العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة إبراهيم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 11:20 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولقد أرسلنا موسى} الآية. آيات الله هي العصا، واليد، وسائر التسع. وقوله: {أن أخرج قومك}، تقديره: بأن أخرج، ويجوز أن تكون "أن" مفسرة لا موضع لها من الإعراب، وأما "الظلمات والنور" فيحتمل أن يراد بها: من الكفر إلى الإيمان، وهذا على ظاهر أمر بني إسرائيل في أنهم كانوا قبل بعث موسى
[المحرر الوجيز: 5/222]
فيهم أشياعا متفرقين في الدين ففرع مع القبط في عبادة فرعون، وكلهم على غير شيء، وهذا مذهب الطبري، وحكاه عن ابن عباس رضي الله عنهما، وإن صح أنهم كانوا على دين إبراهيم وإسرائيل ونحو هذا فالظلمات: الذل والعبودية، والنور: العزة بالدين والظهور بأمر الله تبارك وتعالى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وظاهر هذه الآية وأكثر الآيات في رسالة موسى عليه السلام أنها إنما كانت إلى بني إسرائيل خاصة في معنى الشرع لهم، وأمرهم ونهيهم بفروع الديانة، وإلى فرعون وأشراف قومه في أن ينظروا ويعتبروا في آيات موسى فيقروا بالله تعالى ويؤمنوا به وبموسى وبمعجزته، ويتحققوا نبوته، ويرسلوا معه بني إسرائيل
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا يترتب هذا منهم إلا بإيمان به.
وأما أن تكون رسالته إليهم لمعنى اتباعه والدخول في شرعه فليس هذا بظاهر القصة، ولا كشف الغيب ذلك، ألا ترى أن موسى عليه السلام خرج عنهم ببني إسرائيل فلو لم يتبع لمضى بأمته؟ وألا ترى أنه لم يدع القبط بجملتهم وإنما كان يحاور أولي الأمر؟ وأيضا فليس دعاؤه لهم على حد دعاء نوح وهود وصالح عليهم السلام- أممهم في معنى كفرهم ومعاصيهم، بل في الاهتداء والتزكي وإرسال بني إسرائيل ومما يؤيد هذا أنه لو كانت دعوته لفرعون والقبط على حدود دعوته لبني إسرائيل فلم كان يطلب بأمر الله أن يرسل معه بني إسرائيل بل كان يطلب أن يؤمن الجميع ويتشرعوا بشرعه ويستقر الأمر، وأيضا فلو كان مبعوثا إلى القبط لرده الله إليهم حين غرق فرعون وجنوده، ولكن لم يكونوا أمته له فلم يرد إليهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
واحتج من ذهب إلى أن موسى عليه السلام بعث إلى جميعهم بقوله تعالى في غير آية: {إلى فرعون وملئه}، و{إلى فرعون وقومه} والله أعلم.
[المحرر الوجيز: 5/223]
وقوله: {وذكرهم بأيام الله} الآية. أمر الله عز وجل موسى أن يعظ قومه بالتهديد بنقم الله التي أحلها بالأمم الكافرة قبلهم، وبالتعديد لنعمه عليهم في المواطن المتقدمة، وعلى غيرهم من أهل طاعته، ليكون جريهم على منهاج الذين أنعم عليهم، وهربهم من طريق الذين حلت بهم النقمات، وعبر عن النعم والنقم بالأيام إذ هي في أيام، وفي هذه العبارة تعظيم هذه الكوائن المذكر بها، ومن هذا المعنى قولهم: يوم عصيب، ويوم عبوس، ويوم بسام، وإنما الحقيقة وصف ما وقع فيه من الشدة أو السرور، وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت: أيام الله: نعمه، وعن فرقة أنها قالت: أيام الله: نقمه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولفظة "الأيام" تعم المعنيين، لأن التذكير يقع بالوجهين جميعا.
وقوله سبحانه: {لكل صبار شكور} إنما أراد: لكل مؤمن ناظر لنفسه، فأخذ من صفات المؤمن صفتين تجمعان أكثر الخصال، وتعمان أجمل الأفعال). [المحرر الوجيز: 5/224]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد وقال
[المحرر الوجيز: 5/224]
موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب}
هذا من التذكير بأيام الله في النعم، وكان يوم الإنجاء عظيما لعظم الكائن فيه، وقد تقدم تفسير هذه الآية وقصصها بما يغني عن إعادته، غير أن في هذه الآية زيادة الواو في قوله: "ويذبحون" وفي البقرة: "يذبحون" بغير واو عطف، فهناك فسر (سوء العذاب) بأنه التذبيح والاستحياء، وهنا دل بـ (سوء العذاب) على أنواع غير التذبيح والاستحياء، وعطف التذبيح والاستحياء عليها. وقرأ ابن محيصن: "ويذبحون" بفتح الياء والباء مخففة.
و"البلاء" في هذه الآية يحتمل أن يريد به المحنة، ويحتمل أن يريد به الاختبار، والمعنى متقارب). [المحرر الوجيز: 5/225]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و(تأذن) بمعنى: أذن، أي: أعلم، وهو مثل: أكرم وتكرم، وأوعد وتوعد، وهذا الإعلام منه مقترن بإنفاذ وقضاء قد سبقه، وما في "تفعل" هذه من المحاولة والشروع إذا أسندت إلى البشر منفي في جهة الله تعالى، وأما قول العرب: تعلم بمعنى: أعلم، فمرفوض الماضي على ما ذكر يعقوب، كقول الشاعر:
تعلم - أبيت اللعن ... ... ... ... ...
ونحوه.
وقال بعض العلماء: الزيادة على الشكر ليست في الدنيا، وإنما هي من نعم الآخرة، والدنيا أهون من ذلك.
[المحرر الوجيز: 5/225]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وصحيح جائز أن يكون ذلك، وأن يزيد الله تعالى المؤمن على شكره من نعم الدنيا، وأن يزيده أيضا منهما جميعا، وفي هذه الآية ترجية وتخويف، ومما يقضي بأن الشكر متضمن الإيمان أنه عادله بالكفر، وقد يحتمل أن يكون الكفر كفر النعم لا كفر الجحد، وحكى الطبري عن سفيان وعن الحسن أنهما قالا: معنى الآية: لئن شكرتم لأزيدنكم من طاعتي وضعفه الطبري، وليس كما قال، بل هو قوي حسن فتأمله،
وقوله: {لئن شكرتم} هو جواب قسم يتضمنه الكلام). [المحرر الوجيز: 5/226]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقال موسى} الآية. في هذه الآية تحقير للمخاطبين بشرط كفرهم وتوبيخ، وذلك بين في الصفتين اللتين وصف بهما نفسه تبارك وتعالى في آخر الآية، وقوله: "لغني" يتضمن تحقيرهم وعظمته. وقوله: "حميد" يتضمن توبيخهم، وذلك أنه بصفة توجب المحامد كلها دائما كذلك في ذاته لم يزل ولا يزال، فكفركم أنتم بإله هذه حاله غاية التخلف والخذلان، وفي قوله أيضا: "حميد" يتضمن أنه ذو آلاء عليكم أيها الكافرون به كان يستوجب بها حمدكم، فكفركم به مع ذلك أذهب في الضلال، وهذا توبيخ بين). [المحرر الوجيز: 5/226]

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 08:27 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 08:30 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظّلمات إلى النّور وذكّرهم بأيّام اللّه إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ (5)}
يقول تعالى: وكما أرسلناك يا محمّد وأنزلنا عليك الكتاب، لتخرج النّاس كلّهم، تدعوهم إلى الخروج من الظّلمات إلى النّور، كذلك أرسلنا موسى في بني إسرائيل بآياتنا.
قال مجاهدٌ: وهي التّسع الآيات.
{أن أخرج قومك من الظّلمات} أي: أمرناه قائلين له: {أخرج قومك من الظّلمات إلى النّور} أي: ادعهم إلى الخير، ليخرجوا من ظلمات ما كانوا فيه من الجهل والضّلال إلى نور الهدى وبصيرة الإيمان.
{وذكّرهم بأيّام اللّه} أي: بأياديه ونعمه عليهم، في إخراجه إيّاهم من أسر فرعون.
وقهره وظلمه وغشمه، وإنجائه إيّاهم من عدوهم، وفلقه لهم البحر، وتظليله إيّاهم بالغمام، وإنزاله عليهم المنّ والسّلوى، إلى غير ذلك من النّعم. قال ذلك مجاهدٌ، وقتادة، وغير واحدٍ.
وقد ورد فيه الحديث المرفوع الّذي رواه عبد اللّه بن الإمام أحمد بن حنبلٍ في مسند أبيه حيث قال: حدّثني يحيى بن عبد اللّه مولى بني هاشمٍ، حدّثنا محمّد بن أبانٍ الجعفيّ، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ [عن ابن عبّاسٍ، عن أبيّ بن كعبٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله تبارك وتعالى: {وذكّرهم بأيّام اللّه} قال: "بنعم اللّه تبارك وتعالى] ".
[ورواه ابن جريرٍ] وابن أبي حاتمٍ، من حديث محمّد بن أبانٍ، به ورواه عبد اللّه ابنه أيضًا موقوفًا وهو أشبه.
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} أي: إنّ فيما صنعنا بأوليائنا بني إسرائيل حين أنقذناهم من يد فرعون، وأنجيناهم ممّا كانوا فيه من العذاب المهين، لعبرةٌ لكلّ صبّار، أي: في الضّرّاء، شكورٌ، أي: في السّرّاء، كما قال قتادة: نعم العبد، عبدٌ إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر.
وكذا جاء في الصّحيح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّ أمر المؤمن كلّه عجب، لا يقضي اللّه له قضاءً إلّا كان خيرًا له، إن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 478]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاءٌ من ربّكم عظيمٌ (6) وإذ تأذّن ربّكم لئن شكرتم لأزيدنّكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديدٌ (7) وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإنّ اللّه لغنيٌّ حميدٌ (8)}
يقول تعالى مخبرًا عن موسى، حين ذكّر قومه بأيّام اللّه عندهم ونعمه عليهم، إذ أنجاهم من آل فرعون، وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال، حين كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم، ويتركون إناثهم فأنقذ اللّه بني إسرائيل من ذلك، وهذه نعمةٌ عظيمةٌ؛ ولهذا قال: {وفي ذلكم بلاءٌ من ربّكم عظيمٌ} أي: نعمةٌ عظيمةٌ منه عليكم في ذلك، أنتم عاجزون عن القيام بشكرها.
وقيل: وفيما كان يصنعه بكم قوم فرعون من تلك الأفاعيل {بلاءٌ} أي: اختبارٌ عظيمٌ. ويحتمل أن يكون المراد هذا وهذا، واللّه أعلم، كما قال تعالى: {وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون} [الأعراف: 168]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 479]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإذ تأذّن ربّكم} أي: آذنكم وأعلمكم بوعده لكم. ويحتمل أن يكون المعنى: وإذ أقسم ربّكم وآلى بعزّته وجلاله وكبريائه كما قال: {وإذ تأذّن ربّك ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة [من يسومهم سوء العذاب]} [الأعراف: 167].
وقوله {لئن شكرتم لأزيدنّكم} أي: لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنّكم منها، {ولئن كفرتم} أي: كفرتم النّعم وسترتموها وجحدتموها، {إنّ عذابي لشديدٌ} وذلك بسلبها عنهم، وعقابه إيّاهم على كفرها.
وقد جاء في الحديث: "إنّ العبد ليحرم الرّزق بالذّنب يصيبه".
وفي المسند: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مرّ به سائلٌ فأعطاه تمرةً، فتسخّطها ولم يقبلها، ثمّ مرّ به آخر فأعطاه إيّاها، فقبلها وقال: تمرةٌ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمر له بأربعين درهمًا، أو كما قال.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أسود، حدّثنا عمارة الصّيدلاني، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سائلٌ فأمر له بتمرةٍ فلم يأخذها -أو: وحشّ بها -قال: وأتاه آخر فأمر له بتمرةٍ، فقال: سبحان اللّه! تمرةٌ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال للجارية: "اذهبي إلى أمّ سلمة، فأعطيه الأربعين درهما التي عندها".
تفرّد به الإمام أحمد.
وعمارة بن زاذان وثّقه ابن حبّان، وأحمد، ويعقوب بن سفيان وقال ابن معينٍ: صالحٌ. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتمٍ: يكتب حديثه ولا يحتجّ به، ليس بالمتين. وقال البخاريّ: ربّما يضطرب في حديثه. وعن أحمد أيضًا أنّه قال: روي عنه أحاديث منكرةٌ. وقال أبو داود: ليس بذاك. وضعّفه الدّارقطنيّ، وقال ابن عديٍّ: لا بأس به ممّن يكتب حديثه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 479-480]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإنّ اللّه لغنيٌّ حميدٌ} أي: هو غنيٌّ عن شكر عباده، وهو الحميد المحمود، وإنّ كفره من كفره، كما قال: {إن تكفروا فإنّ اللّه غنيٌّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} [الزّمر: 7] وقال تعالى: {فكفروا وتولّوا واستغنى اللّه واللّه غنيٌّ حميدٌ} [التّغابن: 6].
وفي صحيح مسلمٍ، عن أبي ذرٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يرويه عن ربّه، عزّ وجلّ، أنّه قال: "يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم، كانوا على أتقى قلب رجلٍ منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا. يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم، كانوا على أفجر قلب رجلٍ منكم، ما نقص ذلك في ملكي شيئًا. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيدٍ واحدٍ، فسألوني، فأعطيت كلّ إنسانٍ مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر". فسبحانه وتعالى الغنيّ الحميد). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 480]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة