العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء الذاريات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 جمادى الآخرة 1434هـ/15-04-2013م, 09:43 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي تفسير سورة الواقعة [ من الآية (7) إلى الآية (26) ]

{وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ (18) لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا (25) إِلاَّ قِيلاً سَلامًا سَلامًا (26)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الناسخ والمنسوخ الآية رقم (14،13)
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 رجب 1434هـ/14-05-2013م, 06:00 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة وكنتم أزواجا ثلاثة قال منازل الناس يوم القيامة). [تفسير عبد الرزاق: 2/269]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عوفٍ عن عبد اللّه بن الحرث قال قرأ كعب: (ثم أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن الله) قال: في الجنة [الآية: 32].
سفيان [الثوري] عن جابرٍ عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ قال: هي بمنزلة الآية التي في الواقعة {وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون} [الآية: 7 - 11 من الواقعة]). [تفسير الثوري: 246-247] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكنتم أزواجًا ثلاثةً (7) فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة (8) وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة (9) والسّابقون السّابقون (10) أولئك المقرّبون (11) في جنّات النّعيم}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: وكنتم أيّها النّاس أنواعًا ثلاثةً وضروبًا.
- كما: حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {وكنتم أزواجًا ثلاثةً}. قال: منازل النّاس يوم القيامة). [جامع البيان: 22/286]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والسّابقون السّابقون}. وهم الزّوج الثّالث وهم الّذين سبقوا إلى الإيمان باللّه ورسوله، وهم المهاجرون الأوّلون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا عبيد اللّه يعني العتكيّ، عن عثمان بن عبد اللّه بن سراقة، قوله: {وكنتم أزواجًا ثلاثةً}. قال: اثنان في الجنّة وواحدٌ في النّار، يقول: الحور العين للسّابقين، والعرب الأتراب لأصحاب اليمين.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {وكنتم أزواجًا ثلاثةً}. قال: منازل النّاس يوم القيامة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا هوذة قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن، في قوله: {وكنتم أزواجًا ثلاثةً (7) فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة (8) وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة (9) والسّابقون السّابقون (10) أولئك المقرّبون}. قال: {ثلّةٌ من الأوّلين (13) وثلّةٌ من الآخرين}. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: سوّى بين أصحاب اليمين من الأمم الماضية، وبين أصحاب اليمين من هذه الأمّة، وكان السّابقون من الأمم أكثر من سابقي هذه الأمّة.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة}. أي ماذا لهم، وماذا أعدّ لهم {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة}. أي ماذا لهم وماذا أعدّ لهم {والسّابقون السّابقون}. أي من كلّ أمّةٍ.
- حدّثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: سمعت ابن زيدٍ، يقول: وجدت الهوى ثلاثة أثلاثٍ، فالمرء يجعل هواه علمه، فيدال هواه على علمه، ويقهر هواه علمه، حتّى إنّ العلم مع الهوى قبيحٌ ذليلٌ، والعلم ذليل الهوى غالبٌ قاهرٌ، فهذا الّذي قد جعل الهوى والعلم في قلبه، فهذا من أزواج النّار، وإذا كان ممّن يريد اللّه به خيرًا استفاق واستنبه، فإذا هو عونٌ للعلم على الهوى حتّى يديل اللّه العلم على الهوى، فإذا حسنت حال المؤمن، واستقامت طريقته كان الهوى ذليلاً، وكان العلم غالبًا قاهرًا، فإذا كان ممّن يريد اللّه به خيرًا، ختم عمله بإدالة العلم، فتوفّاه حين توفّاه، وعلمه هو القاهر، وهو العامل به، وهواه الذّليل القبيح، ليس له في ذلك نصيبٌ ولا فعلٌ، والثّالث: الّذي قبّح اللّه هواه بعلمه، فلا يطمع هواه أن يغلب العلم، ولا أن يكون له مع العلم نصفٌ ولا نصيبٌ، فهذا الثّالث، وهو خيرهم كلّهم، وهو الّذي قال اللّه عزّ وجلّ في سورة الواقعة: {وكنتم أزواجًا ثلاثةً} قال: فزوجان في الجنّة، وزوجٌ في النّار قال: والسّابق الّذي يكون العلم غالبًا للهوى، والآخر: الّذي ختم اللّه بإدالة العلم على الهوى، فهذان زوجان في الجنّة، والآخر: هواه قاهرٌ لعلمه، فهذا زوج النّار.
واختلف أهل العربيّة في رفع أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة، فقال بعض نحويّي البصرة: خبر قوله: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة }. وخبر قوله: {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة }. قال: ويقول زيدٌ: ما زيدٌ، يريد: زيدٌ شديدٌ وقال غيره: قوله: {ما أصحاب الميمنة}. لا تكون الجملة خبره، ولكن الثّاني عائدٌ على الأوّل، وهو تعجّبٌ، فكأنّه قال: أصحاب الميمنة ما هم، والقارعة ما هي، والحاقّة ما هي؟ فكان الثّاني عائدٌ على الأوّل، وكان تعجّبًا، والتّعجّب بمعنى الخبر، ولو كان استفهامًا لم يجز أن يكون خبرًا للابتداء، لأنّ الاستفهام لا يكون خبرًا، والخبر لا يكون استفهامًا، والتّعجّب يكون خبرًا، فكان خبرًا الابتداء وقوله: زيدٌ وما زيدٌ، لا يكون إلاّ من كلامين، لأنّه لا تدخل الواو في خبر الابتداء، كأنّه قال: هذا زيدٌ وما هو: أي ما أشدّه وما أعلمه.
واختلف أهل التّأويل في المعنيّين بقوله: {والسّابقون السّابقون}. فقال بعضهم: هم الّذين صلّوا القبلتين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن خارجة، عن قرّة، عن ابن سيرين، {والسّابقون السّابقون}. الّذين صلّوا القبلتين.
وقال آخرون في ذلك ما:
- حدّثني به عبد الكريم بن أبي عميرٍ قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ قال: حدّثنا أبو عمرٍو قال: حدّثنا عثمان بن أبي سودة قال: {والسّابقون السّابقون}. أوّلهم رواحًا إلى المساجد، وأسرعهم خفوقًا في سبيل اللّه.
والرّفع في السّابقين من وجهين: أحدهما: أن يكون الأوّل مرفوعًا بالثّاني، ويكون معنى الكلام حينئذٍ: والسّابقون الأوّلون، كما يقال: السّابق الأوّل، والثّاني أن يكون مرفوعًا بقوله {أولئك المقرّبون}. فيكون قوله: {السّابقون}. الثّانية توكيدًا للأوّل، تشديدًا له). [جامع البيان: 22/287-290]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7 - 20
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: أصنافا). [الدر المنثور: 14/177]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: هي التي في سورة الملائكة (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) (سورة فاطر الآية 32) ). [الدر المنثور: 14/177]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: هذا حين تزايلت بهم المنازل هم أصحاب اليمين وأصحاب الشمال والسابقون). [الدر المنثور: 14/177]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: منازل الناس يوم القيامة {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} قال: ماذا لهم وماذا أعد لهم {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} قال: ماذا لهم وماذا أعد لهم {والسابقون السابقون} قال: السابقون من كل أمة). [الدر المنثور: 14/177-178]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير عن الحسن في قوله: {وكنتم أزواجا ثلاثة} إلى قوله: {وثلة من الآخرين} قال: سوى بين أصحاب اليمين من الأمم الماضية وبين أصحاب اليمين من هذه الأمة وكان السابقون من الأولين أكثر من سابقي هذه الأمة). [الدر المنثور: 14/178]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل). [الدر المنثور: 14/247-248] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة}. وهذا بيانٌ من اللّه عن الأزواج الثّلاثة، يقول جلّ ثناؤه: وكنتم أزواجًا ثلاثةً: أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة، والسّابقون، فجعل الخبر عنهم مغنيًا عن البيان عنهم، على الوجه الّذي ذكرنا، لدلالة الكلام على معناه قال: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة}. يعجّب نبيّه منهم، وقال: {ما أصحاب اليمين}. الّذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنّة، أيّ شيءٍ أصحاب اليمين). [جامع البيان: 22/286]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: منازل الناس يوم القيامة {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} قال: ماذا لهم وماذا أعد لهم {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} قال: ماذا لهم وماذا أعد لهم {والسابقون السابقون} قال: السابقون من كل أمة). [الدر المنثور: 14/177-178] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة). [الدر المنثور: 14/247-248] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة}. يقول تعالى ذكره: وأصحاب الشّمال الّذين يؤخذ بهم ذات الشّمال إلى النّار، والعرب تسمّي اليد اليسرى: الشّؤمى؛ ومنه قول أعشى بني ثعلبة:
فأنحى على شؤمى يديه فذادها بأظمأ من فرغ الذّؤابة أسحما). [جامع البيان: 22/287]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: منازل الناس يوم القيامة {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} قال: ماذا لهم وماذا أعد لهم {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} قال: ماذا لهم وماذا أعد لهم {والسابقون السابقون} قال: السابقون من كل أمة). [الدر المنثور: 14/177-178] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم). [الدر المنثور: 14/247-248] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والسّابقون السّابقون}. وهم الزّوج الثّالث وهم الّذين سبقوا إلى الإيمان باللّه ورسوله، وهم المهاجرون الأوّلون.
.....
واختلف أهل التّأويل في المعنيّين بقوله: {والسّابقون السّابقون}. فقال بعضهم: هم الّذين صلّوا القبلتين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن خارجة، عن قرّة، عن ابن سيرين، {والسّابقون السّابقون}. الّذين صلّوا القبلتين.
وقال آخرون في ذلك ما:
- حدّثني به عبد الكريم بن أبي عميرٍ قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ قال: حدّثنا أبو عمرٍو قال: حدّثنا عثمان بن أبي سودة قال: {والسّابقون السّابقون}. أوّلهم رواحًا إلى المساجد، وأسرعهم خفوقًا في سبيل اللّه.
والرّفع في السّابقين من وجهين: أحدهما: أن يكون الأوّل مرفوعًا بالثّاني، ويكون معنى الكلام حينئذٍ: والسّابقون الأوّلون، كما يقال: السّابق الأوّل، والثّاني أن يكون مرفوعًا بقوله {أولئك المقرّبون}. فيكون قوله: {السّابقون}. الثّانية توكيدًا للأوّل، تشديدًا له). [جامع البيان: 22/287-290] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: منازل الناس يوم القيامة {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} قال: ماذا لهم وماذا أعد لهم {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} قال: ماذا لهم وماذا أعد لهم {والسابقون السابقون} قال: السابقون من كل أمة). [الدر المنثور: 14/177-178] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {والسابقون السابقون} قال: يوشع بن نون سبق إلى موسى ومؤمن آل يس سبق إلى عيسى وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه سبق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 14/178]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السابقون يوم القيامة أربعة فأنا سابق العرب وسلمان سابق فارس وبلال سابق الحبشة وصهيب سابق الروم). [الدر المنثور: 14/178]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم البيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {والسابقون السابقون (10) أولئك المقربون} أول من يدخل المسجد وآخر من يخرج منه). [الدر المنثور: 14/178-179]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عثمان بن أبي سودة مولى عبادة بن الصامت قال: بلغنا في هذه الآية {والسابقون السابقون} أنهم السابقون إلى المساجد والخروج في سبيل الله). [الدر المنثور: 14/179]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {والسابقون السابقون} قال: من كل أمة.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة مثله). [الدر المنثور: 14/179]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {والسابقون السابقون} قال: نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار الذي ذكر في يس وعلي بن أبي طالب وكل رجل منهم سابق أمته وعلي أفضلهم سبقا). [الدر المنثور: 14/179]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وإذا النفوس زوجت} قال: الضرباء كل رجل مع قوم كانوا يعملون بعمله وذلك بأن الله تعالى يقول: {وكنتم أزواجا ثلاثة (7) فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة (8) وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة (9) والسابقون السابقون} قال: هم الضرباء). [الدر المنثور: 14/179-180]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين). [الدر المنثور: 14/247-248] (م)

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله {أولئك المقرّبون}. يقول جلّ ثناؤه: أولئك الّذين يقرّبهم اللّه منه يوم القيامة إذا أدخلهم الجنّة). [جامع البيان: 22/290]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم). [الدر المنثور: 14/247-248] (م)

تفسير قوله تعالى: (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {في جنّات النّعيم}. يقول: في بساتين النّعيم الدّائم). [جامع البيان: 22/290]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم). [الدر المنثور: 14/247-248] (م)

تفسير قوله تعالى: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ثلّةٌ} [الواقعة: 13] : «أمّةٌ»). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ثلّةٌ أمة وصله الفريابيّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ به وقال أبو عبيدة الثلّة الجماعة والثلة البقيّة وعند بن أبي حاتمٍ من طريق ميمون بن مهران في قوله ثلّةٌ قال كثيرٌ). [فتح الباري: 8/626]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال عبد بن حميد ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 39 الواقعة {ثلة من الأوّلين} قال أمة). [تغليق التعليق: 4/335] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ثلةٌ أمةٌ
أي: معنى قوله تعالى: {ثلة من الأوّلين} (الواقعة: 93) أمة. وقيل: فرقة). [عمدة القاري: 19/218]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ثلة}) أي (أمة) {من الأولين} من الأمم الماضية من لدن آدم إلى محمد عليه الصلاة والسلام، {وقليل من الآخرين} [الواقعة: 14] ممن آمن بمحمد -صلّى اللّه عليه وسلّم- جعلنا الله منهم بكرمه. قال في الأنوار ولا يخالف ذلك قوله عليه الصلاة والسلام أن أمتي يكثرون سائر الأمم لجواز أن يكون سابقو سائر الأمم أكثر من سابقي هذه الأمة وتابعو هذه أكثر من تابعيهم). [إرشاد الساري: 7/372]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثلّةٌ من الأوّلين (13) وقليلٌ مّن الآخرين (14) على سررٍ موضونةٍ (15) متّكئين عليها متقابلين (16) يطوف عليهم ولدانٌ مخلّدون (17) بأكوابٍ وأباريق وكأسٍ من معينٍ (18) لا يصدّعون عنها ولا ينزفون (19) وفاكهةٍ ممّا يتخيّرون (20) ولحم طيرٍ ممّا يشتهون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: جماعةٌ من الأمم الماضية، وقليلٌ من أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهم الآخرون وقيل لهم الآخرون: لأنّهم آخر الأمم). [جامع البيان: 22/291]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ثلّةٌ من الأوّلين} [الواقعة: 13].
- عن أبي هريرة قال: لمّا نزلت {ثلّةٌ من الأوّلين (13) وقليلٌ من الآخرين} [الواقعة: 13] شقّ ذلك على المسلمين، فنزلت {ثلّةٌ من الأوّلين (39) وثلّةٌ من الآخرين} [الواقعة: 39].
رواه أحمد من حديث محمّدٍ بيّاع الملاء عن أبيه، ولم أعرفهما، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن أبي بكرة «عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - في قوله {ثلّةٌ من الأوّلين (39) وثلّةٌ من الآخرين} [الواقعة: 39 - 40] قال: " جميعهما من هذه الأمّة».
رواه الطّبرانيّ بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصّحيح غير عليّ بن زيدٍ وهو ثقةٌ سيّئ الحفظ). [مجمع الزوائد: 7/118-119]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال يونس: ثنا الطيالسي، وثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عليّ بن زيدٍ، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة- رضي اللّه عنه- "في قوله عزّ وجلّ: (ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين) قال: كلتاهما من هذه الأمة".
وروى هذا الحديث الحجاج، عن حماد بن سلمة ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
- رواه مسدد: مرفوعاً وموقوفاً فقال: ثنا خاقان بن عبد الله بن الأهتم، عن علي بن زيد، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم "في قوله تعالى: (ثلة من الأولين) ... " فذكره.
- قال مسدّدٌ: وثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عليّ بن زيد، سمعت عقبة بن صهبان يحدث عن أبي بكرة ... فذكره موقوفاً.
قلت: مدار هذه الأسانيد على عليّ بن زيدٍ وهو ضعيفٌ، لكن له شاهدٌ من حديث أبي هريرة، رواه أحمد بن حنبلٍ في مسنده). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/282-283]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو داود ومسدّدٌ جميعًا: حدثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عليّ بن زيدٍ، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة رضي الله عنه في قوله عزّ وجلّ {ثلّةٌ من الأوّلين (13) وقليلٌ من الآخرين} قال: كلتاهما من هذه الأمّة.
رواه الحجّاج، عن حمّاد بن سلمة، عن عليٍّ مرفوعًا.
- وقال مسدّدٌ: حدثنا خاقان بن عبد اللّه بن الأهتم، عن عليّ بن زيدٍ، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم به). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/317-318]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير عن الحسن في قوله: {وكنتم أزواجا ثلاثة} إلى قوله: {وثلة من الآخرين} قال: سوى بين أصحاب اليمين من الأمم الماضية وبين أصحاب اليمين من هذه الأمة وكان السابقون من الأولين أكثر من سابقي هذه الأمة). [الدر المنثور: 14/178] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله: {ثلة} قال: أمة). [الدر المنثور: 14/180]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: لما نزلت {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين} شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت {ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ثلث أهل الجنة بل أنتم نصف أهل الجنة أو شطر أهل الجنة وتقاسمونهم الشطر الثاني). [الدر المنثور: 14/180]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر من طريق عروة بن رويم، عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت {إذا وقعت الواقعة} ذكر فيها {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين} قال عمر: يا رسول الله: {ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر تعال فاستمع ما قد أنزل الله {ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين} ألا وإن آدم إلي ثلة وأمتي ثلة ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين باسودان من رعاة الإبل ممن يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن عروة بن رويم مرسلا). [الدر المنثور: 14/180-181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: لما نزلت {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين} حزن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إذا لا يكون من أمة محمد إلاقليل فنزلت نصف النهار {ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين} وتقابلون الناس فنسخت الآية {وقليل من الآخرين}). [الدر المنثور: 14/181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ثلة من الأولين} قال: ممن سبق {وقليل من الآخرين} قال: من هذه الأمة). [الدر المنثور: 14/181]

تفسير قوله تعالى: (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثلّةٌ من الأوّلين (13) وقليلٌ مّن الآخرين (14) على سررٍ موضونةٍ (15) متّكئين عليها متقابلين (16) يطوف عليهم ولدانٌ مخلّدون (17) بأكوابٍ وأباريق وكأسٍ من معينٍ (18) لا يصدّعون عنها ولا ينزفون (19) وفاكهةٍ ممّا يتخيّرون (20) ولحم طيرٍ ممّا يشتهون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: جماعةٌ من الأمم الماضية، وقليلٌ من أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهم الآخرون وقيل لهم الآخرون: لأنّهم آخر الأمم). [جامع البيان: 22/291] (م)
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال يونس: ثنا الطيالسي، وثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عليّ بن زيدٍ، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة- رضي اللّه عنه- "في قوله عزّ وجلّ: (ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين) قال: كلتاهما من هذه الأمة".
وروى هذا الحديث الحجاج، عن حماد بن سلمة ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
- رواه مسدد: مرفوعاً وموقوفاً فقال: ثنا خاقان بن عبد الله بن الأهتم، عن علي بن زيد، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم "في قوله تعالى: (ثلة من الأولين) ... " فذكره.
- قال مسدّدٌ: وثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عليّ بن زيد، سمعت عقبة بن صهبان يحدث عن أبي بكرة ... فذكره موقوفاً.
قلت: مدار هذه الأسانيد على عليّ بن زيدٍ وهو ضعيفٌ، لكن له شاهدٌ من حديث أبي هريرة، رواه أحمد بن حنبلٍ في مسنده). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/282-283]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو داود ومسدّدٌ جميعًا: حدثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عليّ بن زيدٍ، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة رضي الله عنه في قوله عزّ وجلّ {ثلّةٌ من الأوّلين (13) وقليلٌ من الآخرين} قال: كلتاهما من هذه الأمّة.
رواه الحجّاج، عن حمّاد بن سلمة، عن عليٍّ مرفوعًا.
- وقال مسدّدٌ: حدثنا خاقان بن عبد اللّه بن الأهتم، عن عليّ بن زيدٍ، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم به). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/317-318] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير عن الحسن في قوله: {وكنتم أزواجا ثلاثة} إلى قوله: {وثلة من الآخرين} قال: سوى بين أصحاب اليمين من الأمم الماضية وبين أصحاب اليمين من هذه الأمة وكان السابقون من الأولين أكثر من سابقي هذه الأمة). [الدر المنثور: 14/178] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ثلة من الأولين} قال: ممن سبق {وقليل من الآخرين} قال: من هذه الأمة). [الدر المنثور: 14/181] (م)

تفسير قوله تعالى: (عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني أشهل، عن حصينٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ في: السّرر الموضونة، قال: مرمولةٌ بالذهب؛ وقال: {على الأرائك}، قال: على السّرر في الحجال). [الجامع في علوم القرآن: 1/136]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة على سرر موضونة قال مرملة مشبكة). [تفسير عبد الرزاق: 2/270]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({موضونةٍ} [الواقعة: 15] : " منسوجةٍ، ومنه: وضين النّاقة). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله موضونة منسوجةٍ ومنه وضين النّاقة سقط هنا لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في صفة الجنّة أيضًا). [فتح الباري: 8/626]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (موضونةٍ: منسوجةٍ. ومنه وضين النّاقة
أشار به إلى قوله تعالى: {على سرر موضونة} (الواقعة: 15) أي: منسوجة ولم يثبت هذا إلاّ لأبي ذر، وقد تقدم في صفة الجنّة. قوله: (موضونة) ، مرمولة مشبكة بالذّهب وبالجواهر قد أدخل بعضها في بعض مضاعفة كما يوضن حلق الدرع. قوله: (ومنه) ، أي: ومن هذا الباب (وضين النّاقة) وهو بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرجل على البعير كالحزام للسرج). [عمدة القاري: 19/219]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({موضونة}) أي (منسوجة) أصله من وضنت الشيء أي ركبت بعضه على بعض (ومنه وضين الناقة) وهو حزامها لتراكب طاقاته، وقيل موضونة أي منسوجة بقضبان الذهب مشبكة بالدرّ والياقوت). [إرشاد الساري: 7/373]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({على سررٍ موضونةٍ}. يقول: فوق سررٍ منسوجةٍ، قد أدخل بعضها في بعضٍ، كما يوضن حلق الدّرع بعضها في بعضٍ مضاعفةً؛ ومنه قول الأعشى:
ومن نسج داود موضونةً تساق مع الحيّ عيرًا فعيرا.
ومنه وضين النّاقة، وهو البطان من السّيور إذا نسج بعضه على بعضٍ مضاعفًا كالحلق حلق الدّرع وقيل: وضينٌ، وإنّما هو موضونٌ، صرف من مفعولٍ إلى فعيلٍ، كما قيل: قتيلٌ لمقتولٍ، وحكي سماعًا من بعض العرب: فإذا الآجرّ موضونٌ بعضه على بعضٍ، يراد مشرّجٌ صفيفٌ.
وقيل: إنّما قيل لها سررٌ موضونةٌ، لأنّها مشبّكةٌ بالذّهب والجوهر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا مؤمّلٌ قال: حدّثنا سفيان قال: حدّثنا حصينٌ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، {على سررٍ موضونةٍ}. قال: مرمولةٍ بالذّهب.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن الحصين، عن مجاهدٍ، {على سررٍ موضونةٍ} قال: مرمولةٍ بالذّهب.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {على سررٍ موضونةٍ}. قال: يعني الأسرّة المرمّلة.
- حدّثنا هنّادٌ قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن حصينٍ، عن مجاهدٍ قال: الموضونة: المرمّلة بالذّهب.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا الحسين بن واقدٍ، عن يزيد، عن عكرمة، قوله {على سررٍ موضونةٍ}. قال: مشبّكةٍ بالدّرّ والياقوت.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {موضونةٍ}. قال: مرمولةٍ بالذّهب.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {على سررٍ موضونةٍ}. والموضونة: المرمولة، وهي أوثر السّرر.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا سليمان قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة، في قوله: {موضونةٍ}. قال: مرمولةٍ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {على سررٍ موضونةٍ}. قال: مرمّلةٍ مشبّكةٍ.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {على سررٍ موضونةٍ}. الوضن: التّشبيك والنّسج، يقول: وسطها مشبّكٌ منسوجٌ.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {على سررٍ موضونةٍ} الموضونة: المرمولة بالجلد ذاك الوضين منسوجةٌ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنّها مصفوفةٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {على سررٍ موضونةٍ}. يقول: مصفوفةٍ). [جامع البيان: 22/291-294]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد على سرر موضونة يعني مرمولة بالذهب). [تفسير مجاهد: 2/646]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا شيبان عن جابر عن عكرمة قال هي المرافق بين الفرش). [تفسير مجاهد: 2/646]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله: {على سرر موضونة} قال: مصفوفة). [الدر المنثور: 14/181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وهناد، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله: {على سرر موضونة} قال: مرمولة بالذهب). [الدر المنثور: 14/181-182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وهناد، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {موضونة} قال: مرمولة بالذهب.
وأخرج هناد عن سعيد بن جبير مثله). [الدر المنثور: 14/182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال: الموضونة المرملة وهو أوثق الأسرة). [الدر المنثور: 14/182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {على سرر موضونة} قال: الموضونة ما توضن بقضبان الفضة عليها سبعون فراشا قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول:
أعددت للهيجاء موضونة * فضفاضة بالنهي بالباقع). [الدر المنثور: 14/182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت). [الدر المنثور: 14/247-248] (م)

تفسير قوله تعالى: (مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {متّكئين عليها متقابلين}. يقول تعالى ذكره متّكئين على السّرر الموضونة، متقابلين بوجوههم، لا ينظر بعضهم إلى قفا بعضٍ.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {على سررٍ متقابلين}. قال: لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه.
وذكر أنّ ذلك في قراءة ابن مسعودٍ: متّكئين عليها ناعمين.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن أبي إسحاق، في قراءة عبد اللّه، يعني ابن مسعودٍ متّكئين عليها ناعمين.
وقد بيّنّا ذلك في غير هذا الموضع، وذكرنا ما فيه من الرّواية). [جامع البيان: 22/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد {متكئين عليها متقابلين} قال: لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه.
وأخرج ابن جرير عن ابن إسحاق قال في قراءة عبد الله: [ متكئين عليها ناعمين ] ). [الدر المنثور: 14/183]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا). [الدر المنثور: 14/247-248] (م)

تفسير قوله تعالى: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يطوف عليهم ولدانٌ مخلّدون}. يقول تعالى ذكره: يطوف على هؤلاء السّابقين الّذين قرّبهم اللّه في جنّات النّعيم ولدانٌ مخلّدون، ثمّ اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله {مخلّدون} عنى بذلك: ولدانٌ على سنٍّ واحدةٍ، لا يتغيّرون ولا يموتون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {مخلّدون}. قال: لا يموتون.
وقال آخرون: عنى بذلك أنّهم مقرّطون مسوّرون.
والّذي هو أولى بالصّواب في ذلك قول من قال معناه: إنّهم لا يتغيّرون، ولا يموتون، لأنّ ذلك أظهر معنييه، والعرب تقول للرّجل إذا كبر ولم يشمط: إنّه لمخلّدٌ، وإنّما هو مفعّلٌ من الخلد). [جامع البيان: 22/294-295]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يطوف عليهم ولدان مخلدون يقول لا يموتون ولا يكبرون). [تفسير مجاهد: 2/646]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله يطوف عليهم ولدان مخلدون قال لم يكن لهم حسنات فيجزون بها ولا سيئات فيعاقبون عليها فوضعوا بهذا الموضع). [تفسير مجاهد: 2/646]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: لم يكن لهم حسنات يجزون بها ولا سيئات يعاقبون عليها فوضعوا في هذه المواضع). [الدر المنثور: 14/183]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: لا يموتون وفيه قوله: {بأكواب وأباريق} قال: الأكواب ليس لها آذان والأباريق التي لها آذان وفي قوله: {وكأس من معين} قال: خمر بيضاء {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} قال: لا تصدع رؤوسهم ولا يقيئونها وفي لفظ ولا تنزف عقولهم). [الدر المنثور: 14/183]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون). [الدر المنثور: 14/247-249] (م)

تفسير قوله تعالى: (بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله بأكواب قال الكوب الذي دون الإبريق ليس له عروة). [تفسير عبد الرزاق: 2/270]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا الحسن بن موسى، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة في قول الله تعالى: {وكأسٍ من معينٍ} قال: كأسٌ من خمرٍ جاريةٍ). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 506]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (والكوب: لا آذان له ولا عروة. والأباريق: ذوات الآذان والعرى "). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله والكوب إلخ وكذا قوله مسكوبٍ جارٍ سقط كلّه لأبي ذرٍّ هنا وتقدّم في صفة الجنّة). [فتح الباري: 8/626] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (والكوب: لا آذان له ولا عروة. والأباريق: ذوات الآذان والعرى
أشار به إلى قوله تعالى: {بأكواب وأباريق} (الواقعة: 18) وتفسيره ظاهر، والأكواب جمع كوب، والأباريق جمع إبريق سمي بذلك لبريق لونه). [عمدة القاري: 19/219]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (والكوب) في قوله تعالى: ({بأكواب وأباريق} [الوقعة: 18] إناء (لا آذان له ولا عروة) وقوله: بأكواب متعلق بيطوف (والأباريق ذوات الآذان والعرى) وهو جمع إبريق وهو من آنية الخمر سمي بذلك لبريق لونه من صفائه). [إرشاد الساري: 7/373]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {بأكوابٍ وأباريق}. والأكواب: جمع كوبٍ، وهو من الأباريق ما اتّسع رأسه، ولم يكن له خرطومٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {بأكوابٍ} قال: الأكواب: الجرار من الفضّة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، {بأكوابٍ وأباريق}. قال: الأباريق: ما كان لها آذانٌ، والأكواب ما ليس لها آذانٌ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ قال: الأكواب ليس لها آذانٌ.
- حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ قال: سئل الحسن عن الأكواب قال: هي الأباريق، الّتي يصبّ لهم منها.
- حدّثنا أبو كريبٍ، وأبو السّائب قالا: حدّثنا ابن إدريس قال: سمعت أبي قال: مرّ أبو صالحٍ صاحب الكلبيّ قال: فقال أبي: قال لي الحسن وأنا جالسٌ: سله، فقلت: ما الأكواب؟ قال: جرار الفضّة المستديرة أفواهها، والأباريق ذوات الخراطيم.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ {بأكوابٍ} قال: ليس لها عرًى ولا آذانٌ.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {بأكوابٍ وأباريق} والأكواب الّتي يغترف بها ليس لها خراطيم، وهي أصغر من الأباريق.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {بأكوابٍ وأباريق}. قال: الأكواب الّتي دون الأباريق ليس لها عرًى.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول: الأكواب جرارٌ ليست لها عرًى، وهي بالنّبطيّة كوبا.
وإيّاها عنى الأعشى بقوله:
صريفيّةٌ طيّبٌ طعمها لها زبدٌ بين كوبٍ ودن.
وأمّا الأباريق: فهي الّتي لها عرًى.
وقوله: {وكأسٍ من معين}. وكأس خمرٍ من شراب معينٍ، ظاهر العيون، جارٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكأسٍ من معين}. قال: الخمر.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وكأسٍ من معين}. أي: من خمرٍ جاريةٍ.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وكأسٍ من معين}. الكأس: الخمر الجارية.
- حدّثنا أبو سنانٍ قال: حدّثنا سليمان قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة، في قوله: {وكأسٍ من معين}. قال: الخمر الجارية.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، قال: قال الضّحّاك: كلّ كأسٍ في القرآن فهو خمرٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك، مثله). [جامع البيان: 22/295-298]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: لا يموتون وفيه قوله: {بأكواب وأباريق} قال: الأكواب ليس لها آذان والأباريق التي لها آذان وفي قوله: {وكأس من معين} قال: خمر بيضاء {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} قال: لا تصدع رؤوسهم ولا يقيئونها وفي لفظ ولا تنزف عقولهم). [الدر المنثور: 14/183] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي رجاء قال: سألت الحسن عن الأكواب فقال: هي الأباريق التي يصب منها). [الدر المنثور: 14/183]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: الأكواب الأقداح). [الدر المنثور: 14/184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله: {وكأس من معين} قال: يعني الخمر وهي هناك جارية المعين الجاري {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} ليس فيها وجع الرأس ولا يغلب أحد على عقله). [الدر المنثور: 14/184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار). [الدر المنثور: 14/247-249] (م)

تفسير قوله تعالى: (لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة عن أبي صخر قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: {لا يصدعون عنها ولا ينزفون}، قال: لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم). [الجامع في علوم القرآن: 2/151]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا يصدّعون عنها}. يقول: لا تصدّع رءوسهم عن شربها فتسكر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني إسماعيل بن موسى السّدّيّ قال: أخبرنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ، قوله: {لا يصدّعون عنها}. قال: لا تصدّع رءوسهم.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {لا يصدّعون عنها}. ليس لها وجع رأسٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا سليمان قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة: {لا يصدّعون عنها}. قال: لا تصدّع رءوسهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، {لا يصدّعون عنها}. يقول: لا تصدّع رءوسهم.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {لا يصدّعون عنها}. يعني: وجع الرّأس.
وقوله: {ولا ينزفون} اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأت عامّة قرأة المدينة والبصرة (ينزفون) بفتح الزّاي، ووجّهوا ذلك إلى أنّه لا تنزف عقولهم وقرأته عامّة قرأة الكوفة {ولا ينزفون} بكسر الزّاي بمعنى: ولا ينفد شرابهم.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ فيها الصّواب.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك على نحو اختلاف القرأة فيه، وقد ذكرنا اختلاف أقوالهم في ذلك، وبيّنّا الصّواب من القول فيه في سورة الصّافّات، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع، غير أنّا سنذكر قول بعضهم في هذا الموضع لئلاّ يظنّ ظانٌّ أنّ معناه في هذا الموضع مخالفٌ معناه هنالك.
ذكر قول من قال منهم: معناه لا تنزف عقولهم:
- حدّثنا إسماعيل بن موسى قال: أخبرنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ، {ولا ينزفون} قال: لا تنزف عقولهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، {ولا ينزفون} قال: لا تنزف عقولهم.
- وحدّثنا ابن حميدٍ مرّةً أخرى فقال ولا تذهب عقولهم.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ولا ينزفون}. يقول: لا تنزف عقولهم.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {ولا ينزفون} قال: لا تغلبهم على عقولهم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، في قوله: {ولا ينزفون}. قال: لا يغلب أحدٌ على عقله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا سليمان قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة في قول اللّه: {ولا ينزفون}. قال: لا تغلب على عقولهم). [جامع البيان: 22/298-300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: لا يموتون وفيه قوله: {بأكواب وأباريق} قال: الأكواب ليس لها آذان والأباريق التي لها آذان وفي قوله: {وكأس من معين} قال: خمر بيضاء {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} قال: لا تصدع رؤوسهم ولا يقيئونها وفي لفظ ولا تنزف عقولهم). [الدر المنثور: 14/183] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله: {وكأس من معين} قال: يعني الخمر وهي هناك جارية المعين الجاري {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} ليس فيها وجع الرأس ولا يغلب أحد على عقله). [الدر المنثور: 14/184] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} قال: لاتصدع رؤوسهم ولا تذهب عقولهم). [الدر المنثور: 14/184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله: {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} قال: لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم). [الدر المنثور: 14/184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله: {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} قال: أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا ينزفون كما ينزف أهل الدنيا، إذا أكثروا الطعام والشراب يقول: لا يملوا). [الدر المنثور: 14/184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد بن عاصم أنه قرأ {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} برفع الياء وكسر الزاي). [الدر المنثور: 14/184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: إن الرجل من أهل الجنة ليؤتى بالكأس وهو جالس مع زوجته فيشربها ثم يلتفت إلى زوجته فيقول: قد ازددت في عيني سبعين ضعفا). [الدر المنثور: 14/184-185]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم). [الدر المنثور: 14/247-249] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وفاكهةٍ ممّا يتخيّرون}. يقول تعالى ذكره: ويطوف هؤلاء الولدان المخلّدون على هؤلاء السّابقين بفاكهةٍ من الفواكه الّتي يتخيّرونها من الجنّة لأنفسهم، وتشتهيها نفوسهم). [جامع البيان: 22/301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان). [الدر المنثور: 14/247-249] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ولحمٍ طيرٍ ممّا يشتهون} يقول: ويطوفون أيضًا عليهم بلحم طيرٍ من الطّير الّتي تشتهيها نفوسهم). [جامع البيان: 22/301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 21 - 33.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن في قوله: {ولحم طير مما يشتهون} قال: لا يشتهي منها شيئا إلا صار بين يديه فيصيب منه حاجته ثم يطير فيذهب). [الدر المنثور: 14/185]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبزار، وابن مردويه والبهيقي في البعث عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا). [الدر المنثور: 14/185]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم طير الجنة فقال أبو بكر: إنها لناعمة، قال: ومن يأكل منها أنعم منها وإني لأرجو أن تأكل منها). [الدر المنثور: 14/185]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والترمذي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما طير الجنة كأمثال البخت ترعى في شجر الجنة فقال أبو بكر: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه الطيور لناعمة فقال: آكلها أنعم منها وإني لأرجو أن تكون ممن يأكلها). [الدر المنثور: 14/185-186]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البهيقي في البعث عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة طيرا أمثال البخائي قال أبو بكر: إنها لناعمة يا رسول الله قال: أنعم منها من يأكلها وأنت ممن يأكلها وأنت ممن يأكل منها). [الدر المنثور: 14/186]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وهناد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة طيرا كأمثال البخت تأتي الرجل فيصيب منها ثم تذهب كأن لم ينقص منها شيء). [الدر المنثور: 14/186]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن أبي أمامة قال: إن الجل ليشتهي الطير في الجنة من طيور الجنة فيقع في يده مقليا نضيجا). [الدر المنثور: 14/186]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا عن ميمونة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليشتهي الطير في الجنة فيجيء مثل البختي حتى يقع على خوانه لم يصبه دخان ولم تمسه نار فيأكل منه حتى يشبع ثم يطير). [الدر المنثور: 14/186-187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن في الجنة طيرا له سبعون ألف ريشة فإذا وضع الخوان قدام ولي الله جاء الطير فسقط عليه فانتفض فخرج من كل ريشة لون ألذ من الشهد وألين من الزبد وأحلى من العسل ثم يطير). [الدر المنثور: 14/187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة لطيرا فيه سبعون ألف ريشة فيجيء فيقع على صحفة الرجل من أهل الجنة ثم ينتفض فيخرج من كل ريشة لون أبيض من الثلج وألين من الزبد وأعذب من الشهد ليس فيه لون يشبه صاحبه ثم يطير فيذهب). [الدر المنثور: 14/187]

تفسير قوله تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ (22) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا فضيل بن عياضٍ، عن بعض أصحابه، عن مجاهدٍ {وحورٌ عينٌ} قال: يحار فيهنّ البصر). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 434]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وحورٌ عينٌ (22) كأمثال اللّؤلؤ المكنون (23) جزاءً بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا (25) إلاّ قيلاً سلامًا سلامًا}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وحورٌ عينٌ}. فقرأته عامّة قرّاء الكوفة وبعض المدنيّين (وحورٍ عينٍ) بالخفض إتباعًا لإعرابها إعراب ما قبلها من الفاكهة واللّحم، وإن كان ذلك ممّا لا يطاف به، ولكن لمّا كان معروفًا معناه المراد أتبع الآخر الأوّل في الإعراب، كما قال بعض الشّعراء:
إذا ما الغانيات برزن يومًا وزجّجن الحواجب والعيونا.
فالعيون تكحّل، ولا تزجّج، فردّها في الإعراب على الحواجب، لمعرفة السّامع لمعنى ذلك، وكما قال الآخر:
تسمع للأحشاء منه لغطا ولليدين جسأةً وبددا.
والجسأة: غلظٌ في اليد، وهي لا تسمع.
وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة ومكّة والكوفة وبعض أهل البصرة بالرّفع {وحورٌ عينٌ}. على الابتداء، وقالوا: الحور العين لا يطاف بهنّ، فيجوز العطف بهنّ في الإعراب على إعراب فاكهةٍ ولحمٍ، ولكنّه مرفوعٌ بمعنى: وعندهم حورٌ عينٌ، أو لهم حورٌ عينٌ.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّهما قراءتان معروفتان قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما جماعةٌ من القرّاء مع تقارب معنييهما، فبأيّ القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ.
والحور جماعة حوراء: وهي النّقيّة بياض العين، الشّديدة سوادها والعين: جماعه عيناء، وهي النّجلاء العين في حسنٍ). [جامع البيان: 22/301-302]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {جزاءً بما كانوا يعملون}. يقول تعالى ذكره: ثوابًا لهم من اللّه بأعمالهم الّتي كانوا يعملونها في الدّنيا، وعوضًا من طاعتهم إيّاه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن ابن عيينة، عن عمرٍو، عن الحسن، {وحورٌ عينٌ}. قال: شديدة السّواد: سواد العين، شديدة البياض: بياض العين.
- قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن رجلٍ، عن الضّحّاك، {وحورٌ عينٌ}. قال: بيضٌ {عينٌ}. قال: عظام الأعين.
- حدّثنا ابن عبّاسٍ الدّوريّ قال: حدّثنا حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ قال: الحور: سود الحدق.
- حدّثنا الحسن بن عرفة قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّدٍ الأسلميّ، عن عبّاد بن منصورٍ النّاجيّ، أنّه سمع الحسن البصريّ، يقول: الحور: صوالح نساء بني آدم.
- حدّثنا ابن عرفة قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّدٍ، عن ليث بن أبي سليمٍ قال: بلغني أنّ الحور العين، خلقن من الزّعفران.
- حدّثنا الحسن بن يزيد الطّحّان قال: حدّثتنا عائشة، امرأة ليثٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ قال: خلق الحور العين من الزّعفران.
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ قال: سمعت ليثًا، ثني عن مجاهدٍ قال: حور العين خلقن من الزّعفران.
وقال آخرون: بل معنى قوله: {حورٌ} أنّهنّ يحار فيهنّ الطّرف.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو هشامٍ قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ، {وحورٌ عينٌ} قال: يحار فيهنّ الطّرف). [جامع البيان: 22/302-304]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وحورٌ عينٌ} [الواقعة: 22].
«عن أمّ سلمة قالت: قلت: يا رسول اللّه، أخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - {وحورٌ عينٌ} [الواقعة: 22] قال: " حورٌ: بيضٌ، عينٌ: ضخام العيون، شفر الحوراء بمنزلة جناح النّسور ". قلت: يا رسول اللّه، أخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - {كأمثال اللّؤلؤ المكنون} [الواقعة: 23] قال: " صفاؤهنّ صفاء الدّرّ الّذي في الأصداف الّذي لم تمسّه الأيدي ". قلت: يا رسول اللّه، أخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - (فيهنّ خيراتٌ حسانٌ) قال: " خيرات الأخلاق حسان الوجوه ". قلت: يا رسول اللّه، فأخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - {كأنّهنّ بيضٌ مكنونٌ} [الصافات: 49] قال: " رقّتهنّ كرقّة الجلد الّذي رأيت في داخل البيضة ممّا يلي القشر وهو الغرقئ ". قلت: يا رسول اللّه، أخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - {عربًا أترابًا} [الواقعة: 37] قال: " هنّ اللّواتي قبضن في دار الدّنيا عجائز رمصًا شمطًا، خلقهنّ اللّه بعد الكبر فجعلهنّ عذارى، عربًا متعشّقاتٍ متحبّباتٍ، أترابًا على ميلادٍ واحدٍ ". قلت: يا رسول اللّه، أنساء الدّنيا أفضل أم الحور العين؟ قال: " بل نساء الدّنيا أفضل من الحور العين كفضل الظّهارة على البطانة ". قلت: يا رسول اللّه، وبما ذاك؟ قال: " بصلاتهنّ وصيامهنّ وعبادتهنّ اللّه، ألبس اللّه وجوههنّ النّور، وأجسادهنّ الحرير، بيض الألوان، خضر الثّياب، صفر الحليّ، مجامرهنّ الدّرّ، وأمشاطهنّ الذّهب، يقلن: ألا ونحن الخالدات فلا نموت أبدًا، ألا ونحن النّاعمات فلا نبؤس أبدًا، ألا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدًا، ألا ونحن الرّاضيات فلا نسخط أبدًا، طوبى لمن كنّ له وكان لنا ". قلت: يا رسول اللّه، المرأة منّا تتزوّج الزّوجين والثّلاثة والأربعة، ثمّ تموت فتدخل الجنّة ويدخلون معها، من يكون زوجها؟ قال: " يا أمّ سلمة، إنّها تخيّر فتختار أحسنهم خلقًا، فتقول: يا ربّ إنّ هذا كان أحسنهم خلقًا في دار الدّنيا فزوّجنيه، يا أمّ سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدّنيا والآخرة» ".
رواه الطّبرانيّ، وفيه سليمان بن أبي كريمة ضعّفه أبو حاتمٍ وابن عديٍّ.
- «وعن سلمة بن يزيد الجعفيّ قال: سمعت رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يقول: {إنّا أنشأناهنّ إنشاءً (35) فجعلناهنّ أبكارًا (36) عربًا} [الواقعة: 35 - 37] قال: " من الثّيّب وغير الثّيّب» ".
رواه الطّبرانيّ، وفيه جابرٌ الجعفيّ وهو ضعيفٌ. وحديث عتبة بن عبدٍ في صفة الجنّة). [مجمع الزوائد: 7/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وحور عين} الآية
أخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن عاصم بن بهدلة قال: أقرأني أبو عبد الرحمن السلمي {وحور عين} يعني بالجر). [الدر المنثور: 14/187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {وحور عين} بالرفع فيهما وينون). [الدر المنثور: 14/187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد في قوله: {وحور عين} قال: يحار فيهن البصر). [الدر المنثور: 14/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان). [الدر المنثور: 14/247-249] (م)

تفسير قوله تعالى: (كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {كأمثال اللّؤلؤ المكنون}. يقول: هنّ في صفاء بياضهنّ وحسنهنّ، كاللّؤلؤ المكنون الّذي قد صين في كنٍّ). [جامع البيان: 22/302]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله: {كأمثال اللّؤلؤ} قال أهل التّأويل، وجاء الأثر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن قال: حدّثنا محمّد بن الفرج الصّدفيّ الدّمياطيّ، عن عمرو بن هاشمٍ، عن ابن أبي كريمة، عن هشام بن حسّان، عن الحسن، عن أمّه، عن أمّ سلمة قالت: قلت يا رسول اللّه أخبرني عن قول اللّه: {كأمثال اللّؤلؤ المكنون} قال: صفاؤهنّ كصفاء الدّرّ الّذي في الأصداف الّذي لا تمسّه الأيدي). [جامع البيان: 22/302-304]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وحورٌ عينٌ} [الواقعة: 22].
«عن أمّ سلمة قالت: قلت: يا رسول اللّه، أخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - {وحورٌ عينٌ} [الواقعة: 22] قال: " حورٌ: بيضٌ، عينٌ: ضخام العيون، شفر الحوراء بمنزلة جناح النّسور ". قلت: يا رسول اللّه، أخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - {كأمثال اللّؤلؤ المكنون} [الواقعة: 23] قال: " صفاؤهنّ صفاء الدّرّ الّذي في الأصداف الّذي لم تمسّه الأيدي ". قلت: يا رسول اللّه، أخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - (فيهنّ خيراتٌ حسانٌ) قال: " خيرات الأخلاق حسان الوجوه ". قلت: يا رسول اللّه، فأخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - {كأنّهنّ بيضٌ مكنونٌ} [الصافات: 49] قال: " رقّتهنّ كرقّة الجلد الّذي رأيت في داخل البيضة ممّا يلي القشر وهو الغرقئ ". قلت: يا رسول اللّه، أخبرني عن قول اللّه - عزّ وجلّ - {عربًا أترابًا} [الواقعة: 37] قال: " هنّ اللّواتي قبضن في دار الدّنيا عجائز رمصًا شمطًا، خلقهنّ اللّه بعد الكبر فجعلهنّ عذارى، عربًا متعشّقاتٍ متحبّباتٍ، أترابًا على ميلادٍ واحدٍ ". قلت: يا رسول اللّه، أنساء الدّنيا أفضل أم الحور العين؟ قال: " بل نساء الدّنيا أفضل من الحور العين كفضل الظّهارة على البطانة ". قلت: يا رسول اللّه، وبما ذاك؟ قال: " بصلاتهنّ وصيامهنّ وعبادتهنّ اللّه، ألبس اللّه وجوههنّ النّور، وأجسادهنّ الحرير، بيض الألوان، خضر الثّياب، صفر الحليّ، مجامرهنّ الدّرّ، وأمشاطهنّ الذّهب، يقلن: ألا ونحن الخالدات فلا نموت أبدًا، ألا ونحن النّاعمات فلا نبؤس أبدًا، ألا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدًا، ألا ونحن الرّاضيات فلا نسخط أبدًا، طوبى لمن كنّ له وكان لنا ". قلت: يا رسول اللّه، المرأة منّا تتزوّج الزّوجين والثّلاثة والأربعة، ثمّ تموت فتدخل الجنّة ويدخلون معها، من يكون زوجها؟ قال: " يا أمّ سلمة، إنّها تخيّر فتختار أحسنهم خلقًا، فتقول: يا ربّ إنّ هذا كان أحسنهم خلقًا في دار الدّنيا فزوّجنيه، يا أمّ سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدّنيا والآخرة» ".
رواه الطّبرانيّ، وفيه سليمان بن أبي كريمة ضعّفه أبو حاتمٍ وابن عديٍّ). [مجمع الزوائد: 7/119] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {كأمثال اللؤلؤ المكنون} قال: الذي في الصدف لم يحور عليه الأيدي). [الدر المنثور: 14/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد بن السرى عن الضحاك في قوله: {كأمثال اللؤلؤ المكنون} قال: اللؤلؤ العظام الذي قد أكن من أن يمسه شيء). [الدر المنثور: 14/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف). [الدر المنثور: 14/247-249] (م)

تفسير قوله تعالى: (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {جزاءً بما كانوا يعملون}. يقول تعالى ذكره: ثوابًا لهم من اللّه بأعمالهم الّتي كانوا يعملونها في الدّنيا، وعوضًا من طاعتهم إيّاه). [جامع البيان: 22/302-304] (م)

تفسير قوله تعالى: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({لغوًا} [الواقعة: 25] : «باطلًا» ، {تأثيمًا} [الواقعة: 25] : «كذبًا»). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله لغوًا باطلا تأثيما كذبا وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله لغوًا باطلًا وفي قوله ولا تأثيما قال كذبا). [فتح الباري: 8/627]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (لغوا: باطلا تأثيما: كذبا
أشار به إلى قوله تعالى: {لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما} (الواقعة: 25) فيها أي: في جنّات النّعيم، وروي عن ابن عبّاس، رضي الله تعالى عنهما، هكذا رواه عليّ بن أبي طلحة عنه، ورواه ابن أبي حاتم من طريقه). [عمدة القاري: 19/221]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({لغوًا}) أي (باطلًا) ولا ({تأثيمًا}) أي (كذبًا) رواه ابن عباس فيما ذكره ابن أبي حاتم وسقط قوله تورون إلى هنا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/373]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا}. يقول: لا يسمعون فيها باطلاً من القول ولا تأثيمًا، يقول: ليس فيها ما يؤثّمهم.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: {لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا} والتّأثيم لا يسمع، وإنّما يسمع اللّغو، كما قيل: أكلت خبزًا ولبنًا، واللّبن لا يؤكل، فجازت إذ كان معه شيءٌ يؤكل). [جامع البيان: 22/305]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد لا يسمعون فيها لغوا قال لا يستبون). [تفسير مجاهد: 2/647]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {لا يسمعون فيها لغوا} الآية
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لا يسمعون فيها لغوا} قال: باطل ا {ولا تأثيما} قال: كذبا). [الدر المنثور: 14/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد عن الضحاك {لا يسمعون فيها لغوا} قال: الهدر من القول والتأثيم الكذب). [الدر المنثور: 14/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون). [الدر المنثور: 14/247-249] (م)

تفسير قوله تعالى: (إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إلاّ قيلاً سلامًا سلامًا}. يقول: لا يسمعون فيها من القول إلاّ قيلاً سلامًا: أي اسلم ممّا تكره وفي نصب قوله: {سلامًا سلامًا}. وجهان: إن شئت جعلته تابعًا للقيل، ويكون السّلام حينئذٍ هو القيل، فكأنّه قيل: لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا، إلاّ سلامًا سلامًا، ولكنّهم يسمعون سلامًا سلامًا.
والثّاني: أن يكون نصبه بوقوع القيل عليه، فيكون معناه حينئذٍ: إلاّ قيل سلامٍ سلامٍ، فإن نوّن القيل نصب قوله: {سلامًا سلامًا}. بوقوع قيل عليه). [جامع البيان: 22/305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون). [الدر المنثور: 14/247-249] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 5 رجب 1434هـ/14-05-2013م, 06:02 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وكنتم أزواجاً ثلاثةً ...} , ثم فسرهم فقال: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة...}.
عجّب نبيّه منهم فقال: ما أصحاب الميمنة؟, أي شيء هم؟ , وهم أصحاب اليمين، {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة...}، عجّبه أيضا منهم، وهم أصحاب الشمال، ثم قال: {والسّابقون السّابقون...}: فهذا الصنف الثالث، فإن شئت رفعت السابقين بالسابقين الثانية وهم المهاجرون، وكل من سبق إلى نبي من الأنبياء فهو من هؤلاء، فإذا رفعت أحدهما بالآخر، كقولك الأول السابق، وإن شئت جعلت الثانية تشديداً للأولى، , ورفعت بقوله: {أولئك المقرّبون...} ). [معاني القرآن: 3/122]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة "}: أصحاب الميسرة , ويقال لليد اليسرى: الشومى ويقال: أهو الجانب الأشمى الأيسر؛ سميت اليمنى لأنها عن يمين الكعبة والشام أنها عن شمال الكعبة). [مجاز القرآن: 2/248]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة}
قال: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} , {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} , فقوله: {ما أصحاب المشأمة} هو الخبر.
وتقول العرب: "زيدٌ وما زيدٌ" تريد "زيد شديدٌ"). [معاني القرآن: 4/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({المشأمة}: الميسرة لأنه يقال لليد اليسرى الشؤمي، والجانب الأيسر الأشام، ويروى أنهم يعطون كتبهم بشمائلهم).[غريب القرآن وتفسيره: 365-366]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({وكنتم أزواجاً ثلاثةً} , أي: أصنافا). [تفسير غريب القرآن: 445]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة}؟!
على التعجب. كأنه قال: أي شيء هم؟!.
ويقال في الكلام: «زيد ما زيد!» أي أي رجل هو). [تفسير غريب القرآن: 446-445]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة}؟! , أي: أصحاب الشمال.
والعرب تسمي اليد اليسرى: الشّؤمي، والجانب الأيسر: الجانب الأشأم. ومنه قيل: اليمن والشّؤم. فاليمن: كأنه ما جاء عن اليمين، والشؤم: ما جاء عن الشمال. ومنه سميت «اليمن» و«الشّام»). [تفسير غريب القرآن: 446]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وكنتم أزواجا ثلاثة}
أي : أصنافا ثلاثة، يقال للأصناف التي بعضها مع بعض أزواج , كما يقال للخفين زوجان). [معاني القرآن: 5/108]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة}
رفع بالابتداء, والمعنى : وأصحاب الميمنة ما هم، أي شيء هم , {وأصحاب المشأمة}, أي شيء هم.
وهذا اللفظ مجراه في العربية مجرى التعحب، ومجراه من اللّه - عزّ وجلّ - في مخاطبة العباد مجرى ما يعظم به الشأن عندهم..
ومثله {الحاقة. ما الحاقة}، و {القارعة * ما القارعة}
ومعنى {أصحاب الميمنة}: أصحاب اليمين.
{وأصحاب المشأمة}: أصحاب الشمال.
{وأصحاب اليمين}: هم أصحاب المنزلة الرفيعة.
و{أصحاب الشمال }: هم أصحاب المنزلة الدنيئة الخسيسة). [معاني القرآن: 5/108-109]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {والسّابقون السّابقون * أولئك المقرّبون}
معناه - واللّه أعلم - السابقون السابقون إلى طاعة اللّه عزّ وجل والتصديق بأنبيائه.
والسابقون الأول رفع بالابتداء، والثاني توكيد، ويكون الخبر : {أولئك المقربون}). [معاني القرآن: 5/108-109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْمَشْأَمَةِ} : أي الشمال , يقال لليد اليسرى: الشُّؤْمَى، والجانب الأيسر: الأشأم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 257]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْمَيْمَنَةِ}: عن اليمين , {الميسرة}: عن اليسار). [العمدة في غريب القرآن: 296]

تفسير قوله تعالى:{أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {والسّابقون السّابقون * أولئك المقرّبون}
معناه - واللّه أعلم - السابقون السابقون إلى طاعة اللّه عزّ وجل والتصديق بأنبيائه.
والسابقون الأول رفع بالابتداء، والثاني توكيد، ويكون الخبر {أولئك المقربون}). [معاني القرآن: 5/109](م)

تفسير قوله تعالى: {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أخبر أين محلهم فقال: {في جنّات النّعيم}
ويجوز أن يكون السابقون الأول رفعا بالابتداء.
ويكون خبره{السابقون}الثاني.
فيكون المعنى - واللّه أعلم - السابقون إلى طاعة اللّه السابقون إلى رحمة اللّه.
ويكون{أولئك المقربون}: من صفتهم). [معاني القرآن: 5/109]

تفسير قوله تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ثلّةٌ من الأوّلين }: تجيء جماعة وأمة , وتجيء بقية). [مجاز القرآن: 2/248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ثلة من الأولين}: تجيء جماعة وتجيء بقية). [غريب القرآن وتفسيره: 366]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({ثلّةٌ}: جماعة). [تفسير غريب القرآن: 446]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ثلّة من الأوّلين * وقليل من الآخرين}
{ثلّة} رفع على معنى هم {ثلّة}.
والثّلّة: الجماعة، وهذا - واللّه أعلم - .
معنى {ثلّة من الأوّلين} : أي جماعة ممن عاين الأنبياء وصدق بهم.
فالذين عاينوا جميع النبيين وصدّقوا بهم أكثر ممن عاين النبي عليه السلام، وذلك قوله في قصة يونس: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا فمتّعناهم إلى حين}
هؤلاء سوى سائر من آمن بجميع الأنبياء ممن عاينهم وصدّقهم , ويجوز أن يكون الثّلّة : بمعنى قليل من الأولين وقليل من الآخرين لأن اشتقاق الثلة من القطعة.
والثل : الكسر والقطع، والثّلّة نحو الفئة والفرقة). [معاني القرآن: 5/109]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({ثلة من الأولين}: أي: جماعة). [ياقوتة الصراط: 501]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ثُلَّةٌ} أي: جماعة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 258]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ثُلَّةٌ}: فرقة). [العمدة في غريب القرآن: 296]

تفسير قوله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {على سررٍ مّوضونةٍ...}
موضونه: منسوجة، وإنما سمت العرب وضين الناقة وضيناً لأنه منسوج، وقد سمعت بعض العرب يقول: فإذا الآجر موضون بعضه على بعض يريد: مشرج، (قال الفراء: الوضين الحزام] ). ) [معاني القرآن: 3/122]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({على سرر موضونةٍ}: بعضها على بعض مداخلةٌ كما توضن كحلق الدرع بعضها في بعض مضاعفةٌ وقال الأعشى:
ومن نسج داؤد موضونةً تساق مع الحيّ عيراً فعيرا
والوضين البطان من السيور إذا نسج نساجةً بعضه على بعض مضاعفاً كالحلق حلق الدرع فهو وضينٌ وضع في موضع موضون كما يقولون: قتيل في موضع مقتول، قال:
إليك تعدو قلقاً وضينها
معترضاً في بطنها جنينها
مخالفاً دين النصارى دينها
وهي ليس لها، هو دينه , وهو قول رجل في الجاهلية، وقاله ابن عمر في الإسلام). [مجاز القرآن: 2/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({موضونة}: مضاعفة بعضها في بعض. ويقال موضونة موصولة بالذهب). [غريب القرآن وتفسيره: 366]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({على سررٍ موضونةٍ}: أي منسوجة, كأن بعضها أدخل في بعض، أو نضّد بعضها على بعض.
ومنه قيل للدّرع: موضونة, ومنه قيل: وضين الناقة, وهو بطان من سيور يرصع ويدخل بعضه في بعض.
قال الفراء: «سمعت بعضهم يقول: الآجرّ موضون بعضه إلى بعض، أي مشرج (صفيف)» ). [تفسير غريب القرآن: 446]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {على سرر موضونة * متّكئين عليها متقابلين}
(متكئين، ومتقابلين): منصوبان على الحال، المعنى : {أولئك المقربون في جنات النعيم}: في هذه الحال.
والسرر : جمع سرير، مثل كثيب وكثب.
ومعنى{متقابلين}: ينظر بعضهم إلى وجوه بعض ولا ينظر في أقفاء بعض.
وصفوا مع نعمهم بحسن العشرة , وتهذيب الأخلاق، وصفاء المودة ومن ذلك قوله عزّ وجلّ: {ونزعنا ما في صدورهم من غلّ إخوانا على سرر متقابلين}
وجاء في التفسير {موضونة}: مرمولة ومعنى مرمولة منسوجة، نحو نسج الدروع، وجاء في التفسير أنها من ذهب.
ومثل موضونة قول الأعشى:
ومن نسج داود موضونة = يساق بها الحيّ عيرا فعيرا)
[معاني القرآن: 5/109-110]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَّوْضُونَةٍ}: أي : منسوجة، أُدخل بعضها في بعض). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 258]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَّوْضُونَةٍ}: مضاعفة). [العمدة في غريب القرآن: 296]

تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({مّتّكئين عليها متقابلين}
وقال: {مّتّكئين عليها متقابلين}: على المدح نصبه على الحال يقول: (لهم هذا متّكئين)). [معاني القرآن: 4/23]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {على سرر موضونة * متّكئين عليها متقابلين}
(متكئين، ومتقابلين) منصوبان على الحال، المعنى أولئك المقربون في جنات النعيم في هذه الحال.
والسرر جمع سرير، مثل كثيب وكثب.
ومعنى{متقابلين} ينظر بعضهم إلى وجوه بعض ولا ينظر في أقفاء بعض.
وصفوا مع نعمهم بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق، وصفاء المودة ومن ذلك قوله عزّ وجلّ: {ونزعنا ما في صدورهم من غلّ إخوانا على سرر متقابلين}). [معاني القرآن: 5/109-110](م)

تفسير قوله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولدانٌ مّخلّدون...}.
يقال: إنهم على سن واحدة لا يتغيرون، والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط: إنه
لمخلّد، وإذا لم تذهب أسنانه عن الكبر قيل أيضاً: إنه لمخلد، ويقال: مخلّدون مقرّطون، ويقال: مسوّرون). [معاني القرآن: 3/122-123]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولدانٌ مخلّدون }من الخلد أي لا يهرمون يبقون على حالهم لا يتغيرون ولا يكبرون). [مجاز القرآن: 2/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ولدانٌ مخلّدون} يقال: على سن واحدة لا يتغيرون، (لا يموتون).
ومن خلد وخلق للبقاء: لم يتغير , ويقال: مسورون.
ويقال: مقرطون وينشد فيه شعر:
ومخلدات باللجين كأنما أعجازهن اقاوز الكثبان)
[تفسير غريب القرآن: 446-447]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وِلْدَانٌ}: وصائف, {مُّخَلَّدُونَ}: باقون). [العمدة في غريب القرآن: 296]

تفسير قوله تعالى: {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بأكوابٍ وأباريق...}.
والكوب: ما لا أذن له ولا عروة له.
والأباريق: ذوات الآذان والعرا). [معاني القرآن: 3/123]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ بأكوابٍ وأباريق }:واحدها كوب,وهو الذي لا خرطوم له من الأباريق واسع الرأس.
{ وكأسٍ من معينٍ} شراب من معين والمعين الماء الطاهر). [مجاز القرآن: 2/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (و{بأكوابٍ وأباريق}:لا عرى لها , ولا خراطم). [تفسير غريب القرآن: 447]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن ذلك أن توقع الفعل على شيئين وهو لأحدهما، وتضمر للآخر فعله.
كقوله سبحانه: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ}). [تأويل مشكل القرآن: 212-215](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {يطوف عليهم ولدان مخلّدون * بأكواب وأباريق وكأس من معين}
الأكواب آنية لا عرى لها ولا خراطيم، والإبريق ما له خرطوم وعروة.
{وكأس من معين}: والكأس: الإناء فيه الشراب، فإن لم يكن فيه شراب فليس بكأس.
وقوله: {من معين}:معناه من خمر تجري من العيون). [معاني القرآن: 5/110]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَكْوَابٍ}: كيزان لا عرى لها
{أَبَارِيقَ}: لا خراطيم لها
{مَّعِينٍ}: جار على وجه الأرض). [العمدة في غريب القرآن: 296-297]
تفسير قوله تعالى: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لاّ يصدّعون عنها...} :عن الخمر , {ولا ينزفون...} أي: لا تذهب عقولهم.
يقال للرجل إذا سكر؛ قد نزف عقله، وإذا ذهب دمه وغشي عليه أو مات قيل: منزوف.
ومن قرأ "ينزفون": يقول: لا تفنى خمرهم، والعرب تقول للقوم إذا فنى زادهم: قد أنزفوا وأقتروا، وأنفضوا، وأرملوا، وأملقوا). [معاني القرآن: 3/123]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ لا يصدّعون عنها}:من الصداع في الرأس.
{ولا ينزفون}: لا يسكرون قال الأبيرد:
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم لبئس النّدامى كنتم آل أبجرا
وقوم يجعلون "المنزف" مثل المنزوف الذي قد نزف دمه). [مجاز القرآن: 2/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وكأسٍ من معينٍ * لا يصدّعون عنها}.
كان بعضهم يذهب في قوله: لا يصدّعون إلى أن معناه: أي لا يتفرقون عنها. من قولك: صدعته فانصدع.
ولا أراه إلا من «الصّداع» الذي يعتري شراب الخمر في الدنيا،
لقول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم - في وصف الجنة -: «وأنهار من كأس ما أن بها صداع ولا ندامة».
{ولا ينزفون}: قد ذكرناه). [تفسير غريب القرآن: 447]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وتبيّن قوله في وصف خمر أهل الجنة: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ} كيف نفى عنها بهذين اللفظينِ جميعَ عيوبِ الخمر، وجمعَ بقوله: (ولا ينزفون) عدمَ العقل، وذهابَ المال، ونفادَ الشراب). [تأويل مشكل القرآن:7]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {لا يصدّعون عنها ولا ينزفون}
تأويله لا ينالهم عن شربها ما ينال أهل الدنيا من الصّداع.
{ولا ينزفون}: لا يسكرون، والنزيف السكران، وإنما قيل له نزيف ومنزوف لأنه نزف عقله.
ويقرأ {ولا ينزفون}: معناه لا ينزف شرابهم). [معاني القرآن: 5/110]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَا يُصَدَّعُونَ} أي: لا يتفرّقون. وقيل: لا ينالهم الصُّداع الذي يعرض لشُرّاب الخمر في الدنيا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 258]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَا يُصَدَّعُون}: لا ينالهم صداع, {وَلَا يُنزِفُونَ}: لا يفنى شرابهم). [العمدة في غريب القرآن: 297]

تفسير قوله تعالى: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ولحم طيرٍ }: جماعة طائر وقد يجوز أن يكون واحدا). [مجاز القرآن: 2/249]

تفسير قوله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن ذلك أن توقع الفعل على شيئين وهو لأحدهما، وتضمر للآخر فعله.
كقوله سبحانه: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ}
ثم قال: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ} والفاكهة واللحم والحور العين لا يطاف بها، وإنما أراد: ويؤتون بلحم طير.
ومثله قوله: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} أي: وادعوا شركاءكم، وكذلك هو في مصحف عبد الله.
قال الشاعر:
تراهُ كأنّ الله يجدع أنفَهُ = وعينيه إنْ مولاه ثابَ له وَفْرُ
أي يجدع أنفه، ويفقأ عينيه.
وأنشد الفراء:
علَّفْتُهَا تِبناً وماءً باردًا = حَتى شَتَتْ هَمَّالَةً عَيناهَا
أي علفتها تبنا، وسقيتها ماء باردا.
وقال آخر:
إذا ما الغانيات برزن يوما = وَزَجَّجْنَ الحواجبَ والعيونا
والعيون لا تزجّج، وإنما أراد: وزجّجن الحواجب، وكحّلن العيون.
وقال الآخر:
ورأيتُ زوجَكِ في الوَغَى = متقلِّدًا سَيفًا وَرُمْحَا
أي متقلدا سيفا، وحاملا رمحا). [تأويل مشكل القرآن: 212-215]

تفسير قوله تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ (22) }

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({وحورٌ عينٌ}
وقوله: {وحورٍ عينٍ...} خفضها أصحاب عبد الله وهو وجه العربية، وإن كان أكثر القراء على الرفع؛ لأنهم هابوا أن يجعلوا الحور العين يطاف بهن، فرفعوا على قولك: ولهم حور عين، أو عندهم حور عين. والخفض على أن تتبع آخر الكلام بأوله، وإن لم يحسن في أخره ما حسن في أوله، أنشدني بعض العرب:
إذا ما الغانيات برزن يوماً وزجّجن الحواجب والعيونا
بالعين لا تزجج إنما تكحّل فردّها على الحواجب
لأن المعنى يعرف، وأنشدني آخر:
ولقيت زوجك في الوغى متقلداً سيفاً ورمحاً
والرمح لا يتقلد فردّه على السيف
وقال آخر:
تسمع للأحشاء منه لغطاً ولليدين جسأةً وبددا
وأنشدني بعض بني دبير:
علفتها تبناً وماءً بارداً حتى شتت همالةً عيناها
والماء لا يعتلف؛ إنما يشرب، فجعله تابعاً للتبن، وقد كان ينبغي لمن قرأ: وحورٌ عين لأنهن ـ زعم ـ لا يطاف بهن أن يقول: "وفاكهةٌ ولحم طير"؛ لأن الفاكهة واللحم لا يطاف بهما ـ ليس بطاف إلاّ بالخمر وحدها ففي ذلك بيان؛ لأن الخفض وجه الكلام. وفي قراءة أبي بن كعب: وحورا عيناً أراد الفعل الذي تجده في مثل هذا من الكلام كقول الشاعر:
جئني بمثل بني بدرٍ لقومهم أو مثل أسرة منظور بن سيار)
[معاني القرآن: 3/123-124]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وحور عين * كأمثال اللّؤلؤ المكنون}
بالخفض، وقرئت بالرفع، والذين قرأوها بالرفع كرهوا الخفض لأنّه عطف على قوله: {يطوف عليهم ولدان مخلّدون * بأكواب...}
فقالوا: الحور ليس مما يطاف به، ولكن مخفوض على غير ما ذهب إليه هؤلاء لأن معنى (يطوف عليهم ولدان مخلدون) ينعمون بهذا، وكذلك ينعمون بلحم طير وكذلك ينعمون بحور عين.
ومن قرأ بالرفع فهو أحسن الوجهين لأن معنى :{يطوف عليهم ولدان مخلّدون}: بهذه الأشياء بمعنى ما قد ثبت لهم فكأنه قال: ولهم حور عين.
ومثله مما حمل على المعنى قول الشاعر:
بادت وغيّر آيهن مع البلي إلاّ رواكد جمرهنّ هباء
ومشجج أما سواء قذا له فبدا وغيره ساره المعزاء
لأنه قال: إلّا رواكد، كان المعنى بها رواكد، فحمل ومشجج على المعنى.
وقد قرئت {وحورا عينا} بالنّصب على الحمل على المعنى أيضا، لأن المعنى يعطون هذه الأشياء يعطون حورا عينا، إلا أن هذه القراءة تخالف المصحف الذي هو الإمام، وأهل العلم يكرهون أن يقرا بما يخالف الإمام.
ومعنى الحور: الشديدات البياض، والعين الكبيرات العيون حسانها). [معاني القرآن: 5/110-111]

تفسير قوله تعالى: {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ومعنى {كأمثال اللّؤلؤ المكنون}
أي كأمثال الدر حين يخرج من صدفه وكنّه.
لم يغيره الزّمان واختلاف أحوال الاستعمال وإنما يعنى بقوله: {كأمثال اللّؤلؤ}:أي : في صفائهن وتلألئهن كصفاء الدّرّ وتلألئه). [معاني القرآن: 5/111]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {جزاء بما كانوا يعملون} منصوب مفعول له، المعنى : يفعل بهم ذلك لجزاء أعمالهم.
ويجوز أن يكون {جزاء}: منصوبا على أنه مصدر.
لأن معنى {يطوف عليهم ولدان مخلّدون} يجازون جزاء بأعمالهم, وهذا الوجه عليه أكثر النحويين). [معاني القرآن: 5/111-112]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً }: مجازه مجاز " أكلت خبزاً ولبناً " واللبن لا يؤكل فجاز إذا كان معها شيء يوكل، والتأثيم لا يسمع إنما يسمع اللغو). [مجاز القرآن: 2/249]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَغْوًا}: الباطل , {تَأْثِيمًا}: أثماً). [العمدة في غريب القرآن: 297]

تفسير قوله تعالى:{إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ قيلاً سلاماً سلاماً...}.
إن شئت جعلت السلام تابعاً للقيل، وهو هو، وإن شئت أردت ـ إلاّ قيل سلامٍ سلامٍ، فإذا نونت نصبت، لأن الفعل واقع عليه، ولو كان مرفوعاً ـ قيلا سلامٌ سلامٌ لكان جائزاً . وأنشدني بعض العرب وهو العقبلي:
فقلنا السلام فاتقت من أميرها فما كان إلا ومؤها بالحواجب
أراد حكاية المبتدي بالسلام.
وسمع الكسائي العرب يقولون: التقينا , فقلنا: سلام سلام، ثم تفرقنا , أراد قلنا: سلام عليكم , فردوا علينا). [معاني القرآن: 3/124]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إلّا قيلاً} نصب "يسمعون" ؛ "سلاماً سلاماً" نصبت على المصدر). [مجاز القرآن: 2/250]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إلاّ قيلاً سلاماً سلاماً}
وقال: {إلاّ قيلاً سلاماً سلاماً}: إن شئت نصبت السلام بالقيل وإن شئت جعلت السلام عطفا على القيل كأنه تفسير له وإن شئت جعلت الفعل يعمل في السلام تريد "لا تسمع إلاّ قيلاً الخير" تريد: إلاّ أنّهم يقولون الخير، والسلام هو الخير). [معاني القرآن: 4/24]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إلّا قيلا سلاما سلاما}
{قيلا}: منصوب بقوله: {لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلّا قيلا سلاما سلاما}
فالمعنى: لا يسمعون إلّا قيلا سلاما سلاما، منصوب من جهتين:
- إحداهما: أن يكون من نعت لـ {قيلا} ، فيكون المعنى لا يسمعون إلا قيلا , يسلم فيه من اللغو والإثم.
- والوجه الثاني: أن يكون{سلاما} : منصوبا على المصدر، فيكون المعنى لا يسمعون فيها إلا أن يقول بعضهم لبعض سلاما سلاما.
ودليل هذا قوله تعالى: {تحيّتهم فيها سلام} ). [معاني القرآن: 5/112]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 5 رجب 1434هـ/14-05-2013م, 06:06 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الإبل فقال: ((أعنان الشياطين لا تقبل إلا مولية ولا تدبر إلا مولية ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم)).
...
وقوله: ((لا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم)) يعني الشمال، ويقال لليد الشمال: الشؤمى قال الأعشى:
وأنحى على شؤمى يديه فزادها = بأظمأ من فرع الذؤابة أسحما
ومنه قوله عز وجل: {وأصحب المشأمة ما أصحاب المشأمة} يريد أصحاب الشمال). [غريب الحديث: 2/634]

تفسير قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) )

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) )

تفسير قوله تعالى: (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) )

تفسير قوله تعالى: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) )
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الثلة الجماعة من الناس). [الغريب المصنف: 3/976]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والثلة في غير هذا: الجماعة من الناس.
قال الله تبارك وتعالى: {ثلة من الأولين من الآخرين} ). [غريب الحديث: 2/137]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (الثلة: القطعة من الغنم: الضأن والماعز وهـ ... أولا. و{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ}: قطعة من الأولين). [مجالس ثعلب: 117]


تفسير قوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) }

تفسير قوله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما قوله:
يقرون ضيفهم الملوية الجددا
فإنما أراد السياط، وجمع جديدٍ جددٌ، وكذلك باب "فعيل" الذي هو اسم، أو مضارع للاسم، نحو قضيب وقضيب، ورغيفٍ ورغفٍ، وكذلك سرير وسررٌ وجديدٌ وجددٌ، لأنه يجري مجرى الأسماء، وجريرٌ وجررٌ، فما كان من المضاعف جاز فيه خاصةً أن تبدل من ضمته فتحة لأن التضعيف مستثقلٌ، والفتحة أخف من الضمة، فيجوز أن يمال إليها استخفافًا، فيقال: جددٌ وسررٌ، ولا يجوز هذا في مثل قضيب لأنه ليس بمضاعفٍ، وقد قرأ بعض القراء: (عَلَى سُرَرٍ مَوْضُونَةٍ) ). [الكامل: 1/255-256]

تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) }

تفسير قوله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
((ليست الهرة بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات))
قال: وكان يصغي لها الإناء.
قال: حدثنيه سفيان بن عيينة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن امرأة، عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((من الطوافين أو الطوافات عليكم)) إنما جعلها بمنزلة المماليك، ألا تسمع قول الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} إلى قوله: {ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم} وقال عز وجل في موضع آخر: {يطوف عليهم ولدان مخلدون}.
فهؤلاء الخدم.
فمعنى هذا الحديث أنه جعل الهرة كبعض الطوافين.
ومن هذا قول إبراهيم: إنما الهرة كبعض أهل البيت.
ومثله قول ابن عباس: إنما هي من متاع البيت.
وأما حديث ابن عمر أنه كان يكره سؤر الهرة فإنه إنما ذهب إلى أنه سبع له ناب.
وكذلك حديث أبي هريرة). [غريب الحديث: 1/340-342] (م)

تفسير قوله تعالى: {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) }

تفسير قوله تعالى: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ولو قلت هذا ضارب عبد الله وزيداً جاز على إضمار فعل
أي وضرب زيداً. وإنما جاز هذا الإضمار لأنّ معنى الحديث في قولك هذا ضارب زيدٍ هذا ضرب زيدا وإن كان لا يعمل عمله فحمل على المعنى كما قال جلّ ثناؤه: {ولحم طير مما يشتهون (21) وحور عين} لمّا كان المعنى في الحديث على قوله لهم فيها حمله على شيء لا ينقض الأوّل في المعنى. وقد قرأه الحسن. ومثله قول الشاعر:
يهدى الخميس نجاداً في مطالعها = إمّا المصاع وإمّا ضربةٌ رغب).
[الكتاب: 1/171-172]

تفسير قوله تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ (22) )
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ولا يجوز أن تضمر فعلاً لا يصل إلاّ بحرف جرّ لأنّ حرف الجرّ لا يضمر وسترى بيان ذلك. ولو جاز ذلك لقلت زيدٍ تريد مرّ بزيد
ومثل هذا: (وحوراً عيناً) في قراء أبى بن كعب.
فإن قلت لقيت زيدا وأماّ عمروٌ فقد مررت به ولقيت زيدا وإذا عبد الله يضربه عمروٌ فالرفع إلاّ في قول من قال زيداً رأيته وزيدا مررت به لأنّ أمّا وإذا يقطع بهما الكلام وهما من حروف الابتداء يصرفان الكلام إلى الابتداء إلاّ أن يدخل عليهما ما ينصب ولا يحمل بواحدٍ منهما آخرٌ على أوّل كما يحمل بثمّ والفاء ألا ترى أنهّم قرءوا: (وأما ثمود فهديناهم) وقبله نصبٌ وذلك لأنها تصرف الكلام إلى الابتداء إلاّ أن يوقع بعدها فعلٌ نحو أمّا زيداً فضربت). [الكتاب: 1/94-95]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
حور يعللن العبير روادعًا = كمها الشقائق أو ظباء سلام
قال أبو عبيدة: الحور: جمع حوراء، وهي الشديدة سواد العين، الشديدة بياض العين). [شرح ديوان امرئ القيس: 476] (م)

تفسير قوله تعالى: {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الله عز وجل: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}، وقال تبارك وتعالى: {كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ}.
والمكنون: المصون، يقال: كننت الشيء إذا صنته. وأكننته، إذا أخفيته، فهذا المعروف، قال الله تبارك وتعالى: {أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 235] وقد يقال: كننته، أخفيته). [الكامل: 2/951]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) }

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) }

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 6 ربيع الأول 1440هـ/14-11-2018م, 06:53 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 6 ربيع الأول 1440هـ/14-11-2018م, 06:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 6 ربيع الأول 1440هـ/14-11-2018م, 07:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والخطاب في قوله تعالى: "وكنتم" لجميع العالم; لأن الموصوفين من أصحاب المشأمة ليسوا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم و"الأزواج": الأنواع والضروب، قال قتادة: هذه منازل الناس يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 8/ 190]

تفسير قوله تعالى: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فأصحاب الميمنة} ابتداء، و"ما" ابتداء ثان و"أصحاب الميمنة" خبر "ما"، والجملة خبر الابتداء الأول، وفي الكلام معنى التعظيم، كما تقول: "زيد ما زيد"، ونظير هذا في القرآن كثير، و"الميمنة" أظهر ما في اشتقاقها أنها من ناحية اليمين، وقيل: من اليمن، وكذلك "المشأمة" إما أن تكون من اليد الشؤمى، وإما أن تكون من الشؤم، وقد فسرت هذه الآية بهذين المعنيين; إذ أصحاب الميمنة الميامين على أنفسهم، قاله الحسن والربيع، ويشبه أن اليمن والشؤم إنما اشتقا من اليمين والشمال، وذلك على طريقتهم في السانح والبارح، وكذلك اليمن والشام اشتقا من اليمنى والشؤمى.
وقوله تعالى: "والسابقون" ابتداء، و"السابقون" الثاني قال بعض النحويين: هو نعت للأول، ومذهب سيبويه أنه خبر الابتداء، وهذا كما تقول: الناس الناس، وأنت أنت، وهذا على معنى التفخيم للأمر وتعظيمه، والمعنى هو أن تقول: السابقون إلى الإيمان السابقون إلى الجنة والرحمة، أولئك ...، ويتجه هذا المعنى على الابتداء والخبر.
وقوله تعالى: {أولئك المقربون} ابتداء وخبر، وهو في موضع الخبر على قول من قال: "السابقون" الثاني صفة، و"المقربون" معناه: من الله في جنة عدن، قال جماعة من أهل العلم: وهذه الآية متضمنة أن العالم يوم القيامة على ثلاثة أصناف: مؤمنون هم على يمين العرش وهنالك الجنة، وكافرون، هم على شمال العرش وهنالك هي النار، والقول في يمين العرش وشماله نحو من الذي مر في سورة الكهف في اليمين والشمال، وقد قيل في أصحاب الميمنة واليمين: إنهم من أخذ كتابه بيمينه، وفي أصحاب المشأمة والشمال: إنهم من أخذه بشماله، فعلى هذا ليست نسبة اليمين والشمال إلى العرش، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أصحاب اليمين أطفال المؤمنين، وقيل: المراد ميمنة آدم عليه السلام ومشأمته المذكورتان في حديث الإسراء في الأسودة.
و "السابقون" معناه: قد سبقت لهم السعادة وكانت أعمالهم في الدنيا سبقا إلى أعمال البر وإلى ترك المعاصي، فهذا عموم في جميع الناس، وخصص المفسرون من هذا أشياء، فقال عثمان بن أبي سودة: هم السابقون إلى المساجد، وقال ابن سيرين: هم الذين صلوا القبلتين، وقال كعب: هم أهل القرآن، وقيل: هم غير هذا مما هو جزء من الأعمال الصالحة، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن السابقين فقال: "هم الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وحكموا للناس بحكمهم لأنفسهم"، وقرأ طلحة بن مصرف: "في جنة النعيم" على الإفراد، و"المقربون" عبارة عن أعلى منازل البشر في الآخرة، على سرر موضونة متكئين، وقيل لعامر بن عبد قيس في يوم حلبة: من سبق؟ فقال: المقربون).[المحرر الوجيز: 8/ 190-192]

تفسير قوله تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين * على سرر موضونة * متكئين عليها متقابلين * يطوف عليهم ولدان مخلدون * بأكواب وأباريق وكأس من معين * لا يصدعون عنها ولا ينزفون * وفاكهة مما يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون * وحور عين * كأمثال اللؤلؤ المكنون * جزاء بما كانوا يعملون * لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما}
"الثلة": الجماعة والفرقة، وهو تقع للقليل والكثير، واللفظ في هذا الوضع يعطي أن الجملة من الأولين أكثر من الجملة من الآخرين وهي التي عبر عنها بالقليل، واختلف المتأولون في معنى ذلك -فقال قوم- حكى قولهم مكي -: المراد بذلك الأنبياء عليهم السلام لأنهم كانوا في صدر الدنيا أكثر عددا، وقال الحسن وغيره: المراد السابقون من الأمم والسابقون من الأمة، وذلك إما أن يقترن أصحاب الأنبياء عليهم السلام بجموعهم إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فأولئك أكثر عددا لا محالة، وإما أن يقرن أصحاب الأنبياء عليهم السلام ممن سبق في أثناء الأمم السالفة إلى السابقين من جميع هذه الأمة فأولئك أكثر. وروي أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم حزنوا لقلة سابقي هذه الأمة على هذا التأويل، فنزلت: {ثلة من الأولين وثلة من الآخرين} فرضوا، وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها تأولت أن الفرقتين في أمة كل نبي هي في الصدر ثلة وفي آخر الأمة قليل، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه: "الفرقتان في أمتي، فسابق أول الأمة ثلة، وسابق سائرها إلى يوم القيامة قليل"). [المحرر الوجيز: 8/ 192-193]

تفسير قوله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "سرر" بضم الراء، وقرأ أبو السمال: "سرر" بفتح الراء، و"الموضونة": المنسوجة بتركيب بعض أجزائها على بعض كحلق الدرع، فإن الدرع موضونة، ومنه قول الأعشى:
ومن نسج داود موضونة ... تسير مع الحي عيرا فعيرا
وكذلك سقيفة الخوص ونحوه موضونة، ومنه وضين الناقة وهو حزامها لأنه موضون، فهو كقتيل وجريح، ومنه قوله:
إليك تعدو قلقا وضينها ... معترضا في بطنها جنينها
مخالفا دين النصارى دينها
قال ابن عباس رضي الله عنهما: هذه السرر الموضونة هي مرمولة بالذهب، وقال عكرمة: هي مشبكة بالدر والياقوت).[المحرر الوجيز: 8/ 193]

تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"متكئين" و"متقابلين"، حالان، وفيهما ضمير مرفوع، وفي مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "متكئين عليها ناعمين"). [المحرر الوجيز: 8/ 193]

تفسير قوله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الولدان": صغار الخدم، عبارة عن أنهم صغار الأسنان. ووصفهم تعالى بالخلد وإن كان جميع ما في الجنة كذلك; إشارة إلى أنهم في حال الولدان مخلدون لا تكبر لهم سن، وقال مجاهد: لا يموتون، قال الفراء: "مخلدون" معناه: مقرطون بالخلدات، وهي ضرب من الأقراط، والأول أصوب; لأن العرب تقول للذي كبر ولم يشب: إنه لمخلد). [المحرر الوجيز: 8/ 194]

تفسير قوله تعالى: {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الأكواب": ما كان من أواني الشرب لا أذن له ولا خرطوم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي جرار من فضة، وقال أبو صالح: مستديرة أفواهها، وقال قتادة والضحاك: ليست لها عرى. و"الإبريق": ما له خرطوم، قال مجاهد: وأذن، وهو من أواني الخمر عند العرب، ومنه قول عدي بن زيد:
وتداعوا إلى الصبوح فقامت ... قينة في يمينها إبريق
و"الكأس": الآنية المعدة للشرب بها، بشريطة أن يكون فيها خمر ونبيذ، أو بسبيل ذلك، ومتى كان فارغا فهو منتسب إلى جنسه زجاجا كان أو غيره، ولا يقال لآنية فيها ماء ولبن: كأس.
وقوله تعالى: "من معين" قال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه: من خمر سائلة، فوزنها مفعول، أصلها معيون، وهذا تأويل قتادة). [المحرر الوجيز: 8/ 194]

تفسير قوله تعالى: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {لا يصدعون عنها} ذهب أكثر المفسرين إلى أن المعنى: لا يلحق رؤوسهم الصداع الذي يلحق من خمر الدنيا، وقال قوم: معناه: لا يتفرقون عنها، بمعنى: لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب كما يفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق، وهذا كما قال: "يتصدع السحاب عن المدينة" ... الحديث.
وقوله تعالى: "ولا ينزفون" قال مجاهد، وقتادة، وابن جبير، والضحاك: معناه: لا تذهب عقولهم سكرا، والنزيف: السكران، ومنه قول الشاعر:
... ... ... ... ... شرب النزيف ببرد ماء الحشرج
وقرأ ابن أبي إسحاق: "ولا ينزفون" بكسر الزاي وفتح الياء، من: "نزف البئر" إذا استقى ماءها، فهي بمعنى: تم خمرهم ونفدت، هكذا قال أبو الفتح. وحكاها أبو حاتم عن ابن أبي إسحاق، والجحدري، والأعمش، وطلحة، وابن مسعود، وأبي عبد الرحمن، وعيسى بضم الياء وكسر الزاي، قال: ومعناها: لا يفنى شرابهم، والعرب تقول: "أنزف الرجل عبرته". وتقول أيضا: "أنزف" إذا سكر، ومنه قول الأبيرد:
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم ... لبئس الندامى كنتم آل أبجرا). [المحرر الوجيز: 8/ 194-195]

تفسير قوله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وعطفت "الفاكهة" على "الكأس والأباريق"). [المحرر الوجيز: 8/ 196]

تفسير قوله تعالى: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: "مما يشتهون"، روي فيه أن العبد يرى الطائر يطير فيشتهيه فينزل له كما اشتهاه، وربما أكل منه ألوانا بحسب تصرف شهوته إلى كثير مما روي في هذا المعنى). [المحرر الوجيز: 8/ 196]

تفسير قوله تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ حمزة، والكسائي، والمفضل عن عاصم: "وحور عين" بالخفض، وهي قراءة الحسن، وأبي عبد الرحمن، والأعمش، وأبي القعقاع، وعمرو بن عبيد. وقرأ أبي بن كعب، وابن مسعود: "وحورا عينا" بالنصب، وقرأ الباقون من السبعة: "وحور عين" بالرفع، كل هذه القراءات محمولة الإعراب على المعنى لا على اللفظ، فالخفض كأن المعنى: قيل: تنعمون بهذا كله وبحور عين،وكأن المعنى في قراءة النصب: وتعطون هذا كله وحورا عينا، وكأن المعنى في الرفع: لهم هذا كله وحور عين، ويجوز أن يعطف "وحور" على الضمير المستقر في "متكئين"، قال أبو علي: ولم يؤكد لكون طول الكلام بدلا من التوكيد، ويجوز أن يعطف على "الولدان" وإن كان طواف الحور يقلق، ويجوز أن يعطف على الضمير المقدر في قوله تعالى: "على سرر". وفي هذا كله نظر، وقد تقدم معنى "حور عين"، وقرأ إبراهيم النخعي: "وحير عين").[المحرر الوجيز: 8/ 196]

تفسير قوله تعالى: {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وخص "سبحانه" المكنون من اللؤلؤ لأنه أصفى لونا وأبعد عن الغير، وسألت أم سلمة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا التشبيه فقال: "صفاؤهن كصفاء الدر في الأصداف الذي لا تمسه الأيدي"). [المحرر الوجيز: 8/ 196]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"جزاء بما كانوا يعملون" أي: هذه الرتب والنعم هي بحسب أعمالهم; لأنه روي أن المنازل والقسم في الجنة هي مقسمة على قدر الأعمال، ونفس دخول الجنة هو برحمة الله تبارك وتعالى وفضله لا بعمل عامل، فأما هذا الفضل وأن دخولها ليس بعمل عامل ففيه حديث صحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة"). [المحرر الوجيز: 8/ 196]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"اللغو": سقط القول من فحش وغيره، و"التأثيم" مصدر، بمعنى: لا يؤثم أحد هناك غيره ولا نفسه بقول كأن يسمع ويتألم بسماعه.
و"قيلا" مستثنى، والاستثناء متصل، وقال قوم: هو منقطع، و"سلاما" نعت للقيل، كأنه تعالى قال: إلا قليلا سالما من هذه العيوب وغيرها، وقال أبو إسحاق الزجاج أيضا: "سلاما" مصدر، وناصبه "قيلا"، كأنه تعالى ذكر أنهم يقول بعضهم لبعض: سلاما سلاما، وقال بعض النحاة: "سلاما" منتصب بفعل مضمر تقديره: اسلموا سلاما).[المحرر الوجيز: 8/ 197]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 12:22 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 12:36 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وكنتم أزواجًا ثلاثةً} أي: ينقسم النّاس يوم القيامة إلى ثلاثة أصنافٍ: قومٌ عن يمين العرش، وهم الّذين خرجوا من شقّ آدم الأيمن، ويؤتون كتبهم بأيمانهم، ويؤخذ بهم ذات اليمين. قال السّدّيّ: وهم جمهور أهل الجنّة. وآخرون عن يسار العرش، وهم الّذين خرجوا من شقّ آدم الأيسر، ويؤتون كتبهم بشمائلهم، ويؤخذ بهم ذات الشّمال، وهم عامّة أهل النّار -عياذًا باللّه من صنيعهم- وطائفةٌ سابقون بين يديه وهم أخصّ وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الّذين هم سادتهم، فيهم الرّسل والأنبياء والصّدّيقون والشّهداء، وهم أقلّ عددًا من أصحاب اليمين؛ ولهذا قال: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة. وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة. والسّابقون السّابقون} وهكذا قسّمهم إلى هذه الأنواع الثّلاثة في آخر السّورة وقت احتضارهم، وهكذا ذكرهم في قوله تعالى: {ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن اللّه} الآية [فاطرٍ:32]، وذلك على أحد القولين في الظّالم لنفسه كما تقدّم بيانه.
قال سفيان الثّوريّ، عن جابرٍ الجعفيّ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وكنتم أزواجًا ثلاثةً} قال: هي الّتي في سورة الملائكة: {ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات}.
وقال ابن جريج عن ابن عبّاسٍ: هذه الأزواج الثّلاثة هم المذكورون في آخر السّورة وفي سورة الملائكة.
وقال يزيد الرّقاشيّ: سألت ابن عبّاسٍ عن قوله: {وكنتم أزواجًا ثلاثةً} قال: أصنافًا ثلاثةً.
وقال مجاهدٌ: {وكنتم أزواجًا ثلاثةً} [قال]: يعني: فرقًا ثلاثةً. وقال ميمون بن مهران: أفواجًا ثلاثةً. وقال عبيد اللّه العتكي، عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخطّاب: {وكنتم أزواجًا ثلاثةً} اثنان في الجنة، وواحد في النار.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن الصّبّاح، حدّثنا الوليد بن أبي ثورٍ، عن سماك، عن النّعمان بن بشيرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وإذا النّفوس زوّجت} [التّكوير: 7] قال: الضّرباء، كلّ رجلٍ من قومٍ كانوا يعملون عمله، وذلك بأنّ اللّه يقول: {وكنتم أزواجًا ثلاثةً. فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة. وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة. والسّابقون السّابقون} قال: هم الضّرباء.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن عبد الله المثنّى، حدّثنا البراء الغنويّ، حدّثنا الحسن، عن معاذ بن جبلٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تلا هذه الآية: {وأصحاب اليمين}، {وأصحاب الشّمال} فقبض بيده قبضتين فقال: "هذه للجنّة ولا أبالي، وهذه للنّار ولا أبالي".
وقال أحمد أيضًا: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا خالد بن أبي عمران، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عائشة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، أنه قال: "أتدرون من السّابقون إلى ظلّ يوم القيامة؟ " قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "الّذين إذا أعطوا الحقّ قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وحكموا للنّاس كحكمهم لأنفسهم".
وقال محمّد بن كعبٍ وأبو حرزة يعقوب بن مجاهدٍ: {والسّابقون السّابقون}: هم الأنبياء، عليهم السّلام. وقال السّدّيّ: هم أهل علّيّين. وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {والسّابقون السّابقون}، قال: يوشع بن نونٍ، سبق إلى موسى، ومؤمن آل "يس"، سبق إلى عيسى، وعليّ بن أبي طالبٍ، سبق إلى محمّدٍ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. رواه ابن أبي حاتمٍ، عن محمّد بن هارون الفلّاس، عن عبد اللّه بن إسماعيل المدائنيّ البزّاز، عن شعيب بن الضّحّاك المدائنيّ، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: وذكر محمّد بن أبي حمّادٍ، حدّثنا مهران، عن خارجة، عن قرّة، عن ابن سيرين: {والسّابقون السّابقون} الّذين صلّوا للقبلتين.
ورواه ابن جريرٍ من حديث خارجة، به.
وقال الحسن وقتادة: {والسّابقون السّابقون} أي: من كلّ أمّةٍ.
وقال الأوزاعيّ، عن عثمان بن أبي سودة أنّه قرأ هذه الآية: {والسّابقون السّابقون. أولئك المقرّبون} ثمّ قال: أوّلهم رواحًا إلى المسجد، وأوّلهم خروجًا في سبيل الله.
وهذه الأقوال كلّها صحيحةٌ، فإنّ المراد بالسّابقين هم المبادرون إلى فعل الخيّرات كما أمروا، كما قال تعالى: {وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربّكم وجنّةٍ عرضها السّموات والأرض} [آل عمران: 133]، وقال: {سابقوا إلى مغفرةٍ من ربّكم وجنّةٍ عرضها كعرض السّماء والأرض} [الحديد: 22]، فمن سابق إلى هذه الدّنيا وسبق إلى الخير، كان في الآخرة من السّابقين إلى الكرامة، فإنّ الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان؛ ولهذا قال تعالى: {أولئك المقرّبون. في جنّات النّعيم}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا يحيى بن زكريّا القزّاز الرّازيّ، حدّثنا خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قالت الملائكة: يا ربّ، جعلت لبني آدم الدّنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوّجون، فاجعل لنا الآخرة. فقال: لا أفعل. فراجعوا ثلاثًا، فقال: لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له: كن، فكان. ثمّ قرأ عبد اللّه: {والسّابقون السّابقون. أولئك المقرّبون. في جنّات النّعيم}.
وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيدٍ الدّارميّ في كتابه: "الرّدّ على الجهميّة"، ولفظه: فقال اللّه عزّ وجلّ: "لن أجعل صالح ذرّيّة من خلقت بيدي، كمن قلت له: كن فكان"). [تفسير ابن كثير: 7/ 515-517]

تفسير قوله تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثلّةٌ من الأوّلين (13) وقليلٌ من الآخرين (14) على سررٍ موضونةٍ (15) متّكئين عليها متقابلين (16) يطوف عليهم ولدانٌ مخلّدون (17) بأكوابٍ وأباريق وكأسٍ من معينٍ (18) لا يصدّعون عنها ولا ينزفون (19) وفاكهةٍ ممّا يتخيّرون (20) ولحم طيرٍ ممّا يشتهون (21) وحورٌ عينٌ (22) كأمثال اللّؤلؤ المكنون (23) جزاءً بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا (25) إلّا قيلًا سلامًا سلامًا (26) }
يقول تعالى مخبرًا عن هؤلاء السّابقين أنّهم {ثلّةٌ} أي: جماعةٌ {من الأوّلين. وقليلٌ من الآخرين}. وقد اختلفوا في المراد بقوله: {الأوّلين}، و {الآخرين}. فقيل: المراد بالأوّلين: الأمم الماضية، والآخرين: هذه الأمّة. هذا روايةٌ عن مجاهدٍ، والحسن البصريّ، رواها عنهما ابن أبي حاتمٍ. وهو اختيار ابن جريرٍ، واستأنس بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "نحن الآخرون السّابقون يوم القيامة". ولم يحك غيره ولا عزاه إلى أحد.
وممّا يستأنس به لهذا القول، ما رواه الإمام أبو محمّد بن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن عيسى بن الطباع، حدّثنا شريكٌ، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: لـمّا نزلت: {ثلّةٌ من الأوّلين. وقليلٌ من الآخرين} شقّ ذلك على أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت: {ثلّةٌ من الأوّلين. وثلّةٌ من الآخرين} فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنّة، ثلث أهل الجنّة، بل أنتم نصف أهل الجنّة -أو: شطر أهل الجنّة- وتقاسمونهم النّصف الثّاني".
ورواه الإمام أحمد، عن أسود بن عامرٍ، عن شريكٍ، عن محمّد، بيّاع الملاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره. وقد روي من حديث جابرٍ نحو هذا، ورواه الحافظ ابن عساكر من طريق هشام بن عمّارٍ: حدّثنا عبد ربّه بن صالحٍ، عن عروة بن رويمٍ، عن جابر بن عبد اللّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لـمّا نزلت: {فيومئذٍ وقعت الواقعة}، ذكر فيها {ثلّةٌ من الأوّلين. وقليلٌ من الآخرين}، قال عمر: يا رسول اللّه، ثلّةٌ من الأوّلين وقليلٌ منّا؟ قال: فأمسك آخر السّورة سنةً، ثمّ نزل: {ثلّةٌ من الأوّلين. وثلّةٌ من الآخرين}، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا عمر، تعال فاسمع ما قد أنزل اللّه: {ثلّةٌ من الأوّلين. وثلّةٌ من الآخرين}، ألا وإنّ من آدم إليّ ثلّةً، وأمّتي ثلّةٌ، ولن نستكمل ثلّتنا حتّى نستعين بالسّودان من رعاة الإبل، ممّن شهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له".
هكذا أورده في ترجمة "عروة بن رويمٍ"، إسنادًا ومتنًا، ولكن في إسناده نظرٌ. وقد وردت طرقٌ كثيرةٌ متعدّدةٌ بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنّة" الحديث بتمامه، وهو مفردٌ في "صفة الجنّة" وللّه الحمد والمنّة. وهذا الّذي اختاره ابن جريرٍ هاهنا، فيه نظرٌ، بل هو قولٌ ضعيفٌ؛ لأنّ هذه الأمّة هي خير الأمم بنصّ القرآن، فيبعد أن يكون المقرّبون في غيرها أكثر منها، اللّهمّ إلّا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمّة. والظّاهر أنّ المقرّبين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم، واللّه أعلم. فالقول الثّاني في هذا المقام، هو الرّاجح، وهو أن يكون المراد بقوله: {ثلّةٌ من الأوّلين} أي: من صدر هذه الأمّة، {وقليلٌ من الآخرين} أي: من هذه الأمّة.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، حدّثنا عفّان، حدّثنا عبد اللّه بن بكرٍ المزنيّ، سمعت الحسن: أتى على هذه الآية: {والسّابقون السّابقون. أولئك المقرّبون} فقال: أمّا السّابقون، فقد مضوا، ولكن اللّهمّ اجعلنا من أهل اليمين.
ثمّ قال: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو الوليد، حدّثنا السّرّيّ بن يحيى قال: قرأ الحسن: {والسّابقون السّابقون. أولئك المقرّبون. في جنّات النّعيم. ثلّةٌ من الأوّلين} ثلّةٌ ممّن مضى من هذه الأمة.
وحدّثنا أبي، حدّثنا عبد العزيز بن المغيرة المنقري، حدّثنا أبو هلالٍ، عن محمّد بن سيرين، أنّه قال في هذه الآية: {ثلّةٌ من الأوّلين. وقليلٌ من الآخرين} قال: كانوا يقولون، أو يرجون، أن يكونوا كلّهم من هذه الأمّة. فهذا قول الحسن وابن سيرين أنّ الجميع من هذه الأمّة. ولا شكّ أنّ أوّل كلّ أمّةٍ خيرٌ من آخرها، فيحتمل أن يعمّ الأمر جميع الأمم كلّ أمّةٍ بحسبها؛ ولهذا ثبت في الصّحاح وغيرها، من غير وجهٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "خير القرون قرني، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم" الحديث بتمامه.
فأمّا الحديث الّذي رواه الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن، حدّثنا زيادٌ أبو عمر، عن الحسن، عن عمّار بن ياسرٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "مثل أمّتي مثل المطر، لا يدرى أوّله خيرٌ أم آخره"، فهذا الحديث، بعد الحكم بصحّة إسناده، محمولٌ على أنّ الدّين كما هو محتاجٌ إلى أوّل الأمّة في إبلاغه إلى من بعدهم، كذلك هو محتاجٌ إلى القائمين به في أواخرها، وتثبيت النّاس على السّنّة وروايتها وإظهارها، والفضل للمتقدّم. وكذلك الزّرع الّذي يحتاج إلى المطر الأوّل وإلى المطر الثّاني، ولكنّ العمدة الكبرى على الأوّل، واحتياج الزّرع إليه آكد، فإنّه لولاه ما نبت في الأرض، ولا تعلّق أساسه فيها؛ ولهذا قال، عليه السّلام: "لا تزال طائفةٌ من أمّتي ظاهرين على الحقّ، لا يضرّهم من خذلهم، ولا من خالفهم، إلى قيام السّاعة". وفي لفظٍ: "حتّى يأتي أمر اللّه وهم كذلك". والغرض أنّ هذه الأمّة أشرف من سائر الأمم، والمقرّبون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلةً؛ لشرف دينها وعظم نبيّها. ولهذا ثبت بالتّواتر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه أخبر أنّ في هذه الأمّة سبعين ألفًا يدخلون الجنّة بغير حسابٍ. وفي لفظٍ: "مع كلّ ألفٍ سبعون ألفًا". وفي آخر مع كلّ واحدٍ سبعون ألفًا".
وقد قال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ: حدّثنا هشام بن مرثدٍ الطّبرانيّ، حدّثنا محمّدٌ -هو ابن إسماعيل بن عيّاشٍ-حدّثني أبي، حدّثني ضمضم -يعني ابن زرعة- عن شريحٍ -هو ابن عبيدٍ- عن أبي مالكٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أما والّذي نفسي بيده، ليبعثنّ منكم يوم القيامة مثل اللّيل الأسود زمرةٌ جميعها يحيطون الأرض، تقول الملائكة لما جاء مع محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أكثر ممّا جاء مع الأنبياء، عليهم السّلام".
وحسنٌ أن يذكر هاهنا [عند قوله: {ثلّةٌ من الأوّلين. وقليلٌ من الآخرين}] الحديث الّذي رواه الحافظ أبو بكرٍ البيهقيّ في "دلائل النّبوّة" حيث قال: أخبرنا أبو نصرٍ بن قتادة، أخبرنا أبو عمرٍو بن مطر، حدثنا جعفر -[هو] بن محمّد بن المستفاض الفريابيّ -حدّثني أبو وهبٍ الوليد بن عبد الملك بن عبيد اللّه بن مسرّح الحرّاني، حدّثنا سليمان بن عطاءٍ القرشيّ الحرّانيّ، عن مسلمة بن عبد اللّه الجهنيّ، عن عمّه أبي مشجعة بن ربعي، عن ابن زمل الجهنيّ، رضي اللّه عنه، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذا صلّى الصّبح قال، وهو ثانٍ رجله: "سبحان اللّه وبحمده. أستغفر اللّه، إنّ اللّه كان توّابًا" سبعين مرّةً، ثمّ يقول: "سبعين بسبعمائةٍ، لا خير لمن كانت ذنوبه في يومٍ واحدٍ أكثر من سبعمائةٍ". ثمّ يقول ذلك مرّتين، ثمّ يستقبل النّاس بوجهه، وكان يعجبه الرّؤيا، ثمّ يقول: "هل رأى أحدٌ منكم شيئًا؟ " قال ابن زملٍ: فقلت: أنا يا رسول اللّه. فقال: "خيرٌ تلقاه، وشرٌّ توقّاه، وخيرٌ لنا، وشرٌّ على أعدائنا، والحمد للّه ربّ العالمين. اقصص رؤياك". فقلت: رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لا حب، والنّاس على الجادّة منطلقين، فبينما هم كذلك، إذ أشفى ذلك الطّريق على مرجٍ لم تر عيني مثله، يرفّ رفيفًا يقطر ماؤه، فيه من أنواع الكلأ قال: وكأنّي بالرّعلة الأولى حين أشفوا على المرج كبّروا، ثمّ أكبّوا رواحلهم في الطّريق، فلم يظلموه يمينًا ولا شمالًا. قال: فكأنّي أنظر إليهم منطلقين. ثمّ جاءت الرّعلة الثّانية وهم أكثر منهم أضعافًا، فلمّا أشفوا على المرج كبّروا، ثمّ أكبّوا رواحلهم في الطّريق، فمنهم المرتع، ومنهم الآخذ الضّغث. ومضوا على ذلك. قال: ثمّ قدم عظم النّاس، فلمّا أشفوا على المرج كبّروا وقالوا: (هذا خير المنزل). كأنّي أنظر إليهم يميلون يمينًا وشمالًا فلمّا رأيت ذلك، لزمت الطّريق حتّى آتي أقصى المرج، فإذا أنا بك يا رسول اللّه على منبرٍ فيه سبع درجاتٍ وأنت في أعلاها درجةً، وإذا عن يمينك رجلٌ آدم شثلٌ أقنى، إذا هو تكلّم يسمو فيفرع الرّجال طولًا وإذا عن يسارك رجلٌ ربعةٌ باذٌّ كثير خيلان الوجه، كأنّما حمّم شعره بالماء، إذا هو تكلّم أصغيتم إكرامًا له. وإذا أمام ذلك رجلٌ شيخٌ أشبه النّاس بك خلقًا ووجهًا، كلّكم تؤمّونه تريدونه، وإذا أمام ذلك ناقةٌ عجفاء شارفٌ، وإذا أنت يا رسول اللّه كأنّك تبعثها. قال: فامتقع لون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ساعةً ثمّ سرّي عنه، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أمّا ما رأيت من الطّريق السهل الرحب اللا حب، فذاك ما حملتم عليه من الهدى وأنتم عليه. وأمّا المرج الّذي رأيت، فالدّنيا مضيت أنا وأصحابي لم نتعلّق منها بشيءٍ، ولم تتعلّق منّا، ولم نردها ولم تردنا. ثمّ جاءت الرّعلة الثّانية من بعدنا وهم أكثر منّا أضعافًا، فمنهم المرتع، ومنهم الآخذ الضّغث، ونجوا على ذلك. ثمّ جاء عظم النّاس، فمالوا في المرج يمينًا وشمالًا فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون. وأمّا أنت، فمضيت على طريقةٍ صالحةٍ، فلن تزال عليها حتّى تلقاني. وأمّا المنبر الّذي رأيت فيه سبع درجاتٍ وأنا في أعلاها درجةً، فالدّنيا سبعة آلاف سنةٍ، أنا في آخرها ألفًا. وأمّا الرّجل الّذي رأيت على يميني الآدم الشّثل، فذلك موسى، عليه السّلام، إذا تكلّم، يعلو الرّجال بفضل كلام اللّه إيّاه. والّذي رأيت عن يساري البازّ الرّبعة الكثير خيلان الوجه، كأنّما حمّم شعره بالماء، فذلك عيسى ابن مريم، نكرمه لإكرام اللّه إيّاه. وأمّا الشّيخ الّذي رأيت أشبه النّاس بي خلقًا ووجهًا فذاك أبونا إبراهيم، كلّنا نؤمّه ونقتدي به. وأمّا النّاقة الّتي رأيت ورأيتني أبعثها، فهي السّاعة، علينا تقوم، لا نبيّ بعدي، ولا أمّة بعد أمّتي". قال: فما سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن رؤيا بعد هذا إلّا أن يجيء الرّجل، فيحدّثه بها متبرّعًا). [تفسير ابن كثير: 7/ 517-521]

تفسير قوله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {على سررٍ موضونةٍ} قال ابن عبّاسٍ: أي مرمولةٌ بالذّهب، يعني: منسوجةٌ به. وكذا قال مجاهدٌ، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وزيد بن أسلم، وقتادة، والضّحّاك، وغيره.
وقال السّدّيّ: مرمولةٌ بالذّهب واللّؤلؤ. وقال عكرمة: مشبّكةٌ بالدّرّ والياقوت. وقال ابن جريرٍ: ومنه سمّي وضين النّاقة الّذي تحت بطنها، وهو فعيلٌ بمعنى مفعولٍ؛ لأنّه مضفورٌ، وكذلك السّرر في الجنّة مضفورةٌ بالذّهب واللّآلئ). [تفسير ابن كثير: 7/ 521]

تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال: {متّكئين عليها متقابلين} أي: وجوهٌ بعضهم إلى بعضٍ، ليس أحدٌ وراء أحدٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 521]

تفسير قوله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يطوف عليهم ولدانٌ مخلّدون} أي: مخلّدون على صفةٍ واحدةٍ، لا يكبرون عنها ولا يشيبون ولا يتغيّرون). [تفسير ابن كثير: 7/ 521]

تفسير قوله تعالى: {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({بأكوابٍ وأباريق وكأسٍ من معينٍ}، أمّا الأكواب فهي: الكيزان الّتي لا خراطيم لها ولا آذان. والأباريق: التي جمعت الوصفين. والكؤوس: الهنابات، والجميع من خمرٍ من عينٍ جاريةٍ معين، ليس من أوعيةٍ تنقطع وتفرغ، بل من عيونٍ سارحةٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 521]

تفسير قوله تعالى: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا يصدّعون عنها ولا ينزفون} أي: لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم، بل هي ثابتةٌ مع الشّدّة المطربة واللّذّة الحاصلة.
وروى الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال: في الخمر أربع خصالٍ: السّكر، والصّداع، والقيء، والبول. فذكر اللّه خمر الجنّة ونزّهها عن هذه الخصال.
وقال مجاهدٌ، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعطيّة، وقتادة، والسّدّيّ: {لا يصدّعون عنها} يقول: ليس لهم فيها صداع رأسٍ.
وقالوا في قوله: {ولا ينزفون} أي: لا تذهب بعقولهم). [تفسير ابن كثير: 7/ 521]

تفسير قوله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وفاكهةٍ ممّا يتخيّرون. ولحم طيرٍ ممّا يشتهون} أي: ويطوفون عليهم بما يتخيّرون من الثّمار.
وهذه الآية دليلٌ على جواز أكل الفاكهة على صفة التّخيّر لها، ويدلّ على ذلك حديث "عكراش بن ذؤيبٍ" الّذي رواه الحافظ أبو يعلى الموصليّ، رحمه اللّه، في مسنده: حدّثنا العبّاس بن الوليد النّرسي، حدّثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سويّة، حدّثنا عبيد اللّه بن عكراش، عن أبيه عكراش بن ذؤيبٍ، قال: بعثني بنو مرّة في صدقات أموالهم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقدمت المدينة فإذا هو جالسٌ بين المهاجرين والأنصار، وقدمت عليه بإبلٍ كأنها عروق الأرطى، قال: "من الرجل؟ " قلت: عكراش بن ذؤيبٍ. قال: "ارفع في النّسب"، فانتسبت له إلى "مرّة بن عبيدٍ"، وهذه صدقة "مرّة بن عبيدٍ". فتبسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قال: هذه إبل قومي، هذه صدقات قومي. ثمّ أمر بها أنّ توسم بميسم إبل الصّدقة وتضمّ إليها. ثمّ أخذ بيدي فانطلقنا إلى منزل أمّ سلمة، فقال: "هل من طعامٍ؟ " فأتينا بحفنة كثيرة الثّريد والوذر، فجعل يأكل منها، فأقبلت أخبّط بيدي في جوانبها، فقبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بيده اليسرى على يدي اليمنى، فقال: "يا عكراش، كل من موضعٍ واحدٍ، فإنّه طعامٌ واحدٌ". ثمّ أتينا بطبقٍ فيه تمرٌ، أو رطبٌ -شكّ عبيد اللّه رطبًا كان أو تمرًا-فجعلت آكل من بين يدي، وجالت يد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الطّبق، وقال: "يا عكراش، كل من حيث شئت فإنّه غير لونٍ واحدٍ". ثمّ أتينا بماءٍ، فغسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يده ومسح ببلل كفّيه وجهه وذراعيه ورأسه ثلاثًا، ثمّ قال: "يا عكراش، هذا الوضوء ممّا غيّرت النّار".
وهكذا رواه التّرمذيّ مطوّلًا وابن ماجه جميعًا، عن محمّد بن بشّارٍ، عن أبي الهزيل العلاء بن الفضل، به. وقال التّرمذيّ: غريبٌ لا نعرفه إلّا من حديثه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا بهز بن أسدٍ وعفّان -وقال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا شيبان -قالوا: حدّثنا سليمان بن المغيرة، حدّثنا ثابتٌ، قال: قال أنسٌ: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تعجبه الرّؤيا، فربّما رأى الرّجل الرّؤيا فسأل عنه إذا لم يكن يعرفه، فإذا أثني عليه معروف، كان أعجب لرؤياه إليه. فأتته امرأةٌ فقالت: يا رسول اللّه، رأيت كأنّي أتيت فأخرجت من المدينة، فأدخلت الجنّة فسمعت وجبة انتحبت لها الجنة، فنظرت فإذا فلان ابن فلان، وفلان ابن فلانٍ، فسمّت اثني عشر رجلًا كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد بعث سرّيّةً قبل ذلك، فجيء بهم عليهم ثيابٌ طلسٌ تشخب أوداجهم، فقيل: اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ -أو: البيذخ- قال: فغمسوا فيه، فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة البدر، فأتوا بصحفةٍ من ذهبٍ فيها بسر، فأكلوا من بسره ما شاؤوا، فما يقلّبونها من وجهٍ إلّا أكلوا من الفاكهة ما أرادوا، وأكلت معهم. فجاء البشير من تلك السّرّيّة، فقال: كان من أمرنا كذا وكذا، وأصيب فلانٌ وفلانٌ. حتّى عدّ اثني عشر رجلًا فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المرأة فقال: "قصّي رؤياك" فقصّتها، وجعلت تقول: فجيء بفلانٍ وفلانٍ كما قال.
هذا لفظ أبي يعلى، قال الحافظ الضّياء: وهذا على شرط مسلمٌ.
وقال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ: حدّثنا معاذ بن المثنّى، حدّثنا عليّ بن المدينيّ، حدّثنا ريحان بن سعيدٍ، عن عبّاد بن منصورٍ، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرّجل إذا نزع ثمرةً في الجنّة، عادت مكانها أخرى").[تفسير ابن كثير: 7/ 521-523]

تفسير قوله تعالى: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولحم طيرٍ ممّا يشتهون}، قال الإمام أحمد:
حدّثنا سيّار بن حاتمٍ، حدّثنا جعفر بن سليمان الضّبعيّ، حدّثنا ثابتٍ، عن أنسٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ طير الجنّة كأمثال البخت، يرعى في شجر الجنّة". فقال أبو بكرٍ: يا رسول اللّه، إنّ هذه لطيرٌ ناعمةٌ فقال: "أكلتها أنعم منها -قالها ثلاثًا- وإنّي لأرجو أن تكون ممّن يأكل منها". تفرّد به أحمد من هذا الوجه.
وروى الحافظ أبو عبد اللّه المقدسيّ في كتابه "صفة الجنّة" من حديث إسماعيل بن عليٍّ الخطبيّ، عن أحمد بن عليٍّ الخيوطي، عن عبد الجبّار بن عاصمٍ، عن عبد اللّه بن زيادٍ، عن زرعة، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: ذكرت عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم طوبى، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا أبا بكرٍ، هل بلغك ما طوبى؟ " قال: اللّه ورسوله أعلم. قال: "طوبى شجرةٌ في الجنّة، ما يعلم طولها إلّا اللّه، يسير الرّاكب تحت غصنٍ من أغصانها سبعين خريفًا، ورقها الحلل، يقع عليها الطّير كأمثال البخت". فقال أبو بكرٍ: يا رسول اللّه، إنّ هناك لطيرًا ناعمًا؟ قال: "أنعم منه من يأكله، وأنت منهم إن شاء اللّه".
وقال قتادة في قوله: {ولحم طيرٍ ممّا يشتهون}: ذكر لنا أنّ أبا بكرٍ قال: يا رسول اللّه، إنّي أرى طيرها ناعمةً كما أهلها ناعمون. قال: "من يأكلها -واللّه يا أبا بكرٍ -أنعم منها، وإنّها لأمثال البخت، وإنّي لأحتسب على اللّه أن تأكل منها يا أبا بكرٍ".
وقال أبو بكرٍ بن أبي الدّنيا: حدّثني مجاهد بن موسى، حدّثنا معن بن عيسى، حدّثني ابن أخي ابن شهابٍ، عن أبيه، عن أنس بن مالكٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم سئل عن الكوثر فقال: "نهرٌ أعطانيه ربّي، عزّ وجلّ، في الجنّة، أشدّ بياضًا من اللّبن، وأحلى من العسل، فيه طيورٌ أعناقها يعني كأعناق الجزر". فقال عمر: إنّها لناعمةٌ. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "آكلها أنعم منها".
وكذا رواه التّرمذيّ عن عبد بن حميدٍ، عن القعنبي، عن محمّد بن عبد اللّه بن مسلم بن شهابٍ، عن أبيه، عن أنسٍ، وقال: حسنٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسي، حدّثنا أبو معاوية، عن عبيد اللّه بن الوليد الوصّافي، عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "إنّ في الجنّة لطيرًا فيه سبعون ألف ريشةٍ، فيقع على صحفة الرّجل من أهل الجنّة فينتفض، فيخرج من كلّ ريشةٍ -يعني: لونًا-أبيض من اللّبن، وألين من الزّبد، وأعذب من الشّهد، ليس منها لونٌ يشبه صاحبه ثمّ يطير".
هذا حديثٌ غريبٌ جدًّا، والوصّافي وشيخه ضعيفان. ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبي، حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ -كاتب اللّيث-حدّثني اللّيث، حدّثنا خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن أبي حازمٍ عن عطاءٍ، عن كعبٍ، قال: إنّ طائر الجنّة أمثال البخت، يأكل ممّا خلق من ثمرات الجنّة، ويشرب من أنهار الجنّة، فيصطففن له، فإذا اشتهى منها شيئًا أتاه حتّى يقع بين يديه، فيأكل من خارجه وداخله ثمّ يطير لم ينقص منه شيءٌ. صحيحٌ إلى كعبٍ.
وقال الحسن بن عرفة: حدّثنا خلف بن خليفة، عن حميدٍ الأعرج، عن عبد اللّه بن الحارث، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّك لتنظر إلى الطّير في الجنّة فتشتهيه فيخرّ بين يديك مشويًّا"). [تفسير ابن كثير: 7/ 523-524]

تفسير قوله تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وحورٌ عينٌ. كأمثال اللّؤلؤ المكنون} قرأ بعضهم بالرّفع، وتقديره: ولهم فيها حورٌ عينٌ. وقراءة الجرّ تحتمل معنيين، أحدهما: أن يكون الإعراب على الإتباع بما قبله؛ لقوله: {يطوف عليهم ولدانٌ مخلّدون. بأكوابٍ وأباريق وكأسٍ من معينٍ. لا يصدّعون عنها ولا ينزفون. وفاكهةٍ ممّا يتخيّرون. ولحم طيرٍ ممّا يشتهون. وحورٌ عينٌ}، كما قال {وامسحوا برءوسكم وأرجلكم} [المائدة: 6]، وكما قال: {عاليهم ثياب سندسٍ خضرٌ وإستبرقٌ} [الإنسان:21]. والاحتمال الثّاني: أن يكون ممّا يطوف به الولدان المخلّدون عليهم الحور العين، ولكن يكون ذلك في القصور، لا بين بعضهم بعضًا، بل في الخيام يطوف عليهم الخدّام بالحور العين، واللّه أعلم.
وقوله: {كأمثال اللّؤلؤ المكنون} أي: كأنّهنّ اللّؤلؤ الرّطب في بياضه وصفائه، كما تقدّم في "سورة الصّافّات" {كأنّهنّ بيضٌ مكنونٌ} [الصّافّات: 49] وقد تقدّم في سورة "الرّحمن" وصفهنّ أيضًا؛ ولهذا قال: {جزاءً بما كانوا يعملون} أي: هذا الّذي أتحفناهم به مجازاةً لهم على ما أحسنوا من العمل). [تفسير ابن كثير: 7/ 524]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا. إلا قيلا سلامًا سلامًا} أي: لا يسمعون في الجنّة كلامًا لاغيًا، أي: غثًّا خاليًا عن المعنى، أو مشتملًا على معنًى حقيرٍ أو ضعيفٍ، كما قال: {لا تسمع فيها لاغيةً} [الغاشية:11] أي: كلمةً لاغيةً {ولا تأثيمًا} أي: ولا كلامًا فيه قبحٌ، {إلا قيلا سلامًا سلامًا} أي: إلّا التّسليم منهم بعضهم على بعضٍ، كما قال: {تحيّتهم فيها سلامٌ} [إبراهيم: 23] وكلامهم أيضًا سالمٌ من اللّغو والإثم). [تفسير ابن كثير: 7/ 524-525]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة