العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الفرقان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 11:49 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة الفرقان [ من الآية (30) إلى الآية (34) ]

{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34) }



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 06:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا (30) وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين، وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا}.
يقول تعالى ذكره: وقال الرّسول يوم يعضّ الظّالم على يديه: يا ربّ إنّ قومي الّذين بعثتني إليهم لأدعوهم إلى توحيدك اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا.
واختلف أهل التّأويل في معنى اتّخاذهم القرآن مهجورًا، فقال بعضهم: كان اتّخاذهم ذلك هجرًا قولهم فيه السّيّئ من القول، وزعمهم أنّه سحرٌ، وأنّه شعرٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا} قال: يهجرون فيه بالقول، يقولون: هو سحرٌ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وقال الرّسول} الآية: يهجرون فيه بالقول.
قال مجاهدٌ: وقوله: {مستكبرين به سامرًا تهجرون} قال: مستكبرين بالبلد سامرًا مجالس، تهجرون، قال: بالقول السّيّئ في القرآن غير الحقّ.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال، حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، في قول اللّه: {إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا} قال: قالوا فيه غير الحقّ، ألم تر إلى المريض إذا هذى قال غير الحقّ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: الخبر عن المشركين أنّهم هجروا القرآن وأعرضوا عنه ولم يسمعوا له.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قول اللّه: {وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا} لا يريدون أن يسمعوه، وإن دعوا إلى اللّه قالوا لا. وقرأ: {وهم ينهون عنه وينأون عنه} قال: ينهون عنه، ويبعدون عنه.
قال أبو جعفرٍ: وهذا القول أولى بتأويل ذلك، وذلك أنّ اللّه أخبر عنهم أنّهم قالوا: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه}، وذلك هجرهم إيّاه). [جامع البيان: 17/442-444]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وقال الرّسول يا ربّ
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النرسي، ثنا يزيد ابن زربع، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا فهذا قول نبيّكم يشتكي قومه إلى ربّه.
قوله تعالى: إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ : اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا يهجرون فيه بالقول يقولون: هو سحر). [تفسير القرآن العظيم: 8/2687]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد اتخذوا هذا القرآن مهجورا يقول يهجرون فيه بالقول يقولون هو سحر). [تفسير مجاهد: 2/452]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن المغيرة عن إبراهيم في قوله اتخذوا هذا القرآن مهجورا قال يعني قالوا فيه غير الحق ألا ترى أن المريض إذا تكلم بغير عقل قيل إنه ليهجر). [تفسير مجاهد: 2/452-453]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {وكان الشيطان للإنسان خذولا} قال: خذل يوم القيامة وتبرأ منه {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} هذا قول نبيكم يشتكي قومه إلى ربه قال الله يعزي نبيه: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} يقول: إن الرسل قد لقيت هذا من قومها قبلك فلا يكبرن عليك). [الدر المنثور: 11/169] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {اتخذوا هذا القرآن مهجورا} قال: يهجرون فيه بالقول السيء، يقولون: هذا سحر). [الدر المنثور: 11/170]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله {اتخذوا هذا القرآن مهجورا} قالوا: فيه هجيرا غير الحق، ألم تر المريض إذا هذى قيل: هجر أي قال: غير الحق). [الدر المنثور: 11/170]

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وكما جعلنا لك يا محمّد أعداءً من مشركي قومك، كذلك جعلنا لكلّ من نبّأناه من قبلك عدوًّا من مشركي قومه، فلم تخصّص بذلك من بينهم. يقول: فاصبر لما نالك منهم كما صبر من قبلك أولو العزم من رسلنا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين} قال: يوطّن محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه جاعلٌ له عدوًّا من المجرمين كما جعل لمن قبله.
وقوله: {وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا} يقول تعالى ذكره لنبيّه: وكفاك يا محمّد بربّك هاديًا يهديك إلى الحقّ، ويبصّرك الرّشد، ونصيرًا: يقول: ناصرًا لك على أعدائك، يقول: فلا يهوّلنّك أعداؤك من المشركين، فإنّي ناصرك عليهم، فاصبر لأمري، وامض لتبليغ رسالتي إليهم). [جامع البيان: 17/444-445]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا (31)
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا قالوا: فيه هجرًا.
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن رافعٍ، ثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله: اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا قال: قالوا فيه غير الحقّ ألم تر إلى المريض إذا هدى قيل: هجر، أي قال ما لا علم له به.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن أيد بن أسلم في قول اللّه: يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا لا يريدون أن يستمعوه.
قوله تعالى: وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قال اللّه عزّ وجلّ يعزّي نبيّه: وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين الآية أي: أنّ الرّسل قد لقيت هذا من قومها قبلك فلا يكبرنّ عليك.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين قال: لم يبعث نبيٌّ قطّ إلا كان بعض المجرمين له أعداءً ولم يبعث نبيٌّ قطّ إلا كان بعض المجرمين أشدّ عليه من بعضٍ.
قوله تعالى: من المجرمين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: من المجرمين قال: الكفّار.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: عدوًّا من المجرمين فكان عدوًّا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من قريشٍ بنو أميّة وبنو المغيرة.
قوله تعالى: وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا زنيجٌ، ثنا سلمة قال محمّد بن إسحاق يعنى: ونصيرًا أي إن ينصرك اللّه فلا يضرّك خذلان من خذلك). [تفسير القرآن العظيم: 8/2688]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {وكان الشيطان للإنسان خذولا} قال: خذل يوم القيامة وتبرأ منه {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} هذا قول نبيكم يشتكي قومه إلى ربه قال الله يعزي نبيه: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} يقول: إن الرسل قد لقيت هذا من قومها قبلك فلا يكبرن عليك). [الدر المنثور: 11/169] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} قال: لم يبعث نبي قط إلا كان المجرمون له أعداء، ولم يبعث نبي قط إلا كان بعض المجرمين أشد عليه من بعض). [الدر المنثور: 11/170]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} قال: كان عدو النّبيّ صلى الله عليه وسلم أبو جهل وعدو موسى قارون وكان قارون ابن عم موسى). [الدر المنثور: 11/170]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} قال: يوطن محمد صلى الله عليه وسلم إنه جاعل له عدوا من المجرمين كما جعل لمن قبله). [الدر المنثور: 11/171]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن جريج قال قلت لعطاء ما قوله ورتلناه ترتيلا قال الطرح هو النبذ فإذا هو لا يوجب الترتيل). [تفسير عبد الرزاق: 1/392]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (وأخبرني ابن طاوس عن أبيه قال الترتيل تبينه حتى تفهمه). [تفسير عبد الرزاق: 1/392]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله ورتلناه ترتيلا قال كان ينزل آية أو آيتين أو آيات كان ينزل جوابا لهم إذا سألوا عن شيء أنزل الله جوابا لهم وردا عن النبي فيما يكلمونه وكان بين أوله وآخره نحو من عشرين سنة). [تفسير عبد الرزاق: 2/69-70]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً، كذلك لنثبّت به فؤادك، ورتّلناه ترتيلاً}.
يقول تعالى ذكره: {وقال الّذين كفروا} باللّه {لولا نزّل عليه القرآن} يقول: هلاّ نزل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم القرآن {جملةً واحدةً} كما أنزلت التّوراة على موسى جملةً واحدةً؟ قال اللّه: {كذلك لنثبّت به فؤادك} تنزيله عليك الآية بعد الآية والشّيء بعد الشّيء لنثبّت به فؤادك نزّلناه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً، كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلاً} قال: كان اللّه ينزّل عليه الآية، فإذا علمها نبيّ اللّه نزلت آيةٌ أخرى، ليعلّمه الكتاب عن ظهر قلبٍ، ويثبّت به فؤاده.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً} كما أنزلت التّوراة على موسى، قال: {كذلك لنثبّت به فؤادك} قال: كان القرآن ينزل عليه جوابًا لقولهم: ليعلم محمّدٌ أنّ اللّه يجيب القوم بما يقولون بالحقّ.
ويعني بقوله: {لنثبّت به فؤادك} لنصحّح به عزيمة قلبك ويقين نفسك، ونشجّعك به.
وقوله {ورتّلناه ترتيلاً} يقول: وشيئًا بعد شيءٍ علّمناكه حتّى تحفظنّه، والتّرتيل في القراءة: التّرسّل والتّثبّت.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، في قوله: {ورتّلناه ترتيلاً} قال: نزل متفرّقًا.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {ورتّلناه ترتيلاً} قال: كان ينزل آيةً وآيتين وآياتٍ جوابًا لهم، إذا سألوا عن شيءٍ أنزله اللّه جوابًا لهم، وردًا عن النّبيّ فيما يتكلّمون به. وكان بين أوّله وآخره نحوٌ من عشرين سنةٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {ورتّلناه ترتيلاً} قال: كان بين ما أنزل القرآن إلى آخره أنزل عليه لأربعين، ومات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لثنتين أو لثلاثٍ وستّين.
وقال آخرون: معنى التّرتيل: التّبيين والتّفسير
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ورتّلناه ترتيلاً} قال: فسّرناه تفسيرًا، وقرأ: {ورتّل القرآن ترتيلاً} ). [جامع البيان: 17/445-447]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلًا (32)
قوله تعالى: وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً
- حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن القاسم بن عطيّة، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن سعدٍ الدّشتكيّ حدّثنا أبي حدّثني الأشعث، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال المشركون: إن كان محمّدٌ كما يزعم نبيًّا فلم يعدبه ربّه ألا ينزل عليه القرآن جملةً واحدةً، ينزل عليه الآية والآيتين والسّورة؟
فأنزل اللّه على نبيّه جوّاب ما قالوا: وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً إلى آخر الآية.
- ذكر عن عبد الرّحمن بن عمر بن رستة الأصبهانيّ، ثنا ابن مهديٍّ، ثنا أبو سلمة، عن حكيم بن جبير، عن سعيد ابن جبيرٍ قلت لابن عبّاسٍ أخبرني، عن قول اللّه عزّ وجلّ: إنّا أنزلناه في ليلة القدر : وإنا أنزلناه في ليلة مباركة ، عن شهر رمضان الّذي أنزل فيه القرآن أكلّه أم بعضه، فقال ابن عبّاسٍ أنزل اللّه القرآن جملةً واحدةً من السّماء السّابعة إلى سماء الدّنيا في ليلة القدر فجعل عند مواقع النّجوم: فلا أقسم بمواقع النّجوم إلى قوله: المطهّرون الملائكة، وينزل به جبريل عليه السّلام كلّما أتي بمثلٍ يلتمس عيبه نزل به كتاب اللّه ناطقً فقالت اليهود يا أبا القاسم: لولا أنزل هذا القرآن جملةً واحدةً كما أنزلت التّوراة على موسى فأنزل اللّه: كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا وقرأ: وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة: وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً كما أنزل على موسى وكما أنزل على عيسى عليهم السلام.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، ثنا الأعمش، عن حسّان أبي الأشرس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أنزل اللّه القرآن ليلة القدر فجعل في بيت العزّة.
قوله تعالى: لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشر بن عمارة، ثنا أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً قال: يقولون: هلا أنزل عليه القرآن جملةً واحدةً.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً قال: هلا جاء به كما جاء به موسى صلّى اللّه عليهما.
قوله تعالى: كذلك لنثبّت به فؤادك
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء، ثنا عثمان بن سعيدٍ، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: لنثبّت به فؤادك يا محمّد يقول: لنشدد به فؤادك ونربط على قلبك يعنى بوحيه الّذي نزل به جبريل عليك من عند اللّه وكذلك يفعل بالمرسلين من قبلك.
قوله تعالى: ورتّلناه ترتيلا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال اللّه عزّ وجلّ: كذلك لنثبّت به فؤادك يا محمّد ورتّلناه ترتيلا يقول: ورسّلناه ترسيلا يقول: شيئًا بعد شيءٍ.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن الحسن في قوله: ورتّلناه ترتيلا قال: كان ينزل الآية والآيتين والآيات كان ينزل جوابًا لهم إذا سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، عن شيءٍ أنزل اللّه جوابًا لهم وردًّا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيما تكلّموا به وكان من أوّله وآخره نحوا من عشرين سنة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، عن هشيمٍ، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله: ورتّلناه ترتيلا قال: نزل متفرّقًا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: ورتّلناه ترتيلا يقول: فصّلناه تفصيلا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد ابن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ورتلناه ترتيلا أي بيناه تبينا.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ، عن أسلم قوله: ورتّلناه ترتيلا قال: فسّرناه تفسيرًا.
والوجه الثّاني:
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا قال كان اللّه جلّ وعزّ ينزل الآية عليه فإذا علمها نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نزلت آيةٌ أخرى ليعلّمه الكتاب، عن ظهر قلبه ويثبّت به فؤاده). [تفسير القرآن العظيم: 8/2689-2691]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا * ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا.
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: قال المشركون: إن كان محمد كما يزعم نبيا فلم يعذبه ربه، إلا ينزل عليه القرآن جملة واحدة ينزل عليه الآية والآيتين والسورة، فانزل الله على نبيه جواب ما قالوا {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} إلى {وأضل سبيلا} ). [الدر المنثور: 11/171]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} يقولون: كما أنزل على موسى وعلى عيسى قال الله {كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} قال: بيناه تبيينا {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} قال: أحسن تفصيلا). [الدر المنثور: 11/171]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {كذلك لنثبت به فؤادك} قال: كان الله ينزل عليه الآية فإذا علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت آية أخرى ليعلمه الكتاب عن ظهر قلبه ويثبت به فؤادك {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} يقول: أحسن تفصيلا). [الدر المنثور: 11/171-172]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {كذلك لنثبت} قال: لنشدد به فؤادك ونربط على قلبك {ورتلناه ترتيلا} قال: رسلناه ترسيلا يقول: شيئا بعد شيء {ولا يأتونك بمثل} يقول: لوأنزلنا عليك القرآن جملة واحدة ثم سالوك لم يكن عندك ما تجيب، ولكنا نمسك عليك فإذا سألوك أجبت). [الدر المنثور: 11/172]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قالت قريش ما للقرآن لم ينزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم جملة واحدة قال الله في كتابه {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} قال: قليلا قليلا، كيما لا يجيؤك بمثل إلا جئناك بما ينقض عليهم فانزلناه عليك تنزيلا قليلا قليلا، كلما جاؤا بشيء جئناهم بما هو أحسن منه تفسيرا). [الدر المنثور: 11/172]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ورتلناه ترتيلا} قال: كان ينزل عليه الآية، والآيتان، والآيات، كان ينزل عليه جوابا لهم، إذا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء أنزل الله جوابا لهم وردا عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيما تكلموا به وكان بين أوله وآخره نحو من عشرين سنة). [الدر المنثور: 11/172-173]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج {كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} قال: كان ينزل عليه القرآن جوابا لقولهم، ليعلم أن الله هو يجيب القوم عما يقولون {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق} قال: لا ياتيك الكفار إلا جئناك بما ترد به ما جاؤك به من الأمثال التي جاؤا بها). [الدر المنثور: 11/173]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي {ورتلناه ترتيلا} يقول: أنزل متفرقا). [الدر المنثور: 11/173]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ورتلناه ترتيلا} قال: فصلنا تفصيلا، وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {وأحسن تفسيرا} قال: تفصيلا). [الدر المنثور: 11/173]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا أحمد بن سليمان، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " أنزل القرآن جملةً إلى السّماء الدّنيا في ليلة القدر، ثمّ أنزل بعد ذلك في عشرين سنةً، قال: {ولا يأتونك بمثلٍ إلّا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا} [الفرقان: 33]، وقرأ {وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزّلناه تنزيلًا} [الإسراء: 106]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/205]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يأتونك بمثلٍ إلاّ جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا (33) الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم، أولئك شرٌّ مكانًا وأضلّ سبيلاً}.
يقول تعالى ذكره: ولا يأتيك يا محمّد هؤلاء المشركون بمثلٍ يضربونه إلاّ جئناك من الحقّ بما نبطل به ما جاءوا به، وأحسن منه تفسيرًا.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ولا يأتونك بمثلٍ إلاّ جئناك بالحقّ} قال: الكتاب بما تردّ به ما جاءوا به من الأمثال الّتي جاءوا بها وأحسن تفسيرًا، وعني بقوله {وأحسن تفسيرًا} وأحسن ممّا جاءوا به من المثل بيانًا وتفصيلاً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وأحسن تفسيرًا} يقول: أحسن تفصيلاً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وأحسن تفسيرًا} قال: بيانًا.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وأحسن تفسيرًا} يقول: تفصيلاً). [جامع البيان: 17/447-448]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا يأتونك بمثلٍ إلّا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا (33)
قوله تعالى: ولا يأتونك بمثلٍ
- ذكر عن عبد الرّحمن بن عمر بن رسته، ثنا ابن مهديٍّ، ثنا أبو سلمة، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك قال ابن عبّاسٍ أي ينزل به جبريل كلّما أتي بمثلٍ يلتمس عيبه نزل به كتاب اللّه ناطقً.
قوله تعالى: إلا جئناك بالحقّ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عباس: لا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحقّ يقول: لو أنزلنا عليك القرآن جملةً واحدةً ثمّ سألوك لم يكن عندك ما تجيب ولكنّا نمسك عليك فإذا سألوك أجبت.
قوله تعالى: وأحسن تفسيرًا
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءةً أخبرنا محمّد بن شعيب بن شابور أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه وأمّا أحسن تفسيرًا فأحسن تفصيلا وروى، عن ابن عبّاس. والضّحّاك وقتادة مثل ذلك.
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، أنبأ الحجّاج، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: وأحسن تفسيرًا بيانًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2691-2692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} يقولون: كما أنزل على موسى وعلى عيسى قال الله {كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} قال: بيناه تبيينا {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} قال: أحسن تفصيلا). [الدر المنثور: 11/171] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {كذلك لنثبت به فؤادك} قال: كان الله ينزل عليه الآية فإذا علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت آية أخرى ليعلمه الكتاب عن ظهر قلبه ويثبت به فؤادك {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} يقول: أحسن تفصيلا). [الدر المنثور: 11/171-172] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {كذلك لنثبت} قال: لنشدد به فؤادك ونربط على قلبك {ورتلناه ترتيلا} قال: رسلناه ترسيلا يقول: شيئا بعد شيء {ولا يأتونك بمثل} يقول: لوأنزلنا عليك القرآن جملة واحدة ثم سالوك لم يكن عندك ما تجيب، ولكنا نمسك عليك فإذا سألوك أجبت). [الدر المنثور: 11/172] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قالت قريش ما للقرآن لم ينزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم جملة واحدة قال الله في كتابه {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} قال: قليلا قليلا، كيما لا يجيؤك بمثل إلا جئناك بما ينقض عليهم فانزلناه عليك تنزيلا قليلا قليلا، كلما جاؤا بشيء جئناهم بما هو أحسن منه تفسيرا). [الدر المنثور: 11/172] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج {كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا} قال: كان ينزل عليه القرآن جوابا لقولهم، ليعلم أن الله هو يجيب القوم عما يقولون {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق} قال: لا ياتيك الكفار إلا جئناك بما ترد به ما جاؤك به من الأمثال التي جاؤا بها). [الدر المنثور: 11/173] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {ورتلناه ترتيلا} قال: فصلنا تفصيلا، وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {وأحسن تفسيرا} قال: تفصيلا). [الدر المنثور: 11/173] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأحسن تفسيرا} قال: بيانا). [الدر المنثور: 11/174]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرٌّ مكانًا وأضلّ سبيلًا} [الفرقان: 34]
- حدّثنا عبد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا يونس بن محمّدٍ البغداديّ، حدّثنا شيبان، عن قتادة، حدّثنا أنس بن مالكٍ رضي اللّه عنه: أنّ رجلًا قال: يا نبيّ اللّه يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: «أليس الّذي أمشاه على الرّجلين في الدّنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة» قال قتادة: بلى وعزّة ربّنا). [صحيح البخاري: 6/109]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم الآية)
كذا لأبي ذرٍّ وساق غيره إلى قوله وأضل سبيلا قوله شيبان هو بن عبد الرّحمن قوله أنّ رجلًا قال يا نبيّ اللّه يحشر الكافر لم أقف على اسم السّائل وسيأتي شرح الحديث مستوفًى في كتاب الرّقاق إن شاء اللّه تعالى قوله يحشر الكافر في رواية الحاكم من وجهٍ آخر عن أنسٍ سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحشر أهل النّار على وجوههم وفي حديث أبي هريرة عند البزّار يحشر النّاس على ثلاثة أصنافٍ صنفٌ على الدّوابّ وصنفٌ على أقدامهم وصنفٌ على وجوههم فقيل فكيف يمشون على وجوههم الحديث ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنّ المقرّبين يحشرون ركبانًا ومن دونهم من المسلمين على أقدامهم وأمّا الكفّار فيحشرون على وجوههم قوله قال قتادة بلى وعزّة ربّنا هذه الزّيادة موصولةٌ بالإسناد المذكور قالها قتادة تصديقًا لقوله أليس). [فتح الباري: 8/492]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولائك شرٌّ مكاناً وأضلّ سبيلاً} (الفرقان: 34)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {الّذين يحشرون} إلى آخره، وهذا المقدار في رواية أبي ذر، وفي رواية غيره ساقه إلى قوله: {وأضل سبيلا} . قوله: (الّذين يحشرون) أي: يسحبون على وجوههم. قوله: (أولئك مكانا) أي: منزلة وهي النّار. قوله: (وأضل سبيلا) أي: طريقا، لأن طريقهم إلى النّار.
- حدّثنا عبد الله بن محمّدٍ حدثنا يونس بن محمّدٍ البغداديّ حدّثنا شيبان عن قتادة حدثنا أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنّ رجلاً قال يا نبيّ الله يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة قال أليس الّذي أمشاه على الرّجلين في الدّنيا قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة قال قتادة بلى وعزّة ربّنا.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة، وعبد الله بن محمّد المعروف بالمسندي، وشيبان بن عبد الرّحمن النّحويّ.
والحديث أخرجه البخاريّ أيضا في الرقاق عن عبد الله بن محمّد. وأخرجه مسلم في التّوبة عن زهير بن حرب وعبد بن حرب وعبد بن حميد. وأخرجه النّسائيّ في التّفسير عن الحسين بن منصور.
قوله: (قال قتادة) إلى آخره زيادة موصولة بالإسناد المذكور، قالها قتادة تصديقًا لقوله: أليس الّذي أمشاه). [عمدة القاري: 19/95]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرٌّ مكانًا وأضلّ سبيلًا} [الفرقان: 34]
(باب قوله) عز وجل: ({الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم}) أي مقلوبين أو مسحوبين إليها والموصول خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين أو نصب على الذم أو رفع بالابتداء
وخبره الجملة من قوله: ({أولئك شر مكانًا}) منزلًا ومصيرًا من أهل الجنة ({وأضل سبيلًا}) [الفرقان: 34] وأخطأ طريقًا ووصف السبيل بالضلال من الإسناد المجازي للمبالغة وسقط لأبي ذر أولئك الخ وقال بعد إلى جهنم الآية.
- حدّثنا عبد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا يونس بن محمّدٍ البغداديّ حدّثنا شيبان عن قتادة حدّثنا أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه- أنّ رجلًا قال: يا نبىّ اللّه، يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: «أليس الّذي أمشاه على الرّجلين في الدّنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة». قال قتادة: بلى وعزّة ربّنا. [الحديث 4760 - طرفه في: 6534].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا يونس بن محمد البغدادي) أبو محمد المؤدب قال: (حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن النحوي (عن قتادة) بن دعامة أنه قال: (حدّثنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رجلًا) لم يسم (قال: يا نبي الله يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة)؟ استفهام حذفت منه الأداة، وللحاكم من وجه آخر عن أنس كيف يحشر أهل النار على وجوههم (قال):
(أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا) بالنصب ولأبي ذر بالرفع (على أن يمشيه) بضم التحتية وسكون الميم (على وجهه يوم القيامة) وظاهره أن المراد مشيه على وجهه حقيقة فلذلك استغربوه حتى سألوا عنه (قال قتادة) بن دعامة بالإسناد المذكور (بلى وعزة ربنا) أنه لقادر على ذلك قاله تصديقًا لقوله أليس وحكمة حشره على وجهه معاقبته على تركه السجود في الدنيا إظهارًا لهوانة وخساسته بحيث صار وجهه مكان يديه ورجليه في التوقي عن المؤذيات.
وفي حديث أبي هريرة المروي عند أحمد قالوا: يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: "إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم أما أنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك".
وستكون لنا عودة إن شاء الله تعالى إلى بقية مباحث هذا الحديث في كتاب الرقاق بعون الله). [إرشاد الساري: 7/273]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم}
- أخبرنا الحسين بن منصورٍ، حدّثنا حسين بن محمّدٍ، عن شيبان، عن قتادة، عن أنسٍ، أنّ رجلًا قال: يا رسول الله، كيف يحشر النّاس على وجوههم؟، قال: «إنّ الّذي أمشاهم على أقدامهم قادرٌ أن يمشيهم على وجوههم»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/204]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرٌّ مكانًا} يقول تعالى ذكره لنبيّه: هؤلاء المشركون يا محمّد القائلون لك: {لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً} ومن كان على مثل الّذي هم عليه من الكفر باللّه، الّذين يحشرون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنّم فيساقون إلى جهنّم شرٌّ مستقرًّا في الدّنيا والآخرة من أهل الجنّة في الجنّة، وأضلّ منهم في الدّنيا طريقًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم} قال: الّذي أمشاهم على أرجلهم قادرٌ على أن يمشيهم على وجوههم {أولئك شرٌّ مكانًا} من أهل الجنّة {وأضلّ سبيلاً} قال: طريقًا.
- حدّثني محمّد بن يحيى الأزديّ، قال: حدّثنا الحسين بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شيبان، عن قتادة، قوله: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم} قال: حدّثنا أنس بن مالكٍ أنّ رجلاً قال: يا رسول اللّه، كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال: الّذي أمشاه على رجليه قادرٌ أن يمشيه على وجهه.
- حدّثنا أبو سفيان الغنويّ يزيد بن عمرٍو قال: حدّثنا خلاّد بن يحيى الكوفيّ قال: حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، قال: أخبرني من، سمع أنس بن مالكٍ يقول: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: كيف يحشرهم على وجوههم؟ قال: الّذي يحشرهم على أرجلهم قادرٌ بأن يحشرهم على وجوههم.
- حدّثنا عبيد بن محمّدٍ الورّاق قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي داود، عن أنس بن مالكٍ قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: كيف يحشر أهل النّار على وجوههم؟ فقال: إنّ الّذي أمشاهم على أقدامهم قادرٌ على أن يمشيهم على وجوههم.
- حدّثني أحمد بن المقدام، قال: حدّثنا حزمٌ، قال: سمعت الحسن، يقول: قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم} فقالوا: يا نبيّ اللّه، كيف يمشون على وجوههم؟ قال: أرأيت الّذي أمشاهم على أقدامهم، أليس قادرًا أن يمشيهم على وجوههم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا منصور بن زاذان، عن عليّ بن زيد بن جدعان، عن أبي خالدٍ، عن أبي هريرة، قال: يحشر النّاس يوم القيامة على ثلاثة أصنافٍ: صنفٌ على الدّوابّ، وصنفٌ على أقدامهم، وصنفٌ على وجوههم، فقيل: كيف يمشون على وجوههم؟ قال: إنّ الّذي أمشاهم على أقدامهم قادرٌ أن يمشيهم على وجوههم). [جامع البيان: 17/448-450]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرٌّ مكانًا وأضلّ سبيلًا (34)
قوله تعالى: الّذين يحشرون على وجوههم
- حدّثنا إسحاق بن إبراهيم البغويّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ، ثنا شيبان، عن قتادة، عن أنسٍ أنّ رجلا قال: يا رسول اللّه كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «إنّ الّذي أمشاه على رجليه قادرٌ أن يمشيه على وجهه»
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا حزمٌ قال سمعت الحسن يقول: الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم قال: قيل يا نبيّ اللّه: كيف يمشون على وجوههم؟ قال: أرأيت الّذي أمشاهم على أقدامهم قادرٌ أن يمشيهم على وجوههم.
- حدّثني أبي، ثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا يحيى بن سعيدٍ، ثنا الأشعث، عن الحسن قال: لمّا سيّر عامر بن عبد قيسٍ إلى الشّام قال: الحمد للّه الّذي حشرني راكبًا قال الحسن قد واللّه علم عامرٌ أنّ قومًا يحشرون على وجوههم.
قوله تعالى: أولئك شرٌّ مكانًا
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة الدّمشقيّ فيما كتب إليّ ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة ذكر لنا أنّ رجلا قال: يا نبيّ اللّه كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أليس الّذي أمشاه على رجليه قادرٌ على أن يمشيه على وجهه. قال اللّه عزّ وجلّ: أولئك شرٌّ مكانًا وأضلّ سبيلا
قوله تعالى: وأضلّ سبيلا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: وأضلّ سبيلا يقول: وأبعد حجّةً). [تفسير القرآن العظيم: 8/2692]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا سعيد بن مسعودٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي داود السّبيعيّ، عن أنس بن مالكٍ رضي اللّه عنه، قال: سئل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: كيف يحشر أهل النّار على وجوههم؟ قال: «إنّ الّذي أمشاهم على أقدامهم قادرٌ أن يمشيهم على وجوههم»). [المستدرك: 2/437]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (وأخبرنا أبو العبّاس المحبوبيّ، ثنا أحمد بن سيّارٍ، ثنا محمّد بن كثيرٍ، ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، قال: أخبرني من، سمع أنس بن مالكٍ رضي اللّه عنه، قال: قال رجلٌ: يا رسول اللّه، الّذين يحشرون على وجوههم كيف يحشرون؟ قال: «إنّ الّذي أمشاهم على أرجلهم قادرٌ أن يحشرهم على وجوههم» هذا حديثٌ صحيح الإسناد إذا جمع بين الإسنادين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله {أولئك شر مكانا} يقول: من أهل الجنة {وأضل سبيلا} قال: طريقا). [الدر المنثور: 11/174]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 02:21 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقال الرّسول} [الفرقان: 30] محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{يا ربّ إنّ قومي} [الفرقان: 30] يعني من لم يؤمن به.
{اتّخذوا هذا القرءان مهجورًا} [الفرقان: 30] هجروه فلم يؤمنوا به.
وقال مجاهدٌ: يهجرون بالقول فيه، يقولون هو كذبٌ.
سعيدٌ عن قتادة قال: هذا محمّدٌ يشتكي قومه إلى ربّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/480]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجوراً...}

متروكاً. ويقال: إنهم جعلوه كالهذيان والعرب تقول (هجر الرجل) في منامه إذا هذى أو ردّد الكلمة). [معاني القرآن: 2/267]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وقال الرّسول يا ربّ} وقال هاهنا في موضع " يقول " والعرب تفعل ذلك قال الشاعر:
مثل العصافير أحلاماً ومقدرة=لو يوزنون بزفّ الرّيش ماوزنوا
وهي في موضع آخر لم يزنوا لأنهم لم يفعلوا بعد وقال:
إن يسمعوا ريبة طاورا بها فرّحاً=مني وما يسمعوا من صالحٍ دفنوا
أي يطيروا ويدفنوا). [مجاز القرآن: 2/74]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {اتخذوا هذا القران مهجورا}: في التفسير قالوا فيه غير الحق وهو من قولهم: هجر المريض يهجر). [غريب القرآن وتفسيره: 277]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجوراً}: هجروا فيه، أي: جعلوه كالهذيان. والهجر الاسم. يقال: فلان يهجر في منامه، أي يهذي). [تفسير غريب القرآن: 313]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورا}
جعلوه بمنزلة الهجر. والهجر ما لا ينتفع به من القول، وكانوا يقولون إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يهجر، ويجوز أن يكون مهجورا متروكا، أي جعلوه مهجورا لا يستمعونه ولايتفهّمونه). [معاني القرآن: 4/66-65]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا}
قال مجاهد وإبراهيم أي قالوا فيه غير الحق
قال إبراهيم ألم تر إلى المريض كيف يهجر أي يهذي
وقيل مهجورا أي متروكا). [معاني القرآن: 5/23]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَهْجُورًا}: هجروا فيه أي جعلوه كالهذيان. والهجر الاسم، يقال: يهجر في منامه: أي يهذي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 172]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَهْجُورًا}: قالوا فيه غير الحق). [العمدة في غريب القرآن: 223]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه يعزّي نبيّه: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين} [الفرقان: 31] من المشركين.
قال: {وكفى بربّك هاديًا} [الفرقان: 31] إلى دينه.
{ونصيرًا} [الفرقان: 31] للمؤمنين على أعدائهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/480]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوّاً...}

يقول: جعلنا بعض أمّة كل نبيّ، أشدّ عليه من بعض وكان الشديد العداوة للنبيّ صلى الله عليه وسلم أبو جهل بن هشامٍ). [معاني القرآن: 2/267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكذلك جعلنا لكلّ نبيّ عدوّا من المجرمين وكفى بربّك هاديا ونصيرا}
(عدوّا) لفظه لفظ واحد، ويجوز أن يكون في معنى الجماعة والواحد كما قال (فإنّهم عدوّ لي إلّا ربّ العالمين) فيجوز أن يكون في معنى أعداء، وقد جاء في التفسير أن عدو النبي - صلى الله عليه وسلم - أبوجهل بن هشام.
وقوله: {وكفى بربّك هاديا ونصيرا}.
و (هاديا ونصيرا) منصوبان على وجهين:
أحدهما الحال، المعنى وكفى ربّك في حال الهداية والنصر.
والوجه الثاني أن يكون منصوبا على التمييز على معنى كفى ربّك من الهداة والنّصّار). [معاني القرآن: 4/66]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين}
قال أبو جعفر يجوز أن يكون عدوا بمعنى أعداء ويجوز أن يكون لواحد
وفي بعض الروايات عن ابن عباس أنه يراد به أبو جهل). [معاني القرآن: 5/2423]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقال الّذين كفروا لولا} [الفرقان: 32] يعني هلا.
{نزّل عليه القرءان جملةً واحدةً} [الفرقان: 32] قال قتادة: أي كما أنزل على موسى وعلى عيسى.
قال اللّه: {كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا} [الفرقان: 32] قال قتادة: وبيّنّاه تبيينًا.
نزل في ثلاثٍ وعشرين سنةً). [تفسير القرآن العظيم: 1/480]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً كذلك...}

يقال: إنها من قول المشركين. أي هلاّ أنزل عليه القرآن جملةً، كما أنزلت التوراة على موسى. قال الله {ورتّلناه ترتيلاً} لنثبّت به فؤادك. كان ينزّل الآية والآيتين، فمكان بين نزول أوله وآخره عشرون سنة {ورتّلناه ترتيلاً}
نزّلناه تنزيلاً. ويقال: إن (كذلك) من قول الله، انقطع الكلام من قيلهم (جملةً واحدةً) قال الله: كذلك أنزلناه يا محمّد متفرقاً لنثبّت به فؤادك). [معاني القرآن: 2/268-267]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لنثبتّ به فؤادك} مجازه لنطيب به نفسك ونشجعك). [مجاز القرآن: 2/74]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب تكرار الكلام والزّيادة فيه
وأما تكرار الأنباء والقصص، فإنّ الله تبارك وتعالى أنزل القرآن نجوما في ثلاث وعشرين سنة، بفرض بعد فرض: تيسيرا منه على العباد، وتدريجا لهم إلى كمال دينه، ووعظ بعد وعظ: تنبيها لهم من سنة الغفلة، وشحذا لقلوبهم بمتجدّد الموعظة، وناسخ بعد منسوخ: استعبادا له واختبارا لبصائرهم. يقول الله عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} الخطاب للنبي، صلّى الله عليه وسلم، والمراد بالتثبيت هو والمؤمنون.
وكان رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، يتخوّل أصحابه بالموعظة مخافة السآمة عليهم، أي يتعهّدهم بها عند الغفلة ودثور القلوب.
ولو أتاهم القرآن نجما واحدا لسبق حدوث الأسباب التي أنزله الله بها، ولثقلت جملة الفرائض على المسلمين، وعلى من أراد الدخول في الدين، ولبطل معنى التنبيه، وفسد معنى النسخ، لأن المنسوخ يعمل به مدة ثم يعمل بناسخه بعده.
وكيف يجوز أن ينزل القرآن في وقت واحد: افعلوا كذا ولا تفعلوه؟.
ولم يفرض الله على عباده أن يحفظوا القرآن كلّه، ولا أن يختموه في التعلم، وإنما أنزله ليعملوا بمحكمه، ويؤمنوا بمتشابهه، ويأتمروا بأمره. وينتهوا بزجره: ويحفظوا للصلاة مقدار الطاقة، ويقرؤوا فيها الميسور.
قال الحسن: نزل القرآن ليعمل به، فاتخذ الناس تلاوته عملا.
وكان أصحاب رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، ورضي عنهم- وهم مصابيح الأرض وقادة الأنام ومنتهى العلم- إنما يقرأ الرّجل منهم السورتين، والثلاث، والأربع، والبعض والشّطر من القرآن، إلا نفرا منهم وفقهم الله لجمعه، وسهّل عليهم حفظه.
قال أنس بن مالك: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا. أي جلّ في عيوننا، وعظم في صدورنا.
قال الشّعبي: توفى أبو بكر، وعمر، وعلي، رحمهم الله، ولم يجمعوا القرآن.
وقال: لم يختمه أحد من الخلفاء غير عثمان.
وروي عن شريك، عن إسماعيل بن أبي خالد أنه قال:
سمعت الشّعبي يحلف بالله، عز وجل، لقد دخل عليّ حفرته وما حفظ القرآن.
وكانت وفود العرب ترد على رسول الله، صلّى الله عليه وسلم للإسلام، فيقرئهم المسلمون شيئا من القرآن، فيكون ذلك كافيا لهم.
وكان يبعث إلى القبائل المتفرّقة بالسّور المختلفة، فلو لم تكن الأنباء والقصص مثنّاة ومكرّرة لوقعت قصّة موسى إلى قوم، وقصة عيسى إلى قوم، وقصة نوح إلى قوم، وقصة لوط إلى قوم.
فأراد الله، بلطفه ورحمته، أن يشهر هذه القصص في أطراف الأرض ويلقيها في كل سمع، ويثبتها في كل قلب، ويزيد الحاضرين في الإفهام والتحذير.
وليست القصص كالفروض، لأنّ كتب رسول الله، صلّى الله عليه وسلم كانت تنفذ إلى كل قوم بما فرضه الله عليهم من الصلاة، وعددها وأوقاتها، والزّكاة وسنتها، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت. وهذا ما لا تعرف كيفيته من الكتاب، ولم تكن تنفذ بقصة موسى وعيسى ونوح وغيرهم من الأنبياء. وكان هذا في صدر الإسلام قبل إكمال الله الدين، فلما نشره الله عز وجل في كل قطر، وبثّه في آفاق الأرض، وعلم الأكابر الأصاغر، وجمع القرآن بين الدّفّتين-: زال هذا المعنى، واجتمعت الأنباء في كل مصر وعند كل قوم). [تأويل مشكل القرآن: 235-232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وفيه وجه آخر، وهو: أن القرآن كان ينزل شيئا بعد شيء وآية بعد آية، حتى لربما نزل الحرفان والثلاثة.
قال زيد بن ثابت: كنت أكتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله. فجاء عبد الله ابن أمّ مكتوم فقال: يا رسول الله إني أحب الجهاد في سبيل الله، ولكن بي من الضرر ما ترى. قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، على فخذي حتى خشيت أن ترضّها، ثم قال: اكتب:
{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.
وروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن أنه قال في قول الله عز وجل: {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} قال: كان ينزل آية وآيتين وآيات، جوابا لهم عما يسألون وردّا على النبي. وكذلك معنى قوله سبحانه: {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} شيئا بعد شيء.
فكأن المشركين قالوا له: أسلم ببعض آلهتنا حتى نؤمن بإلهك، فأنزل الله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}. يريد إن لم تؤمنوا حتى أفعل ذلك. ثم غبروا مدّة من المدد وقالوا: تعبد آلهتنا يوما أو شهرا أو حولا، ونعبد إلهك يوما أو شهرا أو حولا، فأنزل الله تعالى:{وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}. على شريطة أن تؤمنوا به في وقت وتشركوا به في وقت.
قال أبو محمد: وهذا تمثيل أردت أن أريك به موضع الإمكان). [تأويل مشكل القرآن: 237-238] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا}
معناه: هلّا نزل عليه القرآن في وقت واحد، وكان بين أول نزول القرآن وآخره عشرون سنة، فقالوا: لم لم ينزل جملة واحدة كما أنزلت التوراة: فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن إنزاله متفرقا ليثبت في قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: {كذلك لنثبّت به فؤادك}
أي أنزلناه كذلك متفرقا، لأن معنى قولهم: (لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة) يدل على معنى لم نزل عليه القرآن متفرقا فأعلموا لم ذلك، أي للتثبيت.
{ورتّلناه ترتيلا} أي نزلناه على التّرتيل، وهو ضدّ العجلة، وهو التمكّث). [معاني القرآن: 4/66]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك}
قيل هذا التمام والمعنى أنزلناه متفرقا لنثبت به فؤادك كذلك التثبيت كما قال جل وعز: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}
لأنه إذا أنزله متفرقا كان فيه جواب ما يسألون في وقته فكان في ذلك تثبيت فقيل التمام قوله: {كذلك}
وقيل التمام عند قوله: {جملة واحدة}
والمعنى وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كالتوراة والإنجيل؛ ومعنى هذا لم أنزل متفرقا فقال جل وعز: {كذلك لنثبت به فؤادك} أي: أنزلناه متفرقا لنثبت به فؤادك
ثم قال جل وعز: {ورتلناه ترتيلا}
روى مغيرة عن إبراهيم قال أنزل متفرقا
وقال الحسن كلما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء نزل جوابه حتى كمل نزوله في نحو من عشرين سنة). [معاني القرآن: 5/25-24]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ولا يأتونك بمثلٍ} [الفرقان: 33] يعني المشركين فيما كانوا يحاجّونه به.
{إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا} [الفرقان: 33] تبيينًا في تفسير مجاهدٍ.
ذكره
[تفسير القرآن العظيم: 1/480]
عاصم بن حكيمٍ.
وقال قتادة: أحسن تفصيلًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/481]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وأحسن تفسيراً...}

بمنزلة قوله: {أصحاب الجنّة يومئذٍ خير مستقرا وأحسن مقيلاً} في معنى الكلام والنصب). [معاني القرآن: 2/268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا يأتونك بمثل إلّا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرا}
معناه ولا يأتونك بمثل إلّا جئناك بالذي هو الحق وأحسن تفسيرا من مثلهم، إلا أن " من " حذفت لأن في الكلام دليلا عليها.
لو قلت: رأيت زيدا وعمرا فكان عمرو أحسن وجها، كان الكلام فيه دليل على أنك تريد: من زيد). [معاني القرآن: 4/67-66]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}
قال الضحاك أي تفصيلا
قال أبو جعفر في الكلام حذف
والمعنى وأحسن تفسيرا من مثلهم ومثل هذا يحذف كثيرا). [معاني القرآن: 5/25]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرٌّ مكانًا} [الفرقان: 34] من أهل الجنّة.
{وأضلّ سبيلا} [الفرقان: 34] طريقًا في الدّنيا، لأنّ طريقهم إلى النّار، وطريق المؤمنين إلى الجنّة.
- سعيدٌ عن قتادة أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه كيف يحشر اللّه الكفّار على وجوههم يوم القيامة؟ قال: «إنّ الّذي أمشاه على رجليه قادرٌ أن يمشيه على وجهه»). [تفسير القرآن العظيم: 1/481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عز وجل: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرّ مكانا وأضلّ سبيلا}

(الذين) رفع بالابتداء، و (أولئك) رفع ابتداء ثان.
و (شرّ) خبر (أولئك)، و (أولئك) مع (شرّ) خبر (الّذين). وجاء في التفسير أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أصناف، صنف على الدواب وصنف على أرجلهم وصنف على وجوههم، قيل يا رسول اللّه: كيف يمشون على وجوههم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي مشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم). [معاني القرآن: 4/67]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا}
في الحديث الشريف يحشر الناس على ثلاث طبقات ركبانا ومشاة وعلى وجوههم قال أنس قيل يا رسول الله كيف يحشرون على وجوههم فقال إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم). [معاني القرآن: 5/25-26]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 02:22 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا)).
قال الكسائي: وبعضه عن الأصمعي وغيرهما: قال: الهجر الإفحاش في المنطق والخنا ونحوه، يقال منه: أهجر الرجل يهجر إهجارا قال الشماخ بن ضرار الثعلبي:
كما جدة الأعراق قال ابن ضرة = عليها كلاما جار فيه وأهجرا
يروى: الأعراق والأعراض، ومنه حديث أبي سعيد الخدري أنه كان يقول لبنيه: إذا طفتم بالبيت فلا تلغوا ولا تهجروا ولا تقاصوا أحدا ولا تكلموه. هكذا قال هشيم: تهجروا.
ووجه الكلام عندي: تهجروا في هذا الموضع لأن الإهجار كما أعلمتك من سوء المنطق وهو الهجر، وأما الهجر في الكلام فإنه الهذيان مثل كلام المحموم والمبرسم، يقال منه: هجرت فأنا أهجر هجرا وهجرانا فأنا هاجر، والكلام مهجور شعر.
عن إبراهيم النخعي ما يثبت هذا القول في قوله تعالى: {إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} قال: قالوا فيه غير الحق، ألم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحق). [غريب الحديث: 3/438]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
إن الذي سمك السماء بنى لنا = بيتا دعائمه أعز وأطول
...
وقوله: أعز وأطول أراد أعز وأطول من بيتك فلما صار في موضع الخبر استغنى عن من لقوة الخبر وخرج مخرج الله أكبر الله أعلى وأجل وفي كتاب الله جل وعز: {والساعة أدهى وأمر} وقوله تعالى: {إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} أي من كذا مما يقولون قال أبو جعفر سمعت في التفسير في قوله تعالى: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} يعني يوم القيامة أدهى وأمر يعني من يوم بدر وقوله: {إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} أي وأحسن تفسيرا من مثلهم). [نقائض جرير والفرزدق: 182]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 03:33 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 03:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 03:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقال الرسول} حكاية عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا، وتشكيه ما يلقاه من قومه، هذا قول الجمهور، وهو الظاهر. وقالت فرقة: هو حكاية عن قول ذلك في الآخرة. وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو: "قومي" بتحريك الياء، والباقون بسكونها. و"مهجورا" يحتمل أن يريد: مبعدا مقصيا، [ويحتمل أن يكون] من الهجر (بضم الهاء) إشارة إلى قولهم: شعر وكهانة وسحر، وهذا قول مجاهد، والنخعي.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويقول ابن زيد: هو تنبيه للمؤمنين على ملازمة المصحف، وألا تكون الغبرة تعلوه في البيوت ويشتغل بغيره، وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من علق مصحفا ولم يتعاهده أتى يوم القيامة متعلقا به، يقول: هذا اتخذني مهجورا، اقض يا رب بيني وبينه). [المحرر الوجيز: 6/436]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم آنسه عن فعل قومه بأن أعلمه أن غيره من الرسل كذلك امتحن بأعداء في زمنه، أي: فاصبر كما صبروا، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، و"عدوا" يراد به الجمع،
[المحرر الوجيز: 6/436]
تقول: "هؤلاء عدو لي"، فتصف به الجمع والواحد والمؤنث، ثم وعده تعالى بقوله: {وكفى بربك هاديا ونصيرا}، والباء في "بربك" للتأكيد، دالة على المعنى، إذ هو: اكتف بربك). [المحرر الوجيز: 6/437]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا}
روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وغيره أن كفار قريش قالوا في بعض معارضاتهم: لو كان هذا القرآن من عند الله تعالى لنزل جملة كما نزلت التوراة والإنجيل، وقوله: كذلك يحتمل أن يكون من قول الكفار، [ويحتمل أن يكون مستأنفا من كلام الله تبارك وتعالى لا من كلامهم]، وهو أولى، ومعناه: كما نزل أردناه، فالإشارة إلى نزوله متفرقا، وجعل الله تعالى السبب في نزوله متفرقا في الزمان تثبيت فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم، وليحفظه. وقال مكي، والرماني: من حيث كان أميا لا يكتب، وليطابق الأسباب المؤقتة، فنزل في نيف وعشرين سنة، وكان غيره من الرسل يكتب فنزل جملة واحدة، وقرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ليثبت" بالياء، و"الترتيل": التفريق بين الشيء المتتابع، ومنه قولهم: بقر رتل، ومنه ترتيل القراءة. وأراد الله تبارك وتعالى أن ينزل القرآن في النوازل والحوادث التي قدرها وقدر نزوله فيها). [المحرر الوجيز: 6/437]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى نبيه أن هؤلاء الكفرة لا يجيئون بمثل -يضربونه على جهة المعارضة- مبهم -كتمثيلهم في هذه بالتوراة والإنجيل- إلا جاء القرآن بالحق في ذلك، أي بالذي هو حق، ثم هو أحسن تفسيرا، أو أفصح بيانا وتفصيلا). [المحرر الوجيز: 6/437]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أوعد الله تعالى الكفار بما ينزل بهم يوم القيامة من الحشر على وجوههم إلى النار. وذهب الجمهور إلى أن هذا المشي على الوجوه حقيقة، وروي في ذلك -من طريق أنس بن مالك رضي الله عنه-
[المحرر الوجيز: 6/437]
حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: يا رسول الله، كيف يقدرون على المشي على وجوههم؟ قال: "إن الذي أقدرهم على المشي على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم وقالت فرقة: المشي على الوجوه استعارة للمذلة المفرطة والهوان والخزي، وقوله تعالى: {شر مكانا} القول فيه كالقول في قوله تعالى: {خير مستقرا} ). [المحرر الوجيز: 6/438]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 02:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 02:38 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا (30) وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا (31)}
يقول تعالى مخبرًا عن رسوله ونبيّه محمّدٍ -صلوات اللّه وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدين -أنه قال: {يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا}، وذلك أنّ المشركين كانوا لا يصغون للقرآن ولا يسمعونه، كما قال تعالى: {وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون} [فصّلت: 26] وكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللّغط والكلام في غيره، حتّى لا يسمعوه. فهذا من هجرانه، وترك [علمه وحفظه أيضًا من هجرانه، وترك] الإيمان به وتصديقه من هجرانه، وترك تدبّره وتفهّمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره -من شعرٍ أو قولٍ أو غناءٍ أو لهوٍ أو كلامٍ أو طريقةٍ مأخوذةٍ من غيره -من هجرانه، فنسأل اللّه الكريم المنان القادر على ما يشاء، أن يخلّصنا ممّا يسخطه، ويستعملنا فيما يرضيه، من حفظ كتابه وفهمه، والقيام بمقتضاه آناء اللّيل وأطراف النّهار، على الوجه الذي يحبّه ويرضاه، إنّه كريمٌ وهّابٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 108-109]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين} أي: كما حصل لك -يا محمّد- في قومك من الّذين هجروا القرآن، كذلك كان في الأمم الماضين؛ لأنّ اللّه جعل لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين، يدعون النّاس إلى ضلالهم وكفرهم، كما قال تعالى: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غرورًا ولو شاء ربّك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ولتصغى إليه أفئدة الّذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون} [الأنعام: 112 -113]؛ ولهذا قال هاهنا: {وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا} أي: لمن اتّبع رسوله، وآمن بكتابه وصدّقه واتّبعه، فإنّ اللّه هاديه وناصره في الدّنيا والآخرة. وإنّما قال: {هاديًا ونصيرًا} لأنّ المشركين كانوا يصدّون النّاس عن اتّباع القرآن، لئلّا يهتدي أحدٌ به، ولتغلب طريقتهم طريقة القرآن؛ فلهذا قال: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا}). [تفسير ابن كثير: 6/ 109]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الّذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدةً كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا (32) ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا (33) الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرٌّ مكانًا وأضلّ سبيلا (34)}.
يقول تعالى مخبرًا عن كثرة اعتراض الكفّار وتعنّتهم، وكلامهم فيما لا يعنيهم، حيث قالوا: {لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدةً} أي: هلّا أنزل عليه هذا الكتاب الّذي أوحي إليه جملةً واحدةً، كما نزلت الكتب قبله، كالتّوراة والإنجيل والزّبور، وغيرها من الكتب الإلهيّة. فأجابهم اللّه عن ذلك بأنّه إنّما أنزل منجّمًا في ثلاثٍ وعشرين سنةً بحسب الوقائع والحوادث، وما يحتاج إليه من الأحكام لتثبيت قلوب المؤمنين به كما قال: {وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزلناه تنزيلا} [الإسراء: 106]؛ ولهذا قال: {لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا}. قال قتادة: وبيّنّاه تبيينًا. وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: وفسّرناه تفسيرًا). [تفسير ابن كثير: 6/ 109]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({ولا يأتونك بمثلٍ} أي: بحجّةٍ وشبهةٍ {إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا} أي: ولا يقولون قولًا يعارضون به الحقّ، إلّا أجبناهم بما هو الحقّ في نفس الأمر، وأبين وأوضح وأفصح من مقالتهم.
قال سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {ولا يأتونك بمثلٍ} أي: بما يلتمسون به عيب القرآن والرّسول {إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا} أي: إلّا نزل جبريل من اللّه بجوابهم.
ثمّ في هذا اعتناءٌ كبيرٌ؛ لشرف الرّسول، صلوات اللّه وسلامه عليه، حيث كان يأتيه الوحي من اللّه بالقرآن صباحًا ومساءً، ليلًا ونهارًا، سفرًا وحضرًا، فكلّ مرّةٍ كان يأتيه الملك بالقرآن كإنزال كتابٍ ممّا قبله من الكتب المتقدّمة، فهذا المقام أعلى وأجلّ، وأعظم مكانةً من سائر إخوانه من الأنبياء، صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين. فالقرآن أشرف كتاب أنزله الله، ومحمد، صلوات اللّه وسلامه عليه، أعظم نبيٍّ أرسله اللّه وقد جمع اللّه تعالى للقرآن الصّفتين معًا، ففي الملأ الأعلى أنزل جملةً من اللّوح المحفوظ إلى بيت العزّة في سماء الدّنيا ثمّ نزّل بعد ذلك إلى الأرض منجّمًا بحسب الوقائع والحوادث.
قال أبو عبد الرّحمن النّسائيّ: أخبرنا أحمد بن سليمان، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: أنزل القرآن جملةً إلى سماء الدّنيا في ليلة القدر، ثمّ نزل بعد ذلك في عشرين سنةً، قال: {ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا}، وقوله {وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزلناه تنزيلا} [الإسراء: 106]).[تفسير ابن كثير: 6/ 109-110]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مخبرًا عن سوء حال الكفّار في معادهم يوم القيامة وحشرهم إلى جهنّم، في أسوأ الحالات وأقبح الصّفات: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرٌّ مكانًا وأضلّ سبيلا}، وفي الصّحيح، عن أنسٍ: أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال: "إنّ الّذي أمشاه على رجليه قادرٌ أن يمشيه على وجهه يوم القيامة" وهكذا قال مجاهدٌ، والحسن، وقتادة، وغير واحدٍ من المفسّرين، [واللّه أعلم] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 110]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:52 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة