العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة التوبة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م, 06:33 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى ما كان للنّبيّ الآية، يقتضي التأنيب ومنع الاستغفار للمشركين مع اليأس عن إيمانهم إما بموافاتهم على الكفر وموتهم، ومنه قول عمر بن الخطاب في العاصي بن وائل لا جزاه الله خيرا، وإما بنص من الله تعالى على أحد كأبي لهب وغيره فيمتنع الاستغفار له وهو حي، واختلف المفسرون في سبب هذه الآية فقال الجمهور ومداره على ابن المسيب وعمرو بن دينار، نزلت في شأن أبي طالب، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه حين احتضر ووعظه وقال: أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله تعالى، وكان بالحضرة أبو جهل وعبد الله بن أمية، فقالا له: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب، فقال أبو طالب: يا محمد والله لولا أني أخاف أن يعير بها ولدي من بعدي لأقررت بها عينك ثم قال: أنا على ملة عبد المطلب، ومات على ذلك، إذ لم يسمع منه النبي صلى الله عليه وسلم ما قال للعباس، فنزلت: إنّك لا تهدي من أحببت [القصص: 56] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فكان يستغفر له حتى نزلت هذه الآية فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستغفار لأبي طالب، وروي أن المؤمنين لما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لأبي طالب جعلوا يستغفرون لموتاهم، فلذلك دخلوا في التأنيب والنهي.
والآية على هذا ناسخة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم إذ أفعاله في حكم الشرع المستقر وقال فضيل بن عطية وغيره: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة أتى قبر أمه فوقف عليه حتى سخنت عليه الشمس، وجعل يرغب في أن يؤذن له في الاستغفار لها، فلم يؤذن له فأخبر أصحابه أنه أذن له في زيارة قبرها، ومنع أن يستغفر لها، فما رئي باكيا أكثر من يومئذ، ونزلت الآية في ذلك،
وقالت فرقة: إنما نزلت بسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم في المنافقين: والله لأزيدن على السبعين، وقال ابن عباس وقتادة وغيرهما: إنما نزلت الآية بسبب جماعة من المؤمنين قالوا: نستغفر لموتانا كما استغفر إبراهيم صلى الله عليه وسلم لأبيه فنزلت الآية في ذلك، وعلى كل حال ففي ورود النهي عن الاستغفار للمشركين موضع اعتراض بقصة إبراهيم صلى الله عليه وسلم على نبينا وعليه، فنزل رفع ذلك الاعتراض في الآية التي بعدها، وقوله من بعد ما تبيّن يريد من بعد الموت على الكفر فحينئذ تبين أنهم أصحاب الجحيم أي سكانها وعمرتها، والاستغفار للمشرك الحي جائز إذ يرجى إسلامه ومن هذا قول أبي هريرة رضي الله عنه رحم الله رجلا استغفر لأبي هريرة ولأمه، قيل له ولأبيه قال: لا، إن أبي مات كافرا، وقال عطاء بن أبي رباح: الآية في النهي عن الصلاة على المشركين، والاستغفار هاهنا يراد به الصلاة). [المحرر الوجيز: 4/ 422-423]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدةٍ وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاهٌ حليمٌ (114) وما كان اللّه ليضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم ما يتّقون إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (115) إنّ اللّه له ملك السّماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون اللّه من وليٍّ ولا نصيرٍ (116)
المعنى لا حجة أيها المؤمنون في استغفار إبراهيم الخليل لأبيه فإن ذلك لم يكن إلا عن موعدة، واختلف في ذلك فقيل عن موعدة من إبراهيم في أن يستغفر لأبيه وذلك قوله سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفيًّا [مريم: 47]، وقيل عن موعدة من أبيه له في أنه سيؤمن فكان إبراهيم قد قوي طمعه في إيمانه فحمله على الاستغفار له حتى نهي عنه، وقرأ طلحة: «وما يستغفر إبراهيم» وروي عنه «وما استغفر إبراهيم»، وموعدةٍ مفعلة من الوعد، وأما تبينه أنه عدو لله قيل ذلك بموت آزر على الكفر، وقيل ذلك بأنه نهي عنه وهو حي.
وقال سعيد بن جبير: ذلك كله يوم القيامة وذلك أن في الحديث أن إبراهيم يلقاه فيعرفه ويتذكر قوله: سأستغفر لك ربّي [مريم: 47] فيقول له الزم حقوي فلن أدعك اليوم لشيء، فيلزمه حتى يأتي الصراط فيلتفت إليه فإذا هو قد مسخ ضبعانا أمذر فيتبرأ منه حينئذ.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وربط أمر الاستغفار بالآخرة ضعيف، وقوله إنّ إبراهيم لأوّاهٌ حليمٌ ثناء من الله تعالى على إبراهيم، و «الأواه» قال ابن مسعود هو الدعّاء، وقيل هو الداعي بتضرع، وقيل هو الموقن قاله ابن عباس، وقيل هو الرحيم قاله ابن مسعود أيضا، وقيل هو المؤمن التواب، وقيل هو المسبح وقيل هو الكثير الذكر لله عز وجل، وقيل هو التلّاء للقرآن، وقيل هو الذي يقول من خوفه لله عز وجل أبدا أوه ويكثر ذلك.
وروي أن أبا ذر سمع رجلا يكثر ذلك في طوافه فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «دعه فإنه أواه».
والتأوه التفجع الذي يكثر حتى ينطق الإنسان معه، ب «أوه»، ويقال أوه فمن الأول قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال في بيع أو شراء أنكره عليه: أوه، ذلك الربا بعينه ومن الثاني قول الشاعر:[الطويل]
فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها = ومن بعد أرض بيننا وسماء
ومن هذا المعنى قول المثقب العبدي: [الوافر]
إذا ما قمت أرحلها بليل = تأوّه آهة الرجل الحزين
ويروى آهة، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم، «أوه لأفراخ محمد»، وحليمٌ معناه صابر محتمل عظيم العقل، والحلم: العقل). [المحرر الوجيز: 4/ 423-425]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وما كان اللّه ليضلّ قوماً الآية معناه التأنيس للمؤمنين،
وقيل: إن بعضهم خاف على نفسه من الاستغفار للمشركين دون أمر من الله تعالى فنزلت الآية مؤنسة، أي ما كان الله بعد أن هدى إلى الإسلام وأنقذ من النار ليحبط ذلك ويضل أهله لمواقعتهم ذنبا لم يتقدم منه نهي عنه، فأما إذا بين لهم ما يتقون من الأمور ويتجنبون من الأشياء فحينئذ من واقع بعد النهي استوجب العقوبة،
وقيل: إن هذه الآية إنما نزلت بسبب قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا غيبا فحولت القبلة فصلوا قبل أن يصلهم ذلك إلى بيت المقدس، وآخرين شربوا الخمر بعد تحريمها قبل أن يصل إليهم، فخافوا على أنفسهم وتكلموا في ذلك فنزلت الآية، والقول الأول أصوب وأليق بالآية). [المحرر الوجيز: 4/ 425-426]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (116) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وذهب الطبري إلى أن قوله: يحيي ويميت إشارة إلى أنها يجب أيها المؤمنون ألا تجزعوا من عدو وإن كثر، ولا تهابوا أحدا فإن الموت المخوف والحياة المحبوبة إنما هما بيد الله تعالى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والمعنى الذي قال صحيح في نفسه ولكن قوله، إن القصد بالآية إنما هو لهذا قول يبعد، والظاهر في الآية إنما هو لما نص في الآية المتقدمة نعمته وفضله على عبيده في أنه متى منّ عليهم بهداية ففضله أسبغ من أن يصرفهم ويضلهم قبل أن تقع منهم معصية ومخالفة أمر أتبع ذلك بأوصاف فيها تمجيد الله عز وجل وتعظيمه وبعث النفوس على إدمان شكره والإقرار بعبوديته). [المحرر الوجيز: 4/ 426]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م, 06:33 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م, 06:33 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبيّن لهم أنّهم أصحاب الجحيم (113) وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاهٌ حليمٌ (114)}
قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن الزّهريّ، عن ابن المسيّب، عن أبيه قال: لمّا حضرت أبا طالبٍ الوفاة دخل عليه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وعنده أبو جهلٍ، وعبد اللّه بن أبي أميّة، فقال: "أي عمّ، قل: لا إله إلّا اللّه. كلمةٌ أحاجّ لك بها عند اللّه، عزّ وجلّ". فقال أبو جهلٍ وعبد اللّه بن أبي أميّة: يا أبا طالبٍ، أترغب عن ملّة عبد المطّلب؟ [قال: فلم يزالا يكلّمانه، حتّى قال آخر شيءٍ كلّمهم به: على ملّة عبد المطّلب]. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك". فنزلت: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبيّن لهم أنّهم أصحاب الجحيم} قال: ونزلت فيه: {إنّك لا تهدي من أحببت} [القصص: 56] أخرجاه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى بن آدم، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الخليل، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قال: سمعت رجلًا يستغفر لأبويه، وهما مشركان، فقلت: أيستغفر الرجل لأبويه وهما مشركان؟ فقال: أو لم يستغفر إبراهيم لأبيه؟ فذكرت ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} إلى قوله: {فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه} قال: "لمّا مات"، فلا أدري قاله سفيان أو قاله إسرائيل، أو هو في الحديث "لمّا مات".
قلت هذا ثابتٌ عن مجاهدٍ أنّه قال: لمّا مات.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا زبيد بن الحارث الياميّ عن محارب بن دثارٍ، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: كنّا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزل بنا ونحن معه قريبٌ من ألف راكبٍ، فصلّى ركعتين، ثمّ أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان، فقام إليه عمر بن الخطّاب وفداه بالأب والأمّ، وقال: يا رسول اللّه، ما لك؟ قال: "إنّي سألت ربّي، عزّ وجلّ، في الاستغفار لأمّي، فلم يأذن لي، فدمعت عيناي رحمةً لها من النّار، وإنّي كنت نهيتكم عن ثلاثٍ: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، لتذكّركم زيارتها خيرًا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحيّ بعد ثلاثٍ، فكلوا وأمسكوا ما شئتم، ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية، فاشربوا في أيّ وعاءٍ ولا تشربوا مسكرًا".
وروى ابن جريرٍ، من حديث علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا قدم مكّة أتى رسم قبرٍ، فجلس إليه، فجعل يخاطب، ثمّ قام مستعبرًا. فقلنا: يا رسول اللّه، إنّا رابنا ما صنعت. قال: "إنّي استأذنت ربّي في زيارة قبر أمّي، فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي". فما رئي باكيًا أكثر من يومئذٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ، في تفسيره: حدّثنا أبي، حدّثنا خالد بن خداش، حدّثنا عبد اللّه بن وهبٍ، عن ابن جريج عن أيّوب بن هانئٍ، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا إلى المقابر، فاتّبعناه، فجاء حتّى جلس إلى قبرٍ منها، فناجاه طويلًا ثمّ بكى فبكينا لبكائه ثمّ قام فقام إليه عمر بن الخطّاب، فدعاه ثمّ دعانا، فقال: "ما أبكاكم؟ " فقلنا: بكينا لبكائك. قال: "إنّ القبر الّذي جلست عنده قبر آمنة، وإنّي استأذنت ربّي في زيارتها فأذن لي" ثمّ أورده من وجهٍ آخر، ثمّ ذكر من حديث ابن مسعودٍ قريبًا منه، وفيه: "وإنّي استأذنت ربّي في الدّعاء لها فلم يأذن لي، وأنزل عليّ: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة، وكنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنّها تذكّر الآخرة".
حديثٌ آخر في معناه: قال الطّبرانيّ: حدّثنا محمّد بن عليٍّ المروزيّ، حدّثنا أبو الدّرداء عبد العزيز بن منيبٍ، حدّثنا إسحاق بن عبد اللّه بن كيسان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لمّا أقبل من غزوة تبوك واعتمر، فلمّا هبط من ثنيّة عسفان أمر أصحابه: أن استندوا إلى العقبة حتّى أرجع إليكم، فذهب فنزل على قبر أمّه، فناجى ربّه طويلًا ثمّ إنّه بكى فاشتدّ بكاؤه، وبكى هؤلاء لبكائه، وقالوا: ما بكى نبيّ اللّه بهذا المكان إلّا وقد أحدث في أمّته شيءٌ لا تطيقه. فلمّا بكى هؤلاء قام فرجع إليهم، فقال: "ما يبكيكم؟ ". قالوا: يا نبيّ اللّه، بكينا لبكائك، فقلنا: لعلّه أحدث في أمّتك شيءٌ لا تطيقه، قال: "لا وقد كان بعضه، ولكن نزلت على قبر أمي فدعوت اللّه أن يأذن لي في شفاعتها يوم القيامة، فأبى اللّه أن يأذن لي، فرحمتها وهي أمّي، فبكيت، ثمّ جاءني جبريل فقال: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه} فتبرّأ أنت من أمّك، كما تبرّأ إبراهيم من أبيه، فرحمتها وهي أمّي، ودعوت ربّي أن يرفع عن أمّتي أربعًا، فرفع عنهم اثنتين، وأبى أن يرفع عنهم اثنتين: دعوت ربّي أن يرفع عنهم الرّجم من السّماء والغرق من الأرض، وألا يلبسهم شيعا، وألا يذيق بعضهم بأس بعضٍ، فرفع اللّه عنهم الرّجم من السّماء، والغرق من الأرض، وأبى اللّه أن يرفع عنهم القتل والهرج". وإنّما عدل إلى قبر أمّه لأنّها كانت مدفونةً تحت كداء وكانت عسفان لهم.
وهذا حديثٌ غريبٌ وسياقٌ عجيبٌ، وأغرب منه وأشدّ نكارةً ما رواه الخطيب البغداديّ في كتاب "السّابق واللّاحق" بسندٍ مجهولٍ، عن عائشة في حديثٍ فيه قصّة أنّ اللّه أحيا أمّه فآمنت ثمّ عادت. وكذلك ما رواه السّهيليّ في "الرّوض" بسندٍ فيه جماعة مجهولون: أنّ اللّه أحيا له أباه وأمّه فآمنا به.
وقد قال الحافظ ابن دحية: [هذا الحديث موضوعٌ يردّه القرآن والإجماع، قال اللّه تعالى: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} [النّساء: 18]. وقال أبو عبد اللّه القرطبيّ: إنّ مقتضى هذا الحديث = وردّ على ابن دحية] في هذا الاستدلال بما حاصله: أنّ هذه حياةٌ جديدةٌ، كما رجعت الشّمس بعد غيبوبتها فصلّى عليٌّ العصر، قال الطّحاويّ: وهو [حديثٌ] ثابتٌ، يعني: حديث الشّمس.
قال القرطبيّ: فليس إحياؤهما يمتنع عقلًا ولا شرعًا، قال: وقد سمعت أنّ اللّه أحيا عمّه أبا طالب، فآمن به.
قلت: وهذا كلّه متوقّفٌ على صحّة الحديث، فإذا صحّ فلا مانع منه واللّه أعلم.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أراد أن يستغفر لأمّه، فنهاه اللّه عن ذلك فقال: "فإنّ إبراهيم خليل اللّه استغفر لأبيه"، فأنزل اللّه: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه} الآية.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، في هذه الآية: كانوا يستغفرون لهم، حتّى نزلت هذه الآية، فلمّا [نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتّى يموتوا] ثمّ أنزل اللّه: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه} الآية.
وقال قتادة في هذه الآية: ذكر لنا أنّ رجالًا من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا: يا نبيّ اللّه، إنّ من آبائنا من كان يحسن الجوار، ويصل الأرحام، ويفكّ العاني، ويوفي بالذّمم؛ أفلا نستغفر لهم؟ قال: فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "بلى، واللّه إنّي لأستغفر لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه". فأنزل اللّه: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} حتّى بلغ: {الجحيم} ثمّ عذر اللّه تعالى إبراهيم، فقال: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه} قال: وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه قال: "أوحي إليّ كلماتٌ، فدخلن في أذني ووقرن في قلبي: أمرت ألّا أستغفر لمن مات مشركًا، ومن أعطى فضل ماله فهو خيرٌ له، ومن أمسك فهو شرٌ له، ولا يلوم اللّه على كفاف".
وقال الثّوريّ، عن الشّيبانيّ، عن سعيد بن جبير قال: مات رجلٌ يهوديٌّ وله ابنٌ مسلمٌ، فلم يخرج معه، فذكر ذلك لابن عبّاسٍ فقال: فكان ينبغي له أن يمشي معه ويدفنه، ويدعو له بالصّلاح ما دام حيًّا، فإذا مات وكّله إلى شأنه ثمّ قال: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه} لم يدع.
[قلت] وهذا يشهد له بالصّحّة ما رواه أبو داود وغيره، عن عليّ بن أبي طالبٍ قال: لمّا مات أبو طالبٍ قلت: يا رسول اللّه، إنّ عمّك الشّيخ الضّالّ قد مات. قال: "اذهب فواره ولا تحدثنّ شيئًا حتّى تأتيني". وذكر تمام الحديث.
ويروى أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا مرّت به جنازة عمّه أبي طالبٍ قال: "وصلتك رحمٌ يا عمّ".
وقال عطاء بن أبي رباحٍ: ما كنت لأدع الصّلاة على أحدٍ من أهل القبلة، ولو كانت حبشيّةً حبلى من الزّنا؛ لأنّي لم أسمع اللّه حجب الصّلاة إلّا على المشركين، يقول اللّه، عزّ وجلّ: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}.
وروى ابن جرير، عن ابن وكيع، عن أبيه، عن عصمة بن زاملٍ، عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول: رحم اللّه رجلًا استغفر لأبي هريرة ولأمّه. قلت: ولأبيه؟ قال: لا. قال: إنّ أبي مات مشركًا.
وقوله: {فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه} قال ابن عبّاسٍ: ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتّى مات، فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه. وفي روايةٍ: لمّا مات تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه.
وكذا قال مجاهدٌ، والضّحّاك، وقتادة، وغيرهم، رحمهم اللّه.
وقال عبيد بن عميرٍ، وسعيد بن جبير: إنّه يتبرّأ منه [في] يوم القيامة حين يلقى أباه، وعلى وجه أبيه الغبرة والقترة فيقول: يا إبراهيم، إنّي كنت أعصيك وإنّي اليوم لا أعصيك. فيقول: أي ربي، ألم تعدني ألّا تخزني يوم يبعثون؟ فأيّ خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقال: انظر إلى ما وراءك، فإذا هو بذيخٍ متلطّخٍ، أي: قد مسخ ضبعانًا، ثمّ يسحب بقوائمه، ويلقى في النّار.
وقوله: {إنّ إبراهيم لأوّاهٌ حليمٌ} قال سفيان الثّوريّ وغير واحدٍ، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيش، عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّه قال: الأوّاه: الدّعّاء. وكذا روي من غير وجهٍ، عن ابن مسعودٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني المثنّى: حدّثنا الحجّاج بن منهال، حدّثنا عبد الحميد بن بهرام، حدّثنا شهر بن حوشب، عن عبد اللّه بن شدّاد بن الهاد قال: بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جالسٌ قال رجلٌ: يا رسول اللّه، ما الأوّاه؟ قال: "المتضرّع"، قال: {إنّ إبراهيم لأوّاهٌ حليمٌ}
ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث ابن المبارك، عن عبد الحميد بن بهرام، به، قال: المتضرّع: الدّعّاء.
وقال الثّوريّ، عن سلمة بن كهيل، عن مسلمٍ البطين عن أبي العبيدين أنّه سأل ابن مسعودٍ عن الأوّاه، فقال: هو الرّحيم.
وبه قال مجاهدٌ، وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل، والحسن البصريّ، وقتادة: أنّه الرّحيم، أي: بعباد اللّه.
وقال ابن المبارك، عن خالدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: الأوّاه: الموقن بلسان الحبشة. وكذا قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: أنّه الموقن. وكذا قال مجاهدٌ، والضّحّاك. وقال عليّ بن أبي طلحة، ومجاهدٌ، عن ابن عبّاسٍ: الأوّاه: المؤمن -زاد عليّ بن أبي طلحة عنه: المؤمن التّوّاب. وقال العوفيّ عنه: هو المؤمن بلسان الحبشة. وكذا قال ابن جريج: هو المؤمن بلسان الحبشة.
وقال أحمد: حدّثنا موسى، حدّثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن عليّ بن رباحٍ، عن عقبة بن عامرٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لرجلٍ يقال له "ذو البجادين": "إنّه أوّاهٌ"، وذلك أنّه رجلٌ كثير الذّكر للّه في القرآن ويرفع صوته في الدّعاء.
ورواه ابن جريرٍ.
وقال سعيد بن جبيرٍ، والشّعبيّ: الأوّاه: المسبّح. وقال ابن وهبٍ، عن معاوية بن صالحٍ، عن أبي الزّاهريّة، عن جبير بن نفيرٍ، عن أبي الدّرداء، رضي اللّه عنه، قال: لا يحافظ على سبحة الضّحى إلّا أوّاهٌ. وقال شفى بن مانع، عن أيّوب: الأوّاه: الّذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها.
وعن مجاهدٍ: الأوّاه: الحفيظ الوجل، يذنب الذّنب سرًّا، ثمّ يتوب منه سرًّا.
ذكر ذلك كلّه ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن وكيع، حدّثنا المحاربيّ، عن حجّاجٍ، عن الحكم، عن الحسن بن مسلم بن ينّاقٍ: أنّ رجلًا كان يكثر ذكر اللّه ويسبّح، فذكر ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: "إنّه أوّاهٌ".
وقال أيضًا حدّثنا أبو كريب، حدّثنا ابن يمانٍ، حدّثنا المنهال بن خليفة، عن حجّاج بن أرطأة، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دفن ميّتًا، فقال: "رحمك اللّه إن كنت لأوّاهًا"! يعني: تلاءً للقرآن وقال شعبة، عن أبي يونس الباهليّ قال: سمعت رجلًا بمكّة -وكان أصله روميًّا، وكان قاصًّا -يحدّث عن أبي ذرٍّ قال: كان رجلٌ يطوف بالبيت الحرام ويقول في دعائه: "أوّه أوّه"، فذكر ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّه أوّاهٌ. قال: فخرجت ذات ليلةٍ، فإذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يدفن ذلك الرّجل ليلًا ومعه المصباح.
هذا حديثٌ غريبٌ رواه ابن جريرٍ ومشّاه.
وروي عن كعب الأحبار أنّه قال: {إنّ إبراهيم لأوّاهٌ} قال: كان إذا ذكر النّار قال: "أوّه من النار".
وقال ابن جريج عن ابن عبّاسٍ: {إنّ إبراهيم لأوّاهٌ} قال: فقيهٌ.
قال الإمام العلم أبو جعفر بن جريرٍ: وأولى الأقوال قول من قال: إنّه الدعّاء، وهو المناسب للسّياق، وذلك أنّ اللّه تعالى لمّا ذكر أنّ إبراهيم إنّما استغفر لأبيه عن موعدةٍ وعدها إيّاه، وقد كان إبراهيم كثير الدّعاء حليمًا عمّن ظلمه وأناله مكروهًا؛ ولهذا استغفر لأبيه مع شدّة أذاه في قوله: {أراغبٌ أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنّك واهجرني مليًّا. قال سلامٌ عليك سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفيًّا} [مريم: 46، 47]، فحلم عنه مع أذاه له، ودعا له واستغفر؛ ولهذا قال تعالى: {إنّ إبراهيم لأوّاهٌ حليمٌ}).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 221-227]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما كان اللّه ليضلّ قومًا بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم ما يتّقون إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (115) إنّ اللّه له ملك السّماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون اللّه من وليٍّ ولا نصيرٍ (116)}
يقول تعالى مخبرًا عن نفسه الكريمة وحكمه العادل: إنّه لا يضلّ قومًا بعد بلاغ الرّسالة إليهم، حتّى يكونوا قد قامت عليهم الحجّة، كما قال تعالى: {وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبّوا العمى على الهدى} الآية [فصّلت: 17].
وقال مجاهدٌ في قوله تعالى: {وما كان اللّه ليضلّ قومًا بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم ما يتّقون} قال: بيان اللّه، عزّ وجلّ، للمؤمنين في الاستغفار للمشركين خاصّةً، وفي بيانه طاعته ومعصيته عامّةً، فافعلوا أو ذروا.
وقال ابن جريرٍ: يقول اللّه تعالى: وما كان اللّه ليقضي عليكم في استغفاركم لموتاكم المشركين بالضّلال بعد إذ رزقكم الهداية ووفّقكم للإيمان به وبرسوله، حتّى يتقدّم إليكم بالنّهي عنه فتتركوا، فأمّا قبل أن يبيّن لكم كراهيته ذلك بالنّهي عنه، ثمّ تتعدّوا نهيه إلى ما نهاكم عنه، فإنّه لا يحكم عليكم بالضّلال، فإنّ الطّاعة والمعصية إنّما يكونان من المأمور والمنهيّ، وأمّا من لم يؤمر ولم ينه فغير كائنٍ مطيعًا أو عاصيًا فيما لم يؤمر به ولم ينه عنه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 227]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (116) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّ اللّه له ملك السّماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون اللّه من وليٍّ ولا نصيرٍ} قال ابن جريرٍ: هذا تحريضٌ من اللّه لعباده المؤمنين في قتال المشركين وملوك الكفر، وأن يثقوا بنصر اللّه مالك السّماوات والأرض، ولم يرهبوا من أعدائه فإنّه لا وليّ لهم من دون الله، ولا نصير لهم سواه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن أبي دلامة البغداديّ، حدّثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن صفوان بن محرز، عن حكيم بن حزامٍ قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين أصحابه إذ قال لهم: "هل تسمعون ما أسمع؟ " قالوا ما نسمع من شيءٍ. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي لأسمع أطيط السّماء، وما تلام أن تئطّ، وما فيها من موضع شبرٍ إلّا وعليه ملكٌ ساجدٌ أو قائمٌ".
وقال كعب الأحبار: ما من موضع خرمة إبرةٍ من الأرض إلّا وملكٌ موكّلٌ بها، يرفع علم ذلك إلى اللّه، وإنّ ملائكة السّماء لأكثر من عدد التّراب، وإنّ حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى مخّه مسيرة مائة عامٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 227-228]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة