العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > الإيمان بالقرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 04:23 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي حكم اللفظية الذين قالوا بأنّ اللفظ بالقرآن مخلوق

حكم اللفظية الذين قالوا: "اللفظ بالقرآن مخلوق"
...
عناصر الموضوع:
• ما روي عن الإمام أحمد في شأن اللفظية
تفصيل ما روي عن جماعة من العلماء في شأن اللفظية
... - قول محمّد بن إدريس الشّافعيّ

... - قول أبي عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ
... - قول أبي ثورٍ إبراهيم بن خالدٍ الكلبيّ
... - قول إسحاق بن راهويه
... - قول أبي مصعبٍ أحمد بن أبي بكرٍ الزّهريّ
... - قول محمّد بن إسماعيل البخاريّ
... - قول محمّد بن جرير الطبري
... - قول داوود الأصبهاني
... - قول هارون بن موسى
... -.قول عبد الوهاب الوراق

...
-
قول محمد بن زهير
.. - قول أحمد بن صالح المصري
إجمال أقوال جماعة من العلماء في حكم اللفظية
... -
رؤيا أبي حمدون المقرئ في شأن اللفظية
أوّل من أحدث مسألة اللفظ بالقرآن
... - حسين الكرابيسي
... - الشرّاك

• سدّ الذريعة بمنع مسألة اللفظ بالقرآن نفياً وإثباتاً للاشتباه
... - إنكار الإمام أحمد على من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق"
... - بيان الفرق بين التلفّظ والملفوظ


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 جمادى الآخرة 1434هـ/6-05-2013م, 06:46 AM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

ما روي عن الإمام أحمد في شأن اللفظية

قال صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانيّ (ت: 265هـ) : (قال أبو الفضل: قلت لأبي من قال لفظي بالقرآن مخلوق يكلم _
قال هذا لا يكلم ولا يصلى خلفه وإن صلى رجل أعاد
قال أبو الفضل سأل يعقوب بن إبراهيم الدروقي أبي عن من قال لفظه بالقرآن مخلوق كيف يقول في هؤلاء؟
قال: لا يكلم هؤلاء ولا يكلم في هذا القرآن كلام الله غير مخلوق على كل جهة وعلى كل وجه وعلى أي حال.). [سيرة الإمام أحمد: 70]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أحمدِ بنُ محمدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيبانيُّ (ت: 290هـ): ( سئل عمن قال لفظي بالقرآن مخلوق
- سألت أبي رحمه الله قلت: ما تقول في رجل قال التلاوة مخلوقة وألفاظنا بالقرآن مخلوقة، والقرآن كلام الله عز وجل وليس بمخلوق، وما ترى في مجانبته وهل يسمى مبتدعا.
فقال: هذا يجانب وهو قول المبتدع وهذا كلام الجهمية ليس القرآن بمخلوق، قالت عائشة رضي الله عنها: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب} فالقرآن ليس بمخلوق.
- حدثني ابن شبويه سمعت أبي يقول: من قال شيء من الله عز وجل مخلوق علمه أو كلامه فهو زنديق كافر لا يصلى عليه ولا يصلي خلفه ويجعل ماله كمال المرتد، ويذهب في مال المرتد إلى مذهب أهل المدينة إنه في بيت المال.
- أ سألت أبي رحمه الله قلت: إن قوما يقولون لفظنا بالقرآن مخلوق.
فقال: هم جهمية وهم أشر ممن يقف هذا قول جهم وعظم الأمر عنده في هذا، وقال: هذا كلام جهم.
- ب وسألته عمن قال لفظي بالقرآن مخلوق فقال: قال الله عز وجل: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((حتى أبلغ كلام ربي)) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس)).
- سمعت أبي رحمه الله يقول: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي.
- سمعت أبي رحمه الله وسئل عن اللفظية فقال: هم جهمية وهو قول جهم، ثم قال: لا تجالسوه
- سمعت أبي رحمه الله يقول: كل من يقصد إلى القرآن بلفظ أو غير ذلك يريد به مخلوق فهو جهمي.
- سئل أبي وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة فقال: من كان منهم جاهلا فليسأل وليتعلم.
- سئل أبي رحمه الله وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة فقال: من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي، وقال مرة: هم شر من الجهمية، وقال مرة أخرى: هم جهمية.
- سمعت أبي يقول: من قال لفظي بالقرآن مخلوق هذا كلام سوء رديء وهو كلام الجهمية، قال له أن الكرابيسي يقول هذا، فقال: كذب هتكه الله الخبيث، وقال: قد خلف هذا بشرا المريسي، وكان أبي رحمه الله يكره أن يتكلم في اللفظ بشيء أو
يقال مخلوق أو غير مخلوق.
قال: سألته عن الكرابيسي حسين هل رأيته يطلب الحديث،
فقال: ما أعرفه وما رأيته يطلب الحديث.
قلت: فرأيته عند الشافعي ببغداد.
فقال: ما رأيته ولا أعرفه.
فقلت: إنه يزعم أنه كان يلزم يعقوب بن إبراهيم بن سعد.
فقال: ما رأيته عند يعقوب بن إبراهيم ولا غيره وما أعرفه. ).[السنة: 1/ 163-166]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أحمدِ بنُ محمدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيبانيُّ (ت: 290هـ): ( - سئل أبي رحمه الله وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة فقال: من كان منهم جاهلا ليس بعالم فليسأل وليتعلم .
- سمعت أبي رحمه الله مرة أخرى وسئل عن اللفظية والواقفة فقال: من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي.
وقال مرة أخرى: هم شر من الجهمية .). [السنة: 1/179] (م)
قال أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري (ت: 329هـ) : ( واعلم أن من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع، ومن سكت فلم يقل مخلوق ولا غير مخلوق فهو جهمي، هكذا قال أحمد بن حنبل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين وعضوا عليها بالنواجذ)).). [شرح السنة للبربهاري: 100] (م)
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ): ( باب ذكر اللفظية، ...
قال محمد بن الحسين: احذروا رحمكم الله هؤلاء الذين يقولون: إن لفظه بالقرآن مخلوق، وهذا عند أحمد بن حنبل، ومن كان على طريقته منكر عظيم، وقائل هذا مبتدع، خبيث ولا يكلم، ولا يجالس، ويحذر منه الناس، لا يعرف العلماء غير ما تقدم ذكرنا له، وهو أن القرآن كلام الله غير مخلوق،
ومن قال مخلوق، فقد كفر،
ومن قال: القرآن كلام الله ووقف فهو جهمي،
ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي أيضا، كذا قال أحمد بن حنبل، وغلظ فيه القول جدا .). [الشريعة للآجري: ؟؟] (م)
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( - وحدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: حدّثنا إسحاق بن داود، قال: سمعت جعفر بن أحمد، يقول: سمعت أحمد بن حنبلٍ، يقول: «اللّفظيّة، والواقفة زنادقةٌ عتقٌ».
- وحدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: قال عبّاسٌ الدّوريّ: كان أحمد بن حنبلٍ يقول: «الواقفة، واللّفظيّة جهميّةٌ» .). [الإبانة الكبرى: 5/296] (م)
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (- حدّثنا أبو عمر حمزة بن القاسم قال: حدّثنا حنبل بن إسحاق، قال: سمعت أبا عبد اللّه، يقول: " الجهميّة على ثلاث ضروبٍ: فرقةٌ قالت: القرآن مخلوقٌ، وفرقةٌ قالوا: كلام اللّه ونقف، وفرقةٌ قالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقةٌ، فهم عندي في المقالة واحدٌ " .). [الإبانة الكبرى: 5/ 306-307]
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( - حدّثني أبي رحمه اللّه، وأبو القاسم عمر بن يحيى العسكريّ قالا: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن الحسن بن بدينا قال: سألت أبا عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ فقلت: يا أبا عبد اللّه، أنا رجلٌ من أهل الموصل، الغالب على أهل بلدنا الجهميّة، وفيهم أهل سنّةٍ نفرٌ يسيرٌ محبوكٌ، وقد وقعت مسألة الكرابيسيّ فأفتنتهم، قول الكرابيسيّ: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فقال لي أبو عبد اللّه: «إيّاك إيّاك إيّاك إيّاك، وهذا الكرابيسيّ، لا تكلّمه، ولا تكلّم من يكلّمه، أربع مرارٍ أو خمسًا»، إنّ في كتابي أربعًا، قلت: يا أبا عبد اللّه فهذا القول عندك ما يتشعّب منه يرجع إلى قول جهمٍ؟ قال: «هذا كلّه قول جهمٍ».
- حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن بكرٍ قال: حدّثنا أبو داود، قال: كتبت رقعةً فأرسلت بها إلى أبي عبد اللّه، وهو يومئذٍ متوارٍ، فأخرج إليّ جوابه مكتوبًا فيه: قلت: رجلٌ يقول: التّلاوة مخلوقةٌ، وألفاظنا بالقرآن مخلوقةٌ، والقرآن ليس بمخلوقٍ، وما ترى في مجانبته؟ وهل يسمّى مبتدعًا؟ وعلى ما يكون عقد القلب في التّلاوة والألفاظ؟ وكيف الجواب فيه؟
قال: " هذا يجانب، وهو قول المبتدع، وما أراه إلّا جهميًّا، وهذا كلام الجهميّة، القرآن ليس بمخلوقٍ، قالت عائشة: تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ} [آل عمران: 7] الآية،
قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا رأيتم الّذين يتّبعون ما تشابه منه فاحذروهم، فإنّهم هم الّذين عنى اللّه عزّ وجلّ، فالقرآن ليس بمخلوقٍ».

- قال أبو داود: وسمعت أحمد يتكلّم في اللّفظيّة، وينكر عليهم كلامهم، وقال له هارون: يا أبا عبد اللّه هم جهميّةٌ؟
فجعل يقول: هم، هم، ولم يصرّح بشيءٍ، ولم ينكر عليه قوله: هم جهميّةٌ.
- وحدّثنا محمّد بن بكرٍ، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم الدّورقيّ، أنّ أحمد بن محمّد بن حنبلٍ قال له: «إنّ اللّفظيّة إنّما يدورون على كلام جهمٍ، يزعمون أنّ جبريل إنّما جاء بشيءٍ مخلوقٍ إلى مخلوقٍ»، يعني: جبريل مخلوقٌ، جاء به إلى محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- وحدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن بكرٍ قال: حدّثنا أبو داود، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم، قال: سألت أحمد بن حنبلٍ قلت: هؤلاء الّذين يقولون: ألفاظنا بالقرآن مخلوقٌ.
قال: «هم شرٌّ من قول الجهميّة، ومن زعم هذا فقد زعم أنّ جبريل جاء بمخلوقٍ، وأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تكلّم بمخلوقٍ».
- وحدّثنا محمّد بن بكرٍ، قال: حدّثنا أبو داود، قال: سمعت أحمد بن صالحٍ، ذكر اللّفظيّة، فقال: «هؤلاء أصحاب بدعةٍ، ويكثر عليهم أكثر من البدعة».
- قال: وسمعت إسحاق بن إبراهيم، سئل عن اللّفظيّة، فبدّعهم.
- وحدّثني أبو صالحٍ محمّد بن أحمد قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن إسحاق قال: حدّثنا يعقوب الدّورقيّ، قال: قلت لأحمد بن حنبلٍ: هؤلاء الّذين يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوقٌ؟
فقال: " القرآن على أيّ جهةٍ ما كان لا يكون مخلوقًا أبدًا، قال اللّه تعالى: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6]، ولم يقل: حتّى يسمع كلامك يا محمّد "،
فقلت له: إنّما يدور هؤلاء على الإبطال والتّعطيل،
قال: «نعم»، وقال أحمد بن حنبلٍ: «عليهم لعنة اللّه».
- وحدّثني أبو صالحٍ، قال: حدّثنا محمّد بن داود، قال: حدّثنا أبو بكر بن زنجويه، قال: جاءني إبراهيم الكرمانيّ فأخبرني، عن صالحٍ، قال: جاء عبّاسٌ فقال: يا أبا عبد اللّه إنّ قومًا عندنا يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوقٌ، فيقولون: ليس بمخلوقٍ، قال: «لا، ما سمعت أحدًا يقول هذا».
- وحدّثني أبو صالحٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثني الحارث الصّائغ، قال: وسمعته، يعني أبا عبد اللّه، يسأل عن قول حسينٍ الكرابيسيّ، قيل له: إنّه يقول: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فقال: " هذا قول جهمٍ قال اللّه عزّ وجلّ: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6]، فمن يسمع كلام اللّه؟ أهلكهم وضع الكتب، تركوا آثار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأقبلوا على الكلام "
فقلت له: إذا قال: لفظي بالقرآن، فهو جهميٌّ؟
قال: " فأيّ شيءٍ بقي إذا قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ؟ "
- وحدّثني أبو صالحٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: حدّثني أبو الحارث، قال: ذهبت أنا وأبو موسى إلى أبي عبد اللّه، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد اللّه هذا الأمر الّذي قد أحدثوه تشمئزّ منه القلوب، والنّاس يسألوننا عنه، يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوقٌ؟
قال أبو عبد اللّه بالانتهار منه: «هذا كلام سوءٍ رديءٌ خبيثٌ، لا خير فيه»،
قال له أبو موسى: أليس تقول: القرآن كلام اللّه ليس مخلوقًا على كلّ حالٍ، وبجميع الجهات والمعاني؟
قال: «نعم، وكلّما تشعّب من هذا، فهو رديءٌ خبيثٌ».
- حدّثنا أبو جعفرٍ عمر بن محمّد بن رجاءٍ قال: حدّثنا أبو نصرٍ عصمة بن أبي عصمة قال: حدّثنا الفضل بن زيادٍ، قال: حدّثنا أبو طالبٍ أحمد بن حميدٍ قال: قلت لأبي عبد اللّه: أخبرني ساكني، أنّ رجلًا، بالرّميلة كان يقول بقول الكرابيسيّ لفظه بالقرآن مخلوقٌ، فمنعوه يصلّي بهم، فجاء فسألك عن الرّجل يقول: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، يصلّى خلفه؟ فقلت له: لا، فرجع إليهم فأخبرهم بقولك، وقال: إنّي تائبٌ، وأستغفر اللّه ممّا قلت، فقالوا له: صلّ بنا فصلّى بهم، قال: هو كان نفسه، سألني رجلٌ طويل اللّحية بعدما صلّيت الظّهر، فقلت له: لم تكلّمون فيما قد نهيتم عنه، لا يصلّى خلفه ولا يجالس ".
- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو نصرٍ، قال: حدّثنا الفضل، قال: حدّثنا أبو طالبٍ، قال: قلت: يا أبا عبد اللّه، إنّي قد احتججت عليهم بالقرآن والحديث، وأحبّ أن أعرضه عليك، قال اللّه تعالى: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6]، أليس من محمّدٍ يسمع كلام اللّه؟ قال اللّه عزّ وجلّ: {وقد كان فريقٌ منهم يسمعون كلام اللّه ثمّ يحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون} [البقرة: 75] وقال اللّه عزّ وجلّ: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم} [النحل: 98] وقال: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك} [الإسراء: 45] وقال: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} [الأعراف: 204] وقال: {اتل ما أوحي إليك من كتاب ربّك لا مبدّل لكلماته} [الكهف: 27] وقال: {وأن أتلو القرآن فمن اهتدى} [النمل: 92]، أليس يتلو القرآن؟ . وقال عزّ وجلّ: {فاقرءوا ما تيسّر من القرآن}، فعلى كلّ حالٍ، فهو قرآنٌ.
وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث جابرٍ: «إنّ قريشًا منعوني أن أبلّغ كلام ربّي» . وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لمعاوية بن الحكم: «إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام النّاس إلّا القرآن»، فالقرآن غير كلام النّاس.
وقال أبو بكرٍ رضي اللّه عنه: لا واللّه، ولكنّه كلام اللّه.
فقال لي: ما أحسن ما احتججت به، جبريل جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بمخلوقٍ، والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جاء إلى النّاس بمخلوقٍ؟!.
- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو أيّوب، قال: حدّثنا عبد اللّه بن سويدٍ، قال: سمعت أبا إسحاق الهاشميّ، يقول: سألت أبا عبد اللّه أحمد بن حنبلٍ، فقلت: إذا قالوا لنا: القرآن بألفاظنا مخلوقٌ، نقول لهم: ليس هو بمخلوقٍ بألفاظنا أو نسكت؟
فقال: " اسمع ما أقول لك: القرآن في جميع الوجوه ليس بمخلوقٍ " ثمّ قال أبو عبد اللّه: «جبريل حين قاله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان منه مخلوقًا؟ والنّبيّ حين قاله كان منه مخلوقًا؟ هذا من أخبث قولٍ وأشرّه» ثمّ قال أبو عبد اللّه: «بلغني عن جهمٍ أنّه قال بهذا في بدء أمره».
- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو نصرٍ، قال: حدّثنا الفضل، قال: حدّثنا أبو طالبٍ، عن أبي عبد اللّه، قال: قلت له: كتب إليّ من طرسوس أنّ الشّرّاك يزعم أنّ القرآن كلام اللّه، فإذا تلوته فتلاوته مخلوقةٌ،
قال: «قاتله اللّه، هذا كلام جهمٍ بعينه»،
قلت: رجلٌ قال في القرآن: كلام اللّه ليس بمخلوقٍ، ولكنّ لفظي هذا به مخلوقٌ؟
قال: «هذا كلام سوءٍ، من قال هذا فقد جاء بالأمر كلّه»
قلت: الحجّة فيه حديث أبي بكرٍ: لمّا قرأ: {الم غلبت الرّوم} [الروم: 2] فقالوا: هذا جاء به صاحبك؟ قال: لا، ولكنّه كلام اللّه،
قال: «نعم، هذا وغيره إنّما هو كلام اللّه، إن لم يرجع عن هذا فاجتنبه، ولا تكلّمه، هذا مثل ما قال الشّرّاك» .
قلت: كذا بلغني.
قال: «أخزاه اللّه، تدري من كان خاله؟»
قلت: لا،
قال: «كان خاله عبدك الصّوفيّ، وكان صاحب كلامٍ ورأي سوءٍ، وكلّ من كان صاحب كلامٍ، فليس ينزع إلى خيرٍ»، واستعظم ذلك واسترجع، وقال: «إلى ما صار أمر النّاس؟».

- حدّثنا أبو الفضل جعفر بن محمّدٍ القافلائيّ قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئٍ النّيسابوريّ، قال: وسمعت أبا عبد اللّه، يقول: «من زعم أنّ لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ» وقال: «أرأيت جبريل جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فتلا عليه تلاوة جبريل للنّبيّ القرآن، كان مخلوقًا؟ ما هو بمخلوقٍ».
- حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن مخلد بن حفص بن جعفرٍ العطّار قال: حدّثنا أبو يوسف محمّد بن المثنّى الدّينوريّ قال: حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن عمران بن موسى الدّينوريّ قال: حدّثنا أبو أحمد الأسديّ، قال: دخلت على أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ رضي اللّه عنه وسألته فقلت: يا أبا عبد اللّه، لفظي بالقرآن مخلوقٌ أو غير مخلوقٍ؟ فما أجابني بشيءٍ، ثمّ أعدت عليه المسألة، فما أجابني فيها بشيءٍ، قال: ثمّ خرجت في سفري إلى مكّة، فصارت البادية في طريقي على شبه الحبس من شدّة الفكرة في أمره، قال: فدخلت إلى مكّة، فقطع بي الطّواف، فخرجت إلى بئر زمزم، وقبّة الشّراب، فصلّيت فيها ركعتين، ثمّ نعست فرأيت ربّ العزّة تبارك وتعالى في منامي، فكان آخر ما قلت له: إلهي، قراءتي بكلامك غير مخلوقٍ؟
قال: نعم.
قال: فقوي عزمي، فلمّا قضيت حجّي وسفري، دخلت بغداد وقد تغيّر أبو عبد اللّه تغيّرًا شديدًا، فقلت له: يا أبا عبد اللّه لفظي بالقرآن مخلوقٌ؟ أو غير مخلوقٍ؟ فانبسط إليّ وقال: " ما حالك، توجّه القرآن على خمس جهاتٍ: حفظٌ بالقلب، وتلاوةٌ باللّسان، وسمعٌ بالأذن، وبصرٌ بعينٍ، وخطٌّ بيدٍ؟ " فأشكل عليّ قوله، وبقيت فيه متحيّرًا، فقال لي: «ما حالك، القلب مخلوقٌ، والمحفوظ به غير مخلوقٍ، واللّسان مخلوقٌ، والمتلوّ به غير مخلوقٍ، والأذن مخلوقٌ، والمسموع إليه غير مخلوقٍ، والعين مخلوقٌ، والمنظور إليه منه غير مخلوقٍ»، قال: فقلت: يا أبا عبد اللّه العين تنظر إلى السّواد في الورق؟
فقال لي: " مه، أصحّ شيءٍ في هذا خبر نافعٍ، عن ابن عمر، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدوّ»، ولم يذكر حبرًا ولا ورقًا "
قال: ثمّ رجع معي إلى باب الدّار وهو يكلّمني بهذا، إذ أتته امرأةٌ معها رجلٌ، فقال: يا أبا عبد اللّه قد ذهبت إلى عبد الوهّاب، فما أجابها في المسألة، وتحبّ أن تسألك.
فقال لها: وما مسألتك؟،
قالت: مسألتي أنّ زوجي حلف بالطّلاق أنّه لا يكلّم جارًا له سنةً، فمرّ به بعد أيّامٍ وهو يقرأ فلحن، فردّ عليه، قال: فحرّمت من هذا إلى غيره؟
قال: " لا، قال: فاذهب فإنّك لم تحنث، إنّك كلّمته كلام الخالق دون المخلوقين "
- حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سليمان النّجّاد قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: سألت أبي فقلت: إنّ قومًا يقولون: ألفاظنا بالقرآن مخلوقةٌ؟
قال: «هم جهميّةٌ، وهم شرٌّ ممّن يقف» . وقال: " هذا هو قول جهمٍ، وعظّم الأمر عنده في هذا، وقال: قال اللّه عزّ وجلّ: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6]، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «حتّى أبلّغ كلام ربّي»، وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام النّاس» فمن قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ "
- قال: فقلت لأبي: إنّ الكرابيسيّ يقول: لفظي بالقرآن مخلوقٌ.
فقال: «هذا كلام سوءٍ رديءٌ، وهو كلام الجهميّة، كذب الكرابيسيّ، هتكه اللّه، الخبيث» وقال: «قد خلف هذا بشرًا المرّيسيّ»
- قال عبد اللّه: وكان أبي يكره أن يتكلّم في اللّفظ بشيءٍ، وأن يقال: لفظي به مخلوقٌ أو غير مخلوقٍ.
- حدّثنا أبو محمّدٍ عبد اللّه بن سليمان الورّاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: سألت أبي: ما تقول في رجلٍ قال: التّلاوة مخلوقةٌ، وألفاظنا بالقرآن مخلوقةٌ، والقرآن كلام اللّه ليس بمخلوقٍ؟
قال: «هذا كافرٌ، وهو فوق المبتدع، وهذا كلام الجهميّة» .
قلت: ما ترى في مجانبته؟ وهل يسمّى مبتدعًا؟
فقال: " هذا يجانب، وهو فوق المبتدع، وهذا كلام الجهميّة، ليس القرآن بمخلوقٍ، قالت عائشة: تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ} [آل عمران: 7]، والقرآن ليس بمخلوقٍ ".
- حدّثنا أبو حفصٍ عمر بن محمّدٍ قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود، قال: حدّثنا أبو بكرٍ المرّوذيّ، قال: سمعت أبا عبد اللّه، يقول: " افترقت الجهميّة على ثلاث فرقٍ: الّذين قالوا: مخلوقٌ، والّذين شكّوا، والّذين قالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقٌ ".
- قال المرّوذيّ: قلت لأبي عبد اللّه: إنّ رجلًا من أصحابنا زوّج أخته من رجلٍ، فإذا هو من هؤلاء اللّفظيّة، يقول: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، وقد كتب الحديث،
فقال أبو عبد اللّه: «هذا شرٌّ من جهميٍّ» .
قلت: فتفرّق بينهما؟
قال: نعم،
قلت: فإنّ أخاها يفرّق بينهما؟
قال: «قد أحسن»، وقال: «أظهروا الجهميّة، هذا كلامٌ ينقض آخره أوّله» .
قلت لأبي عبد اللّه: إنّ الكرابيسيّ يقول: من لم يقل: لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو كافرٌ؟
قال: «بل هو الكافر» . وقال: «مات بشرٌ المرّيسيّ وخلفه حسينٌ الكرابيسيّ».
- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو نصرٍ، قال: حدّثنا الفضل، قال: حدّثنا أبو طالبٍ، عن أبي عبد اللّه، قال: سأله يعقوب بن الدّورقيّ عن من قال: لفظنا بالقرآن مخلوقٌ، كيف تقول في هذا؟
قال: لا يكلّم هؤلاء ولا يكلّم هذا، القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ على كلّ جهةٍ، وعلى كلّ وجهٍ تصرّف، وعلى أيّ حالٍ كان، قال اللّه تعالى: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6] .
وقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لا يصلح في الصّلاة شيءٌ من كلام النّاس ". وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: حتّى أبلّغ كلام ربّي. هذا قول جهمٍ، على من جاء بهذا غضب اللّه ".
- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: وسمعت عبد الوهّاب يعني ابن الحكم الورّاق، يقول: «الواقفة واللّفظيّة واللّه جهميّةٌ» حلف عليها غير مرّةٍ.
- قال أبو جعفرٍ: وسمعت أبا زهيرٍ محمّد بن زهيرٍ يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ على جميع الجهات، فقال: من قال: هذا يعني: لفظي، فهو يدخل فيه كلٌّ ".

قال الشّيخ: فبهذه الرّوايات والآثار الّتي أثرناها وروّيناها عن سلفنا وشيوخنا وأئمّتنا نقول، وبهم نقتدي، وبنورهم نستضيء، فهم الأئمّة العلماء العقلاء النّصحاء، الّذين لا يستوحش من ذكرهم، بل تنزل الرّحمة إذا نشرت أخبارهم، ورويت آثارهم، فنقول: إنّ القرآن كلام اللّه، ووحيه، وتنزيله، وعلمٌ من علمه، فيه أسماؤه الحسنى، وصفاته العليا، غير مخلوقٍ كيف تصرّف، وعلى كلّ حالٍ، لا نقف، ولا نشكّ، ولا نرتاب، ومن قال: مخلوقٌ، أو قال: كلام اللّه ووقف، أو قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهؤلاء كلّهم جهميّةٌ ضلّالٌ كفّارٌ، لا يشكّ في كفرهم، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو ضالٌّ مضلٌّ جهميٌّ، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فهو مبتدعٌ، لا يكلّم حتّى يرجع عن بدعته، ويتوب عن مقالته فهذا مذهبنا، اتّبعنا فيه أئمّتنا، واقتدينا بشيوخنا، رحمة اللّه عليهم، وهو قول إمامنا أحمد بن حنبلٍ رحمه اللّه.). [الإبانة الكبرى: 5/ 329-346]
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): ( - أخبرنا عبيد اللّه بن محمّد بن أحمد قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو بكرٍ أحمد بن كاملٍ قال: قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ: "والقول في ألفاظ العباد بالقرآن فلا أثر فيه أعلمه عن صحابيٍّ مضى، ولا عن تابعيٍّ قفى إلّا عمّن في قوله الشّفاء والغنا رحمة اللّه عليه ورضوانه وفي اتّباعه الرّشد والهدى، ومن يقوم لدينا مقام الأئمّة الأولى أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ. فإنّ أبا إسماعيل التّرمذيّ حدّثني قال: سمعت أبا عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ يقول: اللّفظيّة جهميّةٌ لقول اللّه عزّ وجلّ: {حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6] ممّن يسمع. ). [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 1/207-208] (م)

قال محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عثمانَ الذَّهَبيُّ (ت: 748هـ): (وقال إسماعيل بن الحسن السّرّاج: سألت أحمد عمّن يقول: القرآن مخلوقٌ، قال: كافرٌ.
وعمّن يقول: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فقال: جهميٌّ.). [سير أعلام النبلاء: 11/288]
قال محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عثمانَ الذَّهَبيُّ (ت: 748هـ): (قال أحمد بن زنجوية: سمعت أحمد يقول: اللّفظيّة شرٌّ من الجهميّة.
وقال صالحٌ: سمعت أبي يقول: الجهميّة ثلاث فرقٍ: فرقةٌ قالت: القرآن مخلوقٌ، وفرقةٌ قالوا: كلام الله وسكتوا، وفرقةٌ قالوا: لفظنا به مخلوقٌ.
ثمّ قال أبي: لا يصلّى خلف واقفيٍّ، ولا لفظيٍّ .). [سير أعلام النبلاء: 11/289]
قال محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عثمانَ الذَّهَبيُّ (ت: 748هـ): (- أنبؤونا: عن محمّد بن إسماعيل، عن يحيى بن مندة الحافظ، أخبرنا أبو الوليد الدّربنديّ سنة أربعين وأربع مائةٍ، أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن عبيد الله بن الأسود بدمشق، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن جعفرٍ النّهاونديّ، حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن إبراهيم بن زوران لفظاً، حدّثنا أحمد بن جعفرٍ الإصطخريّ قال:
قال أبو عبد الله أحمد بن حنبلٍ: هذا مذاهب أهل العلم والأثر، فمن خالف شيئاً من ذلك أو عاب قائلها، فهو مبتدعٌ.
وكان قولهم: إنّ الإيمان قولٌ وعملٌ ونيّةٌ، وتمسّكٌ بالسّنّة، والإيمان يزيد وينقص، ومن زعم أنّ الإيمان قولٌ، والأعمال شرائع، فهو جهميٌّ، ومن لم ير الاستثناء في الإيمان، فهو مرجئٌ، والزّنى والسرقة وقتل النّفس والشّرك كلّها بقضاءٍ وقدرٍ من غير أن يكون لأحدٍ على الله حجّةٌ.
إلى أن قال: والجنّة والنّار خلقتا، ثمّ الخلق لهما لا تفنيان، ولا يفنى ما فيهما أبداً.
إلى أن قال: والله -تعالى- على العرش، والكرسيّ موضع قدميه.
إلى أن قال: وللعرش حملةٌ، ومن زعم أنّ ألفاظنا بالقرآن، وتلاوتنا له مخلوقةٌ، والقرآن كلام الله، فهو جهميٌّ، ومن لم يكفّره، فهو مثله، وكلّم الله موسى تكليماً من فيه. ). [سير أعلام النبلاء: 11/ 302- 303]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 ذو الحجة 1434هـ/26-10-2013م, 06:19 PM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

تفصيل ما روي عن جماعة من العلماء في شأن اللفظية

قول محمّد بن إدريس الشّافعيّ
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): ( أخبرنا الحسين بن أحمد بن إبراهيم الطّبريّ قال: سمعت أحمد بن يوسف الشّالنجيّ يقول: سمعت أبا عبد اللّه الحسين بن عليٍّ القطّان يقول: سمعت عليّ بن الحسين بن الجنيد يقول: سمعت الرّبيع يقول: سمعت الشّافعيّ يقول: من قال: لفظي بالقرآن أو القرآن بلفظي مخلوقٌ، فهو جهميٌّ. وكذلك حكي هذا اللّفظ عن أبي زرعة، وعليّ بن خشرمٍ). [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 386]

قول أبي عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ

قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): ( ذكره عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ قال: ثنا عبد اللّه بن محمّد بن إبرهيم السّلميّ بالكوفة قال: قال أبو عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ: لو أنّ رجلًا حلف فقال: واللّه لا تكلّمت اليوم بشيءٍ، فقرأ القرآن في غير صلاةٍ أو في صلاةٍ لم يحنث؛ لأنّ أيمان النّاس إنّما هي لمعاملة بعضهم بعضًا، وإنّ القرآن كلام اللّه ليس بداخلٍ في شيءٍ من كلام النّاس ولا يختلط به، ولو كان يشبهه في شيءٍ من الحالات لكان القرآن إذًا يقطع الصّلاة؛ لأنّ كلّ متكلّمٍ في صلاته بالتّعمّد لذلك قاطعٌ لها، إلّا أن يكون الحالف نوى القرآن واعتمده في يمينه فيلزمه حينئذٍ نيّته واعتقاده.
- أخبرنا عبيد اللّه بن أحمد، أخبرنا أحمد بن كاملٍ إجازةً قال: ثنا محمّد بن الحسين المؤدّب قال: سمعت أحمد بن سهلٍ التّميميّ يقول: سمعت أبا عبيدٍ يقول: القرآن برمّته غير مخلوقٍ.
قال القاضي: برمّته كيف اشتملت عليه أوصافه).
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 387]

قول أبي ثورٍ إبراهيم بن خالدٍ الكلبيّ
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): ( وجدت على ظهر بعض مصنّفات أبي ثورٍ قال: ثنا جعفرٌ قال: سئل أبو ثورٍ عن ألفاظ القرآن، فقال: هذا ممّا يسعك جهله، واللّه لا يسألك عزّ وجلّ عن هذا، فلا تتكلّموا فيه، فإنّ من زعم أنّ كلامه بالقرآن مخلوقٌ فقد وافق اللّفظيّين؛ لأنّه إذا سمع منك القرآن فقد زعمت أنّ لفظك بالقرآن مخلوقٌ، فقد أجبت القوم أنّه مخلوقٌ).
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 387]

قول إسحاق بن راهويه
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): (ذكره عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ قال: أخبرنا حرب بن إسماعيل الكرمانيّ فيما كتب إليّ قال: سمعت إسحاق بن راهويه، وسئل عن الرّجل يقول: القرآن ليس مخلوقًا ولكنّ قراءتي أنا إيّاه مخلوقةٌ لأنّي أحكيه، وكلامنا مخلوقٌ.
فقال إسحاق: «هذا بدعةٌ، لا يقارّ على هذا حتّى يرجع عن هذا ويدع قوله هذا»
- وسئل إسحاق مرّةً أخرى عن اللّفظيّة، فقال: هي مبتدعةٌ.
- قال عبد الرّحمن: قال أبو عليٍّ القوهستانيّ: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: إنّ لفلانٍ يعني داود الأصفهانيّ في القرآن قولًا ثالثًا، قول سوءٍ فلم يزل يسأل إسحاق ما هو؟ قال: أظهر اللّفظ. يعني قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ).
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 388-389]

قول أبي مصعبٍ أحمد بن أبي بكرٍ الزّهريّ

قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): ( ذكره عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ قال: ثنا أبو بكرٍ عبد اللّه بن محمّد بن الفضل الأسديّ الصّيداويّ قال: أتى قومٌ أبا مصعبٍ الزّهريّ المدينيّ فقالوا: إنّ قبلنا ببغداد رجلًا يقول: لفظه بالقرآن مخلوقٌ.
فقال: يا أهل العراق، ما يأتينا منكم هناه، ما ينبغي أن نتلقّى وجوهكم إلّا بالسّيوف، هذا كلامٌ نبطيٌّ خبيثٌ).
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 390]

قول محمّد بن إسماعيل البخاريّ
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): ( أخبرنا أحمد بن محمّد بن حفصٍ قال: ثنا محمّد بن أحمد بن سلمة قال: ثنا أبو نصرٍ أحمد بن سهل بن حمدويه قال: ثنا أبو العبّاس الفضل بن بسّامٍ قال: سمعت إبراهيم بن محمّدٍ يقول: أنا تولّيت دفن محمّد بن إسماعيل البخاريّ لمّا مات بخرتنك، فأردت حمله إلى سمرقند أن أدفنه بها، فلم يتركني صاحبٌ لنا من أهل سكجكث فدفنّاه بها، فلمّا أن فرغنا ورجعت إلى المنزل الّذي كنت فيه قال لي صاحب القصر: سألته أمس فقلت: يا أبا عبد اللّه ما تقول في القرآن؟
فقال: القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ.
فقلت له: إنّ النّاس يزعمون أنّك تقول ليس في المصحف قرآنٌ ولا في صدور النّاس.
فقال: أستغفر اللّه أن تشهد عليّ بما لم تسمعه منّي، إنّي أقول كما قال اللّه: {والطّور وكتابٍ مسطورٍ} [الطور: 2]
أقول: في المصاحف قرآنٌ، وفي صدور الرّجال قرآنٌ، فمن قال غير ذلك هذا يستتاب، فإن تاب وإلّا سبيله سبيل الكفر.
- وأخبرنا أحمد بن محمّد بن حفصٍ قال: ثنا محمّد بن أحمد بن سلمة قال: ثنا أبو صالحٍ خلف بن محمّد بن إسماعيل قال: سمعت أبا عمرٍو أحمد بن نصر بن إبراهيم النّيسابوريّ المعروف بالخفّاف ببخارى يقول: كنّا يومًا عند أبي إسحاق القرشيّ ومعنا محمّد بن نصرٍ المروزيّ، فجرى ذكر محمّد بن إسماعيل، فقال محمّد بن نصرٍ: سمعته يقول: من زعم أنّي قلت: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو كذّابٌ، فإنّى لم أقله.
فقلت له: يا أبا عبد اللّه فقد خاض النّاس في هذا وأكثروا فيه.
فقال: ليس إلّا ما أقول وأحكي لك عنه.
قال أبو عمرٍو الخفّاف: فأتيت محمّد بن إسماعيل فناظرته في شيءٍ من الحديث حتّى طابت نفسه فقلت له: يا أبا عبد اللّه هاهنا رجلٌ يحكي عنك أنّك قلت هذه المقالة.

فقال لي: يا أبا عمرٍو احفظ ما أقول: من زعم من أهل نيسابور وقومس والرّيّ وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والمدينة ومكّة والبصرة أنّي قلت: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو كذّابٌ، فإنّى لم أقل هذه المقالة، إلّا أنّي قلت: أفعال العباد مخلوقةٌ).
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 391-392]

قول محمّد بن جرير الطبري

قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): ( أخبرنا عبيد اللّه بن محمّد بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن كاملٍ قال: ثنا أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ قال: فأوّل ما نبدأ بالقول فيه من ذلك كلام اللّه عزّ وجلّ وتنزيله؛ إذ كان من معاني توحيده، والصّواب من القول في ذلك عندنا أنّه كلام اللّه غير مخلوقٍ، وكيف كتب، وكيف تلي، وفي أيّ موضعٍ قرئ، في السّماء وجد، أو في الأرض حفظ، في اللّوح المحفوظ كان مكتوبًا، أو في ألواح صبيان الكتاتيب مرسومًا، في حجرٍ نقش، أو في رقٍّ خطّ، في القلب حفظ، أو باللّسان لفظ، فمن قال غير ذلك أو ادّعى أنّ قرآنًا في الأرض أو في السّماء غير الّذي نتلوه بألسنتنا ولكنّه في مصاحفنا، أو اعتقد ذلك بقلبه، أو أضمره في نفسه، أو قال بلسانه داينًا به، فهو باللّه كافرٌ، حلال الدّم، وبريءٌ من اللّه، واللّه بريءٌ منه، يقول اللّه عزّ وجلّ: {بل هو قرآنٌ مجيدٌ في لوحٍ محفوظٍ} [البروج: 22]. وقال وقوله الحقّ: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6]. فأخبر اللّه جلّ ثناؤه أنّه في اللّوح المحفوظ، وأنّه من لسان محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم مسموعٌ، وهو قرآنٌ واحدٌ، من محمّد صلّى الله عليه وسلّم مسموعٌ، وفي اللّوح المحفوظ مكتوبٌ، وكذلك هو في الصّدور محفوظٌ، وبألسن الشّيوخ والشّبّان متلوٌّ، فمن روى علينا أو حكى عنّا أو تقوّل علينا أو ادّعى أنّا قلنا غير ذلك فعليه لعنة اللّه وغضبه، ولعنة اللّاعنين والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل اللّه منه صرفًا ولا عدلًا، وهتك ستره، وفضحه على رءوس الأشهاد، يوم لا تنفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار).[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 393-396]

قول داوود الأصبهاني
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): ( وأخبرنا عبيد اللّه قال: أخبرنا أحمد بن كاملٍ قال: حدّثني أبو عبد اللّه الوارق جوّازًا قال: كنت أورق على داود الأصبهانيّ فكنت عنده يومًا في دهليزه مع جماعةٍ من الغرباء، فسئل عن القرآن فقال: القرآن الّذي قاله اللّه: {لا يمسّه إلّا المطهّرون} [الواقعة: 79] وقال: {في كتابٍ مكنونٍ} [الواقعة: 78] غير مخلوقٌ. وأمّا ما بين أظهرنا يمسّه الجنب والحائض فهو مخلوقٌ.
قال القاضي أحمد بن كاملٍ: وهذا مذهب النّاشئ، وهو كفرٌ باللّه العظيم، صحّ الخبر عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أنّه «نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدوّ مخافة أن يناله العدوّ». فجعل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ما كتب في الصّحف والمصاحف قرآنًا، فالقرآن على أيّ وجهٍ تلي وقرئ فهو واحدٌ، وهو غير مخلوقٍ). [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 396-397]

قول هارون بن موسى
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أحمدِ بنُ محمدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيبانيُّ (ت: 290هـ): (- حدثني أبو الحسن بن العطار قال: سمعت هارون بن موسى الفروي سمعت عبد الملك بن الماجشون يقول: من قال القرآن مخلوق فهو كافر، وسمعته يعني عبد الملك يقول: لو وجدت المريسي لضربت عنقه.
وقال هارون يعني الفروي: القرآن كلام الله ليس بمخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر ومن شك في الواقفة فهو كافر.
فقلت لهارون: اللفظية، قال: هؤلاء مبتدعة ضلال. ). [السنة: 1/173] (م)

قول عبد الوهاب الوراق

قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: وسمعت عبد الوهّاب يعني ابن الحكم الورّاق، يقول: «الواقفة واللّفظيّة واللّه جهميّةٌ» حلف عليها غير مرّةٍ.
- قال أبو جعفرٍ: وسمعت أبا زهيرٍ محمّد بن زهيرٍ يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ على جميع الجهات، فقال: من قال: هذا يعني: لفظي، فهو يدخل فيه كلٌّ "). [الإبانة الكبرى: 5/345](م)

قول محمد بن زهير

قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: وسمعت عبد الوهّاب يعني ابن الحكم الورّاق، يقول: «الواقفة واللّفظيّة واللّه جهميّةٌ» حلف عليها غير مرّةٍ.
- قال أبو جعفرٍ: وسمعت أبا زهيرٍ محمّد بن زهيرٍ يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ على جميع الجهات، فقال: من قال: هذا يعني: لفظي، فهو يدخل فيه كلٌّ "). [الإبانة الكبرى: 5/345](م)

قول أحمد بن صالح المصري

قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (
- وحدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن بكرٍ قال: حدّثنا أبو داود، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم، قال: سألت أحمد بن حنبلٍ قلت: هؤلاء الّذين يقولون: ألفاظنا بالقرآن مخلوقٌ.

قال: «هم شرٌّ من قول الجهميّة، ومن زعم هذا فقد زعم أنّ جبريل جاء بمخلوقٍ، وأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تكلّم بمخلوقٍ».
- وحدّثنا محمّد بن بكرٍ، قال: حدّثنا أبو داود، قال: سمعت أحمد بن صالحٍ، ذكر اللّفظيّة، فقال: «هؤلاء أصحاب بدعةٍ، ويكثر عليهم أكثر من البدعة».
- قال: وسمعت إسحاق بن إبراهيم، سئل عن اللّفظيّة، فبدّعهم).[الإبانة الكبرى: 5/ 329]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 ذو الحجة 1434هـ/26-10-2013م, 06:20 PM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

إجمال أقوال جماعة من العلماء في حكم اللفظية

قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (- حدّثنا أبو حفصٍ عمر بن محمّد بن رجاءٍ قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: حدّثنا أبو بكرٍ المرّوذيّ، قال: وسمعت أبا الحسن عبد الوهّاب الورّاق، يقول: " ما سمعت عالمًا يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فمن هؤلاء عند أبي عبد اللّه الّذين خالفوا قوله، إذا وقفت غدًا بين يدي اللّه، فسألني: بمن اقتديت؟ أيّ شيءٍ أقول؟ وأيّ شيءٍ ذهب على أبي عبد اللّه من أمر الإسلام؟ وأبو عبد اللّه عالم هذه المسألة، فقد بلي منذ عشرين سنةً في هذا الأمر، فمن لم يصر إلى قول أبي عبد اللّه، فنحن نظهر خلافه ونهجره، ولا نكلّمه، إذا قلنا: القرآن غير مخلوقٍ، ومن قال: لفظي بالقرآن، فهو جهميٌّ، فأيّ شيءٍ بقي، وإنّما هذا من طريق أصحاب الكلام، وأصحاب الكلام لا يفلحون "
- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: قال إسحاق بن داود: " نحن نقتدي بمن مات، أحمد بن حنبلٍ إمامنا، وهو من الرّاسخين في العلم، يقول: ما سمعت عالمًا يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، وأيّ شيءٍ ذهب على أبي عبد اللّه من أمر الإسلام؟ إذا قلنا: من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ، وقلنا كما قال العلماء: القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ حيثما تصرّف، فأيّ شيءٍ بقي؟ من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ؟ فنحن نهجره ولا نكلّمه، وهذه بدعةٌ، وما غضب أحدٌ في هذا الأمر وهو دون غضب أبي عبد اللّه، أبو عبد اللّه يغضب الغضب الشّديد، حتّى جعلوا يسكّتونه "
- حدّثنا أبو حفصٍ، حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، سمعت الحسن عليّ بن مسلمٍ يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، هذا قول أبي عبد اللّه، فبه نقتدي إذ كنّا لم ندرك في عصره أحدًا تقدّمه في العلم والمعرفة والدّيانة، وكان مقدّمًا عند من أدركنا من علمائنا، فما علمت أنّ أحدًا بلي بمثل ما بلي به فصبر، فهو قدوةٌ وحجّةٌ لأهل هذا العصر، ولمن يجيء بعدهم، فنحن متّبعون لمقالته، وموافقون له، فمن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فقد أبدع، وليس هو من كلام العلماء، وهذا ممّا أحدثه أصحاب الكلام المبتدعة، وقد صحّ عندنا أنّ أبا عبد اللّه أنكر على من قال ذلك، وغضب منه الغضب الشّديد، وقال: ما سمعت عالمًا قال هذا، فمن خالف أبا عبد اللّه فيما نهى عنه، فنحن غير موافقين له، منكرون عليه، وقد أدركنا من علمائنا مثل عبد اللّه بن المبارك، وهشيم بن بشيرٍ، وإسماعيل ابن عليّة، وسفيان بن عيينة، وعبّاد بن عبّادٍ، وعبّاد بن العوّام، وأبي بكر بن عيّاشٍ، وعبد اللّه بن إدريس، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، ويحيى بن زائدة، ويوسف بن يعقوب بن الماجشون، ووكيعٍ، ويزيد بن هارون، وأبي أسامة، وقد أدركوا هؤلاء كلّهم التّابعين، وسمعوا عنهم، ورووا عنهم، ما منهم أحدٌ قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فنحن لهم متّبعون، ولما أحدث بعدهم مخالفون "
- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ يعني المرّوذيّ، قال: وقال إسحاق بن حنبلٍ: " من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ، ومن زعم أنّ لفظه بالقرآن غير مخلوقٍ، فقد ابتدع، فقد نهى أبو عبد اللّه عن هذا، وغضب منه وقال: ما سمعت عالمًا قال هذا، أدركت العلماء مثل: هشيمٍ، وأبي بكر بن عيّاشٍ، وسفيان بن عيينة، فما سمعتهم قالوا هذا، وأبو عبد اللّه أعلم النّاس بالسّنّة في زمانه، لقد ذبّ عن دين اللّه، وأوذي في اللّه، وصبر على السّرّاء والضّرّاء ".
قال أبو يوسف: فمن حكى عن أبي عبد اللّه أنّه قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فقد كذب، ما سمعت أبا عبد اللّه قال هذا، إنّما قال أبو عبد اللّه: اللّفظيّة جهميّةٌ، وأبو عبد اللّه أعلم النّاس بالسّنّة في زمانه

- حدّثنا أبو حفصٍ قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: وسمعت يعقوب الدّورقيّ، يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، فمن زعم أنّه مخلوقٌ فهو كافرٌ، ومن قال: لفظه بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ، ومن قال: لفظه بالقرآن غير مخلوقٍ، فهو مبتدعٌ محدثٌ، يهجر ولا يكلّم ولا يجالس، لأنّ القرآن صفات اللّه وأسماؤه، والقرآن كلام اللّه حيث تصرّف غير مخلوقٍ، ومن حكى عنّي أنّي رجعت عن تبديع من قال هذا، فهو كذّابٌ "

- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: سمعت أبا بكر بن سهل بن عسكرٍ، يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ حيث تصرّف، والقرآن من علم اللّه، ومن زعم أنّه ليس من علم اللّه، فهو كافرٌ، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو جهميٌّ كافرٌ باللّه، ومن قال: إنّ لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فلم أر أحدًا من العلماء قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، ونحن متّبعون لأحمد بن محمّد بن حنبلٍ في هذه المسألة، فمن خالفه فنحن منه بريئون في الدّنيا والآخرة، سمعت عبد الرّزّاق يقول: إن يعش هذا الرّجل يكن خلفًا من العلماء، يريد أحمد بن حنبلٍ، رحمه اللّه "
- حدّثنا أبو حفصٍ قال: حدّثنا أبو جعفرٍ قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: سمعت عبد اللّه بن أيّوب المخرّميّ، يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، ومن قال: إنّه مخلوقٌ، فقد أبطل الصّوم والحجّ والجهاد وفرائض اللّه، ومن أبطل واحدةً من هذه الفرائض فهو كافرٌ باللّه العظيم، ومن قال: إنّ لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فهو ضالٌّ مبتدعٌ، أدركت ابن عيينة، ويحيى بن سليمٍ، ووكيع بن الجرّاح، وعبد اللّه بن نميرٍ، وجماعةً من علماء الحجاز والبصرة والكوفة، ما سمعت أحدًا منهم قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، ولا: غير مخلوقٍ. وقد صحّ عندنا أنّ أبا عبد اللّه أحمد بن حنبلٍ نهى أن يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فمن قال بخلاف ما قال أبو عبد اللّه فقد صحّت بدعته "
- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى الأزديّ، قال: حدّثني مسدّدٌ، قال: كنت عند يحيى بن سعيدٍ القطّان، وجاء يحيى بن إسحاق بن توبة العنبريّ، فقال له يحيى بن سعيدٍ: حدّث هذا، يعني مسدّدًا كيف قال حمّاد بن زيدٍ فيما سألته؟
قال: سألت حمّاد بن زيدٍ عن من قال: كلام النّاس ليس بمخلوقٍ، فقال: هذا كلام أهل الكفر "

- قال يحيى بن إسحاق بن توبة العنبريّ: سألت معتمر بن سليمان عن من قال: كلام النّاس ليس بمخلوقٍ.
قال: «هذا كفرٌ».). [الإبانة الكبرى: 5/ 346-354]

قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): (سياق ما روي في تكفير من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ
روي ذلك عن الأئمّة: عن محمّد بن إدريس الشّافعيّ، وأبي مصعبٍ أحمد بن أبي بكرٍ الزّهريّ، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيدٍ، وأبي ثورٍ، وسويد بن سعيدٍ، وأبي همّامٍ الوليد بن شجاعٍ، ومحمّد بن يحيى بن أبي عمر العدنيّ، وهارون بن موسى الفرويّ، ويعقوب بن إبراهيم الدّورقيّ، والحسن بن الصّبّاح البزّار، وهارون بن عبد اللّه الحمّال، وعبد الوهّاب بن الحكم الورّاق، ومحمّد بن منصورٍ الطّوسيّ، وإسحاق بن إبراهيم البغويّ، وأبي نشيطٍ محمّد بن هارون، وعبّاس بن أبي طالبٍ، ومحمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، وسليمان بن توبة النّهروانيّ، وأبي الوليد الجاروديّ، ومحمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، وأبي يونس محمّد بن أحمد بن يزيد الجمحيّ، والحسن بن إبراهيم البياضيّ، ومحمّد بن إسحاق بن يزيد أبي عبد اللّه الصّينيّ.
ومن أهل البصرة محمّد بن بشّارٍ، وعمرو بن عليٍّ، ومحمّد بن المثنّى، ومحمّد بن يحيى بن أبي حزمٍ القطعيّ، والعبّاس بن عبد العظيم العنبريّ، وأحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ومحمّد بن عبادة بن البختريّ.
ومن أهل الكوفة أبو سعيدٍ الأشجّ، وهارون بن إسحاق الهمدانيّ.
ومن أهل مصر والعواصم والثّغور أحمد بن صالحٍ المصريّ، والمؤمّل بن إهابٍ الرّبعيّ المكّيّ نزيل مصر، ومحمّد بن سليمان بن حبيبٍ الأسديّ المعروف بلوينٍ، وإبراهيم بن سعيدٍ الجوهريّ نزيل ثغرٍ، وميمون بن الأصبغ النّصيبيّ، وسعيد بن رحمة بن نعيمٍ المصّيصيّ، وأحمد بن حربٍ الموصليّ، ومحمّد بن داود المصّيصيّ، وعبد الرّحمن بن سفيان الملطيّ، وإسحاق بن زريقٍ الرّسعينيّ، ومحمّد بن أيّوب الأصبهانيّ نزيل طرسوس، وزرقان بن محمّدٍ البغداديّ، ويعقوب بن إبراهيم الخشّاب، وعليّ بن موسى القزوينيّ نزيل طرسوس، وأحمد بن شريكٍ الشّجريّ، ونصر بن منصورٍ المصّيصيّ، وعبد العزيز بن أحمد بن شبّويه.
- أنّهم قالوا: من قال لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو بمنزلة من قال: القرآن مخلوقٌ. وقالوا: هذه مقالتنا وديننا الّذي ندين اللّه به.
- وعن الحسن بن السّكن أبي منصورٍ الباريّ أنّه سئل عن من قال: ألفاظهم بالقرآن غير القرآن،
قال: هم تاركوا السّنّة، لا تجالسوهم، ولا تبايعوهم، ولا تناكحوهم.
- وعن عثمان بن خرّزاذ قال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ فقد أعظم الفرية على اللّه.
ومن أهل خراسان عن محمّد بن أسلم الطّوسيّ: إنّ من قال: إنّ القرآن يكون مخلوقًا بالألفاظ، فقد زعم أنّ القرآن مخلوقٌ.
- وعن محمّد بن يحيى الذّهليّ مثله، وقال: هو مبتدعٌ. وأمر بمباينته ومجانبته.
وعن عليّ بن خشرمٍ المروزيّ: من قال: القرآن بلفظي أو لفظي بالقرآن أو القرآن بقراءتي أو قراءتي للقرآن قدّم أو أخّر فهو واحدٌ.
وقال: ما أحسن هذا الكلام، ليس بينهما فرقٌ. فجعل يتعجّب ممّن يفرّق بينهما ويقول: من قال من اللّفظيّة كلامه فإنّه يخرج إلى كلام الرّوحانيّة. صنفٌ من الزّنادقة.
- وعن أحمد بن سعيدٍ الدّارميّ: من زعم أنّ لفظه بالقرآن مخلوقٌ فهو كافرٌ.
- وعن عبد اللّه بن أحمد بن شبّويه، وأحمد بن الصّبّاح المعروف بابن أبي سريجٍ أنّهم قالوا: جهميّةٌ كفّارٌ.
- وأحمد بن سعيدٍ التّبعيّ مثله.
- وقال عبد الرّحمن: كتب إليّ حرب بن إسماعيل الكرمانيّ الحنظليّ: إنّ الحقّ والصّواب الواضح المستقيم الّذي أدركنا عليه أهل العلم أنّ من زعم أنّ ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا مخلوقةٌ، فهو جهميٌّ مبتدعٌ خبيثٌ.
- وعن أبي مسعودٍ أحمد بن الفرات أنّه قال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ.
- وعن أبي زرعة وأبي حاتمٍ مثله، إلّا أنّ أبا زرعة قال: لفظي بالقرآن أو القرآن بلفظي.
- وقال عبد الرّحمن: سئل أبو زرعة عن أفعال العباد، فقال: مخلوقةٌ.
فقيل له: لفظنا بالقرآن من أفعالنا.
قال: لا يقال هذا.
وعن محمّد بن إسماعيل البخاريّ: من زعم أنّي قلت: لفظي بالقرآن فهو كذّابٌ. وتجيء هذه الحكاية بطولها في آخر هذا الباب إن شاء اللّه.
- وعن أحمد بن عبد اللّه الشّعرانيّ: من قال: لفظه بالقرآن مخلوقٌ، فقد قال: القرآن مخلوقٌ. وعن محمّد بن جريرٍ مثل قول أحمد واحتجّ به.
فرجع كلام هؤلاء الأئمّة رضي اللّه عنهم في أنّ القرآن مسموعٌ من اللّه على الحقيقة، وحين يقرؤه القارئ فلا يكون من لفظ القارئ القرآن ككلام الآدميّين حين يلفظ به فيكون مخلوقًا، وكلام اللّه لا يشبه كلامهم؛ لأنّه غير مخلوقٍ، فكذلك يخالفه في القراءة. وهذا معنى ما أشار إليه أبو عبيدٍ رحمه اللّه).
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 385-387]

رؤيا أبي حمدون المقرئ في شأن اللفظية
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): (
أخبرنا عبيد اللّه بن أحمد قال: وجدت في كتاب عبيد اللّه النّحويّ قال: حدّثني أبو بكرٍ محمّد بن علوان المقرئ قال: ثنا وكيعٌ يعني محمّد بن خلفٍ قال: ثنا أبو حمدونٍ المقرئ قال: لمّا هاج النّاس في اللّفظ بالقرآن مخلوقٌ، وأمر حسينٍ الكرابيسيّ في ذلك، كنت أقرأ بالكرخ، فأتاني رجلٌ فجعل يناظرني ويقول: أنا أريد لفظي مخلوقٌ، والقرآن غير مخلوقٍ. قال: فشكّكني، فدعوت اللّه عزّ وجلّ الفرج، فلمّا كان اللّيل نمت فرأيت كأنّي في صحراء واسعةٍ فيها سريرٌ عليه نضدٌ فوقه شيخٌ ما رأيت أحسن وجهًا منه ولا أنقى ثوبًا منه ولا أطيب رائحةً، وإذا النّاس قيامٌ عن يمينه وعن يساره، إذ جيء بالرّجل الّذي كان يناظرني فأوقف بين يديه وجيء بصورةٍ في سونجرد، فقيل: هذه صورة ماني الّذي أضلّ النّاس، فوضعت على قفا الرّجل، فقال الشّيخ: اضربوا وجه ماني ليس نريدك. قال: فنحّ عن قفاي واضرب به كيف شئت. فقال: وأنت فنحّ لفظك عن القرآن وقل في لفظك ما شئت.
قال: فانتبهت وقد سرى عنّي.). [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة : 399- 2/ 398]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 ذو الحجة 1434هـ/26-10-2013م, 06:23 PM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

أوّل من أحدث مسألة اللفظ بالقرآن

حسين الكرابيسي
قال محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عثمانَ الذَّهَبيُّ (ت: 748هـ): (لأبي عبد الله في مسألة اللّفظ نقولٌ عدّةٌ: فأوّل من أظهر مسألة اللّفظ حسين بن عليٍّ الكرابيسيّ، وكان من أوعية العلم، ووضع كتاباً في المدلّسين، يحطّ على جماعةٍ: فيه أنّ ابن الزّبير من الخوارج.
وفيه أحاديث يقوّي به الرّافضة، فأعلم أحمد، فحذّر منه، فبلغ الكرابيسيّ، فتنمّر، وقال: لأقولنّ مقالةً حتّى يقول ابن حنبلٍ بخلافها، فيكفر.
فقال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ.
فقال المرّوذيّ في كتاب (القصص) : فذكرت ذلك لأبي عبد الله أنّ الكرابيسيّ قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، وأنّه قال: أقول: إنّ القرآن كلام الله غير مخلوقٍ من كلّ الجهات إلاّ أنّ لفظي به مخلوقٌ، ومن لم يقل: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو كافرٌ.
فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر - قاتله الله - وأيّ شيءٍ قالت الجهميّة إلاّ هذا؟ وما ينفعه، وقد نقض كلامه الأخير كلامه الأوّل؟!
ثمّ قال: أيشٍ خبر أبي ثورٍ، أوافقه على هذا؟
قلت: قد هجره.
قال: أحسن، لن يفلح أصحاب الكلام.
قال عبد الله بن أحمد: سئل أبي، وأنا أسمع عن اللّفظيّة والواقفة، فقال: من كان منهم يحسن الكلام، فهو جهميٌّ.
- الحكم بن معبدٍ: حدّثني أحمد الدّورقيّ، قلت لأحمد بن حنبلٍ: ما تقول في هؤلاء الّذين يقولون: لفظي بالقرآن مخلوقٌ؟
فرأيته استوى، واجتمع، وقال: هذا شرٌّ من قول الجهميّة.
من زعم هذا، فقد زعم أنّ جبريل تكلّم بمخلوقٍ، وجاء إلى النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- بمخلوقٍ.
فقد كان هذا الإمام لا يرى الخوض في هذا البحث؛ خوفاً من أن يتذرّع به إلى القول بخلق القرآن، والكفّ عن هذا أولى، آمنّا بالله -تعالى- وبملائكته، وبكتبه، ورسله، وأقداره، والبعث والعرض على الله يوم الدّين.
ولو بسط هذا السّطر، وحرّر وقرّر فيها بأدلّته، لجاء في خمس مجلّداتٍ، بل ذلك موجودٌ مشروحٌ لمن رامه، والقرآن فيه شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين، ومعلومٌ أنّ التّلفّظ شيءٌ من كسب القارئ غير الملفوظ، والقراءة غير الشّيء المقروء، والتّلاوة وحسنها وتجويدها غير المتلوّ، وصوت القارئ من كسبه فهو يحدث التّلفّظ والصّوت والحركة والنّطق، وإخراج الكلمات من أدواته المخلوقة، ولم يحدث كلمات القرآن، ولا ترتيبه، ولا تأليفه، ولا معانيه.
فلقد أحسن الإمام أبو عبد الله حيث منع من الخوض في المسألة من الطّرفين، إذ كلّ واحدٍ من إطلاق الخلقيّة وعدمها على اللّفظ موهمٌ، ولم يأت به كتابٌ ولا سنّةٌ، بل الّذي لا نرتاب فيه أنّ القرآن كلام الله منزلٌ غير مخلوقٍ - والله أعلم -.
- الحاكم: حدّثنا الأصمّ، سمعت محمّد بن إسحاق الصّغانيّ، سمعت فوران صاحب أحمد يقول:
سألني الأثرم وأبو عبد الله المعيطيّ أن أطلب من أبي عبد الله خلوةً، فأسأله فيها عن أصحابنا الذين يفرّقون بين اللّفظ والمحكيّ.
فسألته، فقال: القرآن كيف تصرّف في أقواله وأفعاله، فغير مخلوقٍ.
فأمّا أفعالنا فمخلوقةٌ.
قلت: فاللّفظيّة تعدّهم يا أبا عبد الله في جملة الجهميّة؟
فقال: لا، الجهميّة الّذين قالوا: القرآن مخلوقٌ.
وبه، قال: وسمعت فوران يقول:
جاءني ابن شدّادٍ برقعةٍ فيها مسائل، وفيها: إنّ لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فضرب أحمد بن حنبلٍ على هذه، وكتب: القرآن حيث تصرّف غير مخلوقٍ.
قال صالح بن أحمد: سمعت أبي يقول: من زعم أنّ أسماء الله مخلوقةٌ، فقد كفر. ). [سير أعلام النبلاء: 11/ 289- 291]

قال محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عثمانَ الذَّهَبيُّ (ت: 748هـ): (قال حسينٌ في القرآن: لفظي به مخلوقٌ، فبلغ قوله أحمد، فأنكره، وقال: هذه بدعةٌ.
فأوضح حسينٌ المسألة، وقال: تلفّظك بالقرآن -يعني: غير الملفوظ-.
وقال في أحمد: أيّ شيءٍ نعمل بهذا الصّبيّ؟ إن قلنا: مخلوقٌ، قال: بدعةٌ، وإن قلنا: غير مخلوقٍ، قال: بدعةٌ.
فغضب لأحمد أصحابه، ونالوا من حسينٍ .
وقال أحمد: إنّما بلاؤهم من هذه الكتب الّتي وضعوها، وتركوا الآثار .
قال ابن عديٍّ: سمعت محمّد بن عبد الله الصّيرفيّ الشّافعيّ يقول لتلامذته:
اعتبروا بالكرابيسيّ، وبأبي ثورٍ، فالحسين في علمه وحفظه لا يعشره أبو ثورٍ، فتكلّم فيه أحمد بن حنبلٍ في باب مسألة اللّفظ، فسقط، وأثنى على أبي ثورٍ، فارتفع للزومه للسّنّة.
مات الكرابيسيّ: سنة ثمانٍ وأربعين.
وقيل: سنة خمسٍ وأربعين ومائتين.
ولا ريب أنّ ما ابتدعه الكرابيسيّ، وحرّره في مسألة التّلفّظ، وأنّه مخلوقٌ هو حقٌّ، لكن أباه الإمام أحمد، لئلاّ يتذرّع به إلى القول بخلق القرآن، فسدّ الباب؛ لأنّك لا تقدر أن تفرز التّلفّظ من الملفوظ الّذي هو كلام الله إلاّ في ذهنك). [سير أعلام النبلاء: 12/ 81- 82]

الشرّاك
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (- حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو نصرٍ، قال: حدّثنا الفضل، قال: حدّثنا أبو طالبٍ، عن أبي عبد اللّه، قال: قلت له: كتب إليّ من طرسوس أنّ الشّرّاك يزعم أنّ القرآن كلام اللّه، فإذا تلوته فتلاوته مخلوقةٌ،
قال: «قاتله اللّه، هذا كلام جهمٍ بعينه»،
قلت: رجلٌ قال في القرآن: كلام اللّه ليس بمخلوقٍ، ولكنّ لفظي هذا به مخلوقٌ؟
قال: «هذا كلام سوءٍ، من قال هذا فقد جاء بالأمر كلّه»
قلت: الحجّة فيه حديث أبي بكرٍ: لمّا قرأ: {الم غلبت الرّوم} [الروم: 2] فقالوا: هذا جاء به صاحبك؟ قال: لا، ولكنّه كلام اللّه،
قال: «نعم، هذا وغيره إنّما هو كلام اللّه، إن لم يرجع عن هذا فاجتنبه، ولا تكلّمه، هذا مثل ما قال الشّرّاك» .
قلت: كذا بلغني.
قال: «أخزاه اللّه، تدري من كان خاله؟»
قلت: لا،
قال: «كان خاله عبدك الصّوفيّ، وكان صاحب كلامٍ ورأي سوءٍ، وكلّ من كان صاحب كلامٍ، فليس ينزع إلى خيرٍ»، واستعظم ذلك واسترجع، وقال: «إلى ما صار أمر النّاس؟»). [الإبانة الكبرى: 5/ 339]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22 ذو الحجة 1434هـ/26-10-2013م, 06:23 PM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

سدّ الذريعة بمنع مسألة اللفظ بالقرآن نفياً وإثباتاً للاشتباه


إنكار الإمام أحمد على من قال: "لفظي بالقرآن غير مخلوق"


قال صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانيّ (ت: 265هـ) : (قال صالح تناهى إلى أن أبا طالب يحكي عن أبي أنه يقول لفظي بالقرآن غير مخلوق فأخبرت أبي بذلك، فقال من أخبرك فقلت فلان.
قال ابعث إلى أبي طالب، فوجهت إليه فجاء وجاء فوران، فقال له أبي: أنا قلت لفظي بالقرآن غير مخلوق _ وغضب وجعل يرعد فقال له: قرأت عليك {قل هو الله أحد} فقلت لي هذا ليس بمخلوق.
قال قلت يحكى عن أبي قلت لك لفظي بالقرآن غير مخلوق
وبلغني أنك وضعت ذلك في كتابك وكتبت به إلى القوم فان كان في كتابك فامحة أشد المحو واكتب إلى القوم الّذين كتبت إليهم إنّي لم اقل لك هذا وغضب واقبل عليه
فقال يحكى عني ما لم اقل لك، فجعل فوران يعتذر إليه وانصرف من عنده وهو مرعوب، فعاد أبو طالب فذكر أنه قد حك ذلك من كتابه وأنه كتب إلى القوم يخبرهم أنه وهم على أبي عبد الله في الحكاية.). [سيرة الإمام أحمد: 70 -71]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458هـ) : ( - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، في التاريخ، ثنا أبو بكر محمد بن أبي الهيثم المطوعي ببخارى، ثنا محمد بن يوسف الفربري، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري يقول: سمعت عبيد الله بن سعيد يعني أبا قدامة، يقول: سمعت يحيى بن سعيد يعني القطان، يقول: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون: أفعال العباد مخلوقة.
قال أبو عبد الله البخاري: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق، قال الله عز وجل (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم).
قال الشيخ الأستاذ الإمام رحمه الله: وهذا القول لا يخالف قول أحمد بن حنبل رحمه الله. وقد روينا عنه في كتاب الأسماء والصفات أنه أنكر على تلميذه أبي طالب قوله: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وكره الكلام في اللفظ.
- وسمعت أبا عمرو الأديب يقول: سمعت أبا بكر الإسماعيلي يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن ناجية يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، يريد به القرآن، فهو كافر .
قال الشيخ رضي الله عنه: فإنما أنكر قول من تذرع بهذا إلى القول بخلق القرآن، وكان يستحب ترك الكلام فيه لهذا المعنى، والله أعلم.). [كتاب الاعتقاد: ؟؟]
قال محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عثمانَ الذَّهَبيُّ (ت: 748هـ): (وقال صالح بن أحمد: تناهى إلى أبي أنّ أبا طالبٍ يحكي أنّه يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ.
فأخبرت بذلك أبي، فقال: من حدّثك؟
قلت: فلانٌ.
قال: ابعث إلى أبي طالبٍ.
فوجّهت إليه، فجاء، وجاء فوران، فقال له أبي: أنا قلت لك: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ؟!
وغضب، وجعل يرعد، فقال: قرأت عليك: {قل هو الله أحدٌ} [الإخلاص: 1]، فقلت لي: ليس هذا بمخلوقٍ.
قال: فلم حكيت عنّي أنّي قلت: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ؟ وبلغني أنّك كتبت بذلك إلى قومٍ، فامحه، واكتب إليهم أنّي لم أقله لك.
فجعل فوران يعتذر إليه، فعاد أبو طالبٍ، وذكر أنّه حكى ذلك، وكتب إلى القوم يقول: وهمت على أبي عبد الله.
قلت: الّذي استقرّ الحال عليه أنّ أبا عبد الله كان يقول:
من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فهو مبتدعٌ، وأنّه قال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ.
فكان -رحمه الله- لا يقول هذا ولا هذا، وربّما أوضح ذلك، فقال:
من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ - يريد به القرآن - فهو جهميٌّ.). [سير أعلام النبلاء: 11/288]
قال أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني (ت:728هـ) : (ومِن الإِيمانِ باللهِ وكُتُبِهِ الإِيمانُ بأَنَّ القرآنَ: كَلامُ اللهِ، مُنَزَّلٌ، غَيْرُ مَخْلوقٍ، منهُ بَدَأَ، وإِليهِ يَعودُ، وأَنَّ اللهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقيقةً، وأَنَّ هذا القرآنَ الَّذي أَنْزَلَهُ على محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُو كلامُ اللهِ حقيقةً، لا كَلامَ غيرِهِ.
ولا يجوزُ إِطلاقُ القَوْلِ بأَنَّهُ حِكايةٌ عَنْ كلامِ اللهِ، أَو عِبارَةٌ، بلْ إِذا قَرَأَهُ النَّاسُ أَوْ كَتَبُوهُ في المصاحِفِ؛ لمْ يخْرُجْ بذلك عنْ أَنْ يَكونَ كَلامَ اللهِ تعالى حَقيقةً، فإِنَّ الكلامَ إِنَّما يُضَافُ حقيقةً إِلى مَنْ قالَهُ مُبْتَدِئاً، لا إِلى مَن قالَهُ مُبَلِّغاً مُؤدِّياً.
وهُوَ كَلامُ اللهِ؛ حُروفُهُ، ومَعانيهِ، ليسَ كَلامُ اللهِ الحُروفَ دُونَ المَعاني، ولا المَعانِيَ دُونَ الحُروفِ). [العقيدة الواسطية:؟؟]
- قال زيد بن عبد العزيز الفياض (ت: 1416هـ) : ( وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي مُسَمَّى الكَلامِ فِي الأَصْلِ فَقِيلَ: هُوَ اسْمُ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى المَعْنَى، وَقِيلَ: المَعْنَى المَدْلُولُ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ وَقِيلَ لكُلٍّ مِنْهُمَا بِطَرِيقِ الاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ اسْمٌ عَامٌّ لهُمَا جميعاً يَتَنَاوَلُهُمَا عِنْدَ الإِطْلاقِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ التَّقْيِيدِ يُرَادُ بِهِ هَذَا تَارَةً، وَهَذَا تَارَةً.
هَذَا قَوْلُ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الفُقَهَاءِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا القَوْلُ لا يُعْرَفُ فِي كَثِيرٍ مِن الكُتُبِ، فَتَنَازُعُهُمْ فِي مُسَمَّى النُّطْقِ كَتَنَازُعِهِمْ فِي مُسَمَّى النَّاطِق،ِ فَمَنْ سَمَّى شخصاً مُحمَّداً وَإِبْرَاهِيمَ وَقَالَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ وَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ لمْ يَكُنْ هَذَا مُحمَّداً وَإِبْرَاهِيمَ المَذْكُورَيْنِ فِي القُرْآنِ، وَلَوْ قَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ خَليلُ اللَّهِ يَعْنِي بِهِ خَاتَمَ الرُّسُلِ وَخَليلَ الرَّحْمَنِ لكَانَ قَدْ تَكَلَّمَ بِمُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ اللَّذينِ فِي القُرْآنِ، لكِنْ قَدْ تَكَلَّمَ بِالاسْمِ وَأَلَّفَهُ كلاماً فَهُوَ كَلامُهُ لمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ فِي القُرْآنِ العَرَبِيِّ الذي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ، فَالحُرُوفُ الَّتِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَإِذَا كُتِبَتْ فِي المُصْحَفِ قِيلَ: كَلامُ اللَّهِ المَكْتُوبُ فِي المُصْحَفِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَمَّا نَفْسُ أَصْوَاتِ العِبَادَ فَمَخْلُوقَةٌ، وَالمِدَادُ مَخْلُوقٌ، وَشَكْلُ المِدَادِ مَخْلُوقٌ.
وَلهَذَا كَانَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ مِن أَئِمَّةِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: مَن قَالَ اللَّفْظُ بِالقُرْآنِ أَوْ لفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ.
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ مَن قَالَ: لفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوقٌ - يَعْنِي بِهِ القُرْآنَ - فَهُوَ جَهْمِيٌّ؛ لأَنَّ اللَّفْظَ يُرَادُ بِهِ مَصْدَرُ لفِظَ يَلْفِظُ لفْظاً. وَمُسَمَّى هَذَا فِعْلُ العَبْدِ، وَفِعْلُ العَبْدِ مَخْلُوقٌ، وَيُرَادُ بِاللَّفْظِ القَوْلُ الذي يَلْفِظُ بِهِ اللافِظُ وَذَلكَ كَلامُ اللَّهِ لا كَلامُ القَارِئِ، فَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ فَقَدْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لمْ يَتَكَلَّمْ بِهَذَا القُرْآنِ وَأَنَّ هَذَا الذي يَقْرَؤُهُ المُسْلمُونَ ليْسَ هُوَ كَلامَ اللَّهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا عُلِمَ بِالاضْطِرَارِ مِن دِينِ الرَّسُولِ، وَأَمَّا صَوْتُ العَبْدِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ.
وَقَدْ صَرَّحَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الصَّوْتَ المَسْمُوعَ صَوْتُ العَبْدِ وَلَمْ يَقُلْ أَحْمَدُ قَطُّ: مَن قَالَ: إِنَّ صَوْتِيَ بِالقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ وَإِنَّمَا قَالَ: مَن قَالَ: لفْظِي بِالقُرْآنِ.
وَالفَرْقُ بَيْنَ لفْظِ الكَلامِ وَصَوْتِ المُبَلِّغِ لهُ فَرْقٌ وَاضِحٌ، فَكُلُّ مَن بَلَّغَ كَلامَ غَيْرِهِ بِلَفْظِ ذَلكَ الرَّجُلِ فَإِنَّمَا بَلَّغَ لفْظَ ذَلكَ الغَيْرِ لا لفْظَ نَفْسِهِ، وَهُوَ إِنَّمَا بَلَّغَهُ بِصَوْتِ نَفْسِهِ لا بِصَوْتِ ذَلكَ الغَيْرِ وَنَفْسِ اللَّفْظِ والتِّلاوةِ وَالقِرَاءةِ وَالكِتَابَةِ وَنَحْوِ ذَلكَ لَمَّا كَانَ يُرَادُ بِهِ المَصْدَرُ الذي هُوَ حَرَكَاتُ العِبَادِ وَمَا يَحْدُثُ عَنْهَا مِن أَصْوَاتِهِمْ وَشَكْلِ المِدَادِ، وَيُرَادُ بِهِ نَفْسُ الكَلامِ الذي يَقْرَؤُهُ التَّالي وَيَتْلُوهُ وَيَلْفِظُ بِهِ وَيَكْتُبُهُ، مَنَعَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِن إِطْلاقِ النَّفْيِ وَالإِثْبَاتِ الذي يَقْتَضِي جَعْلَ صِفَاتِ اللَّهِ مَخْلُوقَةً أَوْ جَعْلَ صِفَاتِ العِبَادِ ومِدادَهُمْ غَيْرَ مَخْلُوقٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: نَقُولُ: القُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ حَيْثُ تَصَرَّفَ - أَيْ حَيْثُ تُلِيَ وَكُتِبَ وَقُرِئَ مِمَّا هُوَ فِي نَفْسِ الأَمْرِ كَلامُ اللَّهِ فَهُوَ كَلامُهُ، وَكَلامُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَا كَانَ مِن صِفَاتِ العِبَادِ وَأَفْعَالهِمُ الَّتِي يَقْرَءُونَ وَيَكْتُبُونَ بِهَا كَلامَهُ كَأَصْوَاتِهِمْ ومِدادِهم فَهُوَ مَخْلُوقٌ. وَلهَذَا مَن لمْ يَهْتَدِ إِلَى هَذَا الفَرْقِ يَحَارُ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ القُرْآنَ وَاحِدٌ وَيَقْرَؤُهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَالقُرْآنُ لا يَكْثُرُ فِي نَفْسِهِ بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ القُرَّاءِ وَإِنَّمَا يَكْثُرُ مَا يَقْرَءُونَ بِهِ القُرْآنَ، فَمَا يَكْثُرُ وَيَحْدُثُ فِي العِبَادِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ، وَالقُرْآنُ نَفْسُهُ لفْظُهُ وَمَعْنَاهُ الذي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ وَسَمِعَهُ جِبْرِيلُ مِن اللَّهِ وَسَمِعَهُ مُحَمَّـدٌ مِن جِبْرِيلَ وَبَلَّغَهُ مُحَمَّدٌ إِلَى النَّاسِ وَأَنْذَرَ بِهِ الأُمَمَ لقَوْلهِ تَعَالَى:{ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } ـ قُرْآنٌ وَاحِدٌ وَهُوَ كَلامٌ اللَّهِ ليْسَ بِمَخْلُوقٍ.

بيان الفرق بين التلفّظ والملفوظ

وَأَمَّا إِنْكَارُ أَحْمَدَ عَلَى مَن قَالَ لفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوقٌ أَوْ قَالَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ فَقَصْدُهُ أَنَّ اللَّفْظَ يُرَادُ بِهِ أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: المَلْفُوظُ نَفْسُهُ وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ للْعَبْدِ وَلا فِعْلَ لهُ فِيهِ.
وَالثَّانِي: التَّلَفُّـظُ بِهِ وَالأَدَاءُ لهُ وَهُوَ فِعْلُ العَبْد،ِ فَإِطْلاقُ الخَلْقِ عَن اللَّفْظِ قَدْ يُوهِمُ المَعْنَى الأَوَّلَ وَهُوَ خَطَأٌ، وَإِطْلاقُ نَفْيِ الخَلْقِ عَلَيْهِ قَدْ يُوهِمُ المَعْنَى الثَّانِيَ وَهُوَ خَطَأٌ، فَمَنَعَ الإطْلاقَيْنِ.). [الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية: ؟؟] (م)


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة