التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكوَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)}ٍ
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دون اللّه} [سبأ: 22] يعني أوثانهم، زعمتم أنّهم آلهةٌ.
{لا يملكون} [سبأ: 22] لا تملك تلك الآلهة.
{مثقال ذرّةٍ} [سبأ: 22] وزن ذرّةٍ.
{في السّموات ولا في الأرض وما لهم فيهما} [سبأ: 22] في السّموات والأرض.
{من شركٍ} [سبأ: 22] ما خلقوا شيئًا ممّا فيهما، وما خلقهما وما فيهما إلا اللّه.
{وما له منهم} [سبأ: 22]، أي: وما للّه منهم من أوثانهم.
{من ظهيرٍ} [سبأ: 22] من عوينٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/757]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( { من ظهيرٍ }: أي: من معين.). [مجاز القرآن: 2/147]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دون اللّه لا يملكون مثقال ذرّة في السّماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير (22)}
يعني : أن الذين يزعمون أنهم شركاء الله من الملائكة , وغيرهم , لا شرك لهم , ولا معين للّه عزّ وجلّ فيما خلق.). [معاني القرآن: 4/252] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما له منهم من ظهير}
قال أبو عبيدة : من ظهير , أي: من معين.). [معاني القرآن: 5/415]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({من ظهير}: أي: معين). [ياقوتة الصراط: 415]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ظَهِيرٍ}: معين.). [العمدة في غريب القرآن: 247]
تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولا تنفع الشّفاعة عنده} [سبأ: 23] عند اللّه.
{إلا لمن أذن له} [سبأ: 23] لا يشفع الشّافعون إلا للمؤمن، تشفع
[تفسير القرآن العظيم: 2/757]
الملائكة والنّبيّون والمؤمنون، ليس، يعني: أنّهم يشفعون للمشركين، فلا يشفّعون.
وحديث الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: أهل الكبائر لا شفاعة لهم، قال: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} [الأنبياء: 28].
وقال: {ولا يملك الّذين يدعون من دونه الشّفاعة إلا من شهد بالحقّ وهم يعلمون} [الزخرف: 86] وقلوبهم مخلصةٌ بشهادة لا إله إلا اللّه، يعلمون أنّها الحقّ، وقال: {فما تنفعهم شفاعة الشّافعين} [المدثر: 48]، أي: أنّ الشّافعين لا يشفعون لهم، إنّما يشفعون للمؤمنين.
قوله عزّ وجلّ: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ} [سبأ: 23] لا أعلى منه.
{الكبير} لا أكبر منه.
قرّة بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن القاسم مولى أبي بكرٍ الصّدّيق أنّه كان يقرأها {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير} [سبأ: 23] إنّ أهل السّموات لم يسمعوا الوحي فيما بين عيسى إلى أن بعث اللّه محمّدًا، فلمّا بعث اللّه جبريل بالوحي إلى محمّدٍ سمع أهل السّموات صوت الوحي مثل جرّ السّلاسل على الصّخور أو الصّفا، فصعق أهل السّموات مخافة أن تكون السّاعة، فلمّا فرغ من الوحي، وانحدر جبريل جعل كلّما مرّ بأهل سماءٍ فزّع عن قلوبهم، فسأل بعضهم بعضًا، فسأل أهل كلّ سماءٍ الّذي فوقهم إذا جلّي عن قلوبهم: {ماذا قال ربّكم} [سبأ: 23] فيقولون: {الحقّ}، أي: هو الحقّ {وهو العليّ} [سبأ: 23]، أي: لا أعلى منه {الكبير} [سبأ: 23] لا أكبر منه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/758]
حمّادٌ، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائلٍ، عن مسروقٍ أنّه كان يقرأها حتّى إذا فزع عن قلوبهم.
حمّادٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ مثله.
محمّد بن معبدٍ، عن سليمان التّيميّ قال: يسمعون مثل جرّ السّلاسل على الصّخور أو الصّفا.
وحدّثني أبو أميّة، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الضّيف عن كعبٍ قال: إنّ أقرب الملائكة إلى اللّه إسرافيل، فإذا أراد اللّه أمرًا أن يوحيه جاء اللّوح حتّى يصفّق جبهته، فيرفع رأسه، فينظر فإذا الأمر مكتوبٌ، فينادي جبريل فيلبّيه فيقول: أمرت بكذا، أمرت بكذا، فلا يهبط جبريل من سماءٍ إلى سماءٍ إلا فزع أهلها مخافة السّاعة حتّى يقول جبريل: الحقّ من عند الحقّ، فيهبط على النّبيّ عليه السّلام فيوحي إليه.
قرّة بن خالدٍ، والحسن بن دينارٍ، ويزيد بن إبراهيم، عن الحسن أنّه كان يقرأها: حتّى إذا فزع عن قلوبهم إذا تجلّى عن قلوبهم في حديث يزيد بن إبراهيم.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: {حتّى إذا فزّع
[تفسير القرآن العظيم: 2/759]
عن قلوبهم} [سبأ: 23] كشف عنهم الغطاء يوم القيامة.
وحدّثني المعلّى، عن أبي يحيى القتّات، عن مجاهدٍ: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} [سبأ: 23] قال: حتّى إذا رأوا الحقّ لم ينفعهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/760]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ لمن أذن له...}
أي : لا ينفع شفاعة ملكٍ مقرّبٍ , ولا نبيّ حتى يؤذن له في الشفاعة, ويقال: حتى يؤذن له فيمن يشفع، فتكون (من) للمشفوع له.
وقوله: {حتّى إذا فزّع} : قراءة الأعمش, وعاصم بن أبي النجود , وأبي عبد الرحمن السّلميّ , وأهل المدينة. وقراءة الحسن البصري: {فرّغ}, وقراءة مجاهد : {حتّى إذا فزّع)}, يجعل الفعل لله .
وأما قول الحسن : فمعناه حتى إذا كشف الفزع عن قولبهم , وفرّغت منه, فهذا وجه.
ومن قال : {فزّع }, أو:{ فزّع }, فمعناه أيضاً: كشف عنه الفزع , (عن) تدلّ على ذلك , كما تقول: قد جلّي عنك الفزع.
والعرب تقول للرجل: إنه لمغلّب , وهو غالب، ومغلّب , وهو مغلوب.
فمن قال: مغّلب للمغلوب , يقول: هو أبداً مغلوب, ومن قال: مغلّب ,, وهو غالب, أراد قول الناس: هو مغلّب.
والمفزّع يكون جباناً , وشجاعاً , فمن جعله شجاعاً , قال: بمثله تنزل الأفزاع, ومن جعله جباناً , فهو بيّن, أراد: يفزع من كلّ شيء.
وقوله: {قالوا الحقّ} : فالمعنى في ذلك أنه كان بين نبيّنا , وبين عيسى صلى الله عليهما وسلم فترة، فلمّا نزل جبريل على محمدٍ عليهما السّلام بالوحي , ظنّ أهل السموات أنه قيام السّاعة, فقال بعضهم: {ماذا قال ربّكم}: فلم يدروا، ولكنهم قالوا: قال الحقّ. ولو قرئ {الحقّ} بالرفع أي هو الحقّ كان صواباً, ومن نصب أوقع عليه القول: قالوا : قال الحقّ.). [معاني القرآن: 2/361-362]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({حتّى إذا فزّع عن قلوبهم }: أي:أذهب عن قلوبهم.
{ قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ }: منصوب لأنه مختصر , كأنه: قالوا: قال ربنا الحق، وقد رفعه لبيد , ولا أظنه إلا احتياجاً إلى القافبة , قال:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول= أنحبٌ فيقضي أم ضلالٌ وباطل.).[مجاز القرآن: 2/148]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولا تنفع الشّفاعة عنده إلاّ لمن أذن له حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير}
وقال: {لمن أذن له} ؛ لأن في المعنى لا يشفع إلا لمن له أذن له.
وقال: {قالوا الحقّ}: إن شئت رفعت , وإن شئت نصبته.). [معاني القرآن: 3/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فزع عن قلوبهم}: قال نفس عنها ورفة وجلي، ومن قرأها بالراء والغين فمعناه أخرج ما فيها من خوف ففرعت منه). [غريب القرآن وتفسيره: 307-308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({حتّى إذا فزّع عن قلوبهم}: خفف عنها الفزع, ومن قرأ: {فزع } : أراد منها الفزع.). [تفسير غريب القرآن: 356-357]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولا تنفع الشّفاعة عنده إلّا لمن أذن له حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير (23)} {أذن له}: بضم الهمزة , وفتحها، ويكون المعنى : لمن أذن له.
أي، لمن أذن الله له أن يشفع، ويجوز إلا لمن أذن أن يشفع له , فيكون " من " للشافعين، ويجوز أن يكون للمشفوع لهم, والأجود أن يكون للشافعين، لقوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم}.
لأن الذين فزع عن قلوبهم ههنا الملائكة، وتقرأ :{حتى إذا فزّع عن قلوبهم } - بفتح الفاء - , وقرأ الحسن: {حتّى إذا فرغ عن قلوبهم} - بالراء غير المعجمة وبالغين المعجمة - , ومعنى : {فزع }: كشف الفزع عن قلوبهم , و{فزّع عن قلوبهم }: كشف الله الفزع عن قلوبهم، وقراءة الحسن: فرّغ , ترجع إلى هذا المعنى ؛ لأنهما فرغت من الفزع. وتفسير هذا أن جبريل عليه السلام كان لما نزل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - بالوحي , ظنت الملائكة أنه نزل لشيء من أمر الساعة , فتفزعت لذلك، فلما انكشف عنها الفزع: {قالوا ماذا قال ربّكم}.: فسألت : لأي شيء ينزل جبريل؟, {قالوا الحقّ}:أي : قالوا : قال الحق.
ولو قرئت:{ قالوا الحقّ }: لكان وجها, يكون المعنى : قالوا هو الحق.). [معاني القرآن: 4/253]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}
يجوز أن يكون المعنى : إلا لمن أذن له أن يشفع , وأن يكون للمشفوع.
والأول أبين : لقوله تعالى: {حتى إذا فزع عن قلوبهم}
وقرأ ابن عباس : حتى إذا فزع عن قلوبهم , أي: فزع الله عز وجل عن قلوبهم , يقال: فزعته : أزلت عنه الفزع.
والمعروف من قراءة الحسن:{حتى إذا فرغ عن قلوبهم }:أي: فرغ منها الفزع
قال عكرمة : سمعت أبا هريرة يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها , خضعاناً لله جل وعز , فيسمع كالسلسلة على الصفوان , فيقولون : ماذا قال ربكم ؟.
فيقال: للذي قال الحق , وهو العلي الكبير )), وذكر الحديث.
وقال عبد الله بن مسعود : (( تسمع الملائكة في السماء للوحي صوتا كصوت الفولاذ على الصفا , فيخرون على جباههم , فإذا جلي عنهم , قالوا للرسل: ماذا قال ربكم ؟.
فيقولون: الحق , الحق .)).
وقال قتادة: لما كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم , فنزل الوحي خرت الملائكة سجدا , {حتى إذا فزع عن قلوبهم }, أي : جلي.
قالوا : {ماذا قال ربكم قالوا الحق}. ). [معاني القرآن: 5/415-417]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ}: أي: خفف عنها الفزع.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 196]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فُزِّعَ}: نفس.). [العمدة في غريب القرآن: 247]