تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولو نزلناه على بعض الأعجمين قال لو أنزله الله أعجميا لكانوا أخسر الناس به لأنهم لا يعرفون العجمية). [تفسير عبد الرزاق: 2/76]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولو نزّلناه على بعض الأعجمين} يقول تعالى ذكره: ولو نزلنا هذا القرآن على بعض البهائم الّتي لا تنطق.
وإنّما قيل على بعض الأعجمين، ولم يقل على بعض الأعجميّين، لأنّ العرب تقول إذا نعتت الرّجل بالعجمة وأنّه لا يفصح بالعربيّة: هذا رجلٌ أعجم، وللمرأة: هذه امرأةٌ عجماء، وللجماعة: هؤلاء قومٌ عجمٌ وأعجمون، وإذا أريد به هذا المعنى وصف به العربيّ والأعجميّ، لأنّه إنّما يعني أنّه غير فصيح اللّسان، وقد يكون كذلك وهو من العرب ومن هذا المعنى قول الشّاعر:
من وائلٍ لا حيّ يعدلهم = من سوقةٍ عربٌ ولا عجم
فأمّا إذا أريد به نسبة الرّجل إلى أصله من العجم، لا وصفه بأنّه غير فصيح اللّسان، فإنّه يقال: هذا رجلٌ عجميّ، وهذان رجلان عجميّان، وهؤلاء قومٌ عجمٌ، كما يقال: عربيّ، وعربيّان، وقومٌ عربٌ. وإذا قيل: هذا رجلٌ أعجميّ، فإنّما نسب إلى نفسه كما يقال للأحمر: هذا أحمريّ ضخمٌ، وكما قال العجّاج:
والدّهر بالإنسان دوّاريّ
ومعناه: دوّارٌ، فنسبه إلى فعل نفسه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن محمّد بن أبي موسى، قال: كنت واقفًا إلى جنب عبد اللّه بن مطيعٍ بعرفة، فتلا هذه الآية: {ولو نزّلناه على بعض الأعجمين (198) فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين}، قال: لو نزل على بعيري هذا فتكلّم به ما آمنوا به {لقالوا لولا فصّلت آياته} حتّى يفقهه عربيٌّ وعجميٌّ، لو فعلنا ذلك.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت داود بن أبي هندٍ، عن محمّد بن أبي موسى، قال: كان عبد اللّه بن مطيعٍ واقفًا بعرفة، فقرأ هذه الآية: {ولو نزّلناه على بعض الأعجمين} فقرأه عليهم، قال: فقال: جملي هذا أعجم، فلو أنزل على هذا ما كانوا به مؤمنين.
وروي عن قتادة في ذلك ما:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {ولو نزّلناه على بعض الأعجمين} قال: لو نزّله اللّه أعجميًّا كانوا أخسّ النّاس به، لأنّهم لا يعرفون العجميّة.
وهذا الّذي ذكرناه عن قتادة قولٌ لا وجه له، لأنّه وجه الكلام أنّ معناه: ولو أنزلناه أعجميًّا، وإنّما التّنزيل {ولو نزّلناه على بعض الأعجمين} يعني: ولو نزلنا هذا القرآن العربيّ على بهيمةٍ من العجم أو بعض ما لا يفصح، ولم يقل: ولو نزّلناه أعجميًّا. فيكون تأويل الكلام ما قاله). [جامع البيان: 17/645-647]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولو نزّلناه على بعض الأعجمين (198)
قوله تعالى: ولو نزّلناه على بعض الأعجمين
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن المبارك المخزومي قاضي حلوان، ثنا أبو هشامٍ، ثنا وهيبٌ، ثنا داود بن أبي هند، عن محمّد بن أبي موسى: أنّ عبد اللّه كان واقفًا بعرفة فتلا: ولو نزّلناه على بعض الأعجمين قال: لو أنزل على جملي هذا.
- حدّثني أبي، ثنا عبد اللّه بن عمران الأصبهانيّ، ثنا يحيى بن الضّريس، ثنا خارجة بن مصعبٍ، عن داود بن أبي هند، عن محمّد بن أبي موسى قال: سئل عبد اللّه بن مطيعٍ، عن قول اللّه: ولو نزّلناه على بعض الأعجمين قال يحيى: وكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يسمّي البهائم العجم، أو من العجم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ولو نزّلناه على بعض الأعجمين يقول: لو نزّلنا هذا القرآن على بعض الأعجمين لكانت العرب أضرّ النّاس فيه لا يفهمونه ولا يدرون ما هو.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الهيثم بن يمان، ثنا الحكم، عن السّدّيّ في قوله: ولو نزّلناه على بعض الأعجمين، ثنا المقدّميّ، ثنا مؤمّلٌ، عن سفيان أخبرني من سمع مجاهدا يقول: لو نزّلناه على بعض الأعجمين
قال: دوابّ العجم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2820-2821]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولو نزلناه على بعض الأعجمين} قال: يقول لو نزلنا هذا القرآن على بعض الاعجمين لكانت العرب أشر الناس فيه، لا يفهمونه ولا يدرون ما هو). [الدر المنثور: 11/300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {ولو نزلناه على بعض الأعجمين} قال: لو أنزله الله عجميا لكانوا أخسر الناس به لانهم لا يعرفون العجمية). [الدر المنثور: 11/300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ولو نزلناه على بعض الأعجمين} قال: الفرس). [الدر المنثور: 11/301]
تفسير قوله تعالى: (فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله {فقرأه عليهم} يقول: فقرأ هذا القرآن على كفّار قومك يا محمّد الّذين حتّمت عليهم أن لا يؤمنوا ذلك الأعجم ما كانوا به مؤمنين. يقول: لم يكونوا ليؤمنوا به، لما قد جرى لهم في سابق علمي من الشّقاء، وهذا تسليةٌ من اللّه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم عن قومه، لئلاّ يشتدّ وجده بإدبارهم عنه، وإعراضهم عن الاستماع لهذا القرآن، لأنّه كان صلّى اللّه عليه وسلّم شديدًا حرصه على قبولهم منه، والدّخول فيما دعاهم إليه، حتّى عاتبه ربّه على شدّة حرصه على ذلك منهم، فقال له: {لعلّك باخعٌ نفسك ألاّ يكونوا مؤمنين} ثمّ قال مؤيّسه من إيمانهم وأنّهم هالكون ببعض مثلاته، كما هلك بعض الأمم الّذين قصّ عليهم قصصهم في هذه السّورة. ولو نزّلناه على بعض الأعجمين يا محمّد لا عليك، فإنّك رجلٌ منهم، ويقولون لك: ما أنت إلاّ بشرٌ مثلنا، وهلاّ نزل به ملكٌ، فقرأ ذلك الأعجم عليهم هذا القرآن، ولم يكن لهم علّةٌ يدفعون بها أنّه حقٌّ، وأنّه تنزيلٌ من عندي، ما كانوا به مصدّقين، فخفّض من حرصك على إيمانهم به، ثمّ وكّد تعالى ذكره الخبر عمّا قد حتّم على هؤلاء المشركين، الّذين آيس نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم من إيمانهم من الشّقاء والبلاء، فقال: كما حتّمنا على هؤلاء أنّهم لا يؤمنون بهذا القرآن {ولو نزّلناه على بعض الأعجمين} فقرأه عليهم). [جامع البيان: 17/647-648]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين (199)
قوله تعالى: فقرأه عليهم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى أنبأ ابن أبي زائدة، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ فقرأه عليهم محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: ما كانوا به مؤمنين
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدّميّ، ثنا مؤمّلٌ، عن سفيان أخبرني من سمع مجاهدًا يقول: فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين لا يؤمنون كما لا يؤمن دوابّ العجم، لو قرئ عليهم ما كانوا به مؤمنين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمود بن خالدٍ، ثنا عمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعيّ قال: سمعت في قول اللّه: ولو نزّلناه على بعض الأعجمين. فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين لأنّه لو أنزله على بعض الأعجمين ما كانوا ليؤمنوا به وهم يجدونه في زبر الأوّلين أنّه يبعث بلسانٍ عربيٍّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2821]
تفسير قوله تعالى: (كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن حميد عن الحسن في قوله تعالى كذلك سلكناه في قلوب المجرمين قال الشرك). [تفسير عبد الرزاق: 1/345-346]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن حميد عن الحسن: {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين} قال: الشرك [الآية: 200]). [تفسير الثوري: 230]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {كذلك سلكناه} التّكذيب والكفر {في قلوب المجرمين}.
ويعني بقوله: سلكنا: أدخلنا.
والهاء في قوله {سلكناه} كنايةٌ من ذكر قوله {ما كانوا به مؤمنين}، كأنّه قال: كذلك أدخلنا في قلوب المجرمين ترك الإيمان بهذا القرآن.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {كذلك سلكناه} قال: الكفر {في قلوب المجرمين}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين. لا يؤمنون به حتّى يروا العذاب الأليم}.
- حدّثني عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا زيد بن أبي الزّرقاء، عن سفيان، عن حميدٍ، عن الحسن، في هذه الآية: {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين} قال: خلقناه.
- قال: حدّثنا زيدٌ، عن حمّاد بن سلمة، عن حميدٍ، قال: سألت الحسن في بيت أبي خليفة، عن قوله: {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين}، قال: الشّرك سلكه في قلوبهم). [جامع البيان: 17/648-649]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: كذلك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: كذلك يعني: هكذا.
قوله تعالى: سلكناه
- حدّثنا أبي، ثنا هدبة بن خالدٍ، ثنا همام، عن قتادة كذلك سلكناه قال: جعلناه.
- حدّثنا يحيى بن عبدك القزوينيّ، ثنا خالد بن عبد الرّحمن المخزوميّ، ثنا سفيان، عن حميدٍ الطّويل، عن أنس بن مالكٍ في قوله: كذلك سلكناه في قلوب المجرمين قال: الشّرك. وروي، عن الحسن، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم مثل قول أنسٍ.
- ذكره، عن عبد الرّحمن بن بشر بن الحكم، ثنا موسى بن عبد العزيز قال: سألت الحكم بن أبان قلت له قوله: كذلك سلكناه في قلوب المجرمين قال: حدّثني عكرمة قال: القسوة.
قوله تعالى: في قلوب المجرمين
- حدّثنا يحيى بن عبدك، ثنا خالد بن عبد الرّحمن المخزوميّ، ثنا سفيان، عن حميدٍ الطّويل، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قوله: في قلوب المجرمين قال سلكه في قلوب المشركين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ المجرمين الكفّار). [تفسير القرآن العظيم: 8/2821-2822]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا حماد بن سلمة عن حميد الطويل قال قرأت على الحسن القرآن ففسره على الإثبات فوقفته على قوله كذلك سلكناه في قلوب المجرمين قال الشرك يسلكه الله في قلوبهم). [تفسير مجاهد: 466]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن في قوله {كذلك سلكناه} قال: الشرك جعلناه {في قلوب المجرمين} ). [الدر المنثور: 11/301]
تفسير قوله تعالى: (لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (201) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا يؤمنون به حتّى يروا العذاب الأليم} يقول: فعلنا ذلك بهم لئلاّ يصدّقوا بهذا القرآن، حتّى يروا العذاب الأليم في عاجل الدّنيا، كما رأت ذلك الأمم الّذين قصّ اللّه قصصهم في هذه السّورة.
ورفع قوله {لا يؤمنون} لأنّ العرب من شأنها إذا وضعت في موضعٍ مثل هذا الموضع لا ربّما جزمت ما بعدها، وربّما رفعت فتقول: ربطت الفرس لا تنفلت، وأحكمت العقد لا ينحلّ، جزمًا ورفعًا. وإنّما تفعل ذلك لأنّ تأويل ذلك: إن لم أحكم العقد انحلّ، فجزمه على التّأويل، ورفعه بأنّ الجازم غير ظاهرٍ.
ومن الشّاهد على الجزم في ذلك قول الشّاعر:
لو كنت إذ جئتنا حاولت رؤيتنا = أو جئتنا ماشيًا لا يعرف الفرس
وقول الآخر:
لطالما حلّأتماها لا ترد = فخلّياها والسّجال تبترد). [جامع البيان: 17/649-650]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لا يؤمنون به حتّى يروا العذاب الأليم (201)
قوله تعالى: لا يؤمنون به
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة لا يؤمنون به قال: إذا كذّبوا سلك اللّه في قلوبهم ألا يؤمنوا به.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ أنبأ عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ لا يؤمنون به يقول: لا يؤمنون بما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه تعالى: سلكناه في قلوب المجرمين. لا يؤمنون به قال: هي كما قال: هو أضلّهم ومنعهم الإيمان). [تفسير القرآن العظيم: 8/2822]
تفسير قوله تعالى: (فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (202) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فيأتيهم بغتةً وهم لا يشعرون (202) فيقولوا هل نحن منظرون (203) أفبعذابنا يستعجلون}.
يقول تعالى ذكره: فيأتي هؤلاء المكذّبين بهذا القرآن العذاب الأليم بغتةً، يعني فجأة {وهم لا يشعرون} يقول: لا يعلمون قبل ذلك بمجيئه حتّى يفجأهم بغتةً). [جامع البيان: 17/650] (م)
تفسير قوله تعالى: (فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (203) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {فيقولوا} حين يأتيهم بغتةً {هل نحن منظرون} أي هل نحن مؤخّرٌ عنّا العذاب، ومنسأٌ في آجالنا لنتوب وننيب إلى اللّه من شركنا وكفرنا باللّه، فنراجع الإيمان به، وننيب إلى طاعته؟). [جامع البيان: 17/650]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فيقولوا هل نحن منظرون (203) أفبعذابنا يستعجلون
- حدّثنا الحسن بن عرفة، ثنا عبد اللّه بن بكيرٍ السّهميّ، ثنا حميدٌ الطّويل، عن ثابت البنانيّ، عن أنس بن مالك إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ فقال: أكنت تدعوا اللّه بشيءٍ وتسأله إيّاه؟
قال: كنت أقول اللّهمّ: ما كنت معاقبني به في الآخرة فعجّله لي في الدّنيا فقال: سبحان اللّه لا تستطيعه، أولا تطيقه ألا قلت: اللّهمّ آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار، ثمّ دعا اللّه له فشفي). [تفسير القرآن العظيم: 9/2822]
تفسير قوله تعالى: (أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (204) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أفبعذابنا يستعجلون} يقول تعالى ذكره: أفبعذابنا هؤلاء المشركون يستعجلون بقولهم: لن نؤمن لك حتّى تسقط السّماء كما زعمت علينا كسفًا). [جامع البيان: 17/650]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فيقولوا هل نحن منظرون (203) أفبعذابنا يستعجلون
- حدّثنا الحسن بن عرفة، ثنا عبد اللّه بن بكيرٍ السّهميّ، ثنا حميدٌ الطّويل، عن ثابت البنانيّ، عن أنس بن مالك إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ فقال: أكنت تدعوا اللّه بشيءٍ وتسأله إيّاه؟
قال: كنت أقول اللّهمّ: ما كنت معاقبني به في الآخرة فعجّله لي في الدّنيا فقال: سبحان اللّه لا تستطيعه، أولا تطيقه ألا قلت: اللّهمّ آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار، ثمّ دعا اللّه له فشفي). [تفسير القرآن العظيم: 9/2822]
تفسير قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) )
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أفرأيت إن متّعناهم سنين (205)
قوله تعالى: أفرأيت إن متّعناهم سنين
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عليّ بن المنذر، ثنا ابن فضيلٍ، عن عمرو ابن ثابتٍ، عن أبي جحدبٍ، عن أبي جهضمٍ قال: أري نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كأنّه متحيّرٌ فسألوه، عن ذلك؟ فقال: ولم، ورأيت عدوّي يلون أمّتي بعدي فنزلت بعد ذلك أفرأيت إن متّعناهم سنين. ثمّ جاءهم ما كانوا يوعدون. ما أغنى عنهم ما كانوا يمتّعون فطابت نفسه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا سليمان بن حربٍ، ثنا حمّاد بن زيدٍ، عن يزيد بن حازمٍ قال: سمعت سليمان بن عبد الملك يخطب كلّ جمعةٍ لا يدع أن يقول إنّما أهل الدّنيا فيها على وجلٍ لم يمض بهم نيّةٌ، ولا تطمئنّ بهم دارٌ حتّى يأتي أمر اللّه، وهم على ذلك وكذلك لا يبقى نعيمها، ولا تؤمن فجعاتها، ولا يبقى شيءٌ سرّ أهلها، ثمّ يتلو: أفرأيت إن متّعناهم سنين. ثمّ جاءهم ما كانوا يوعدون. ما أغنى عنهم ما كانوا يمتّعون). [تفسير القرآن العظيم: 8/2823]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جهضم قال رؤي النّبيّ صلى الله عليه وسلم كانه متحير فسألوه عن ذلك فقال: ولم، رأيت عدوي يلون أمر أمتي من بعدي، فنزلت {أفرأيت إن متعناهم سنين} {ثم جاءهم ما كانوا يوعدون} {ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون} فطابت نفسه). [الدر المنثور: 11/301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن عبد الملك، انه كان لايدع ان يقول في خطبته كل جمعة: انما أهل الدنيا فيها على وجل لم تمض لهم نية ولم تطمئن لهم دار حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجعاتها ولا يبقى فيها شيء ثم يتلو {أفرأيت إن متعناهم سنين} {ثم جاءهم ما كانوا يوعدون} {ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون} ). [الدر المنثور: 11/301]
تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفرأيت إن متّعناهم سنين (205) ثمّ جاءهم ما كانوا يوعدون (206) ما أغنى عنهم ما كانوا يمتّعون}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ جاءهم العذاب الّذي كانوا يوعدون على كفرهم بآياتنا، وتكذيبهم رسولنا). [جامع البيان: 17/650]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ثمّ جاءهم ما كانوا يوعدون
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد في قول اللّه: أفرأيت إن متّعناهم سنين. ثمّ جاءهم ما كانوا يوعدون قال: هو أهل الكفر). [تفسير القرآن العظيم: 8/2823]
تفسير قوله تعالى: (مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ما أغنى عنهم} يقول: أيّ شيءٍ أغنى عنهم التّأخير الّذي أخّرنا في آجالهم، والمتاع الّذي متّعناهم به من الحياة، إذ لم يتوبوا من شركهم، هل زادهم تمتيعنا إيّاهم ذلك إلاّ خبالاً، وهل نفعهم شيئًا، بل ضرّهم بازديادهم من الآثام، واكتسابهم من الإجرام ما لو لم يمتّعوا لم يكتسبوه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أفرأيت إن متّعناهم سنين} إلى قوله {ما أغنى عنهم ما كانوا يمتّعون} قال: هؤلاء أهل الكفر). [جامع البيان: 17/651]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ما أغنى عنهم ما كانوا يمتّعون
- حدّثنا أبي ثنا عمران بن موسى الطّرسوسيّ، أنبأ أبو زيدٍ فيض بن إسحاق قال: سألت الفضيل بن عياضٍ، عن قول اللّه عزّ وجلّ: أفرأيت إن متّعناهم سنين. ثمّ جاءهم ما كانوا يوعدون. ما أغنى عنهم ما كانوا يمتّعون؟ قال: قراءتها تفسيرها). [تفسير القرآن العظيم: 8/2823]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جهضم قال رؤي النّبيّ صلى الله عليه وسلم كانه متحير فسألوه عن ذلك فقال: ولم، رأيت عدوي يلون أمر أمتي من بعدي، فنزلت {أفرأيت إن متعناهم سنين} {ثم جاءهم ما كانوا يوعدون} {ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون} فطابت نفسه). [الدر المنثور: 11/301] (م)
تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أهلكنا من قريةٍ إلاّ لها منذرون (208) ذكرى وما كنّا ظالمين (209) وما تنزّلت به الشّياطين (210) وما ينبغي لهم وما يستطيعون (211) إنّهم عن السّمع لمعزولون}.
يقول تعالى ذكره: وما أهلكنا من أهل قريةٍ من هذه القرى الّتي وصفت في هذه السّورة {إلاّ لها منذرون} يقول: إلاّ بعد إرسالنا إليهم رسلاً ينذرونهم بأسنا على كفرهم وسخطنا عليهم). [جامع البيان: 17/651]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وما أهلكنا من قريةٍ إلا لها منذرون
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وما أهلكنا من قريةٍ إلا لها منذرون ما أهلك اللّه من قريةٍ إلا من بعد ما جاءتهم الرّسل، والحجّة، والبيان من اللّه، وللّه الحجّة على خلقه). [تفسير القرآن العظيم: 9/2823]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} قال: الرسل). [الدر المنثور: 11/302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} قال: ما أهلك الله من قرية إلا من بعد ما جاءتهم الرسل والحجة والبيان من الله، ولله الحجة على طلقة {ذكرى} قال: تذكرة لهم وموعظة وحجة لله {وما كنا ظالمين} يقول: ما كنا لنعذبهم إلا من بعد البينة والحجة والعذر، حتى نرسل الرسل وننزل الكتب وفي قوله {وما تنزلت به الشياطين} يعني القرآن {وما ينبغي لهم} أن ينزلوا به وما يستطيعون يقول لا يقدرون على ذلك ولا يستطيعونه {إنهم عن السمع لمعزولون} قال: عن سمع السماء). [الدر المنثور: 11/302]
تفسير قوله تعالى: (ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ذكرى} يقول: إلاّ لها منذرون ينذرونهم تذكرةً لهم، وتنبيهًا لهم على ما فيه النّجاة لهم من عذابنا.
ففي (الذّكرى) وجهان من الإعراب: أحدهما النّصب على المصدر من الإنذار على ما بيّنت، والآخر: الرّفع على الابتداء، كأنّه قيل: ذكرى.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وما أهلكنا من قرية إلاّ لها منذرون (208) ذكرى} قال: الرّسل.
قال ابن جريجٍ: وقوله: {ذكرى} قال: الرّسل.
وقوله: {وما كنّا ظالمين} يقول: وما كنّا ظالميهم في تعذيبناهم وإهلاكهم، لأنّا إنّما أهلكناهم، إذ عتوا علينا، وكفروا نعمتنا، وعبدوا غيرنا بعد الإعذار إليهم والإنذار، ومتابعة الحجج عليهم بأنّ ذلك لا ينبغي أن يفعلوه، فأبوا إلاّ التّمادي في الغيّ). [جامع البيان: 17/651-652]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ذكرى وما كنّا ظالمين (209)
قوله تعالى: ذكرى وما كنّا ظالمين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى أنبأ ابن أبي زائدة، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ إلا لها منذرون، ذكرى قال: الذّكرى: الرّسل.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ أنبأ شيبان، عن قتادة قوله: وما أهلكنا من قريةٍ إلا لها منذرون. ذكرى وما كنّا ظالمين قال: ما كنّا لنعذّبهم إلا بعد البيّنة والحجّة والعذر، حتّى يرسل الرّسل، وننزّل الكتب تذكرةً). [تفسير القرآن العظيم: 8/2824]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} قال: ما أهلك الله من قرية إلا من بعد ما جاءتهم الرسل والحجة والبيان من الله، ولله الحجة على طلقة {ذكرى} قال: تذكرة لهم وموعظة وحجة لله {وما كنا ظالمين} يقول: ما كنا لنعذبهم إلا من بعد البينة والحجة والعذر، حتى نرسل الرسل وننزل الكتب وفي قوله {وما تنزلت به الشياطين} يعني القرآن {وما ينبغي لهم} أن ينزلوا به وما يستطيعون يقول لا يقدرون على ذلك ولا يستطيعونه {إنهم عن السمع لمعزولون} قال: عن سمع السماء). [الدر المنثور: 11/302] (م)