قوادح صحبة القرآن
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (قوادح صحبة القرآن
مما ينبغي أن يعلم ويُحترز منه قوادح صحبة القرآن؛ وهي على أربع درجات:
الدرجة الأولى: ما يقدح في صحّة الإيمان بالقرآن، وذلك بارتكاب ناقض من نواقض الإيمان بالقرآن؛ فمن فعل ذلك فقد خان الله عزّ وجلّ، وخان صُحبة كتابه، ووقع في الشرك الأكبر المخرج عن الملة، والعياذ بالله.
ومن تلك النواقض: التكذيب بالقرآن، والاستهزاء ببعض آياته، والاستخفاف بالمصحف وإهانته، والمراءاة الكبرى بقراءته، وهي أن تكون قراءته من غير إيمان به وإنما ليقال: هو قارئ، أو ليصيب به عرضاً من الدنيا.
والدرجة الثانية: المراءاة الصغرى بقراءته، وهي المراءاة بتحسين التلاوة وإكثارها أحياناً، لما يرى من نظر بعض الناس إليه، أو لأجل أن يُثنى عليه بذلك، أو ليصيب عرضاً من الدنيا، مع بقاء أصل الإيمان بالله في قلبه، واجتنابه نواقض الإسلام؛ وهذا شركٌ أصغر؛ وهو من أعمال النفاق، وهو من أشنع القوادح التي يجب على صاحب القرآن تجنّبها والاحتراز منها؛ فإنّ الوعيد عليها شديد.
والدرجة الثالثة: هجر العمل به أحياناً؛ فأمّا الهجر التامّ فيلحق صاحبه بالدرجة الأولى، لأنه إعراض مطلق مخرج عن الملّة، وأما هجر العمل ببعض واجباته بما لا يخرج صاحبه من الملّة؛ فهو مما يقع من بعض المسلمين؛ فيقع منهم ارتكاب لبعض الكبائر التي يستحقون عليها العذاب إن لم يتوبوا إلى الله؛ ويقع منهم مخالفة لهدى القرآن في بعض الأمور؛ فيستحقون العقاب على مخالفتهم؛ وقد حذّر الله تعالى عباده من المخالفة؛ فقال: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
والدرجة الرابعة: هجر تلاوته مع بقاء العمل به؛ باجتناب الكبائر، وأداء الفرائض؛ وهذا قد يقع من بعض المسلمين؛ فتمضي عليه أيام لا يقرأ من القرآن إلا ما تصحّ به صلاته، وهذا الهجر مما يتخلّف به صاحبه عن الرتب العليا ودرجات الكمال التي فيها شرفه ورفعته.
وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها طيب حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر))). [بيان فضل القرآن:113 - 114]