنثور: 10/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {سامرا تهجرون} بنصب التاء ورفع الجيم). [الدر المنثور: 10/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة انه قرأ {سامرا تهجرون} وكانوا إذا سمروا هجروا في القول). [الدر المنثور: 10/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {سامرا تهجرون} قال: تهجرون الحق). [الدر المنثور: 10/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال: إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية {مستكبرين به سامرا تهجرون} قال: مستكبرين بالبيت تقولون: نحن أهله {تهجرون} قال: كانوا يهجرونه ولا يعمرونه). [الدر المنثور: 10/591-592]

تفسير قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفلم يدّبّروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين (68) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون (69) أم يقولون به جنّةٌ بل جاءهم بالحقّ وأكثرهم للحقّ كارهون}.
يقول تعالى ذكره: أفلم يتدبّر هؤلاء المشركون تنزيل اللّه وكلامه، فيعلموا ما فيه من العبر، ويعترفوا بحجج اللّه الّتي احتجّ بها عليه فيه؟ {أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين} يقول: أم جاءهم أمر ما لم يأت من قبلهم من أسلافهم، فاستكبروا ذلك وأعرضوا، فقد جاءت الرّسل من قبلهم، وأنزلت معهم الكتب.
وقد يحتمل أن تكون أم في هذا الموضع بمعنى: بل، فيكون تأويل الكلام: أفلم يدّبّروا القول؟ بل جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين، فتركوا لذلك التّدبّر وأعرضوا عنه، إذ لم يكن فيمن سلف من آبائهم ذلك.
وقد ذكر عن ابن عبّاسٍ في نحو هذا القول.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {أفلم يدّبّروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين} قال: لعمري لقد جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين، ولكن أو لم يأتهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين). [جامع البيان: 17/86-87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين * أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون * أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون * ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون * أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين * وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم * وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {أفلم يدبروا القول} قال: إذا والله كانوا يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله لو تدبره القوم وعقلوه، ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {أم لم يعرفوا رسولهم} قال: عرفوه ولكن حسدوه وفي قوله {ولو اتبع الحق أهواءهم} قال: الحق الله عز وجل). [الدر المنثور: 10/592]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن رجلٍ عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى في قوله: {أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون} قال: قد عرفوه ولكنّهم حسدوه [الآية: 69]). [تفسير الثوري: 217-218]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أم لم يعرفوا رسولهم} يقول تعالى ذكره: أم لم يعرف هؤلاء المكذّبون محمّدًا، وأنّه من أهل الصّدق والأمانة؟، {فهم له منكرون} يقول: فينكروا قوله، أو لم يعرفوه بالصّدق، ويحتجّوا بأنّهم لا يعرفونه. يقول جلّ ثناؤه: فكيف يكذّبونه وهم يعرفونه فيهم بالصّدق والأمانة). [جامع البيان: 17/87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين * أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون * أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون * ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون * أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين * وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم * وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {أفلم يدبروا القول} قال: إذا والله كانوا يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله لو تدبره القوم وعقلوه، ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {أم لم يعرفوا رسولهم} قال: عرفوه ولكن حسدوه وفي قوله {ولو اتبع الحق أهواءهم} قال: الحق الله عز وجل). [الدر المنثور: 10/592] (م)

تفسير قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(والجنّة والجنون واحدٌ). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله والجنّة والجنون واحدٌ هو قول أبي عبيدة أيضًا). [فتح الباري: 8/446]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (والجنّة والجنون واحدٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {أم يقولون به جنّة} (المؤمنون: 70) أي: جنون، وكلاهما بمعنى واحد). [عمدة القاري: 19/71]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (والجنة) في قوله {أم يقولون به جنة} (والجنون واحد) في المعنى وقيل كانوا يعملون بالضرورة أنه أرجحهم عقلًا وأثقبهم نظرًا فالمجنون كيف يمكنه أن يأتي بمثل ما أوتي به من الدلائل القاطعة والشراع الكاملة الجامعة). [إرشاد الساري: 7/249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {أم يقولون به جنّةٌ}. يقول: أيقولون بمحمّدٍ جنونٌ، فهو يتكلّم بما لا معنى له، ولا يفهم ولا يدري ما يقول. {بل جاءهم بالحقّ} يقول تعالى ذكره: فإن يقولوا ذلك فكذبهم في قيلهم ذلك واضحٌ بيّنٌ؛ وذلك أنّ المجنون يهذي فيأتي من الكلام بما لا معنى له، ولا يعقل ولا يفهم، والّذي جاءهم به محمّدٌ هو الحكمة الّتي لا أحكم منها، والحقّ الّذي لا تخفى صحّته على ذي فطرةٍ صحيحةٍ، فكيف يجوز أن يقال: هو كلام مجنونٍ؟
وقوله: {وأكثرهم للحقّ كارهون} يقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء الكفرة أنّهم لم يعرفوا محمّدًا بالصّدق، ولا أنّ محمّدًا عندهم مجنونٌ، بل قد علموه صادقًا محقًّا فيما يقول وفيما يدعوهم إليه، ولكنّ أكثرهم للإذعان للحقّ كارهون، ولاتّباع محمّدٍ ساخطون، حسدًا منهم له، وبغيًا عليه واستكبارًا في الأرض). [جامع البيان: 17/88]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:29 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا نكلّف نفسًا إلا وسعها} [المؤمنون: 62] : إلا طاقتها.
قوله: {ولدينا} [المؤمنون: 62] أي: وعندنا.
{كتابٌ ينطق بالحقّ وهم لا يظلمون} [المؤمنون: 62]
- حدّثني نعيم بن يحيى، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: أوّل ما خلق اللّه القلم فقال: اكتب.
قال: ربّ ما أكتب قال: ما هو كائنٌ.
قال: فجرى القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة.
قال: فأعمال العباد تعرض كلّ يوم اثنين وخميسٍ، فيجدونه على ما في الكتاب.
قال يحيى: وسمعت بعضهم يزيد فيه: تلا ابن عبّاسٍ هذه الآية: {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحقّ إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون} [الجاثية: 29] ثمّ قال: ألستم قومًا عربًا؟ هل تكون النّسخة إلا من كتابٍ؟). [تفسير القرآن العظيم: 1/407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ولا نكلّف نفسا إلّا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحقّ وهم لا يظلمون}

ويجوز: ولا يكلّف نفسا إلا وسعها، ولم يقرأ بها ولو قرئ بها لكانت النون أجود - لقوله عزّ وجلّ: (ولدينا كتاب ينطق بالحقّ) ). [معاني القرآن: 4/17]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا} [المؤمنون: 63] قال قتادة: يقول في غفلةٍ من هذا، ممّا ذكر من أعمال المؤمنين في الآية الأولى.
{ولهم} [المؤمنون: 63] يعني المشركين.
{أعمالٌ من دون ذلك} [المؤمنون: 63] دون أعمال المؤمنين هي شرٌّ من أعمال المؤمنين.
{هم لها عاملون} [المؤمنون: 63] لتلك الأعمال.
وتفسير مجاهدٍ: {في غمرةٍ من هذا} [المؤمنون: 63] يعني القرآن.
{ولهم أعمالٌ من دون ذلك} [المؤمنون: 63] : خطايا من دون ذلك، من دون الحقّ.
وبعضهم يقول: أعمالٌ لم يعملوهم، سيعملونها.
- نا بحرٌ السّقّاء، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب أنّ عمر بن
[تفسير القرآن العظيم: 1/407]
الخطّاب قال: يا رسول اللّه أنعمل لما قد فرغ منه أو لما نأتنف؟ قال: «لا، بل اعمل لما قد فرغ منه».
قال: ففيم العمل إذًا؟ قال: «اعملوا فكلٌّ لا ينال إلا بعملٍ».
قال: هذا حين نجتهد.
- نا درست، عن يزيد بن أبانٍ الرّقاشيّ أنّ عمر بن الخطّاب قال: يا رسول اللّه ما العمل اليوم، أشيءٌ مستأنفٌ أم شيءٌ قد فرغ منه؟ قال: «قد فرغ منه».
قال: ففيم العمل اليوم؟ فقال: كلّ عبدٍ موتًّى لما خلق له.
حدّثني حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ البنانيّ، عن مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير قال: لم تكلوا إلى القدر وإليه تصيرون). [تفسير القرآن العظيم: 1/408]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولهم أعمالٌ مّن دون ذلك هم لها عاملون...}

يقول: أعمال منتظرة ممّا سيعملونها، فقال {مّن دون ذلك} ). [معاني القرآن: 2/239]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا} أي في غطاء وغفلة.
{ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون} قال قتادة: ذكر اللّه.
{الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون والّذين هم بآيات ربّهم يؤمنون} ثم قال للكفار {بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا} ثم رجع إلى المؤمنين فقال: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك}
أي من دون الأعمال التي عدّد {هم لها عاملون}.
{يجأرون}: أي يضجّون ويستغيثون باللّه). [تفسير غريب القرآن: 298]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون}
يجوز أن يكون " هذا " إشارة إلى ما وصف من أعمال البرّ في قوله: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون} - إلى قوله {يسارعون في الخيرات}.
أي قلوب هؤلاء في عماية من هذا، ويجوز أن يكون " هذا " إشارة إلى الكتاب، المعنى بل قلوبهم في غمرة من الكتاب الذي ينطق بالحق.
وأعمالهم محصاة فيه.
قوله: {ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون}.
أخبر اللّه - عزّ وجلّ - بما سيكون فيهم، فأعلم أنهم سيعملون أعمالا تباعد من الله غير الأعمال التي ذكروا بها). [معاني القرآن: 4/18-17]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {بل قلوبهم في غمرة من هذا}
أي في غفلة وغطاء متحيرة
ويقال غمره الماء إذا غطاه ونهر غمر يغطي من دخله ورجل غمر تغمره آراء الناس
وقيل غمرة لأنها تغطي الوجه ومنه دخل في غمار الناس في قول من قاله معناه فيما يغطيه من الجمع
وقوله من هذا فيه قولان:
أحدهما أن مجاهد قال بل قلوبهم في عماية من القرآن فعلى قول مجاهد هذا إشارة إلى القرآن
وقال قتادة وصف أهل البر فقال: {والذين هم من خشية ربهم مشفقون} والذين ... والذين.
ثم وصف أهل الكفر فقال بل قلوبهم في غمرة من هذا فالمعنى على قول قتادة من هذا البر
ثم قال تعالى: {ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون}
فيه قولان:
أحدهما أن الحسن قال ولهم أعمال ردية لم يعملوها وسيعملونها
قال مجاهد أي لهم خطايا لا بد أن يعملوها
وقال قتادة رجع إلى أهل البر فقال ولهم أعمال من دون ذلك قال أي سوى ما عدد). [معاني القرآن: 4/473-471]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {حتّى إذا} [المؤمنون: 64] يعني: فلمّا في تفسير السّدّيّ.
{أخذنا مترفيهم بالعذاب} [المؤمنون: 64] يعني أبا جهلٍ وأصحابه الّذين قتلوا يوم بدرٍ.
نزلت هذه الآية قبل ذلك بمكّة.
قال: {إذا هم يجأرون} [المؤمنون: 64] قال قتادة: يجزعون). [تفسير القرآن العظيم: 1/408]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال الحسن: {يجأرون} [المؤمنون: 64] يصرخون إلى اللّه بالتّوبة فلا يقبل منهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/408]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يجأرون...}:

يضجّون. وهو الجؤار). [معاني القرآن: 2/239]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إذا هم يجأرون} أي يرفعون أصواتهم كما يجأر الثور، قال عدي بن زيد:
إنّني والله فاسمع حلفي=بأبيل كلما صلّى جأر).
[مجاز القرآن: 2/60]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون}
وقال: {إذا هم يجأرون} من"جأر" "يجأر" "جؤاراً" و"جأراً"). [معاني القرآن: 3/12-13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يجأرون}: يرفعون أصواتهم). [غريب القرآن وتفسيره: 266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون}
أي: يضجّون، والعذاب الذي أخذوا به السيف، يقال جأر يجأر جؤارا، إذا ضجّ). [معاني القرآن: 4/18]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون}
قال قتادة أي يجزعون
وحكى أهل اللغة جأر يجأر إذا رفع صوته
قال مجاهد والضحاك العذاب الذي أخذوا به السيف
قال مجاهد يوم بدر). [معاني القرآن: 4/473]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَجْأَرُونَ}: يضجون ويستغيثون بالله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَجْأَرُونَ}: يرفعون أصواتهم). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {لا تجأروا اليوم} [المؤمنون: 65] لا تجزعوا اليوم.
قال قتادة: ذكر لنا أنّها نزلت في الّذين قتل اللّه يوم بدرٍ.
{إنّكم منّا لا تنصرون} [المؤمنون: 65] أي: لا يمنعكم منّا أحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/408]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قد كانت آياتي تتلى عليكم} [المؤمنون: 66] يعني القرآن.
[تفسير القرآن العظيم: 1/408]
{فكنتم على أعقابكم تنكصون} [المؤمنون: 66] قال ابن مجاهدٍ عن أبيه: أي تستأخرون عن الإيمان). [تفسير القرآن العظيم: 1/409]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {على أعقابكم تنكصون...}

وفي قراءة عبد الله (على أدباركم تنكصون) يقول: ترجعون وهو النكوص). [معاني القرآن: 2/239]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" فكنتم على أعقابكم تنكصون " يقال لمن رجع من حيث جاء: نكص فلان على عقبيه). [مجاز القرآن: 2/60]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون}
وقال: {على أعقابكم تنكصون} و{تنكصون} مثل {يعكفون} و{يعكفون} ). [معاني القرآن: 3/13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {على أعقابكم تنكصون}: ترجعون). [غريب القرآن وتفسيره: 266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {على أعقابكم تنكصون} أي ترجعون القهقري). [تفسير غريب القرآن: 298]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون} (تنكصون) أي: ترجعون). [معاني القرآن: 4/18]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قد كانت آياتي تتلى عليكم} قال الضحاك: قبل أن تعذبوا بالقتل
ثم قال تعالى: {فكنتم على أعقابكم تنكصون} قال مجاهد: تستأخرون). [معاني القرآن: 4/474]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَنْكِصُون}: ترجعـون). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {مستكبرين به} [المؤمنون: 67] بالحرم.
{سامرًا تهجرون} [المؤمنون: 67] حدّثني أبو الأشهب، عن الحسن قال: مستكبرين بحرمي، تهجرون رسولي.
وفي تفسير عمرٍو عن الحسن في قوله: {سامرًا} [المؤمنون: 67] يقول: قد بلغ من أمانكم أنّ سامركم يسمر بالبطحاء، يعني سمر اللّيل، والعرب تقتل بعضها بعضًا، وتسيء بعضها بعضًا، وأنتم في ذلك تهجرون كتابي ورسولي.
وقال الكلبيّ: وأنتم سمرًا حول البيت.
قال يحيى: مقرأ الكلبيّ في هذا الحرف: سمّرا.
نا سعيدٌ عن قتادة قال: {مستكبرين به} [المؤمنون: 67] بالحرم، يعني: أهل مكّة.
{سامرًا} [المؤمنون: 67] سامرهم لا يخاف شيئًا، كانوا يقولون: نحن أهل الحرم فلا نقرب، لما أعطاهم اللّه من الأمن.
{تهجرون} [المؤمنون: 67] تتكلّمون بالشّرك والبهتان في حرم اللّه.
نا عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {سامرًا} [المؤمنون: 67] : مجلسًا.
قال: وحدّثني المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: هو منكر القول، وهجر القول). [تفسير القرآن العظيم: 1/409]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {مستكبرين به...}

(الهاء للبيت العتيق) تقولون: نحن أهله، وإذا كان الليل وسمرتم هجرتم القرآن والنبيّ فهذا من الهجران، أي تتركونه وترفضونه. وقرأ ابن عباس (تهجرون) من أهجرت. والهجر أنهم كانوا يسبّون النبي صلى الله عليه وسلم إذا خلوا حول البيت ليلاً. وإن قرأ قارئ (تهجرون) يجعله كالهذيان، يقال: قد هجر الرجل في منامه إذا هذي، أي إنكم تقولون فيه ما ليس فيه ولا يضرّه فهو كالهذيان). [معاني القرآن: 2/239]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سامراً تهجرون} مجازه: تهجرون سامراً وهو من سمر الليل، قال ابن أحمر:
من دونهم إن جئتهم سمراً=عزف القيان ومجلسٌ غمر
وسامر في موضع " سمار " بمنزل طفل في موضع أطفال). [مجاز القرآن: 2/60]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {السامر}: من السمر.
{تهجرون}: تهذون كما يقال هجر الرجل في منامه إذا هذي. وقرئت تهجرون أي تقولون الهجر وهو الفحش من القول. قد أهجرت يا هذا أي قلت فحشا). [غريب القرآن وتفسيره: 267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مستكبرين} يعني بالبيت تفخرون به، وتقولون: نحن أهله وولاته.
{سامراً} أي متحدثين ليلا.
و(السّمر): حديث الليل. وأصل السّمر: الليل. قال ابن أحمر:
من دونهم إن جئتهم سمرا
أي ليلا. ويقال: هو جمع سامر. كما يقال: طالب وطلب وحارس وحرس. ويقال: هذا سامر الحيّ، يراد المتحدثون منهم ليلا. وسمر الحي.
(تهجرون) تقولون هجرا من القول. وهو اللغو منه والهذيان. وقرأ ابن عباس: «تهجرون» - بضم التاء وكسر الجيم - وهذا من الهجر وهو السّب والإفحاش في المنطق.
يريد سبهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ومن اتبعه). [تفسير غريب القرآن: 299-298]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {مستكبرين به سامرا تهجرون} منصوب على الحال، وقوله " به " أي بالبيت الحرام، يقولون: البيت لنا.
وقوله: {سامرا} بمعنى " سمّرا " ويجوز سمّارا، والسامر الجماعة الذين يتحدّثون ليلا.
وإنما سُمُّوا سُمّارا من السّمر، وهو ظل القمر، وكذلك السّمرة مثشقة من هذا.
وقوله: (تهجرون) أي : تهجرون القرآن، ويجوز تهجرون: تهذون. وقرئت: تهجرون أي تقولون الهجر، وقيل كانوا يسبون النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ويجوز أن تكون الهاء للكتاب.
ويكون المعنى فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين بالكتاب.
أي يحدث لكم بتلاوته عليكم استكبار، ويجوز تنكصون، ولا أعلم أحدا قرأ بها). [معاني القرآن: 4/19-18]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {مستكبرين به}
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والحسن وأبو مالك مستكبرين بالحرم
قال أبو مالك لأمنهم والناس يتخطفون حولهم
قال أبو جعفر وقيل مستكبرين بالقرآن أي يحضرهم عند قراءته استكبار
والقول الأول أولى
والمعنى إنهم يفتخرون بالحرم فيقولون نحن أهل حرم الله عز وجل
ثم قال تعالى: {سامرا تهجرون}
قال أبو العباس يقال للجماعة يجتمعون للحديث سامر وسمار فسامر كما تقول باقر لجماعة البقر وجامل لجماعة الجمال
أي يجتمعون للسمر وأكثر ما يستعمل سامر للذين يسمرون ليلا
قال أبو العباس وأصل هذا من قولهم لا أكلمه السمر والقمر أي الليل والنهار
وقال الثوري يقال لظل القمر السمر
قال أبو إسحاق ومنه السمرة في اللون ويقال له الفخت ومنه فاخته
قال أبو جعفر وفي قوله: {تهجرون} قولان:
1 - قال الحسن تهجرون نبي وكتابي
2 - وقال غيره تهجرون تهذون يقال هجر المريض يهجر هجر إذا هذى
وقرأ ابن عباس تهجرون بضم التاء وكسر الجيم
وقال: يسمرون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون الهُجر.
وقال عكرمة تهجرون تشركون
وقال الحسن تسبون النبي صلى الله عليه وسلم
وقال مجاهد تقولون القول السيئ في القرآن
قال أبو جعفر هذه الأقوال متقاربة يقال أهجر يهجر إذا نطق بالفحش وقال الخنى والاسم منه الهجر ومعناه أنه تجاوز ومنه قيل الهاجرة إنما هو تجاوز الشمس من المشرق إلى المغرب
وقرأ أبو رجاء سمارا وهو جمع سامر كما قال الشاعر:
قالت سباك الله إنك فاضحي = ألست ترى السمار والناس أحوالي).
[معاني القرآن: 4/477-474]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ}: أي بالبيت العتيق، تفخرون به.
{تَهْجُرُونَ}: من الهجر، في قراءة من ضم التاء: وهو السب والإفحاش في المنطق، في سب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن فتح التاء أراد: يهذون ويخلطون.
يقال: أهجر إذا أفحش في لفظه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَامِـراً}: من السمر.
{تَهْجُرونَ}: تهـذون). [العمدة في غريب القرآن: 217]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أفلم يدّبّروا القول} [المؤمنون: 68] يعني القرآن.
[تفسير القرآن العظيم: 1/409]
{أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين} [المؤمنون: 68] أي: لم يأتهم إلا ما أتى آباءهم الأوّلين.
وقال السّدّيّ: {أم جاءهم ما لم يأت} [المؤمنون: 68] يعني الّذي لم يأت آباءهم الأوّلين، وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/410]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {أفلم يدّبّروا القول} أي يتدبّروا القرآن).
[تفسير غريب القرآن: 299]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أفلم يدبروا القول} أي القرآن). [معاني القرآن: 4/477]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أم لم يعرفوا رسولهم} [المؤمنون: 69] أي: الّذي أرسلهم إليهم، يعني محمّدًا.
{فهم له منكرون} [المؤمنون: 69] سعيدٌ عن قتادة قال: بل يعرفون وجهه ونسبه). [تفسير القرآن العظيم: 1/410]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أم لم يعرفوا رسولهم...}
أي: نسب رسولهم). [معاني القرآن: 2/239]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أم يقولون به جنّةٌ} [المؤمنون: 70] أي بمحمّدٍ جنونٌ.
أي قد قالوا ذلك.
قال اللّه: {بل جاءهم بالحقّ} [المؤمنون: 70] القرآن.
{وأكثرهم للحقّ كارهون} [المؤمنون: 70] يعني جماعة من لم يؤمن منهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/410]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
(" به جنّةٌ " مجازها مجاز الجنون وهما واحد).
[مجاز القرآن: 2/57]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:32 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62) }

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) }

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) }

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
فاسأل غداة جدود أي فوارس = منعوا النساء لعوذهن جؤار
...
وقوله جؤار وهو مثل خؤار الثور وهو من قول الله تعالى: {لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون} ). [نقائض جرير والفرزدق: 872]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ} يقال نكص، إذا رجع إلى خلفه). [مجالس ثعلب: 196]

تفسير قوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

دعتنا بنو لحيان والقوم وسطهم = كأنهم بالمشرفية سامر
...
و(السامر) قوم يلعبون وينزون. أبو عمرو: (سامر) يسمرون بالليل، أي يلعبون بالمخاريق). [شرح أشعار الهذليين: 2/696-697]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {سَامِرًا تَهْجُرُونَ}. قال: وحد سامرًا لأنه يقال: قوم سامر ورجل سامر، مثل قوم زور ورجل زور. وقال: تهجرون: تهذون؛ وتهجرون: تقولون القبيح). [مجالس ثعلب: 77]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 02:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 03:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 03:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون}
قوله تعالى: {ولا نكلف نفسا إلا وسعها} نسخ لجميع ما ورد في الشرع من تكليف ما لا يطاق على الحقيقة، وتكليف ما لا يطاق أربعة أقسام: ثلاثة حقيقة ورابع مجازي، وهو الذي لا يطاق الاشتغال بغيره مثل الإيمان للكافر والطاعة للعاصي، وهذا التكليف باق وهو تكليف أكثر الشريعة، وأما الثلاثة فورد الاثنان منها، وفيها وقع النسخ المحال عقلا في نازلة أبي لهب والمحال عادة في قوله: {وإن تبدوا ما في أنفسكم} الآية. والثالث لم يرد فيه شيء، وهو النوع المهلك لأن الله تعالى لم يكلفه عباده، فأما قتل القاتل ورجم الزاني فعقوبته بما فعل، وقد مضى القول مستوعبا في مسألة تكليف ما لا يطاق في سورة البقرة، وفي قولنا "ناسخ" نظر من جهة التواريخ وما نزل بالمدينة وما نزل بمكة، والله المعين.
وقوله تعالى: {ولدينا كتاب ينطق بالحق} أظهر ما قيل فيه أنه أراد كتاب إحصاء الأعمال الذي ترفعه الملائكة، وفي الآية -على هذا التأويل- تهديد وتأنيس من الحيف والظلم، وقالت فرقة: الإشارة بقوله تعالى: {ولدينا كتاب} إلى القرآن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا يحتمل، والأول أظهر). [المحرر الوجيز: 6/306]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {في غمرة} يريد: في ضلال قد غمرها كما يفعل الماء الغمر بما حصل فيه، وقوله سبحانه: "من هذا" يحتمل أن يشير إلى القرآن، ويحتمل [أن يشير] إلى كتاب الإحصاء، ويحتمل أن يشير إلى الأعمال الصالحة المذكورة قبل، أي: هم في غمرة من اطراحها وتركها، ويحتمل أن يشير إلى الدين بجملته، أو إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- وكل تأويل من هذه قالته فرقة،
[المحرر الوجيز: 6/306]
وقوله تعالى: {ولهم أعمال من دون ذلك}، الإشارة بـ"ذلك" إلى الغمرة والضلال المحيط بهم، فمعنى الآية: بل هم ضالون معرضون عن الحق، وهم -مع ذلك- لهم سعايات فساد، فوسمهم تعالى بحالتي شر، قال هذا المعنى قتادة وأبو العالية، وعلى هذا التأويل فالإخبار عما سلف من أعمالهم وعما هم فيه. وقالت فرقة: الإشارة بـ"ذلك" إلى قوله سبحانه: "من هذا" فكأنه قال: لهم أعمال من دون الحق أو القرآن ونحوه، وقال الحسن بن أبي الحسن ومجاهد: إنما أخبر سبحانه وتعالى بقوله: "ولهم أعمال" عما يستأنف من أعمالهم، أي: أنهم لهم أعمال من الفساد يستعملونها.
و"حتى" حرف ابتداء لا غير، و"إذا" الأولى و"إذا" الثانية -التي هي جواب- تمنعاه من أن تكون حتى غاية لـ "عاملون".
و"المترف" هو المنعم في الدنيا الذي هو منها في سرف، وهذه حال شائعة في رؤساء الكفرة من كل أمة.
و"يجأرون" معناه: يستغيثون بصياح كصياح البقر، وكثر استعمال الجأر في البشر، ومنه قول الأعشى:
يراوح من صلوات المليـ = ـك فطورا سجودا وطورا جؤورا
وذهب مجاهد وغيره إلى أن هذا العذاب المذكور هو الوعيد بيوم بدر، وفيه نقد على مترفيهم. والضمير في قوله: "إذا هم" يعود على "المترفين" فقط لأنهم صاحوا حين نزل بهم الهزم والقتل يوم بدر، ويحتمل أن يعود على الباقين بعد المعذبين، وقد حكى
[المحرر الوجيز: 6/307]
ذلك الطبري عن ابن جريج، قال: المعذبون: قتلى بدر، والذين يجأرون: أهل مكة لأنهم ناحوا واستغاثوا). [المحرر الوجيز: 6/308]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرا تهجرون أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين}
المعنى: يقال لهم يوم العذاب عند حلوله: لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون، وهذا القول يجوز أن يكون حقيقة، أي: تقول ذلك لهم الملائكة، ويحتمل أن يكون مجازا، أي: لسان الحال يقول ذلك، وهذا على أن الذين يجأرون هم المعذبون، وأما على قول ابن جريج فلا يحتمل أن تقول ذلك الملائكة). [المحرر الوجيز: 6/308]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قد كانت آياتي تتلى عليكم} الآية يريد بها القرآن. و"تنكصون" معناه: ترجعون وراءكم، وهذه استعارة للإعراض والإدبار عن الحق، وقرأ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "على أدباركم تنكصون" بضم الكاف وبذكر الأدبار بدلا من الأعقاب). [المحرر الوجيز: 6/308]

تفسير قوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"مستكبرين" حال، والضمير في "به" قال الجمهور: هو عائد على الحرم والمسجد وإن لم يتقدم له ذكر لشهرته في الأمر، والمعنى: أنكم تعتقدون في أنفسكم أن لكم بالمسجدوالحرم أعظم الحقوق على الناس والمنازل عند الله، فأنتم تستكبرون لذلك، وليس الاستكبار من الحق. وقالت فرقة: الضمير في "به" عائد على القرآن من حيث ذكرت الآيات، والمعنى: يحدث لكم سماع الآيات كفرا وطغيانا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول جيد.
وذكر منذر بن سعيد أن الضمير لمحمد -صلى الله عليه وسلم- وهو متعلق بما بعده، كأن الكلام تم في قوله: "مستكبرين"، ثم قال لمحمد -صلى الله عليه وسلم: {سامرا تهجرون}.
[المحرر الوجيز: 6/308]
وقوله: "سامرا" حال، وهو مفرد بمعنى الجمع، يقال: قوم سمر وسمر وسامر، ومعناه سهر الليل، مأخوذ من السمر وهو ما يقع على الأشخاص من ضوء القمر، فكانت العرب تجلس للسمر تتحدث، وهذا أوجب معرفتها بالنجوم؛ لأنها تجلس في الصحراء فترى الطوالع من الغوارب. وقرأ الجمهور: "سامرا"، وقرأ أبو رجاء: "سمارا"، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة، وابن محيصن: "سمرا"، ومن هذه اللفظة قول الشاعر:
من دونهم إن جئتهم سمرا عزف القيان ومجلس غمر
وكانت قريش تسمر حول الكعبة مجالس في أباطيلها وكفرها. وقرأ الجمهور: "تهجرون" بفتح التاء وضم الجيم، واختلف المتأولون في معناها -فقال ابن عباس رضي الله عنهما: معناها: تهجرون الحق وذكر الله تعالى، من الهجر المعروف، وقال ابن زيد: هو من هجر المريض إذا هذي، أي: تقولون اللغو من القول، وقاله أبو حاتم. وقرأ نافع وحده من السبعة: "تهجرون" بضم التاء وكسر الجيم، وهي قراءة أهل
[المحرر الوجيز: 6/309]
المدينة، وابن محيصن، وابن عباس أيضا، ومعناه: يقولون الفحش والهجر من القول، وهذه إشارة إلى سبهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، قاله ابن عباس -رضي الله عنهما- أيضا وغيره، وفي الحديث: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا، وقرأ ابن محيصن، وابن أبي نهيك "تهجرون" بضم التاء وفتح الهاء وشد الجيم مكسورة، وهو تضعيف هجر وتكثير الهجر والهجر على المعنيين المتقدمين، وقال ابن جني: لو قيل: إن المعنى أنكم تبالغون في المهاجرة حتى أنكم وإن كنتم سمرا بالليل فكأنكم تهجرون في الهاجرة على غاية الافتضاح لكان وجها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا تكون هذه القراءة تكثير "تهجرون" بضم التاء وكسر الجيم لأن أفعل لا يتعدى ولا يكثر بتضعيف؛ إذ التضعيف والهمزة متعاقبان). [المحرر الوجيز: 6/310]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وبخهم على إعراضهم بعد تدبر القول لأنهم -بعد التدبر والنظر الفاسد- قال بعضهم: شعر، وقال بعضهم: سحر، وسائر ذلك.
وقوله تعالى: "أم جاءهم" كذلك توبيخ أيضا، والمعنى: أأبدع لهم أمرا لم يكن في الناس قبلهم؟ بل قد جاء الرسل قبل كنوح وإبراهيم وإسماعيل -عليهم السلام- وفي هذا التأويل من التجوز أن جعل سالف الأمم آباء؛ إذ الناس في الجملة آخرهم من أولهم.
[المحرر الوجيز: 6/310]
ويحتمل اللفظ معنى آخر على أن يراد بآباءهم الأولين من فرط من سلفهم في العرب، كأنه قال: أفلم يدبروا القول أم جاءهم أمر غريب من عند الله لم يأت آباءهم فبهر عقولهم، ونبت عنه أذهانهم، فكأن التوبيخ يتسق بأن يقدر الكلام: أفلم يدبروا أم بهرت عقولهم ونبت أذهانهم عن أمر من أمور الله غريب في سلفهم؟ والمعنى الأول أبين). [المحرر الوجيز: 6/311]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون}
هذا أيضا توبيخ، والمعنى: ألم يعرفوه صادقا مدة عمره ولم يقع منهم قط إنكار لمعرفة وجه محمد -صلى الله عليه وسلم- وإنما أنكروا صدقه). [المحرر الوجيز: 6/311]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أم يقولون به جنة} توبيخ أيضا لأن الفرق بين الحكمة وفصل الخطاب الذي جاء به وبين ذي الجنة لا يخفى على ذي فطرة، ثم بين تعالى حاله -عليه الصلاة والسلام- في مجيئه بالحق). [المحرر الوجيز: 6/311]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:42 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:47 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا نكلّف نفسًا إلا وسعها ولدينا كتابٌ ينطق بالحقّ وهم لا يظلمون (62) بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون (63) حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون (64) لا تجأروا اليوم إنّكم منّا لا تنصرون (65) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون (66) مستكبرين به سامرًا تهجرون (67)}.
يقول تعالى مخبرًا عن عدله في شرعه على عباده في الدّنيا: أنّه لا يكلّف نفسًا إلّا وسعها، أي: إلّا ما تطيق حمله والقيام به، وأنّه يوم القيامة يحاسبهم بأعمالهم الّتي كتبها عليهم في كتابٍ مسطورٍ لا يضيع منه شيءٌ؛ ولهذا قال: {ولدينا كتابٌ ينطق بالحقّ} يعني: كتاب الأعمال، {وهم لا يظلمون} أي: لا يبخسون من الخير شيئًا، وأمّا السّيّئات فيعفو ويصفح عن كثيرٍ منها لعباده المؤمنين).[تفسير ابن كثير: 5/ 481]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال منكرًا على الكفّار والمشركين من قريشٍ: {بل قلوبهم في غمرةٍ} أي: غفلةٍ وضلالةٍ {من هذا} أي: القرآن الّذي أنزله [اللّه تعالى] على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون}: قال الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {ولهم أعمالٌ} أي: سيّئةٌ من دون ذلك، يعني: الشّرك، {هم لها عاملون} قال: لا بدّ أن يعملوها. كذا روي عن مجاهدٍ، والحسن، وغير واحدٍ.
وقال آخرون: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون} أي: قد كتب عليهم أعمالٌ سيّئةٌ لا بدّ أن يعملوها قبل موتهم لا محالة، لتحقّ عليهم كلمة العذاب. وروي نحو هذا عن مقاتل بن حيّان والسّدّيّ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم. وهو ظاهرٌ قويٌّ حسنٌ. وقد قدّمنا في حديث ابن مسعودٍ: "فوالّذي لا إله غيره، إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الجنّة حتّى ما يكون بينه وبينها إلّا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النّار، فيدخلها"). [تفسير ابن كثير: 5/ 482]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون} يعني: حتّى إذا جاء مترفيهم -وهم السّعداء المنعّمون في الدّنيا-عذاب اللّه وبأسه ونقمته بهم {إذا هم يجأرون} أي: يصرخون ويستغيثون، كما قال تعالى: {وذرني والمكذّبين أولي النّعمة ومهّلهم قليلا. إنّ لدينا أنكالا وجحيمًا. وطعامًا ذا غصّةٍ وعذابًا أليمًا} [المزّمّل: 11-13]، وقال تعالى: {كم أهلكنا من قبلهم من قرنٍ فنادوا ولات حين مناصٍ} [ص: 3]). [تفسير ابن كثير: 5/ 482]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا تجأروا اليوم إنّكم منّا لا تنصرون} أي: لا نجيركم ممّا حلّ بكم، سواءٌ جأرتم أو سكتّم، لا محيد ولا مناص ولا وزر لزم الأمر ووجب العذاب). [تفسير ابن كثير: 5/ 482]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ذكر أكبر ذنوبهم فقال: {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون} أي: إذا دعيتم أبيتم، وإن طلبتم امتنعتم؛ {ذلكم بأنّه إذا دعي اللّه وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم للّه العليّ الكبير} [غافرٍ: 12]). [تفسير ابن كثير: 5/ 482]

تفسير قوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {مستكبرين به سامرًا تهجرون}: في تفسيره قولان، أحدهما: أنّ مستكبرين حالٌ منهم حين نكوصهم عن الحقّ وإبائهم إيّاه، استكبارًا عليه واحتقارًا له ولأهله، فعلى هذا الضّمير في {به} فيه ثلاثة أقوالٍ:
أحدهما: أنّه الحرم بمكّة، ذمّوا لأنّهم كانوا يسمرون بالهجر من الكلام.
والثّاني: أنّه ضمير القرآن، كانوا يسمرون ويذكرون القرآن بالهجر من الكلام: "إنّه سحرٌ، إنّه شعرٌ، إنّه كهانةٌ" إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة.
والثّالث: أنّه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، كانوا يذكرونه في سمرهم بالأقوال الفاسدة، ويضربون له الأمثال الباطلة، من أنّه شاعرٌ، أو كاهنٌ، أو ساحرٌ، أو كذّابٌ، أو مجنونٌ. وكلّ ذلك باطلٌ، بل هو عبد اللّه ورسوله، الّذي أظهره اللّه عليهم، وأخرجهم من الحرم صاغرين أذلّاء.
وقيل: المراد بقوله: {مستكبرين به} أي: بالبيت، يفتخرون به ويعتقدون أنّهم أولياؤه، وليسوا بهم، كما قال النّسائيّ في التّفسير من سننه:
أخبرنا أحمد بن سليمان، أخبرنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، أنّه سمع سعيد بن جبيرٍ يحدّث عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: إنّما كره السّمر حين نزلت هذه الآية: {مستكبرين به سامرًا تهجرون}، فقال: مستكبرين بالبيت، يقولون: نحن أهله، {سامرًا} قال: يتكبّرون [ويسمرون فيه، ولا] يعمّرونه، ويهجرونه.
وقد أطنب ابن أبي حاتمٍ هاهنا بماذا حاصله). [تفسير ابن كثير: 5/ 482-483]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفلم يدّبّروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين (68) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون (69) أم يقولون به جنّةٌ بل جاءهم بالحقّ وأكثرهم للحقّ كارهون (70) ولو اتّبع الحقّ أهواءهم لفسدت السّماوات والأرض ومن فيهنّ بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون (71) أم تسألهم خرجًا فخراج ربّك خيرٌ وهو خير الرّازقين (72) وإنّك لتدعوهم إلى صراطٍ مستقيمٍ (73) وإنّ الّذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصّراط لناكبون (74) ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضرٍّ للجّوا في طغيانهم يعمهون (75)}.
يقول تعالى منكرًا على المشركين في عدم تفهّمهم للقرآن العظيم، وتدبّرهم له وإعراضهم عنه، مع أنّهم قد خصّوا بهذا الكتاب الّذي لم ينزّل اللّه على رسولٍ أكمل منه ولا أشرف، لا سيّما وآباؤهم الّذين ماتوا في الجاهليّة، حيث لم يبلغهم كتابٌ ولا أتاهم نذيرٌ، فكان اللّائق بهؤلاء أن يقابلوا النّعمة الّتي أسداها اللّه إليهم بقبولها، والقيام بشكرها وتفهّمها، والعمل بمقتضاها آناء اللّيل وأطراف النّهار، كما فعله النّجباء منهم ممّن أسلم واتّبع الرّسول، صلوات اللّه وسلامه عليه، ورضي عنهم.
وقال قتادة: {أفلم يدّبّروا القول} إذًا واللّه يجدون في القرآن زاجرًا عن معصية اللّه لو تدبّره القوم وعقلوه، ولكنّهم أخذوا بما تشابه، فهلكوا عند ذلك). [تفسير ابن كثير: 5/ 483]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال منكرًا على الكافرين من قريشٍ: {أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون} أي: أفهم لا يعرفون محمّدًا وصدقه وأمانته وصيانته الّتي نشأ بها فيهم، أفيقدرون على إنكار ذلك والمباهتة فيه؟ ولهذا قال جعفر بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، للنّجاشيّ ملك الحبشة: أيّها الملك، إنّ اللّه بعث إلينا رسولًا نعرف نسبه وصدقه وأمانته. وهكذا قال المغيرة بن شعبة لنائب كسرى حين بارزهم وكذلك قال أبو سفيان صخر بن حربٍ لملك الرّوم هرقل، حين سأله وأصحابه عن صفات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ونسبه وصدقه وأمانته، وكانوا بعد كفّارًا لم يسلموا، ومع هذا ما أمكنهم إلّا الصّدق فاعترفوا بذلك). [تفسير ابن كثير: 5/ 484]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أم يقولون به جنّةٌ} يحكي قول المشركين عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه تقوّل القرآن، أي: افتراه من عنده، أو أنّ به جنونًا لا يدري ما يقول. وأخبر عنهم أنّ قلوبهم لا تؤمن به، وهم يعلمون بطلان ما يقولونه في القرآن، فإنّه قد أتاهم من كلام اللّه ما لا يطاق ولا يدافع، وقد تحدّاهم وجميع أهل الأرض أن يأتوا بمثله، فما استطاعوا ولا يستطيعون أبد الآبدين؛ ولهذا قال: {بل جاءهم بالحقّ وأكثرهم للحقّ كارهون} يحتمل أن تكون هذه جملةٌ حاليّةٌ، أي: في حال كراهة أكثرهم للحقّ، ويحتمل أن تكون خبريّةً مستأنفةً، واللّه أعلم.
وقال قتادة: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لقي رجلًا فقال له: "أسلم" فقال الرّجل: إنّك لتدعوني إلى أمرٍ أنا له كارهٌ. فقال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "وإن كنت كارهًا". وذكر لنا أنّه لقي رجلًا فقال له: "أسلم" فتصعّده ذلك وكبر عليه، فقال له نبيّ اللّه: "أرأيت لو كنت في طريقٍ وعر وعث، فلقيت رجلًا تعرف وجهه، وتعرف نسبه، فدعاك إلى طريقٍ واسعٍ سهلٍ، أكنت متّبعه ؟ " قال: نعم. فقال: "فوالّذي نفس محمّدٍ بيده، إنّك لفي أوعر من ذلك الطّريق لو قد كنت عليه، وإنّي لأدعوك إلى أسهل من ذلك لو دعيت إليه". وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لقي رجلًا فقال له: "أسلم" فتصعّده ذلك، فقال له نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أرأيت فتييك، أحدهما إذا حدّثك صدقك، وإذا ائتمنته أدّى إليك أهو أحبّ إليك، أم فتاك الّذي إذا حدّثك كذبك وإذا ائتمنته خانك؟ ". قال: بل فتاي الّذي إذا حدّثني صدقني، وإذا ائتمنته أدّى إليّ. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "كذاكم أنتم عند ربّكم").[تفسير ابن كثير: 5/ 484]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة