ما ورد في نزول قوله تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102) )
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ ...}
أخبرنا الأستاذ أبو عثمان الزعفراني المقري سنة خمس وعشرين قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن زياد السدي سنة ثلاث وستين قال: أخبرنا أبو سعيد الفضل بن محمد الجزري بمكة في المسجد الحرام سنة أربع وثلاثمائة قال: أخبرنا علي بن زياد اللحجي قال: حدثنا أبو قرة موسى بن طارق قال: ذكر سفيان عن منصور عن مجاهد قال: أخبرنا أبو عياش الزرقي قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فقال المشركون: قد كانوا على
[أسباب النزول: 171]
حال لو كنا أصبنا منهم غرة قالوا: تأتي عليهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم قال: وهي العصر قال: فنزل جبريل عليه السلام بهؤلاء الآيات بين الأولى والعصر {وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ} وهم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة وذكر صلاة الخوف.
أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد الضبي قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا يونس بن بكير عن النضر أبي عمر عن عكرمة عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقي المشركين بعسفان فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه قال بعضهم لبعض: كان هذا فرصة لكم لو أغرتم عليهم ما علموا بكم حتى تواقعوهم فقال قائل منهم: فإن لهم صلاة أخرى هي أحب إليهم من أهليهم وأموالهم فاستعدوا حتى تغيروا عليهم فيها فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه {وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ} إلى آخر الآية. وأعلم ما ائتمر به المشركون وذكر صلاة الخوف). [أسباب النزول: 172]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)}
وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبهيقي في الدلائل عن ابن عياش الزرقي قال: كنا مع رسول الله بعسفان فاستقبلنا المشركون وعليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة، فصلى بنا النبي صلى الله عليهم وسلم الظهر فقالوا: قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم، ثم قالوا: تأتي عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم، فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} الحديث.
وروى الترمذي نحوه عن أبي هريرة.
(ك) وابن جرير نحوه عن جابر بن عبد الله وابن عباس.
أخرج البخاري عن ابن عباس قال: نزلت: {إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى} في عبد الرحمن بن عوف كان جريحا). [لباب النقول:91]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [الآية :102].
الإمام أحمد [4 /59] حدثنا عبد الرزاق ثنا الثوري عن منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعسفان فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الظهر، فقالوا: قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم. ثم قالوا: تأتي عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم قال فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات بين الظهر والعصر {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} قال: فحضرت، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأخذوا السلاح، قال: فصففنا خلفه صفين قال ثم ركع فركعنا جميعا ثم رفع فرفعنا جميعا – الحديث.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 88]
الحديث أخرجه عبد الرزاق في [المصنف: 2 /505] والطيالسي [1 /150] والحاكم في [المستدرك: 1 /337] وقال: صحيح على شرطهما وسكت عليه الذهبي وأخرجه أبو داود [1 /477] قال صاحب عون المعبود ورواه البيهقي في المعرفة بلفظ حدثنا أبو عياش وفي هذا تصريح بسماع مجاهد من أبي عياش وأخرجه النسائي [3 /145] والدارقطني [2 /59] وقال صحيح وابن جرير [5 /246، 257].
الحديث أخرجه أحمد [4/60] النسائي[3/177] عبد الرزاق [2/505] الطبراني في الكبير [5/1213] وما بعده، الطيالسي [191]، البيهقي في الكبير [3/256] ابن أبي شيبة [2/463-465]، والبيهقي في المعرفة [5/28] قال البيهقي: عقبه هذا إسناد صحيح. إلا أن بعض أهل العلم بالحديث يشك في حديث مجاهد عن أبي عياش.
وقال الإمام الترمذي: مجاهد معلوم التدليس فعنعنته لا تفيد الوصل. انظر التهذيب [10/39] وبعد كلام البيهقي والترمذي فقد روى هذا الحديث عن مجاهد بالعنعنة جرير بن عبد الحميد وسفيان الثوري وعبد العزيز بن عبد الصمد وشعبة بن الحجاج وورقاء وزائدة وعلي بن صالح أبو الحسن وجعفر بن الحارث وإسرائيل.
ورواه بصيغة التحديث بين مجاهد وأبي عياش جرير بن عبد الحميد كما عند البيهقي في المعرفة، وداود بن عيسى كما عند الطبراني [5/215 رقم 5135] فقد وافق جرير بن عبد الحميد الأئمة في روايته بالعنعنة وذكر التحديث من طريقه يحمل على الوهم.
وقد ذكر ابن جرير رحمه الله فائدة في دخول الوهم في صيغ التحديث في [شرحه للعلل:2/593] فقال: وكان أحمد يستنكر دخول التحديث في كثير من الأسانيد ويقول هو خطأ يعني ذكر السماع. قال في رواية هدبة عن حماد عن قتادة ثنا خلاد الجهني: هو خطأ خلاد قديم ما رأى قتادة خلادا وذكر أمثلة. فقال ابن رجب رحمه الله: وحينئذ ينبغي التفطن لهذه الأمور ولا يغتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 89]
فقد ذكر ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء فيه الإخبار عن شيوخه ويكون منقطعا. العلل [2/594] وأما داود بن عيسى: مترجم في الجرح والتعديل [3/419] تاريخ البخاري [3/242] وسكت عنه البخاري وابن أبي حاتم وقال ابن حبان: كان متقنا عزيز الحديث، الثقات [6/287] وعلى هذا فإذا ثبت الوهم في التصريح بالتحديث، فيكون الحديث ضعيفا لقول الإمام الترمذي: مجاهد معلوم التدليس فعنعنته لا تفيد الوصل وكذلك قول البيهقي إلا أن بعض أهل العلم بالحديث يشك في حديث مجاهد عن أبي عياش. والله أعلم، قال الإمام الترمذي في [العلل الكبير في: 1 /301] قال: سألت محمدا فقلت له: أي الروايات في صلاة الخوف أصح؟ فقال: كل الروايات عندي صحيح وكل يستعمل وإنما هو على قدر الخوف. إلا حديث مجاهد عن أبي عياش الزرقي فإني أراه مرسلا.
وقال ابن الأثير في [أسد الغابة :2/363] في ترجمه أبي عياش: قال أبو عمر: وزيد بن الصامت أصح ما قيل فيه وهو معدود في أهل الحجاز روى عن أنس بن مالك من الصحابة ومن التابعين أبو صالح ومجاهد ولا يصح سماعهما منه لأنه قديم الموت. وقال الحافظ في ترجمة أبي عياش من تهذيب التهذيب: روى عنه مجاهد وأبو صالح إن كان محفوظا.
ونقل العلائي عن الترمذي كما في [جامع التحصيل: 337]: لا يعرف سماع مجاهد عن أبي عياش الزرقي. وقال الحافظ ابن رجب في [شرح للبخاري:6/11] حول حديث أبي عياش الزرقي. نقل قول البخاري في الحديث وقوله إني أراه مرسلا. قال ابن رجب وإنما مراده: أن هذا الحديث الصواب عن مجاهد إرساله عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من غير ذكر أبي عياش. كذلك رواه أصحاب مجاهد عنه بخلاف رواية منصور عنه.
فرواه عكرمة بن خالد وعمر بن ذر وأيوب بن موسى ثلاثتهم عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرسلا من غير ذكر أبي عياش. وهذا أصح عند البخاري.
وكذلك صحح إرساله عبد العزيز النخشبي وغيره من الحفاظ.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 90]
وأخرج ابن جرير [5 /256] والحاكم [3 /3] وقال: على شرط البخاري وسكت الذهبي عن ابن عباس مثله). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 91]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} [الآية :102].
البخاري [9 /333] حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن أخبرنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرني يعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قال عبد الرحمن بن عوف وكان جريحا. قال الحافظ أي فنزلت الآية قلت: والتصريح بلفظ النزول أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين وسكت عليه الذهبي [2 /308] وأخرجه ابن جرير [5 /259] ولفظه كالبخاري). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 91]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين