العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة لقمان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:05 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة لقمان [ من الآية (25) إلى الآية (32) ]

تفسير سورة لقمان
[ من الآية (25) إلى الآية (32) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 01:09 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون (25) للّه ما في السّماوات والأرض إنّ اللّه هو الغنيّ الحميد}.
يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمّد هؤلاء المشركين باللّه من قومك {من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ، فإذا قالوا ذلك، فقل لهم: الحمد للّه الّذي خلق ذلك، لا لمن لا يخلق شيئًا وهم يخلقون.
ثمّ قال تعالى ذكره: {بل أكثرهم لا يعلمون} يقول: بل أكثر هؤلاء المشركون لا يعلمون من الّذي له الحمد، وأين موضع الشّكر). [جامع البيان: 18/570-571]

تفسير قوله تعالى: (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {للّه ما في السّموات والأرض} يقول تعالى ذكره: للّه كلّ ما في السّماوات والأرض من شيءٍ ملكًا كائنًا ما كان ذلك الشّيء من وثنٍ وصنمٍ وغير ذلك، ممّا يعبد أو لا يعبد {إنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} يقول: إنّ اللّه هو الغنيّ عن عبادة هؤلاء المشركين به الأوثان والأنداد، وغير ذلك منهم، ومن جميع خلقه، لأنّهم ملكه وله، وبهم الحاجة إليه. {الحميد} يعني المحمود على نعمه الّتي أنعمها على خلقه). [جامع البيان: 18/571]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة أن المشركين قالوا في القرآن إن هذا الكلام يوشك أن ينفذ يوشك أن ينقطع فنزلت ولو أنما في الأرض من شجرة أقلم والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمت الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/106]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ولو أنّ شجر الأرض كلّها بريت أقلامًا {والبحر يمدّه} يقول: والبحر له مدادٌ، والهاء في قوله {يمدّه} عائدةٌ على البحر. وقوله {من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} وفي هذا الكلام محذوفٌ استغنى بدلالة الظّاهر عليه منه، وهو يكتب كلام اللّه بتلك الأقلام، وبذلك المداد، لتكسّرت تلك الأقلام، ولنفد ذلك المداد، ولم تنفد كلمات اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سألت الحسن عن هذه الآية، {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} قال: لو جعل شجر الأرض أقلامًا، وجعل البحور مدادًا، وقال اللّه: إنّ من أمري كذا، ومن أمري كذا، لنفد ماء البحور، وتكسّرت الأقلام.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم، قال: حدّثنا عمرٌو، في قوله {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} قال: لو بريت أقلامًا والبحر مدادًا، فكتب بتلك الأقلام منه {ما نفدت كلمات اللّه} ولو مدّه سبعة أبحرٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} قال: قال المشركون: إنّما هذا كلامٌ يوشك أن ينفد، قال: لو كان شجر البرّ أقلامًا، ومع البحر سبعة أبحر ما كان لتنفد عجائب ربّي وحكمته وخلقه وعلمه.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في سبب مجادلةٍ كانت من اليهود له.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدّثنا ابن إسحاق، قال: ثني رجلٌ من أهل مكّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ أحبار يهود قالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالمدينة: يا محمّد أرأيت قولك {وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً} إيّانا تريد أم قومك؟ فقال رسول اللّه صلّى صلّى اللّه عليه وسلّم: كلًّا، فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك: أنّا قد أوتينا التّوراة فيها تبيان كلّ شيءٍ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّها في علم اللّه قليلٌ، وعندكم من ذلك ما يكفيكم، فأنزل اللّه عليه فيما سألوه عنه من ذلك: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} أي أنّ التّوراة في هذا من علم اللّه قليلٌ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: ثني ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عكرمة، قال: سأل أهل الكتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الرّوح، فأنزل اللّه {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً} فقالوا: تزعم أنّا لم نؤت من العلم إلاّ قليلاً، وقد أوتينا التّوراة، وهي الحكمة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا} قال: فنزلت {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} قال: ما أوتيتم من علمٍ فنجّاكم اللّه به من النّار وأدخلكم الجنّة، فهو كثيرٌ طيّبٌ، وهو في علم اللّه قليلٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: ثني محمّد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسارٍ، قال: لمّا نزلت بمكّة {وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً} يعني اليهود؛ فلمّا هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة، أتاه أحبار يهود، فقالوا: يا محمّد ألم يبلغنا أنّك تقول {وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً} أفتعنينا أم قومك؟ قال: وكلًّا قد عنيت، قالوا: فإنّك تتلو: أنّا قد أوتينا التّوراة، وفيها تبيان كلّ شيءٍ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: هي في علم اللّه قليلٌ، وقد أتاكم اللّه ما إن عملتم به انتفعتم، فأنزل اللّه {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ} إلى قوله {إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ}.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله {والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ} فقرأته عامّة قرّاء المدينة والكوفة: والبحر رفعًا على الابتداء، وقرأته قرّاء البصرة نصبًا، عطفًا به على ما في قوله: {ولو أنّما في الأرض} وبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ عندي.
وقوله: {إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ} يقول: إنّ اللّه ذو عزّةٍ في انتقامه ممّن أشرك به، وادّعى معه إلهًا غيره، حكيمٌ في تدبيره خلقه). [جامع البيان: 18/571-574]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله إن الله عزيز حكيم.
أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ان أحبار يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ك يا محمد أرأيت قولك وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ايانا تريد أم قومك فقال: كلا، فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك انا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء فقال: انها في علم الله قليل، فأنزل الله في ذلك {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} ). [الدر المنثور: 11/655]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال اجتمعت اليهود في بيت فارسلوا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ان ائتنا، فجاء فدخل عليهم فسألوه عن الرجم فقال: أخبروني بأعلمكم، فأشاروا إلى ابن صوريا الاعور قال: أنت أعلمهم قال: انهم يزعمون ذاك قال: فنشدتك بالمواثيق التي أخذت عليكم وبالتوراة التي أنزلت على موسى، ما تجدون في التوراة قال: لولا أنك نشدتني بما نشدتني به ما أخبرتك أجد فيها الرجم قال: فقضى عليهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: صدقت يا محمد عندنا التوراة فيها حكم الله فكانوا قبل ذلك لا يظفرون من النّبيّ صلى الله عليه وسلم بشيء قال: فنزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الاسلااء الآية 85، فاجتمعوا في ذلك البيت فقال رئيسهم: يا معشر اليهود لقد ظفرتم بمحمد فأرسلوا إليه، فجاء فدخل عليهم فقالوا: يا محمد ألست أنت أخبرتنا أنه أنزل عليك {وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله} ثم تخبرنا أنه أنزل عليك {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} فهذا مختلف، فسكت النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليهم قليلا ولا كثيرا قال: ونزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} وجميع خلق الله كتاب وهذا البحر يمد فيه سبعة أبحر مثله فمات هؤلاء الكتاب كلهم وكسرت هذه الأقلام كلها ويبست هذه البحور الثمانية وكلام الله كما هو لا ينقص ولكنكم أوتيتم التوراة فيها شيء من حكم الله وذلك في حكم الله قليل، فأرسل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأتوه فقرأ عليهم هذه الآية قال: فرجعوا مخصومين بشر). [الدر المنثور: 11/655-656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول، فقال رجل: يا محمد تزعم أنك أوتيت الحكمة وأوتيت القرآن وأوتيتنا التوراة فأنزل الله {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله} وفيه يقول: علم الله أكثر من ذلك {وما أوتيتم من العلم} فهو كثير لكم لقولكم قليل عندي). [الدر المنثور: 11/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال: سأل أهل الكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح، فأنزل الله {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} فقالوا: تزعم انا لم نؤت من العلم إلا قليلا وقد أوتينا التوراة: وهي الحكمة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} فنزلت {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} ). [الدر المنثور: 11/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وأبو نصر السجزي في الابانة عن قتادة رضي الله عنه قال: قال المشركون: إنما هذا كلام يوشك أن ينفد فنزلت {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} يقول: لو كان شجر الأرض أقلاما ومع البحر سبعة أبحر مداد لتكسرت الأقلام ونفد ماء البحور قبل ان تنفد عجائب ربين وحكمته وعلمه). [الدر المنثور: 11/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال: قال حي بن أخطب: يا محمد تزعم أنك أوتيت الحكمة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} وتزعم انا لم نؤت من العلم إلا قليلا فكيف يجتمع هاتان فنزلت هذه الآية {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} ونزلت التي في الكهف {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي} ). [الدر المنثور: 11/657-658]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وأبو نصر السجزي في الإبانة عن أبي الجوزاء رضي الله عنه في قوله {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} يقول: لو كان كل شجرة في الأرض أقلاما والبحرا مداد لنفد الماء وتكسرت الأقلام قبل ان تنفد كلمات ربي). [الدر المنثور: 11/658]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قرأ (والبحر يمده) رفع). [الدر المنثور: 11/658]

تفسير قوله تعالى: (مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما خلقكم ولا بعثكم إلاّ كنفسٍ واحدةٍ إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: ما خلقكم أيّها النّاس، ولا بعثكم على اللّه إلاّ كخلق نفسٍ واحدةٍ وبعثها، وذلك أنّ اللّه لا يتعذّر عليه شيءٌ أراده، ولا يمتنع منه شيءٌ شاءه {إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون} فسواءٌ خلق واحدٍ وبعثه، وخلق الجميع وبعثهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: ثني أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {كنفسٍ واحدةٍ} يقول: كن فيكون، للقليل والكثير.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلاّ كنفسٍ واحدةٍ} قال: يقول: إنّما خلق اللّه النّاس كلّهم وبعثهم كخلق نفسٍ واحدةٍ وبعثها.
وإنّما صلح أن يقال: إلاّ كنفسٍ واحدةٍ، والمعنى: إلاّ كخلق نفسٍ واحدةٍ، لأنّ المحذوف فعلٌ يدلّ عليه قوله {ما خلقكم ولا بعثكم} والعرب تفعل ذلك في المصادر، ومنه قول اللّه: {تدور أعينهم كالّذي يغشى عليه من الموت} والمعنى: كدوران عين الّذي يغشى عليه من الموت، فلم يذكر الدّوران والعين لما وصفت.
وقوله: {إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه سميعٌ لما يقول هؤلاء المشركون ويفترونه على ربّهم، من ادعائهم له الشّركاء والأنداد وغير ذلك من كلامهم وكلام غيرهم، بصيرٌ بما يعملونه وغيرهم من الأعمال، وهو مجازيهم على ذلك جزاءهم). [جامع البيان: 18/574-575]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة قال يقول القليل والكثير عليه سواء إنما يقول له كن فيكون). [تفسير مجاهد: 505]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير * ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير * ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور * وأذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور * يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.
أخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} قال: يقول له كن فيكون، القليل والكثير). [الدر المنثور: 11/658]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} يقوله إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها، وفي قوله {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار} قال: نقصان الليل زيادة النهار {ويولج النهار في الليل} نقصان النهار زيادة في الليل {كل يجري إلى أجل مسمى} لذلك كله وقت واحد معلوم لا يعدوه ولا يقصر دونه، وفي قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال: ان أحب عباد الله إليه الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلى صبر، وفي قوله {وإذا غشيهم موج كالظلل} قال: كالسحاب وفي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} قال: غدار بذمته كفور بربه). [الدر المنثور: 11/658-659]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري إلى أجلٍ مّسمًّى وأنّ اللّه بما تعملون خبيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: {ألم تر} يا محمّد بعينك {أن اللّه يولج اللّيل في النّهار} يقول: يزيد من نقصان ساعات اللّيل في ساعات النّهار {ويولج النّهار في اللّيل} يقول: يزيد ما نقص من ساعات النّهار في ساعات اللّيل.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ألم تر أنّ اللّه يولج} اللّيل في النّهار نقصان اللّيل في زيادة النّهار {ويولج النّهار في اللّيل} نقصان النّهار في زيادة اللّيل.
وقوله: {وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري إلى أجلٍ مسمًّى} يقول تعالى ذكر: وسخّر الشّمس والقمر لمصالح خلقه ومنافعهم، {كلٌّ يجري} يقول: كلّ ذلك يجري بأمره إلى وقتٍ معلومٍ، وأجلٍّ محدودٍ إذا بلغه، كوّرت الشّمس والقمر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري إلى أجلٍ مسمًّى} يقول: لذلك كلّه وقتٌ وحّدٌ معلومٌ، لا يجاوزه ولا يعدوه.
وقوله: {وأنّ اللّه بما تعملون خبيرٌ} يقول: وإنّ اللّه بأعمالكم أيّها النّاس من خيرٍ أو شرٍّ ذو خبرةٍ وعلمٍ، لا يخفى عليه منها شيءٌ، وهو مجازيكم على جميع ذلك، وخرج هذا الكلام خطابًا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والمعنيّ به المشركون، وذلك أنّه تعالى ذكره نبّه بقوله: {أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل} على موضع حجّته من جهل عظمته، وأشرك في عبادته معه غيره، يدلّ على ذلك قوله: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه الباطل} ). [جامع البيان: 18/575-577]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} يقوله إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها، وفي قوله {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار} قال: نقصان الليل زيادة النهار {ويولج النهار في الليل} نقصان النهار زيادة في الليل {كل يجري إلى أجل مسمى} لذلك كله وقت واحد معلوم لا يعدوه ولا يقصر دونه، وفي قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال: ان أحب عباد الله إليه الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلى صبر، وفي قوله {وإذا غشيهم موج كالظلل} قال: كالسحاب وفي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} قال: غدار بذمته كفور بربه). [الدر المنثور: 11/658-659] (م)

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه الباطل وأنّ اللّه هو العليّ الكبير}.
يقول تعالى ذكره: هذا الّذي أخبرتك يا محمّد أنّ اللّه فعله من إيلاجه اللّيل في النّهار، والنّهار في اللّيل، وغير ذلك من عظيم قدّرته، إنّما فعله بأنّه اللّه حقًّا، دون ما يدعوه هؤلاء المشركون به، وأنّه لا يقدر على فعل ذلك سواه، ولا تصلح الألوهة إلاّ لمن فعل ذلك بقدرته.
وقوله: {وأنّ ما يدعون من دونه الباطل} يقول تعالى ذكره: وبأنّ الّذي يعبد هؤلاء المشركون من دون اللّه الباطل الّذي يضمحلّ، فيبيد ويفنى. {وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} يقول تعالى ذكره: وبأنّ اللّه هو العليّ، يقول: ذو العلوّ على كلّ شيءٍ، وكلّ ما دونه، فله متذلّلٌ منقادٌ، الكبير الّذي كلّ شيءٍ دونه، فله متصاغرٌ). [جامع البيان: 18/577]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر أنّ الفلك تجري في البحر بنعمة اللّه ليريكم من آياته إنّ في ذلك لآياتٍ لّكلّ صبّارٍ شكورٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ألم تر يا محمّد أنّ السّفن تجري في البحر نعمةً من اللّه على خلقه {ليريكم من آياته} يقول: ليريكم من عبره وحججه عليكم.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} يقول: إنّ في جري الفلك في البحر دلالةً على أنّ اللّه الّذي أجراها هو الحقّ، وأنّ ما يدعون من دونه الباطل {لكلّ صبّارٍ شكورٍ} يقول: لكلّ من صبّر نفسه عن محارم اللّه، وشكره على نعمه، فلم يكفره.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان مطرّفٌ يقول: إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه: الصّبّار الشّكور.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، قال: الصّبر نصف الإيمان، والشّكر نصف الإيمان، واليقين: الإيمان كلّه، ألم تر أنّ قوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ}: إنّ في ذلك لآياتٍ للموقنين، إنّ في ذلك لآياتٍ للمؤمنين.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} قال: الصّبر: نصف الإيمان، واليقين: الإيمان كلّه.
إن قال قائلٌ: وكيف خصّ هذه الدّلالة بأنّها دلالةٌ للصّبّار الشّكور دون سائر الخلق؟
قيل: لأنّ الصّبر والشّكر من أفعال ذوي الحجى والعقول، فأخبر أنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ ذي عقلٍ، لأنّ الآيات جعلها اللّه عبرًا لذوي العقول والتّمييز). [جامع البيان: 18/577-578]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} يقوله إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها، وفي قوله {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار} قال: نقصان الليل زيادة النهار {ويولج النهار في الليل} نقصان النهار زيادة في الليل {كل يجري إلى أجل مسمى} لذلك كله وقت واحد معلوم لا يعدوه ولا يقصر دونه، وفي قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال: ان أحب عباد الله إليه الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلى صبر، وفي قوله {وإذا غشيهم موج كالظلل} قال: كالسحاب وفي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} قال: غدار بذمته كفور بربه). [الدر المنثور: 11/658-659] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى ختار قال هو الغدار). [تفسير عبد الرزاق: 2/106]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل دعوا اللّه مخلصين له الدّين، فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصدٌ وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ}.
يقول تعالى ذكره: وإذا غشي هؤلاء الّذين يدعون من دون اللّه الآلهة والأوثان في البحر، إذا ركبوا في الفلك، موجٌ كالظّلل، وهي جمع ظلّةٍ، شبّه بها الموج في شدّة سوّاد كثرة الماء؛ قال نابغة بني جعدة في صفة بحرٍ:
يماشيهنّ أخضر ذي ظلالٍ = على حافّاته فلق الدّنان
وشبه الموج وهو واحدٌ بالظّلل، وهي جماعٌ، لأنّ الموج يأتي شيءٌ منه بعد شيءٍ، ويركب بعضه بعضًا كهيئة الظّلل.
وقوله: {دعوا اللّه مخلصين له الدّين} يقول تعالى ذكره: وإذا غشي هؤلاء موجٌ كالظّلل، فخافوا الغرق، فزعوا إلى اللّه بالدّعاء مخلصين له الطّاعة، لا يشركون به هنالك شيئًا، ولا يدعون معه أحدًا سواه، ولا يستغيثون بغيره.
قوله: {فلمّا نجّاهم إلى البرّ} ممّا كانوا يخافونه في البحر من الغرق والهلاك إلى البرّ. {فمنهم مقتصدٌ} يقول: فمنهم مقتصدٌ في قوله وإقراره بربّه، وهو مع ذلك مضمر الكفر به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {فمنهم مقتصدٌ} قال: المقتصد في القول وهو كافرٌ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {فمنهم مقتصدٌ} قال: المقتصد الّذي على صلاحٍ من الأمر.
وقوله: {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ} يقول تعالى ذكره: وما يكفر بأدلّتنا وحججنا إلاّ كلّ غدّارٍ بعهده، والختر عند العرب: أقبح الغدر؛ ومنه قول عمرو بن معدي كربٍ:
وإنّك لو رأيت أبا عميرٍ = ملأت يديك من غدرٍ وختر
وقوله: {كفورٍ} يعني: جحودًا للنّعم، غير شاكرٍ ما أسدي إليه من نعمةٍ.
وبنحو الّذي قلنا في معنى الختّار قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {كلّ ختّارٍ كفورٍ} قال: كلّ غدّارٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {كلّ ختّارٍ} قال: غدّارٍ.
- حدّثني يعقوب، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ} قال: غدّارٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ} الختّار: الغدّار، كلّ غدّارٍ بذمّته كفورٍ بربّه.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ} قال: كلّ جحّادٍ كفورٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ} قال: الختّار: الغدّار، كما تقول: غدرني.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن مسعرٍ، قال: سمعت قتادة قال: الّذي يغدر بعهده.
- قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قال: الغدّار.
- قال: حدّثنا أبي: عن الأعمش، عن شمر بن عطيّة الكاهليّ، عن عليٍّ رضي اللّه عنه قال: المكر غدرٌ، والغدر كفرٌ). [جامع البيان: 18/579-582]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ونا آدم نا شيبان عن جابر عن مجاهد قال الختار الغدار). [تفسير مجاهد: 506]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} يقوله إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها، وفي قوله {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار} قال: نقصان الليل زيادة النهار {ويولج النهار في الليل} نقصان النهار زيادة في الليل {كل يجري إلى أجل مسمى} لذلك كله وقت واحد معلوم لا يعدوه ولا يقصر دونه، وفي قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال: ان أحب عباد الله إليه الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلى صبر، وفي قوله {وإذا غشيهم موج كالظلل} قال: كالسحاب وفي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} قال: غدار بذمته كفور بربه). [الدر المنثور: 11/658-659] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فمنهم مقتصد} قال: في القول وهو كافر {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار} قال: غدار {كفور} قال: كافر). [الدر المنثور: 11/659]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ختار} قال: جحاد). [الدر المنثور: 11/659]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له: أخبرني عن قوله {كل ختار كفور} قال: الجبار، الغدار، الظلوم، الغشوم، {الكفور} الذي يغطي النعمة قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
لقد علمت واستيقنت ذات نفسها * بان لا تخاف الدهر صرمي ولا ختري). [الدر المنثور: 11/659-660]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {كل ختار} قال: الذي يغدر بعهده {كفور} قال: بربه). [الدر المنثور: 11/660]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 جمادى الأولى 1434هـ/28-03-2013م, 06:08 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) )

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون} [لقمان: 25] أنّهم مبعوثون). [تفسير القرآن العظيم: 2/679]

تفسير قوله تعالى: (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {للّه ما في السّموات والأرض إنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} [لقمان: 26]، {الغنيّ} عن خلقه {الحميد} [لقمان: 26] المستحمد إلى خلقه، استوجب عليهم أن يحمدوه). [تفسير القرآن العظيم: 2/679]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} [لقمان: 27] يقول: لو أنّها أقلامٌ.
{والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ} [لقمان: 27] وبعضهم يقرأها بالنّصب: والبحر
[تفسير القرآن العظيم: 2/679]
يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ، أي: ولو أنّ البحر، تبعٌ للكلام الأوّل يقول: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} [لقمان: 27] ليكتب بها علم اللّه، علمه بما خلق {والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ} [لقمان: 27] يستمدّ منه الأقلام ليكتب بها علم ذلك.
{ما نفدت كلمات اللّه} [لقمان: 27]، يعني: لانكسرت الأقلام، ونفد ماء البحر، ولمات الكتّاب وما نفدت كلمات اللّه، علمه بما خلق.
وقال السّدّيّ: {ما نفدت كلمات اللّه} [لقمان: 27]، يعني: علم اللّه وعجائبه.
- قال يحيى: وحدّثني خداشٌ، عن عوافٍ، عن أبي المغيرة، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ تحت بحركم هذا بحرًا من نارٍ، وتحته بحرٌ من ماءٍ، وتحته بحرٌ من نارٍ، وتحته بحرٌ من ماءٍ، وتحته بحرٌ من نارٍ حتّى عدّ سبعة أبحرٍ من ماءٍ، وسبعة أبحرٍ من نارٍ.
سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي أيّوب، عن عبد اللّه بن عمرٍو نحوه.
قال: {إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ} [لقمان: 27] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/680]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه...}

ترفع {البحر} , ولو نصبته كان صواباً؛ كما قرأت القراء : {وإذا قيل إنّ وعد الله حقٌّ والسّاعة لا ريب فيها} ,, و{الساعة} وفي قراءة عبد الله : (وبحر يمدّه سبعة أبحرٍ) .
يقول: يكون مداداً كالمداد المكتوب به, وقول عبد الله يقوّي الرفع, والشيء إذا مدّ الشيء , فزاد فكان زيادةً فيه فهو يمدّه؛ تقول دجلة تمدّ بئارنا, وأنهارنا، والله يمدّنا بها, وتقول: قد أمددتك بألفٍ فمدّوك، يقاس على هذا كلّ ما ورد.). [معاني القرآن: 2/329]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ مّا نفدت كلمات الله }: مجاز البحر هاهنا : الماء العذب , يقال: ركبنا هذا البحر , وكنا في ناحية هذا البحر , أي : في الريف لأن الملح في البحر لا ينبت القلام؛ يمده من بعده , أي : من خلفه , أي : يسيل فيه سبعة أبحر, ومجازه : مجاز المختصر الذي فيه ضمير، سبيله: فكتب كتاب الله بهذه الأقلام , وبهذه البحور : ما نفد كتاب الله.). [مجاز القرآن: 2/128]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ مّا نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ}
وقال: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه}: رفع على الابتداء , ونصب على القطع, ورفع الأقلام على خبر "أنّ".). [معاني القرآن: 3/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({والبحر يمده}: يزيد فيه. يقال مد قدرك أي زد في مائها ومثله مد قلمك أيضا). [غريب القرآن وتفسيره: 299]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولو أنّما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيز حكيم (27)}
{والبحر}: و يقرأ " والبحر " بالرفع.
فأما النصب , فعطف على (ما) , والمعنى : ولو أن ما في الأرض , ولو أن البحر، والرفع حسن على وجهين:
على معنى: والبحر هذه حاله.
ويجوز أن يكون معطوفا على موضع إن مع ما بعدها ؛ لأن معنى لو أن ما في الأرض لو وقع ما في الأرض؛ لأن (لو) تطلب الأفعال , فإذا جاءت معها (إنّ) , لم تذكر معها الأفعال؛ لأنه تذكر معها الأسماء والأفعال.
وقوله عزّ وجلّ: {ما نفدت كلمات اللّه}: معناه : ما انقطعت، ويروى أن المشركين قالوا في القرآن: إن هذا كلام سينفد، وسيقطع، فأعلم اللّه عزّ وجلّ : أن كلماته , وحكمته لا تنفد.). [معاني القرآن: 4/199-200]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله}
في رواية أبي عمرو بن العلاء , عن مجاهد , عن ابن عباس قال : (قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم: بلغنا أنك تقول {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} , فهذا لنا , أو لغيرنا .
فقال صلى الله عليه وسلم : ((للجميع)) .
فقالوا : أما علمت أن الله أعطى موسى التوراة , وخلفها فينا ومعنا .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((التوراة وما فيها من الأنباء في علم الله جل وعز قليل)) , فأنزل الله: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله} , إلى تمام ثلاث آيات) .
قال أبو جعفر : فقد تبين أن الكلمات ههنا يراد بها العلم , وحقائق الأشياء ؛ لأنه علم قبل أن يخلق الخلق ما هو خالق في السموات والأرض من شيء , وعلم ما فيه من مثاقيل الذر , وعلم الأجناس كلها , وما فيها من شعرة وعضو , وما في الشجرة من ورقة , وما فيها من ضروب الخلق , وما يتصرف فيه من ضروب الطعم واللون , فلو سمى كل دابة وحدها , وسمى أجزائها على ما يعلم من قليلها وكثيرها , وما تحولت عليه في الأحوال , وما زاد فيها في كل زمان , وبين كل شجرة وحدها , وما تفرعت عليه , وقدر ما ييبس من ذلك في كل زمان , ثم كتب البيان عن كل واحد منها على ما أحاط الله عز وجل منها , ثم كان البحر مدادا لذلك البيان الذي بين الله عز وجل تلك الأشياء , يمده من بعده سبعة أبحر , لكان البيان عن تلك الأشياء أكثر.). [معاني القرآن: 5/291-292]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَمُدُّهُ}: يزيد فيه.). [العمدة في غريب القرآن: 240]

تفسير قوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان: 28] وذلك أنّ المشركين قالوا: يا محمّد، خلقنا اللّه أطوارًا، نطفًا، ثمّ علقًا، ثمّ مضغًا، ثمّ عظامًا، ثمّ لحمًا، ثمّ أنشأنا خلقًا آخر كما تزعم، وتزعم أنّا نبعث في ساعةٍ واحدةٍ، فأنزل اللّه تبارك وتعالى جوابًا لقولهم: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان: 28]، أي: إنّما
يقول له: كن فيكون.
[تفسير القرآن العظيم: 2/680]
قال: {إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ} [لقمان: 28] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {مّا خلقكم ولا بعثكم إلاّ كنفسٍ واحدةٍ...}

إلا كبعث نفس واحدة, أضمر البعث لأنه فعل؛ كما قال: {تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت} , المعنى - والله أعلم -: كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت، فأضمر الدوران , والعين جميعاً.). [معاني القرآن: 2/329]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ما خلقكم ولا بعثكم إلّا كنفسٍ واحدةٍ}: مجازه مجاز قولك إلا كخلق نفس واحدة , وإلا كبعث نفسٍ واحدة , أي : كإحياء نفس لأنه إذا قدر على ذلك من بعض يقدر على بعث أكثر من ذلك , إنما يقول لها: كوني فتكون , ذا قدر على أن يخلق نفساً يقدر على خلق أكثر من ذلك.). [مجاز القرآن: 2/128]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{ما خلقكم ولا بعثكم إلّا كنفس واحدة إنّ اللّه سميع بصير (28)}
تأويله إلا كخلق نفس واحدة، وكبعث نفس واحدة، أي: قدرة اللّه على بعث الخلق أجمعين , وعلى خلق الخلق أجمعين كقدرته على خلق نفس واحدة , وبعث نفس واحدة.). [معاني القرآن: 4/200]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير}
قال مجاهد : إنما يقول : كن فيكون القليل , والكثير.). [معاني القرآن: 5/292]

تفسير قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلونَ خَبِيرٌ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار} [لقمان: 29] يدخل اللّيل في النّهار.
{ويولج النّهار في اللّيل} [لقمان: 29] ويدخل النّهار في اللّيل، وهو أخذٌ كلّ واحدٍ منهما من صاحبه.
قال: {وسخّر} لكم.
{الشّمس والقمر} يجريان.
قال: {كلٌّ يجري إلى أجلٍ مسمًّى} [لقمان: 29] لا يقصر دونه ولا يزيد عليه إلى الوقت الّذي يكوّر فيه فيذهب ضوءه.
وقال: {وأنّ اللّه بما تعملون خبيرٌ} [لقمان: 29] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ألم تر أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلّ يجري إلى أجل مسمّى وأنّ اللّه بما تعملون خبير (29)}

{يولج اللّيل في النّهار}: معناه : يدخل الليل في النهار، ليل الصيف في نهاره.
{ويولج النّهار في اللّيل}: يدخل نهار الشتاء في ليله.). [معاني القرآن: 4/200]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ} [لقمان: 30] والحقّ اسمٌ من أسماء اللّه.
{وأنّ ما يدعون من دونه الباطل} [لقمان: 30]، يعني: أوثانهم.
{وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} [لقمان: 30] لا أعلى منه، {الكبير} [لقمان: 30] ولا أكبر منه). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ وأنّ ما تدعون من دونه الباطل }: أي : تجعلون معه , قال:

ألا ربّ من تدعو صديقاً وغيبه= لك الدهر قدماً غير منشرح الصدر). [مجاز القرآن: 2/128]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ الفلك تجري في البحر بنعمت اللّه} [لقمان: 31] أنعم بها على خلقه.
{ليريكم من آياته} [لقمان: 31]، يعني: جري السّفن من آياته.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} [لقمان: 31] وهو المؤمن). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بنعمة اللّه...}

وقد قرئت : {بنعمات الله} , وقلّما تفعل العرب ذلك بفعلةٍ: أن تجمع على التاء إنّما يجمعونها على فعلٍ؛ مثل سدرة , وسدر، وخرقة وخرق. وإنّما كرهوا جمعه بالتاء ؛ لأنهم يلزمون أنفسهم كسر ثانية إذا جمع؛ كما جمعوا ظلمة ظلمات , فرفعوا ثانيها إتباعاً لرفعة أوّلها، وكما قالوا: حسراتٌ فأتبعوا ثانيها أولها, فلمّا لزمهم أن يقولوا: بنعمات , استثقلوا أن تتوالى كسرتان في كلامهم؛ لأنا لم نجد ذلك إلاّ في الإبل وحدها, وقد احتمله بعض العرب فقال: نعماتٌ , وسدراتٌ.). [معاني القرآن: 2/329-330]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقولهم: وأين قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ} من قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [لقمان: 31]. ولم يرد الله في هذا الموضع معنى الصبر والشكر خاصة، وإنما أراد: إن في ذلك لآيات لكل مؤمن. والصبر والشكر أفضل ما في المؤمن من خلال الخير، فذكره الله عز وجل في هذا الموضع بأفضل صفاته.
وقال في موضع آخر: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
وفي موضع آخر: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}و{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} و{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} يعني المؤمنين.
ومثله قوله تعالى في قصة سبإ: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}. وهذا كما تقول: أن في ذلك لآية لكل موحّد مصلّ، ولكلّ فاصل تقيّ. وإنما تريد المسلمين). [تأويل مشكل القرآن: 75]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ الفلك تجري في البحر بنعمت اللّه ليريكم من آياته إنّ في ذلك لآيات لكلّ صبّار شكور (31)}
ويقرأ :{بنعمات اللّه}, ويجوز :{بنعمات اللّه}, ويجوز :{بنعمات اللّه } بفتح العين , ففيها ثلاثة أوجه إذا جمعت، وأكثر القراءة بنعمة اللّه على الواحدة، وأما الكسر فعلى مذهب من جمع كسرة على كسرات.
ومن أسكن , وهو أجود أوجهه , فعلى من جمع كسرات؛ لأن كسرات بقل مثله في كلام العرب، إنما جاء في أصول الأبنية ما توالت فيه كسرتان نحو إبل وإطل فقط، ومن قرأ : بنعمات الله ؛ فلأن الفتح أخف الحركات.
قال الشاعر:
ولما رأونا باديا ركباتنا= على موطن لا نخلط الجدّ بالهزل
والأكثر : ركبات، وركبات أجود لثقل الضّمّة، ولكنه أكثر من الكلام : من نعمات، وكسرات.
وقوله عزّ وجلّ: {لكلّ صبّار شكور}
روى قتادة : (أن أحبّ العباد إلى الله : من إذا أعطي شكر , وإذا ابتلي صبر).
فأعلم اللّه عزّ وجلّ : أن المعتبر المتفكر في خلق السّماوات والأرض , هو الصبّار الشّكور.). [معاني القرآن: 4/200-201]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل} [لقمان: 32] كالجبال، وقال في آيةٍ أخرى: {وهي تجري بهم في موجٍ كالجبال} [هود: 42] وقال في آيةٍ أخرى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ} [الأعراف: 171].
[تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قال: {دعوا اللّه مخلصين له الدّين} [لقمان: 32]، يعني: التّوحيد، وهو تفسير السّدّيّ.
{فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصدٌ} [لقمان: 32] وهو المؤمن، وإمّا الكافر فعاد في كفره.
قال مجاهدٌ: {فمنهم مقتصدٌ} [لقمان: 32] في القول وهو كافرٌ.
وقال: {وما يجحد بآياتنا إلا كلّ ختّارٍ كفورٍ} [لقمان: 32] غدّارٍ، في تفسير مجاهدٍ.
كفورٍ أخلص للّه في البحر للمخافة من الغرق، ثمّ غدر فأشرك كقوله: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون} [العنكبوت: 65] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/682]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {كلّ ختّارٍ...}

الختّار: الغدّار وقوله: {موجٌ كالظلل}, فشبّهه بالظلل , والموج واحد لأن الموج يركب بعضه بعضاً، ويأتي شيء بعد شيء , فقال : {كالظلل} , يعني : السحاب.) . [معاني القرآن: 2/330]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وإذا غشيهم مّوجٌ كالظلل }, واحدتها ظلة, ومجازه: من شدة سواد كثرة الماء , ومعظمه.
قال النابغة الجعدي , وهو يصف البحر:
يماشيهنّ أخضر ذو ظلالٍ= على حافاته فلق الدّنان
ويروى " يعارضهن ".
{كلٌّ ختّارٍ كفورٍ }: الختر أقبح الغدر , قال الأعشى:
بالأبلق الفرد من تيماء منزله= حصنٌ حصين وجارٌ غير ختّار
وقال عمرو بن معد يكرب:
وإنك لو رأيت أبا عمير= ملأت يديك من غدر وختر). [مجاز القرآن: 2/128-129]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ختار كفور}: غادر بعهده). [غريب القرآن وتفسيره: 299]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل}: جمع «ظلة», يريد: أنّ بعضه فوق بعض، فله سواد من كثرته, والبحر ذو ظلال لأمواجه, قال الجعديّ:
يعارضهن أخضر ذو ظلال = على حافاته فلق الدّنان
يعني: البحر.
و(الختّار): الغدّار,
و«الختر»: أقبح الغدر، وأشدّه.). [تفسير غريب القرآن: 344-345]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عز وجل: {وإذا غشيهم موج كالظّلل دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلّا كلّ ختّار كفور (32)}
قال في الموج: " كالظّلل" لأن موج البحر يعظم حتى يصير كأنّه ظلل. وقوله:{ختّار كفور} , الختر: أقبح الغدر.). [معاني القرآن: 4/201]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد}
قال مجاهد :{فمنهم مقتصد }, في القول . وهو كافر .
وقيل : مقتصد , أي : مقتصد في فعله , خبر أن منهم من لا يشرك.
وقوله جل وعز: {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور}
قال مجاهد وقتادة : (الختار : الغدور) .
قال أبو جعفر : الختر في كلام العرب : أقبح الغدر.). [معاني القرآن: 5/292-293]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا كل ختار}: أي: غدار). [ياقوتة الصراط: 406]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خَتَّارٍ}: أي : غدار , وهو أشده.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 190]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خَتَّارٍ}: غدار.). [العمدة في غريب القرآن: 240]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:45 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) }

تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
نعجل للضيفان في المحل بالقرى = قدورا بمعبوط تمد وتغرف
...
وقوله تمد هذه القدور كلما نفد ما فيها ملئت وهو من قول الله تعالى: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله} يقول فكلما فني ما في قدورنا مددناها وغرفنا لضيفنا). [نقائض جرير والفرزدق: 563]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقول ابن جعيل:

وأهل العراق لهم كارهينا
محمول على "أرى" ومن قال:
وأهل العراق لهم كارهونا
فالرفع من وجهين: أحدهما قطعٌ وابتداءٌ، ثم عطف جملة على جملة بالواو، ولم يحمله على أرى، ولكن كقولك كان زيدٌ منطلقًا، وعمرو منطلقٌ الساعة، خبرت بخبر بعد خبر، والوجه الآخر أن تكون الواو وما بعدها حالاً، فيكون معناها "إذ"، كما تقول رأيت زيدًا قائمًا وعمرو منطلق، تريد إذ: عمٌرو منطلق. وهذه الآية تحمل على هذا المعنى، وهو قول الله عز وجل: {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ}، والمعنى والله أعلم: إذ طائفةٌ في هذه الحال وكذلك قراءة من قرأ: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}، أي والبحر هذه حاله، وإن قرأ (وَالْبَحْرَ) فعلى"أن"). [الكامل: 1/425] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومده زاد فيه ومنه قولهم مد فلان فلانًا بكذا وكذا ومنه مدد الجيوش وهو من قول الله عز وجل: {يمده من بعده سبعة أبحرٍ}). [شرح المفضليات: 562]

تفسير قوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومن الحروف أيضا: {والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله} تحت {الذين} تأويل من غير تحصيل العدد، لا يعلمه غير الله جل وعز. ويدل على صحة هذا القول أيضا قراءة ابن مسعود، (إن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به) وقراءة أبي: (ويقول الراسخون في العلم)، فتقديم القول على (الراسخين) يدل على أنهم غير داخلين في العلم.
ويدل على أنهم غير داخلين في العلم ما أخبرناه عبد الله بن محمد، قال: حدثنا الحسن بن يحيى: قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس أنه قرأ: (ويقول الراسخون في العلم).
والحديثان اللذان احتج بهما أصحاب القول الأول لا يصححان؛ لأن ابن أبي نجيح هو الراوي لهما عن مجاهد. وقد قال ابن عيينة: لم يسمع ابن أبي نجيح التفسير عن مجاهد، والآثار كلها تبطلها.
وإلى هذا المذهب كان يذهب الكسائي، والفراء، وأبو عبيدة، وأبو العباس؛ وهو اختيارنا. ولا حجة علينا في أن الراسخين إذا استؤنفوا وجعل القول خبرهم، لم يكن لهم على غير الراسخين فضل، لأن فضلهم على هذا التأويل لا يخفى؛ إذا كانوا يؤمنون بما تعقله قلوبهم، وتنطوي عليه ضمائرهم، وغير الراسخين يقلدون الراسخين، ويقتدون بهم، ويجرون على مثل سبيلهم، والمقتدي وإن كان له أجر وفضل يتقدمه المقتدى به، ويسبقه إلى الفضل والأجر والخير.
ولا ينكر أن يكتفى بالراسخين من غيرهم إذ كانوا أرفع شأنا منهم، فقد فعل الله جل وعز مثل هذا في قوله: {ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من
آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور}.
ففي ذلك آيات لكل صبار، ولكل غير صبار؛ إلا أنه أفرد الصبار، وخصه بالذكر تشريفا وتعظيما، والآخر غير خارج من معناه.
وفي هذه المسألة تفاسير واحتجاجات، يطول شرحها في هذا الموضع، إذ لم يكن قصدنا فيه التفسير؛ وهي كاملة موجودة مجموعة في كتاب (الرد على أهل الإلحاد في القرآن) ). [كتاب الأضداد: 426-428] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 08:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 08:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 08:37 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أقام عليهم الحجة في أمر الأصنام بأنهم يقرون بأن الله تعالى خالق المخلوقات، ويدعون مع ذلك إلها غيره، والمعنى: قل الحمد لله على ظهور الحجة عليكم. وقوله تعالى: {بل أكثرهم} إضراب عن مقدر، تقديره ليس دعواهم بحق، ونحو هذا، وقوله: "أكثرهم" على أصله; لأن منهم من شذ فعلهم كزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل. ويحتمل أن تكون الإشارة أيضا إلى من هو معد أن يسلم). [المحرر الوجيز: 7/ 57]

تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر على جهة الحكم وفصل القضية بأن الله عز وجل له ملك السماوات والأرض وما فيهما، أي: وأقوال هؤلاء لا معنى لها ولا حقيقة، والمعنى: الذي لا حاجة به في وجوده وكماله إلى شيء، ولا نقص بجهة من الجهات، و"الحميد" المحمود، أي: كذلك هو بذاته وصفاته). [المحرر الوجيز: 7/ 57]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم * ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير}
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سبب هذه الآية أن اليهود قالت: يا محمد، كيف عنينا بهذا القول وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ونحن قد أوتينا التوراة فيها كلام الله وأحكامه، وعندك أنها تبيان كل شيء؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التوراة قليل من كثير"، ونزلت هذه الآية، وهذا هو القول الصحيح، والآية مدنية. وقال قوم: إن سبب الآية أن قريشا قالت: سيتم هذا الكلام لمحمد وينحسر، فنزلت. وقال السدي: قريش: ما أكثر كلام محمد، فنزلت.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والغرض منها الإعلام بكثرة كلمات الله تعالى، وهي في نفسها غير متناهية، وإنما قرب الأمر على أفهام البشر بما يتناهى; لأنه غاية ما يعهده البشر من الكثرة، وأيضا فإن الآية إنما تضمنت أن كلمات الله تعالى لم تكن لتنفد، وليس تقتضي الآية أنها تنفد بأكثر من هذه الأقلام والبحور.
قال أبو علي: المراد بالكلمات - والله أعلم - ما في المقدور دون ما أخرج منه إلى الوجود. وذهبت فرقة إلى أن (الكلمات) هنا إشارة إلى المعلومات.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول ينحو إلى الاعتزال من حيث يرون في الكلام أنه مخلوق، نور الله تعالى قلوبنا بهداه.
وقرأ أبو عمرو وحده من السبعة، وابن أبي إسحاق، وعيسى: "والبحر" بالنصب عطفا على "ما" التي هي اسم "أن"، وقرأ جمهور الناس: "والبحر" بالرفع على أنه ابتداء، وخبره في الجملة التي بعده; لأن تقديره: "هذه حاله"، كذا، قدرها سيبويه، وقال بعض النحويين: هو عطف على "أن"; لأنها في موضع رفع بالابتداء. وقرأ جمهور الناس: "يمده"، من "مد"، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: "يمده" من "أمد"، وقالت فرقة: هما بمعنى واحد، وقالت فرقة: مد الشيء بعضه بعضا، وأمد الشيء ما ليس منه، فكأن الأبحر السبعة المتوهمة ليست من البحر الموجود. وقرأ جعفر بن محمد: "والبحر مداده"، وهو مصدر، وقرأ ابن مسعود: "وبحر يمده"، وقرأ الحسن: "ما نفد كلام الله").[المحرر الوجيز: 7/ 57-59]

تفسير قوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى أمر الخلق والبعث أنه في الجميع وفي شخص واحد بالسواء; لأنه كله "بكن فيكون" قاله مجاهد، وحكى النقاش أن هذه الآية في أبي بن خلف، وأبي الأسود وبنيه، ومنبه بن الحجاج، وذلك أنهم قالوا: يا محمد، إنا نرى الطفل يخلق بتدريج وأنت تقول: الله يعيدنا دفعة واحدة، فنزلت الآية بسببهم). [المحرر الوجيز: 7/ 59]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير}
هذا تنبيه خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به جميع العالم، وهذه عبرة تدل على الخالق المخترع أن يكون الليل بتدرج، والنهار كذلك، فما قصر من أحدهما زاد في الآخر، ثم بالعكس ينقسم بحكمة بارئ العالم، لا رب غيره.
و"يولج" معناه: يدخل، و"الأجل المسمى": القيامة التي تنتقض فيها هذه البنية وتكور الشمس. وقرأ جمهور القراء: "بما تعملون" بالتاء من فوق، وقرأ عباس عن أبي عمرو "يعملون" بالياء.
وقوله تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق}، الإشارة بـ"ذلك" إلى هذه العبرة وما جرى مجراها، ومعنى هو الحق أي: صفة الألوهية له حق، فيحسن في القول تقدير "ذو"، وكذلك الباب متى أخبر بمصدر عن عين، فالتقدير: ذو كذا، و"حق" مصدر، ومنه قول الشاعر:
فإنما هي إقبال وإدبار
وهذا كثير. ومتى قلت: كذا وكذا حق، فإنما معناه: اتصاف كذا بكذا حق.
وقوله: {وأن ما يدعون} يصح أن يريد الأصنام، وتكون "ما" بمعنى "الذي"، ويكون الإخبار عنها بالباطل على نحو ما قدمناه في "الحق"، ويصح أن تكون "ما" مصدرية، كأنه قال: وأن دعاءكم آلهة من دونه الباطل، أي الفعل الذي لا يؤدي إلى الغاية المطلوبة به. وقرأ الجمهور: "تدعون" بالتاء من فوق، وقرأ: "يدعون" بالياء ابن وثاب، والأعمش، وأهل مكة، ورويت عن أبي عمرو. وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 7/ 59-60]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور * وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور}
الرؤية في قوله: "ألم تر" رؤية العين يتركب عليها النظر والاعتبار، والمخاطب محمد صلى الله عليه وسلم والمراد الناس أجمع. و"الفلك" جمع وواحد بلفظ واحد. وقرأ موسى بن الزبير: "الفلك" بضم اللام. وقوله: "ألم تر" يحتمل أن يريد ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق، فالباء للإلصاق، ويحتمل أن يريد: بالريح وتسخير الله تعالى البحر ونحو هذا، فالباء باء السبب. وقرأ الجمهور: "بنعمة"، وقرأ ابن أبي عبلة: "بنعمات" بفتح النون وكسر العين.
وذكر تعالى من صفة المؤمن الصبار والشكور على الضراء والسراء، وقال الشعبي: "الصبر نصف الإيمان، والشكر نصفه الآخر، واليقين الإيمان كله"). [المحرر الوجيز: 7/ 60-61]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وغشي: غطى، أو قارب، و"الظلل": السحاب، وقرأ محمد بن الحنفية: "كالظلال" ومنه قول النابغة يصف البحر:
يماشيهن أخضر ذو ظلال ... على حافاته فلق الدنان
ووصف تعالى في هذه الآية حالة البشر الذين لا يعتبرون حق العبرة، والقصد بالآية تبيين آية تشهد العقول بأن والأصنام والأوثان لا شركة لها فيها ولا مدخل.
وقوله تعالى: {فمنهم مقتصد}، قال الحسن: منهم مؤمن يعرف حق الله تعالى في هذه النعم، وقال مجاهد: يريد: فمنهم مقتصد على كفره، أي: منهم من يسلم لله تعالى ويفهم نحو هذا من القدرة، وإن ضل في الأصنام من جهة أنه يعظمها بسيرته ولسانه.
و"الختار": القبيح الغدر، وذلك أن نعم الله تعالى على العباد كأنها عهود ومنن يلزم عنها أداء شكرها والعبادة لمسديها، فمن كفر ذلك وجحد به فكأنه ختر وخان، ومن الختر قول عمرو بن معدي يكرب الزبيدي:
فإنك لو رأيت أبا عمير ... ملأت يديك من غدر وختر
وقال الحسن: الختار هو الغدار. و"كفور" بناء مبالغة). [المحرر الوجيز: 7/ 61]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 09:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 12:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون (25) للّه ما في السّموات والأرض إنّ اللّه هو الغنيّ الحميد (26)}.
يقول تعالى مخبرًا عن هؤلاء المشركين به: إنّهم يعرفون أن الله خالق السموات والأرض، وحده لا شريك له، ومع هذا يعبدون معه شركاء يعترفون أنّها خلقٌ له وملكٌ له؛ ولهذا قال: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه} [أي: إذ قامت عليكم الحجّة باعترافكم]، {بل أكثرهم لا يعلمون}).[تفسير ابن كثير: 6/ 348]

تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {للّه ما في السّموات والأرض} أي: هو خلقه وملكه، {إنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} أي: الغنيّ عمّا سواه، وكلّ شيءٍ فقيرٌ إليه، الحميد في جميع ما خلق، له الحمد في السموات والأرض على ما خلق وشرع، وهو المحمود في الأمور كلّها). [تفسير ابن كثير: 6/ 348]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ (27) ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ (28)}.
يقول تعالى مخبرًا عن عظمته وكبريائه وجلاله، وأسمائه الحسنى وصفاته العلا وكلماته التّامّة الّتي لا يحيط بها أحدٌ، ولا اطّلاع لبشرٍ على كنهها وإحصائها، كما قال سيّد البشر وخاتم الرّسل: "لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك"، فقال تعالى: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} [أي: ولو أنّ جميع أشجار الأرض جعلت أقلامًا، وجعل البحر مدادًا ومده سبعة أبحرٍ] معه، فكتبت بها كلمات اللّه الدّالّة على عظمته وصفاته وجلاله لتكسّرت الأقلام، ونفد ماء البحر، ولو جاء أمثالها مددا.
وإنّما ذكرت "السّبعة" على وجه المبالغة، ولم يرد الحصر ولا [أنّ] ثمّ سبعة أبحرٍ موجودةً تحيط بالعالم، كما يقوله من تلقّاه من كلام الإسرائيليّين الّتي لا تصدّق ولا تكذّب، بل كما قال تعالى في الآية الأخرى: {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مددًا} [الكهف: 109]، فليس المراد بقوله: {بمثله} آخر فقط، بل بمثله ثمّ بمثله ثمّ بمثله، ثمّ هلمّ جرًّا؛ لأنّه لا حصر لآيات اللّه وكلماته.
وقال الحسن البصريّ: لو جعل شجر الأرض أقلامًا، وجعل البحر مدادًا، وقال اللّه: "إنّ من أمري كذا، ومن أمري كذا" لنفد ما في البحور، وتكسّرت الأقلام.
وقال قتادة: قال المشركون: إنّما هذا كلامٌ يوشك أن ينفد، فقال اللّه تعالى: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} أي: لو كان شجر الأرض أقلامًا، ومع البحر سبعة أبحرٍ، ما كان لتنفد عجائب ربّي وحكمته وخلقه وعلمه.
وقال الرّبيع بن أنسٍ: إنّ مثل علم العباد كلّهم في علم اللّه كقطرةٍ من ماء البحور كلّها، وقد أنزل اللّه ذلك: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} الآية.
يقول: لو كان البحر مدادًا لكلمات اللّه والأشجار كلّها أقلامًا، لانكسرت الأقلام، وفني ماء البحر، وبقيت كلمات اللّه قائمةً لا يفنيها شيءٌ؛ لأنّ أحدًا لا يستطيع أن يقدر قدره، ولا يثني عليه كما ينبغي، حتّى يكون هو الّذي يثني على نفسه. إنّ ربّنا كما يقول، وفوق ما نقول.
وقد روي أنّ هذه الآية نزلت جوابًا لليهود، قال ابن إسحاق: حدّثني ابن أبي محمّدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ أحبار يهود قالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالمدينة: يا محمّد، أرأيت قولك: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}؟ [الإسراء: 85]، إيّانا تريد أم قومك؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "كلّا". فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك أنّا قد أوتينا التّوراة فيها تبيانٌ لكلّ شيءٍ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّها في علم اللّه قليلٌ، وعندكم من ذلك ما يكفيكم". وأنزل اللّه فيما سألوه عنه من ذلك: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} الآية.
وهكذا روي عن عكرمة، وعطاء بن يسار. وهذا يقتضي أنّ هذه الآية مدنيّةٌ لا مكّيّةٌ، والمشهور أنّها مكّيّةٌ، واللّه أعلم.
وقوله: {إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ} أي: عزيزٌ قد عز كلّ شيءٍ وقهره وغلبه، فلا مانع لما أراد ولا مخالف ولا معقّب لحكمه، {حكيمٌ} في خلقه وأمره، وأقواله وأفعاله، وشرعه وجميع شؤونه). [تفسير ابن كثير: 6/ 348-349]

تفسير قوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} أي: ما خلق جميع النّاس وبعثهم يوم المعاد بالنّسبة إلى قدرته إلّا كنسبة [خلق] نفسٍ واحدةٍ، الجميع هيّنٌ عليه و {إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون} [يس: 82]، {وما أمرنا إلا واحدةٌ كلمحٍ بالبصر} [القمر: 50] أي: لا يأمر بالشّيء إلّا مرّةً واحدةً، فيكون ذلك الشّيء لا يحتاج إلى تكرّره وتوكّده. {فإنّما هي زجرةٌ واحدةٌ فإذا هم بالسّاهرة} [النّازعات: 13، 14].
وقوله: {إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ} أي: كما هو سميعٌ لأقوالهم بصيرٌ بأفعالهم كسمعه وبصره بالنّسبة إلى نفسٍ واحدةٍ كذلك قدرته عليهم كقدرته على نفسٍ واحدةٍ؛ ولهذا قال: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ [إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ]} ). [تفسير ابن كثير: 6/ 349]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري إلى أجلٍ مسمًّى وأنّ اللّه بما تعملون خبيرٌ (29) ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه الباطل وأنّ اللّه هو العليّ الكبير (30)}
يخبر تعالى أنّه {يولج اللّيل في النّهار} بمعنى: يأخذ منه في النّهار، فيطول ذلك ويقصر هذا، وهذا يكون زمن الصّيف يطول النّهار إلى الغاية، ثمّ يسرع في النّقص فيطول اللّيل ويقصر النّهار، وهذا يكون في زمن الشّتاء، {وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري إلى أجلٍ مسمًّى} قيل: إلى غايةٍ محدودةٍ. وقيل: إلى يوم القيامة. وكلا المعنيّين صحيحٌ، ويستشهد للقول الأوّل بحديث أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، الّذي في الصّحيحين: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يا أبا ذرٍّ، أتدري أين تذهب هذه الشّمس؟ ". قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّها تذهب فتسجد تحت العرش، ثمّ تستأذن ربّها فيوشك أن يقال لها: ارجعي من حيث جئت".
وقال ابن أبي الحاتم: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو صالحٍ، حدّثنا يحيى بن أيّوب، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: الشّمس بمنزلة السّاقية، تجري بالنّهار في السّماء في فلكها، فإذا غربت جرت باللّيل في فلكها تحت الأرض حتّى تطلع من مشرقها، قال: وكذلك القمر. إسناده صحيحٌ.
وقوله: {وأنّ اللّه بما تعملون خبيرٌ}، كقوله: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض} [الحجّ: 70]. ومعنى هذا: أنّه تعالى الخالق العالم بجميع الأشياء، كقوله: {اللّه الّذي خلق سبع سمواتٍ ومن الأرض مثلهنّ يتنزل الأمر بينهنّ لتعلموا أنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ وأنّ اللّه قد أحاط بكلّ شيءٍ علمًا} [الطّلاق: 12]). [تفسير ابن كثير: 6/ 349-350]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه الباطل} أي: إنّما يظهر لكم آياته لتستدلّوا بها على أنّه الحقّ، أي: الموجود الحقّ، الإله الحقّ، وأنّ كلّ ما سواه باطلٌ فإنّه الغنيّ عمّا سواه، وكلّ شيءٍ فقيرٌ إليه؛ لأنّ كلّ ما في السموات والأرض الجميع خلقه وعبيده، لا يقدر أحدٌ منهم على تحريك ذرّة إلّا بإذنه، ولو اجتمع كلّ أهل الأرض على أن يخلقوا ذبابًا لعجزوا عن ذلك؛ ولهذا قال: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه الباطل وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} أي: العليّ: الّذي لا أعلى منه، الكبير: الّذي هو أكبر من كلّ شيءٍ، فكل شيء خاضع حقير بالنسبة إليه). [تفسير ابن كثير: 6/ 350]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر أنّ الفلك تجري في البحر بنعمة اللّه ليريكم من آياته إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ (31) وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصدٌ وما يجحد بآياتنا إلا كلّ ختّارٍ كفورٍ (32)}
يخبر تعالى أنّه هو الّذي سخّر البحر لتجري فيه الفلك بأمره، أي: بلطفه وتسخيره؛ فإنّه لولا ما جعل في الماء من قوّةٍ يحمل بها السّفن لما جرت؛ ولهذا قال: {ليريكم من آياته} أي: من قدرته، {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} أي: صبّارٌ في الضّرّاء، شكورٌ في الرّخاء). [تفسير ابن كثير: 6/ 351]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل} أي: كالجبال والغمام، {دعوا اللّه مخلصين له الدّين}، كما قال تعالى: {وإذا مسّكم الضّرّ في البحر ضلّ من تدعون إلا إيّاه} [الإسراء: 67]، وقال {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين} [العنكبوت: 65].
ثمّ قال: {فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصدٌ} قال مجاهدٌ: أي كافرٌ. كأنّه فسرّ المقتصد هاهنا بالجاحد، كما قال تعالى: {فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون} [العنكبوت: 65].
وقال ابن زيدٍ: هو المتوسّط في العمل.
وهذا الّذي قاله ابن زيدٍ هو المراد في قوله: {فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات} [فاطرٍ: 32]، فالمقتصد هاهنا هو: المتوسّط في العمل. ويحتمل أن يكون مرادًا هنا أيضًا، ويكون من باب الإنكار على من شاهد تلك الأهوال والأمور العظام والآيات الباهرات في البحر، ثمّ بعدما أنعم عليه من الخلاص، كان ينبغي أن يقابل ذلك بالعمل التّامّ، والدّؤوب في العبادة، والمبادرة إلى الخيرات. فمن اقتصد بعد ذلك كان مقصّرًا والحالة هذه، واللّه أعلم.
وقوله: {وما يجحد بآياتنا إلا كلّ ختّارٍ كفورٍ}: فالختّار: هو الغدّار. قاله مجاهدٌ، والحسن، وقتادة، ومالكٌ عن زيد بن أسلم، وهو الّذي كلّما عاهد نقض عهده، والختر: أتم الغدر وأبلغه، قال عمرو بن معد يكرب:
وإنّك لو رأيت أبا عمير = ملأت يديك من غدر وختر
وقوله: {كفورٍ} أي: جحودٌ للنّعم لا يشكرها، بل يتناساها ولا يذكرها). [تفسير ابن كثير: 6/ 351]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة