العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة البقرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 ربيع الثاني 1434هـ/19-02-2013م, 03:22 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة البقرة [من الآية (58) إلى الآية (59) ]

تفسير سورة البقرة
[من الآية (58) إلى الآية (59) ]


{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) }



روابط مهمة:


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 ربيع الثاني 1434هـ/27-02-2013م, 08:53 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله: {ادخلوا هذه القرية} قال: «بيت المقدس ثم قال ادخلوا الباب سجدا».
{وقولوا حطة} إبراهيم بن الحكم عن أبيه عن عكرمة في قوله: {حطة} قال: «لا إله إلا الله».
قال معمر وقال الحسن وقتادة: «أي احطط عنا خطايانا فدخلوا على غير الجهة التي أمروا بها دخلوا متزحفين على أوراكهم وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم فقالوا حبة في شعيرة». ). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 46 - 47]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدًا وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين}
رغدًا: واسعٌ كثيرٌ
- حدّثني محمّدٌ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن ابن المبارك، عن معمرٍ، عن همّام بن منبّهٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: « قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ} . فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدّلوا، وقالوا: حطّةٌ، حبّةٌ في شعرةٍ ». ). [صحيح البخاري: 6 / 18 - 19]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( (بابٌ {وإذ قلنا ادخلوا هاذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجّداً وقولوا حطّة تغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين}
أي: هذا باب يذكر فيه قوله تعالى: {وإذا قلنا} الآية، وفي بعض النّسخ: باب قوله تعالى: {وإذ قلنا} وفي بعضها ليس فيها لفظ: باب، وفي رواية أبي ذر: باب: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم}، الآية كذا وجد في رواية غيره إلى قوله: (المحسنين).
قوله: (وإذ قلنا)، يعني: اذكر، وهو العامل في: إذ، وفي الأعراف: {وإذ قيل لهم} [الأعراف: 161]، قوله: (ادخلوا)، قال في الأعراف: اسكنوا وكان هذا الأمر أمر تكليف. قوله: (هذه القرية)، أي: بيت المقدّس، وقيل: أريحا من قرى الشّام. قوله: (فكلوا)، وفي الأعراف بالواو، قوله: (رغداً) أي: واسعًا كثيرا، وقيل: الرغد سعة المعيشة، وقيل: الرغد الهنيء، وعن مجاهد: «الرغد الّذي لا حساب فيه». قوله: (وادخلوا الباب) أي: باب القرية، وقيل: باب القبّة الّتي كانوا يصلون إليها. قوله: (سجدا). أي: ركعا لتعذر الحمل على حقيقته، فيكون المعنى: خاضعين خاشعين، وكذا روي عن ابن عبّاس. قوله: (حطة)، أي: أمرك حطة، يعني: شأنك حط الذّنوب ومغفرتها، قال الزّمخشريّ: الأصل النصب، يعني: حط عنّا ذنوبنا، وقرأ ابن أبني عبلة بالنّصب على الأصل. قوله: (وسنزيد المحسنين)، يعني: من كان منكم محسناً كانت تلك الكلمة له سببا في زيادة ثوابه، ومن كان مسيئاً كانت له توبة ومغفرة.
- حدّثني محمّدٌ حدّثنا عبد الرّحمان بن مهديّ عن ابن المبارك عن معمرٍ عن همّام بن منبّهٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجّداً وقولوا حطّةٌ فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدّلوا وقالؤا حطّةٌ حبّةٌ في شعرةٍ». (انظر الحديث 3403 وطرفه).
مطابقته للآية ظاهرة. ومحمّد الّذي ذكره بغير نسبة، قال الغساني: الأشبه أنه ابن بشار، بالباء الموحدة والشين المعجمة، وابن المثنى ضد الفرد وقال ابن السكن: هو ابن سلام، وقيل: يحتمل أن يكون محمّد بن يحيى الهذليّ لأنّه يروي عن عبد الرّحمن بن مهدي أيضا، وابن المبارك هو عبد الله. والحديث مضى في كتاب الأنبياء في باب مجرّد بعد حديث الخضر مع موسى عليه السّلام. وأخرجه النّسائيّ أيضا في التّفسير عن محمّد بن إسماعيل ببعضه مسندًا). [عمدة القاري: 18 / 89]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدًا وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين} رغدًا: واسعٌ كثيرٌ
(باب) بالتنوين ({وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية}) أي بيت المقدس ({فكلوا منها حيث شئتم رغدًا}) نصب على المصدر أو الحال من الواو أي واسعًا ({وادخلوا الباب}) أي باب القرية ({سجدًا}) حال من فاعل أدخلوا وهو جمع ساجد أي متطامنين مخبتين أو ساجدين لله شكرًا على إخراجكم من التيه ({وقولوا حطة}) بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي مسألتنا حطة. قال الزمخشري: والأصل النصب بمعنى حط عنا ذنوبنا حطة ورفعت لتعطي معنى الثبات وتكون الجملة في محل نصب بالقول ({نغفر لكم خطاياكم}) مجزوم في جواب الأمر أي بسجودكم ودعائكم ({وسنزيد المحسنين}) ثوابًا. ولأبي ذر {حيث شئتم} الآية. وسقط ما بعد.
({رغدًا}) يريد قوله تعالى: {وكلا منها رغدًا} [البقرة: 35] قال أبو عبيدة (واسعٌ كثير) وفي نسخة واسعًا كثيرًا بالنصب، وهذا ثابت في رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني ساقط لغيرهما.
- حدّثني محمّدٌ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن ابن المبارك، عن معمرٍ، عن همّام بن منبّهٍ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «قيل لبني إسرائيل {ادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ} فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدّلوا وقالوا: حطّةٌ حبّةٌ في شعرةٍ».
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد) غير منسوب ونسبه ابن السكن عن الفربري كما في الفتح فقال: محمد بن سلام. قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل عندي أن يكون محمد بن يحيى الذهلي فإنه يروي عن عبد الرحمن بن مهدي أيضًا. وقال الجياني: الأشبه أنه محمد بن بشار بتشديد المعجمة، وزاد الكرماني أو ابن المثنى قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي) أبو سعيد البصري قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه (عن ابن المبارك) عبد الله (عن معمر) بفتح الميمين
هو ابن راشد الأزدي (عن همام بن منبه) بتشديد الميم الأولى ومنبه بتشديد الموحدة المكسورة ابن كامل الصنعاني أخي وهب (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم) أنه (قال):(قيل لبني إسرائيل)لما خرجوا من التيه بعد أربعين سنة مع يوشع بن نون عليه الصلاة والسلام وفتح الله تعالى عليهم بيت المقدس عشية جمعة وقد حبست لهم الشمس قليلًا حتى أمكن الفتح ({ادخلوا الباب}) باب البلد ({سجدًا}) شكرًا لله تعالى على ما أنعم به عليهم من الفتح والنصر وردّ بلدهم إليهم وإنقاذهم من التيه، وعن ابن عباس فيما رواه ابن جرير سجدًا قال ركعًا، وعن بعضهم المراد به الخضوع لتعذر حمله على حقيقته ({وقولوا حطة}) قيل: أمروا أن يقولوها على هذه الكيفية بالرفع على الحكاية وهي في على نصب بالقول، وإنما منع النصب حركة الحكاية، وتقدم قريبًا أنها أعربت خبر مبتدأ محذوف ومعناها اسم للهيئة من الحط كالجلسة، وعن ابن عباس فيما رواه ابن أبي حاتم قال قيل لهم قولوا مغفرة (فدخلوا يزحفون) بفتح الحاء المهملة (على أستاههم) بفتح الهمزة وسكون المهملة أي أوراكهم (فبدلوا) أي غيروا السجود بالزحف (وقالوا حطة) كما قيل وزادوا على ذلك مستهزئين (حبة في شعرة) بفتح العين والراء، وفي رواية حنطة بالنون بدل حطة. وللكشميهني في الأعراف: في شعيرة بزيادة تحتية بعد كسر العين المهملة، وحاصل الأمر أنهم أمروا أن يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول وأن يعترفوا بذنوبهم فخالفوا غاية المخالفة، ولذا قال الله تعالى في حقهم: {فأنزلنا على الذين ظلموا رجزًا من السماء بما كانوا يفسقون} والمراد بالرجز الطاعون، قيل: إنه مات به في ساعة أربعة وعشرون ألفًا). [إرشاد الساري: 7 / 10 - 11]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن همّام بن منبّهٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله تعالى: {وادخلوا الباب سجّدًا} قال: «دخلوا متزحّفين على أوراكهم أي منحرفين», وبهذا الإسناد عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم} قال: «قالوا حبّةٌ في شعرةٍ».
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5 / 55]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وادخلوا الباب سجّدًا}
- أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد الرّحمن، حدّثنا عبد الله بن المبارك، عن معمرٍ، عن همّام بن منبّهٍ، عن أبي هريرة، قال: «قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ} فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم، وبدّلوا فقالوا: حنطةٌ حبّةٌ في شعرةٍ ». ). [السنن الكبرى للنسائي: 10 / 10]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وقولوا حطّةٌ}
- أخبرني محمّد بن عبيد بن محمّدٍ، حدّثنا عبد الله بن المبارك، عن معمرٍ، عن همّامٍ، عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله: {حطّةٌ} قال: « بدّلوا فقالوا: حبّةٌ ». ). [السنن الكبرى للنسائي: 10 / 10]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية}.
والقرية الّتي أمرهم اللّه جلّ ثناؤه أن يدخلوها، فيأكلوا منها رغدًا حيث شاءوا فيما ذكر لنا: بيت المقدس.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرّزّاق، قال: أنبأنا معمرٌ، عن قتادة: في قوله: {ادخلوا هذه القرية} قال: «بيت المقدس».
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثني عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية} «أمّا القرية بيت المقدس».
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية} «يعني بيت المقدس».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سألته، يعني ابن زيدٍ، عن قوله: {ادخلوا هذه القرية فكلوا منها} قال: «هي أريحا، وهي قريبةٌ من بيت المقدس». ). [جامع البيان: 1 / 712 - 713]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فكلوا منها حيث شئتم رغدًا}.
يعني بذلك: فكلوا من هذه القرية حيث شئتم عيشًا هنيًّا واسعًا بغير حسابٍ.
وقد بيّنّا معنى الرّغد فيما مضى من الكتاب، وذكرنا أقوال أهل التّأويل فيه). [جامع البيان: 1 / 713]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وادخلوا الباب سجّدًا}.
أمّا الباب الّذي أمروا أن يدخلوه، فإنّه قيل: هو باب الحطّة من بيت المقدس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو الباهليّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ادخلوا الباب سجّدًا} قال: «باب الحطّة من باب إيلياء بيت المقدس».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وادخلوا الباب سجّدًا} «أمّا الباب فبابٌ من أبواب بيت المقدس».
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله: {وادخلوا الباب سجّدًا} «أنّه أحد أبواب بيت المقدس، وهو يدعى باب حطّةٍ».
وأمّا قوله: {سجّدًا} فإنّ ابن عبّاسٍ كان يتأوّله بمعنى الرّكّع.
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {ادخلوا الباب سجّدًا} قال: «ركّعًا من بابٍ صغيرٍ».
- حدّثنا الحسن بن الزّبرقان النّخعيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {ادخلوا الباب سجّدًا} قال: «أمروا أن يدخلوا ركّعًا».
قال أبو جعفرٍ: وأصل السّجود: الانحناء لمن سجد له معظّمًا بذلك فكلّ منحنٍ لشيءٍ تعظيمًا له وخشوعا فهو ساجدٌ ومنه قول الشّاعر:

بجمعٍ تضلّ البلق في حجراته ....... ترى الأكم فيه سجّدًا للحوافر

يعني بقوله: سجّدًا: خاشعةً خاضعةً.
ومن ذلك قول أعشى بني قيس بن ثعلبة:

يراوح من صلوات الملي ....... ك طورًا سجودًا وطورًا جؤارا

فذلك تأويل ابن عبّاسٍ قوله: {سجّدًا} ركّعًا، لأنّ الرّاكع منحنٍ، وإن كان السّاجد أشدّ انحناءً منه). [جامع البيان: 1 / 713 - 715]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقولوا حطّةٌ}
وتأويل قوله: {حطّةٌ} فعلةٌ، من قول القائل: حطّ اللّه عنك خطاياك فهو يحطّها حطّةٌ، بمنزلة الرّدّة والجدّة والمدّة من رددت وجددت ومددت.
واختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم بنحو الّذي قلنا في ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- منهم حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال أنا معمرٌ: {وقولوا حطّةٌ} قال الحسن وقتادة: « أي احطط عنّا خطايانا».
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: «{وقولوا حطّةٌ} يحطّ اللّه بها عنكم ذنبكم وخطايئتكم».
- حدّثنا القاسم بن الحسن، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ: {وقولوا حطّةٌ} قال: «يحطّ الله عنكم خطاياكم».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {حطّةٌ} «مغفرةٌ».
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: {حطّةٌ} قال: «يحطّ عنكم خطاياكم».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: أخبرني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال لي عطاءٌ: في قوله: {وقولوا حطّةٌ} قال: «سمعنا أنّه يحطّ عنهم خطاياهم».
وقال آخرون: معنى ذلك: قولوا لا إله إلاّ اللّه. كأنّهم وجّهوا تأويله: قولوا الّذي يحطّ عنكم خطاياكم، وهو قول لا إله إلاّ اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، وسعد بن عبد اللّه بن عبد الحكم المصريّ، قالا: أخبرنا حفص بن عمر، حدّثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة: {وقولوا حطّةٌ} قال: «قولوا لا إله إلاّ اللّه».
وقال آخرون بمثل معنى قول عكرمة، إلاّ أنّهم جعلوا القول الّذي أمروا بقيله الاستغفار.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن الزّبرقان النّخعيّ، حدّثنا أبو أسامة، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وقولوا حطّةٌ} قال: «أمروا أن يستغفروا».
وقال آخرون نحو قول عكرمة، إلاّ أنّهم قالوا القول الّذي أمروا أن يقولوه هو أن يقولوا هذا الأمر حقٌّ كما قيل لكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن المنجاب، قال: حدّثنا بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {وقولوا حطّةٌ} قال: «قولوا هذا الأمر حقٌّ كما قيل لكم».
واختلف أهل العربيّة في المعنى الّذي من أجله رفعت الحطّة، فقال بعض نحويّي البصرة: رفعت الحطّة بمعنى قولوا ليكن منك حطّةٌ لذنوبنا، كما تقول للرّجل سمعك.
وقال آخرون منهم: هي كلمةٌ أمرهم اللّه أن يقولوها مرفوعةً، وفرض عليهم قيلها كذلك.
وقال بعض نحويّي الكوفه: رفعت الحطّة بضمير هذه، كأنّه قال: وقولوا هذه حطّةٌ.
وقال آخرون منهم: هي مرفوعةٌ بضميرٍ معناه الخبر، كأنّه قال: قولوا ما هو حطّةٌ، فتكون حطّةٌ حينئذٍ خبرًا لـ: ما.
قال أبو جعفرٍ: والّذي هو أقرب عندي في ذلك إلى الصّواب وأشبه بظاهر الكتاب، أن يكون رفع حطّةً بنيّة خبرٍ محذوفٍ قد دلّ عليه ظاهر التّلاوة، وهو دخولنا الباب سجّدًا حطّةً، فكفى من تكريره بهذا اللّفظ ما دلّ عليه الظّاهر من التّنزيل، وهو قوله: {وادخلوا الباب سجّدًا} كما قال جلّ ثناؤه: {وإذ قالت أمّةٌ منهم لم تعظون قومًا اللّه مهلكهم أو معذّبهم عذابًا شديدًا قالوا معذرةً إلى ربّكم} يعني موعظتنا إيّاهم معذرةٌ إلى ربّكم. فكذلك عندي تأويل قوله: {وقولوا حطّةٌ} يعني بذلك: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية} {وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا} دخولنا ذلك سجّدًا {حطّةٌ} لذنوبنا، وهذا القول على نحو تأويل الرّبيع بن أنسٍ وابن جريجٍ وابن زيدٍ الّذي ذكرناه آنفًا.
وأمّا على تأويل قول عكرمة، فإنّ الواجب أن تكون القراءة بالنّصب في حطّةٌ، لأنّ القوم إن كانوا أمروا أن يقولوا: لا إله إلاّ اللّه، أو أن يقولوا: نستغفر اللّه، فقد قيل لهم: قولوا هذا القول، فقولوا واقعٌ حينئذٍ على الحطّة، لأنّ الحطّة على قول عكرمة هي قول لا إله إلاّ اللّه، وإذ كانت هي قول لا إله إلاّ اللّه، فالقول عليها واقعٌ، كما لو أمر رجلٌ رجلاً بقول الخير، لقال له: قل خيرًا، نصبًا، ولم يكن صوابًا أن يقول له قل خيرٌ إلاّ على استكراهٍ شديد.
وفي إجماع القرّاء على رفع الحطّة بيانٌ واضحٌ على خلاف الّذي قاله عكرمة من التّأويل في قوله: {وقولوا حطّةٌ}.
وكذلك الواجب على التّأويل الّذي روّيناه عن الحسن وقتادة في قوله: {وقولوا حطّةٌ} أن تكون القراءة في حطّةٌ نصبًا، لأنّ من شأن العرب إذا وضعوا المصادر مواضع الأفعال وحذفوا الأفعال أن ينصبوا المصادر، كما قال الشّاعر:

أبيدوا بأيدي عصبةٍ وسيوفهم ....... على أمّهات الهام ضربًا شآميا

وكقول القائل للرّجل: سمعًا وطاعةً، بمعنى: أسمع سمعًا وأطيع طاعةً، وكما قال جلّ ثناؤه: {معاذ اللّه} بمعنى. نعوذ باللّه). [جامع البيان: 1 / 715 - 720]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {نغفر لكم}.
يعني بقوله: {نغفر لكم} نتغمّد لكم بالرّحمة خطاياكم ونسترها عليكم، فلا نفضحكم بالعقوبة عليها.
وأصل الغفر: التّغطية والسّتر، فكلّ ساترٍ شيئًا فهو غافره ولذلك قيل للبيضة من الحديد الّتي تتّخذ جنّةً للرّأس مغفرٌ، لأنّها تغطّي الرّأس وتجنّه،
ومنه غمد السّيف، وهو ما يغمده فواراه؛ ومن ذلك قيل لزئبر الثّوب غفرةٌ، لتغطيته الثّوب، وحئوله بين النّاظر والنّظر إليه. ومنه قول أوس بن حجرٍ:

ألا أعتب ابن العمّ إن كان جاهلاً ....... وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا

يعني بقوله: وأغفر عنه الجهل: أستر عليه جهله بحلمي عنه). [جامع البيان: 1 720 - 721]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {خطاياكم}
والخطايا جمع خطيّةٍ بغير همزٍ كما المطايا جمع مطيّةٍ، والحشايا جمع حشيّةٍ. وإنّما ترك جمع الخطايا بالهمز، لأنّ ترك الهمز في خطيئةٍ أكثر من الهمز، فجمع على خطايا، على أنّ واحدتها غير مهموزةٍ. ولو كانت الخطايا مجموعةً على خطيئةٍ بالهمز لقيل خطائي على مثل قبيلةٍ وقبائل، وصحيفةٍ وصحائف. وقد تجمع خطيئةٌ بالتّاء فيهمز فيقال خطيئاتٍ.
والخطيئة فعيلةٌ من خطئ الرّجل يخطأ خطأً، وذلك إذا عدل عن سبيل الحقّ ومنه قول الشّاعر:

وإنّ مهاجرين تكنّفاه ....... عباد اللّه قد خطئا وحابا

يعني أضلاّ الحقّ وأثما). [جامع البيان: 1 / 721 - 722]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وسنزيد المحسنين}.
وتأويل ذلك ما روي لنا عن ابن عبّاسٍ.
- وهو ما حدّثنا به القاسم بن الحسن، قال حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ: {وسنزيد المحسنين} «من كان منكم محسنًا زيد في إحسانه، ومن كان مخطئًا نغفر له خطيئته».
فتأويل الآية: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية مباحًا لكم أكلّ ما فيها من الطّيّبات، موسّعًا عليكم بغير حسابٍ، وادخلوا الباب سجّدًا، وقولوا: سجودنا هذا للّه حطّةٌ من ربّنا لذنوبنا يحطّ به آثامنا، نتغمّد لكم ذنوب المذنب منكم فنسترها عليه، ونحطّ أوزاره عنه، ونزيد المحسن منكم إلى إحساننا السّالف عنده إحسانًا.
ثمّ أخبر اللّه جلّ ثناؤه عن عظيم جهالتهم، وسوء طاعتهم ربّهم وعصيانهم لأنبيائهم واستهزائهم برسلهم، مع عظيم آلاء اللّه عزّ وجلّ عندهم، وعجائب ما أراهم من آياته وعبره، موبّخًا بذلك أبناءهم الّذين خوطبوا بهذه الآيات، ومعلّمهم أنّهم لن يعدّوا في تكذيبهم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وجحودهم نبوّته مع عظيم إحسان اللّه بمبعثه فيهم إليهم، وعجائب ما أظهر على يديه من الحجج بين أظهرهم، أن يكونوا كأسلافهم الّذين وصف صفتهم. وقصّ عليهم أنباءهم في هذه الآيات، فقال جلّ ثناؤه: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا من السّماء} الآية). [جامع البيان: 1 / 722 - 723]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدًا وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين (58)}
قوله: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية}
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ عن قتادة {ادخلوا هذه القرية} قال: «بيت المقدس».
وروي عن الرّبيع بن أنسٍ والسّدّيّ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 116]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فكلوا منها حيث شئتم رغدا}
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ رغدًا قال: «لا حساب عليهم».
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: رغدًا قال: «الهنيء».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 117]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وادخلوا الباب}
- حدّثنا محمّد بن عمّارٍ قال: قرأنا على يحيى بن الضّريس عن سفيان عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وادخلوا الباب سجّدًا} قال: «من بابٍ صغيرٍ».
- حدّثنا أبي ثنا مالك بن إسماعيل أبو غسّان ثنا زهيرٌ قال سئل خصيفٌ عن قول اللّه: {وادخلوا الباب سجّدًا} قال عكرمة: قال ابن عبّاسٍ: «كان الباب قبل القبلة».
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: «باب الحطّة من باب إيلياء من بيت المقدس». وروي عن الضّحّاك والسّدّيّ نحو قول مجاهدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 117]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {سجدا}
[الوجه الأول]
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنا معمرٌ عن همّام بن منبّهٍ أنّه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «قال اللّه لبني إسرائيل: {وادخلوا الباب سجّدًا} فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم».
- حدّثنا أبو أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وادخلوا الباب سجّدًا} قال: «ركّعًا من بابٍ صغيرٍ. فدخلوا من قبل أستاههم».
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا أبو غسّان مالك بن إسماعيل ثنا زهيرٌ قال سئل خصيفٌ عن قول اللّه: {وادخلوا الباب سجّدًا} قال عكرمة قال ابن عبّاسٍ «فدخلوا على شقٍّ.».
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع بن أنسٍ قوله: {سجّدًا} قال: «وكان سجود أحدهم على خدّه».
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن مقاتلٍ ثنا وكيعٌ عن سفيان عن السّدّيّ عن أبي سعيدٍ الأزديّ عن أبي الكنود عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: «قيل لهم: ادخلوا الباب سجّدًا، فدخلوا مقنعي رؤسهم».
قال أبو محمّدٍ: اختلف التّابعون، فروي عن مجاهدٍ نحو قول عكرمة عن ابن عبّاسٍ، وروي عن السّدّيّ نحو ما روي عن ابن مسعود). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 117 - 118]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وقولوا حطة}
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وقولوا حطّةٌ} قال: «مغفرةٌ، استغفروا». قال أبو محمّدٍ: وروي عن عطاءٍ والحسن وقتادة والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشرٌ عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وقولوا حطّةٌ} قال: «قولوا هذا الأمر حقٌّ، كما قيل لكم».
وروي عن عكرمة قول ثالث.
[الوجه الثّالث]
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ ثنا حفص بن عمر العدنيّ ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله: {وقولوا حطّةٌ} «يقول قولوا لا إله إلّا اللّه».
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي ثنا محمود بن خالدٍ الدّمشقيّ ثنا عمر بن عبد الواحد قال:
سمعت الأوزاعيّ يحدّث قال: «كتب ابن عبّاسٍ إلى رجلٍ قد سمّاه يسأله عن قوله: {وقولوا حطّةٌ} فكتب إليه أن أقرّوا بالذّنب».
الوجه الخامس:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ عن قتادة في قوله: {وقولوا حطّةٌ} قال الحسن وقتادة: «أي احطط عنّا خطايانا».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 118 - 119]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {نغفر لكم خطاياكم}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا صفوان ثنا الوليد ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة في قوله: {نغفر لكم خطاياكم} «من كان خاطئًا غفرت له خطيئته».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 119]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وسنزيد المحسنين}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا صفوان ثنا الوليد ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة: قوله: {وسنزيد المحسنين} «من كان محسنًا زيد في إحسانه».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 119]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن عبد اللّه الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: {ادخلوا الباب سجّدًا} [النساء: 154] قال: «بابًا ضيّقًا». قال: «ركّعًا» {وقولوا حطّةٌ} قال: «مغفرةً، فقالوا: حنطةٌ ودخلوا على أستاههم » فذلك قوله تعالى {فبدّل الّذين ظلموا قولًا غير الّذي قيل لهم} «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه» ). [المستدرك: 2 / 288]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وكلوا منها حيث شئتم رغدا} «يعني لا حساب عليهم».). [تفسير مجاهد: 75]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وقولوا حطة} قال: «باب حطة باب إيلياء بيت المقدس أمر موسى قومه أن يدخلوا الباب ويقولوا حطة وطؤطئ الباب ليخفضوا رؤوسهم فلما سجدوا قالوا حنطة».). [تفسير مجاهد: 76]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد {فكلوا منها حيث شئتم رغدا} «يعني لا حساب عليهم فنتق الجبل فوقهم، يقول أخرجه من الأرض فرفعه فوقهم كالظلة كالسحابة»، قال: «والجبل الطور بالسريانية تخويفا فدخلوا سجدا على حرف أعينهم إلى الجبل وهو الجبل الذي تجلى له ربه».). [تفسير مجاهد: 76 - 77]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) - أبو هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجّداً وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم} فبدّلوا، فدخلوا الباب يزحفون على استاههم، وقالوا: حبّةٌ في شعرةٍ». أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي في قول الله تعالى: {ادخلوا الباب سجّداً} قال: «دخلوا متزحّفين على أوراكهم: أي منحرفين».
قال: وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم} قال: «قالوا: حبّةٌ في شعرةٍ».
[شرح الغريب]
(حطة) فعلة، من حطّ، وهي مرفوعة على معنى: أمرنا حطّة، أي: حط عنا ذنوبنا). [جامع الأصول: 2 / 7]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وقولوا حطّةٌ}.
- عن ابن مسعودٍ في قوله: {وقولوا حطّةٌ} قال: «قالوا: حنطةٌ حمراء، فيها شعيرةٌ، فذلك قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولًا غير الّذي قيل لهم} ». رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 6 / 314]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال محمّد بن يحيى بن أبي عمر: ثنا يزيد بن هارون، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: «اختار موسى- عليه السّلام- من كلّ سبطٍ رجلين، فدخلوا مدينة الجبّارين فخرج كلّ قومٍ ينهون سبطهم أن يدخلوا، إلّا يوشع بن نونٍ وكالب ابن يافنه؟ فإنّهما أمرا أسباطهما أن يدخلوا عليهم».). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6 / 177]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطياكم وسنزيد المحسنين}.
أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ادخلوا هذه القرية} قال: «بيت المقدس».
وأخرج وكيع والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: {وادخلوا الباب} قال: «باب ضيق».
{سجدا} قال: « ركعا»، {وقولوا حطة} قال: «مغفرة»، قال: «فدخلوا من قبل استاههم وقالوا: حنطة استهزاء»، قال: «فذلك قوله عز وجل: {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم}».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وادخلوا الباب سجدا} قال: «هو أحد أبواب بيت المقدس وهو يدعى باب حطة».
وأخرج وكيع والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير وأبو الشيخ عن ابن مسعود قال: «قيل لهم {ادخلوا الباب سجدا} فدخلوا مقنعي رؤوسهم {وقولوا حطة} فقالوا: حنطة حبة حمراء فيها شعيرة فذلك قوله {فبدل الذين ظلموا} ».
وأخرج ابن جرير والطبراني وأبو الشيخ والحاكم عن ابن مسعود أنهم قالوا: «هطى سمقاثا أزبة مزبا، فهي بالعربية حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعيرة سوداء».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {وقولوا حطة} «أي احطط عنا خطايانا».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {وادخلوا الباب سجدا} قال: «طأطئوا رؤوسكم». {وقولوا حطة} قال: «قولوا لا إله إلا الله».
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله: {وقولوا حطة} قال: «لا إله إلا الله».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: «كان الباب قبل القبلة».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: «باب حطة من أبواب بيت المقدس أمر موسى قومه أن يدخلوا ويقولوا حطة وطؤطى ء لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم فلما سجدوا قالوا حنطة».
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {وادخلوا الباب سجدا} قال: «كنا نتحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس». {وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين} قال: «من كان خاطئا غفرت له خطيئته ومن كان محسنا زاده الله إحسانا ».{فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم} قال: «بين لهم أمرا علموه فخالفوه إلى غيره جرأة على الله وعتوا».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وسنزيد المحسنين} قال: «من كان قبلكم محسنا زيد في إحسانه ومن كان مخطئا نغفر له خطيئته».
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم، وعبد بن حميد والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة فبدلوا فدخلوا يزحفون على استاههم وقالوا حبة في شعرة».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دخلوا الباب الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجدا يزحفون على استاههم وهم يقولون: حنطة في شعيرة».
وأخرج أبو داود والضياء المقدسي في المختارة عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «قال الله لبني إسرائيل {وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم}».
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من آخر الليل اجتزنا في برية يقال لها ذات الحنظل فقال:« ما مثل هذه الثنية الليلة إلا كمثل الباب الذي قال الله لبني إسرائيل {وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم}».
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال: «إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكتاب حطة في بني إسرائيل». ). [الدر المنثور: 1 / 377 - 381]

تفسير قوله تعالى: (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله {رجزا} قال: «عذابا».). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 45]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (قال سفيان [الثوري]: قال مجاهدٌ في قوله جلّ وعز: {وقولوا حطة} «حبّةٌ من حنطةٍ حمراء فيها شعرة».
قال سفيان [الثوري]: قال ابن مسعودٍ: «من التّبديل». ). [تفسير الثوري: 45]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا من السّماء بما كانوا يفسقون}.
وتأويل قوله: {فبدّل} فغيّر ويعني بقوله: {الّذين ظلموا} الّذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله ويعني بقوله: {قولاً غير الّذي قيل لهم} بدّلوا قولاً غير الّذي أمروا أن يقولوه فقالوا خلافه، وذلك هو التّبديل والتّغيير الّذي كان منهم.
وكان تبديلهم، بالقول الّذي أمروا أن يقولوه، قولاً غيره.
- وحدّثني محمّد بن عبيد المحاربيّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، عن معمرٍ، عن همّامٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {حطّةٌ} قال: «بدّلوا فقالوا: حبّةٌ».
- ما حدّثنا به الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن همّام بن منبّهٍ، أنّه سمع أبا هريرة، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «قال اللّه لبني إسرائيل: {وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ} نغفر لكم خطاياكم، فبدّلوا ودخلوا الباب يزحفون على أستاههم وقالوا: حبّةٌ في شعرةٍ».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة وعليّ بن مجاهدٍ، قالا: حدّثنا محمّد بن إسحاق، عن صالح بن كيسان، عن صالحٍ مولى التّوأمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. قال وحدّثنى محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى زيد بن ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أو عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «دخلوا الباب الّذي أمروا أن يدخلوا منه سجّدًا يزحفون على أستاههم يقولون حنطةٌ في شعيرةٍ».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي سعيدٍ، عن أبي الكنود، عن عبد اللّه: «{وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ} قالوا: حنطةٌ حمراء فيها شعيرةٌ، فأنزل اللّه: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم}».
- حدثني موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: {وادخلوا الباب سجّدًا}. «فرفعوا رءوسهم وبدلوا». فزعم السدي، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، أنه قال: «إنهم قالوا: هطى سمقاثا أزبه هزبا. وهو بالعربية: حبة حنطة حمراء مثقوبة، فيها شعرة سوداء. فذلك قوله {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم}».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {ادخلوا الباب سجّدًا} قال: «ركّعًا من بابٍ صغيرٍ. فجعلوا يدخلون من قبل أستاههم. ويقولون حنطةٌ؛ فذلك قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم}».
- حدّثنا الحسن بن الزّبرقان النّخعيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: « أمروا أن يدخلوا ركّعًا، ويقولوا حطّةٌ»، قال «أمروا أن يستغفروا، قال: فجعلوا يدخلون من قبل أستاههم من بابٍ صغيرٍ ويقولون حنطةٌ يستهزئون، فذلك قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم}».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرّزّاق، قال: أنبأنا معمرٌ، عن قتادة، والحسن: {ادخلوا الباب سجّدًا} قالا: «دخلوها على غير الجهة الّتي أمروا بها، فدخلوها متزحّفين على أوراكهم، وبدّلوا قولاً غير الّذي قيل لهم، فقالوا حبّةٌ في شعيرةٍ».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو الباهليّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: «أمر موسى قومه أن يدخلوا الباب سجّدًا ويقولوا حطّةٌ، وطؤطئ لهم الباب ليسجدوا فلم يسجدوا ودخلوا على أدبارهم وقالوا حنطةٌ».
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: «أمر موسى قومه أن يدخلوا المسجد ويقولوا حطّةٌ، وطؤطئ لهم الباب ليخفضوا رءوسهم، فلم يسجدوا ودخلوا على أجنبهم إلى الجبل، وهو الجبل الّذي تجلّى له ربّه وقالوا: حنطةٌ. فذلك التّبديل الّذي قال اللّه عزّ وجلّ: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم}».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وادخلوا الباب سجّدًا} قال: «فدخلوا على أستاههم مقنّعي رءوسهم».
- حدثنا ابن وكيع، قال: حدثني أبي، عن النضر بن عربي، عن عكرمة: {وادخلوا الباب سجّدًا} قال: «فدخلوا مقنّعي رءوسهم {وقولوا حطّةٌ} فقالوا: حنطةٌ حبة حمراء فيها شعره». قال: «فذلك قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم}».
- حدّثنا القاسم بن الحسن، قال: حدّثني الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال لى عطاء فى قوله: {فبدّل الّذين ظلموا}، قال: «أما تبديلهم فسمعنا أنهم قالوا: حنطة». قال ابن جريج: وقال ابن عبّاسٍ: «لمّا دخلوا قالوا: حبّةٌ في شعره».
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: «لمّا دخلوا الباب قالوا حبّةٌ في شعيرةٍ، فبدّلوا قولاً غير الّذي قيل لهم».
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ: {وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ} قال: «فكان سجود أحدهم على خدّه {وقولوا حطّةٌ} نحطّ عنكم خطيئاتكم، فقالوا: حنطةٌ، وقال بعضهم: حبّةٌ في شعيرةٍ {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم}».
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: «{وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ} يحطّ اللّه بها عنكم ذنبكم وخطيئاتكم». قال: «فاستهزءوا به، يعني بموسى وقالوا: ما يشاء موسى أن يلعب بنا إلاّ لعب بنا حطّةٌ حطّةٌ. أيّ شيءٍ حطّةٌ؟ وقال بعضهم لبعضٍ: حنطةٌ».). [جامع البيان: 1 / 723 - 728]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا من السّماء}.
يعني بقوله: {فأنزلنا على الّذين ظلموا} على الّذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله من تبديلهم القول، الّذي أمرهم اللّه جلّ وعزّ أن يقولوه، قولاً غيره، ومعصيتهم إيّاه فيما أمرهم به وبركوبهم ما قد نهاهم عنه وعن ركوبه {رجزًا من السّماء بما كانوا يفسقون}.
والرّجز في لغة أهل الحجاز: العذاب، وهو غير الرّجز، وذلك أنّ الرّجز هو النتن ومنه الخبر الّذي روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الطّاعون أنّه قال: «إنّه رجزٌ عذّب به بعض الأمم الّذين قبلكم».
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، قال: أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقّاصٍ، عن أسامة بن زيدٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ هذا الوجع أو السّقم رجزٌ عذّب به بعض الأمم قبلكم».
- وحدّثني أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدّثنا عمر بن حفصٍ، قال: حدّثنا أبي، عن الشّيبانيّ، عن رياح بن عبيدة، عن عامر بن سعدٍ، قال: شهدت أسامة بن زيدٍ عن سعد بن مالكٍ، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ الطّاعون رجزٌ أنزل على من كان قبلكم، أو على بني إسرائيل».
وبمثل الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أنا عبد الرّزّاق، قال: أنا معمرٌ، عن قتادة: في قوله: {رجزًا} قال: «عذابًا».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم العسقلانيّ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله: {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا من السّماء} قال: «الرّجز: الغضب».
- حدثت عن المنجاب، قال: حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله: {رجزا}. قال: «كل شيء في كتاب الله جل ثناؤه من الرجز يعني به العذاب».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: «لمّا قيل لبني إسرائيل: {وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ} {فبدّل الّذين ظلموا منهم قولاً غير الّذي قيل لهم} بعث اللّه جلّ وعزّ عليهم الطّاعون، فلم يبق منهم أحدًا».
وقرأ: {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا من السّماء بما كانوا يفسقون} قال: « وبقي الأبناء، ففيهم الفضل والعبادة الّتي توصف في بني إسرائيل والخير، وهلك الآباء كلّهم، أهلكهم الطّاعون».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: «الرّجز: العذاب، وكلّ شيءٍ في القرآن رجزٌ فهو عذابٌ».
- حدّثت عن المنجاب، قال: حدّثنا بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {رجزًا} قال: «كلّ شيءٍ في كتاب اللّه من الرّجز، يعني به العذاب».
قال أبو جعفرٍ: وقد دلّلنا على أن تأويل الرّجز: العذاب. وعذاب اللّه جلّ ثناؤه أصنافٌ مختلفةٌ. وقد أخبر اللّه جلّ ثناؤه أنّه أنزل على الّذين وصفنا أمرهم الرّجز من السّماء، وجائزٌ أن يكون ذلك طاعونًا، وجائزٌ أن يكون غيره، ولا دلالة في ظاهر القرآن ولا في أثرٍ عن الرّسول ثابتٍ أيّ أصناف ذلك كان.
فالصّواب من القول في ذلك أن يقال كما قال اللّه عزّ وجلّ: {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا من السّماء} بفسقهم. غير أنّه يغلب على نّفسى صحّة ما قاله ابن زيدٍ للخبر الّذي ذكرت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في إخباره عن الطّاعون أنّه رجزٌ، وأنّه عذّب به قومٌ قبلنا. وإن كنت لا أقول إنّ ذلك كذلك يقينًا؛ لأنّ الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا بيان فيه أيّ أمّةٍ عذّبت بذلك. وقد يجوز أن يكون الّذين عذّبوا به كانوا غير الّذين وصف اللّه صفتهم في قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم}). [جامع البيان: 1 / 729 - 731]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بما كانوا يفسقون}.
ومعنى ذلك: بفسقهم.
وقد دلّلنا فيما مضى من كتابنا هذا على أنّ معنى الفسق: الخروج من الشّيء.
فتأويل قوله: {بما كانوا يفسقون} إذًا بما كانوا يتركون طاعة اللّه عزّ وجلّ، فيخرجون عنها إلى معصيته وخلاف أمره). [جامع البيان: 1 / 732]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ( {فبدّل الّذين ظلموا قولًا غير الّذي قيل لهم فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا من السّماء بما كانوا يفسقون (59)}
قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولا غير الّذي قيل لهم}
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ عن همّام بن منبّهٍ أنّه سمع أبا هريرة يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «(قال اللّه) لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم} فبدّلوا، فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم، فقالوا حبّةٌ في شعرةٍ».
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ ثنا عبد الرّحمن عن سفيان عن السّدّيّ عن أبي سعيدٍ الأزديّ عن أبي الكنود: {وقولوا حطّةٌ} «فقالوا: حنطةٌ حبّةٌ حمراء فيها شعرةٌ، فأنزل اللّه: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم} ».
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ بن طلحة قال: فزعم أسباطٌ عن السّدّيّ عن مرّة الهمدانيّ عن ابن مسعودٍ أنّه قال: «أنّهم قالوا (هطى سمقاثا أزبه مزبا). فهي بالعربيّة: حبّة حنطةٍ حمراء مثقوبةٌ فيها شعرةٌ فذلك قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولا غير الّذي قيل لهم} ».
- حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ادخلوا الباب سجّدًا} «ركّعًا من بابٍ صغيرٍ يدخلون من قبل أستاههم، وقالوا، حنطةٌ. فهو قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم}». وروي عن عطاءٍ ومجاهدٍ وعكرمة وقتادة والضّحّاك والحسن والرّبيع ويحيى بن رافعٍ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 119 - 120]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا من السماء}
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا وكيعٌ ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابتٍ عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقّاصٍ عن سعد بن مالكٍ وأسامة بن زيدٍ وخزيمة بن ثابتٍ قالوا: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم: «الطّاعون رجزٌ عذابٌ، عذّب به قومٌ من قبلكم». وروي عن سعيد بن جبيرٍ نحو ما روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ ثنا بشرٌ عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: {رجزًا} قال: «كلّ شيءٍ في كتاب اللّه من الرّجز يعني به العذاب».
قال أبو محمّدٍ: وروي عن الحسن وأبي مالكٍ ومجاهدٍ والسّدّيّ وقتادة نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية في قوله: {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا} قال: «الرّجز الغضب».
الوجه الثّالث:
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا عمرو بن إسماعيل بن مجالدٍ ثنا أبي عن مجالدٍ عن الشّعبيّ قال: «الرّجز إمّا الطّاعون، وإمّا البرد».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 120]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {بما كانوا يفسقون}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا صفوان ثنا الوليد ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة في قوله: {بما كانوا يفسقون} «بما كانوا يعصون».
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ ثنا عبد الرّحمن بن سلمة ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق: {بما كانوا يفسقون} «أي بما تعدوا في أمري».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 120]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن عبد اللّه الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: {ادخلوا الباب سجّدًا} [النساء: 154] قال: «بابًا ضيّقًا». قال: «ركّعًا» {وقولوا حطّةٌ} [البقرة: 58] قال: « مغفرةً، فقالوا: حنطةٌ ودخلوا على أستاههم » فذلك قوله تعالى: {فبدّل الّذين ظلموا قولًا غير الّذي قيل لهم} «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه» ). [المستدرك: 2 / 288] (م)
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن الزّهريّ، عن عبيد اللّه، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: « كيف تسألون عن شيءٍ وعندكم كتاب اللّه أحدث الأخبار باللّه، وقد أخبركم أنّهم كتبوا كتابًا بأيديهم، وبدّلوا وحرّفوا، وقالوا: هذا من عند اللّه، واشتروا به ثمنًا قليلًا، فعندكم كتاب اللّه محضٌ لم يشب، فواللّه لا يسألكم أحدٌ منهم عن الّذي أنزل عليكم». «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه» ). [المستدرك: 2 / 289]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) - أبو هريرة رضي الله عنه: قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجّداً وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم} فبدّلوا، فدخلوا الباب يزحفون على استاههم، وقالوا: حبّةٌ في شعرةٍ». أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي في قول الله تعالى: {ادخلوا الباب سجّداً} قال: «دخلوا متزحّفين على أوراكهم: أي منحرفين».
قال: وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم} قال: «قالوا: حبّةٌ في شعرةٍ».
[شرح الغريب]
(حطة) فعلة، من حطّ، وهي مرفوعة على معنى: أمرنا حطّة، أي: حط عنا ذنوبنا). [جامع الأصول: 2 / 7] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وقولوا حطّةٌ} [البقرة: 58].
- عن ابن مسعودٍ في قوله: {وقولوا حطّةٌ} [البقرة: 58] قال: «قالوا: حنطةٌ حمراء، فيها شعيرةٌ، فذلك قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولًا غير الّذي قيل لهم} ». رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 6 / 314] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون}.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: «كل شيء في كتاب الله من الرجز يعني به العذاب».
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد ومسلم والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن سعيد بن مالك وأسامة بن زيد وخزيمة بن ثابت قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الطاعون رجز وبقية عذاب عذب به أناس من قبلكم فإذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها وإذا بلغكم أن بأرض فلا تدخلوها».
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية قال: «الرجز الغضب».). [الدر المنثور: 1 / 381 - 382]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 08:05 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وقولوا حطّةٌ...} يقول -والله أعلم- قولوا ما أمرتم به؛ أي: هي حطة، فخالفوا إلى كلام بالنّبطية، فذلك قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم}.
وبلغني أنّ ابن عباس قال: «أمروا أن يقولوا: نستغفر الله»؛ فإن يك كذلك فينبغي أن تكون "حطّة" منصوبة في القراءة؛ لأنك تقول: قلت لا إله إلا الله، فيقول القائل: قلت كلمةً صالحة، وإنما تكون الحكاية إذا صلح قبلها إضمار ما يرفع أو يخفض أو ينصب، فإذا ضممت ذلك كله فجعلته كلمة كان منصوبا بالقول، كقولك: مررت بزيد، ثم تجعل هذه كلمةً فتقول: قلت كلاما حسنا، ثم تقول: قلت: زيدٌ قائمٌ، فيقول: قلت كلاما. وتقول: قد ضربت عمرا، فيقول أيضا: قلت كلمةً صالحة.
فأما قول الله تبارك وتعالى: {سيقولون ثلاثةٌ رابعهم كلبهم} إلى آخر ما ذكر من العدد فهو رفعٌ لأن قبله ضمير أسمائهم؛ سيقولون: هم ثلاثة، إلى آخر الآية. وقوله: {ولا تقولوا ثلاثةٌ انتهوا خيراً لكم} رفع؛ أي: قولوا: الله واحدٌ، ولا تقولوا: الآلهة ثلاثةٌ. وقوله: {قالوا معذرةً إلى ربّكم} ففيها وجهان:
إن أردت: ذلك الذي قلنا معذرةٌ إلى ربكم، رفعت، وهو الوجه.
وإن أردت: قلنا ما قلنا معذرةً إلى الله؛ فهذا وجه نصب.
وأما قوله: {ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا} فإن العرب لا تقوله إلاّ رفعا؛ وذلك أنّ القوم يؤمرون بالأمر يكرهونه فيقول أحدهم: سمعٌ وطاعةٌ، أي: قد دخلنا أوّل هذا الدّين على أن نسمع ونطيع فيقولون: علينا ما ابتدأناكم به، ثم يخرجون فيخالفون، كما قال عز وجل: {فإذا برزوا من عندك[بيّت طائفةٌ منهم غير الذي تقول]} [أي]: فإذا خرجوا من عندك بدّلوا. ولو أردت -في مثله من الكلام- أي: نطيع، فتكون الطاعة جوابا للأمر بعينه جاز النصب، لأنّ كلّ مصدر وقع موقع فعل ويفعل جاز نصبه، كما قال الله تبارك وتعالى: {معاذ الله أن نأخذ} [معناه -والله أعلم-: نعوذ بالله أن نأخذ]. ومثله في النور: {قل لا تقسموا طاعّةٌ معروفةٌ} الرفع على: ليكن منكم ما يقوله أهل السّمع والطاعة. وأما قوله في النحل: {وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأوّلين} فهذا قول أهل الجحد؛ لأنهم قالوا لم ينزل شيئا، إنما هذا أساطير الأوّلين، وأما الذين آمنوا فإنهم أقرّوا فقالوا: أنزل ربّنا خيراً، ولو رفع "خيرٌ" على: الذي أنزله خيرٌ لكان صوابا، فيكون بمنزلة قوله: {يسألونك ماذا ينفقون قل العفو} و(قل العفو) النّصب على الفعل: ينفقون العفو، والرفع على: الذي ينفقون عفو الأموال. وقوله: {قالوا سلاماً قال سلامٌ} فأما السلام فقولٌ يقال، فنصب لوقوع الفعل عليه، كأنّك قلت: قلت كلاماً. وأما قوله: {قال سلامٌ} فإنه جاء فيه نحن"سلامٌ" وأنتم "قومٌ منكرون". وبعض المفسرين يقول: {قالوا سلاماً قال سلامٌ} يريد سلّموا عليه فردّ عليهم، فيقول القائل: ألا كان السّلام رفعاً كلّه أو نصباً كلّه؟ قلت: السّلام على معنيين:
إذا أردت به الكلام نصبته، وإذا أضمرت معه "عليكم" رفعته.
فإن شئت طرحت الإضمار من أحد الحرفين وأضمرته في أحدهما، وإن شئت رفعتهما معا، وإن شئت نصبتهما جميعا. والعرب تقول إذا التقوا فقالوا سلامٌ: سلامٌ، على معنى قالوا السلام عليكم فرّد عليهم الآخرون. والنصب يجوز في إحدى القراءتين "قالوا سلاماً قال سلاماً". وأنشدني بعض بني عقيل:


فقلنا السّلام فاتّقت من أميرها فما كان إلاّ ومؤها بالحواجب

فرفع "السّلام"؛ لأنه أراد سلّمنا عليها فاتّقت أن تردّ علينا. ويجوز أن تنصب السلام على مثل قولك: قلنا الكلام، قلنا السلام، ومثله: قرأت "الحمدَ" وقرأت "الحمدُ"، إذا قلت قرأت "الحمدَ" أوقعت عليه الفعل، وإذا رفعت جعلته حكاية على قرأت "الحمدُ لله"). [معاني القرآن: 1 / 38 -40]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وقولوا حطّةٌ (58)} رفع، وهي مصدر من: حطّ عنا ذنوبنا؛ تقديره "مدّة" من: مددت، حكاية؛ أي: قولوا: هذا الكلام، فلذلك رفع). [مجاز القرآن: 1 / 41]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً وادخلوا الباب سجّداً وقولوا حطّةٌ نّغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين}
قوله: {وقولوا حطّةٌ} أي: قولوا: لتكن منك حطّةٌ لذنوبنا، كما تقول للرجل: سمعك إليّ. كأنهم قيل لهم: قولوا: يا رب لتكن منك حطّةٌ لذنوبنا. وقد قرئت نصبا على أنه بدل من اللفظ بالفعل. وكل ما كان بدلا من اللفظ بالفعل فهو نصب بذلك الفعل، كأنه قال: أحطط عنّا حطّةً، فصارت بدلا من "حطّ" وهو شبيه بقولهم: سمعٌ وطاعةٌ، فمنهم من يقول: سمعاً وطاعة، إذا جعله بدل: أسمع سمعا وأطيع طاعةً. وإذا رفع فكأنه قال: أمري سمعٌ وطاعةٌ. قال الشاعر:

أناخوا بأيدي عصبةٍ وسيوفهـم على أمّهات الهام ضرباً شآميا

وقال الآخر:

تركنا الخيل وهي عليه نوحاً مــقـــلّـــدةً أعــنّــتــهــا صــفـــونـــا

وقال بعضهم: "وهي عليه نوحٌ"، جعلها في التشبيه هي النوح لكثرة ما كان ذلك منها، كما تقول: إنّما أنت شرٌّ وإنّما هو حمارٌ، في الشبه، أو تجعل الرفع كأنه قال: "وهي عليه صاحبة نوحٍ"، فألقى الصاحبة وأقام النوح مقامها. ومثل ذلك قول الخنساء:


ترتع ما رتعت حتّى إذا ذكرت فـإنّــمــا هــــــي إقـــبـــالٌ وإدبــــــار

ومثله {قالوا معذرةً إلى ربّكم} كأنهم قالوا: موعظتنا إياهم معذرةٌ، وقد نصب على: نعتذر معذرةً، وقال: {فأولى لهم * طاعةٌ وقولٌ مّعروفٌ} على قوله: {إذا جاءتهم ذكراهم} {فأولى لهم * طاعةٌ وقولٌ مّعروفٌ} جعل «الطاعة» مبتدأ فقال: طاعةٌ وقولٌ مّعروفٌ خير من هذا، أو جعل الطاعة مبتدأ فقال: طاعةٌ وقولٌ معروف خيرٌ من هذا. وزعم يونس أنه قيل لهم "قولوا حطةٌ" أي: تكلموا بهذا الكلام. كأنه فرض عليهم أن يقولوا هذه الكلمة مرفوعة). [معاني القرآن: 1/73-74]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {وقولوا حطة نغفر لكم} بالنون.
أبو جعفر وشيبة ونافع {يغفر لكم}، بالياء، ورفع الياء). [معاني القرآن لقطرب: 247]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وقولوا حطة} كان الحسن يقول: حط عنا ذنوبنا؛ وهو من كلام العرب عند الاستغفار: حطة؛ وكان ابن عباس رحمه الله يقول: {حطة} يعني: كي يحط عنكم خطاياكم). [معاني القرآن لقطرب: 307]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): (وقوله {حطة}: أي حط عنا ذنوبنا). [غريب القرآن وتفسيره: 70]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله {وقولوا حطّةٌ} رفع على الحكاية. وهي كلمة أمروا أن يقولوها في معنى الاستغفار، من "حططت"، أي: حطّ عنّا ذنوبنا). [تفسير غريب القرآن: 50]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجّدا وقولوا حطّة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين (58)} الرغد: الواسع الذي لا يعنّي.
وقوله: {وادخلوا الباب سجّدا} أمروا بأن يدخلوا ساجدين.
{وقولوا حطّة} معناه: وقولوا مسألتنا حطة، أي: حط ذنوبنا عنا، وكذلك القراءة، ولو قرئ "حطةً" كان وجهها في العربية، كأنهم قيل لهم قولوا احطط عنّا ذنوبنا حطة. فحرّفوا هذا القول وقالوا لفظة غير هذه اللفظة التي أمروا بها، وجملة ما قالوا أنه أمر عظيم سماهم الله به فاسقين.
وقوله: {نغفر لكم} جزم جواب الأمر، المعنى: أن تقولوا ما أمرتم به نغفر لكم خطاياكم، وقرأ بعضهم "نغفر لكم خطيئاتكم" والقراءة الأولى أكثر، فمن قال "خطيئاتكم"، فهو جمع خطيئة بالألف والتاء، نحو: سفينة وسفينات، وصحيفة وصحيفات، والقراءة كما وصفنا {نغفر لكم خطاياكم}، والأصل في خطايا "خطائئ" فتجمع همزتان تقلب الثانية ياء فتصير "خطائي"، فأعلّ مثل: حظاعي، ثم يجب أن تقلب الياء والكسرة إلى الفتحة والألف فتصير "خطاء"، مثل: حظاعا، فيجب بأن تبدل الهمزة ياء، لوقوعها بين ألفين، لأن الهمزة مجانسة للألفات فاجتمعت ثلاثة أحرف من جنس واحد، وهذا الذي ذكرناه مذهب سيبويه .
ولسيبويه مذهب آخر أصله للخليل، وهو أنه زعم أن "خطايا" أصلها "فعائل"، فقلبت إلى "فعالى" فكان الأصل عنده "خطائى" مثل: خطائع -فاعلم- ثم قدمت الهمزة فصارت "خطائي" مثل: خطاعي، ثم قلبت بعد ذلك على المذهب الأول.
وهذا المذهب ينقص في الإعلال مرتبه واحدة، واللفظ يؤول في اللفظين "خطايا"). [معاني القرآن: 1 / 139 -140]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حطة} أي: لا إله إلا الله، وقيل: معناه: حط عنا ذنوبنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 28]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حِطَّةٌ}: حط ذنوبنا). [العمدة في غريب القرآن: 76]

تفسير قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({الرّجز (59)}: العذاب). [مجاز القرآن: 1 / 41]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزاً مّن السّماء بما كانوا يفسقون}
قال: {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزاً من السّماء} وقال: {والرُّجز فاهجر} وقال بعضهم: (والرِّجْزَ). وذكروا أن "الرجز": صنم كانوا يعبدونه فأما "الرجز" فهو: الرجس. [والرجس: النجس] وقال: {إنّما المشركون نجسٌ} و"النجس": القذر). [معاني القرآن: 1 / 74]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {يفسقون}.
ولغة هذيل "يفسقون" بكسر السين؛ قال: أظنها قراءة يحيى بن وثاب؛ والأولى أحب إلينا). [معاني القرآن لقطرب: 247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الرجز}: العذاب، والرجز والرجس واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 70]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فبدّل الّذين ظلموا قولًا غير الّذي قيل لهم} أي: قيل لهم: قولوا: حطّة، فقالوا: حطّا سمقاتا، يعني: حنطة حمراء. و{الرّجز}: العذاب). [تفسير غريب القرآن: 50]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فبدّل الّذين ظلموا قولا غير الّذي قيل لهم فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزا من السّماء بما كانوا يفسقون (59)} العذاب، وكذلك الرّجس، قال الشاعر:


كم رامنا من ذي عديد مبزى حــتــى وقـمـنــا كــيــده بـالـرجــز
وقوله عزّ وجلّ: {بما كانوا يفسقون} أي: تبديلهم ما أمروا به من أن يقولوا حطة. ويقال: فَسَقَ يفْسُق ويفْسِقُ ويفسُقُ على اللغتين وعليها القراء، ومعنى الفسق: الخروج عن القصد والحق، وكل ما خرج عن شيء فقد فسق، إلا أنّه خص من خرج عن أمر اللّه بأن قيل: فاسق، ولم يحتج إلى أن يقال: فسق عن كذا، كما أنه يقال لكل من صدق بشيء: هو مؤمن بكذا، ويقال للمصدق بأمر اللّه: مؤمن فيكفي، والعرب تقول: فسقت الرطبة، إذا خرجت عن قشرتها). [معاني القرآن: 1 / 140]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الرجز}: العذاب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 28]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الرِّجْزُ}: العذاب). [العمدة في غريب القرآن: 76]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 02:24 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والحيا على ثلاثة أوجه: الحياء من الاستحياء ممدود، وحياء الناقة ممدود، والحيا الغيث والخصب مقصور والخصب مقصور يكتب بالألف وهو من الياء فرارا أن يجمعوا بين ياءين، وذلك أن العرب لا تكاد تكتب مثل هذا بالياء لأن قبله ياء، ألا ترى إلى قولهم خطايا وزوايا وحوايا ومنايا يكتبن بالألف لمكان الياء التي قبلها). [المقصور والممدود: 22] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) }
[لا يوجد]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 جمادى الأولى 1435هـ/29-03-2014م, 08:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 جمادى الأولى 1435هـ/29-03-2014م, 08:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 جمادى الأولى 1435هـ/29-03-2014م, 08:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 جمادى الأولى 1435هـ/29-03-2014م, 08:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري


تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والقرية المدينة تسمى بذلك لأنها تقرت أي اجتمعت، ومنه قريت الماء في الحوض أي جمعته، والإشارة بهذه إلى بيت المقدس في قول الجمهور. وقيل إلى أريحا، وهي قريب من بيت المقدس.
قال عمر بن شبة: كانت قاعدة ومسكن ملوك، ولما خرج ذرية بني إسرائيل من التيه أمروا بدخول القرية المشار إليها، وأما الشيوخ فماتوا فيه، وروي أن موسى صلى الله عليه وسلم مات في التيه، وكذلك هارون عليه السلام.
وحكى الزجاج عن بعضهم أن موسى وهارون لم يكونا في التيه لأنه عذاب، والأول أكثر، وكلوا إباحة، وقد تقدم معنى الرغد، وهي أرض مباركة عظيمة الغلة، فلذلك قال رغداً.
والباب قال مجاهد: هو باب في مدينة بيت المقدس يعرف إلى اليوم بباب حطة، وقيل هو باب القبة التي كان يصلي إليها موسى صلى الله عليه وسلم.
وروي عن مجاهد أيضا: أنه باب في الجبل الذي كلم عليه موسى كالفرضة.
وسجّداً قال ابن عباس رضي الله عنه: «معناه ركوعا».، وقيل متواضعين خضوعا لا على هيئة معينة، والسجود يعم هذا كله لأنه التواضع، ومنه قول الشاعر:



ترى الأكم فيه سجّدا للحوافر


وروي أن الباب خفض لهم ليقصر ويدخلوا عليه متواضعين، وحطّةٌ فعلة من حط يحط، ورفعه على خبر ابتداء، كأنهم قالوا سؤالنا حطة لذنوبنا، هذا تقدير الحسن بن أبي الحسن.
وقال الطبري: التقدير دخولنا الباب كما أمرنا حطة، وقيل أمروا أن يقولوا مرفوعة على هذا اللفظ.
وقال عكرمة وغيره: «أمروا أن يقولوا لا إله إلا الله لتحط بها ذنوبهم».
وقال ابن عباس: «قيل لهم استغفروا وقولوا ما يحط ذنوبكم».
وقال آخرون: قيل لهم أن يقولوا هذا الأمر حق كما أعلمنا. وهذه الأقوال الثلاثة تقتضي النصب.
وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة: «حطة» بالنصب.
وحكي عن ابن مسعود وغيره: «أنهم أمروا بالسجود وأن يقولوا حطّةٌ فدخلوا يزحفون على أستاههم ويقولون حنطة حبة حمراء في شعرة».، ويروى غير هذا من الألفاظ.
وقرأ نافع: «يغفر» بالياء من تحت مضمومة.
وقرأ ابن عامر: «تغفر» بالتاء من فوق مضمومة.
وقرأ أبو بكر عن عاصم: «يغفر» بفتح الياء على معنى يغفر الله.
وقرأ الباقون: «نغفر» بالنون.
وقرأت طائفة «تغفر» كأن الحطة تكون سبب الغفران، والقراء السبعة على خطاياكم، غير أن الكسائي كان يميلها.
وقرأ الجحدري: «تغفر لكم خطيئتكم» بضم التاء من فوق وبرفع الخطيئة.
وقرأ الأعمش: «يغفر» بالياء من أسفل مفتوحة «خطيئتكم» نصبا.
وقرأ قتادة مثل الجحدري، وروي عنه أنه قرأ بالياء من أسفل مضمومة خطيئتكم رفعا.
وقرأ الحسن البصري: «يغفر لكم خطيئاتكم» أي يغفر الله.
وقرأ أبو حيوة: «تغفر» بالتاء من فوق مرفوعة «خطيئاتكم» بالجمع ورفع التاء.
وحكى الأهوازي: أنه قرئ «خطأياكم» بهمز الألف الأولى وسكون الآخرة. وحكي أيضا أنه قرئ بسكون الأولى وهمز الآخرة.
قال الفراء: خطايا جمع خطية بلا همز كهدية وهدايا، وركية وركايا.
وقال الخليل: هو جمع خطيئة بالهمز، وأصله خطايىء قدمت الهمزة على الياء فجاء خطائي أبدلت الياء ألفا بدلا لازما فانفتحت الهمزة التي قبلها فجاء خطاء، همزة بين ألفين، وهي من قبيلهما فكأنها ثلاث ألفات، فقلبت الهمزة ياء فجاء خطايا.
قال سيبويه: «أصله خطايىء همزت الياء كما فعل في مدائن وكتائب فاجتمعت همزتان فقلبت الثانية ياء، ثم أعلت على ما تقدم».
وقوله تعالى: {وسنزيد المحسنين} عدة، المعنى إذا غفرت الخطايا بدخولكم وقولكم زيد بعد ذلك لمن أحسن، وكان من بني إسرائيل من دخل كما أمر وقال لا إله إلا الله فقيل هم المراد بـــــ المحسنين هنا). [المحرر الوجيز: 1 / 221 -224]

تفسير قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزاً من السّماء بما كانوا يفسقون (59) وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كلّ أناسٍ مشربهم كلوا واشربوا من رزق اللّه ولا تعثوا في الأرض مفسدين (60)}
روي أنهم لما جاؤوا الباب دخلوا من قبل أدبارهم القهقرى، وفي الحديث: أنهم دخلوا يزحفون على أستاههم، وبدلوا فقالوا حبة في شعرة، وقيل قالوا حنطة حبة حمراء فيها شعرة وقيل شعيرة.
وحكى الطبري أنهم قالوا حطي شمقاثا أزبة، وتفسيره ما تقدم.
والرجز العذاب، وقال ابن زيد ومقاتل وغيرهما: «إن الله تعالى بعث على الذين بدلوا ودخلوا على غير ما أمروا الطاعون فأذهب منهم سبعين ألفا»، وقال ابن عباس: «أمات الله منهم في ساعة واحدة نيفا على عشرين ألفا».
وقرأ ابن محيصن «رجزا» بعضهم الراء، وهي لغة في العذاب، والرجز أيضا اسم صنم مشهور.
والباء في قوله بما متعلقة بـــــ فأنزلنا، وهي باء السبب.
ويفسقون معناه يخرجون عن طاعة الله، وقرأ النخعي وابن وثاب «يفسقون» بكسر السين، يقال فسق يفسق ويفسق بضم السين وكسرها). [المحرر الوجيز: 1 / 224 -225]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 جمادى الأولى 1435هـ/29-03-2014م, 08:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 28 جمادى الأولى 1435هـ/29-03-2014م, 08:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدًا وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين (58) فبدّل الّذين ظلموا قولا غير الّذي قيل لهم فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا من السّماء بما كانوا يفسقون (59)}
يقول تعالى لائمًا لهم على نكولهم عن الجهاد ودخول الأرض المقدّسة، لمّا قدموا من بلاد مصر صحبة موسى، عليه السّلام، فأمروا بدخول الأرض المقدّسة الّتي هي ميراثٌ لهم عن أبيهم إسرائيل، وقتال من فيها من العماليق الكفرة، فنكلوا عن قتالهم وضعفوا واستحسروا، فرماهم اللّه في التّيه عقوبةً لهم، كما ذكره تعالى في سورة المائدة؛ ولهذا كان أصحّ القولين أنّ هذه البلدة هي بيت المقدس، كما نصّ على ذلك السّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ، وقتادة، [وأبو مسلمٍ الأصفهانيّ وغير واحدٍ وقد قال اللّه تعالى: {يا قوم ادخلوا الأرض المقدّسة الّتي كتب اللّه لكم} الآيات]. [المائدة: 21-24]
وقال آخرون: هي أريحا [ويحكى عن ابن عبّاسٍ وعبد الرّحمن بن زيدٍ] وهذا بعيدٌ؛ لأنّها ليست على طريقهم، وهو قاصدون بيت المقدس لا أريحا [وأبعد من ذلك قول من ذهب أنّها مصر، حكاه فخر الدّين في تفسيره، والصّحيح هو الأوّل؛ لأنّها بيت المقدس]. وهذا كان لمّا خرجوا من التّيه بعد أربعين سنةً مع يوشع بن نونٍ، عليه السّلام، وفتحها اللّه عليهم عشيّة جمعةٍ، وقد حبست لهم الشّمس يومئذٍ قليلًا حتّى أمكن الفتح، وأمّا أريحا فقريةٌ ليست مقصودةً لبني إسرائيل، ولمّا فتحوها أمروا أن يدخلوا الباب -باب البلد- {سجّدًا} أي: شكرًا للّه تعالى على ما أنعم به عليهم من الفتح والنّصر، وردّ بلدهم إليهم وإنقاذهم من التّيه والضّلال.
قال العوفيّ في تفسيره، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقول في قوله: {وادخلوا الباب سجّدًا}«أي ركّعًا».
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، وعن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وادخلوا الباب سجّدًا} قال: «ركّعًا من بابٍ صغيرٍ».
رواه الحاكم من حديث سفيان، به. ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث سفيان، وهو الثّوريّ، به. وزاد: «فدخلوا من قبل استاههم».
[وقال الحسن البصريّ: «أمروا أن يسجدوا على وجوههم حال دخولهم».، واستبعده الرّازيّ، وحكى عن بعضهم: أنّ المراد بالسّجود هاهنا الخضوع لتعذّر حمله على حقيقته].
وقال خصيفٌ: قال عكرمة، قال ابن عبّاسٍ: «كان الباب قبل القبلة».
وقال [ابن عباس و] مجاهد، والسّدّيّ، وقتادة، والضّحّاك: «هو باب الحطّة من باب إيلياء ببيت المقدس»، [وحكى الرّازيّ عن بعضهم أنّه عن باب جهةٍ من جهات القرية].
وقال خصيف: قال عكرمة: قال ابن عبّاسٍ: «فدخلوا على شقٍّ»، وقال السّدّيّ، عن أبي سعيدٍ الأزديّ، عن أبي الكنود، عن عبد اللّه بن مسعودٍ: «وقيل لهم ادخلوا الباب سجّدًا، فدخلوا مقنعي رؤوسهم، أي: رافعي رؤوسهم خلاف ما أمروا».
وقوله: {وقولوا حطّةٌ} قال الثّوريّ عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وقولوا حطّةٌ} قال: «مغفرةٌ، استغفروا».
وروي عن عطاءٍ، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس، نحوه.
وقال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: {وقولوا حطّةٌ} قال: «قولوا: هذا الأمر حقٌّ، كما قيل لكم».
وقال عكرمة: «قولوا: لا إله إلّا اللّه».
وقال الأوزاعيّ: «كتب ابن عبّاسٍ إلى رجلٍ قد سمّاه يسأله عن قوله تعالى: {وقولوا حطّةٌ} فكتب إليه: أن أقرّوا بالذّنب».
وقال الحسن وقتادة: «أي احطط عنّا خطايانا».
{نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين} هذا جواب الأمر، أي: إذا فعلتم ما أمرناكم غفرنا لكم الخطيئات وضعفنا لكم الحسنات.
وحاصل الأمر: أنّهم أمروا أن يخضعوا للّه تعالى عند الفتح بالفعل والقول، وأن يعترفوا بذنوبهم ويستغفروا منها، والشّكر على النّعمة عندها والمبادرة إلى ذلك من المحبوب للّه تعالى، كما قال تعالى: {إذا جاء نصر اللّه والفتح * ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجًا * فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّابًا} [سورة النّصر] فسّره بعض الصّحابة بكثرة الذّكر والاستغفار عند الفتح والنّصر، وفسّره ابن عبّاسٍ بأنّه نعي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أجله فيها، وأقرّه على ذلك عمر [بن الخطّاب] رضي اللّه عنه. ولا منافاة بين أن يكون قد أمر بذلك عند ذلك، ونعى إليه روحه الكريمة أيضًا؛ ولهذا كان عليه السّلام يظهر عليه الخضوع جدًّا عند النّصر، كما روي أنّه كان يوم الفتح -فتح مكّة-داخلًا إليها من الثّنيّة العليا، وإنّه الخاضع لربّه حتّى إنّ عثنونه ليمسّ مورك رحله، يشكر اللّه على ذلك. ثمّ لمّا دخل البلد اغتسل وصلّى ثماني ركعاتٍ وذلك ضحى، فقال بعضهم: هذه صلاة الضّحى، وقال آخرون: بل هي صلاة الفتح، فاستحبّوا للإمام وللأمير إذا فتح بلدًا أن يصلّي فيه ثماني ركعاتٍ عند أوّل دخوله، كما فعل سعد بن أبي وقّاصٍ رضي اللّه عنه لمّا دخل إيوان كسرى صلّى فيه ثماني ركعاتٍ، والصّحيح أنّه يفصل بين كلّ ركعتين بتسليمٍ؛ وقيل: يصلّيها كلّها بتسليمٍ واحدٍ، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 1 / 273 -275]

تفسير قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {فبدّل الّذين ظلموا قولا غير الّذي قيل لهم} قال البخاريّ: حدّثني محمّدٌ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي، عن ابن المبارك، عن معمر، عن همّام بن منبّه، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ} فدخلوا يزحفون على استاههم، فبدّلوا وقالوا: حطّةٌ: حبّةٌ في شعرةٍ».ورواه النّسائيّ، عن محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد الرّحمن بن مهديٍّ به موقوفًا وعن محمّد بن عبيد بن محمّدٍ، عن ابن المبارك ببعضه مسندًا، في قوله تعالى: {حطّةٌ} قال: «فبدّلوا. فقالوا: حبة ».
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا معمرٌ، عن همّام بن منبه أنّه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «قال اللّه لبني إسرائيل: {وادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم} فبدّلوا، ودخلوا الباب يزحفون على استاههم، فقالوا: حبّةٌ في شعرةٍ ».
وهذا حديثٌ صحيحٌ، رواه البخاريّ عن إسحاق بن نصرٍ، ومسلمٌ عن محمّد بن رافعٍ. والتّرمذيّ عن عبد بن حميدٍ، كلّهم عن عبد الرّزّاق، به. وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وقال محمّد بن إسحاق: كان تبديلهم كما حدّثني صالح بن كيسان، عن صالحٍ مولى التّوأمة، عن أبي هريرة، وعمّن لا أتّهم، عن ابن عبّاسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «دخلوا الباب -الّذي أمروا أن يدخلوا فيه سجّدًا-يزحفون على استاههم، وهم يقولون: حنطةٌ في شعيرةٍ».
وقال أبو داود: حدّثنا أحمد بن صالحٍ، وحدّثنا سليمان بن داود، حدّثنا عبد اللّه بن وهبٍ، حدّثنا هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: «قال اللّه لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم}» ثمّ قال أبو داود: حدّثنا جعفر بن مسافرٍ، حدّثنا ابن أبي فديكٍ، عن هشام بن سعدٍ، مثله .
هكذا رواه منفردًا به في كتاب الحروف مختصرًا.
وقال ابن مردويه: حدّثنا عبد اللّه بن جعفرٍ، حدّثنا إبراهيم بن مهديٍّ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن المنذر القزّاز، حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن أبي فديكٍ، عن هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: سرنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى إذا كان من آخر اللّيل، أجزنا في ثنيّةٍ يقال لها: ذات الحنظل، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما مثل هذه الثّنيّة اللّيلة إلّا كمثل الباب الّذي قال اللّه لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجّدًا وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم}».
وقال سفيان الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن البراء: {سيقول السّفهاء من النّاس} [البقرة: 142] «قال اليهود: قيل لهم: {ادخلوا الباب سجّدًا}، قال: ركّعًا، {وقولوا حطّةٌ}: أي مغفرةٌ، فدخلوا على استاههم، وجعلوا يقولون: حنطةٌ حمراء فيها شعيرةٌ، فذلك قول اللّه تعالى: {فبدّل الّذين ظلموا قولا غير الّذي قيل لهم}.
وقال الثّوريّ، عن السّدّيّ، عن أبي سعدٍ الأزديّ، عن أبي الكنود، عن ابن مسعودٍ: {وقولوا حطّةٌ} «فقالوا: حنطةٌ حبّةٌ حمراء فيها شعيرةٌ، فأنزل اللّه: {فبدّل الّذين ظلموا قولا غير الّذي قيل لهم}».
وقال أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن ابن مسعودٍ أنّه قال: «إنّهم قالوا: "هطّي سمعاتا أزبة مزبا" فهي بالعربيّة: حبّة حنطةٍ حمراء مثقوبة فيها شعرةٌ سوداء، فذلك قوله: {فبدّل الّذين ظلموا قولا غير الّذي قيل لهم}».
وقال الثّوريّ، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ادخلوا الباب سجّدًا} «ركّعًا من بابٍ صغيرٍ، فدخلوا من قبل أستاههم، وقالوا: حنطةٌ، فهو قوله تعالى: {فبدّل الّذين ظلموا قولا غير الّذي قيل لهم}».
وهكذا روي عن عطاءٍ، ومجاهدٍ، وعكرمة، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ، ويحيى بن رافعٍ.
وحاصل ما ذكره المفسّرون وما دلّ عليه السّياق أنّهم بدّلوا أمر اللّه لهم من الخضوع بالقول والفعل، فأمروا أن يدخلوا سجّدًا، فدخلوا يزحفون على أستاههم من قبل أستاههم رافعي رؤوسهم، وأمروا أن يقولوا: حطّةٌ، أي: احطط عنّا ذنوبنا، فاستهزؤوا فقالوا: حنطةٌ في شعرةٍ. وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة؛ ولهذا أنزل اللّه بهم بأسه وعذابه بفسقهم، وهو خروجهم عن طاعته؛ ولهذا قال: {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزًا من السّماء بما كانوا يفسقون}
وقال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: «كلّ شيءٍ في كتاب اللّه من "الرّجز" يعني به العذاب».
وهكذا روي عن مجاهدٍ، وأبي مالكٍ، والسّدّيّ، والحسن، وقتادة، «أنّه العذاب».. وقال أبو العالية: «الرّجز الغضب». وقال الشّعبيّ: «الرّجز: إمّا الطّاعون، وإمّا البرد». وقال سعيد بن جبيرٍ: «هو الطّاعون».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن إبراهيم بن سعدٍ -يعني ابن أبي وقّاصٍ-عن سعد بن مالكٍ، وأسامة بن زيدٍ، وخزيمة بن ثابتٍ، رضي اللّه عنهم، قالوا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الطّاعون رجز عذابٌ عذّب به من كان قبلكم».
وهكذا رواه النّسائيّ من حديث سفيان الثّوريّ به. وأصل الحديث في الصّحيحين من حديث حبيب بن أبي ثابتٍ: «إذا سمعتم بالطّاعون بأرضٍ فلا تدخلوها». الحديث.
قال ابن جريرٍ: أخبرني يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهبٍ، عن يونس، عن الزّهريّ، قال: أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقّاصٍ، عن أسامة بن زيدٍ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: «إنّ هذا الوجع والسّقم رجز عذّب به بعض الأمم قبلكم». وهذا الحديث أصله مخرّج في الصّحيحين، من حديث الزّهريّ، ومن حديث مالكٍ، عن محمّد بن المنكدر، وسالمٍ أبي النّضر، عن عامر بن سعدٍ، بنحوه). [تفسير ابن كثير: 1 / 275 -278]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:45 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة