#101
|
|||
|
|||
![]() النوع الثاني: تناسب الحركات ومراتبها |
#102
|
|||
|
|||
![]() النوع الثالث: مناسبة أحرف الزيادة في الجملة لمعنى الكلام |
#103
|
|||
|
|||
![]() صعوبات علم التناسب بين الألفاظ والمعاني قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (صعوبات علم التناسب بين الألفاظ والمعاني الباحث في هذا العلم تعترضه صعوبات كثيرة من أبرزها:
أحدهما: الكشف عن قواعد مطّردة تتبيّن بها أصول التناسب وتطبيقاته، ولو على وجه العموم.
والآخر: الكشف عن علل عدم الاطّراد؛ فإنّ لكثير من القواعد شواذّ وموانع من استغراقها لما يندرج تحتها. ومما بُذل من الجهود المشكورة في هذا العلم في هذا العصر كتاب "تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني"، للدكتور عبد الكريم محمد حسن جبل، وهو مطبوع في جزأين، وقد حاول فيه إجراء دراسة تحليلية استقرائية للجذور الثلاثية، إلا أنّ القيود التي وضعها على مجال البحث جعلته ينحى منحى الانتقاء لا القيام بحقيقة الاستقراء، وعذره أنّ الاستقراء التامّ يُحتاج فيه إلى عمل مؤسسي يقوم عليه جماعة من الباحثين المتأهلين. ودراسته جديرة بالنظر، يمكن الاستفادة منها، والبناء عليها للوصول إلى تحقيق المراد من حسن التأصيل لهذا العلم). [طرق التفسير:286] |
#104
|
|||
|
|||
![]() فائدة معرفة تناسب الألفاظ والمعاني للمفسّر |
#105
|
|||
|
|||
![]() خاتمة الحديث عن أنواع العناية اللغوية بالألفاظ القرآنية قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (خاتمة الحديث عن أنواع العناية اللغوية بالألفاظ القرآنية الناظر في الأنواع العشرة المتقدّم ذكرها يتبيّن له ما بذله علماء هذه الأمّة من جهد كبير في العناية بالقرآن العظيم على مرّ القرون، فأقاموا سنن البحث العلمي ودراسة المعاني والألفاظ، وهذه السنن ينبغي أن تكون دائمة متنامية في الأمة، وأن تتجدد بتجدد وسائل المعرفة وإمكانات البحث العلمي. وكثير من الأعمال المبذولة في كلّ علم قد يجد المتأخر فيها مجالاً رحباً لعمل يقوم به يفيد في تقريبها وتيسيرها للمتعلّمين، ويعين على تحقيق كثير من مسائلها. وما مضى من الشرح والبيان لتلك الأنواع إنما هو على سبيل التلخيص والإيجاز، وإنما ذكرت في كلّ نوع أمثلة يسيرة؛ لتقريب تصوّر تلك العلوم، وبيان طرق بحث مسائلها، وفائدتها للمفسّر. وهذه الأنواع منها ما هو داخل في صميم التفسير اللغوي، ومنها ما هو من أنواع عناية علماء اللغة بألفاظ القرآن الكريم، وله صلة بالتفسير اللغوي من أوجه متعددة. وليس بعد فتح الباب وتمهيد الطريق إلا السير فيه بجدّ، والأخذ من تلك العلوم بحظوظ وافرة؛ فإنّ المفسّر كلما ازداد نصيبه من العلوم اللغوية وحسنت معرفته ببحث مسائلها ازداد تحقيقه لمسائل التفسير، وحَسُنَت معرفته بطرق التمييز بين الأقوال الصحيحة والخاطئة، وعرف كيف يخرّج أقوال السلف في التفسير على أصول لغوية صحيحة، وكيف يستخرج المعاني الدقيقة والأوجه التفسيرية اللطيفة، وتوسّعت معرفته بطرق الإبانة عنها. وأسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد، والقبول والرشاد). [طرق التفسير:290 - 291] |
#106
|
|||
|
|||
![]() الباب التاسع:طرق التفسير اللغوي طرق التفسير اللغويقال عبد العزيز بن داخل المطيري: (طرق التفسير اللغوي للعلماء طريقان في التفسير اللغوي: الطريق الأول: طريق النقل عن العرب أو عن علماء اللغة المتقدّمين؛ فيذكرون القول عنهم في المسألة اللغوية، ومنهم من لا يجتهد في تفسير القرآن، وإنما يكتفي بذكر ما يعرفه عن العرب في تلك المسألة. وقد اشتهر عن جماعة من علماء اللغة المتقدّمين أنهم يتهيّبون تفسير القرآن مع سعة علمهم بلسان العرب، وكثرة ما حفظوه من أخبارهم وأشعارهم، ومعرفتهم بأوجه الإعراب والاشتقاق؛ فكانوا إذا سئلوا عن شيء من التفسير أو شرح الحديث ذكروا ما يعرفون من كلام العرب، وتوقّفوا عن التفسير ما لم يكن ظاهراً لهم بيّنا؛ كما يُذكر ذلك عن يونس بن حبيب الضبّي، والأصمعي وغيرهما. قال أبو منصور الأزهري (370هـ) : (قال محمد بن سلام: سألت يونس عن هذه الآية [يريد {لأحتنكنّ ذريّته}] فقال: يقال: كان في الأرض كلأ فاحتنكه الجراد، أي: أتى عليه. ويقول أحدهم: لم أجد لجاماً فاحتنكتُ دابّتي، أي: ألقيت في حِنْكِها حَبْلاً وقُدْتها به). فذكر المعنيين عن العرب، وتورع عن تفسير الآية بأي منهما. وهذه الآية قد اختلف فيها العلماء على القولين المذكورين: أ: فمن العلماء من اختار المعنى الأول؛ كما فعل الخليل بن أحمد، والبخاري، وابن فارس، وابن سيده، وهو رواية عن مجاهد؛ قال: (لأحتوينهم). قال البخاري: ( {لأَحْتَنِكَنَّ} لأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ، يُقَالُ: احْتَنَكَ فُلاَنٌ مَا عِنْدَ فُلاَنٍ مِنْ عِلْمٍ اسْتَقْصَاهُ). ب: ومنهم من اختار المعنى الثاني كما فعل ابن عطية، وابن عاشور، والشنقيطي، وهو الرواية الأخرى عن مجاهد، قال: (شبْه الزّناق)، والزناق هو ما تُحتنك به الدابّة فتُزنَق به. قال محمد الأمين الشنقيطي (ت:1393هـ) : (الذي يظهر لي في معنى الآية - أن المراد بقوله: {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} أي: لأقودنهم إلى ما أشاء، من قول العرب : احتنكتُ الفرَسَ: إذا جعلت الرسن في حنكه لتقوده حيث شئت)ا.هـ.. ج: ومنهم من حكى القولين ولم يرجّح كما فعل يونس بن حبيب، وابن السكّيت، وابن قتيبة، والراغب الأصفهاني، والبغوي، وابن الجوزي، وأبو حيان، وغيرهم. د: ومنهم من اختار الجمع بين المعنيين، وذهب إلى صحّة حمل معنى الآية عليهما، كما ذهب إلى ذلك أبو عبيدة والأخفش وابن جرير والواحدي. هـ: ومن العلماء من فسّر الآية بلازم معناها؛ كما فعل عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأبو الليث السمرقندي، وابن كثير. قال عبد الرحمن بن زيد: في قوله {لأحتنكنّ ذرّيّته إلاّ قليلاً} قال: لأضلّنّهم). رواه ابن وهب وابن جرير. وقال أبو الليث السمرقندي: ({لأحتنكنّ ذريّته}: أي: لأستزلنَّ ذريّته). وهذا بيان للازم المعنى، وليس تفسيراً للفظ. وروي عن ابن عبّاس أنه قال في تفسير {لأحتنكنّ} يقول: لأستولينّ. رواه ابن جرير بإسناد منقطع، وهو منسبك مع المعنيين؛ لأنّ الاستيلاء فيه معنى الاحتواء والاستحواذ، وفيه معنى التمكّن والتملّك؛ فهو تفسير ينتظم المعنيين، ولم يزد الفراء عليه. والمقصود أنّ يونس بن حبيب لمّا سُئل عن معنى الآية ذكر ما يعرفه من معاني الاحتناك في لغة العرب، وتهيّب القول في التفسير، وقد نُقل هذا المنهج عن غيره. قال نصر بن علي الجهضمي: (كان الأصمعي يتقي أن يفسّر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يتقي أن يفسّر القرآن). والمقصود أنّ من طرق التفسير اللغوي نقل كلام العرب في معاني المفردات والأساليب الوارد نظيرها في القرآن، وما يتّصل ببيان المعنى القرآني من كلام العرب. وللعلماء طرق ومناهج في نقل كلام العرب، وتمييز مراتب الرواة عن العرب، وأحكام المرويات اللغوية وعللها، وفي كلّ ذلك كلام كثير يُبحث في مظانّه. والطريق الثاني: الاجتهاد وكان من علماء اللغة من يجتهد في فقه كلام العرب وأساليب تخاطبهم، فيجمع ويوازن، ويقيس ويستنتج، ويستخرج العلل، ويستنبط المعاني وأحكام الكلام، ويحفظ الشواهد وينقدها، ويقرر الحجج اللغوية ويرتّبها، ويُباحث العلماء ويناظرهم؛ حتى يقع له علم كثير بالقياس يضيفه إلى ما ثبت لديه بالسماع. واجتهاد العلماء في التفسير اللغوي فرع عن اجتهادهم في فقه كلام العرب وتفسير ما يروى من خطبهم وأشعارهم وأمثالهم. ومما يجتهدون فيه ما يقع الاتفاق عليه، وهو كثير في مسائل التفسير اللغوي، ومنه ما يختلفون فيه؛ فما أجمعوا عليه فهو حجّة لغوية مقبولة، وما اختلفوا فيه فينظر في نوع خلافهم ويُرجّح بين أقوالهم إذا لم يمكن الجمع بينها، غير أنّه ينبغي التنبّه إلى أمرين: أحدهما: أنه ليس كلّ ما تحتمله اللفظة من المعاني يقبل في التفسير؛ فالمعاني اللغوية وإن ثبتت بطريق صحيح من نقل ثابت أو قياس صحيح فلا تقتضي أن تفسر الآية بها؛ ذلك أن التفسير بالاحتمال اللغوي لمعنى اللفظة إذا عارض ما هو أولى منه فإنه يُرَدّ، وردّ بعض الاحتمالات اللغوية يرجع غالباً إلى ثلاثة أسباب: 1. أن يقوم دليل من القرآن أو السنة أو الإجماع على تخصيص أحد الاحتمالات اللغوية في تفسير الآية؛ فحينئذ لا يجوز تفسير الآية بغيره من الاحتمالات وإن كانت صحيحة الإطلاق من جهة اللغة. 2. أن يعارض الاحتمال اللغوي دليلاً صحيحاً من كتاب أو سنّة أو إجماع. 3. أن لا يلتئم الاحتمال اللغوي لمعنى اللفظة عند إفرادها مع السياق ولا مناسبة الآية ولا مقصدها. والأمر الآخر: أن التفسير اللغوي منه ما هو محلّ إجماع، ومنه ما هو محلّ خلاف واجتهاد، وقد يقع الخطأ والاختلاف في التفسير اللغوي كما هو واقع في غيره من العلوم، لكن لا يُمكن أن يقع تعارض بين قول مجمع عليه عند أهل اللغة وبين قول متفق عليه عند السلف). [طرق التفسير:293 - 297] |
#107
|
|||
|
|||
![]() موارد الاجتهاد في التفسير اللغوي قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (موارد الاجتهاد في التفسير اللغوي اجتهاد العلماء في التفسير اللغوي له موارد ومداخل منها: 1: الاجتهاد في ثبوت السماع عن العرب من عدمه، وذلك أن لإثبات السماع طرق ومراتب منها ما هو محلّ اتّفاق، ومنها ما اختُلف فيه، وللنقل علل وآفات يقع الاجتهاد في اكتشافها وقبولها وردّها، وينبني على هذا الاجتهاد ما ينبني من الأحكام اللغوية المترتبة على الاجتهاد في ثبوت السماع. 2: الاجتهاد في صحة القياس اللغوي. 3: الاجتهاد في توجيه القراءات، وهو من الموارد التي كثر اجتهاد المجتهدين اللغويين فيها. 4: الاجتهاد في إعراب القرآن، واجتهادهم فيه كثير معروف، وأثره على المعنى وترتّبه عليه ظاهر بيّن. 5: الاجتهاد في تلمّس العلل البيانية، وهو أمر يختلف فيه اجتهاد المجتهدين، ويتفاوتون في مراتبه تفاوتا كبيراً. 6: الاجتهاد في تصريف بعض المفردات القرآنية، وقد تقدّم ذكر بعض الأمثلة على ذلك. 7: الاجتهاد في بيان اشتقاق بعض المفردات القرآنية. 8: الاجتهاد في اكتشاف الأنواع البديعية والبيان عنها. 9: الاجتهاد في البيان عن تناسب الألفاظ والمعاني القرآنية. 10: الاجتهاد في التخريج اللغوي لأقوال المفسّرين. وهذه الموارد تبيّن سعة مجال الاجتهاد اللغوي في التفسير). [طرق التفسير:297 - 298] |
#108
|
|||
|
|||
![]() الانحراف في التفسير اللغوي |
#109
|
|||
|
|||
![]() الباب العاشر:الاجتهاد في التفسير الاجتهاد في التفسير قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الاجتهاد في التفسير من طرق التفسير التي يحتاج إليها المفسّر الاجتهاد في التفسير؛ وهو من الطرق المشروعة المعتبرة إذا قام به من هو أهل لذلك، ولم يتعدّ حدود الله تعالى في اجتهاده. ويُرجى للمجتهد المتّقي التوفيق للصواب؛ ومضاعفة الثواب؛ فيثاب على اجتهاده، ويثاب على إصابته؛ وإن أخطأ من غير تعدٍّ ولا تفريط رُجيت له المغفرة والإثابة على اجتهاده لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر » متّفق عليه من حديث بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فتبين أن المجتهد مع خطئه له أجر؛ وذلك لأجل اجتهاده، وخطؤه مغفور له؛ لأن دَرْكَ الصواب في جميع أعيان الأحكام؛ إمَّا متعذر أو متعسّر، وقد قال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} وقال تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه عام الخندق: « لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة » فأدركتهم صلاة العصر في الطريق؛ فقال بعضهم: لا نصلي إلا في بني قريظة، وقال بعضهم: لم يُرِدْ منَّا هذا؛ فصَلَّوا في الطريق؛ فلم يعب واحدةً من الطائفتين)ا.هـ. ومن حكمة الله تعالى أن فَسَح للاجتهاد مجالاً رحباً يحمل المجتهد على التفكّر والتدبّر، وإمعان النظر، لفهم المعنى، وإدراك المقصد، واستنباط الحكم. وجعل له حدوداً من تعدّاها كان خاطئاً آثماً، ومن لم يتعدّ حدود الله من أهل الاجتهاد ولم يوفّق للإصابة كان مخطئاً معذوراً، ومن أصاب منهم كان موفّقاً مأجوراً. والاجتهاد في التفسير مجال رحب للإبانة عن معاني القرآن، وذلك من دلائل بَرَكَةِ معاني القُرآن وكثرتها واتّساعها، فلا يحيط بها عِلْمُ عالم من البشر، بل ربما قرأ الآيةَ الواحدةَ جماعةٌ من العلماءِ الأذكياءِ فظهر لكل واحد منهم من المعاني ودلائلها ما خفي على غيره. ومن دلائل ذلك كثرة المصنفات في التفسير والرسائل المفردة في بعض الآيات والمسائل، واستدراك العلماء بعضهم على بعض؛ حتى غدا التفاوتُ في معرفة معاني القرآن وسبل الاهتداء إليها تفاوتاً كبيراً بيّناً. قال أبو جحيفة السَّوائيّ رضي الله عنه: قلت لعلي رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟ قال: «لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما أعلمه إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن، وما في هذه الصحيفة»، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: «العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر». رواه البخاري. والفهم في القرآن من ثمرات الاجتهاد في تدبّر آياته والتفكّر في معانيه، والتبصّر بدلائله، واستعمال أدوات الاجتهاد الصحيحة للوصول إلى المعاني واستخراجها بأنواع من الدلالات المعتبرة لدى أهل العلم). [طرق التفسير:301 - 302] |
#110
|
|||
|
|||
![]() الاجتهاد سُنّة لمن تأهّل له |
#111
|
|||
|
|||
![]() مراتب دلالات طرق التفسير |
#112
|
|||
|
|||
![]() موارد الاجتهاد في التفسير |
#113
|
|||
|
|||
![]() شروط الاجتهاد المعتبر في التفسير |
#114
|
|||
|
|||
![]() الاجتهاد غير المعتبر في التفسير |
#115
|
|||
|
|||
![]() أنواع التفسير بالرأي |
#116
|
|||
|
|||
![]() الباب الحادي عشر:التحذير من القول في القرآن بغير علم خطر القول في القرآن بغير علم قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (خطر القول في القرآن بغير علم يجب على المسلمين عامة وعلى طلاب علم التفسير خاصّة أن يحذروا أشدّ الحذر من القول في القرآن بغير علم، فإنّ المتكلم في معاني القرآن إنما يتكلم في بيان مراد الله تعالى بكلامه؛ فإن تكلّم في التفسير بما لا علم له به؛ فقد كذب على الله، وقال عليه ما لا يعلم، وقفا ما ليس له به علم؛ وهذه ذنوب عظيمة، وآثام كبيرة يجرّها على نفسه، ويضلّ بها الناس عن هدى الله؛ فيحمل من أوزار الذين يضلّهم بغير علم إلى وزره، وقد اشتدّ الوعيد على من فعل ذلك في نصوص الكتاب والسنّة:
واللام في {ليضل} فُسّرت بالتعليل وبالعاقبة، فالمتكلّم في التفسير بغير علم واقع في المحذور حقيقة أو حكماً؛ لأن ما يقوله من القول الباطل على الله يصدّ عن مراد الله ويضلّ الناس عن الهدى، وهو بهذا العمل القبيح ظالم لهم وظالم لنفسه، وهو أشدّ ظلماً وأشنع جرماً ممن يضلّ الأعمى عن الطريق؛ لإنّ إضلال الأعمى عن الطريق إنما قصاراه أن يهلك به الأعمى في الدنيا أو تصيبه آفة في جسده وأمّا الذي يضلّ بسبب القائل في كتاب الله ودينه بغير علم فمصيبته في دينه، وهي أعظم المصائب؛ لأنها قد تدخله النار أو تكون سبباً في عذاب أليم يصيبه في الدنيا أو باباً لشرّ أعظم وفتنة أشدّ؛ وكم من مفتون بفهم خاطئ ارتكب بسبب فهمه جريمة وهو يظنّ أنه يتقرّب بها إلى الله.
|
#117
|
|||
|
|||
![]() تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من القول في القرآن بغير علم |
#118
|
|||
|
|||
![]() تنبيه: |
#119
|
|||
|
|||
![]() تحذير الصحابة رضي الله عنهم من القول في القرآن بغير علم |
#120
|
|||
|
|||
![]() تحرّج السلف رضي الله عنهم من القول في القرآن بغير علم |
#121
|
|||
|
|||
![]() الفرق بين القول في القرآن بغير علم وبين الاجتهاد في التفسير |
#122
|
|||
|
|||
![]() أصناف القائلين في القرآن بغير علم: الصنف الرابع: المتكلّفون الذين يقفون ما ليس لهم به علم، ويقولون في تفسير كلام الله بما لا دليل عليه، ولا حاجة تستدعي الاجتهاد فيه، وإنما يتكلّفون تقحّم تلك المسائل من غير حاجة ولا حُجَّة، ولا يستفيدون بتكلفهم علماً صحيحاً، ولا عملا صالحاً. وقد قال الله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86)} وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والعلم إما نقل مصدَّق عن معصوم، وإما قول عليه دليل معلوم، وما سوى هذا؛ فإما مزيف مردود، وإما موقوف لا يُعلم أنه بهرج ولا منقود)ا.هـ. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (لا أسألكم على القرآن أجرا تعطوني شيئا، وما أنا من المتكلفين أتخرص وأتكلف ما لم يأمرني الله به). رواه ابن جرير. وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: كنا عند عمر فقال: (نُهينا عن التكلف) رواه البخاري. وروي نحوه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه. وقال مسروق بن الأجدع: دخلنا على عبد الله بن مسعود فقال: (يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}). رواه البخاري. وسبب قوله هذا أنه بلغه قول في مسألة في التفسير؛ فأرشد من بلغه علم صحيح أن يقول به، ومن لم يبلغه علم فلا يتكلّف ما لا علم له به. ومن التكلف في التفسير أن يقول المرء فيه ما لا مدخل للاجتهاد فيه، ولا دليل عليه، وما هو خلاف مقصود إنزال القرآن، وقد تكلّف متكلفون في مسائل التفسير وعلوم القرآن الكريم؛ فكان ما أثاروه من مسائل تكلفوا فيها من أسباب شيوع بعض الأقوال الخاطئة في التفسير، والافتتان بعض الأهواء. وقد نبّه جماعة من أئمة المفسرين على تكلّف بعض المتكلفين في التفسير، وبيّنوا أخطاءهم. وقد قيل: لو سكت من لا يعلم لقلّ الخلاف. والتكلف مذموم، لأنّ المتكلف يضع نفسه في موضع لم يُكلّف به، وإنما تكلّفه هو من تلقاء نفسه، وقد نُهي عن التكلّف، فيخذل ويوكل إلى نفسه، فيعرّضها للقول في القرآن بغير علم، وإثارة الشُّبه واللغط، فيأثم من حيث كان يحتسب الأجر، ويخفض نفسه من حيث أراد رفعتها، وإنما أعنت نفسه في غير منفعة ولا أجر. ولذلك اشتدّ حذر السلف الصالح من التكلّف في التفسير، وسلكوا في التفسير سبيل العلم المنقول الصحيح، أو الاجتهاد في موارده الصحيح الصنف الخامس: المتعالمون المتشبّعون بما لم يُعطوا والمتعالمون خطرهم على الأمّة عظيم، وضررهم كبير، لأنّهم يُظهرون أنفسهم في مظهر العلماء، ويتكلمون بلسانهم، ويستعملون شيئاً من أدواتهم، ويتكلّمون بالغرائب وما يدهش الناس ويبهرهم لفتا لأنظارهم وجذباً لاهتمامهم، حتى يصدّروا أنفسهم ويصدّرهم من يغترّ بهم؛ فيظنّهم العامّة علماء؛ فتروج أقاويلهم وأكاذيبهم . ومن المتعالمين من يؤتى جدلاً وذكاء وتصرفاً في الكلام، وربما كان واعظاً ومتحدّثا بارعاً؛ لكنَّ وعظَه وعظٌ على جهل وخطأ، فلا يميّز فيه بين صحيح وضعيف، ولا بين موافق للمقاصد الشرعية ولا مخالف لها، ولا يتورّع عن القول في القرآن وتفسيره بغير علم ولا تثبّت ولا سؤال لأهل العلم. والمتعالمون في التفسير كثير، وبليّة الأمّة بهم عظيمة، لأنّهم يصرفون من يصدّقهم عن اتباع الهدى الذي جاءت به الآيات إلى غرائب ومناكير وربما بدع وضلالات، لا تدلّ عليها الآيات التي يفسّرها، ويغيب عنه وعن من يصدّقه مخالفة تلك الغرائب للأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة، ولقواعد الشريعة العامة، ولمنهج أهل العلم في التلقي والاستدلال. ومن الغرائب الحديثة في هذا الزمن دعوى أحد المتعالمين في التفسير ممن لا يبالي بالسنة ولا أقوال العلماء، وإنما يفسّر القرآن برأيه المجرد وما يتّفق له من التلفيقات التي يغرّ بها العامّة ومن لا معرفة له بالتفسير. فدعا في بعض غرائبه إلى التعبّد بالصمت ثلاثة أيام لاكتساب "طاقة الصمت" ، وزعم أنّ هذه الطاقة لها أثر مجرّب على كثيرين، واستدلّ بقصة صمت زكريا عليه السلام المذكور في قول الله تعالى: {قال آيتك ألا تكلّم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا} !! والتعبد بالصمت بدعة، وقد نهى عنه النبي ﷺ، ففي سنن أبي داوود ومعجم الطبراني وسنن البيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يُتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل ». وروى عبد الرزاق نحوه عن جابر مرفوعاً. قال أبو سليمان الخطابي: (كان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات ، وكان الواحد منهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت ولا ينطق فنهوا عن ذلك وأمروا بالذكر والنطق بالخير)ا.هـ. وصمت زكريا عليه السلام لم يكن اختيارياً ولم يكن عن مطلق الكلام ، وإنما كان عن مخاطبة الناس، وهي آية جُعلت له بأنه لا يستطيع أن يكلّم الناس ثلاثة أيام وهو سوي صحيح من غير آفة تصيبه كما قال الله تعالى: {آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا}. قال مجاهد: (صحيحا لا يمنعك من الكلام مرض). وقال عبد الرحمن بن زيد: (حبس لسانه، فكان لا يستطيع أن يكلم أحدا، وهو في ذلك يسبح، ويقرأ التوراة ويقرأ الإنجيل، فإذا أراد كلام الناس لم يستطع أن يكلمهم)ا.هـ. و(لا) في (ألا تكلم) نافية، وليست ناهية. وقد ذكر ابن تيمية في مواضع من كتبه أن من طرق الصوفية وبدعهم في رياضة النفوس الصمتُ أياماً. فانظروا كيف أدّى قول هذا المتعالم في القرآن بغير علم إلى تلبيس اغترّ به كثيرون، وسعوا في نشر قوله معجبين به، ومنهم من تعبّد بهذه البدعة اتباعا لقوله وتصديقاً له، حتى رأيت بعض من تخرّج في كليات شرعية معجباً بقوله هذا، مشاركاً في نشره، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً. ثم فسّر في مجلسه ذلك قول الله تعالى: {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام} بأنه إرشاد لمن خرج من بيته أو أي مكان أن يلتفت إلى القبلة التفاتة يسيرة ثم يذهب لشأنه، وزعم أن هذه الالتفاتة تكسبه طاقة هائلة وسعادة غامرة، وأن الآية أرشدت إليها!! وهذا القول المبتدع في تفسيرالآية قد يغرّ من لا يعرف تفسيرها؛ فيقع في البدع والضلالات، وسوء فهم معنى الآية. والعجيب أنه يذكر في المجلس الواحد عدداً من الأقوال الخاطئة المبتدعة والاستدلالات الغريبة المستنكرة وهو مسترسل كأنما يقرأ من ورقة؛ فقد يغترّ بأقواله من لا معرفة له بالتفسير من براعته في الحديث واسترساله وتلبيسه. والمتعالم متكلّف لكن التفريق بين الصنفين تفريق أنواع، لأنّ التكلّف قد يقع من بعض المعروفين بالعلم في بعض المسائل، وهو خطأ مذموم. الصنف السادس: الجُهَّال الذين لا يتورّعون عن القول في القرآن وتفسيره بغير علم تخرّصا منهم وتعجلاً وجهلاً. وهذا أمر ملاحظ على بعض العامّة هداهم الله؛ يُسأل أحدهم عن معنى الآية؛ فيستنكف أن يقول: لا أدري، ويقول في الآية بما يتفق له، ومنهم من يجرّه الحديث إلى آية فيتكلّم في تفسيرها بظنّه وتخرصه، وقد يكون رجلاً له قدره عند أهل ذلك المجلس فيعتقدون صحّة قوله. وقد حدثنا شيخنا ابن عثيمين رحمه الله أنّ رجلا سمّى ابنه "نكتل"، وزعم أنّه اسم مذكور في القرآن؛ واستدل لذلك بقول الله تعالى: {قَالُوا يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)}. وينبغي لطالب العلم أن ينكر القول في القرآن بغير علم، وإذا رأى من أحد جسارة على القول في القرآن بغير علم أن يعظه، ويذكّره بالله، وبخطر الجراءة على تفسير كلامه، وإذا تبيّن له أنّه جاهل إنما أخطأ عن جهل لا تعصّب لباطل ولا اتّباع لهوى؛ فليتلطّف له في البيان، ويبصّره بخطئه، ويرشده إلى الصواب. اللهم اغفر لنا ذنوبنا وخطايانا، وتجاوز عنا ما كان من خطأ وزلل، وأدخلنا في رحمتك، وأنت أرحم الراحمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين). [طرق التفسير:339 - 349] |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|