العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة مريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 10:35 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة مريم [ من الآية (68) إلى الآية (72) ]

{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 10:40 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حفص عن زيد بن أسلم في قول الله: {ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا}، وذلك في الذين ينكرون البعث، يقول الله: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فوربك}، يا محمد، {لنحشرنهم}، أهل هذا القول، المكذبين بالبعث، {والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعةٍ أيهم أشد على الرحمن عتيا}، المكذبين بالبعث، {وإن منكم}، يا أهل هذا القول، {إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا}، فلا يردونها، {ونذر الظالمين فيها جثياً}). [الجامع في علوم القرآن: 1/37] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فوربّك لنحشرنّهم والشّياطين ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيًّا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فوربّك يا محمّد لنحشرنّ هؤلاء القائلين: أئذا متنا لسوف نخرج أحياءً يوم القيامة من قبورهم، مقرنين بأوليائهم من الشّياطين {ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيًّا} والجثيّ: جمع الجاثي.
- كما: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيًّا} يعني: القعود، وهو مثل قوله: {وترى كلّ أمّةٍ جاثيةً} ). [جامع البيان: 15/587]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {جثيا} قال: قعودا، وفي قوله {عتيا} قال: معصية). [الدر المنثور: 10/109]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال: لا أدري كيف قرأ النّبيّ صلى الله عليه وسلم {عتيا} أو {جثيا} فإنهما جميعا بالضم). [الدر المنثور: 10/109] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد والبيهقي في البعث عن عبد الله بن باباه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين). [الدر المنثور: 10/109] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {جثيا} برفع الجيم و{عتيا} برفع العين وصليا برفع الصاد). [الدر المنثور: 10/109] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {حول جهنم جثيا} قال: قياما). [الدر المنثور: 10/110]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حفص عن زيد بن أسلم في قول الله: {ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا}، وذلك في الذين ينكرون البعث، يقول الله: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فوربك}، يا محمد، {لنحشرنهم}، أهل هذا القول، المكذبين بالبعث، {والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعةٍ أيهم أشد على الرحمن عتيا}، المكذبين بالبعث، {وإن منكم}، يا أهل هذا القول، {إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا}، فلا يردونها، {ونذر الظالمين فيها جثياً}). [الجامع في علوم القرآن: 1/37] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن مسعر عمن سمع أبا الأحوص يقول يحبس الأول على الآخر حتى إذا تكاملت العدة أثارهم جميعا ثم بدأ بالأكبر جرما ثم قرأ لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا). [تفسير عبد الرزاق: 2/10]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عليّ بن الأقمر عن أبي الأحوص في قول اللّه: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا} قال: نبدأ بالأكابر فالأكابر جرمًا [الآية: 69]). [تفسير الثوري: 188]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا}.
يقول تعالى ذكره، ثمّ لنأخذنّ من كلّ جماعةٍ منهم أشدّهم على اللّه عتوًّا وتمرّدًا فلنبدأ بهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عليّ بن الأقمر، عن أبي الأحوص، {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا} قال: نبدأ بالأكابر فالأكابر جرمًا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا} يقول: أيّهم أشدّ للرّحمن معصيةً، وهي معصيته في الشّرك.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا} يقول: عصيًّا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {من كلّ شيعةٍ} قال: أمّةٌ وقوله {عتيًّا} قال: كفرًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله، وزاد فيه ابن جريجٍ: فلنبدأنّ بهم.
والشّيعة هم الجماعة المتعاونون على الأمر من الأمور، يقال من ذلك: تشايع القوم: إذا تعاونوا، ومنه قولهم للرّجل الشّجاع: إنّه لمشيّعٌ: أي هو معانٌ.
فمعنى الكلام: ثمّ لننزعنّ من كلّ جماعةٍ تشايعت على الكفر باللّه، أشدّهم على اللّه عتوًّا، فلنبدأنّ بإصلائه جهنّم. والتّشايع في غير هذا الموضع: التّفرّق، ومنه قول اللّه عزّ ذكره: {وكانوا شيعًا} يعني: بها فرقًا، ومنه قول ابن مسعودٍ أو سعدٍ. إنّي أكره أن آتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيقول: شيّعت بين أمّتي، بمعنى: فرّقت). [جامع البيان: 15/587-589]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ثم لننزعن من كل شيعة يعني من كل أمة). [تفسير مجاهد: 388]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أيهم أشد على الرحمن عتيا يعني كفرا). [تفسير مجاهد: 388]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {جثيا} قال: قعودا، وفي قوله {عتيا} قال: معصية). [الدر المنثور: 10/109] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {عتيا} قال: عصيا). [الدر المنثور: 10/109]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال: لا أدري كيف قرأ النّبيّ صلى الله عليه وسلم {عتيا} أو {جثيا} فإنهما جميعا بالضم). [الدر المنثور: 10/109]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {جثيا} برفع الجيم و{عتيا} برفع العين وصليا برفع الصاد). [الدر المنثور: 10/109]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ثم لننزعن} قال لنبدأن). [الدر المنثور: 10/110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ثم لننزعن} الآية: قال: {لننزعن من كل} أهل دين قادتهم ورؤوسهم في الشر). [الدر المنثور: 10/110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {أيهم أشد على الرحمن عتيا} قال: في الدنيا). [الدر المنثور: 10/110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي الأحوص {ثم لننزعن من كل شيعة} الآية، قال: يبدأ بالأكابر فالأكابر جرما). [الدر المنثور: 10/110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال: يحشر الأول على الآخر حتى إذا تكاملت العدة أثارهم جميعا ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرما ثم قرأ {فوربك لنحشرنهم} إلى قوله: {عتيا} ). [الدر المنثور: 10/110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد في قوله: {لننزعن من كل شيعة} قال: من كل أمة أشد على الرحمن {عتيا} قال: كفرا). [الدر المنثور: 10/110]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({صليًّا} [مريم: 70] : «صلي يصلى» ). [صحيح البخاري: 6/93]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله صليًّا صلي يصلى هو قول أبي عبيدة وزاد والصّليّ فعولٌ ولكن انقلبت الواو ياءً ثمّ أدغمت). [فتح الباري: 8/428]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (صلّيا صلي يصلى
أشار به إلى قوله تعالى: {ثمّ لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صلياً} (مريم: 70) وكان ينبغي أن يقول: صلياً. مصدر صلى يصلّي من باب: علم يعلم، كلقى يلقى لقيا، يقال: صلى فلان النّار أي: دخلها واحترق). [عمدة القاري: 19/51]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (صليًّا) في قوله: {أولى بها صليًّا} أي هو مصدر (صلي) بكسر اللام (يصلى) قاله أبو عبيدة والمعنى احترق احتراقًا). [إرشاد الساري: 7/232]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ لنحن أعلم بالّذين هم أولى بها صليًّا}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ لنحن أعلم من هؤلاء الّذين ننزعهم من كلّ شيعةٍ أولاهم بشدّة العذاب، وأحقّهم بعظيم العقوبة.
وذكر عن ابن جريجٍ أنّه كان يقول في ذلك ما؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {ثمّ لنحن أعلم بالّذين هم أولى بها صليًّا} قال: أولى بالخلود في جهنّم.
وهذا الّذي قاله ابن جريجٍ، قولٌ لا معنى له، لأنّ اللّه تعالى ذكره أخبر أنّ الّذين ينزعهم من كلّ شيعةٍ من الكفرة أشدّهم كفرًا، ولا شكّ أنّه لا كافر باللّه إلاّ مخلّدٌ في النّار، فلا وجه، وجميعهم مخلّدون في جهنّم، لأن يقال: ثمّ لنحن أعلم بالّذين هم أحقّ بالخلود من هؤلاء المخلّدين، ولكن المعنى في ذلك ما ذكرنا.
وقد يحتمل أن يكون معناه: ثمّ لنحن أعلم بالّذين هم أولى ببعض طبقات جهنّم صليًّا.
والصّليّ: مصدر صلّيت تصلي صليًّا، والصّليّ: فعولٌ، ولكن واوها انقلبت ياءً فاندغمت في الياء الّتي بعدها الّتي هي لام الفعل، فصارت ياءً مشدّدةً). [جامع البيان: 15/589-590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا} يقول: إنهم أولى بالخلود في جهنم). [الدر المنثور: 10/110-111]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا عباد المنقري، قال: أخبرنا بكر بن عبد الله المزني، قال: لما نزلت هذه الآية: {وإن منكم إلا واردها} [سورة مريم: 71] ذهب ابن رواحة إلى بيته فبكى، فجاءت امرأته فبكت، وجاءت الخادم فبكت، وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون، فلما انقطعت عبرته، قال: يا أهلاه، ما يبكيكم؟ قالوا: لا ندري، ولكنا رأيناك بكيت فبكينا، فقال: آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبئني فيها ربي أني وارد النار، ولم ينبئني أني صادرٌ عنها، فذلك الذي أبكاني). [الزهد لابن المبارك: 2/ 136-137]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سعيد الجريري، عن أبي السليل، عن غنيم، عن أبي العوام، عن كعب، أنه قال: هذه الآية: {وإن منكم إلا واردها} [سورة مريم: 71]، قال: هل تدرون ما ورودها؟ قالوا: الله أعلم، قال: فإن ورودها أن يجاء بجهنم، وتمسك للناس كأنها متن إهالة، حتى إذا استقرت عليه أقدام الخلائق برهم وفاجرهم، ناداها منادٍ أن خذي أصحابك ودعي أصحابي، فتخسف بكل ولي لها، فهي أعلم بهم من الوالد بولده، وينجو المؤمنون). [الزهد لابن المبارك: 2/761]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني أشهل، عن شعبة بن الحجّاج، عن إسماعيل السّدّيّ قال: سمعت مرّة الهمدانيّ قال: قال عبد اللّه في هذه الآية: {وإن منكم إلا واردها}، قال: يردونها، ثمّ يصدرون عنها بأعمالهم). [الجامع في علوم القرآن: 1/139]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حفص عن زيد بن أسلم في قول الله: {ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا}، وذلك في الذين ينكرون البعث، يقول الله: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فوربك}، يا محمد، {لنحشرنهم}، أهل هذا القول، المكذبين بالبعث، {والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعةٍ أيهم أشد على الرحمن عتيا}، المكذبين بالبعث، {وإن منكم}، يا أهل هذا القول، {إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا}، فلا يردونها، {ونذر الظالمين فيها جثياً}). [الجامع في علوم القرآن: 1/37] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى واردها قال هو الممر عليها). [تفسير عبد الرزاق: 2/10]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن النبي قال من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم تمسه النار إلا تحلة القسم يعني الورود). [تفسير عبد الرزاق: 2/10]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن إسماعيل عن قيس قال كان عبد الله بن رواحة واضعا رأسه في حجر امرأته فبكى فبكت امرأته فقال ما يبكيك قالت رأيتك تبكي فبكيت قال إني ذكرت قول الله وإن منكم إلا واردها فلا ندري أننجو منها أم لا). [تفسير عبد الرزاق: 2/10-11]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، قال: سألت مرّة الهمدانيّ، عن قول الله عزّ وجلّ: {وإن منكم إلاّ واردها} فحدّثني أنّ عبد الله بن مسعودٍ، حدّثهم، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: يرد النّاس النّار ثمّ يصدرون منها بأعمالهم، فأوّلهم كلمح البرق، ثمّ كالرّيح، ثمّ كحضر الفرس، ثمّ كالرّاكب في رحله، ثمّ كشدّ الرّجل، ثمّ كمشيه.
هذا حديثٌ حسنٌ، ورواه شعبة، عن السّدّيّ فلم يرفعه). [سنن الترمذي: 5/168]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد الله بن مسعودٍ، {وإن منكم إلاّ واردها} قال: يردونها ثمّ يصدرون بأعمالهم.
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن شعبة، عن السّدّيّ، بمثله، قال عبد الرّحمن، قلت لشعبة: إنّ إسرائيل، حدّثني عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد الله، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قال شعبة: وقد سمعته من السّدّيّ مرفوعًا ولكنّي أدعه عمدًا). [سنن الترمذي: 5/168]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وإن منكم إلّا واردها}
- أخبرنا محمّد بن عبد الله بن يزيد، عن سفيان، عن الزّهريّ، عن سعيدٍ، عن أبي هريرة: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما أحدٌ يموت له ثلاثةٌ من الولد فيلج النّار إلّا تحلّة القسم»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/170]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن منكم إلاّ واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا}.
يقول تعالى ذكره: وإن منكم أيّها النّاس إلاّ واردٌ جهنّم، كان على ربّك يا محمّد إيرادهموها قضاءً مقضيًّا، قد قضى ذلك وأوجبه في أمّ الكتاب.
واختلف أهل العلم في معنى الورود الّذي ذكره اللّه في هذا الموضع، فقال بعضهم: الدّخول.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرٍو، قال: أخبرني من، سمع ابن عبّاسٍ، يخاصم نافع بن الأزرق، فقال ابن عبّاسٍ: الورود: الدّخول، وقال نافعٌ: لا، فقرأ ابن عبّاسٍ: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} أورودٌ هو أم لا؟ وقال: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النّار وبئس الورد المورود} أورودٌ هو أم لا؟ أمّا أنا وأنت، فسندخلها، فانظر هل نخرج منها أم لا؟ وما أرى اللّه مخرجك منها بتكذيبك، قال: فضحك نافعٌ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، قال. قال أبو راشدٍ الحروريّ: ذكروا هذا فقال الحروريّ: لا يسمعون حسيسها، قال ابن عبّاسٍ: ويلك أمجنونٌ أنت؟ أين قوله تعالى: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النّار وبئس الورد المورود} وقوله: {ونسوق المجرمين إلى جهنّم وردًا} قال: {وإن منكم إلاّ واردها} واللّه إن كان دعاء من مضى: اللّهمّ أخرجني من النّار سالمًا، وأدخلني الجنّة غانمًا.
قال ابن جريجٍ: يقول: الورود الّذي ذكره اللّه في القرآن: الدّخول، ليردنّها كلّ برٍّ وفاجرٍ في القرآن أربعة أورادٍ {فأوردهم النّار} و{حصب جهنّم أنتم لها واردون} {ونسوق المجرمين إلى جهنّم وردًا} وقوله: {وإن منكم إلاّ واردها}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإن منكم إلاّ واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا} يعرف البرّ والفاجر، ألم تسمع إلى قول اللّه تعالى لفرعون: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النّار وبئس الورد المورود} وقال {ونسوق المجرمين إلى جهنّم وردًا} فسمّى الورود في النّار دخولاً، وليس بصادرٍ.
- حدّثنا الحسن بن عرفة، قال: حدّثنا مروان بن معاوية، عن بكّار بن أبي مروان، عن خالد بن معدان، قال: قال أهل الجنّة بعد ما دخلوا الجنّة: ألم يعدنا ربّنا الورود على النّار؟ قال: قد مررتم عليها وهي خامدةٌ قال ابن عرفة، قال مروان بن معاوية، قال بكّار بن أبي مروان، أو قال: جامدةً.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا مرحوم بن عبد العزيز، قال: حدّثني أبو عمران الجونيّ، عن أبي خالدٍ، قال: تكون الأرض يومًا نارًا، فماذا أعددتم لها؟ قال: فذلك قول اللّه: {وإن منكم إلاّ واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيًّا}.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن الجريريّ، عن أبي السّليل، عن غنيم بن قيسٍ، قال: ذكروا ورود النّار، فقال كعبٌ: تمسك النّار للنّاس كأنّها متن إهالةٍ، حتّى يستوي عليها أقدام الخلائق برّهم وفاجرهم، ثمّ يناديها منادٍ: أن أمسكي أصحابك، ودعي أصحابي، قال: فيخسف بكلّ وليٍّ لها، ولهي أعلم بهم من الرّجل بولده، ويخرج المؤمنون نديّةً ثيابهم.
قال: وقال كعبٌ: ما بين منكبي الخازن من خزنتها مسيرة سنةٍ، مع كلّ واحدٍ منهم عمودٌ له شعبتان، يدفع به الدّفعة، فيصرع به في النّار سبع مائة ألفٍ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن مالك بن مغولٍ، عن أبي إسحاق، قال: كان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه، قال: يا ليت أمّي لم تلدني، ثمّ يبكي، فقيل: وما يبكيك يا أبا ميسرة؟ قال: أخبرنا أنّا واردوها، ولم يخبرنا أنّا صادرون عنها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن إسماعيل، عن قيسٍ، قال: بكى عبد اللّه بن رواحة في مرضه، فبكت امرأته، فقال لها: ما يبكيك، قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال ابن رواحة: إنّي قد علمت إنّى واردٌ النّار فما أدري أناجٍ منها أنا أم لا؟.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو عمرٍو داود بن الزّبرقان، قال: سمعت السّدّيّ، يذكر عن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، {وإن منكم إلاّ واردها} قال: داخلها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله {وإن منكم إلاّ واردها} قال: يدخلها.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، قال: كان عبد اللّه بن رواحة واضعٌ رأسه في حجر امرأته، فبكى، فبكت امرأته، قال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال: إنّي ذكرت قول اللّه {وإن منكم إلاّ واردها} فلا أدري أننجو منها، أم لا؟
وقال آخرون: بل هو الممرّ عليها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وإن منكم إلاّ واردها} يعني جهنّم مرّ النّاس عليها.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله {وإن منكم إلاّ واردها} قال: هو المرّ عليها.
- حدّثنا خلاّد بن أسلم، قال: أخبرنا النّضرٌ، قال: أخبرنا إسرائيل، قال: أخبرنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، في قوله: {وإن منكم إلاّ واردها} قال: الصّراط على جهنّم مثل حدّ السّيف، فتمرّ الطّبقة الأولى كالبرق، والثّانية كالرّيح، والثّالثة كأجود الخيل، والرّابعة كأجود البهائم. ثمّ يمرّون والملائكة يقولون: اللّهمّ سلّم سلّم.
وقال آخرون: بل الورود: هو الدّخول، ولكنّه عنى الكفّار دون المؤمنين
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا شعبة، قال: أخبرني عبد اللّه بن السّائب، عن رجلٍ، سمع ابن عبّاسٍ، يقرؤها وإن منهم إلاّ واردها يعني الكفّار، قال: لا يردها مؤمنٌ.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عمرو بن الوليد الشّنّيّ، قال: سمعت عكرمة، يقرأ وإن منهم إلاّ واردها يعني الكفّار.
وقال آخرون: بل الورود عامٌّ لكلّ مؤمنٍ وكافرٍ، غير أنّ ورود المؤمن المرور، وورود الكافر الدّخول.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإن منكم إلاّ واردها} ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهريها وورود المشركين أن يدخلوها قال: وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: " الزّالّون والزّالاّت يومئذٍ كثيرٌ، وقد أحاط الجسر سماطان من الملائكة، دعواهم يومئذٍ يا اللّه سلّم سلّم ".
وقال آخرون: ورود المؤمن ما يصيبه في الدّنيا من حمًّى ومرضٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ، قال: الحمّى حظّ كلّ مؤمنٍ من النّار، ثمّ قرأ: {وإن منكم إلاّ واردها}.
- حدّثني عمران بن بكّارٍ الكلاعيّ، قال: حدّثنا أبو المغيرة، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن يزيد بن تميمٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبيد اللّه، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعود رجلاً من أصحابه وعكٌا وأنا معه، ثمّ قال: " إنّ اللّه يقول: هي ناري أسلّطها على عبدي المؤمن، لتكون حظّه من النّار في الآخرة ".
وقال آخرون: يردها الجميع، ثمّ يصدر عنها المؤمنون بأعمالهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن شعبة، قال: حدّثني السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه، {وإن منكم إلاّ واردها} قال: يردونها ثمّ يصدرون عنها بأعمالهم.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا شعبة، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه، بنحوه.
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن عبد الملك، عن عبيد اللّه، عن مجاهدٍ، قال: كنت عند ابن عبّاسٍ، فأتاه رجلٌ يقال له أبو راشدٍ، وهو نافع بن الأزرق، فقال له: يا ابن عبّاسٍ أرأيت قول اللّه {وإن منكم إلاّ واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا} قال: أمّا أنا وأنت يا أبا راشدٍ فسنردها، فانظر هل نصدر عنها أم لا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، قال: أخبرني أبو الزّبير، أنّه سمع جابر بن عبد اللّه يسأل عن الورود، فقال: " نحن يوم القيامة على كوى أو كدى فوق النّاس، فتدعى الأمم بأوثانها، وما كانت تعبد الأوّل فالأوّل، فينطلق بهم ويتّبعونه، قال: ويعطى كلّ إنسانٍ منافقٌ ومؤمنٌ نورًا، ويغشى ظلمةٌ ثمّ يتّبعونه، وعلى جسر جهنّم حسك وكلاليب تأخذ من شاء اللّه، فيطفأ نور المنافق، وينجو المؤمنون، فتنجو أوّل زمرةٍ كالقمر ليلة البدر، وسبعون ألفًا لا حساب عليهم، ثمّ الّذين يلونهم كأضوأ نجمٍ في السّماء، ثمّ كذلك، ثمّ تحلّ الشّفاعة فيشفعون، ويخرج من النّار من قال لا إله إلاّ اللّه ممّن في قلبه وزن شعيرةٍ من خيرٍ، لم يلقون تلقاء الجنّة، ويهريق عليهم أهل الجنّة الماء، فينبتون نبات الشّيء في السّيل، ثمّ يسألون فيجعل لهم الدّنيا وعشرة أمثالها ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن المبارك، عن الحسن، قال: قال رجلٌ لأخيه: هل أتاك بأنّك واردٌ النّار؟ قال: نعم، قال: فهل أتاك أنّك صادرٌ عنها؟ قال: لا، قال: ففيم الضّحك؟ قال: فما رئي ضاحكًا حتّى لحق باللّه.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث، أن بكيرًا، حدّثه أنّه قال لبسر بن سعيدٍ: إنّ فلانًا يقول: إنّ ورود النّار القيام عليها. قال بسرٌ: أمّا أبو هريرة فسمعته يقول: " إذا كان يوم القيامة، يجتمع النّاس نادى منادٍ: ليلحق كلّ أناسٍ بما كانوا يعبدون، فيقوم هذا إلى الحجر، وهذا إلى القوس، وهذا إلى الخشبة حتّى يبقى الّذين يعبدون اللّه، فيأتيهم اللّه، فإذا رأوه قاموا إليه، فيذهب بهم فيسلك بهم على الصّراط، وفيه عليقٌ، فعند ذلك يؤذن بالشّفاعة، فيمرّ النّاس، والنّبيّون يقولون: اللّهمّ سلّم سلّم ".
قال بكيرٌ: فكان ابن عميرة يقول: فناجٍ مسلّمٌ، ومكدسٌ في جهنّم، ومخدوشٌ ثمّ ناجٍ.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: يردها الجميع ثمّ يصدر عنها المؤمنون، فينجّيهم اللّه، ويهوي فيها الكفّار. وورودهموها هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من مرورهم بها على الصّراط المنصوب على متن جهنّم، فناجٍ مسلّمٌ ومكدّسٌ فيها.
ذكر الأخبار المرويّة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، عن أمّ مبشّرٍ امرأة زيد بن حارثة، قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في بيت حفصة: " لا يدخل النّار أحدٌ شهد بدرًا والحديبية ". قالت: فقالت حفصة: يا رسول اللّه، أليس اللّه يقول: {وإن منكم إلاّ واردها} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " فمه ثمّ ينجّي اللّه الّذين اتّقوا ".
- حدّثنا الحسن بن مدركٍ، قال: حدّثنا يحيى بن حمّادٍ، قال. حدّثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، عن أمّ مبشّرٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، بمثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، عن أمّ مبشّرٍ، عن حفصة، قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. " إنّي لأرجو أن لا يدخل النّار إن شاء الله أحدٌ شهد بدرًا والحديبية "، قالت: فقلت يا رسول اللّه، أليس اللّه يقول {وإن منكم إلاّ واردها} قال: " فلم تسمعيه يقول: {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيًّا}.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني عبيد اللّه بن المغيرة بن معيقبٍ، عن سليمان بن عمرو بن عبدٍ العتواريّ، أحد بني ليثٍ، وكان في حجر أبي سعيدٍ، قال: سمعت أبا سعيدٍ الخدريّ، يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " يوضع الصّراط بين ظهري جهنّم، عليه حسكٌ كحسك السّعدان، ثمّ يستجيز النّاس، فناجٍ مسلّمٌ، ومجروحٌ به، ثمّ ناجٍ ومحتبسٌ ومكدّسٌ فيها، حتّى إذا فرغ اللّه من القضاء بين العباد تفقّد المؤمنون رجالاً كانوا معهم في الدّنيا يصلّون صلاتهم، ويزكّون زكاتهم ويصومون صيامهم، ويحجّون حجّهم، ويغزون غزوهم، فيقولون: أي ربّنا عبادٌ من عبادك كانوا معنا في الدّنيا، يصلّون صلاتنا، ويزكّون زكاتنا، ويصومون صيامنا، ويحجّون حجّنا، ويغزون غزونا، لا نراهم، فيقول: اذهبوا إلى النّار، فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوه، فيجدونهم قد أخذتهم النّار على قدر أعمالهم، فمنهم من أخذته النّار إلى قدميه، ومنهم من أخذته إلى نصف ساقيه، ومنهم من أخذته إلى ركبتيه، ومنهم من أزرته، ومنهم من أخذته إلى ثدييه، ومنهم من أخذته إلى عنقه ولم تغش الوجوه، فيستخرجونهم منها، فيطرحونهم ماء الحياة " قيل: وما ماء الحياة يا رسول اللّه؟ قال: " غسل أهل الجنّة، قال: فينبتون كما تنبت الزّرعة في غثاء السّيل، ثمّ تشفع الأنبياء في كلّ من كان يشهد أن لا إله إلاّ اللّه مخلصًا، فيستخرجونهم منها، ثمّ يتحنّن اللّه برحمته على من فيها، فما يترك فيها عبدًا في قلبه مثقال ذرّةٍ من الإيمان إلاّ أخرجه منها.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا أبي وشعيب بن اللّيث، عن اللّيث عن خالدٍ بن يزيد، عن ابن أبي هلالٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " يؤتى بالجسر يعني يوم القيامة فيجعل بين ظهري جهنّم " قلنا: يا رسول اللّه وما الجسر؟ قال: " مدحضةٌ مزلّةٌ، عليه خطاطيف وكلاليب وحسكةٌ مفلطحةٌ لها شوكةٌ عقيفاء تكون بنجدٍ، يقال لها السّعدان، يمرّ المؤمنون عليها كالطّرف والبرق وكالرّيح، وكأجاود الخيل والرّكاب، فناجٍ مسلّمٌ، ومخدوشٌ مسلّمٌ، ومكدوسٌ في جهنّم، ثمّ يمرّ آخرهم يسحب سحبًا، فما أنتم بأشدّ مناشدةً لي في الحقّ قد تبيّن لكم من المؤمنين يومئذٍ للجبّار تبارك وتعالى، إذا رأوهم قد نجوا وبقي إخوانهم "
- حدّثني أحمد بن عيسى، قال: حدّثنا سعيد بن كثير بن عفيرٍ، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن أبي الزّبير، قال: سألت جابر بن عبد اللّه عن الورود، فقال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " هو الدّخول، يردون النّار حتّى يخرجوا منها، فآخر من يبقى رجلٌ على الصّراط يزحف، فيرفع اللّه له شجرةً، قال: فيقول: أي ربّ أدنني منها، قال: فيدنيه اللّه تبارك وتعالى منها، قال: ثمّ يقول: أي ربّ أدخلني الجنّة، قال: فيدخله الجنه قال: فيقول: سل، قال: فيسأل، قال: فيقول: ذلك لك وعشرة أضعافه أو نحوها، قال: فيقول: يا ربّ تستهزئ بي؟ " قال: فيضحك حتّى تبدو لهواته وأضراسه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يحيى بن أيّوب، ح، وحدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا محمّد بن زيدٍ، عن رشدين، جميعًا عن زبّان بن فائدٍ، عن سهل بن معاذٍ، عن أبيه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: " من حرس وراء المسلمين في سبيل اللّه متطوّعًا، لا يأخذه سلطانٌ بحرسٍ، لم ير النّار بعينه إلاّ تحلّة القسم " فإنّ اللّه تعالى يقول {وإن منكم إلاّ واردها}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، أخبرني الزّهريّ، عن ابن المسيّب، عن أبي هريرة، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " من مات له ثلاثةٌ لم تمسّه النّار إلاّ تحلّة القسم " يعني: الورود.
وأمّا قوله: {كان على ربّك حتمًا مقضيًّا} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم معناه: كان على ربّك قضاءً مقضيًّا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {حتمًا} قال: قضاءً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {حتمًا مقضيًّا} قال: قضاءً.
وقال آخرون: بل معناه: كان على ربّك قسمًا واجبًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو عمرٍو داود بن الزّبرقان، قال: سمعت السّدّيّ، يذكر عن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، {كان على ربّك حتمًا مقضيًّا} قال: قسمًا واجبًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {كان على ربّك حتمًا مقضيًّا} يقول: قسمًا واجبًا.
وقد بيّنت القول في ذلك). [جامع البيان: 15/590-606]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا إسرائيل عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس في قوله وإن منكم إلا واردها قال لا يبقى أحد إلا دخلها ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا وقال رأيت الصالحين يقولون اللهم نجنا من جهنم سالمين مسلمين). [تفسير مجاهد: 388-389]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء قال أخبرنا مسلم الأعور عن مجاهد قال يعني داخلها). [تفسير مجاهد: 389]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا المبارك بن فضالة عن الحسن قال الورود الممر عليها من أن يدخلها). [تفسير مجاهد: 389]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله كان على ربك حتما مقضيا قال يعني قضاء). [تفسير مجاهد: 389]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا سعيد بن مسعودٍ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن السّدّيّ، قال: سألت مرّة الهمدانيّ عن قول اللّه عزّ وجلّ: {وإن منكم إلّا واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا} [مريم: 71] فحدّثني أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ حدّثهم عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «يرد النّاس النّار، ثمّ يصدرون بأعمالهم فأوّلهم كلمع البرق، ثمّ كمرّ الرّيح، ثمّ كحضر الفرس، ثمّ كالرّاكب، ثمّ كشدّ الرّحال، ثمّ كمشيهم» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه). [المستدرك: 2/407]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أحمد بن جعفرٍ القطيعيّ، ثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثني أبي، ثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عبد الرّحمن بن إسحاق القرشيّ، عن النّعمان بن سعدٍ، عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " شعار المسلمين على الصّراط يوم القيامة: اللّهمّ سلّم سلّم «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/407]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا محمّد بن إسحاق الصّفّار، ثنا أحمد بن نصرٍ، ثنا عمرو بن طلحة القنّاد، أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، {وإن منكم إلّا واردها} [مريم: 71] قال: " الصّراط على جهنّم مثل حدّ السّيف فتمرّ الطّائفة الأولى كالبرق، والثّانية كالرّيح، والثّالثة كأجود الخيل، والرّابعة كأجود الإبل والبهائم، ثمّ يمرّون والملائكة تقول: ربّ سلّم سلّم «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/407]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، والحسن بن يعقوب، وإبراهيم بن عصمة، قالوا: ثنا السّريّ بن خزيمة، ثنا أبو غسّان مالك بن إسماعيل النّهديّ، ثنا عبد السّلام بن حربٍ، أنبأ يزيد بن عبد الرّحمن أبو خالدٍ الدّالانيّ، حدّثنا المنهال بن عمرٍو، عن أبي عبيدة، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: " يجمع اللّه النّاس يوم القيامة، قال: فينادي منادٍ: يا أيّها النّاس ألم ترضوا من ربّكم الّذي خلقكم ورزقكم وصوّركم، أن يولّي كلّ إنسانٍ منكم إلى من كان يتولّى في الدّنيا؟ قال: ويمثّل لمن كان يعبد عزيرًا شيطان عزيرٍ حتّى يمثّل لهم الشّجرة والعود والحجر، ويبقى أهل الإسلام جثومًا، فيقال لهم: ما لكم لا تنطلقون كما ينطلق النّاس؟، فيقولون: إنّ لنا ربًّا ما رأيناه بعد، قال: فيقال: فبم تعرفون ربّكم إن رأيتموه؟ قالوا: بيننا وبينه علامةٌ، إن رأيناه عرفناه، قيل: وما هي؟، قالوا: يكشف عن ساقٍ، قال: فيكشف عند ذلك عن ساقٍ قال: فيخرّون من كان لظهره طبقًا ساجدًا، ويبقى قومٌ ظهورهم كصياصيّ البقر يريدون السّجود فلا يستطيعون، ثمّ يؤمرون فيرفعون رءوسهم فيعطون نورهم على قدر أعمالهم قال: فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النّخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه حتّى يكون آخر ذلك من يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرّةً، ويطفئ مرّةً، فإذا أضاء قدمه، وإذا طفئ قام فيمرّ ويمرّون على الصّراط والصّراط كحدّ السّيف دحض مزلّةٍ فيقال: انجوا على قدر نوركم، فمنهم من يمرّ كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمرّ كالطّرف، ومنهم من يمرّ كالرّيح، ومنهم من يمرّ كشدّ الرّجل، ويرمل رملًا، فيمرّون على قدر أعمالهم حتّى يمرّ الّذي نوره على إبهام قدمه قال: يجرّ يدًا ويعلّق يدًا ويجرّ رجلًا ويعلّق رجلًا وتضرب جوانبه النّار، قال: فيخلصوا فإذا خلصوا قالوا: الحمد للّه الّذي نجّانا منك بعد الّذي أراناك لقد أعطانا اللّه ما لم يعط أحدًا " قال مسروقٌ: فما بلغ عبد اللّه هذا المكان من هذا الحديث إلّا ضحك فقال له رجلٌ: يا أبا عبد الرّحمن لقد حدّثت هذا الحديث مرارًا كلّما بلغت هذا المكان من هذا الحديث ضحكت، فقال عبد اللّه سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يحدّثه مرارًا، فما بلغ هذا المكان من هذا الحديث إلّا ضحك حتّى تبدو لهواته ويبدو آخر ضرسٍ من أضراسه لقول الإنسان: أتهزأ بي وأنت ربّ العالمين؟ فيقول: لا، ولكنّي على ذلك قادرٌ فسلوني «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه بهذا اللّفظ»). [المستدرك: 2/408]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) السدي -رحمه الله -: قال:سألت مرّة الهمدانيّ عن قول الله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} ؟ فحدثني: أنّ عبد الله بن مسعودٍ حدّثهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرد الناس، ثم يصدرون عنها بأعمالهم، فأوّلهم كلمح البرق، ثم كالريح، ثم كحضر الفرس ثم كالرّاكب في رحله، ثم كشدّ الرّجل، ثم كمشيه». أخرجه الترمذي. وقال: وقد روي عن السدي ولم يرفعه.
[شرح الغريب]
(كحضر الفرس) الحضر: العدو، والشد أيضاً: العدو). [جامع الأصول: 2/239]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وإن منكم إلّا واردها} [مريم: 71].
- عن أبي سمينة قال: اختلفنا ههنا في الورود، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمنٌ، وقال بعضنا: يدخلونها جميعًا ثمّ ينجّي اللّه الّذين اتّقوا، فلقيت جابر بن عبد اللّه، فقلت: إنّا اختلفنا ههنا في الورود، فقال [بعضنا: لا يدخلها مؤمنٌ، وقال بعضنا] يردونها جميعًا، فقلت له: إنّا اختلفنا في ذلك، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمنٌ، وقال بعضنا: يدخلونها جميعًا، فأهوى بإصبعيه إلى أذنيه وقال: صمتًا، إن لم أكن سمعت رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يقول: " «الورود: الدّخول، لا يبقى برٌّ ولا فاجرٌ إلّا دخلها، فتكون على المؤمنين بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم، حتّى إنّ للنّار - أو قال: جهنّم - ضجيجًا من بردهم، ثمّ ينجّي اللّه الّذين اتّقوا ويذر الظّالمين». قلت: لجابرٍ في الصّحيح في الورود شيءٌ موقوفٌ غير هذا.
رواه أحمد، ورجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/55]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا سليمان بن حربٍ، ثنا أبو صالحٍ غالب بن سليمان، عن كثير بن زياد البرساني عن أبي سمية قال: "اختلفا ها هنا بالبصرة فقال قومٌ: لا يدخلها مؤمنٌ. وقال آخرون: يدخلونها جميعًا ثمّ ينجّي اللّه الّذين اتّقوا. فلقيت جابرًا فسألته، فقال: يدخلونها جميعًا ثمّ ينجّي اللّه الّذين اتّقوا. قال: فأهوى بأصبعيه إلى أذنيه قال: صمّتا إن لم أكن سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: الورود: الدّخول لا يبقى برٌّ ولا فاجر إلا يدخلها، فتكون على المؤمنين بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم حتى أن للنار- أو لجهنم- ضجيج من بردهم، ثمّ ينجّي اللّه الّذين اتّقوا ويذر الظّالمين فيها جثيًّا". هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لجهالة بعض رواته). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/233-234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحرث بن أبي أسامة، وابن جرير بسند حسن عن ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها كذا وكذا وجمع الخلائق بصعيد واحد جنهم وإنسهم فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض ولأهل السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض جنهم وإنسهم بضعف فإذا نثروا على وجه الأرض فزعوا إليهم فيقولون: أفيكم ربنا فيفزعون من قولهم ويقولون: سبحان ربنا ليس فينا وهو آت، ثم تقاض السماء الثانية ولأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن جميع أهل الأرض بضعف جنهم وإنسهم فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض فيقولون: أفيكم ربنا فيفزعون من قولهم ويقولون: سبحان ربنا ليس فينا وهو آت ثم تقاض السموات: سماء سماء كلما قيضت سماء عن أهلها كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها ومن جميع أهل الأرض بضعف فإذا نثروا على أهل الأرض يفزع إليهم أهل الأرض فيقولون لهم مثل ذلك فيرجعون إليهم مثل ذلك حتى تقاض السماء السابعة فلأهل السماء السابعة أكثر من أهل ست سموات ومن جميع أهل الأرض بضعف فيجيء الله فيهم والأمم جثي صفوف فينادي مناد: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ليقم الحمادون لله على كل حال فيقومون فيسرحون إلى الجنة ثم ينادي الثانية: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم أين الذين كانت (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون) (السجدة آية 16) فيقومون فيسرحون إلى الجنة ثم ينادي الثالثة ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم أين الذين (لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) (النور آية 37) فيقومون فيسرحون إلى الجنة، فإذا أخذ كل من هؤلاء ثلاثة خرج عنق من النار فأشرف على الخلائق له عينان تبصران ولسان فصيح فيقول: إني وكلت منكم بثلاثة: بكل جبار عنيد فتلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم ثم تخرج ثانية فتقول: إني وكلت منكم بمن آذى الله تعالى ورسوله فتلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم ثم تخرج ثالثة فتقول: إني وكلت بأصحاب التصاوير فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة ومن هؤلاء ثلاثة: نشرت الصحف ووضعت الموازين ودعي الخلائق للحساب). [الدر المنثور: 10/111-112]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والحكيم الترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن وقال بعضهم: يدخلونها جميعا {ثم ننجي الذين اتقوا} فلقيت جابر بن عبد الله فذكرت له فقال: وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى أن للنار ضجيجا من بردهم {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} ). [الدر المنثور: 10/112-113]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن مجاهد قال: خاصم نافع بن الأزرق ابن عباس فقال ابن عباس: الورود الدخول: وقال نافع: لا، فقرأ ابن عباس (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) (الأنبياء آية 98) وقال: وردوا أم لا وقرأ (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار) (هود آية 98) أوردوا أم لا أما أنا وأنت فسندخلها فانظر هل نخرج منها أم لا). [الدر المنثور: 10/113]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وإن منكم إلا واردها} قال: يردها البر والفاجر، ألم تسمع قوله: (فأوردهم النار وبئس الورد المورود) (هود آية 98) وقوله: {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} ). [الدر المنثور: 10/113-114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن ابن مسعود، أنه سئل عن قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: وإن منكم إلا داخلها). [الدر المنثور: 10/114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في "البعث" عن ابن عباس في الآية قال: لا يبقى أحد إلا دخلها). [الدر المنثور: 10/114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد، والطبراني، عن ابن مسعود في قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: ورودها الصراط). [الدر المنثور: 10/114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، والترمذي، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والبيهقي في "البعث"، وابن الأنباري، وابن مردويه، عن ابن مسعود في قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرد الناس كلهم النار، ثم يصدرون عنها بأعمالهم، فأولهم كلمح البرق، ثم كالريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب في رحله، ثم كشد الرجل، ثم كمشيه»). [الدر المنثور: 10/114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن ابن مسعود قال: يرد الناس الصراط جميعا، ورودهم قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم؛ فمنهم من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الطير، ومنهم من يمر كأجود الخيل، ومنهم من يمر كأجود الإبل، ومنهم من يمر كعدو الرجل، حتى إن آخرهم مرا رجل نوره على موضع إبهام قدميه، يمر متكفئا به الصراط). [الدر المنثور: 10/114-115]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود في قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: الصراط على جهنم مثل حد السيف، فتمر الطبقة الأولى كالبرق، والثانية كالريح، والثالثة كأجود الخيل، والرابعة كأجود الإبل والبهائم، ثم يمرون على منازلهم، والملائكة يقولون: رب، سلم سلم). [الدر المنثور: 10/115]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، والحاكم وصححه، عن المغيرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شعار المسلمين على الصراط يوم القيامة: اللهم سلم سلم»). [الدر المنثور: 10/115]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وإن منكم إلا واردها}. يقول: مجتاز فيها»). [الدر المنثور: 10/115]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد في «الزهد»، وعبد بن حميد، عن عكرمة في الآية قال: الصراط على جهنم يردون عليه). [الدر المنثور: 10/115-116]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وعبد بن حميد، والحكيم الترمذي، وابن الأنباري في «المصاحف»، عن خالد بن معدان قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا: ربنا، ألم تعدنا أنا نرد النار. قال: بلى، ولكنكم مررتم عليها وهي خامدة). [الدر المنثور: 10/116]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن الأنباري، والبيهقي في البعث، عن الحسن في قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: الورود الممر عليها من غير أن يدخلها). [الدر المنثور: 10/116]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، عن قتادة في قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: هو الممر عليها). [الدر المنثور: 10/116]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن أبي نضرة في قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: يحملون على الصراط إلى جهنم، وهي كأنها متن إهالة، فتميل بهم، فيقول الله لجهنم، خذي أصحابك ودعي أصحابي. فيخسف بهم الصراط، وينجو المؤمنون، وهو قول الله: {فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون} ). [الدر المنثور: 10/116]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، عن أبي العوام قال: قال كعب: هل تدرون ما قوله: {وإن منكم إلا واردها}؟ قالوا: ما كنا نرى ورودها إلا دخولها. قال: لا، ولكن ورودها أن يجاء بجهنم كأنها متن إهالة؛ حتى إذا استوت عليها أقدام الخلائق؛ برهم وفاجرهم، ناداها مناد: خذي أصحابك وذري أصحابي. فيخسف بكل ولي لها، لهي أعلم بهم من الوالد بولده، وينجو المؤمنون ندية ثيابهم. قال: وإن الخازن من خزنة جهنم ما بين منكبيه مسيرة سنة، معه عمود من حديد له شعبتان، يدفع الدفعة فيكب في النار تسعمائة ألف. أو كما قال). [الدر المنثور: 10/117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: ورود المسلمين المرور على الجسر بين طهريها، وورود المشركين أن يدخلوها، وقد أحاط بالجسر من الملائكة، دعاؤهم يومئذ: يا الله، سلم سلم). [الدر المنثور: 10/117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير قال: حضورها ورودها). [الدر المنثور: 10/117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في «المصاحف» عن مرزوق بن أبي سلامة قال: قال نافع بن الأزرق لابن عباس: ما الورود؟ قال: الدخول. قال: لا، الورود الوقوف على شفيرها. فقال: ويحك! أما تقرأ كتاب الله: {وما أمر فرعون برشيد (97) يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار} أفتراه –ويحك- إنما أوقفهم على شفيرها؟! والله تعالى يقول: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} ). [الدر المنثور: 10/117-118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه، عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته، وما ينطق لسانها ولا لسانه، ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت تغيب له، ويداه ورجلاه يشهدان عليه بما كان يوليها، ثم يدعى الرجل وخوله وخدمه كمثل ذلك، ثم يؤتى بأهل الأسواق، فما هي بقراريط تؤخذ منهم ولا دوانق، إلا حسنات ذا تدفع إلى ذا، وسيئات ذا تدفع إلى ذا، ثم يؤتى بالجبابرة في مقامع من حديد فيوقفون عند رب العالمين، فيقول: سوقوهم إلى النار. فما أدري أيدخلونها، أو كما قال الله: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا} ). [الدر المنثور: 10/118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن ابن عباس، أن عمر لما طعن قال: والله لو أن لي ما على الأرض من شيء لافتديت به من هول المطلع. فقال ابن عباس: فقلت له: والله إني لأرجو ألا تراها إلا مقدار ما قال الله: {وإن منكم إلا واردها} ). [الدر المنثور: 10/118-119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي، والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، والخطيب، عن يعلى ابن منية، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تقول النار للمؤمن يوم القيامة: جز يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي»). [الدر المنثور: 10/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وأحمد، وهناد، ومسلم، وابن ماجه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري، والطبراني، وابن مردويه، عن أم مبشر قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية». قال حفصة: أليس الله يقول: {وإن منكم إلا واردها}؟ قال: «ألم تسمعيه يقول: {ثم ننجي الذين اتقوا}؟»). [الدر المنثور: 10/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم». ثم قرأ سفيان: {وإن منكم إلا واردها} ). [الدر المنثور: 10/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن عبد الرحمن بن بشير الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات له ثلاثة من الود لم يبلغوا الحنث، لم يرد النار إلا عابر سبيل». يعني الجواز على الصراط). [الدر المنثور: 10/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، والبخاري في تاريخه، وأبو يعلى، والطبراني، وابن مردويه، عن معاذ بن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حرس من وراء المسلمين في سبيل الله متطوعا لا يأخذه سلطان، لم ير النار بعينه إلا تحلة القسم، فإن الله يقول: {وإن منكم إلا واردها}»). [الدر المنثور: 10/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري، والبيهقي في البعث، عن ابن عباس، أنه قرأ: (وإن منهم إلا واردها). يعني الكفار. قال: لا يردها مؤمن. كذا قرأها). [الدر المنثور: 10/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة، أنه قرأ: (وإن منهم إلا واردها). قال: وهم الظلمة. كذلك كنا نقرؤها). [الدر المنثور: 10/120-121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك، وأحمد في الزهد، وابن عساكر، عن بكر بن عبد الله المزني قال: لما نزلت هذه الآية: {وإن منكم إلا واردها}. ذهب عبد الله بن رواحة إلى بيته فبكى، فجاءت المرأة فبكت، وجاءت الخادم فبكت، وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون، فلما انقطعت عبرتهم قال: يا أهلاه، ما الذي أبكاكم؟ قالوا: لا ندري، ولكن رأيناك بكيت فبكينا. قال: إنه أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية ينبئني فيها ربي تبارك وتعالى أني وارد النار، ولم ينبئني أني صادر عنها، فذاك الذي أبكاني). [الدر المنثور: 10/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عروة بن الزبير قال: لما أراد ابن رواحة الخروج إلى أرض مؤتة من الشام، أتاه المسلمون يودعونه، فبكى فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة لكم، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا}، فقد علمت أني وارد النار، ولا أدري كيف الصدور بعد الورود). [الدر المنثور: 10/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وأحمد، وهناد بن السري معا في الزهد، وعبد بن حميد، والحاكم، والبيهقي في البعث، عن قيس بن أبي حازم قال: بكى عبد الله بن رواحة، فقالت امرأته: ما يبكيك؟ قال: إني أنبئت أني وارد النار، ولم أنبأ أني صادر. ). [الدر المنثور: 10/121-122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يقول الرجل لصاحبه: هل أتاك أنك وارد؟ فيقول: نعم. فيقول: هل أتاك أنك خارج؟ فيقول: لا. فيقول: ففيم الضحك إذن؟). [الدر المنثور: 10/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك، وهناد، عن أبي ميسرة، أنه أوى إلى فراشه فقال: يا ليت أمي لم تلدني. فقالت امرأته: يا أبا ميسرة، إن الله قد أحسن إليك؛ هداك إلى الإسلام. فقال: أجل، ولكن الله قد بين لنا أنا واردو النار، ولم يبين لنا أنا صادرون عنها). [الدر المنثور: 10/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك عن الحسن قال: قال رجل لأخيه: يا أخي، هل أتاك أنك وارد النار؟ قال: نعم. قال: فهل أتاك أنك خارج منها؟ قال: لا. قال: ففيم الضحك؟ فما رئي ضاحكا حتى مات). [الدر المنثور: 10/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن مجاهد قال: الحمى حظ كل مؤمن من النار. ثم قرأ: {وإن منكم إلا واردها} ). [الدر المنثور: 10/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: الحمى في الدنيا حظ المؤمن من الورود في الآخرة). [الدر المنثور: 10/122-123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في الآية قال: من حم من المسلمين فقد وردها). [الدر المنثور: 10/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلا من أصحابه وعكا وأنا معه، فقال: «إن الله يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار في الآخرة»). [الدر المنثور: 10/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن عكرمة في قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: الدخول، {كان على ربك حتما مقضيا}. قال: قسما واجبا). [الدر المنثور: 10/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {حتما مقضيا}. قال: قضاء من الله). [الدر المنثور: 10/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء، والطستي، عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {حتما مقضيا}. قال: الحتم الواجب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول:
عبادك يخطئون وأنت رب = بكفيك المنايا والحتوم). [الدر المنثور: 10/123-124]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حفص عن زيد بن أسلم في قول الله: {ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا}، وذلك في الذين ينكرون البعث، يقول الله: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فوربك}، يا محمد، {لنحشرنهم}، أهل هذا القول، المكذبين بالبعث، {والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعةٍ أيهم أشد على الرحمن عتيا}، المكذبين بالبعث، {وإن منكم}، يا أهل هذا القول، {إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا}، فلا يردونها، {ونذر الظالمين فيها جثياً}). [الجامع في علوم القرآن: 1/37] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ونذر الظالمين فيها جثيا قال على ركبهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/10]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ونذر الظّالمين فيها جثيًّا}
- أخبرنا الحسن بن محمّدٍ، عن حجّاجٍ، عن ابن جريجٍ، وأخبرني هارون بن عبد الله، حدّثنا حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: أخبرني أبو الزّبير، أنّه سمع جابرًا، يقول: أخبرتني أمّ مبشّرٍ، أنّها سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول عند حفصة رضي الله عنها: «لا يدخل النّار إن شاء الله من أصحاب الشّجرة أحدٌ، الّذين بايعوا تحتها» قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، قالت حفصة: {وإن منكم إلّا واردها} [مريم: 71] قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: " فقد قال الله {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيًّا} [مريم: 72]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/170]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيًّا}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ ننجّي من النّار بعد ورود جميعهم إيّاها، الّذين اتّقوا فخافوه، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه {ونذر الظّالمين فيها جثيًّا} يقول جلّ ثناؤه: وندع الّذين ظلموا أنفسهم، فعبدوا غير اللّه، وعصوا ربّهم، وخالفوا أمره ونهيه من النّار، جثيًّا، يقول: بروكًا على ركبهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ونذر الظّالمين فيها جثيًّا} على ركبهم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة {ونذر الظّالمين فيها جثيًّا} على ركبهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ونذر الظّالمين فيها جثيًّا} قال: الجثيّ: شرّ الجلوس، لا يجلس الرّجل جاثيًا إلاّ عند كربٍ ينزل به.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيًّا} إنّ النّاس وردوا جهنّم وهي سوداء مظلمةٌ، فأمّا المؤمنون فأضاءت لهم حسناتهم، فأنجوا منها. وأمّا الكفّار فأوبقتهم أعمالهم، واحتبسوا بذنوبهم). [جامع البيان: 15/606-607]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه كان يقرأ ثم ننجي الذين اتقوا يقول هنالك ينجي الله الذين اتقوا). [تفسير مجاهد: 389]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م) أمّ مبشرٍ الأنصارية - رضي الله عنها -: أنّها سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة: «لا يدخل النّار - إن شاء الله - من أصحاب الشجرة أحدٌ : الذين بايعوا تحتها، قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة: {وإن منكم إلّا واردها} [مريم: 71] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد قال الله تعالى: {ثم ننجّي الذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيّاً} » [مريم: 72].
أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
(أصحاب الشجرة) هم الصحابة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان في الحديبية، وكانت الشجرة سمرة.
(جثياً) جمع جاث: وهو الذي يقعد على ركبتيه). [جامع الأصول: 2/238-239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والحكيم الترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن وقال بعضهم: يدخلونها جميعا {ثم ننجي الذين اتقوا} فلقيت جابر بن عبد الله فذكرت له فقال: وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى أن للنار ضجيجا من بردهم {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} ). [الدر المنثور: 10/112-113] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن أبي سلامة، عن ابن عباس، أنه قرأ: {ثم ننجي الذين اتقوا}. بضم الثاء). [الدر المنثور: 10/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري من طرق عن ابن عباس، أنه كان يقرأ: (ثَم ننجي الذين اتقوا). بفتح الثاء). [الدر المنثور: 10/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن ابن أبي ليلى، أنه كان يقرأ: (ثَم ننجي الذين اتقوا). بفتح الثاء، ويقول: الورود الدخول). [الدر المنثور: 10/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ونذر الظالمين فيها جثيا}. وكذلك كان يقرؤها، يعني: باقين فيها). [الدر المنثور: 10/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ونذر الظالمين فيها جثيا}. قال: جثيا على ركبهم). [الدر المنثور: 10/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال: الجثي شر الجلوس، ولا يجلس الرجل جاثيا إلا عند كرب نزل). [الدر المنثور: 10/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {جثيا}. قال: على ركبهم). [الدر المنثور: 10/124]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 10:49 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ أقسم بنفسه فقال: {فوربّك لنحشرنّهم} [مريم: 68] يعني المشركين.
{والشّياطين} [مريم: 68] الّذين دعتهم إلى عبادة الأوثان.
{ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيًّا} [مريم: 68] سعيدٌ، عن قتادة قال: على ركبهم.
قال يحيى: وهذا قبل دخولهم النّار.
وقال بعضهم: {جثيًّا} [مريم: 68] جماعةً جماعةً.
وقال الكلبيّ: جماعةٌ، كلّ أمّةٍ على حدتها). [تفسير القرآن العظيم: 1/235]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {حول جهنّم جثياًّ} جمع جاثٍ، خرج مخرج فاعل والجميع فعول، غير أنهم لا يدخلون الواو في المعتل). [مجاز القرآن: 2/9]

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (والأعرج أيضًا {عتيا} و{جثيا} {بكيا} و{صليا} بالضم في ذلك كله). [معاني القرآن لقطرب: 888] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {جثيا}: جمع جاث). [غريب القرآن وتفسيره: 240]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {جثيًّا} جمع جاث. وفي التفسير جماعات). [تفسير غريب القرآن: 275]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( وقوله تعالى: {فوربّك لنحشرنّهم والشّياطين ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيّا}
أي فوربك لنبعثنهم ولنحشرنهم مع الشياطين الذين أغووهم.
{ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيّا}.
و{جثيّا}. - بالضم والكسر جميعا، ومعنى جثيا على ركبهم، لا يستطيعون القيام مما هم فيه وجثي جمع جاث وجثى، مثل قاعد وقعود وبارك وبروك.
[معاني القرآن: 3/338]
والأصل ضم الجيم وجائز كسرها، اتباعا لكسرة اليّاء.
و {جثيّا}. منصوب على الحال). [معاني القرآن: 3/339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا}
قال مجاهد وقتادة أي على ركبهم.[معاني القرآن: 4/346]
والمعنى أنهم لشدة ما هم فيه لا يقدرون على القيام). [معاني القرآن: 4/347]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {جثيا} جمع جاث، والجاثي: البارك على ركبتيه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {جِثِيًّا}: جمع جاث). [العمدة في غريب القرآن: 196]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعةٍ} [مريم: 69] تفسير السّدّيّ، يعني من كلّ أهل ملّةٍ.
وقال الحسن ومجاهدٌ: من كلّ أمّةٍ.
قال الحسن: يعني كفّارها.
{أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا} [مريم: 69] قال مجاهدٌ: كفرًا.
وقال الحسن: شدّةٌ في القسوة.
وقال الكلبيّ: أشدّ معصيةً.
[تفسير القرآن العظيم: 1/235]
أخبرني رجلٌ من أهل الكوفة، عن ليثٍ، عن شهر بن حوشبٍ قال: إذا كان يوم القيامة نزل الجبّار تبارك وتعالى، حتّى إذا استوى على كرسيّه نادى بصوته: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فلا يجيبه أحدٌ فيردّ على نفسه فيقول: {للّه الواحد القهّار {16} اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب {17}} [غافر: 16-17] ثمّ أتت عنقٌ من النّار تسمع وتبصر وتتكلّم
حتّى إذا أشرفت على رءوس الخلائق نادت بصوتها: ألا إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ، ألا إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ ألا إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ، بمن دعا مع اللّه إلهًا آخر، أو قال بمن جعل مع اللّه إلهًا آخر، أو بمن دعا للّه ولدًا، أو بمن زعم أنّه العزيز الحكيم.
ثمّ صوّبت رأسها وسط الخلائق فالتقطتهم كما تلتقط الحمام حبّ السّمسم، ثمّ غاضت بهم فألقتهم في النّار.
ثمّ عادت حتّى إذا كانت مكانها نادت: إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ، إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ، إنّي قد وكّلت بثلاثةٍ: بمن سبّ اللّه، وبمن كذب على اللّه، وبمن آذى اللّه.
قال: فأمّا الّذي سبّ اللّه فالّذي زعم أنّه اتّخذ صاحبةً وولدًا وهو واحدٌ صمدٌ {لم يلد ولم يولد {3} ولم يكن له كفوًا أحدٌ {4}} [الإخلاص: 3-4] وأمّا الّذي كذب على اللّه قال: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت بلى وعدًا عليه حقًّا ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون {38} ليبيّن لهم الّذي يختلفون فيه وليعلم الّذين كفروا أنّهم كانوا كاذبين {39}} [النحل: 38-39] وأمّا الّذي
آذى اللّه فالّذي يصنع الصّور.
فتلتقطهم كما تلتقط الطّير الحبّ حتّى تغيض بهم في جهنّم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/236]
- المعلّى بن هلالٍ، عن الأعمش، عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: تندلق عنقٌ من النّار فتقول: إنّي أمرت بكلّ جبّارٍ عنيدٍ، فتلتقطهم فتنطوي عليهم، فتلقيهم في النّار ثمّ ترجع فتقول: إنّي أمرت.
قال يحيى: فذكر خصلتين من الخصال الّتي في الحديث الأوّل فيما أحسب.
محمّد بن راشدٍ قال: سمعت قتادة يقول: تنزل عنقٌ من النّار فتقول: إنّي أمرت بثلاثةٍ: بالّذين كذّبوا اللّه، وبالّذين كذبوا على اللّه، وبالّذين آذوا اللّه.
قال: فأمّا الّذين كذّبوا اللّه فالّذين كذّبوا رسله وكتبه، وأمّا الّذين كذبوا على اللّه فالّذين زعموا أنّ له ولدًا، وأمّا الّذين آذوا اللّه فالمصوّرون). [تفسير القرآن العظيم: 1/237]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {عتيّاً} مصدر عتوت تعتو).
[مجاز القرآن: 2/10]

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (والأعرج أيضًا {عتيا} و{جثيا} {بكيا} و{صليا} بالضم في ذلك كله). [معاني القرآن لقطرب: 888] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيّا}
و {عتيا} - بالكسر والضم، ومعناه لننزعن من كل أمّة ومن كل فرقة الأعتى فالأعتى منهم، كأنّهم يبدأ بتعذيب أشدهم عتيا ثم الذي يليه.
فأما رفع (أيّهم) فهو القراءة، ويجوز (أيّهم) بالنصب حكاها سيبويه، وذكر سيبويه أنّ هارون الأعور القارئ قرأ بها.
وفي رفعها ثلاثة أقوال: قال سيبويه عن يونس إن قوله جلّ وعزّ {لننزعنّ} معقلة لم تعمل شيئا.
فكأنّ قول يونس: {ثم لننزعن من كل شيعة} ثم استأنف فقال {أيهم أشد على الرحمن عتيا}.
وأما الخليل فحكى عنه سيبويه أنه على معنى الذين؛ يقال {أيهم أشد على الرحمن عتيا}، ومثله عنده قول الشاعر:
ولقد أبيت من الفتاة بمنزل= فأبيت لا حرج ولا محروم
المعنى فأبيت بمنزلة الذي يقال له لا هو حرج ولا هو محروم.[معاني القرآن: 3/339]
وقال سيبويه إن {أيّهم} مبنية على الضم لأنها خالفت أخواتها، واستعمل معها حرف الابتداء، تقول اضرب لأيّهم أفضل، يريد أيهم هو أفضل، فيحسن الاستعمال، كذلك يحذف هو، ولا يحسن. " اضرب من أفضل " حتى تقول من هو أفضل، ولا يحسن " كل ما أطيبا حتى تقول: كل ما هو أطيب.
فلما خالفت من وما والذي - لأنك لا تقول أيضا: " خذ الذي أفضل " حتى تقول هو أفضل، قال فلما خالفت هذا الخلاف بنيت على الضم في الإضافة، والنّصب حسن، وإن كنت قد حذفت " هو " لأن " هو " قد يجوز حذفها، وقد قرئت (تماما على الّذي [أحسن] وتفصيلا)
على معنى الذي هو أحسن.
قال أبو إسحاق: والذي أعتقده أن القول في هذا قول الخليل، وهو موافق للتفسير، لأن الخليل كان مذهبه أو تأويله في قوله تعالى: (ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة) الذي من أجل عتوه يقال: أي هؤلاء أشدّ عتيّا.
فيستعمل ذلك في الأشدّ فالأشد، واللّه أعلم). [معاني القرآن: 3/340]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا}
روى سفيان عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص قال يبدأ بالأكابر جرما
ومعنى هذا القول نبدأ بتعذيب أكبرهم جرما ثم الذي يليه ثم الذي يليه
قال مجاهد من كل شيعة من كل أمة عتيا أي كفرا). [معاني القرآن: 4/347]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ لنحن أعلم بالّذين هم أولى بها صليًّا} [مريم: 70] يعني الّذين يصلونها.
وقال بعضهم: أشدّ عذابًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/237]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {صليّاً} مصدر " صليت تصلى " خرج مخرج فعلت فعولاً ولا يظهرون في هذا أيضاً الواو).
[مجاز القرآن: 2/10]

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (والأعرج أيضًا {عتيا} و{جثيا} {بكيا} و{صليا} بالضم في ذلك كله). [معاني القرآن لقطرب: 888] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {صليا}: من صلى يصلى). [غريب القرآن وتفسيره: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ لنحن أعلم بالّذين هم أولى بها صليّا}
وصليّا - بالضم والكسر - على ما فسرنا، وصليا منصوب على الحال.
أي: أي ثم لنحن أعلم بالذين هم أشد على الرحمن عتيا فهم أولى بها صليّا). [معاني القرآن: 3/340]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {صَلِيًّا}: من صلى يصلي). [العمدة في غريب القرآن: 197]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن منكم إلا واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا} [مريم: 71] يعني قسمًا كائنًا.
- حدّثني يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعودٍ في قوله: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] قال: الصّراط على جهنّم مثل حدّ السّيف، والملائكة معهم كلابيب من حديدٍ، كلّما وقع رجلٌ اختطفوه، فيمرّ الصّنف الأوّل كالبرق، والثّاني كالرّيح، والثّالث كأجود الخيل، والرّابع كأجود البهائم، والملائكة يقولون: اللّهمّ سلّم سلّم.
- المعلّى، عن الأعمش، عن مجاهدٍ قال: سئل ابن عبّاسٍ وعنده نافع بن الأزرق عن قوله: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] فقال نافعٌ: أمّا الكفّار فإنّهم يردونها.
وأمّا المؤمنون فإنّهم لا يردونها.
فقال ابن عبّاسٍ وعنده إياس بن مضرّبٍ، فقال
[تفسير القرآن العظيم: 1/237]
ابن عبّاسٍ: أمّا أنا وإياسٌ فإنّا سنردها فأنظر هل نخرجنّ منها أم لا.
عثمان، عن عمرٍو، عن الحسن قال: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] إلا داخلها فيجعلها اللّه على المؤمن بردًا وسلامًا كما جعلها على إبراهيم.
- الحسن بن دينارٍ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّي لأرجو إن شاء اللّه ألا يدخل النّار من شهد بدرًا والحديبية، فقالت حفصة: بلى، فانتهرها انتهارًا شديدًا، فقالت: أليس قد قال اللّه: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] فقال النّبيّ: أوليس قد قال اللّه {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا} [مريم: 72] خالدٌ، عن الحسن، عن جابر بن عبد اللّه، عن النّبيّ نحوه.
المعلّى، عن أبانٍ، عن الحسن، عن جابرٍ، عن النّبيّ نحوه.
وأخبرني رجلٌ من أهل الكوفة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن عبيد بن عميرٍ قال: يضرب الصّراط على جهنّم كحدّ السّيف دحضٍ مزلّةٍ، فيمرّون عليه كالبرق وكالرّيح، وكانقضاض الكواكب، وكجواد الخيل، وكجواد الرّجال، والملائكة بجنبي الصّراط معهم خطاطيف كشوك السّعدان، فناجٍ سالمٌ، ومخدوشٌ ناجٍ، ومكردسٌ في النّار، والملائكة يقولون: ربّ سلّم سلّم.
- وأخبرني صاحبٌ لي، عن سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي الزّعراء، عن ابن مسعودٍ قال: يضرب الصّراط على جهنّم فيمرّ النّاس على قدر أعمالهم زمرًا: أوّلهم كلمح البرق، ثمّ كمرّ الرّيح، ثمّ كمرّ الطّير، ثمّ كأسرع البهائم، ثمّ كذلك حتّى يمرّ الرّجل سعيًا، وحتّى يمرّ الرّجل مشيًا.
وفي حديث الحسن، عن عبد اللّه بن عمرٍو: وتزلّ قدمٌ وتستمسك أخرى.
قال: عبد اللّه بن مسعودٍ: حتّى يكون آخرهم رجلٌ يتلبّط على بطنه فيقول: يا ربّ، لم
[تفسير القرآن العظيم: 1/238]
أبطأت بي؟ فيقول: لما أبطأ بك عملك). [تفسير القرآن العظيم: 1/239]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {وإن منكم إلّا واردها كان على ربّك حتما مقضيّا}

هذه آية كثير اختلاف التفسير فيها في التفسير فقال كثير من الناس إنّ الخلق جميعا يردون النّار فينجو المتقي ويترك الظالم - وكلهم يدخلها، " فقال بعضهم: قد علمنا الورود ولم نعلم الصّدور. [معاني القرآن: 3/340]
وحجة من قال بهذا القول أنه جرى ذكر الكافرين، فقال: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة أيّهم أشدّ} ثم قال بعد: {وإن منكم إلا واردها} فكأنّه على نظم ذلك الكلام عام.
ودليل من قال بهذا القول أيضا قوله {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين} ولم يقل وندخل الظالمين، وكان {نذر} و (نترك) للشيء الذي قد حصل في مكانه.
وقال قوم إن هذا إنما يعنى به المشركون خاصة، واحتجوا في هذا بأن بعضهم قرأ: {وإن منهم إلا واردها}، ويكون على مذهب هؤلاء {ثم ننجي الذين اتقوا} أي نخرج المتقين من جملة من ندخله النار.
وقال قوم: إن الخلق يردونها فتكون على المؤمن بردا وسلاما، ثم يخرج منها فيدخل الجنة فيعلم فضل النعمة لما يشاهد فيه أهل العذاب وما رأى فيه أهل النار.
وقال ابن مسعود والحسن وقتادة: إن ورودها ليس دخولها، وحجتهم في ذلك جيدة جدا من جهات: إحداهن أن العرب تقول: وردت ماء كذا ولم تدخله، وقال اللّه عزّ وجلّ:
{ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّة من النّاس يسقون} وتقول إذا بلغت البلد ولم تدخله: قد وردت بلد كذا وكذا.
قال أبو إسحاق: والحجة القاطعة في هذا القول ما قال اللّه عزّ وجلّ:{إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون * لا يسمعون حسيسها}.. فهذا - واللّه أعلم -
دليل أن أهل الحسنى لا يدخلون النار، وفي اللغة وردت بلد كذا وكذا إذا أشرفت عليه، دخلته أو لم تدخله، قال زهير:
فلمّا وردن الماء زرقا جمامه وضعن عصيّ الحاضر المتخيّم
المعنى بلغن إلى الماء، أي أقمن عليه، فالورود ههنا بالإجماع ليس بدخول، فهذه الروايات في هذه الآية، واللّه أعلم). [معاني القرآن: 3/341-342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا}
في هذه الآية خمسة أقوال:
أ- قيل ورودها دخولها لأن بعده ونذر الظالمين فيها
وإنما يقال نذر لما حصل فينجي الله الذين اتقوا ويصيرون إلى رحمته فيعرفون مقدار ما خلصوا منه لأنهم قد دخلوا النار وخلصوا منها وهذا قول ابن عباس وإسناده جيد
روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال تمارى ابن عباس ونافع الأزرق فقال نافع ليس الورود الدخول وقال ابن عباس هو الدخول أرأيت قول الله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون}
أوردوا أم لا وقوله تعالى: {وبئس الورد المورود} فأما أنا وأنت فسنردها وأرجو أن يخرجني الله منها ولا يخرجك منها لتكذيبك فقال له نافع ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته
وروى معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( من مات له ثلاثة لم يبلغوا الحنث لم تمسه النار إلا تحلة القسم))
يعني الورود
ب- وقيل يردها المؤمنون وهي جامدة
وروى سفيان عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا يا رب ألم توعدنا أنا نرد النار فيقول قد وردتموها وهي جامدة
ج- وقيل يعني القيامة
د- وقيل وإن منكم إلا واردها يراد به المشركون واستدل صاحب هذا القول بأن عمر بن الوليد روى عن عكرمة أنه قرأ {وإن منكم إلا واردها}
هـ- والقول الخامس أن ورودها بلاغها والممر بها
وروى معمر عن قتادة وإن منكم إلا واردها قال الممر بها
وروى الحسن بن مسلم عن عبيد الله بن عمير وإن منكم إلا واردها
قال حضورها
فهذه خمسة أقوال والله أعلم بما أراد إلا أنه معروف في كلام العرب أن يقال وردت كذا أي بلغته ولم أدخله قال زهير:
فلما وردن الماء زرقا جمامة = وضعن عصي الحاضر المتخيم
وقرأ أبي بن كعب ثم ننجي الذين اتقوا أي في ذلك الموضع
قال أبو جعفر وأبين ما في هذه الأقوال قول من قال وإن منكم إلا واردها إنها القيامة وقوله تعالى: {فوربك لنحشرنهم} يدل على ذكر القيامة فكنى عنها بهذا
وكذلك ذكر جهنم يدل على القيامة لأنها فيها والله جل وعز: يقول {لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} فيبعد أن يكون مع هذا دخول النار
وقرأ ابن عباس ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا). [معاني القرآن: 4/351-347]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ونذر الظّالمين فيها جثيًّا} [مريم: 72] سعيدٌ، عن قتادة قال: على ركبهم.
وقال بعضهم: جماعةً جماعةً). [تفسير القرآن العظيم: 1/239]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:03 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث يروى عن موسى بن علي بن رباح عن حبان بن أبي جبلة قال: لا أدري أرفعه أم لا؟ قال:
«من دعا دعاء الجاهلية، فهو من جُثا جهنم».
قال: واحدة الجثا جثوة وهو بضم الجيم، وهي الشيء المجموع قال طرفة بن العبد:
ترى جثوتين من تراب عليهما = صفائح صم من صفيح موصد
يصف قبرين.
فكأن معنى الحديث أنه من جماعات جهنم أي من الزمر التي تدخلها.
هذا فيمن قال: من جثا فخفف الياء.
ومن قال: جثي جهنم فشدد الياء فإنه يريد الذين يجثون على الركب، واحدها جاث وجمعه جثي -بتشديد الياء- قال الله عز وجل: {ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا}، وهذا أحب إلي من الأول). [غريب الحديث: 3/53-54]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وحدثنا هارون أن ناسا وهم الكوفيون يقرءونها: (ثمّ لننزعنّ من كل شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتياّ) وهي لغة جيدة نصبوها كما جروها حين قالوا امرر على أيهم أفضل فأجراها هؤلاء مجرى الذي إذا قلت اضرب الذي أفضل لأنك تنزل أيا ومن منزلة الذي في غير الجزاء والاستفهام). [الكتاب: 2/399]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (
وكل خليل راءني فهو قائل = من أجلك هذا هامة اليوم أو غد
...
وقوله: "راءَني" يريد "رآني"، ولكنه قلب؛ فأخر الهمزة. ونظير هذا من الكلام قسيٌّ وإنما الأصل قؤوسٌ ولما أخرَ الواوين أبدل منهما، ياءين، كما يجب في الجمع، وتقول: دلو ودلويٌّ، وعاتٍ وعتيٌّ، وإن شئت قلت: عتي ودليُّ، من أجدل الياء، فإن كان فعولٌ لواحدٍ قلت: عتو. ويجوز القلبُ، والوجه في الواحد إثبات الواوِ، كما تقولُ: مغزوٌّ ومدعوٌّ ويجوز مغزيٌّ وفي القرآن {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} وقال: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} وقال: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} والأصل مرضوةٌ لأنه من الواو، من الرضوان. ومن القلب قولهم طأمن ثم قالوا: اطمأن، فأخروا الهمزة وقدموا الميم، ومثل هذا كثيرٌ جدًا). [الكامل: 2/807] (م)

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 06:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 06:32 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 08:23 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فوربك لنحشرنهم} الآية وعيد يكون مابعده على أصعب وجوهه، والضمير في قوله: {لنحشرنهم}، عائد للكفار القائلين ما تقدم، ثم أخبر أنه يقرن بهم الشياطين المغوين لهم، وقوله: {جثيا} جمع جاث كقاعد وقعود وجالس وجلوس، وأصله: جثووا، وليس في كلام العرب واو متطرفة قبلها ضمة فوجب أن تعل، ولم يعتد ها هنا بالساكن الذي بينهما لخفته وقلة حوله فقلبت ياء فجاء جثويا، فاجتمع الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت ياء، ثم أدغمت الياء في الياء ثم كسرت الثاء للتناسب بين الكسرة والياء. وقرأ الجمهور "جثيا" و"صليا" بضم الجيم والصاد، وقرأ ابن وثاب والأعمش: "جثيا" و"صليا" بكسر الجيم والصاد. وأخبر الله تعالى أنه يحضر هؤلاء المنكرين للبعث مع الشياطين فيجثون حول جهنم، وهي قعدة الخائف الذليل على ركبتيه كالأسير ونحوه، قال قتادة: "جثيا" معناه: على ركبهم، وقال ابن زيد: الجثي شر الجلوس). [المحرر الوجيز: 6/54]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الشيعة": الفرقة المرتبطة بمذهب واحد، المتعاونة فيه، كأن بعضهم يشيع بعضا، أي ينبه منه، ومنه تشييع النار بالحطب، وهو وقدها به شيئا بعد شيء، ومنه قيل للشجاع: مشيع القلب، فأخبر الله أنه ينزع من كل شيعة أعتاها وأولاها بالعذاب فتكون تلك مقدمتها إلى النار، قال أبو الأحوص: المعنى: نبدأ بالأكابر جرما، ثم أخبر تعالى في الآية بعد أنه أعلم بمستحقي ذلك وأبصر؛ لأنه لم تخف عليه حالهم من أولها إلى آخرها.
وقرأ بعض الكوفيين، ومعاذ بن مسلم، وهارون القارئ: "أيهم" بالنصب، وقرأ الجمهور: "أيهم" بالضم، إلا أن طلحة والأعمش سكنا ميم "أيهم"، واختلف الناس في وجه رفع "أي" - فقال الخليل: رفعه على الحكاية بتقدير: الذي يقال فيه من أجل عتوه: أيهم أشد، وقرنه بقول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 6/54]
ولقد أبيت من الفتاة بمنزل فأبيت لا حرج ولا محروم
أي: فأبيت يقال في: لا حرج ولا محروم، ورجح الزجاج قول الخليل، وذكر عنه النحاس أنه غلط سيبويه في هذه المسألة، قال سيبويه: ويلزم على هذا أن يجوز: أضرب السارق الخبيث، أي الذي يقال له.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وليس بلازم؛ من حيث هذه أسماء مفردة والآية جملة، وتسلط الفعل على المفرد أعظم منه على الجملة، ومذهب سيبويه أن "أيهم" مبني على الضم؛ إذ هي أخت لـ "الذي" ولـ "ما"، وخالفتهما في جواز الإضافة فيها فأعربت لذلك، فلما حذف من صلتها ما يعود عليها ضعفت فرجعت إلى البناء، وكان التقدير: أيهم هو أشد. قال أبو علي: حذف ما الكلام مفتقر إليه فوجب البناء، وقال يونس: علق عنها الفعل فارتفعت بالابتداء، قال أبو علي: معنى ذلك أنه معمل في موضع "من كل شيعة" إلا أنه ملغى لأنه تعلق جملة، إلا أفعال الشك كظننت ونحوها مما لم يتحقق وقوعه. وقال الكسائي: لننزعن معناه: لننادين، فعومل معاملة الفعل المراد فلم يعمل في "أي"، وقال المبرد: "أيهم" متعلق بـ "شيعة" فلذلك ارتفع، والمعنى: من الذين تشايعوا أيهم أشد، كأنهم يتبارون إلى هذا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويلزمه أن يقدر مفعولا لـ "ننزعن" محذوفا.
وقرأ طلحة بن مصرف: "أيهم أكبر". و"عتيا" مصدر، أصله: عتووا، وأعل بما أعل به "جثيا"، وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: يندلق عنق من النار
[المحرر الوجيز: 6/55]
فيقول: إني أمرت بكل جبار عنيد، فتلتقطهم ... الحديث). [المحرر الوجيز: 6/56]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا}
أي: نحن في ذلك النزع لا نضع شيئا غير موضعه؛ لأننا قد أحطنا علما بكل أحد، فالأولى بصلي النار نعرفه، و"الصلي" مصدر صلي يصلى إذا باشره. قال ابن جريج: المعنى: أولى بالخلود). [المحرر الوجيز: 6/56]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} حتم، والواو تقتضيه، ويفسره قول النبي صلى الله عليه وسلم: من مات له ثلاث من الولد لم تمسه النار إلا تحلة القسم. وقرأ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وعكرمة، وجماعة: "وإن منهم" بالهاء، على إرادة الكفار.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فلا شغب في هذه القراءة.
وقالت فرقة من الجمهور القارئين "منكم": المعنى: قل لهم يا محمد، فإنما المخاطب بـ "منكم" الكفرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وتأويل هؤلاء أيضا سهل التناول.
وقال الأكثر: المخاطب العالم كله، ولا بد من ورود الجميع، واختلفوا في كيفية
[المحرر الوجيز: 6/56]
ورود المؤمنين - فقال عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وخالد بن معدان، وابن جريج، وغيرهم: ورود دخول، لكنها لا تعدو على المؤمنين، ثم يخرجهم الله منها بعد معرفتهم بحقيقة ما نجوا منه. وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في هذه المسألة لنافع بن الأزرق الخارجي: أما أنا وأنت فلا بد أن نردها، فأما أنا فينجيني الله منها، وأما أنت فما أظنه ينجيك، وقالوا: في القرآن أربعة أوراد معناها الدخول، هذا أحدها، وقوله تعالى: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار}، وقوله تعالى: {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا}، وقوله سبحانه: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون}، وقالوا: كان من دعاء بعض السلف: "اللهم أدخلني النار سالما، وأخرجني منها غانما". وروى جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الورود في هذه الآية هو الدخول. وأشفق كثير من العلماء من تحقق الورود والجهل بالصدور.
وقالت فرقة: بل هو ورود إشراف واطلاع وقرب، كما تقول: وردت الماء إذا جئته، وليس يلزم أن تدخل فيه، قالوا: وحسب المؤمنين بهذا هولا، ومنه قوله تعالى: {ولما ورد ماء مدين}.
[المحرر الوجيز: 6/57]
وروت فرقة أن الله تعالى يجعل يوم القيامة النار جامدة الأعلى كأنها هالة، فيأتي الخلق كلهم برهم وفاجرهم، فيقفون عليها، ثم تسوخ بأهلها، ويخرج المؤمنون الفائزون ولم ينلهم ضر، فقالوا: هذا هو الورود.
وروت حفصة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل النار أحد من أهل بدر والحديبية "، فقالت: فقلت: يا رسول الله، وأين قول الله تعالى: {وإن منكم إلا واردها}؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمه، ثم ننجي الذين اتقوا، ورجح الزجاج هذا القول بقوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}.
وذكر النقاش عن بعضهم أنه قال: نسخ قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} بقوله: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف، وليس هذا موضع نسخ.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ورودهم هو جوازهم على الصراط، وذلك أن الحديث الصحيح تضمن أن الصراط مضروب على جسر جهنم، فيمر الناس كالبرق الخاطف، وكالريح، وكالجواد من الخيل، على مراتب، ثم يسقط الكافر في جهنم وتأخذهم كلاليب، قالوا: فالجواز على الصراط هو الورود الذي تضمنته هذه الآية.
وقال مجاهد: ورود المؤمنين هو الحمى التي تصيبهم في دار الدنيا، وفي الحديث الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء، وفي الحديث أيضا الحمى حظ كل
[المحرر الوجيز: 6/58]
مؤمن من النار، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل مريض عاده من الحمى: إن الله يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من نار الآخرة فهذا هو الورود.
و "الحتم": الأمر المنفذ المجذوم). [المحرر الوجيز: 6/59]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "ثم" بفتح الثاء على الظرف، وقرأ ابن أبي ليلى: "ثمة" بفتح الثاء وهاء السكت، وقرأ نافع وابن كثير، وجمهور من الناس: "ننجي" بفتح النون الثانية وشد الجيم، وقرأ يحيى، والأعمش: "ننجي" بسكون النون الثانية وتخفيف الجيم، وقرأت فرقة: "نجي" بضم النون واحدة وشد جيم، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ثم" بفتح الثاء "نحي" بالحاء غير منقوطة.
و{الذين اتقوا} معناه: اتقوا الكفر. وقال بعض العلماء: لا يضيع أحد بين الإيمان والشفاعة. و"نذر" دالة على أنهم كانوا فيها، و"الظلم" هنا هو ظلم الكفر. وقد تقدم القول في قوله: " جثيا "، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما: "ثم ننجي الذين اتقوا منها ونترك الظالمين"). [المحرر الوجيز: 6/59]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:26 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:29 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {فوربّك لنحشرنّهم والشّياطين} أقسم الرّبّ، تبارك وتعالى، بنفسه الكريمة، أنّه لا بدّ أن يحشرهم جميعًا وشياطينهم الّذين كانوا يعبدون من دون اللّه، {ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيًّا}.
قال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: يعني: قعودًا كقوله: {وترى كلّ أمّةٍ جاثيةً} [الجاثية: 28].
وقال السّدّيّ في قوله: {ثمّ لنحضرنّهم حول جهنّم جثيًّا}: يعني: قيامًا، وروي عن مرّة، عن ابن مسعودٍ [مثله]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 251]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعةٍ} يعني: من كلّ أمّةٍ قاله مجاهدٌ، {أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا}.
قال الثّوريّ، عن [عليّ بن الأقمر]، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعودٍ قال: يحبس الأوّل على الآخر، حتّى إذا تكاملت العدّة، أتاهم جميعًا، ثمّ بدأ بالأكابر، فالأكابر جرمًا، وهو قوله: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا}.
وقال قتادة: {ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيًّا} قال: ثمّ لننزعنّ من أهل كلّ دينٍ قادتهم [ورؤساءهم] في الشّرّ. وكذا قال ابن جريجٍ، وغير واحدٍ من السّلف. وهذا كقوله تعالى: {حتّى إذا ادّاركوا فيها جميعًا قالت أخراهم لأولاهم ربّنا هؤلاء أضلّونا فآتهم عذابًا ضعفًا من النّار قال لكلٍّ ضعفٌ ولكن لا تعلمون وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضلٍ فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون} [الأعراف: 38، 39]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 251]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ لنحن أعلم بالّذين هم أولى بها صليًّا} ثمّ" هاهنا لعطف الخبر على الخبر، والمراد أنّه تعالى أعلم بمن يستحقّ من العباد أن يصلى بنار جهنّم ويخلّد فيها، وبمن يستحق تضعيف العذاب، كما قال في الآية المتقدّمة: {قال لكلٍّ ضعفٌ ولكن لا تعلمون}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 251-252]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن منكم إلا واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا (71) ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيًّا (72)}.
قال الإمام أحمد: حدّثنا سليمان بن حربٍ، حدّثنا خالد بن سليمان، عن كثير بن زيادٍ البرساني، عن أبي سميّة قال: اختلفنا في الورود، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمنٌ. وقال بعضهم: يدخلونها جميعًا، ثمّ ينجّي اللّه الّذين اتّقوا. فلقيت جابر بن عبد اللّه فقلت له: إنّا اختلفنا في الورود، فقال: يردونها جميعًا -وقال سليمان مرّةً يدخلونها جميعًا-وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه، وقال: صمّتا، إن لم أكن سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا يبقى برٌّ ولا فاجرٌ إلّا دخلها، فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا، كما كانت على إبراهيم، حتّى إنّ للنّار ضجيجًا من بردهم، ثمّ ينجّي اللّه الّذين اتّقوا، ويذر الظّالمين فيها جثيًّا" غريبٌ ولم يخرّجوه.
وقال الحسن بن عرفة: حدّثنا مروان بن معاوية، عن بكّار بن أبي مروان، عن خالد بن معدان قال: قال أهل الجنّة بعدما دخلوا الجنّة: ألم يعدنا ربّنا الورود على النّار؟ قال: قد مررتم عليها وهي خامدةٌ.
وقال عبد الرّزّاق، عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ قال: كان عبد اللّه بن رواحة واضعًا رأسه في حجر امرأته، فبكى، فبكت امرأته فقال ما يبكيك؟ فقالت: رأيتك تبكي فبكيت. قال: إنّي ذكرت قول اللّه عزّ وجلّ: {وإن منكم إلا واردها}، فلا أدري أنجو منها أم لا؟ وفي روايةٍ: وكان مريضًا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا ابن يمان، عن مالك بن مغول، عن أبي إسحاق: كان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال: يا ليت أمّي لم تلدني ثمّ يبكي، فقيل: ما يبكيك يا أبا ميسرة؟ فقال: أخبرنا أنّا واردوها، ولم نخبر أنّا صادرون عنها.
وقال عبد اللّه بن المبارك، عن الحسن البصريّ قال: قال رجلٌ لأخيه: هل أتاك أنّك واردٌ النّار؟ قال: نعم. قال: فهل أتاك أنّك صادرٌ عنها؟ قال: لا. قال: ففيم الضّحك؟ [قال فما رئي ضاحكًا حتى لحق بالله].
وقال عبد الرّزّاق أيضًا: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرٍو، أخبرني من سمع ابن عبّاسٍ يخاصم نافع بن الأزرق، فقال ابن عبّاسٍ: الورود الدّخول؟ فقال نافعٌ: لا فقرأ ابن عبّاسٍ: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} [الأنبياء: 98] وردوا أم لا؟ وقال: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النّار} [هودٍ: 98] أوردٌ هو أم لا؟ أمّا أنا وأنت فسندخلها، فانظر هل نخرج منها أم لا؟ وما أرى اللّه مخرجك منها بتكذيبك فضحك نافعٌ.
وروى ابن جريجٍ، عن عطاءٍ قال: قال أبو راشدٍ الحروري -وهو نافع بن الأزرق-: {لا يسمعون حسيسها} [الأنبياء: 102] فقال ابن عبّاسٍ: ويلك: أمجنونٌ أنت؟ أين قوله: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النّار} [هودٍ: 98]، {ونسوق المجرمين إلى جهنّم وردًا} [مريم: 86]، {وإن منكم إلا واردها}؟ واللّه إن كان دعاء من مضى: اللّهمّ أخرجني من النّار سالمًا، وأدخلني الجنّة غانمًا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، حدّثنا أسباطٌ، عن عبد الملك، عن عبيد اللّه، عن مجاهدٍ قال: كنت عند ابن عبّاسٍ، فأتاه رجلٌ يقال له: أبو راشدٍ، وهو نافع بن الأزرق، فقال له: يا ابن عبّاسٍ، أرأيت قول اللّه: {وإن منكم إلا واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا}؟ قال: أمّا أنا وأنت يا أبا راشدٍ فسنردها، فانظر: هل نصدر عنها أم لا.
وقال أبو داود الطّيالسيّ: قال شعبة، أخبرني عبد اللّه بن السّائب، عمّن سمع ابن عبّاسٍ يقرؤها [كذلك]: "وإن منهم إلّا واردها" يعني: الكفّار
وهكذا روى عمرو بن الوليد الشّنّي، أنّه سمع عكرمة يقرؤها كذلك: "وإن منهم إلّا واردها"، قال: وهم الظّلمة. كذلك كنّا نقرؤها. رواه ابن أبي حاتمٍ وابن جريرٍ.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وإن منكم إلا واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا} يعني: البرّ والفاجر، ألا تسمع إلى قول اللّه لفرعون: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النّار وبئس الورد المورود} {ونسوق المجرمين إلى جهنّم وردًا}، فسمّى الورود في النّار دخولًا وليس بصادرٍ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن عبد اللّه -هو ابن مسعودٍ- {وإن منكم إلا واردها} قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يرد النّاس [النّار] كلهم، ثم يصدرون عنها بأعمالهم".
ورواه التّرمذيّ عن عبد بن حميدٍ، عن عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ به. ورواه من طريق شعبة، عن السّدّيّ، عن مرّة، عن ابن مسعودٍ موقوفًا .
هكذا وقع هذا الحديث هاهنا مرفوعًا. وقد رواه أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن مرّة عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: يرد النّاس جميعًا الصّراط، وورودهم قيامهم حول النّار، ثمّ يصدرون عن الصّراط بأعمالهم، فمنهم من يمرّ مثل البرق، ومنهم من يمرّ مثل الرّيح، ومنهم من يمرّ مثل الطّير، ومنهم من يمرّ كأجود الخيل، ومنهم من يمرّ كأجود الإبل، ومنهم من يمرّ كعدو الرّجل، حتّى إنّ آخرهم مرًّا رجلٌ نوره على موضعي إبهامي قدميه، يمرّ يتكفّأ به الصّراط، والصّراط دحض مزلّة، عليه حسك كحسك القتاد، حافّتاه ملائكةٌ، معهم كلاليب من نارٍ، يختطفون بها النّاس. وذكر تمام الحديث. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا خلّاد بن أسلم، حدّثنا النّضر، حدّثنا إسرائيل، أخبرنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص عن عبد اللّه: قوله: {وإن منكم إلا واردها} قال: الصّراط على جهنّم مثل حدّ السّيف، فتمرّ الطّبقة الأولى كالبرق، والثّانية كالرّيح، والثّالثة كأجود الخيل، والرّابعة كأجود البهائم، ثمّ يمرّون والملائكة يقولون: اللّهمّ سلّم سلّم.
ولهذا شواهد في الصّحيحين وغيرهما، من رواية أنسٍ، وأبي سعيدٍ، وأبي هريرة، وجابرٍ، وغيرهم من الصّحابة رضي اللّه عنهم.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب، حدّثنا ابن عليّة عن الجريري، عن [أبي السّليل] عن غنيم بن قيسٍ قال: ذكروا ورود النّار، فقال كعبٌ: تمسك النّار للنّاس كأنّها متن إهالةٍ حتّى يستوي عليها أقدام الخلائق، برّهم وفاجرهم، ثمّ يناديها منادٍ: أن امسكي أصحابك، ودعي أصحابي، قال: فتخسف بكلّ وليٍّ لها، ولهي أعلم بهم من الرّجل بولده، ويخرج المؤمنون نديّةٌ ثيابهم. قال كعبٌ: ما بين منكبي الخازن من خزنتها مسيرة سنةٍ، مع كلّ واحدٍ منهم عمودٌ ذو شعبتين، يدفع به الدّفع فيصرع به في النّار سبعمائة ألفٍ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، عن أمّ مبشّر، عن حفصة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي لأرجو ألّا يدخل النّار -إن شاء اللّه-أحدٌ شهد بدرًا والحديبية" قالت فقلت: أليس اللّه يقول {وإن منكم إلا واردها}؟ قالت: فسمعته يقول: {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيًّا}.
وقال [الإمام] أحمد أيضًا: حدّثنا ابن إدريس، حدّثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، عن أمّ مبشّرٍ -امرأة زيد بن حارثة-قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في بيت حفصة، فقال: "لا يدخل النّار أحدٌ شهد بدرًا والحديبية" قالت حفصة: أليس اللّه يقول: {وإن منكم إلا واردها}؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا}.
وفي الصّحيحين، من حديث الزّهريّ، عن سعيدٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثةٌ من الولد تمسّه النّار، إلّا تحلّة القسم".
وقال عبد الرّزّاق: قال معمرٌ: أخبرني الزّهريّ، عن ابن المسيّب، عن أبي هريرة، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "من مات له ثلاثةٌ لم تمسّه النّار إلّا تحلّة القسم" يعني الورود.
وقال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا زمعة، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا يموت لمسلمٍ ثلاثةٌ من الولد، تمسّه النّار إلّا تحلّة القسم". قال الزّهريّ: كأنّه يريد هذه الآية: {وإن منكم إلا واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا}.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني عمران بن بكّارٍ الكلاعيّ، حدّثنا أبو المغيرة، حدّثنا عبد الرّحمن بن يزيد بن تميمٍ، حدّثنا إسماعيل بن عبيد اللّه، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعود رجلًا من أصحابه وعكًا، وأنا معه، ثمّ قال: "إنّ اللّه تعالى يقول: هي ناري أسلّطها على عبدي المؤمن؛ لتكون حظّه من النّار في الآخرة" غريبٌ ولم يخرّجوه من هذا الوجه.
وحدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا ابن يمانٍ، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ قال: الحمّى حظّ كلّ مؤمنٍ من النّار، ثمّ قرأ: "وإن منكم إلا واردها".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا زبّان بن فائدٍ، عن سهل بن معاذ بن أنسٍ الجهنيّ، عن أبيه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "من قرأ: {قل هو اللّه أحدٌ} حتّى يختمها عشر مرّاتٍ، بنى اللّه له قصرًا في الجنّة". فقال عمر: إذًا نستكثر يا رسول اللّه، فقال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم: "للّه] أكثر وأطيب".
وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من قرأ ألف آيةٍ في سبيل اللّه، كتب يوم القيامة مع النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين، وحسن أولئك رفيقًا، إن شاء اللّه. ومن حرس من وراء المسلمين في سبيل اللّه متطوّعًا لا بأجرة سلطانٍ، لم ير النّار بعينيه إلّا تحلّة القسم، قال اللّه تعالى: {وإن منكم إلا واردها} وإنّ الذّكر في سبيل [اللّه] يضعف فوق النّفقة بسبعمائة ضعفٍ". وفي روايةٍ: "بسبعمائة ألف ضعفٍ"
وروى أبو داود، عن أبي الطّاهر، عن ابن وهبٍ، عن يحيى بن أيّوب [وسعيد بن أبي أيّوب] كلاهما عن زبّان، عن سهلٍ، عن أبيه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ الصّلاة والصّيام والذّكر تضاعف على النّفقة في سبيل اللّه بسبعمائة ضعفٍ".
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر، عن قتادة قوله: {وإن منكم إلا واردها} قال: هو الممرّ عليها
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {وإن منكم إلا واردها}، قال: ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهريها، وورود المشركين: أن يدخلوها، وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "الزّالّون والزّالّات يومئذٍ كثيرٌ، وقد أحاط بالجسر يومئذٍ سماطان من الملائكة، دعاؤهم: يا أللّه سلّم سلّم".
وقال السّدّيّ، عن مرّة، عن ابن مسعودٍ في قوله: {كان على ربّك حتمًا مقضيًّا} قال: قسمًا واجبًا. وقال مجاهدٌ: [حتمًا]، قال: قضاءً. وكذا قال ابن جريجٍ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 252-256]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا} أي: إذا مرّ الخلائق كلّهم على النّار، وسقط فيها من سقط من الكفّار والعصاة ذوي المعاصي، بحسبهم، نجّى اللّه تعالى المؤمنين المتّقين منها بحسب أعمالهم. فجوازهم على الصّراط وسرعتهم بقدر أعمالهم الّتي كانت في الدّنيا، ثمّ يشفّعون في أصحاب الكبائر من المؤمنين، فيشفع الملائكة والنّبيّون والمؤمنون، فيخرجون خلقًا كثيرًا قد أكلتهم النّار، إلّا دارات وجوههم -وهي مواضع السّجود-وإخراجهم إيّاهم من النّار بحسب ما في قلوبهم من الإيمان، فيخرجون أوّلًا من كان في قلبه مثقال دينارٍ من إيمانٍ، ثمّ الّذي يليه، ثمّ الّذي يليه، [ثمّ الّذي يليه] حتّى يخرجوا من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرّةٍ من إيمانٍ ثم يخرج الله من النار من قال يومًا من الدّهر: "لا إله إلّا اللّه" وإن لم يعمل خيرًا قطّ، ولا يبقى في النّار إلّا من وجب عليه الخلود، كما وردت بذلك الأحاديث الصّحيحة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؛ ولهذا قال تعالى: {ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيًّا}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 256-257]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة