العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الثاني 1434هـ/21-02-2013م, 11:24 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (34) إلى الآية (35) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (34) إلى الآية (35) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني أشهل بن حاتم، عن شعبة بن الحجاج، عن المغيرة، عن إبراهيم في هذه الآية: {واهجروهن في المضاجع}، قال: يهجر فراشها). [الجامع في علوم القرآن: 1/146]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني جرير بن حازمٍ قال: سمعت الحسن البصريّ قال: أتت امرأةٌ إلى رسول اللّه فقالت: إنّ زوجي لطم وجهي، قال: بينكم القصاص، فأنزل اللّه: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك
[الجامع في علوم القرآن: 2/41]
وحيه وقل رب زدني علماً}؛ قال: فأمسك رسول اللّه حتّى أنزلت الآية الّتي في سورة النّساء: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ}). [الجامع في علوم القرآن: 2/42] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة قال صك رجل امرأته فأتت النبي فأراد أن يقيدها منه فأنزل الله تعالى الرجال قوامون على النساء قال معمر وسمعت الزهري يقول إن رجلا جرح امرأته أو شجها لم يكن عليه في ذلك قود وكان عليه العقل إلا أن يغدو عليه فيقتلها فيقتل بها). [تفسير عبد الرزاق: 1/157]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى قانتات قال مطيعات). [تفسير عبد الرزاق: 1/157]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن وقتادة فعظوهن واهجروهن قالا إذا خاف نشوزها وعظها فإن أقبلت وإلا هجر مضجعها فإن أقبلت وإلا ضربها ضربا غير مبرح ثم قال فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا). [تفسير عبد الرزاق: 1/158]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر قال الكلبي ليس الهجر في المضاجع أن يقول لها هجرا والهجر أن يأمرها أن تفيء ويرجع إلى مضجعها). [تفسير عبد الرزاق: 1/158]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني ابن جريج قال قلت لعطاء فاضربوهن قال ضربا غير مبرح قال ابن جريج إلى قوله فلا تبغوا عليهن سبيلا قال العلل). [تفسير عبد الرزاق: 1/158]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرنا الثوري عن رجل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى واهجروهن في المضاجع قال يهجرها بلسانه ويغلظ لها بالقول ولا يدع جماعها). [تفسير عبد الرزاق: 1/158]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن خصيف عن عكرمة قال إنما الهجران بالمنطق أن يغلط لها وليس بالجماع
وقال الثوري في قوله تعالى فإن أطعنكم قال أتت الفراش وهي تبغضه). [تفسير عبد الرزاق: 1/158]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {واللّاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ}
- أخبرنا عبدة بن عبد الله، أخبرنا يزيد، أخبرنا شعبة، عن أبي قزعة، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سأله رجلٌ: ما حقّ المرأة على زوجها؟ قال: «تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبّح، ولا تهجر إلّا في البيت»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/64]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم فالصّالحات قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب بما حفظ اللّه واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً إنّ اللّه كان عليًّا كبيرًا}.
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {الرّجال قوّامون على النّساء} الرّجال أهل قيامٍ على نسائهم في تأديبهنّ والأخذ على أيديهنّ، فيما يجب عليهنّ للّه ولأنفسهم {بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ} يعني بما فضّل اللّه به الرّجال على أزواجهم من سوقهم إليهنّ مهورهنّ، وإنفاقهم عليهنّ أموالهم وكفايتهم إيّاهنّ مؤنهنّ. وذلك تفضيل اللّه تبارك وتعالى إيّاهمّ عليهنّ، ولذلك صاروا قوّامًا عليهنّ، نافذي الأمر عليهنّ فيما جعل اللّه إليهم من أمورهنّ.
وبما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبى طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {الرّجال قوّامون على النّساء} يعني: أمراءٌ، عليها أن تطيعه فيما أمرها اللّه به من طاعته، وطاعته أن تكون محسنةً إلى أهله حافظةً لماله وفضله عليها بنفقته وسعيه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ} يقول: الرّجل قائمٌ على المرأة يأمرها بطاعة اللّه، فإن أبت، فله أن يضربها ضربًا غير مبرّحٍ، وله عليها الفضل بنفقته وسعيه.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {الرّجال قوّامون على النّساء} قال: يأخذون على أيديهنّ ويؤدّبونهنّ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان، يقول: {بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ} قال: بتفضيل اللّه الرّجال على النّساء.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في رجلٍ كان لطم امرأته، فخوصم إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في ذلك، فقضى لها بالقصاص.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: حدّثنا الحسن: أنّ رجلاً، لطم امرأته، فأتت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأراد أن يقصّها منه، فأنزل اللّه: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم} فدعاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فتلاها عليه وقال: أردت أمرًا وأراد اللّه غيره.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم} ذكر لنا أنّ رجلاً لطم امرأته، فأتت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ ذكر نحوه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {الرّجال قوّامون على النّساء} قال: صكّ رجلٌ امرأته، فأتت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأراد أن يقيدها منه، فأنزل اللّه: {الرّجال قوّامون على النّساء}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن جرير بن حازمٍ، عن الحسن: أنّ رجلاً، من الأنصار لطم امرأته، فجاءت تلتمس القصاص، فجعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بينهما القصاص، فنزلت: قوله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} ونزلت: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: لطم رجلٌ امرأته، فأراد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم القصاص، فبينما هم كذلك، نزلت الآية.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: أمّا: {الرّجال قوّامون على النّساء} فإنّ رجلاً من الأنصار كان بينه وبين امرأته كلامٌ، فلطمها، فانطلق أهلها، فذكروا ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبرهم: {الرّجال قوّامون على النّساء} الآية.
وكان الزّهريّ يقول: ليس بين الرّجل وامرأته قصاصٌ فيما دون النّفس.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، سمعت الزّهريّ، يقول: لو أنّ رجلاً، شجّ امرأته، أو جرحها، لم يكن عليه في ذلك قودٌ وكان عليه العقل، إلاّ أن يعدو عليها فيقتلها، فيقتل بها.
وأمّا قوله: {وبما أنفقوا من أموالهم}
فإنّه يعني: وبما ساقوا إليهنّ من صداقٍ، وأنفقوا عليهنّ من نفقةٍ. كما:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قال: فضّله عليها بنفقته وسعيه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان، يقول: {وبما أنفقوا من أموالهم} بما ساقوا من المهر.
فتأويل الكلام إذًا: الرّجال قوّامون على نسائهم بتفضيل اللّه إيّاهم عليهنّ وبإنفاقهم عليهنّ من أموالهم.
وما الّتي في قوله: {بما فضّل اللّه} والّتي في قوله: {وبما أنفقوا} في معنى المصدر). [جامع البيان: 6/687-690]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فالصّالحات قانتاتٌ حافظاتٌ لّلغيب بما حفظ الله}.
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {فالصّالحات} المستقيمات الدّين، العاملات بالخير. كما
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، قال: سمعت سفيان، يقول: فالصّالحات يعملن بالخير.
وقوله: {قانتاتٌ} يعني: مطيعاتٌ للّه ولأزواجهنّ. كما:.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: قوله: {قانتاتٌ} قال: مطيعاتٌ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {قانتاتٌ} قال: مطيعاتٌ.
- حدّثني عليّ بن داود قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {قانتاتٌ} مطيعاتٌ.
- حدّثنا بشربن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {قانتاتٌ} أي مطيعاتٌ للّه ولأزواجهنّ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة قال: مطيعاتٌ.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: القانتات: المطيعات.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان، يقول في قوله: {قانتاتٌ} قال: مطيعاتٌ لأزواجهنّ.
وقد بيّنّا معنى القنوت فيما مضى وأنّه الطّاعة، ودلّلنا على صحّة ذلك من الشّواهد بما أغنى عن إعادته.
وأمّا قوله: {حافظاتٌ للغيب} فإنّه يعني: حافظاتٌ لأنفسهنّ عند غيبة أزواجهنّ عنهنّ في فروجهنّ وأموالهم، وللواجب عليهنّ من حقّ اللّه في ذلك وغيره. كما:.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {حافظاتٌ للغيب} يقول: حافظاتٌ لما استودعهنّ اللّه من حقّه، وحافظاتٌ لغيب أزواجهنّ.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {حافظاتٌ للغيب بما حفظ اللّه} يقول: تحفظ على زوجها ماله وفرجها، حتّى يرجع كما أمرها اللّه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: ما قوله: {حافظاتٌ للغيب} قال: حافظاتٌ للزّوج.
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة قال: حدّثنا حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ: سألت عطاءً، عن {حافظاتٌ للغيب} قال: حافظاتٌ للأزواج.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان، يقول: {حافظاتٌ للغيب} حافظاتٌ لأزواجهنّ لما غاب من شأنهنّ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا أبو معشرٍ، قال: حدّثنا سعيد بن أبي سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: خير النّساء امرأةٌ إذا نظرت إليها سرّتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالها قال: ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {الرّجال قوّامون على النّساء} الآية.
قال أبو جعفرٍ: وهذا الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يدلّ على صحّة ما قلنا في تأويل ذلك، وأنّ معناه: صالحاتٌ في أديانهنّ، مطيعاتٌ لأزواجهنّ، حافظاتٌ لهم في أنفسهنّ وأموالهم.
وأمّا قوله: {بما حفظ اللّه} فإنّ القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأته عامّة القرّاء في جميع أمصار الإسلام: {بما حفظ اللّه} برفع اسم اللّه على معنى: بحفظ اللّه إيّاهنّ إذ صيّرهنّ كذلك. كما:
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: حدّثنا حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: سألت عطاءً، عن قوله: {بما حفظ اللّه} قال: يقول: حفظهنّ اللّه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان، يقول في قوله: {بما حفظ اللّه} قال: بحفظ اللّه إيّاها أنّه جعلها كذلك.
وقرأ ذلك أبو جعفرٍ يزيد بن القعقاع المدنيّ: بما حفظ اللّه يعني: بحفظهنّ اللّه في طاعته، وأداء حقّه بما أمرهنّ من حفظ غيب أزواجهنّ، كقول الرّجل للرّجل: ما حفظت اللّه في كذا وكذا، بمعنى: راقبته ولاحظته.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القراءة في ذلك ما جاءت به قراءة المسلمين من القراءة مجيئًا يقطع عذر من بلغه ويثبت عليه حجّته، دون ما انفرد به أبو جعفرٍ فشذّ عنهم، وتلك القراءة ترفع اسم اللّه تبارك وتعالى: {بما حفظ اللّه} مع صحّة ذلك في العربيّة وكلام العرب، وقبح نصبه في العربيّة لخروجه عن المعروف من منطق العرب. وذلك أنّ العرب لا تحذف الفاعل مع المصادر من أجل أنّ الفاعل إذا حذف معها لم يكن للفعل صاحبٌ معروفٌ.
وفي الكلام متروكٌ استغنى بدلالة الظّاهر من الكلام عليه من ذكره ومعناه: {فالصّالحات قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب بما حفظ اللّه} فأحسنوا إليهنّ وأصلحوا.
وكذلك هو فيما ذكر في قراءة ابن مسعودٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، قال: حدّثنا عيسى الأعمى، عن طلحة بن مصرّفٍ، قال: في قراءة عبد اللّه: فالصّالحات قانتاتٌ للغيب بما حفظ اللّه فأصلحوا إليهنّ واللاّتي تخافون نشوزهنّ.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فالصّالحات قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب بما حفظ اللّه} فأحسنوا إليهنّ.
- حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فالصّالحات قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب بما حفظ اللّه} فأصلحوا إليهنّ.
- حدّثني عليّ بن داود قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فالصّالحات قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب بما حفظ اللّه} يعني إذا كنّ هكذا، فأحسنوا إليهنّ). [جامع البيان: 6/690-696]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله: {واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ}.
اختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {واللاّتي تخافون نشوزهنّ} فقال بعضهم: معناه: واللاّتي تعلمون نشوزهنّ.
ووجه صرف الخوف في هذا الموضع إلى العلم في قول هؤلاء نظير صرف الظّنّ إلى العلم لتقارب معنييهما، إذ كان الظّنّ شكًّا، وكان الخوف مقرونًا برجاءٍ، وكانا جميعًا من فعل المرء بقلبه، كما قال الشّاعر:.
ولا تدفنّني في الفلاة فإنّني = أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
بعنى: فإنّني أعلم، وكما قال الآخر:.
أتاني كلامٌ عن نصيبٍ يقوله = وما خفت يا سلام أنّك عائبي
بمعنى: وما ظننت.
وقال جماعةٌ من أهل التّأويل: معنى الخوف في هذا الموضع: الخوف الّذي هو خلاف الرّجاء. قالوا: معنى ذلك: إذا رأيتم منهنّ ما تخافون أن ينشزن عليكم من نظرٍ إلى ما لا ينبغي لهنّ أن ينظرن إليه، ويدخلن ويخرجن، واستربتم بأمرهنّ، فعظوهنّ واهجروهنّ. وممّن قال ذلك محمّد بن كعبٍ.
وأمّا قوله: {نشوزهنّ} فإنّه يعني: استعلاءهنّ على أزواجهنّ، وارتفاعهنّ عن فرشهم بالمعصية منهنّ، والخلاف عليهم فيما لزمهنّ طاعتهم فيه، بغضًا منهنّ وإعراضًا عنهم.
وأصل النّشوز الارتفاع، ومنه قيل للمكان المرتفع من الأرض نشزٌ ونشازٌ.
{فعظوهنّ} يقول: ذكّروهنّ اللّه، وخوّفوهنّ وعيده في ركوبها ما حرّم اللّه عليها من معصية زوجها فيما أوجب عليها طاعته فيه.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال: النّشوز: البغض ومعصية الزّوج:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {واللاّتي تخافون نشوزهنّ} قال: بغضهنّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {واللاّتي تخافون نشوزهنّ} قال: الّتي تخاف معصيتها. قال: النّشوز: معصيته وخلافه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واللاّتي تخافون نشوزهنّ} تلك المرأة تنشز وتستخفّ بحقّ زوجها ولا تطيع أمره.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، حدّثنا روحٌ، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، قال: قال عطاءٌ: النّشوز: أن تحبّ فراقه، والرّجل كذلك.
ذكر الرّواية عمّن قال ما قلنا في قوله: {فعظوهنّ}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فعظوهنّ} يعني: عظوهنّ بكتاب اللّه قال: أمره اللّه إذا نشزت أن يعظها ويذكّرها اللّه ويعظّم حقّه عليها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ} قال: إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها يقول لها: اتّقي اللّه وارجعي إلى فراشك، فإن أطاعته فلا سبيل له عليها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن يونس، عن الحسن قال: إذا نشزت المرأة على زوجها فليعظها بلسانه، يقول: يأمرها بتقوى اللّه وطاعته.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ قال: إذا رأى الرّجل خفّةً في بصرها ومدخلها ومخرجها قال: يقول لها بلسانه: قد رأيت منك كذا وكذا فانتهي. فإن أعتبت فلا سبيل له عليها، وإن أبت هجر مضجعها.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا حبّان بن موسى قال: حدّثنا ابن المبارك قال: أخبرنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {فعظوهنّ} قال: إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها فإنّه يقول لها: اتّقي اللّه وارجعي.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عطاءٍ: {فعظوهنّ} قال: بالكلام.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {فعظوهنّ} قال: بالألسنة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرو بن أبي قيسٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {فعظوهنّ} قال: عظوهنّ باللّسان). [جامع البيان: 6/696-699]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واهجروهنّ في المضاجع}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فعظوهنّ في نشوزهنّ عليكم أيّها الأزواج، فإن أبين مراجعة الحقّ في ذلك والواجب عليهم لكم، فاهجروهنّ بترك جماعهنّ في مضاجعتكم إيّاهنّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع} يعني: عظوهنّ، فإن أطعنكم وإلاّ فاهجروهنّ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {واهجروهنّ في المضاجع} يعني بالهجران أن يكون الرّجل وامرأته على فراشٍ واحدٍ لا يجامعها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: الهجر: هجر الجماع.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: أما {تخافون نشوزهنّ} فإنّ على زوجها أن يعظها، فإن لم تقبل فليهجرها في المضجع. يقول: يرقد عندها ويولّيها ظهره، ويطؤها ولا يكلّمها. هكذا في كتابي: ويطؤها ولا يكلّمها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {واهجروهنّ في المضاجع} قال: يضاجعها ويهجر كلامها ويولّيها ظهره.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا حبّان بن موسى قال: حدّثنا ابن المبارك قال: أخبرنا شريكٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {واهجروهنّ في المضاجع} قال: لا يجامعها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: واهجروهنّ واهجروا كلامهنّ في تركهنّ مضاجعتكم، حتّى يرجعن إلى مضاجعتكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، وأبو السّائب، قالا: حدّثنا ابن إدريس، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {واهجروهنّ في المضاجع} أنّها لا تترك في الكلام، ولكنّ الهجران في أمر المضجع.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا أبو حمزة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {واهجروهنّ في المضاجع} يقول: حتّى يأتين مضاجعكم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {واهجروهنّ في المضاجع} في الجماع.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {واهجروهنّ في المضاجع} قال: يعظها فإن هي قبلت وإلاّ هجرها في المضجع ولا يكلّمها من غير أن يذر نكاحها، وذلك عليها شديدٌ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا شريكٌ، عن خصيفٍ، عن عكرمة: {واهجروهنّ في المضاجع} الكلام والحديث.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحسن بن زريقٍ الطّهويّ، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {واهجروهنّ في المضاجع} قال: لا تضاجعوهنّ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، قال: الهجران أن لا يضاجعها.
- وبه قال حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن عامرٍ، وإبراهيم، قالا: الهجران في المضجع أن لا يضاجعها على فراش.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم والشّعبيّ أنّهما قالا في قوله: {واهجروهنّ في المضاجع} قالا: يهجر مضاجعتها حتّى ترجع إلى ما يحبّ.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم والشّعبيّ أنّهما كانا يقولان: {واهجروهنّ في المضاجع} قال: يهجرها في المضجع.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا حبّان، قال: حدّثنا ابن المبارك، قال: حدّثنا شريكٌ، عن خصيفٍ، عن مقسمٍ: {واهجروهنّ في المضاجع} قال: هجرها في مضجعها: أن لا يقرب فراشها.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ قال: اهجروهنّ في المضاجع قال: يعظها بلسانه، فإن أعتبت فلا سبيل له عليها، وإن أبت هجر مضجعها.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، وقتادة، في قوله: {فعظوهنّ واهجروهنّ} قالا: إذا خاف نشوزها وعظها، فإن قبلت وإلاّ هجر مضجعها.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {واهجروهنّ في المضاجع} قال: تبدأ يا ابن آدم فتعظها، فإن أبت عليك فاهجرها، يعني به: فراشها.
وقال آخرون: معنى قوله: {واهجروهنّ في المضاجع} قولوا لهنّ من القول هجرًا في تركهنّ مضاجعتكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن رجلٍ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {واهجروهنّ في المضاجع} قال: يهجرها بلسانه، ويغلّظ لها بالقول، ولا يدع جماعها.
وبه قال: أخبرنا الثّوريّ، عن خصيفٍ، عن عكرمة، قال: إنّما الهجران بالمنطق أن يغلّظ لها، وليس بالجماع.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا مغيرة، عن أبي الضّحى في قوله: {واهجروهنّ في المضاجع} قال: يهجر بالقول، ولا يهجر مضاجعتها حتّى ترجع إلى ما يريد.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيدٍ، عن رجلٍ، عن الحسن، قال: لا يهجرها إلا في المبيت في المضجع، ليس له أن يهجر في كلامٍ ولا شيءٍ إلا في الفراش.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثني يعلى، عن سفيان، في قوله: {واهجروهنّ في المضاجع} قال: في مجامعتها، ولكن يقول لها: تعالي وافعلي. كلامًا فيه غلظةٌ، فإذا فعلت ذلك فلا يكلّفها أن تحبّه، فإنّ قلبها ليس في يديها.
ولا معنى للهجر في كلام العرب إلاّ على أحد ثلاثة أوجهٍ:
أحدها هجر الرّجل كلام الرّجل وحديثه، وذلك رفضه وتركه، يقال منه: هجر فلانٌ أهله يهجرها هجرًا وهجرانًا.
والآخر: الإكثار من الكلام بترديدٍ كهيئة كلام الهازئ، يقال منه: هجر فلانٌ في كلامه يهجر هجرًا إذا هذى ومدّد الكلمة، وما زالت تلك هجّيراه وإهجيراه، ومنه قول ذي الرّمّة:.
رمى فأخطأ والأقدار غالبةٌ = فانصعن والويل هجّيراه والحرب
والثّالث: هجر البعير إذا ربطه صاحبه بالهجار، وهو حبلٌ يربط في حقويها ورسغها، ومنه قول امرئ القيس:
رأت هلكًا بنجاف الغبيط = فكادت تجدّ لذاك الهجارا.
فأمّا القول الّذي فيه الغلظة والأذى فإنّما هو الإهجار، ويقال منه: أهجر فلانٌ في منطقه: إذا قال الهجر وهو الفحش من الكلام، يهجر إهجارًا وهجرًا.
فإذ كان لا وجه للهجر في الكلام إلاّ أحد المعاني الثّلاثة، وكانت المرأة المخوف نشوزها إنّما أمر زوجها بوعظها لتنيب إلى طاعته فيما يجب عليها له من موافاته عند دعائه إيّاها إلى فراشه، فغير جائزٍ أن تكون عظته لذلك، ثمّ تصير المرأة إلى أمر اللّه وطاعة زوجها في ذلك ثمّ يكون الزّوج مأمورًا بهجرها في الأمر الّذي كانت عظته إيّاها عليه.
وإذ كان ذلك كذلك بطل قول من قال: معنى قوله: {واهجروهنّ في المضاجع} واهجروا جماعهنّ.
أو يكون إذ بطل هذا المعنى. بمعنى: واهجروا كلامهنّ بسبب هجرهنّ مضاجعكم، وذلك أيضًا لا وجه له مفهومٌ لأنّ اللّه تعالى ذكره قد أخبر على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه لا يحلّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاثٍ. على أنّ ذلك لو كان حلالاً لم يكن لهجرها في الكلام معنى مفهومٌ، لأنّها إذا كانت عنه منصرفةً وعليه ناشزًا فمن سرورها أن لا يكلّمها ولا يراها ولا تراه، فكيف يؤمر الرّجل في حال بغض امرأته إيّاه وانصرافها عنه بترك ما في تركه سرورها من ترك جماعها ومجادثتها وتكليمها، وهو يؤمر بضربها لترتدع عمّا هي عليه من ترك طاعه إذا دعاها إلى فراشه، وغير ذلك ممّا يلزمها طاعته فيه؟
أو يكون إذ فسد هذان الوجهان يكون معناه: واهجروا في قولكم لهم، بمعنى: ردّوا عليهنّ كلامكم إذا كلّمتموهنّ بالتّغليظ لهنّ، فإن كان ذلك معناه، فلا وجه لإعمال الهجر في كناية أسماء النّساء النّاشزات، أعني في الهاء والنّون من قوله {واهجروهنّ} لأنّه إذا أريد به ذلك المعنى، كان الفعل غير واقعٍ، إنّما يقال: هجر فلانٌ في كلامه ولا يقال: هجر فلانٌ فلانًا.
فإذا كان في كلّ هذه المعاني ما ذكرنا من الخلل اللاّحق، فأولى الأقوال بالصّواب في ذلك أن يكون قوله: {واهجروهنّ} موجّهًا معناه إلى معنى الرّبط بالهجار على ما ذكرنا من قول العرب للبعير إذا ربطه صاحبه بحبلٍ على ما وصفنا: هجره فهو يهجره هجرًا.
وإذا كان ذلك معناه كان تأويل الكلام: واللاّتي تخافون نشوزهنّ، فعظوهنّ في نشوزهنّ عليكم، فإن اتّعظن فلا سبيل لكم عليهنّ، وإنّ أبين الأوبة من نشوزهنّ فاستوثقوا منهنّ رباطًا في مضاجعهنّ، يعني في منازلهنّ وبيوتهنّ الّتي يضطجعن بها ويضاجعن فيها أزواجهنّ كما:.
- حدّثني عبّاس بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا يحيى بن أبي بكيرٍ، عن شبلٍ، قال: سمعت أبا قزعة، يحدّث عن عمرو بن دينارٍ، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه: أنّه جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ما حقّ زوجة أحدنا عليه؟ قال: يطعمها ويكسوها، ولا يضرب الوجه ولا يقبّح ولا يهجر إلا في البيت.
- حدّثنا الحسن بن عرفة قال: حدّثنا يزيد، عن شعبة بن الحجّاج، عن أبي قزعة، عن حكيم بن معاوية عن أبيه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، نحوه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: حدّثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا بهز بن حكيمٍ، عن ابيه عن جدّه، قال: قلت: يا رسول اللّه، نساؤنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: حرثك فأت حرثك أنّى شئت، غير أن لا تضرب الوجه ولا تقبّح ولا تهجر إلاّ في البيت وأطعم إذا طعمت واكس إذا اكتسيت؛ كيف وقد أفضى بعضكم إلاّ بعضٍ إلاّ بما حلّ عليها؟
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال عدّةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن الحسن، قال: إذا نشزت المرأة على زوجها، فليعظها بلسانه، فإن قبلت فذاك وإلاّ ضربها ضربًا غير مبرّحٍ، فإن رجعت فذاك، وإلاّ فقد حلّ له أن يأخذ منها ويخلّيها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ} قال: يفعل بها ذاك ويضربها حتّى تطيعه في المضاجع، فإذا أطاعته في المضجع فليس له عليها سبيلٌ إذا ضاجعته.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان، قال: حدّثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا يحيى بن بشرٍ أنّه سمع عكرمة، يقول في قوله: {واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ} ضربًا غير مبرّحٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: اضربوهنّ إذا عصينكم في المعروف ضربًا غير مبرّحٍ.
قال أبو جعفرٍ: فكلّ هؤلاء الّذين ذكرنا قولهم لم يوجبوا للهجر معنًى غير الضّرب، ولم يوجبوا هجرًا إذا كان هيئةً من الهيئات الّتي تكون بها المضروبة عند الضّرب مع دلالة الخبر الّذي رواه عكرمة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه أمر بضربهنّ إذا عصين أزواجهنّ في المعروف من غير أمرٍ منه أزواجهنّ بهجرهنّ لما وصفنا من العلّة.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ الّذي قلنا في تأويل الخبر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي رواه عكرمة، ليس كما قلنا، وصحّ أنّ ترك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أمر الرّجل بهجر زوجته إذا عصته في المعروف وأمره بضربها قبل الهجر، لو كان دليلاً على صحّة ما قلنا من أنّ معنى الهجر هو ما بيّنّاه، لوجب أن يكون لا معنى لأمر اللّه زوجها أن يعظها إذا هي نشزت، إذ كان لا ذكر للعظة في خبر عكرمة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم،
فإنّ الأمر في ذلك بخلاف ما ظنّ؛ وذلك أنّ قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: إذا عصينكم في المعروف دلالةٌ بيّنةٌ أنّه لم يبح للرّجل ضرب زوجته إلاّ بعد عظتها من نشوزها، وذلك أنّه لا تكون له عاصيةً، إلاّ وقد تقدّم منه لها أمرٌ أو عظةٌ بالمعروف على ما أمر اللّه تعالى ذكره به). [جامع البيان: 6/699-710]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واضربوهنّ}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: فعظوهنّ أيّها الرّجال في نشوزهنّ، فإن أبين الإياب إلى ما يلزمهنّ لكم فشدّوهنّ وثاقًا في منازلهنّ، واضربوهنّ ليؤبن إلى الواجب عليهنّ من طاعة اللّه في اللاّزم لهنّ من حقوقكم.
وقال أهل التّأويل: صفة الضّرب الّتي أباح اللّه لزوج النّاشز أن يضربها الضّرب غير المبرّح.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {واضربوهنّ} قال: ضربًا غير مبرّحٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: أخبرنا أبو حمزة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، قال: الضّرب غير مبرّح.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: حدّثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا شريكٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {واضربوهنّ} قال: ضربًا غير مبرّحٍ.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {واهجروهنّ في المضاجع} واضربوهنّ قال: تهجرها في المضجع، فإن أقبلت وإلاّ فقد أذن اللّه لك أن تضربها ضربًا غير مبرّحٍ، ولا تكسر لها عظمًا، فإن أقبلت، وإلاّ فقد حلّ لك منها الفدية.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، وقتادة، في قوله: {واضربوهنّ} قال: ضربًا غير مبرّحٍ.
- وبه قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: {واضربوهنّ} قال: ضربًا غير مبرّحٍ.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ} قال: تهجرها في المضجع، فإن أبت عليك فاضربها ضربًا غير مبرّحٍ؛ أي غير شائنٍ.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ في قوله {واضربوهنّ} قال: قلت لابن عبّاسٍ: ما الضّرب غير المبرّح؟ قال: السّواك وشبهه يضربها به.
- حدّثنا إبراهيم بن سعيدٍ الجوهريّ قال: حدّثنا ابن عيينة، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ قال: قلت لابن عبّاسٍ: ما الضّرب غير المبرّح؟ قال: بالسّواك ونحوه.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في خطبته: ضربًا غير مبرّحٍ قال: السّواك ونحوه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تهجروا النّساء إلاّ في المضاجع، واضربوهنّ ضربًا غير مبرّحٍ يقول: غير مؤثّرٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عطاءٍ: {واضربوهنّ} قال: ضربًا غير مبرّحٍ.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا حبّان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: حدّثنا يحيى بن بشرٍ عن عكرمة، مثله.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {واضربوهنّ} قال: إن أقبلت في الهجران، وإلاّ ضربها ضربًا غير مبرّحٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ، قال: تهجر مضجعها ما رأيت أن تنزع، فإن لم تنزع ضربها ضربًا غير مبرّحٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن يونس، عن الحسن: {واضربوهنّ} قال: ضربًا غير مبرّحٍ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا حبّان قال: حدّثنا ابن المبارك قال: أخبرنا عبد الوارث بن سعيدٍ، عن رجلٍ، عن الحسن قال: ضربًا غير مبرّحٍ، غير مؤثّرٍ). [جامع البيان: 6/710-713]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً}.
يعني بذلك جلّ ثناؤه: فإن أطعنكم أيّها النّاس نساؤكم اللاّتي تخافون نشوزهنّ عند وعظكم إيّاهنّ فلا تهجروهنّ في المضاجع، فإن لم يطعنكم فاهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ، فإن راجعن طاعتكم عند ذلك وفئن إلى الواجب عليهنّ، فلا تطلبوا طريقًا إلى أذاهنّ ومكروههنّ، ولا تلتمسوا سبيلاً إلى ما لا يحلّ لكم من أبدانهنّ وأموالهنّ بالعلل، وذلك أن يقول أحدكم لإحداهنّ وهي له مطيعةٌ: إنّك لست تحبّيني وأنت لي مبغضةٌ، فيضربها على ذلك أو يؤذيها، فقال اللّه تعالى للرّجال: {فإن أطعنكم} أي على بغضهنّ لكم فلا تجنوا عليهنّ، ولا تكلّفوهنّ محبّتكم، فإنّ ذلك ليس بأيديهنّ فتضربوهنّ أو تؤذوهنّ عليه.
ومعنى قوله: {فلا تبغوا} لا تلتمسوا ولا تطلبوا، من قول القائل: بغيت الضّالّة: إذا التمستها، ومنه قول الشّاعر في صفة الموت:
بغاك وما تبغيه حتّى وجدته = كأنّك قد واعدته أمس موعدا.
بمعنى: طلبك وما تطلبه.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً} قال: إذا أطاعتك فلا تتجنّ عليها العلل.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ قال: إذا أطاعته فليس له عليها سبيلٌ إذا ضاجعته.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قوله: {فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً} قال: العلل.
- وقال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: قال الثّوريّ في قوله: {فإن أطعنكم} قال: إن أتت الفراش وهي تبغضه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا يعلى، عن سفيان، قال: إذا فعلت ذلك لا يكلّفها أن تحبّه، لأنّ قلبها ليس في يديها.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: إن أطاعته فضاجعته، فإنّ اللّه يقول: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً}.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً} يقول: فإن أطاعتك فلا تبغ عليها العلل). [جامع البيان: 6/713-715]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه كان عليًّا كبيرًا}.
يقول: إنّ اللّه ذو علوٍّ على كلّ شيءٍ، فلا تبغوا أيّها النّاس على أزواجكم إذا أطعنكم فيما ألزمهنّ اللّه لكم من حقٍّ سبيلاً لعلوّ أيديكم على أيديهنّ، فإنّ اللّه أعلى منكم ومن كلّ شيءٍ، وأعلى منكم عليهنّ، وأكبر منكم ومن كلّ شيءٍ، وأنتم في يده وقبضته، فاتّقوا اللّه أن تظلموهنّ وتبغوا عليهنّ سبيلاً وهنّ لكم مطيعاتٌ، فينتصر لهنّ منكم ربّكم الّذي هو أعلى منكم ومن كلّ شيءٍ، وأكبر منكم ومن كلّ شيءٍ). [جامع البيان: 6/715]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم فالصّالحات قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب بما حفظ اللّه واللّاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلًا إنّ اللّه كان عليًّا كبيرًا (34)
قوله تعالى: الرجال قوامون على النساء
[الوجه الأول]
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا ابن أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ يعني: المقبريّ: عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: خير النّساء اللاتي إذا نظرت إليها سرّتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها، وتلا هذه الآية: الرّجال قوّامون على النّساء إلى آخر - وروي عن السّدّيّ، ومقاتل بن حيّان مثل ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: الرّجال قوّامون على النّساء يعني: أمراء عليهنّ، أن تطيعه فيما أمرها اللّه به من طاعةٍ، وطاعته أن تكون محسنةً إلى أهله حافظةً لماله- وروي عن السّدّيّ ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
الوجه الثاني:
- حدثنا أبو سعيد الأشجع، ثنا خلف بن أيّوب العامريّ، عن أشعث ابن عبد الملك، عن الحسن قال: جاءت امرأةٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تستعدي على زوجها أنّه لطمها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: القصاص فأنزل اللّه تعالى: الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ فرجعت بغير قصاصٍ.
قوله تعالى: بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ قال: وفضّله عليها بنفقته وسعيه.
قوله تعالى: وبما أنفقوا من أموالهم
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس قال: سمعت عبيدة، عن الشّعبيّ: وبما أنفقوا من أموالهم قال: الصّداق الّذي أعطاها، ألا ترى أنّه لو قذفها لاعنها، ولو قذفته جلدت.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المسيّب بن واضحٍ، ثنا ابن المبارك قال:
سمعت سفيان وبما أنفقوا من أموالهم: بما ساقوا من المهر.
قوله تعالى: فالصّالحات
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: فالصّالحات فيما بينهنّ وبين ربّهنّ مصلحاتٌ لما ولّين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا يحيى بن خلفٍ، ثنا عبد الأعلى، عن سعيدٍ، عن قتادة فالصّالحات قال: صوالح النّساء.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المسيّب بن واضحٍ، قال ابن المبارك سمعت سفيان يقول: فالصّالحات يعملن الخير.
قوله تعالى: قانتاتٌ
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: قانتاتٌ يعني: مطيعاتٌ- وروي عن مجاهدٍ وعكرمة وأبي مالكٍ وقتادة وعطاءٍ والسّدّيّ مثل ذلك.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: قانتاتٌ يقول: مطيعاتٌ للّه ولأزواجهنّ في المعروف.
قوله تعالى: حافظاتٌ للغيب
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا ابن ذئبٍ، عن سعيدٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: خير النّساء اللاتي إذا نظرت إليها سرّتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالها قال: وتلا هذه الآية: الرّجال قوّامون على النّساء إلى قوله قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب.
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا عمرٌو العنقزيّ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: حافظاتٌ للغيب قال: حافظاتٌ لأزواجهنّ في أنفسهنّ.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان: حافظاتٌ للغيب يقول حافظاتٌ لفروجهنّ بغيب أزواجهنّ، حافظاتٌ بحفظ اللّه لا يخنّ أزواجهنّ بالغيب.
قوله تعالى: بما حفظ اللّه
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ في قول اللّه تعالى: بما حفظ اللّه قال:
استحفظن اللّه- قال السّدّيّ: وهي في قراءة عبد اللّه بن مسعودٍ بما حفظ اللّه فأصلحوا إليهنّ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، قال ابن المبارك: سمعت سفيان يقول في قوله: بما حفظ اللّه قال: يحفظ اللّه إيّاها أن جعلها كذلك.
قوله تعالى: واللاتي تخافون
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، ثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: واللاتي تخافون نشوزهنّ قال: فتلك المرأة.
قوله تعالى: تخافون نشوزهنّ
- وبه عن ابن عبّاسٍ قوله: واللّاتي تخافون نشوزهن: فتلك المرأة تنشز، وتستخفّ بحقّ زوجها، ولا تطيع أمره، فأمره أن يعظها ويذكّرها باللّه وبعظم حقّه عليها.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي الحسين، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ وهي المرأة الّتي تنشز على زوجها، فلزوجها أن يخلعها حين يأمر الحكمان بذلك، وهو بعد ما تقول لزوجها: واللّه لا أبرّ لك قسماً، ولا أدبّر في بيتك بغير أمرك، ويقول السّلطان: لا نجيز لك خلعاً، حتّى تقول المرأة لزوجها: واللّه لا أغتسل لك من جنابةٍ، ولا أقيم للّه صلاةً، فعند ذلك يجيز السّلطان خلع المرأة.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: واللاتي تخافون نشوزهنّ: بغضهنّ.
قوله تعالى: فعظوهنّ
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، ثنا معاوية بن صالحٍ، حدّثني عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: فعظوهنّ يعني: عظوهنّ بكتاب اللّه- وروي عن مقاتل بن حيّان نحو ذلك.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكرٍ بن أبي شيبة، وعثمان ومحمّد بن العلاء قالوا: ثنا معاوية بن هشامٍ، ثنا عمّار بن رزيقٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ قال: العظة - وروي عن الشّعبيّ، وعطاءٍ وسعيد بن جبيرٍ والضّحّاك نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: فعظوهنّ قال: إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها فإنّه يقول لها: اتّقي اللّه وارجعي إلى فراشك، وهذه الموعظة.
قوله تعالى: واهجروهنّ في المضاجع
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: واهجروهنّ في المضاجع والهجران: ألا يجامعها في فراشها ويولّيها الظّهر، فإن أقبلت وإلا فقد أذن اللّه لك أن تضربها ضرباً غير مبرّحٍ
- وروي عن مقاتل بن حيّان أنّه قال: يوليها ظهره.
والوجه الثّاني:
- ذكره عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا معاوية، ثنا شريكٌ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قوله: واهجروهنّ في المضاجع قال: لا
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: فعظوهنّ قال: إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها فإنّه يقول لها: اتّقي اللّه وارجعي إلى فراشك، وهذه الموعظة.
قوله تعالى: واهجروهنّ في المضاجع
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: واهجروهنّ في المضاجع والهجران: ألا يجامعها في فراشها، ويولّيها الظّهر، فإن أقبلت وإلا فقد أذن اللّه لك أن تضربها ضرباً غير مبرّحٍ
وروي عن مقاتل بن حيّان أنّه قال: يوليها ظهره.
والوجه الثّاني:
- ذكره عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا معاوية، ثنا شريكٌ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قوله: واهجروهنّ في المضاجع قال: لا قال: لا تضاجعها في فراشك
- وروي عن عليّ بن أبي طالبٍ والشّعبيّ والحسن ومجاهدٍ ومقسمٍ وإبراهيم ومحمّد بن كعبٍ، وقتادة: أنّهم قالوا: تهجر فراشًا.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، ثنا عبد الرّزّاق، أنبأ الثّوريّ، عن خصيفٍ، عن عكرمة قال: إنّما الهجران بالمنطق أن يغلّظ لها وليس بالجماع- وروي عن ابن عبّاسٍ في إحدى الرّوايات، وأبي الضّحى نحو ذلك.
قوله تعالى: واضربوهنّ
- حدّثنا أبي، ثنا داود بن عبد اللّه الجعفريّ، وعيسى بن مرحومٍ وابن نفيلٍ، وهارون بن معروفٍ، واللّفظ لداود قالوا: ثنا حاتمٌ، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللّه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: اتّقوا النّساء، فإنّكم أخذتموهنّ بأمانة اللّه، واستحللتم فروجهنّ بكلمة اللّه، وإنّ لكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك، ف اضربوهن ضربا غير مبرح.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة قال: قال حمّادٌ: فقلت لحميدٍ: المبرّح؟ قال حميدٌ: فقلت للحسن: ما المبرّح؟ قال: غير المؤثّر.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا محمّد بن الصّلت، عن سفيان بن عيينة، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ في قول اللّه تعالى واضربوهنّ قال: بالسّواك ونحوه.
قوله تعالى: فإن أطعنكم
- حدّثنا سليمان بن داود مولى عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالبٍ، ثنا عثمان بن عثمان، ثنا عبد الرّحيم، وعبيدة يعني: ابن حميدٍ، عن الحسن بن عبيد اللّه النّخعيّ، عن مسلم بن صبيحٍ قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول في قوله: فإن أطعنكم قال: فإن أطاعته في المضجع فلا يبغي عليها سبيلا- وروي عن عكرمة نحو ذلك.
قوله تعالى: فلا تبغوا عليهنّ سبيلا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: فلا تبغوا عليهنّ سبيلا يقول: إذا أطاعتك فلا تتجنّ عليها العلل- وروي عن عطاءٍ وقتادة نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ أبو وهبٍ محمّد ابن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: فلا تبغوا عليهنّ سبيلا فحرّم اللّه ضربهنّ عند الطّاعة.
قوله تعالى: إنّ اللّه كان عليّاً كبيراً
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا إسحاق بن سليمان، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن مطرّفٍ، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبي، ر عن ابن عبّاسٍ قال:
أتاه رجلٌ فقال: يا أبا عبّاسٍ: سمعت اللّه يقول: وكان اللّه كأنّه شيءٌ كان، قال:
أمّا قوله: وكان اللّه فإنّه لم يزل، ولا يزال وهو الأوّل والآخر والظّاهر والباطن). [تفسير القرآن العظيم: 3/939-944]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن وأبو جعفر الرازي عن يونس بن عبيد عن الحسن وحماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن قال لطم رجل امرأته فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزوجها القصاص القصاص فأنزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي ونزل عليه الرجال قوامون على النساء إلى آخر فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم وقال أردنا أمرا وأراد الله أمرا غيره وما أراد الله عز وجل خير وفي حديث حماد بن سلمة جرح رجل امرأته). [تفسير مجاهد: 155]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قانتات مطيعات). [تفسير مجاهد: 155]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن مغيرة عن إبراهيم في قوله عز وجل واهجروهن قال الهجر في المضجع). [تفسير مجاهد: 155-156]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال حدثنا آدم قال حدثنا ورقاء عن المغيرة عن الشعبي قال لا تهجر إلا في المضجع). [تفسير مجاهد: 156]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن قال: جاءت امرأة إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم تستعدي على زوجها أنه لطمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القصاص، فأنزل الله {الرجال قوامون على النساء} الآية، فرجعت بغير قصاص.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق قتادة عن الحسن أن رجلا لطم امرأته فأتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأراد أن يقصها منه، فنزلت {الرجال قوامون على النساء} فدعاه فتلاها عليه وقال أردت أمرا وأراد الله غيره.
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق جرير بن حازم عن الحسن أن رجلا من الأنصار لطم امرأته فجاءت تلتمس القصاص فجعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص، فنزلت (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه) (طه الآية 114) فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن {الرجال قوامون على النساء} إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أردنا أمرا وأراد الله غيره.
وأخرج ابن مردويه، عن علي، قال: أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجل من الأنصار بامرأة له فقالت: يا رسول الله إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري وأنه ضربها فأثر في وجهها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس ذلك له، فأنزل الله {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} أي قوامون على النساء في الأدب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أردت أمرا وأراد الله غيره.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: لطم رجل امرأته فأراد النّبيّ صلى الله عليه وسلم القصاص فبينما هم كذلك نزلت الآية.
وأخرج ابن جرير عن السدي، نحوه.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {الرجال قوامون على النساء} قال: بالتأديب والتعليم {وبما أنفقوا من أموالهم} قال: بالمهر.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الزهري قال: لا تقص المرأة من زوجها إلا في النفس.
وأخرج ابن المنذر عن سفيان قال: نحن نقص منه إلا في الأدب.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {الرجال قوامون على النساء} يعني أمراء عليهن أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته وطاعته أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله {بما فضل الله} وفضله عليها بنفقته وسعيه {فالصالحات قانتات} قال: مطعيات {حافظات للغيب} يعني إذا كن كذا فأحسنوا إليهن.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال: الرجل قائم على المرأة يأمرها بطاعة الله فإن أبت فله أن يضربها ضربا غير مبرح وله عليها الفضل بنفقته وسعيه.
وأخرج عن السدي {الرجال قوامون على النساء} يأخذون على أيديهن ويؤدبونهن.
وأخرج عن سفيان {بما فضل الله بعضهم على بعض} قال: بتفضيل الله الرجال على النساء {وبما أنفقوا من أموالهم} بما ساقوا من المهر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي {وبما أنفقوا من أموالهم} قال: الصداق الذي أعطاها ألا ترى أنه لو قذفها لاعنها ولو قذفته جلدت.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {فالصالحات قانتات} أي مطيعات لله ولأزواجهن {حافظات للغيب} قال: حافظات لما استودعهن الله من حقه وحافظات لغيب أزواجهن
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {حافظات للغيب} للأزواج، وأخرح ابن جرير عن السدي {حافظات للغيب بما حفظ الله} يقول تحفظ على زوجها ماله وفرجها حتى يرجع كما أمرها الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: حافظات لأزواجهن في أنفسهن بما استحفظهن الله.
وأخرج عن مقاتل قال: حافظات لفروجهن لغيب أزواجهن حافظات بحفظ الله لا يخن أزواجهن بالغيب.
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال: حافظات للأزواج بما حفظ الله يقول: حفظهن الله.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {حافظات للغيب} قال: يحفظن على أزواجهن ما غابوا عنهن من شأنهن {بما حفظ الله} قال: بحفظ الله إياها أن يجعلها كذلك.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سننه" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {الرجال قوامون على النساء} إلى قوله {قانتات حافظات للغيب}.
وأخرج ابن جرير عن طلحة بن مصرف قال: في قراءة عبد الله فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن واللاتي تخافون.
وأخرج عن السدي {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} فأحسنوا إليهن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن يحيى بن جعدة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: خير فائدة أفادها المسلم بعد الإسلام امرأة جميلة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب في ماله ونفسها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال: ما استفاد رجل بعد إيمان بالله خيرا من امرأة حسنة الخلق ودود ولود وما استفاد رجل بعد الكفر بالله شرا من امرأة سيئة الخلق حديدة اللسان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبزي قال: مثل المراة الصالحة عند الرجل الصالح مثل التاج المخوص بالذهب على رأس الملك ومثل المرأة السوء عند الرجل الصالح مثل الحمل الثقيل على الرجل الكبير
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال: ألا أخبركم بالثلاث الفواقر قيل: وما هن قال: إمام جائر إن أحسنت لم يشكر وإن أسأت لم يغفر وجار سوء إن رأى حسنة غطاها وإن رأى سيئة أفشاها وامرأة السوء إن شهدتها غاظتك وإن غبت عنها خانتك.
وأخرج الحاكم عن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من السعادة: المرأة تراها فتعجبك وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون وطيئة فلتحقك بأصحابك والدار تكون واسعة كثيرة المرافق، وثلاث من الشقاء: المرأة تراها فتسوءك وتحمل لسانها عليك وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك والدار تكون ضيقة قليلة المرافق.
وأخرج البزار والحاكم والبيهقي في "سننه" عن أبي هريرة قال:جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة ؟ قال: من حق الزوج على الزوجة أن لو سال منخراه دما وقيحا وصديدا فلحسته بلسانها ما أدت حقه لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله الله عليها .
وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي من طريق حصين بن محصن قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة فقال: أي هذه أذات بعل أنت قلت: نعم، قال: كيف أنت له قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: انظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك.
وأخرج البزار والحاكم والبيهقي في "سننه" عن أبي هريرة قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة قال: من حق الزوج على الزوجة أن لو سال منخراه دما وقيحا وصديدا فلحسته بلسانها ما أدت حقه لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر أمرت المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله الله عليها.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره ولا تخرج وهو كاره ولا تطيع فيه أحدا ولا تخشن بصدره ولا تعتزل فراشه ولا تضر به فإن كان هو أظلم فلتأته حتى ترضيه فإن قبل منها فبها ونعمت وقبل الله عذرها وإن هو لم يرض فقد أبلغت عند الله عذرها.
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن شبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الفساق أهل النار، قيل: يا رسول الله ومن الفساق قال: النساء، قال رجل: يا رسول الله أولسن أمهاتنا وأخواتنا وأزواجنا قال: بلى، ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن وإذا ابتلين لم يصبرن.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه.
وأخرج عبد الرزاق والبزار والطبراني عن ابن عباس قال: جاءت امرأة إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك هذا الجهاد كتبه الله على الرجال فإن يصيبوا أجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ونحن معشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافها بحقه تعدل ذلك وقليل منكن من يفعله.
وأخرج البزار عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار عن ابن عباس أن امرأة من خثعم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة فإني امرأة أيم فإن استطعت وإلا جلست أيما قال: فإن حق الزوج على زوجته إن سألها نفسها وهي على ظهر بعير أن لا تمنعه نفسها ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه فإن فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل منها ولا تخرج من بيته إلا بإذنه فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع.
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن عائشة قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أعظم حقا على المرأة قال: زوجها، قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل قال: أمه.
وأخرج البزار عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر النساء اتقين الله والتمسن مرضاة أزواجكن فإن المرأة لو تعلم ما حق زوجها لم تزل قائمة ما حضر غداؤه وعشاؤه.
وأخرج البزار عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو تعلم المرأة حق لزوج ما قعدت ما حضر غداؤه وعشاؤه حتى يفرغ
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمرا بشرا يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تقبل لهم صلاة ولا تصعد لهم حسنة: العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه والمرأة الساخط عليها زوجها والسكران حتى يصحو.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة، النّبيّ في الجنة والصديق في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة ورجل زار أخاه في ناحية المصر يزوره الله في الجنة ونساؤكم من أهل الجنة الودود العدود على زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يده ثم تقول: لا أذوق غمضا حتى ترضى.
وأخرج البيهقي عن زيد بن ثابت أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لابنته: إني أبغض أن تكون المرأة تشكو زوجها.
وأخرج البيهقي عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لامرأة عثمان: أي بنية إنه لا امرأة لرجل لم تأت ما يهوى وذمته في وجهه وإن أمرها أن تنتقل من جبل أسود إلى جبل أحمر أو من جبل أحمر إلى جبل أسود فاستصلحي زوجك.
وأخرج البيهقي، عن جابر بن عبد الله عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: النساء على ثلاثة أصناف: صنف كالوعاء تحمل وتضع وصنف كالبعير الجرب وصنف ودود ولود تعين زوجها على إيمانه خير له من الكنز.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال: النساء ثلاث: امرأة عفيفة مسلمة هينة لينة ودود ولود تعين أهلها على الدهر ولا تعين الدهر على أهلها وقليل ما تجدها وامرأة وعاء لم تزد على أن تلد الولد وثالثة غل قمل يجعلها الله في عنق من يشاء وإذا أراد أن ينزعه نزعه.
وأخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد الأنصارية أنها أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك وأعلم نفسي - لك الفداء - أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مرابطا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أموالكم فما نشارككم في الأجر يا رسول الله فالتفت النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسساءلتها في أمر دينها من هذه فقالوا يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا فالتفت النّبيّ صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها: انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله، فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارا.
وأخرج البيهقي عن أنس قال: جاء النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن: يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله أفما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهنة إحداكن في بيتها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة باتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة.
وأخرج أحمد عن أسماء بنت يزيد قالت: مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في نسوة فسلم علينا فقال: إياكن وكفران المنعمين، قلنا يا رسول الله وما كفران المنعمين قال: لعل إحداكن تطول أيمتها بين أبويها وتعنس فيرزقها الله زوجا ويزرقها منه مالا وولدا فتغضب الغضبة فتقول: ما رأيت منه خيرا قط.
وأخرج البيهقي بسند منقطع عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أف للحمام حجاب لا يستر وماء لا يطهر ولا يحل لرجل أن يدخله إلا بمنديل مر المسلمين لا يفتنوا نساءهم {الرجال قوامون على النساء} علموهن ومروهن بالتسبيح.
وأخرج أحمد، وابن ماجه والبيهقي عن أبي أمامة قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابن لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حاملات والدات رحيمات لولا ما يأتين إلى أزواجهن لدخل مصلياتهن الجنة.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: قالت امرأة: يا رسول الله ما جزاء غزوة المرأة قال: طاعة الزوج واعتراف بحقه.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال: سئل النّبيّ صلى الله عليه وسلم أي النساء خير قال: التي تسره إذا نظر ولا تعصيه إذا أمر ولا تخالفه بما يكره في نفسها وماله.
وأخرج الحاكم وصححه عن معاذ أنه أتى الشام فرأى النصارى يسجدون لأساقفتهم ورهبانهم ورأى اليهود يسجدون لأحبارهم وربانهم فقال: لأي شيء تفعلون هذا قالوا: هذا تحية الأنبياء، قلت: فنحن أحق أن نصنع بنبينا فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إنهم كذبوا على أنبيائهم كما حرفوا كتابهم لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ولا تجد امرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على ظهر قتب
وأخرج الحاكم وصححه عن بريدة أن رجلا قال: يا رسول الله علمني شيئا أزداد به يقينا فقال: ادع تلك الشجرة فدعا بها فجاءت حتى سلمت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثم قال لها: ارجعي فرجعت، قال: ثم أذن له فقبل رأسه ورجليه وقال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبق من مواليه حتى يرجع وامرأة عصت زوجها حتى ترجع.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عنها ساخط وإمام قوم وهم له كارهون.
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل أنه قدم اليمن فسألته امرأة ما حق المرء على زوجته فإني تركته في البيت شيخا كبيرا فقال: والذي نفس معاذ بيده لو أنك ترجعين إذا رجعت إليه فوجدت الجذام قد خرق لحمه وخرق منخريه فوجدت منخريه يسيلان قيحا ودما ثم ألقمتيهما فاك لكيما تبلغي حقه ما بلغت ذاك أبدا.
وأخرج أحمد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس أن رجلا انطلق غازيا وأوصى امرأته لا تنزل من فوق البيت فكان والدها في أسفل البيت فاشتكى أبوها فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تخبره وتستأمره فأرسل إليها إتقي الله وأطيعي زوجك، ثم إن والدها توفي فأرسل إليه تستأمره فأرسل إليها مثل ذلك، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى عليه فأرسل إليها أن الله قد غفر لأبيك بطواعيتك لزوجك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال: كان يقال أشد الناس عذابا اثنان: امرأة تعصي زوجها وإمام قوم وهم له كارهون.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أتى بابنته إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج فقال لها: أطيعي أباك، فقالت: لا، حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته، فقال: حق الزوج على زوجته أن لو كان به قرحة فلحستها أو ابتدر منخراه صديدا ودما ثم لحسته ما أدت حقه، فقالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبدا، فقال: لا تنكحوهن إلا بإذنهن.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لشيء أن يسجد لشيء ولو كان ذلك لكان النساء يسجدن لأزواجهن، واخرج ابن أبي شيبة، وابن ماجه عن عائشة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمرا أحدا لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولو أن رجلا أمر امرأته أن تنتقل من جبل أحمر إلى جبل أسود أو من جبل أسود إلى جبل أحمر كان نولها أن تفعل.
وأخرج ابن شيبة عن عائشة قالت: يا معشر النساء لو تعلمن حق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن وجهه بحر وجهها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: كانوا يقولون: لو أن امرأة مصت أنف زوجها من الجذام حتى تموت ما أدت حقه.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس {واللاتي تخافون نشوزهن} قال: تلك المرأة تنشز وتستخف بحق زوجها ولا تطيع أمره فأمره الله أن يعظها ويذكرها بالله ويعظم حقه عليها فإن قبلت وإلا هجرها في المضجع ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها وذلك عليها شديد، فإن رجعت وإلا ضربها ضربا غير مبرح ولا يكسر لها عظما ولا يجرح بها جرحا {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} يقول: إذا أطاعتك فلا تتجن عليها العلل.
وأخرج ابن جرير عن السدي نشوزهم قال: بغضهن.
وأخرج عن ابن زيد قال: النشوز: معصيته وخلافه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن} قال: إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها يقول لها: اتقي الله وارجعي إلى فراشك فإن أطاعته فلا سبيل له عليها.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {واللاتي تخافون نشوزهن} قال: العصيان {فعظوهن} قال: باللسان {واهجروهن في المضاجع} قال: لا يكلمها {واضربوهن} ضربا غير مبرح {فإن أطعنكم} قال: إن جاءت إلى الفراش {فلا تبغوا عليهن سبيلا} قال: لا تلمها ببغضها إياك فإن البغض أنا جعلته في قلبها، واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فعظوهن} قال: باللسان.
وأخرج البيهقي عن لقيط بن صبرة قال: قلت يا رسول الله إن لي امرأة في لسانها شيء - يعني البذاء - قال طلقها، قلت: إن لي منها ولدا ولها صحبة، قال: فمرها - يقول عظها - فإن يك فيها خير فستقبل ولا تضربن ظعينتك ضربك أمتك.
وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي عن أبي حرة الرقاشي عن عمه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: فإن خفتم نشوزهن فاهجروهن في المضاجع - قال حماد: يعني النكاح
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} قال: لا يجامعها.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} يعني بالهجران أن يكون الرجل والمرأة على فراش واحد لا يجامعها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد {واهجروهن في المضاجع} قال: لا يقربها.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} قال: لا تضاجعها في فراشك.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير من طريق أبي صالح عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع} قال: يهجرها بلسانه ويغلظ لها بالقول ولا يدع جماعها.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير عن عكرمة {واهجروهن في المضاجع} قال: الكلام والحديث وليس بالجماع
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: يرقد عندها ويوليها ظهره ويطؤها ولا يكلمها.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير من طريق أبي الضحى عن ابن عباس {واهجروهن في المضاجع واضربوهن} قال: يفعل بها ذاك ويضربها حتى تطيعه في المضاجع فإن أطاعته في المضجع فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: الهجران حتى تضاجعه فإذا فعلت فلا يكلفها أن تحبه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قوله {واضربوهن} قال: ضربا غير مبرح.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح.
وأخرج ابن جرير عن حجاج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تهجروا النساء إلا في المضاجع واضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح، يقول: غير مؤثر
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح قال: بالسواك ونحوه.
وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن المنذر والحاكم والبيهقي عن إياس بن عبد الله ابن أبي ذئاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تضربوا إماء الله، فقال عمر: ذئر النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكين أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس أولئك خياركم.
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن أم كلثوم بنت أبي بكر قالت: كان الرجال نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلى بينهم وبين ضربهن ثم قال: ولن يضرب خياركم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن زمعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم
وأخرج عبد الرزاق عن عائشة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد يضربها أول النهار ثم يضاجعها آخره.
وأخرج الترمذي وصححه النسائي، وابن ماجه عن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: أي يوم أحرم أي يوم أحرم أي يوم أحرم، فقال الناس: يوم الحج الأكبر يا رسول الله، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ألا لا يجني جان إلا على نفسه ألا ولا يجني والد على ولده ولا ولد على والده إلا أن المسلم أخو المسلم فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفسه ألا وإن كل ربا في الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون غير ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله وإن كل دم في الجاهلية موضوع وأول دم أضع من دم الجاهلية دم الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} ألا وإن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون وإن من حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {فلا تبغوا عليهن سبيلا} قال: لا تلمها ببغضها إياك فإن البغض أنا جعلته في قلبها.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن سفيان {فإن أطعنكم} قال: إن أتت الفراش وهي تبغضه {فلا تبغوا عليهن سبيلا} لا يكلفها أن تحبه لأن قلبها ليس في يديها.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه النسائي والبيهقي عن طلق بن علي سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: إذا دعا الرجل امرأته لحاجته فلتجبه وإن كانت على التنور
وأخرج ابن سعد عن طلق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنع امرأة زوجها ولو كانت على ظهر قتب). [الدر المنثور: 4/384-408]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة في قوله تعالى حكما من أهله وحكما من أهلها قال شهدت عليا وجاءته امرأة وزوجها مع كل واحد منهم فئام من الناس وأخرج هؤلاء حكما وهؤلاء حكما فقال علي الحكمين أتدريان ما عليكما إن عليكما إن رأيتما أن تفرقا ففرقا وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما فقال الزوج أما الفرقة فلا قال علي كذبت لا والله لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله لك وعليك قالت المرأة رضيت بكتاب الله لي و علي
قال أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال إن شاء الحكمان فرقا وإن شاءا أن يجمعا جمعا). [تفسير عبد الرزاق: 1/158-159]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن يقول يحكمان في الاجتماع ولا يحكمان في الفرقة). [تفسير عبد الرزاق: 1/159]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس قال بعثت أنا ومعاوية بن أبي سفيان حكمين قال معمر بلغني أن عثمان بعثهما فقيل لهما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما). [تفسير عبد الرزاق: 1/159]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا الثوري عن أبي هاشم عن مجاهد قال إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما يقول يوفق الله بين الحكمين). [تفسير عبد الرزاق: 1/159-160]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي هاشمٍ عن مجاهدٍ في قوله: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكما من أهلها} وتخبره بأمرها وتقول: إنّه يفعل كذى وكذى وتقول أرأيت أن تعظه على شيء فاعظه ويبعث الرّجل حكمًا من قبله فيخبره أنها تفعل كذى وكذى ويأمرانهما بالفرقة إن رأيا الفرقة أو الجمع إن رأيا الجمع قال الله جل وعز: {إن يريدا أصلاحا يوفق الله بينهما} قال: يتصادفان فيخبر كلّ واحدٍ منهما ما قال صاحبه ثمّ ينظران فإن كان الزّرق من قبلها أقبلا عليها وإن كان الزّرق من قبله، أقبلا عليه وإن رأيا الفرقة فرقا [الآية: 35]). [تفسير الثوري: 94-95]

قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفّق الله بينهما إنّ الله كان عليمًا خبيرًا} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حمّاد بن زيدٍ، عن أيّوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة السّلماني، قال: أتى عليًّا رجلٌ وامرأةٌ، ومعهما فئام من النّاس، فبعث عليٌّ حكمًا من أهلها
وحكمًا من أهله، ثمّ قال للحكمين: أتدريان ما عليكما؟ إن رأيتما أن تفرّقا، فرّقتما، وإن رأيتما أن تجمعا، جمعتما. فقالت المرأة: رضيت بكلمات اللّه لي وعليّ، فقال الزّوج: أمّا الفرقة فلا، فقال عليٌّ رضي اللّه عنه: كلّا واللّه، حتّى تقرّ بمثل ما أقرّت به.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: (نا هشيمٌ)، نا منصورٌ، وهشامٌ، عن ابن سيرين، عن (عبيدة)، بمثله، فقالت المرأة: رضيت وسلّمت، فقال الزّوج: أمّا الفرقة فلا، فقال عليٌّ رضي اللّه عنه: ليس ذاك لك، لست ببارحٍ حتّى ترضى بمثل ما رضيت به.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ قال: نا حصين، عن الشّعبي، أنّ امرأةً نشزت على زوجها، فاختصموا إلى شريح، فقال شريحٌ: ابعثوا حكمًا من أهله، وحكمًا من أهلها، ففعلوا، فنظر الحكمان في أمرهما، فرأيا أن يفرّقا بينهما، فكره ذلك الرّجل، فقال شريحٌ: ففيم كنّا فيه اليوم؟ وأجاز أمرهما.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا إسماعيل بن أبي خالدٍ، قال: سمعت الشّعبي يقول: ما حكم الحكمان من شيءٍ جاز، إن فرّقا، وإن جمعا.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، عن عبيدة، عن إبراهيم مثل ذلك.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عبد الرّحمن بن زيادٍ، عن شعبة، عن عمرو بن مرّة، قال: سألت سعيد بن جبيرٍ عن الحكمين، فغضب، وقال: ما ولدت إذ ذاك. فقلت: إنّما أعني حكم شقاق، فقال: إذا كان بين الرّجل والمرأة درءٌ أو تداري، بعثوا حكمين، فأقبلا على الّذي التّداري من قبله، فوعظاه وأمراه، فإن أطاعهما، وإلّا أقبلا على الآخر، فإن سمع منهما، وأقبل إلى الّذي يريدان وإلّا حكما بينهما، فما حكما من شيءٍ فهو جائزٌ. قال شعبة:وأكثر علمي قال لي رجلٌ إلى جنبي: فهو جائز). [سنن سعيد بن منصور: 4/1243-1248]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {شقاقٌ}: «تفاسدٌ»). [صحيح البخاري: 6/49]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاس شقاق تفاسد وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ وقال غيره الشّقاق العداوة لأنّ كلًّا من المتعاديين في شقٍّ خلاف شقّ صاحبه). [فتح الباري: 8/265]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله {شقاق بينهما} 35 النّساء قال تفاسد). [تغليق التعليق: 4/199] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ شقاقٌ تفاسدٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {إن خفتم شقاق بينهما} (النّساء: 35) أي: بين الزّوجين، وذكر عن ابن عبّاس بالتّعليق أنه فسر الشقاق المذكور في الآية بالمفاسد، ووصله ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، قال: الشقاق العداوة لأن كلاًّ من المتعاديين في شقّ خلاف صاحبه، وكان موضع ذكر هذا فيما قبل، على ما لا يخفى). [عمدة القاري: 18/191]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال ابن عباس): فيما وصله ابن أبي حاتم {شقاق} يريد قوله تعالى: {إن خفتم شقاق بينهما} [النساء: 35] أي (تفاسد) وأصل الشقاق المخالفة وكون كل واحد من المتخالفين في شق غير صاحبه ومحل ذكر هذه الآية قبل على ما لا يخفى). [إرشاد الساري: 7/97]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما إنّ اللّه كان عليمًا خبيرًا}.
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {وإن خفتم شقاق بينهما}: وإن علمتم أيّها النّاس شقاق بينهما، وذلك مشاقّة كلّ واحدٍ منهما صاحبه، وهو إتيانه ما يشقّ عليه من الأمور، فأمّا من المرأة فالنّشوز، وتركها أداء حقّ اللّه عليها الّذي ألزمها اللّه لزوجها؛ وأمّا من الزّوج فتركه إمساكها بالمعروف، أو تسريحها بإحسانٍ.
والشّقاق: مصدرٌ من قول القائل: شاقّ فلانٌ فلانًا: إذا أتى كلّ واحدٍ منهما إلى صاحبه ما يشقّ عليه من الأمور، فهو يشاقّه مشاقّةً وشقاقًا؛ وذلك قد يكون عداوةً، كما:.
- حدّثنا محمّد بن الحسن، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ في قوله: {وإن خفتم شقاق بينهما} قال: إن ضربها فأبت أن ترجع وشاقّته، يقول: عادته
وإنّما أضيف الشّقاق إلى البين، لأنّ البين قد يكون اسمًا، كما قال جلّ ثناؤه: لقد تقطّع بينكم في قراءة من قرأ ذلك.
وأمّا قوله: {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في المخاطبين بهذه الآية من المأمور ببعثة الحكمين، فقال بعضهم: المأمور بذلك: السّلطان الّذي يرفع ذلك إليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ أنّه قال في المختلعة: يعظها، فإن انتهت وإلاّ هجرها، فإن انتهت وإلاّ ضربها، فإن انتهت وإلاّ رفع أمرها إلى السّلطان، فيبعث حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، فيقول الحكم الّذي من أهلها: يفعل بها كذا، ويقول الحكم الّذي من أهله: تفعل به كذا، فأيّهما كان الظّالم ردّه السّلطان وأخذ فوق يديه، وإن كانت ناشزًا أمره أن يخلع.
- حدّثنا يحيى بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٍ، عن الضّحّاك: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} قال: بل ذلك إلى السّلطان.
وقال آخرون: بل المأمور بذلك الرّجل والمرأة.
- ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} إن ضربها فإن رجعت فإنّه ليس له عليها سبيلٌ، فإن أبت أن ترجع وشاقّته، فليبعث حكمًا من أهله وتبعث حكمًا من أهلها
ثمّ اختلف أهل التّأويل فيما يبعث له الحكمان، وما الّذي يجوز للحكمين من الحكم بينهما، وكيف وجه بعثهما بينهما؟ فقال بعضهم: يبعثهما الزّوجان بتوكيلٍ منهما إيّاهما بالنّظر بينهما، وليس لهما أن يعملا شيئًا في أمرهما إلاّ ما وكّلاهما به، أو وكّله كلّ واحدٍ منهما بما إليه، فيعملان بما وكلّهما به من وكّلهما من الرّجل والمرأة فيما يجوز توكيلهما فيه، أو توكيل من وكّل منهما في ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أيّوب، عن محمّدٍ، عن عبيدة قال: جاء رجلٌ وامرأته بينهما شقاقٌ إلى عليٍّ رضي اللّه عنه، مع كلّ واحدٍ منهما فئامٌ من النّاس، فقال عليٌّ رضي اللّه عنه: ابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، ثمّ قال للحكمين: تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا, وإن رأيتما أن تفرّقا أن تفرّقا. قالت المرأة: رضيت بكتاب اللّه بما عليّ فيه ولي. وقال الرّجل: أمّا الفرقة فلا. فقال عليٌّ رضي اللّه عنه: كذبت، واللّه لا تنقلب حتّى تقرّ بمثل الّذي أقرّت به.
- حدّثنا مجاهد بن موسى قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا هشام بن حسّان، وعبد اللّه بن عونٍ، عن محمّدٍ: أنّ عليًّا رضي اللّه عنه أتاه رجلٌ وامرأته، ومع كلّ واحدٍ منهما فئامٌ من النّاس، فأمرهما عليٌّ رضي اللّه عنه أن يبعثا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها لينظرا، فلمّا دنا منه الحكمان قال لهما عليّ رضي اللّه عنه: أتدريان ما لكما؟ لكما إن رأيتما أن تفرّقا فرّقتما، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما. قال هشامٌ في حديثه: فقالت المرأة: رضيت بكتاب اللّه لي وعليّ فقال الرّجل: أمّا الفرقة فلا. فقال عليٌّ: كذبت واللّه حتّى ترضى مثل ما رضيت به. وقال ابن عونٍ في حديثه: كذبت، واللّه لا تبرح حتّى ترضى بمثل ما رضيت به.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا منصورٌ وهشامٌ، عن ابن سيرين، عن عبيدة قال: شهدت عليًّا رضي اللّه عنه، فذكر مثله.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: إذا هجرها في المضجع وضربها، فأبت أن ترجع وشاقّته، فليبعث حكمًا من أهله وتبعث حكمًا من أهلها؛ تقول المرأة لحكمها: قد ولّيتك أمري، فإن أمرتني أن أرجع رجعت، وإن فرّقت تفرّقنا. وتخبره بأمرها إن كانت تريد نفقةً أو كرهت شيئًا من الأشياء، وتأمره أن يرفع ذلك عنها وترجع، أو تخبره أنّها لا تريد الطّلاق. ويبعث الرّجل حكمًا من أهله يولّيه أمره، ويخبره يقول له حاجته إن كان يريدها أو لا يريد أن يطلّقها، أعطاها ما سألت وزادها في النّفقة، وإلاّ قال له: خذ لي منها ما لها عليّ وطلّقها. فيولّيه أمره، فإن شاء طلّق، وإن شاء أمسك. ثمّ يجتمع الحكمان فيخبر كلّ واحدٍ منهما ما يريد لصاحبه، ويجهد كلّ واحدٍ منهما ما يريد لصاحبه، فإن اتّفق الحكمان على شيءٍ فهو جائزٌ، إن طلّقا وإن أمسكا، فهو قول اللّه: {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما} فإن بعثت المرأة حكمًا وأبى الرّجل أن يبعث، فإنّه لا يقربها حتّى يبعث حكمًا.
وقال آخرون: إنّ الّذي يبعث الحكمين هو السّلطان، غير أنّه إنّما يبعثهما ليعرفا الظّالم من المظلوم منهما، ليحملهما على الواجب لكلّ واحدٍ منهما قبل صاحبه لا التّفريق بينهما.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، وهو قول قتادة، أنّهما قالا: إنّما يبعث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظّالم بظلمه؛ وأمّا الفرقة فليست في أيديهما، ولم يملكا ذلك، يعني: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها}.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} الآية، إنّما يبعث الحكمان ليصلحا، فإن أعياهما أن يصلحا شهدا على الظّالم وليس بأيديهما فرقةٌ، ولا يملكان ذلك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن قيس بن سعدٍ، قال: سألت عن الحكمين، قال: ابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، فما حكم الحكمان من شيءٍ فهو جائزٌ؛ يقول اللّه تبارك وتعالى: {إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما} قال: يخلو حكم الرّجل بالزّوج، وحكم المرأة بالمرأة، فيقول كلّ واحدٍ منهما لصاحبه: اصدقني ما في نفسك. فإذا صدق كلّ واحدٍ منهما صاحبه اجتمع الحكمان وأخذ كلّ واحدٍ منهما على صاحبه ميثاقًا لتصدقني الّذي قال لك صاحبك، ولأصدقنّك الّذي قال لي صاحبي. فذاك حين أرادا الإصلاح يوفّق اللّه بينهما، فإذا فعلا ذلك اطّلع كلّ واحدٍ منهما على ما أفضى به صاحبه إليه، فيعرفان عند ذلك من الظّالم والنّاشز منهما، فأتيا عليه، فحكما عليه. فإن كانت المرأة قالا: أنت الظّالمة العاصية، لا ينفق عليك حتّى ترجعي إلى الحقّ وتطيعي اللّه فيه. وإن كان الرّجل هو الظّالم قالا: أنت الظّالم المضارّ لا تدخل لها بيتًا حتّى تنفق عليها وترجع إلى الحقّ والعدل. فإن كانت هي الظّالمة العاصية أخذ منها مالها، وهو له حلالٌ طيّبٌ، وإن كان هو الظّالم المسيء إليها المضارّ لها طلّقها، ولم يحلّ له من مالها شيءٌ، فإن أمسكها أمسكها بما أمر اللّه وأنفق عليها وأحسن إليها.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ قال: كان عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه يبعث الحكمين: حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، فيقول الحكم من أهلها: يا فلان ما تنقم من زوجتك؟ فيقول: أنقم منها كذا وكذا. قال: فيقول: أفرأيت إن نزعت عمّا تكره إلى ما تحبّ، هل أنت متّقي اللّه فيها ومعاشرها بالّذي يحقّ عليك في نفقتها وكسوتها؟ فإذا قال: نعم، قال الحكم: من أهله: يا فلانة، ما تنقمين من زوجك فلانٍ؟ فتقول مثل ذلك، فإن قالت: نعم، جمع بينهما. قال: وقال عليٌّ رضي اللّه عنه: الحكمان بهما يجمع اللّه وبهما يفرّق.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: قال الحسن: الحكمان يحكمان في الاجتماع، ولا يحكمان في الفرقة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ} وهي المرأة الّتي تنشز على زوجها، فلزوجها أن يخلعها حين يأمر الحكمان بذلك، وهو بعد ما تقول لزوجها: واللّه لا أبرّ لك قسمًا ولا آذنن في بيتك بغير أمرك: ويقول السّلطان: لا نجيز لك خلعًا. حتّى تقول المرأة لزوجها: واللّه لا أغتسل لك من جنابةٍ، ولا أقيم لك صلاةً، فعند ذلك يقول السّلطان: اخلع المرأة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ} قال: تعظها، فإن أبت وغلبت فاهجرها في مضجعها. فإن غلبت هذا أيضًا فاضربها. فإن غلبت هذا أيضًا، بعث حكمٌ من أهله وحكمٌ من أهلها. فإن غلبت هذا أيضًا وأرادت غيره، فإن أبي كان يقول: ليس بيد الحكمين من الفرقة شيءٌ، إن رأيا الظّلم من ناحية الزّوج قالا: أنت يا فلان ظالمٌ، انزع، فإن أبى رفعا ذلك إلى السّلطان وإن رآها ظالمة قال لها أنت ظالمة انزعي فإن أبى رفعا ذلك إلى السّلطان، ليس إلى الحكمين من الفراق شيءٌ
وقال آخرون: بل إنّما يبعث الحكمين السّلطان على أنّ حكمهما ماضٍ على الزّوجين في الجمع والتّفريق.
ذكر من قال ذلك:
حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} فهذا الرّجل والمرأة إذا تفاسد الّذي بينهما، فأمر اللّه سبحانه أن يبعثوا رجلاً صالحًا من أهل الرّجل، ومثله من أهل المرأة، فينظران أيّهما المسيء، فإن كان الرّجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النّفقة، وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها، ومنعوها النّفقة. فإن اجتمع رأيهما على أن يفرّقا أو يجمعا، فأمرهما جائزٌ. فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزّوجين وكره ذلك الآخر ثمّ مات أحدهما، فإنّ الّذي رضي يرث الّذي كره، ولا يرث الكاره الرّاضي، وذلك قوله: {إن يريدا إصلاحًا} قال: هما الحكمان يوفّق ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها فهذا الرّجل والمرأة إذا تفاسد الّذي بينهما، فأمر اللّه سبحانه أن يبعثوا رجلاً صالحًا من أهل الرّجل، ومثله من أهل المرأة، فينظران أيّهما المسيء، فإن كان الرّجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النّفقة، وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها، ومنعوها النّفقة. فإن اجتمع رأيهما على أن يفرّقا أو يجمعا، فأمرهما جائزٌ. فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزّوجين وكره ذلك الآخر ثمّ مات أحدهما، فإنّ الّذي رضي يرث الّذي كره، ولا يرث الكاره الرّاضي، وذلك قوله: إن يريدا إصلاحًا قال: هما الحكمان يوفّق اللّه بينهما.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا روحٌ، قال: حدّثنا عوفٌ، عن محمّد بن سيرين: أنّ الحكم، من أهلها والحكم من أهله يفرّقان ويجمعان إذا رأيا ذلك {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها}.
- حدّثني محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ: قال: حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، قال: سألت سعيد بن جبيرٍ عن الحكمين، فقال: لم أولد إذ ذاك، فقلت: إنّما أعني حكم الشّقاق قال: يقبلان على الّذي جاء التدارى من عنده، فإن فعل وإلاّ أقبلا على الآخر، فإن فعل وإلاّ حكما، فما حكما من شيءٍ فهو جائزٌ.
حدّثنا عبد الحميد بن بيانٍ، قال: أخبرنا محمّد بن يزيد، عن إسماعيل، عن عامرٍ، في قوله: {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} قال: ما قضى الحكمان من شيءٍ فهو جائزٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن داود، عن إبراهيم، قال: ما حكما من شيءٍ فهو جائزٌ؛ إن فرّقا بينهما بثلاث تطليقاتٍ أو تطليقتين فهو جائزٌ، وإن فرّقا بتطليقةٍ فهو جائزٌ. وإن حكما عليه بهذا من ماله فهو جائزٌ، فإن أصلحا فهو جائزٌ، وإن وضعا من شيءٍ فهو جائزٌ.
- حدّثنا المثنّى قال: حدّثنا حبّان قال: أخبرنا ابن المبارك قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن المغيرة، عن إبراهيم في قوله: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} قال: ما صنع الحكمان من شيءٍ فهو جائزٌ عليهما، إن طلّقا ثلاثًا فهو جائزٌ عليهما، وإن طلّقها واحدةً أو طلّقاها على جعلٍ فهو جائزٌ، وما صنعا من شيءٍ فهو جائزٌ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، قال: إن شاء الحكمان أن يفرّقا فرّقا، وإن شاءا أن يجمعا جمعا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن حصينٍ، عن الشّعبيّ: أنّ امرأةً، نشزت على زوجها، فاختصموا إلى شريحٍ، فقال شريحٌ: ابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها. فنظر الحكمان في أمرهما، فرأيا أن يفرّقا بينهما، فكره ذلك الرّجل، فقال شريحٌ: ففيم كانا اليوم؟ وأجاز قولهما.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن ابن طاووسٍ، عن عكرمة بن خالدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: بعثت أنا ومعاوية، حكمين. قال معمرٌ: بلغني أنّ عثمان رضي اللّه عنه بعثهما، وقال لهما: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرّقا فرّقتما.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا روح بن عبادة، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، قال: حدّثني ابن أبي مليكة: أنّ عقيل بن أبي طالبٍ، تزوّج فاطمة ابنة عتبة، فكان بينهما كلامٌ، فجاءت عثمان فذكرت ذلك له، فأرسل ابن عبّاسٍ ومعاوية، فقال ابن عبّاسٍ: لأفرّقنّ بينهما. وقال معاوية: ما كنت لأفرّق بين شيخين من بني عبد منافٍ، فأتياهما وقد اصطلحا.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، في قوله: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} يكونان عدلين عليهما وشاهدين. وذلك إذا تدارأ الرّجل والمرأة وتنازعا إلى السّلطان، جعل عليهما حكمين: حكمًا من أهل الرّجل وحكمًا من أهل المرأة، يكونان أمينين عليهما جميعًا. وينظران من أيّهما يكون الفساد، فإن كان الامر من قبل المرأة أجبرت على طاعة زوجها، وأمر أن يتّقي اللّه ويحسن صحبتها وينفق عليها بقدر ما آتاه اللّه؛ إمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ. وإن كانت الإساءة من قبل الرّجل أمر بالإحسان إليها، فإن لم يفعل قيل له: أعطها حقّها، وخلّ سبيلها، وإنّما يلي ذلك منهما السّلطان.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال بالصّواب في قوله: {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} أنّ اللّه خاطب المسلمين بذلك، وأمرهم ببعثة الحكمين عند خوف الشّقاق بين الزّوجين للنّظر في أمرهما، ولم يخصّص بالأمر بذلك بعضهم دون بعضٍ.
وقد أجمع الجميع على أنّ بعثة الحكمين في ذلك ليست لغير الزّوجين وغير السّلطان، الّذي هو سائسٌ أمر المسلمين، أو من أقامه في ذلك مقام نفسه
واختلفوا في الزّوجين والسّلطان، ومن المأمور بالبعثة في ذلك: الزّوجان، أو السّلطان؟ ولا دلالة في الآية تدلّ على أنّ الأمر بذلك مخصوصٌ به أحد الزّوجين، ولا أثر به عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والأمّة فيه مختلفةٌ وإذ كان الأمر على ما وصفنا، فأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يكون مخصوصًا من الآية ما أجمع الجميع على أنّه مخصوصٌ منها. وإذ كان ذلك كذلك، فالواجب أن يكون الزّوجان والسّلطان ممّن قد شمله حكم الآية، والأمر بقوله: {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} إذ كان مختلفًا بينهما هل هما معنيّان بالأمر بذلك أم لا؟ وكان ظاهر الآية قد عمّهما؛ فالواجب من القول إذ كان صحيحًا ما وصفنا صحيحا أن يقال: إن بعث الزّوجان كلّ واحدٍ منهما حكمًا من قبله، لينظر في أمرهما، وكان لكلّ واحدٍ منهما ممّن بعثه من قبله في ذلك طاقةٌ على صاحبه ولصاحبه عليه، فتوكيله بذلك من وكّل جائزٌ له وعليه.
وإن وكّله ببعضٍ ولم يوكّله بالجميع، كان ما فعله الحكم ممّا وكّله به صاحبه ماضيًا جائزًا على ما وكّله به وذلك أن يوكّله أحدهما بما له دون ما عليه،وان أو لم يوكّل كلّ واحدٍ من الزّوجين بما له وعليه، أو بما له، أو بما عليه، الاالحكمين كليهما لم يجزإلا ما اجتمعا عليه دون ما انفرد به أحدهما. وإن لم يوكّلهما واحدًا منها بشيءٍ، وإنّما بعثاهما للنّظر بينهما ليعرفا الظّالم من المظلوم منهما ليشهدا عليهما عند السّلطان إن احتاجا إلى شهادتهما، لم يكن لهما أن يحدثا بينهما شيئًا غير ذلك من طلاقٍ أو أخذ مالٍ أو غير ذلك، ولم يلزم الزّوجين ولا واحدًا منهما شيءٌ من ذلك.
فإن قال قائلٌ: وما معنى الحكمين إذ كان الأمر على ما وصفت؟
قيل: قد اختلف في ذلك، فقال بعضهم: معنى الحكم: النّظر العدل، كما قال الضّحّاك بن مزاحمٍ في الخبر الّذي ذكرناه، الّذي:
- حدّثنا به، يحيى بن أبي طالبٍ، عن يزيد، عن جويبرٍ، عنه: لا، أنتما قاضيان تقضيان بينهما على السّبيل الّتي بيّنّا من قوله.
وقال آخرون: معنى ذلك: أنّهما القاضيان يقضيان بينهما ما فوّض إليهما الزّوجان.
وأيّ الأمرين كان فليس لهما ولا لواحدٍ منهما الحكم بينهما بالفرقة، ولا بأخذ مالٍ إلاّ برضا المحكوم عليه بذلك، وإلاّ ما لزم من حقٍّ لأحد الزّوجين على الآخر في حكم اللّه، وذلك ما لزم الرّجل لزوجته من النّفقة والإمساك بمعروفٍ إن كان هو الظّالم لها.
فأمّا غير ذلك فليس ذلك لهما ولا لأحدٍ من النّاس غيرهما، لا السّلطان ولا غيره؛ وذلك أنّ الزّوج إن كان هو الظّالم للمرأة فللإمام السّبيل إلى أخذه بما يجب لها عليه من حقٍّ، وإن كانت المرأة هي الظّالمة زوجها النّاشزة عليه، فقد أباح اللّه له أخذ الفدية منها وجعل إليه طلاقها على ما قد بيّنّاه في سورة البقرة.
وإذ كان الأمر كذلك لم يكن لأحدٍ الفرقة بين رجلٍ وامرأةٍ بغير رضا الزّوج، ولا أخذ مالٍ من المرأة بغير رضاها بإعطائه، إلاّ بحجّةٍ يجب التّسليم لها من أصلٍ أو قياسٍ.
وإن بعث الحكمين السّلطان، فلا يجوز لهما أن يحكما بين الزّوجين بفرقةٍ إلاّ بتوكيل الزّوج إيّاهما بذلك، ولا لهما أن يحكما بأخذ مالٍ من المرأة إلاّ برضا المرأة؛ يدلّ على ذلك ما قد بيّنّاه قبل من فعل عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه بذلك والقائلين بقوله، ولكن لهما أن يصلحا بين الزّوجين، ويتعرّفا الظّالم منهما من المظلوم ليشهدا عليه إن احتاج المظلوم منهما إلى شهادتهما.
وإنّما قلنا: ليس لهما التّفريق للعلّة الّتي ذكرناها آنفًا، وإنّما يبعث السّلطان الحكمين إذا بعثهما إذا ارتفع إليه الزّوجان، فشكا كلّ واحدٍ منهما صاحبه، وأشكل عليه المحقّ منهما من المبطل، لأنّه إذا لم يشكل المحقّ من المبطل، فلا وجه لبعثه الحكمين في أمرٍ قد عرف الحكم فيه). [جامع البيان: 6/715-729]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {إن يريدا إصلاحًا} إن يرد الحكمان إصلاحًا بين الرّجل والمرأة، أعني بين الزّوجين المخوف شقاق بينهما، يقول: يوفّق اللّه بين الحكمين، فيتّفقا على الإصلاح بينهما، وذلك إذا صدق كلّ واحدٍ منهما فيما أفضى إليه من بعثٍ للنّظر في أمر الزّوجين.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن أبي هاشمٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {إن يريدا إصلاحًا} قال: أما إنّه ليس بالرّجل والمرأة، ولكنّه الحكمان.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما} قال: هما الحكمان، إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما} وذلك الحكمان، وكذلك كلّ مصلحٍ يوفّقه اللّه للحقّ والصّواب.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما} يعني بذلك الحكمين.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {إن يريدا إصلاحًا} قال: إن يرد الحكمان إصلاحًا أصلحا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا الثّوريّ، عن أبي هاشمٍ، عن مجاهدٍ: {إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما} يوفّق اللّه بين الحكمين.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، قوله: {إن يريدا إصلاحًا} قال: هما الحكمان إذا نصحا المرأة والرّجل جميعًا). [جامع البيان: 6/729-731]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه كان عليمًا خبيرًا}.
يعني جلّ ثناؤه: إنّ اللّه كان عليمًا بما أراد الحكمان من إصلاحٍ بين الزّوجين وغيره، خبيرًا بذلك وبغيره من أمورهما وأمور غيرهما، لا يخفى عليه شيءٌ منه، حافظٌ عليهم، حتّى يجازي كلًّا منهم جزاءه بالإحسان إحسانًا، وبالإساءة غفرانًا أو عقابًا). [جامع البيان: 6/731]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما إنّ اللّه كان عليمًا خبيرًا (35)
قوله تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وإن خفتم شقاق بينهما فهذا الرّجل والمرأة إذا تفاسد الّذي بينهما.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشامٍ، ثنا شريكٌ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: وإن خفتم شقاق بينهما قال:
التّشاجر.
قوله تعالى: فابعثوا حكماً من أهله وحكما من أهلها
[الوجه الأول]
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن أيّوب، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة قال: شهدت عليّاً وجاءته امرأةٌ وزوجها مع كلّ واحدٍ منهما فئامٌ من النّاس، فأخرج هؤلاء حكماً وهؤلاء حكماً، فقال عليٌّ للحكمين:
تدريان، ما عليكما؟ إن عليكما إن رأيتما أن تجمعا بينهما جمعتما، وإن رأيتما تفرّقا فرّقتما، فقالت المرأة: رضيت بكتاب اللّه لي وعليّ وقال الزّوج: أمّا الفرقة فلا، فقال عليّ: كذبت واللّه، لا تبرح حتّى ترضى بكتاب اللّه عزّ وجلّ لك وعليك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها فأمر اللّه سبحانه أن يبعثوا رجلا صالحاً من أهل الرّجل ورجلا مثله من أهل المرأة، فينظران أيّهما المسيء، فإن كان الرّجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النّفقة، فإن اجتمع رأيهما على أن يتفرّقا أو يجمعا فأمرهما جائزٌ، فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزّوجين، وكره ذلك الآخر، ثمّ مات أحدهما، فإنّ الّذي رضي يرث الّذي كره، ولا يرث الكاره الرّاضي.
- حدّثنا أحمد بن عثمان الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها تقول المرأة لحكمها: قد ولّيتك أمري، فإن أمرتني أن أرجع رجعت وإن فرّقت تفرّقنا، وتخبره بأمرها إن كانت تريد نفقته أو كرهت شيئاً من الأشياء وتأمره أن يرفع عنها ذلك، ويرجع، وتخبره أنّها لا تريد الطّلاق، ويبعث الرّجل حكماً من أهله يولّيه أمره ويخبره ويقول له حاجته إن كان يريدها ولا يريد أن يطلّقها أعطاها ما سألت وزادها في النّفقة، وإلا قال له: خذ لي منها ما لها عليّ وطلّقها، فيولّيه أمره فإن شاء طلّق وإن شاء أمسك، ثمّ يجتمع الحكمان فيخبر كلّ واحدً منهما ما يريد لصاحبه، ويجهد كلّ واحدٍ منهما ما يريد لصاحبه، فإن اتّفق الحكمان على شيءٍ فهو جائزٌ، إن طلّقا وإن أمسكا، فهو قول اللّه تعالى: فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يعني بذلك الحكمان، فإن بعثت المرأة حكماً وأبى الرّجل أن يبعث، فإنّه لا يقربها أبداً حتّى يبعث حكماً.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، أنبأ يزيد بن زريعٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها وإنّما يبعث الحكمان ليصلحا، وليس بأيديهما التّفرقة ولا يملكان ذلك- وروي عن الحسن نحو ذلك.
قوله تعالى: إن يريدا إصلاحاً
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نفيلٍ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قوله: إن يريدا إصلاحاً قال: هما الحكمان- وروي عن سعيد بن جبيرٍ، وأبي صالحٍ وأبي مالكٍ، والشّعبيّ، ومجاهدٍ نحو ذلك.
قوله تعالى: يوفّق اللّه بينهما
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: إن يريدا إصلاحاً يوفّق اللّه بينهما قال: وكذلك كلّ مصلحٍ يوفّقه اللّه للحقّ والصّواب.
قوله تعالى: إنّ اللّه كان عليماً خبيراً
- حدّثنا أبي، ثنا مقاتل بن محمّدٍ، ثنا وكيعٌ، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية في قوله: خبيراً: بمكانهما). [تفسير القرآن العظيم: 3/945-946]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم قال حدثنا آدم قال حدثنا ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس إن يريدا إصلاحا قال يعني الحكمين). [تفسير مجاهد: 156]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ط) مالك - رضي الله عنه - بلغه، أنّ عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال في الحكمين اللّذين قال الله فيهما: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفّق اللّه بينهما إن الله كان عليماً خبيراً}:إنّ إليهما الفرقة بينهما والاجتماع. أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
(شقاق) الشقاق: الخلاف). [جامع الأصول: 2/90-91]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (د) أبو حرّة الرقاشي - رضي الله عنه - عن عمه أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «فإن خفتم نشوزهن فاهجروهنّ في المضاجع».
قال حماد: يعني النكاح. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
(نشوزهن) النشوز من المرأة: استعصاؤها على زوجها، وبغضها له،ومن الرجل: إذا ضربها وجفاها). [جامع الأصول: 2/91]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس {وإن خفتم شقاق بينهما} هذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما أمر الله أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ورجلا مثله من أهل المرأة فينظران أيهما المسيء فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها النفقة فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين وكره ذلك الآخر ثم مات أحدهما فإن الذي رضي يرث الذي كره ولا يرث الكاره الراضي {إن يريدا إصلاحا} قال: هما الحكمان {يوفق الله بينهما} وكذلك كل مصلح يوفقه الله للحق والصواب
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن عبيدة السلماني في هذه الآية قال: جاء رجل وامرأة إلى علي ومع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهم علي فبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين: تدريان ما عليكما عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا، قالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي، وقال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال علي: كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن سعيد بن جبير قال: يعظها فإن انتهت وإلا هجرها فإن انتهت وإلا ضربها فإن انتهت وإلا رفع أمرها إلى السلطان فيبعث حكما من أهله وحكما من أهلها فيقول الحكم الذي من أهلها: تفعل بها كذا، ويقول الحكم الذي من أهله: تفعل به كذا، فأيهما كان الظالم رده السلطان وأخذ فوق يديه وإن كانت المرأة أمره أن يخلع.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير والبيهقي في "سننه" عن عمرو بن مرة قال: سألت سعيد بن جبير عن الحكمين اللذين في القرآن فقال: يبعث حكما من أهله وحكما من أهلها يكلمون أحدهما ويعظونه فإن رجع وإلا كلموا الآخر ووعظوه فإن رجع وإلا حكما فما حكما من شيء فهو جائز.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين فقيل لنا: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، والذي بعثهما عثمان.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن الحسن قال: إنما يبعث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظالم بظلمه وأما الفرقة فليست بأيديهما.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة، نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {واللاتي تخافون نشوزهن} قال: هي المرأة التي تنشز على زوجها فلزوجها أن يخلعها حين يأمر الحكمان بذلك وهو بعدما تقول لزوجها: والله لا أبر لك قسما ولا أدبر في بيتك بغير أمرك، ويقول السلطان: لا نجيز لك خلعا حتى تقول المرأة لزوجها: والله لا أغتسل لك من جنابة ولا أقيم لله صلاة فعند ذلك يجيز السلطان خلع المرأة.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: كان علي بن أبي طالب يبعث الحكمين حكما من أهله وحكما من أهلها فيقول الحكم من أهلها: يا فلان ما تنقم من زوجتك فيقول أنقم منها كذا وكذا، فيقول أرأيت إن نزعت عما تكره إلى ما تحب هل أنت متقي الله فيها ومعاشرها بالذي يحق عليك في نفقتها وكسوتها فإذا قال: نعم، قال الحكم من أهله: يا فلانة ما تنقمين من زوجك فتقول مثل ذلك، فإن قالت: نعم، جمع بينهما، وقال علي: الحكمان بهما يجمع الله وبهما يفرق.
وأخرج البيهقي، عن علي، قال: إذا حكم أحد الحكمين ولم يحكم الآخر فليس حكمه بشيء حتى يجتمعا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} قال: هما الحكمان.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد {إن يريدا إصلاحا} قال: أما أنه ليس بالرجل والمرأة ولكنه الحكمان {يوفق الله بينهما} قال: بين الحكمين
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {إن يريدا إصلاحا} قال: هما الحكمان إذا نصحا المرأة والرجل جميعا، واخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {إن الله كان عليما خبيرا} قال: بمكانهما.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن امرأة أتته فقالت: ما حق الزوج على امرأته فقال: لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ولا تعطي من بيته شيئا إلا بإذنه فإن فعلت ذلك كان له الأجر وعليها الوزر، ولا تصوم يوما تطوعا إلا بإذنه فإن فعلت أثمت ولم تؤجر ولا تخرج من بيته إلا بإذنه فإن فعلت لعنتها الملائكة ملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى تتوب أو تراجع، قيل فإن كان ظالما قال: وإن كان ظالما.
وأخرج الطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في "سننه" عن عبد الله بن عباس قال: لما اعتزلت الحرورية فكانوا في واد على حدتهم قلت لعلي: يا أمير المؤمنين أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم فأتيتهم ولبست أحسن ما يكون من الحلل فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس فما هذه الحلة قال: ما تعيبون علي، لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الحلل ونزل (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) (الأعراف الآية 32) قالوا فما جاء بك قلت: أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالوا: ننقم عليه ثلاثا: قلت ما هن قالوا أولهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى (إن الحكم إلا لله) (الأنعام الآية 57) قلت: وماذا قالوا: وقاتل ولم يسب ولم يغنم لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دمائهم، قلت: وماذا قالوا: ومحا اسمه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا تشكون أترجعون قالوا: نعم، قلت: أما قولكم أنه حكم للرجال في دين الله فإن الله تعالى يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) إلى قوله (يحكم به ذوا عدل منكم) (المائدة الآية 95) وقال في المرأة وزوجها {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها} أنشدكم الله أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب فيها ربع درهم قالوا اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم، قال: أخرجت من هذه قالوا: اللهم نعم.
وأمّا قولكم أنه قاتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون أمكم أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام إن الله تعالى يقول (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) (الأحزاب الآية 6) وأنتم تترددون بين ضلالتين فاختاروا أيتهما شئتم أخرجت من هذه قالوا: اللهم نعم.
وأمّا قولكم محا اسمه من أمير المؤمنين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا فقال: اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقالوا: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال: والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب يا علي محمد بن عبد الله ورسول الله كان أفضل من علي أخرجت من هذه قالوا: اللهم نعم، فرجع منهم عشرون ألفا وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا). [الدر المنثور: 4/408-414]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:03 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{فالصّالحات...}
وفي قراءة عبد الله (فالصوالح قوانت) تصلح فواعل وفاعلات في جمع فاعلة.

وقوله: {بما حفظ اللّه} القراءة بالرفع، ومعناه: حافظات لغيب أزواجهن بما حفظهن اللّه حين أوصى بهن الأزواج، وبعضهم يقرأ {بما حفظ اللّه} فنصبه عل أن يجعل الفعل واقعا؛ كأنك قلت: حافظات للغيب بالذي يحفظ اللّه؛ كما تقول: بما أرضى اللّه، فتجعل الفعل لما، فيكون في مذهب مصدر، ولست أشتهيه؛ لأنه ليس بفعل لفاعل معروف، وإنما هو كالمصدر.
وقوله: {فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً} يقول: لا تبغوا عليهن عللا.

وقوله: {واللاّتي تخافون نشوزهنّ} جاء التفسير أن معنى تخافون: تعلمون، وهي كالظن؛ لأن الظانّ كالشاكّ والخائف قد يرجو، فلذلك ضارع الخوف الظنّ والعلم؛ ألا ترى أنك تقول للخبر يبلغك: أما والله لقد خفت ذاك، وتقول: ظننت ذلك، فيكون معناهما واحدا. ولذلك قال الشاعر:

ولا تدفننّي بالفلاة فإنني * أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
وقال الآخر:
أتاني كلام عن نصيب يقوله * وما خفت يا سلاّم أنك عائبي
كأنه قال: وما ظننت أنك عائبي.

ونقلنا في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أمرت بالسواك حتى خفت لأدردن)). كقولك: حتى ظننت لأدردن). [معاني القرآن: 1/265-266]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فلا تبغوا عليهنّ} أي: لا تعلّلوا عليهن بالذنوب. {نشوزهنّ} النشوز: بغض الزوج). [مجاز القرآن: 1/125]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( (والنشوز): بغض الزوج). [غريب القرآن وتفسيره: 118]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({حافظاتٌ للغيب} أي: لغيب أزواجهن.

{بما حفظ اللّه} أي: بحفظ اللّه إياهن.
{واللّاتي تخافون نشوزهنّ} يعني: بغض المرأة للزوج.
يقال: نشزت المرأة على زوجها، ونشصت: إذا تركته ولم تطمئن عنده.
وأصل النشوز: الارتفاع.
{فلا تبغوا عليهنّ سبيلًا} أي: لا تجنوا عليهن الذنوب). [تفسير غريب القرآن: 126]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأن يأتي على لفظ الأمر وهو تأديب كقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}). [تأويل مشكل القرآن: 280] (م)

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الضرب: باليد، كقوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} وقوله: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}). [تأويل مشكل القرآن: 497] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:
{الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصّالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ اللّه واللّاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا إنّ اللّه كان عليّا كبيرا}
الرجل قيّم على المرأة فيما يجب لها عليه، فأمّا غير ذلك فلا، ويقال هذا قيّم المرأة وقوامها قال الشاعر:
اللّه بيني وبين قيّمها... يفرّ منّي بئها وأتبع
جعل اللّه عزّ وجلّ ذلك للرجال لفضلهم في العلم، والتمييز ولإنفاقهم أموالهم في المهور وأقوات النساء.
وقوله عزّ وجلّ:
{فالصالحات قانتات} أي: قيمات بحقوق أزواجهم.
{بما حفظ الله} تأويله - واللّه أعلم -: بالشيء الذي يحفظ أمر الله ودين الله.

ويحتمل أن يكون على معنى: بحفظ اللّه، أي: بأن يحفظن اللّه، وهو راجع إلى أمر اللّه.
وقوله
{واللّاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ}النشوز: كراهة أحدهما صاحبه، يقال نشزت المرأة تنشز وتنشز جميعا وقد قرئ بهما: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا..} انشزوا وانشزوا، فانشزوا، واشتقاقه من: النشز وهو المكان المرتفع من الأرض، يقال له: نشز ونشز.
وقوله عزّ وجلّ:
{واهجروهنّ في المضاجع} أي: في النوم معهن، والقرب منهن فإنهن إن كنّ يحببن أزواجهن شقّ عليهن الهجران في المضاجع وإن كنّ مبغضات وافقهن ذلك فكان دليلا على النشوز منهنّ.
يقال هجرت الإنسان والشيء أهجره هجرا وهجرانا، وأهجر فلان منصبه يهجره إهجارا.. إذا تكلم بالقبيح، وهجر الرجل هجرا إذا هذى.
وهجرت البعير أهجره هجرا إذا جعلت له هجارا.

والهجار: حبل يشد في حقو البعير وفي رسغه، وهجّرت تهجيرا إذا قمت قت الهاجة، وهو انتصاف النهار.
فأمر اللّه - عز وجل - في النساء أن يبدأن بالموعظة أولا، ثم بالهجران بعد، وإن لم ينجعا فيهن فالضرب، ولكن لا يكون ضربا مبرحا فإن أطعن فيما يلتمس منهنّ، فلا يبغي عليهن سبيلا، أي: لا يطلب عليهن طريق عنت.

{إنّ اللّه كان عليّا كبيرا} أي: هو متعال أن يكلف إلا بالحق ومقدار الطاقة). [معاني القرآن: 2/46-48]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{الرجال قوامون على النساء} قيل لأن منهم الحكام والأمراء ومن يغزو). [معاني القرآن: 2/77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} أي: من المهور). [معاني القرآن: 2/77]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{فالصالحات قانتات} قال قتادة: أي مطيعات.

وقال غيره، أي: قيمات لأزواجهن بما يجب من حقهن). [معاني القرآن: 2/77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل:
{حافظات للغيب} قال قتادة: أي لغيب أزواجهن بما حفظ الله أي بما حفظهن الله به في مهورهن والإنفاق عليهن.
وقرأ أبو جعفر المدني {بما حفظ الله} ومعناه: بأن حفظن الله في الطاعة وتقديره بحفظ الله). [معاني القرآن: 2/77-78]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن} قال أهل التفسير: النشوز العداوة.
والنشوز في اللغة: الارتفاع، ويقال لما ارتفع من الأرض نشز ونشز.
والعداوة: هي ارتفاع عما يجب وزوال عنه.
قال سفيان: معنى {فعظوهن} أي فعظوهن بال.
{واهجروهن في المضاجع}قال سفيان: من غير ترك الجماع.
{واضربوهن} قال عطاء: ضربا غير مبرح). [معاني القرآن: 2/78-79]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} قال ابن جريج: أي لا تطلبوا عليهن طريق عنت). [معاني القرآن: 2/80]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {إن الله كان عليا كبيرا} أي: هو متعال عن أن يكلف إلا الحق ومقدار الطاقة). [معاني القرآن: 2/80]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({بمَا حَفِظَ اللّهُ} أي: بحفظ الله إياهن.

{نُشُوزَهُنَّ} أي: بغضهن للزوج، وأصله الانزعاج والارتفاع.

{فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} أي: لا تجنُوا عليهن الذنوب).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 60]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({نُشُوزَاً}: بغض الزوج). [العمدة في غريب القرآن: 110]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{فابعثوا حكماً مّن أهله وحكماً مّن أهلها...}
يقول: حكما من أهل الرجل وحكما من أهل المرأة ليعلما من أيهما جاء النشوز، فينبغي للحكم أن يأتي الرجل فينتظر ما عنده هل يهوى المرأة، فإن قال: لا والله ما لي فيها حاجة، علم أن النشوز جاء من قبله، ويقول حكم المرأة لها مثل ذلك، ثم يعلماهما جميعا على قدر ذلك، فيأتيا الزوج فيقولا: أنت ظالم أنت ظالم اتق الله، إن كان ظالما، فذلك قوله: {إن يريدا إصلاحاً يوفّق اللّه بينهما} إذا فعلا هذا الفعل). [معاني القرآن: 1/266]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (
{وإن خفتم}: أيقنتم.

{شقاق بينهما} أي: تباعد). [مجاز القرآن: 1/126]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً مّن أهله وحكماً مّن أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفّق اللّه بينهما إنّ اللّه كان عليماً خبيراً}
قال: {شقاق بينهما} فأضاف إلى البين لأنه قد يكون اسما قال: {لقد تّقطّع بينكم} بالضم، ولو قال: {شقاقاً بينهما} في الكلام فجعل البين ظرفا كان جائزا حسنا، ولو قلت {شقاق بينهما} تريد {ما} وتحذفها جاز، كما تقول {تّقطّع بينكم} تريد {ما} التي تكون في معنى شيء. وقال: {تعالوا إلى كلمةٍ سواء بيننا وبينكم}. وتقول "بينهما بونٌ بعيدٌ" تجعلها بالواو وذلك بالياء. ويقال: "بينهما بينٌ بعيدٌ" بالياء).
[معاني القرآن: 1/201]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({وإن خفتم شقاق بينهما} أي: التباعد بينهما). [تفسير غريب القرآن: 126]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ
{وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفّق اللّه بينهما إنّ اللّه كان عليما خبيرا}
قال بعضهم.. {خفتم} ههنا في معنى: أيقنتم وهذا خطأ، لو علمنا الشقاق على الحقيقة لم يجنح إلى الحكمين. وإنما يخاف الشقاق والشقاق العداوة، واشتقاقه: من - المتشاقين - كل صنف منهن في شق، أي: في ناحية، فأمر الله تعالى - {إن خفتم} وقوع العداوة بين المرء وزوجه – أن يبعثوا حكمين، حكم من أهل المرأة وحكما من أهل الرجل، والحكم القيّم بما يسند إليه.

ويروى عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه اجتمع إليه فئام من الناس، - أي: جمع كثير مع امرأة وزوجها، قد وقع بينهما اختلاف فأمر حكمين أن يتعرفا أمرهما، وقال لهما: أتدريان ما عليكما؟ إنّ عليكما إن رأيتما أن تفرقا فرقتما، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما.

وقال بعضهم على الحكمين: أن يعظا ويعرّفا ما على كل واحد من الزوج والمرأة في مجاوزة الحق، فإن - رأيا أن يفرقا فرقا، وإن رأيا أن يجمعا جمعا.
وحقيقة أمر الحكمين: أنهما يقصدان للإصلاح، وليس لهما طلاق وإنما عليهما أن يعرفا الإمام حقيقة ما وقفا عليه، فإن رأى الإمام أن يفرق فرّق، أو أن يجمع جمع، وإن وكّلهما بتفريق أو بجمع فهما بمنزلة، وما فعل على " رضي الله عنه " فهو فعل للإمام أن يفعله، وحسبنا بعلي عليه السلام إماما،
فلما قال لهما: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، كان قد ولّاهما ذلك ووكلهما فيه.
{إنّ اللّه كان عليما خبيرا} أي: {عليما} بما فيه الصلاح للخلق {خبيرا} بذلك). [معاني القرآن: 2/48-49]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{وإن خفتم شقاق بينهما} قال أبو عبيدة: معنى {خفتم} أيقنتم.

قال أبو جعفر قال إسحاق: هذا عندي خطأ لأنا لو أيقنا لم يحتج إلى الحكمين وخفتم ههنا على بابها والشقاق العداوة وحقيقته أن كل واحد من المعاديين في شق خلاف شق صاحبه). [معاني القرآن: 2/81]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} قال مجاهد: يعني الحكمين.

قال أبو جعفر: وهذا قول حسن لأنهما إذا اجتمعت كلمتهما قبل منهما على أن في ذلك اختلافا.
روي عن سعيد بن جبير أنه قال للحكمين: أن يطلقا على الرجل إذا اجتمعا على ذلك، وهذا قول مالك وفيه قول آخر وهو أنهما لا يطلقان عليه حتى يرضى بحكمهما.
وروي هذا القول أيوب وهشام عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي رحمه الله أنه قال للحكمين: لكما أن تجمعا وأن تفرقا فقال الزوج أما التفرقة فلا قال علي والله لترضين بكتاب الله). [معاني القرآن: 2/81-82]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {إن الله كان عليما خبيرا} أي: هو عليم بما فيه الصلاح خبير بذلك).
[معاني القرآن: 2/82]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({شِقَاقَ}: تباعد). [العمدة في غريب القرآن: 110]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 10:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) }


قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ومنه أيضا: سمعنا العرب تقول: اهجر الناقة بالهجار: وهو حبل يجعل في أنفها تعطف به على ولد غيرها. وقال أبو محمد: الهجار: حبل يوضع في الرسغ إلى الساق فإن كان قوله: {واهجروهن في المضاجع}، أي: اعطفوهن إليكم، فهو ضد للهجر. إلا أن ابن عباس كان يقول: الهجر: السب. اهجروهن: سبوهن). [الأضداد: 141]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال قطرب: من الأضداد الهجر؛ يقال: هجرت الرجل، إذا أعرضت عنه، وهجرت الناقة، إذا شددت في أنفها الهجار –وهو حبل- ليعطفها على ولد غيرها، قال: وقول الله عز وجل: {واهجروهن في المضاجع}، كان ابن عباس يقول: الهجر السب، قال: ويمكن أن يكون اهجروهن: اعطفوهن كما تعطف الناقة.

وهذا القول عندي بعيد؛ لأن المعنى الثاني لم يستعمل في الناس، والمفسرون يقولون: هجرانهن: ترك مضاجعتهم، وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا يوسف القطان، قال: حدثنا جرير، عن المغيرة، عن إبراهيم، في قوله: {واهجروهن}، قال: لا تضاجعوهن على فرشكم). [كتاب الأضداد: 323]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 11:28 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 11:28 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 11:29 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 11:29 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: الرّجال قوّامون الآية، قوام فعال: بناء مبالغة، وهو من القيام على الشيء والاستبداد بالنظر فيه وحفظه بالاجتهاد، فقيام الرجل على النساء هو على هذا الحد، وتعليل ذلك بالفضيلة والنفقة يقتضي أن للرجال عليهن استيلاء وملكا ما، قال ابن عباس: الرجال أمراء على النساء، وعلى هذا قال أهل التأويل و «ما» في قوله: بما فضّل اللّه مصدرية، ولذلك استغنت عن العائد، وكذلك بما أنفقوا والفضيلة: هي الغزو وكمال الدين والعقل وما أشبهه، والإنفاق: هو المهر والنفقة المستمرة على الزوجات، وقيل: سبب هذه الآية أن سعد بن الربيع لطم زوجه حبيبة بنت زيد بن أبي زهير، فجاءت مع أبيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر أن تلطمه كما لطمها، فنزلت الآية مبيحة للرجال تأديب نسائهم، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقض الحكم الأول وقال: أردت شيئا وما أراد الله خير، وفي طريق آخر أردت شيئا وأراد الله غيره، وقيل: إن في هذا الحكم المردود نزلت ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه [طه: 114] وقيل سببها قول أم سلمة المتقدم، أي: لما تمنى النساء درجة الرجال عرفن وجه الفضيلة. والصلاح في قوله فالصّالحات هو الصلاح في الدين، و «والقانتات» معناه: مطيعات، والقنوت الطاعة، ومعناه لأزواجهن، أو لله في أزواجهن، وغير ذلك، وقال الزجّاج: إنها الصلاة، وهذا هنا بعيد وللغيب معناه: كل ما غاب عن علم زوجها مما استرعته، وذلك يعم حال غيب الزوج وحال حضوره، وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها»، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، وفي مصحف ابن مسعود «فالصوالح قوانت حوافظ» وهذا بناء يختص بالمؤنث، وقال ابن جني: والتكسير أشبه لفظا بالمعنى، إذ هو يعطي الكثرة وهي المقصود هنا، وبما حفظ اللّه الجمهور على رفع اسم الله بإسناد الفعل إليه، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع «الله» بالنصب على إعمال حفظ فأما قراءة الرفع «فما» مصدرية تقديره: يحفظ الله، ويصح أن تكون بمعنى «الذي» ويكون العائد الذي في حفظ ضمير نصب ويكون المعنى أما حفظ الله ورعايته التي لا يتم أمر دونها، وأما أوامره ونواهيه للنساء، فكأنها حفظه، فمعناه: أن النساء يحفظن بإرادته وبقدره، وأما قراءة ابن القعقاع بما حفظ الله، فالأولى أن تكون «ما» بمعنى «الذي» وفي حفظ ضمير مرفوع، والمعنى حافظات للغيب بطاعة وخوف وبر ودين حفظ الله في أوامره حين امتثلنها، وقيل: يصح أن تكون «ما» مصدرية، على أن تقدير الكلام بما حفظن الله وينحذف الضمير، وفي حذفه قبح لا يجوز إلا في الشعر، كما قال [الأعشى]: [المتقارب] فإنّ الحوادث أودى بها يريد أودين، والمعنى: يحفظن الله في أمره حين امتثلنه، وقال ابن جني: الكلام على حذف مضاف تقديره: بما حفظ دين الله وأمر الله، وفي مصحف ابن مسعود «بما حفظ الله فأصلحوا إليهن».
واللّاتي في موضع رفع بالابتداء والخبر فعظوهنّ، ويصح أن تكون في موضع نصب بفعل مضمر تقديره: وعظوا اللاتي تخافون نشوزهن، كقوله: والسّارق والسّارقة [المائدة: 38] على قراءة من قرأها بالنصب، قال سيبويه: النصب القياس، إلا أن الرفع أكثر في كلامهم، وحكي عن سيبويه: أن تقدير الآية عنده: وفيما يتلى عليكم اللاتي. قالت فرقة معنى تخافون تعلمون وتتيقنون، وذهبوا في ذلك إلى أن وقوع النشوز هو الذي يوجب الوعظ، واحتجوا في جواز وقوع الخوف بمعنى اليقين بقول أبي محجن:
ولا تدفنّني بالفلاة فإنّني = أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
وقالت فرقة: الخوف هاهنا على بابه في التوقع، لأن الوعظ وما بعده إنما هو في دوام ما ظهر من مبادئ ما يتخوف، «والنشوز»: أن تتعرج المرأة وترتفع في خلقها، وتستعلي على زوجها، وهو من نشز الأرض، يقال ناشز وناشص ومنه بيت الأعشى: [الطويل]
تجلّلها شيخ عشاء فأصبحت = قضاعيّة تأتي الكواهن ناشصا
وفعظوهنّ معناه: ذكروهن أمر الله، واستدعوهن إلى ما يجب عليهن بكتاب الله وسنة نبيه، وقرأ إبراهيم النخعي «في المضجع»، وهو واحد يدل على الجمع، واختلف المتأولون في قوله: اهجروهنّ فقالت فرقة معناه جنبوا جماعهن، وجعلوا في للوعاء على بابها دون حذف، قال ابن عباس: يضاجعها ويوليها ظهره ولا يجامعها، وقال مجاهد: جنبوا مضاجعتهن، فيتقدر على هذا القول حذف تقديره: واهجروهن برفض المضاجع أو بترك المضاجع وقال سعيد بن جبير: هي هجرة الكلام أي لا تكلموهن وأعرضوا عنهن فيقدر حذف تقديره: واهجروهن في سبب المضاجع حتى يراجعنها، وقال ابن عباس أيضا:
معناه وقولوا لهن هجرا من القول، أي إغلاظا، حتى يراجعن المضاجع، وهذا لا يصح تصريفه إلا على من حكى هجر وأهجر بمعنى واحد، وقال الطبري: معناه اربطوهن بالهجار، كما يربط البعير به، وهو حبل يشد به البعير، فهي في معنى اضربوهن ونحوها، ورجح الطبري منزعه هذا وقدح في سائر الأقوال، وفي كلامه في هذا الموضع نظر، والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اضربوا النساء إذا عصينكم في معروف ضربا غير مبرح» وقال عطاء: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح؟ قال بالشراك ونحوه، وروي عن ابن شهاب أنه قال: لا قصاص بين الرجل وامرأته إلا في النفس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا تجاوز، قال غيره: إلا في النفس والجراح، وهذه العظة والهجر والضرب مراتب، إن وقعت الطاعة عند إحداها لم يتعد إلى سائرها. وتبغوا معناه تطلبوا وسبيلًا أي إلى الأذى، وهو التعنيت والتعسف بقول أو فعل، وهذا نهي عن ظلمهن بغير واجب بعد تقدير الفضل عليهن والتمكين من أدبهن، وحسن معه الاتصاف بالعلو والكبر، أي قدره فوق كل قدر ويده بالقدرة فوق كل يد، فلا يستعمل أحد على امرأته، فالله بالمرصاد، وينظر هذا إلى حديث أبي مسعود فصرفت وجهي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا العبد»). [المحرر الوجيز: 2/539-544]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفّق اللّه بينهما إنّ اللّه كان عليماً خبيراً (35)
قسمت هذه الآية النساء تقسيما عقليا، لأنها إما طائعة، وإما ناشزة، والنشز إما من يرجع إلى الطواعية، وإما من يحتاج إلى الحكمين، واختلف المتأولون أيضا في الخوف هاهنا حسب ما تقدم، ولا يبعث الحكمان إلا مع شدة الخوف، و «الشقاق»: مصدر شاق يشاق، وأجري «البين» مجرى الأسماء وأزيل عنه الظرفية، إذ هو بمعنى حالهما وعشرتهما وصحبتهما، وهذا من الإيجاز الذي يدل فيه الظاهر على المقدر، واختلف من المأمور ب «البعثة»، فقيل: الحاكم، فإذا أعضل على الحاكم أمر الزوجين، وتعاضدت عنده الحجج، واقترنت الشبه، واغتم وجه الإنفاذ على أحدهما، بعث حكمين من الأهل ليباشرا الأمر، وخص الأهل لأنهم مظنة العلم بباطن الأمر، ومظنة الإشفاق بسبب القرابة، وقيل: المخاطب الزوجان وإليهما تقديم الحكمين، وهذا في مذهب مالك، والأول لربيعة وغيره، واختلف الناس في المقدار الذي ينظر فيه الحكمان، فقال الطبري: قالت فرقة: لا ينظر الحكمان إلا فيما وكلهما به الزوجان وصرحا بتقديمهما عليه، ترجم بهذا ثم أدخل عن علي غيره، وقال الحسن بن أبي الحسن وغيره: ينظر الحكمان في الإصلاح، وفي الأخذ والإعطاء، إلا في الفرقة فإنها ليست إليهما، وقالت فرقة: ينظر الحكمان في كل شيء، ويحملان على الظالم، ويمضيان ما رأياه من بقاء أو فراق، وهذا هو مذهب مالك والجمهور من العلماء، وهو قول علي بن أبي طالب في المدونة وغيرها، وتأول الزجّاج عليه غير ذلك، وأنه وكل الحكمين على الفرقة، وأنها للإمام، وذلك وهم من أبي إسحاق، واختلف المتأولون في من المراد بقوله:
إن يريدا إصلاحاً فقال مجاهد وغيره: المراد الحكمان، أي إذا نصحا وقصدا الخير بورك في وساطتهما، وقالت فرقة: المراد الزوجان، والأول أظهر، وكذلك الضمير في بينهما، يحتمل الأمرين، والأظهر أنه للزوجين، والاتصاف ب «عليم خبير» يشبه ما ذكر من إرادة الإصلاح). [المحرر الوجيز: 2/544-545]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 11:29 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 11:29 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم فالصّالحات قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب بما حفظ اللّه واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا إنّ اللّه كان عليًّا كبيرًا (34)}
يقول تعالى: {الرّجال قوّامون على النّساء} أي: الرّجل قيّم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدّبها إذا اعوجّت {بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ} أي: لأنّ الرّجال أفضل من النّساء، والرّجل خيرٌ من المرأة؛ ولهذا كانت النّبوّة مختصّةٌ بالرّجال وكذلك الملك الأعظم؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "لن يفلح قومٌ ولّوا أمرهم امرأةً" رواه البخاريّ من حديث عبد الرّحمن بن أبي بكرة، عن أبيه وكذا منصب القضاء وغير ذلك.
{وبما أنفقوا من أموالهم} أي: من المهور والنّفقات والكلف الّتي أوجبها اللّه عليهم لهنّ في كتابه وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فالرّجل أفضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها والإفضال، فناسب أن يكون قيّما عليها، كما قال] اللّه [ تعالى: {وللرّجال عليهنّ درجةٌ} الآية [البقرة: 228].
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: {الرّجال قوّامون على النّساء} يعني: أمراء عليها أي تطيعه فيما أمرها به من طاعته، وطاعته: أن تكون محسنةً إلى أهله حافظةً لماله. وكذا قال مقاتلٌ، والسّدّيّ، والضّحّاك.
وقال الحسن البصريّ: جاءت امرأةٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تستعديه على زوجها أنّه لطمها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "القصاص"، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {الرّجال قوّامون على النّساء} الآية، فرجعت بغير قصاصٍ.
رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ، من طرقٍ، عنه. وكذلك أرسل هذا الخبر قتادة، وابن جريج والسّدّيّ، أورد ذلك كلّه ابن جريرٍ. وقد أسنده ابن مردويه من وجهٍ آخر فقال:
حدّثنا أحمد بن عليٍّ النّسائيّ، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الهاشميّ، حدّثنا محمّد بن محمّدٍ الأشعث، حدّثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّدٍ، حدّثني أبي، عن جدّي، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن علي قال: أتى النّبيّ رجلٌ من الأنصار بامرأةٍ له، فقالت: يا رسول اللّه، إنّ زوجها فلان بن فلانٍ الأنصاريّ، وإنّه ضربها فأثّر في وجهها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليس ذلك له". فأنزل اللّه: {الرّجال قوّامون على النّساء [بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ]} أي: قوّامون على النّساء في الأدب. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أردت أمرًا وأراد اللّه غيره".
وقال الشّعبيّ في هذه الآية: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم} قال: الصّداق الّذي أعطاها، ألا ترى أنّه لو قذفها لاعنها، ولو قذفته جلدت.
وقوله: {فالصّالحات} أي: من النّساء {قانتاتٌ} قال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ: يعني مطيعاتٌ لأزواجهنّ {حافظاتٌ للغيب}.
قال السّدّيّ وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.
وقوله: {بما حفظ اللّه} أي: المحفوظ من حفظه.
قال ابن جريرٍ: حدّثني المثنّى، حدّثنا أبو صالحٍ، حدّثنا أبو معشر، حدّثنا سعيد بن أبي سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "خير النساء امرأةٌ إذا نظرت إليها سرّتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك". قال: ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: {الرّجال قوّامون على النّساء} إلى آخرها.
ورواه ابن أبي حاتمٍ، عن يونس بن حبيبٍ، عن أبي داود الطّيالسيّ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، به مثله سواءً.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى بن إسحاق، حدّثنا ابن لهيعة، عن عبيد اللّه بن أبي جعفر: أنّ ابن قارظٍ أخبره: أنّ عبد الرّحمن بن عوفٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحفظت فرجها؛ وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنّة من أيّ أبواب الجنّة شئت".
تفرّد به أحمد من طريق عبد اللّه بن قارظٍ عن عبد الرّحمن بن عوفٍ.
وقوله تعالى {واللاتي تخافون نشوزهنّ} أي: والنّساء اللّاتي تتخوّفون أن ينشزن على أزواجهنّ. والنّشوز: هو الارتفاع، فالمرأة النّاشز هي المرتفعة على زوجها، التّاركة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له. فمتى ظهر له منها أمارات النّشوز فليعظها وليخوّفها عقاب اللّه في عصيانه فإنّ اللّه قد أوجب حقّ الزّوج عليها وطاعته، وحرّم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال. وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقّه عليها" وروى البخاريّ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا دعا الرّجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه، لعنتها الملائكة حتّى تصبح" ورواه مسلمٌ، ولفظه: "إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتّى تصبح" ؛ ولهذا قال تعالى: {واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ}.
وقوله: {واهجروهنّ في المضاجع} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: الهجران هو أن لا يجامعها، ويضاجعها على فراشها ويولّيها ظهره. وكذا قال غير واحدٍ، وزاد آخرون -منهم: السّدّيّ، والضّحّاك، وعكرمة، وابن عبّاسٍ في روايةٍ-: ولا يكلّمها مع ذلك ولا يحدّثها.
وقال عليّ بن أبي طلحة أيضًا، عن ابن عبّاسٍ: يعظها، فإن هي قبلت وإلّا هجرها في المضجع، ولا يكلّمها من غير أن يذر نكاحها، وذلك عليها شديدٌ.
وقال مجاهدٌ، والشّعبيّ، وإبراهيم، ومحمّد بن كعبٍ، ومقسم، وقتادة: الهجر: هو أن لا يضاجعها.
وقد قال أبو داود: حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن أبي حرّة الرّقاشيّ، عن عمّه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "فإن خفتم نشوزهنّ فاهجروهنّ في المضاجع" قال حمّادٌ: يعني النّكاح.
وفي السّنن والمسند عن معاوية بن حيدة القشيريّ أنّه قال: يا رسول اللّه، ما حقّ امرأة أحدنا؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبّح، ولا تهجر إلّا في البيت".
وقوله: {واضربوهنّ} أي: إذا لم يرتدعن بالموعظة ولا بالهجران، فلكم أن تضربوهنّ ضربًا غير مبرّحٍ، كما ثبت في صحيح مسلمٍ عن جابرٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه قال في حجّة الوداع: "واتّقوا الله في النّساء، فإنّهنّ عندكم عوانٌ، ولكم عليهنّ ألّا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهنّ ضربا غير مبرّح، ولهنّ رزقهنّ وكسوتهن بالمعروف".
وكذا قال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ: ضربًا غير مبرّحٍ. قال الحسن البصريّ: يعني غير مؤثّرٍ. قال الفقهاء: هو ألا يكسر فيها عضوًا ولا يؤثّر فيها شيئًا.
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: يهجرها في المضجع، فإن أقبلت وإلّا فقد أذن اللّه لك أن تضرب ضربًا غير مبرّحٍ، ولا تكسر لها عظمًا، فإن أقبلت وإلّا فقد حل لك منها الفدية.
وقال سفيان بن عيينة، عن الزّهريّ، عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عمر، عن إياس بن عبد اللّه بن أبي ذباب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا تضربوا إماء الله". فجاء عمر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ذئرت النّساء على أزواجهنّ. فرخّص في ضربهنّ، فأطاف بآل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نساءٌ كثيرٌ يشكون أزواجهنّ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لقد أطاف بآل محمّدٍ نساءٌ كثيرٌ يشكون أزواجهنّ، ليس أولئك بخياركم" رواه أبو داود والنّسائيّ وابن ماجه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سليمان بن داود -يعني أبا داود الطّيالسيّ-حدّثنا أبو عوانة، عن داود الأوديّ، عن عبد الرّحمن المسلي عن الأشعث بن قيسٍ، قال ضفت عمر، فتناول امرأته فضربها، وقال: يا أشعث، احفظ عنّي ثلاثًا حفظتهن عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تسأل الرّجل فيم ضرب امرأته، ولا تنم إلّا على وتر ... ونسي الثّالثة.
وكذا رواه أبو داود والنّسائيّ وابن ماجه، من حديث عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن أبي عوانة، عن داود الأوديّ، به.
وقوله: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا} أي: فإذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريد منها، ممّا أباحه اللّه له منها، فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضربها ولا هجرانها.
وقوله: {إنّ اللّه كان عليًّا كبيرًا} تهديدٌ للرّجال إذا بغوا على النّساء من غير سببٍ، فإنّ اللّه العليّ الكبير وليّهنّ وهو منتقمٌ ممّن ظلمهنّ وبغى عليهنّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/292-296]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما إنّ اللّه كان عليمًا خبيرًا (35)}
ذكر [تعالى] الحال الأوّل، وهو إذا كان النّفور والنّشوز من الزّوجة، ثمّ ذكر الحال الثّاني وهو: إذا كان النّفور من الزّوجين فقال تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها}
قال الفقهاء: إذا وقع الشّقاق بين الزّوجين، أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقةٍ، ينظر في أمرهما، ويمنع الظّالم منهما من الظّلم، فإن تفاقم أمرهما وطالت خصومتهما، بعث الحاكم ثقةً من أهل المرأة، وثقةً من قوم الرّجل، ليجتمعا وينظرا في أمرهما، ويفعلا ما فيه المصلحة ممّا يريانه من التّفريق أو التّوفيق وتشوف الشّارع إلى التّوفيق؛ ولهذا قال: {إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما}
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: أمر اللّه عزّ وجلّ، أن يبعثوا رجلًا صالحًا من أهل الرّجل، ورجلًا مثله من أهل المرأة، فينظران أيّهما المسيء، فإن كان الرّجل هو المسيء، حجبوا عنه امرأته وقصروه على النّفقة، وإن كانت المرأة هي المسيئة، قصروها على زوجها ومنعوها النّفقة. فإن اجتمع رأيهما على أن يفرّقا أو يجمعا، فأمرهما جائزٌ. فإن رأيا أن يجمعا، فرضي أحد الزّوجين وكره ذلك الآخر، ثمّ مات أحدهما، فإنّ الّذي رضي يرث الّذي كره ولا يرث الكاره الرّاضي. رواه ابن أبي حاتمٍ وابن جريرٍ.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن ابن طاوسٍ، عن عكرمة بن خالدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين، قال معمرٌ: بلغني أنّ عثمان بعثهما، وقال لهما: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرّقا فرّقتما.
وقال: أنبأنا ابن جريجٍ، حدّثني ابن أبي مليكة، أنّ عقيل بن أبي طالبٍ تزوّج فاطمة بنت عتبة بن ربيعة فقالت: تصير إليّ وأنفق عليك. فكان إذا دخل عليها قالت: أين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة؟ قال: على يسارك في النّار إذا دخلت. فشدّت عليها ثيابها فجاءت عثمان، فذكرت له ذلك فضحك وأرسل ابن عبّاسٍ ومعاوية، فقال ابن عبّاسٍ: لأفرّقن بينهما. فقال معاوية: ما كنت لأفرّق بين شيخين من بني عبد منافٍ. فأتياهما فوجداهما قد أغلقا عليهما أبوابهما فرجعا.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن أيّوب، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة قال: شهدت عليّا وجاءته امرأةٌ وزوجها، مع كلّ واحدٍ منهما فئام من النّاس، فأخرج هؤلاء حكمًا وهؤلاء حكمًا، فقال عليٌّ للحكمين: أتدريان ما عليكما؟ إنّ عليكما؟ إن رأيتما أن تجمعا، جمعتما. فقالت المرأة: رضيت بكتاب اللّه لي وعليّ. وقال الزّوج: أمّا الفرقة فلا. فقال عليٌّ: كذبت، واللّه لا تبرح حتّى ترضى بكتاب اللّه، عزّ وجلّ، لك وعليك.
رواه ابن أبي حاتمٍ، ورواه ابن جريرٍ، عن يعقوب، عن ابن عليّة، عن أيّوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن عليٍّ، مثله. ورواه من وجهٍ آخر، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن عليٍّ، به.
وهذا مذهب جمهور العلماء: أنّ الحكمين إليهما الجمع والتّفرقة، حتّى قال إبراهيم النّخعيّ: إن شاء الحكمان أن يفرّقا بينهما بطلقةٍ أو بطلقتين أو ثلاثٍ فعلا. وهو روايةٌ عن مالكٍ.
وقال الحسن البصريّ: الحكمان يحكّمان في الجمع ولا يحكّمان في التّفريق، وكذا قال قتادة، وزيد بن أسلم. وبه قال أحمد بن حنبلٍ، وأبو ثورٍ، وداود، ومأخذهم قوله تعالى: {إن يريدا إصلاحًا يوفّق اللّه بينهما} ولم يذكر التّفريق.
وأمّا إذا كانا وكيلين من جهة الزّوجين، فإنّه ينفّذ حكمهما في الجمع والتّفرقة بلا خلافٍ.
وقد اختلف الأئمّة في الحكمين: هل هما منصوبان من عند الحاكم، فيحكمان وإن لم يرض الزّوجان، أو هما وكيلان من جهة الزّوجين؟ على قولين: فالجمهور على الأوّل؛ لقوله تعالى: {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} فسمّاهما حكمين، ومن شأن الحكم أن يحكم بغير رضا المحكوم عليه، وهذا ظاهر الآية، والجديد من مذهب الشّافعيّ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه.
الثّاني منهما، بقول عليٍّ، رضي اللّه عنه، للزّوج -حين قال: أمّا الفرقة فلا-قال: كذبت، حتّى تقرّ بما أقرّت به، قالوا: فلو كانا حاكمين لما افتقر إلى إقرار الزّوج، واللّه أعلم.
قال الشّيخ أبو عمر بن عبد البرّ: وأجمع العلماء على أنّ الحكمين -إذا اختلف قولهما-فلا عبرة بقول الآخر، وأجمعوا على أنّ قولهما نافذٌ في الجمع وإن لم يوكّلهما الزّوجان، واختلفوا: هل ينفّذ قولهما في التّفرقة؟ ثمّ حكي عن الجمهور أنّه ينفّذ قولهما فيها أيضًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/296-297]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة