تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق قال بوأهم الله تعالى الشام وبيت المقدس). [تفسير عبد الرزاق: 1/297]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد بوّأنا بني إسرائيل مبوّأ صدقٍ ورزقناهم من الطّيّبات فما اختلفوا حتّى جاءهم العلم إنّ ربّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}.
يقول تعالى ذكره: ولقد أنزلنا بني إسرائيل منازل صدقٍ. قيل: عنى بذلك الشّأم وبيت المقدس. وقيل: عنى به الشّام ومصر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، وأبو خالدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {مبوّأ صدقٍ} قال: منازل صدقٍ: مصر والشّام.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {مبوّأ صدقٍ} قال: بوّأهم اللّه الشّام وبيت المقدس.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {ولقد بوّأنا بني إسرائيل مبوّأ صدقٍ} الشّام. وقرأ: {إلى الأرض الّتي باركنا فيها للعالمين}.
وقوله: {ورزقناهم من الطّيّبات} يقول: ورزقنا بني إسرائيل من حلال الرّزق وهو الطّيّب.
وقوله: {فما اختلفوا حتّى جاءهم العلم} يقول جلّ ثناؤه: فما اختلف هؤلاء الّذين فعلنا بهم هذا الفعل من بني إسرائيل، حتّى جاءهم ما كانوا به عالمين؛ وذلك أنّهم كانوا قبل أن يبعث محمّدٌ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مجمعين على نبوّة محمّدٍ والإقرار به وبمبعثه غير مختلفين فيه بالنّعت الّذي كانوا يجدونه مكتوبًا عندهم، فلمّا جاءهم ما عرفوا كفر به بعضهم وآمن به من بعضهم، والمؤمنون به منهم كانوا عددًا قليلاً، فذلك قوله: {فما اختلفوا حتّى جاءهم العلم} ومعناه حتّى جاءهم المعلوم الّذي كانوا يعلمونه نبيًّا للّه، فوضع العلم مكان المعلوم.
وكان بعضهم يتأوّل العلم ههنا كتاب اللّه ووحيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فما اختلفوا حتّى جاءهم العلم} قال: العلم: كتاب اللّه الّذي أنزله وأمره الّذي أمرهم به، وهل اختلفوا حتّى جاءهم العلم بغيًا بينهم أهل الأهواء، هل اقتتلوا إلاّ على البغي؟ قال: والبغي وجهان: وجه النّفاسة في الدّنيا ومن اقتتل عليها من أهلها، وبغيٌ في العلم يرى هذا جاهلاً مخطئًا ويرى نفسه مصيبًا عالمًا، فيبغي بإصابته وعلمه على هذا المخطئ.
وقوله: {إنّ ربّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ ربّك يا محمّد يقضي بين المختلفين من بني إسرائيل فيك يوم القيامة فيما كانوا فيه من أمري في الدّنيا يختلفون، بأن يدخل المكذّبين بك منهم النّار، والمؤمنين بك منهم الجنّة. فذلك قضاؤه يومئذٍ فيما كانوا يختلفون من أمر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 12/283-285]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد بوّأنا بني إسرائيل مبوّأ صدقٍ ورزقناهم من الطّيّبات فما اختلفوا حتّى جاءهم العلم إنّ ربّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (93)
قوله تعالى: ولقد بوّأنا بني إسرائيل مبوّأ صدقٍ
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ عن قتادة مبوّأ صدقٍ قال: بوّأهم اللّه الشّام وبيت المقدس.
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا مروان الفزاريّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قوله: مبوّأ صدقٍ قال: منازل صدقٍ مصر والشّام.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال:
سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: ولقد بوّأنا بني إسرائيل مبوّأ صدقٍ قال: الشّام وقرأ: الأرض الّتي باركنا فيها للعالمين.
قوله تعالى: ورزقناهم من الطّيّبات الآية
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: الطّيّبات قال: الطّيّبات: ما أحل لهم من كلّ شيءٍ أن يصيبوه وهو الحلال من الرّزق). [تفسير القرآن العظيم: 6/1985]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 93.
أخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه في وقه {ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق} قال: بؤأهم الله الشام وبيت المقدس.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في وقوله {مبوأ صدق} قال: منازل صدق مصر والشام
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {فما اختلفوا حتى جاءهم العلم} قال: العلم كتاب الله الذي أنزله وأمره الذي أمرهم به). [الدر المنثور: 7/702-703]
تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فإن كنت في شك مما أنزلنا فسأل الذين يقرءون الكتب قال بلغنا أن النبي قال لا أشك ولا أسأل). [تفسير عبد الرزاق: 1/298]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (94) : قوله تعالى: {فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبيرٍ - في قوله: {فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك} - قال: ما شك ولا سأل.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، ومنصورٍ، عن الحسن، قالا : لم يشكّ ولم يسأل). [سنن سعيد بن منصور: 5/332-333]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحقّ من رّبّك فلا تكوننّ من الممترين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فإن كنت يا محمّد في شكٍّ من حقيقة ما أخبرناك وأنزل إليك من أنّ بني إسرائيل لم يختلفوا في نبوّتك قبل أن تبعث رسولاً إلى خلقه، لأنّهم يجدونك عندهم مكتوبًا ويعرفونك بالصّفة الّتي أنت بها موصوفٌ في كتابهم في التّوراة والإنجيل؛ فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك من أهل التّوراة والإنجيل كعبد اللّه بن سلام ونحوه من أهل الصّدق والإيمان بك منهم دون أهل الكذب والكفر بك منهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ، في قوله: {فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك} قال: التّوراة والإنجيل الّذين أدركوا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل الكتاب فآمنوا به، يقول: فاسألهم إن كنت في شكٍّ بأنّك مكتوبٌ عندهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله تعالى: {فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك} قال: هو عبد اللّه بن سلامٍ، كان من أهل الكتاب فآمن برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك} قال: هم أهل الكتاب.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: {فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك} يعني أهل التّقوى وأهل الإيمان من أهل الكتاب، ممّن أدرك نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
فإن قال قائلٌ: أوكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في شكٍّ من خبر اللّه أنّه حقٌّ يقينٌ حتّى قيل له: {فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك}؟
قيل: لا، وكذلك قال جماعةٌ من أهل العلم.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك} فقال: لم يشكّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ولم يسأل.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا سويد بن عمرٍو، عن أبي عوانة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك} قال: ما شكّ وما سأل.
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، ومنصورٍ، عن الحسن، في هذه الآية، قال: لم يشكّ صلّى اللّه عليه وسلّم ولم يسأل.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك} ذكر لنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لا أشكّ ولا أسأل.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك} قال: بلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لا أشكّ ولا أسأل.
فإن قال: فما وجه مخرج هذا الكلام إذن إن كان الأمر على ما وصفت؟
قيل: قد بيّنّا في غير موضعٍ من كتابنا هذا استجازة العرب قول القائل منهم لمملوكه: إن كنت مملوكي فانته إلى أمري؛ والعبد المأمور بذلك لا يشكّ سيّده القائل له ذلك أنّه عبده. كذلك قول الرّجل منهم لابنه: إن كنت ابني فبرّني؛ وهو لا يشكّ في ابنه أنّه ابنه، وأنّ ذلك من كلامهم صحيحٌ مستفيضٌ فيهم، وذكرنا ذلك بشواهدٍ، وأنّ منه قول اللّه تعالى: {وإذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون اللّه} وقد علم جلّ ثناؤه أنّ عيسى لم يقل ذلك. وهذا من ذلك، لم يكن صلّى اللّه عليه وسلّم شاكًّا في حقيقة خبر اللّه وصحّته، واللّه تعالى بذلك من أمره كان عالمًا، ولكنّه جلّ ثناؤه خاطبه خطاب قومه بعضهم بعضًا، إذ كان القرآن بلسانهم نزل.
وأمّا قوله: {لقد جاءك الحقّ من ربّك} الآية، فهو خبرٌ من اللّه مبتدأٌ، يقول تعالى ذكره: أقسم لقد جاءك الحقّ اليقين من الخبر بأنّك للّه رسولٌ، وأنّ هؤلاء اليهود والنّصارى يعلمون صحّة ذلك، ويجدون نعتك عندهم في كتبهم. {فلا تكوننّ من الممترين} يقول: فلا تكوننّ من الشّاكين في صحّة ذلك وحقيقته.
ولو قال قائلٌ: إنّ هذه الآية خوطب بها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، والمراد بها بعض من لم يكن صحّت بصيرته بنبوّته صلّى اللّه عليه وسلّم ممّن كان قد أظهر الإيمان بلسانه، تنبيهًا له على موضع تعرّف حقيقة أمره الّذي يزيل اللّبس عن قلبه، كما قال جلّ ثناؤه: {يا أيّها النّبيّ اتّق اللّه ولا تطع الكافرين والمنافقين إنّ اللّه كان عليمًا حكيمًا}؛ كان قولاً غير مدفوعةٍ صحّته). [جامع البيان: 12/286-289]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الّذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحقّ من ربّك فلا تكوننّ من الممترين (94)
قوله تعالى: فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك
- حدّثنا أبي، ثنا أبو محمّدٍ اليمانيّ بمصر جارًا أي أبي صالحٍ، ثنا النضر ابن محمّدٍ الجرشيّ، ثنا عكرمة بن عمّارٍ، حدّثني أبو زميلٍ سماك الحنفيّ، ثنا ابن عبّاسٍ وقلت له: إنّي أجد في نفسي شيئًا لا أستطيع أن أتكلّم به قال: لعلّه شك أو شيء مما شكٍّ قلت: نعم قال: ما نجى من هذا أحدٌ حتّى نزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: فإن كنت في شكٍّ مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك ثمّ قال: إذا وجدت من ذلك فقل: هو الأوّل والآخر والظّاهر والباطن.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء، ثنا سعيد بن شرحبيل، ثنا هشيمٌ عن أبي بشرٍ عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك قال: لم يشكّ رسول اللّه ولم يسأل.
قوله: فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، ثنا عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك، قوله: فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك يعني: أهل التّقوى وأهل الإيمان ممّن أدرك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك قال: هو عبد اللّه بن سلامٍ رضي اللّه عنه، كان من أهل الكتاب وآمن برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: لقد جاءك الحقّ من ربّك فلا تكوننّ من الممترين
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن خلفٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية قال: قال اللّه تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: الحقّ من ربّك فلا تكوننّ من الممترين يقول: فلا تكوننّ في شكٍّ من ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 6/1985-1986]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 94 - 95.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} قال: لم يشك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسأل.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا أشك ولا أسأل.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} قال: التوراة
والإنجيل الذين أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فآمنوا به يقول: سلهم إن كنت في شك بأنك مكتوب عندهم.
وأخرج أبو داود، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سماك الحنفي قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما إني أجد في نفسي ما لا أستطيع أن أتكلم به فقال: شك قلت: نعم، قال: ما نجا من هذا أحد حتى نزلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} الآية، فإذا أحسست أو وجدت من ذلك شيئا فقل (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) (الحديد الآية 3).
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن الحسن رضي الله عنه قال: خمسة أحرف في القرآن (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) (إبراهيم الآية 26) معناه وما كان مكرهم لتزول منه الجبال (لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين) (الأنبياء الآية 17) معناه ما كنا فاعلين (قل إن كان للرحمن ولد) (الزخرف الآية 81) معناه ما كان للرحمن ولد (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه) (الأحقاف الآية 26) معناه في الذين ما مكناكم فيه {فإن كنت في شك مما أنزلنا} معناه فما كنت في شك.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في قوله {فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} قال: سؤالك إياهم نظرك في كتابي كقولك: سل عن آل المهلب دورهم). [الدر المنثور: 7/703-704]
تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (95) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تكوننّ من الّذين كذّبوا بآيات اللّه فتكون من الخاسرين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ولا تكوننّ يا محمّد من الّذين كذّبوا بحجج اللّه وأدلّته، فتكون ممّن غبن حظّه وباع رحمة اللّه ورضاه بسخطه وعقابه). [جامع البيان: 12/289]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا تكوننّ من الّذين كذّبوا بآيات اللّه فتكون من الخاسرين (95)
قوله تعالى: ولا تكوننّ من الّذين كذّبوا بآيات اللّه الآية
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: بآيات اللّه أمّا بآيات محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1986]