العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الإسراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:38 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة الإسراء [ من الآية (94) إلى الآية (98) ]

{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:39 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلاّ أن قالوا أبعث اللّه بشرًا رسولاً}.
يقول تعالى ذكره: وما منع يا محمّد مشركي قومك الإيمان باللّه، وبما جئتهم به من الحقّ {إذ جاءهم الهدى} يقول: إذ جاءهم البيان من عند اللّه بحقيقة ما تدعوهم وصحّة ما جئتهم به، إلاّ قولهم جهلاً منهم {أبعث اللّه بشرًا رسولاً} فأن الأولى في موضع نصبٍ بوقوع منع عليها، والثّانية في موضع رفعٍ، لأنّ الفعل لها). [جامع البيان: 15/91]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {قل لو كان في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئنّين لنزّلنا عليهم من السّماء ملكًا رسولاً}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه: قل يا محمّد لهؤلاء الّذين أبوا الإيمان بك وتصديقك فيما جئتهم به من عندي، استنكارًا لأن يبعث اللّه رسولاً من البشر: لو كان أيّها النّاس في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئنّين، لنزّلنا عليهم من السّماء ملكًا رسولاً، لأنّ الملائكة إنّما تراهم أمثالهم من الملائكة، أو من خصّه اللّه من بني آدم برؤيتها، فأمّا غيرهم فلا يقدرون على رؤيتها فكيف يبعث إليهم من الملائكة الرّسل، وهم لا يقدرون على رؤيتهم وهم بهيئاتهم الّتي خلقهم بها، وإنّما يرسل إلى البشر الرّسول منهم، كما لو كان في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئنّين، ثمّ أرسلنا إليهم رسولاً أرسلناه منهم ملكًا مثلهم). [جامع البيان: 15/91]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {قل كفى باللّه شهيدًا بيني وبينكم إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه: قل يا محمّد للقائلين لك: {أبعث اللّه بشرًا رسولاً} {كفى باللّه شهيدًا بيني وبينكم} فإنّه نعم الكافي والحاكم {إنّه كان بعباده خبيرًا} يقول: إنّ اللّه بعباده ذو خبرةٍ وعلمٍ بأمورهم وأفعالهم، والمحقّ منهم والمبطل، والمهديّ والضّالّ {بصيرًا} بتدبيرهم وسياستهم وتصريفهم فيما شاء، وكيف شاء وأحبّ، لا يخفى عليه شيءٌ من أمورهم، وهو مجاز جميعهم بما قدّم عند ورودهم عليه). [جامع البيان: 15/92]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى عميا وبكما قال البكم الخرس). [تفسير عبد الرزاق: 1/390]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى كلما خبت زدناهم سعيرا قال كلما لان منها شيء). [تفسير عبد الرزاق: 1/390]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({خبت} [الإسراء: 97] : «طفئت»). [صحيح البخاري: 6/84]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {موفورا} وافرا {تبيعا} ثائرا وقال ابن عبّاس نصيرًا {خبت} طفئت وقال ابن عبّاس {ولا تبذر} لا تنفق في الباطل {ابتغاء رحمة} رزق {مثبورا} ملعونا {ولا تقف} لا تقل {فجاسوا} تيمموا {يزجي لكم الفلك} يجري الفلك {يخرون للأذقان} للوجوه
قال عبد بن حميد ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 63 الإسراء {موفورا} قال وافرا
وبه في قوله 69 الإسراء {به تبيعا} قال نصيرًا ثائرا
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله تبيعا قال نصيرًا
وبه في قوله 97 الإسراء {كلما خبت} قال طفئت). [تغليق التعليق: 4/240-241] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (خبت طفئت
أشار به إلى قوله تعالى: {كلما خبت زدناهم سعيراً} (الإسراء: 97) وفسّر: (خبت) بقوله: (طفئت) يقال: خبت النّار تخبو خبواً إذا سكن لهبها، وأصل خبت خبيت قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثمّ حذفت لالتقاء الساكنين فصار خبت على وزن فعت). [عمدة القاري: 19/25]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: {كلما} ({خبت}) أي (طفئت) بفتح الطاء وكسر الفاء وفتح الهمزة قالوا خبت النار إذا سكن لهبها والجمر على حاله وخمدت إذا سكن الجمر وضعف وهمدت إذا طفئت جملة، والمعنى كلما أكلت النار جلودهم ولحومهم زدناهم سعيرًا أي توقدًا بأن تبدّل جلودهم ولحومهم فترجع ملتهبة مستعرة كأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء جزاهم الله بأن لا يزالوا على الإعادة والإفناء). [إرشاد الساري: 7/203]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا الحسن بن موسى، وسليمان بن حربٍ، قالا: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن أوس بن خالدٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: يحشر النّاس يوم القيامة ثلاثة أصنافٍ: صنفًا مشاةً، وصنفًا ركبانًا، وصنفًا على وجوههم، قيل: يا رسول الله، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: إنّ الّذي أمشاهم على أقدامهم قادرٌ على أن يمشيهم على وجوههم، أما إنّهم يتّقون بوجوههم كلّ حدبٍ وشوكٍ.
هذا حديثٌ حسنٌ.
وقد روى وهيبٌ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم شيئًا من هذا). [سنن الترمذي: 5/156]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا أحمد بن منيعٍ، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّكم محشورون رجالاً وركبانًا وتجرّون على وجوهكم.
هذا حديثٌ حسنٌ). [سنن الترمذي: 5/156]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم}
- عن محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن يحيى بن أبي بكيرٍ، عن شبل بن عبّادٍ، عن أبي قزعة سويد بن حجيرٍ، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه معاوية بن حيدة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّكم تحشرون رجالًا وركبانًا وتجرّون على وجوهكم...»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/156]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {ومن يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا مأواهم جهنّم كلّما خبت زدناهم سعيرًا}.
يقول تعالى ذكره: ومن يهد اللّه يا محمّد للإيمان به ولتصديقك وتصديق ما جئت به من عند ربّك، فوفّقه لذلك فهو المهتد الرّشيد المصيب الحقّ، لا من هداه غيره، فإنّ الهداية بيده. {ومن يضلل} يقول: ومن يضلله اللّه عن الحقّ، فيخذله عن إصابته، ولم يوفّقه للإيمان باللّه وتصديق رسوله، فلن تجد لهم يا محمّد أولياء ينصرونهم من دون اللّه، إذا أراد اللّه عقوبتهم والاستنقاذ منهم. {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم} يقول: ونجمعهم بموقف القيامة من بعد تفرّقهم في القبور عند قيام السّاعة {على وجوههم عميًا وبكمًا} وهو جمع أبكم، ويعني بالبكم: الخرس، كما؛
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {وبكمًا} قال: الخرس.
{وصمًّا} وهو جمع أصمّ.
فإن قال قائلٌ: وكيف وصف اللّه هؤلاء بأنّهم يحشرون عميًا وبكمًا وصمًّا، وقد قال {ورأى المجرمون النّار فظنّوا أنّهم مواقعوها} فأخبرهم أنّهم يرون، وقال: {إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا وإذا ألقوا منها مكانًا ضيّقًا مقرّنين دعوا هنالك ثبورًا} فأخبر أنّهم، يسمعون وينطقون؟
قيل: جائزٌ أن يكون ما وصفهم اللّه به من العمى والبكم والصّمم يكون صفتهم في حال حشرهم إلى موقف القيامة، ثمّ يجعل لهم أسماعٌ وأبصارٌ ومنطقٌ في أحوالٍ أخر غير حال الحشر، ويجوز أن يكون ذلك، كما روى عن ابن عبّاسٍ في الخبر الّذي؛
- حدّثنيه عليّ بن داود، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا} ثمّ قال: {ورأى المجرمون النّار فظنّوا} وقال: {سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا} وقال {دعوا هنالك ثبورًا}.
أما قوله: {عميًا} فلا يرون شيئًا يسرّهم. وقوله: {بكمًا} لا ينطقون بحجّةٍ. وقوله: {صمًّا} لا يسمعون شيئًا يسرّهم.
وقوله: {مأواهم جهنّم} يقول جلّ ثناؤه: ومصيرهم إلى جهنّم، وفيها مساكنهم، وهم وقودها، كما؛
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {مأواهم جهنّم} يعني إنّهم وقودها.
وقوله: كلّما خبت زدناهم سعيرًا يعني بقوله خبت: لانت وسكنت، كما قال عديّ بن زيدٍ العباديّ في وصف مزنةٍ:
وسطه كاليراع أو سرج المجدل = حينًا يخبو وحينًا ينير
يعني بقوله: يخبو السّرج: أنّها تلين وتضعف أحيانًا، وتقوى وتنير أخرى، ومنه قول القطاميّ:
فيخبو ساعةً ويهبّ ساعا
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل على اختلافٍ منهم في العبارة عن تأويله.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {كلّما خبت} قال: كلما سكنت.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {كلّما خبت زدناهم سعيرًا} يقول: كلّما أحرقتهم تسعّر بهم حطبًا، فإذا أحرقتهم فلم تبق منهم شيئًا صارت جمرًا تتوهّج، فذلك خبوها، فإذا بدّلوا خلقًا جديدًا عاودتهم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبى نجيح، عن مجاهدٍ قوله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ {كلّما خبت} قال: خبوّها أنّها تسعّر بهم حطبًا، فإذا أحرقتهم فلم يبق منهم شيءٌ صارت جمرًا تتوهّج، فإذا بدّلوا خلقًا جديدًا عاودتهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {كلّما خبت زدناهم سعيرًا} يقول: كلّما احترقت جلودهم بدّلوا جلودًا غيرها، ليذوقوا العذاب.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {كلّما خبت زدناهم سعيرًا} قال: كلّما لان منها شيءٌ.
- حدّثت عن مروان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {كلّما خبت} قال: سكنت.
وقوله: {زدناهم سعيرًا} يقول: زدنا هؤلاء الكفّار سعيرًا، وذلك إسعار النّار عليهم والتهابها فيهم وتأجّجها بعد خبوّها، في أجسامهم). [جامع البيان: 15/92-96]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد كلما خبت زدناهم سعيرا يقول كلما أطفئت أوقدت). [تفسير مجاهد: 370]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا سعيد بن مسعودٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ الوليد بن عبد اللّه بن جميعٍ، عن أبي الطّفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيدٍ أبي سريحة الغفاريّ، قال: سمعت أبا ذرٍّ الغفاريّ رضي اللّه عنه، وتلا هذه الآية {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا} [الإسراء: 97] فقال أبو ذرٍّ: حدّثني الصّادق المصدوق صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ النّاس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواجٍ طاعمين كاسين راكبين، وفوجٌ يمشون ويسعون، وفوجٌ تسحبهم الملائكة على وجوههم» قلنا: قد عرفنا هذين فما تلك الّذين يمشون ويسعون؟ قال: «يلقي اللّه الآفة على الظّهر حتّى لا تبقى ذات ظهرٍ حتّى إنّ الرّجل ليعطي الحديقة المعجبة بالشّاردة ذات القتب» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/398]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 97 – 99
أخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وأبو نعيم في المعرفة، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم قال: الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم). [الدر المنثور: 9/448]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية (الذين يحشرون على وجوههم) (الفرقان آية 34) الآية، فقالوا: يا نبي الله وكيق يمشون على وجوههم قال: أرأيت الذي أمشاهم على أقدامهم أليس قادرا على أن يمشيهم على وجوههم). [الدر المنثور: 9/449]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف: صنف مشاة وصنف ركبان وصنف على وجوههم، قيل: يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم قال: إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم، أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك). [الدر المنثور: 9/449]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي ذر رضي الله عنه أنه تلا هذه الاية {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما} فقال: حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاة أفواج: فوج طاعمين كاسين راكبين وقوج يمشون ويسعون وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم). [الدر المنثور: 9/449-450]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والنسائي، وابن مردويه والحاكم عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم تحشرون رجالا وركبانا وتجرون على وجوهكم ههنا ونحى بيده نحو الشام). [الدر المنثور: 9/450]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن ابي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {عميا} قال: لا يرون شيئا يسرهم {وبكما} قال: لا ينطقون بحجة {وصما} قال: لا يسمعون شيئا يسرهم). [الدر المنثور: 9/450]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغبطن فاجرا بنعمة فإن من ورائه طالبا حثيثا، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا} ). [الدر المنثور: 9/450]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدنيا خضرة حلوة، من اكتسب فيها مالا من غير حله وأنفقه في غير حله أحله دار الهوان، ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة، يقول الله: {كلما خبت زدناهم سعيرا} ). [الدر المنثور: 9/451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مأواهم جهنم} يعني أنهم وقودها). [الدر المنثور: 9/451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كلما خبت} قال: سكنت). [الدر المنثور: 9/451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كلما خبت زدناهم سعيرا}، قال: كلما طفئت أسعرت وأوقدت). [الدر المنثور: 9/451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباربي في كتاب الأضداد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كلما خبت زدناهم سعيرا}، قال: كلما أحرقتهم سعر بهم حطبا فإذا أحرقتهم فلم يبق منهم شيء صارت حمراء تتوهج، فذلك خبؤها فإذا بدلوا خلقا جديدا عاوتهم). [الدر المنثور: 9/451-452]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {كلما خبت زدناهم سعيرا}، يقول: كلما احترقت جلودهم بدلوا جلودا غيرها ليذوقا العذاب). [الدر المنثور: 9/452]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {كلما خبت} قال: الخبء الذي يطفأ مرة ويشعل أخرى، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:
وتخبو النار عن أدنى أذاهم * وأضرمها إذا ابتردوا سعيرا). [الدر المنثور: 9/452]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن أبي صالح في قوله: {كلما خبت} قال: معناه كلما حميت). [الدر المنثور: 9/452]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك جزاؤهم بأنّهم كفروا بآياتنا وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا}.
يقول تعالى ذكره: هذا الّذي وصفنا من فعلنا يوم القيامة بهؤلاء المشركين، ما ذكرت أنّا نفعل بهم من حشرهم على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا، وإصلائناهم النّار على ما بيّنّا من حالتهم فيها ثوابهم بكفرهم في الدّنيا بآياتنا، يعني بأدلّته وحججه، وهم رسله الّذين دعوهم إلى عبادته وإفرادهم إيّاه بالألوهة دون الأوثان والأصنام، وبقولهم إذا أمروا بالإيمان بالميعاد، وبثواب اللّه وعقابه في الآخرة {أئذا كنّا عظامًا} باليةً {ورفاتًا} قد صرنا ترابًا {أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا} يقولون: نبعث بعد ذلك خلقًا جديدًا كما ابتدئنا أوّل مرّةٍ في الدّنيا استنكارًا منهم لذلك، واستعظامًا له وتعجّبًا من أن يكون ذلك). [جامع البيان: 15/96-97]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:42 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما منع النّاس} [الإسراء: 94]، يعني: المشركين.
{أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث اللّه بشرًا رسولا} [الإسراء: 94] على الاستفهام.
وهذا الاستفهام على إنكارٍ منهم.
أي: لم يبعث اللّه بشرًا رسولا فلو كان من الملائكة لآمنّا به). [تفسير القرآن العظيم: 1/163]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وما منع النّاس أن يؤمنوا} أن في موضع نصب {إلاّ أن قالوا} (أن) في موضع رفع).
[معاني القرآن: 2/132]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلّا أن قالوا أبعث اللّه بشرا رسولا}
موضع (أن) نصب.
وقوله: {إلّا أن قالوا}.
موضع {أن قالوا} رفع، المعنى ما منعهم من الإيمان إلا قولهم: (أبعث اللّه بشرا رسولا).
فأعلم اللّه أن الأعدل عليهم، والأبلغ في الأداء إليهم بشر مثلهم وأعلمهم أن {لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنّين} أي يمشون مستوطنين الأرض {لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا}، لأنه لا يرسل إلى خلق إلا ما كان من جنسه). [معاني القرآن: 3/261-260]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه لنبيّه: {قل لو كان} [الإسراء: 95] معه.
{في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئنّين} [الإسراء: 95] قد اطمأنّت بهم الدّار، أي: هي مسكنهم.
{لنزّلنا عليهم من السّماء ملكًا رسولا} [الإسراء: 95] ولكن فيها بشرٌ، فأرسلنا إليهم بشرًا مثلهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/164]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين} فلم يرفع {مطمئنين} على صفتهم؛ وذلك حسن لولا مخالفة الكتاب.
وإنما انتصب على الحال للفعل؛ كأنه قال: يمشون هكذا، كما تقول: أتاني رجل يمشي مسرعًا). [معاني القرآن لقطرب: 844]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قل كفى باللّه شهيدًا بيني وبينكم} [الإسراء: 96] أنّي رسوله.
{إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا} [الإسراء: 96] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/164]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم إنّه كان بعباده خبيرا بصيرا}

قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - من يشهد لك بأنك رسول اللّه، فقال: اللّه يشهد لي.
و {كفى باللّه شهيدا} في موضع رفع، المعنى كفى اللّه شهيدا.
و (شهيدا) منصوب على نوعين، إن شئت على التمييز، كفى اللّه من الشهداء، وإن شئت على الحال، المعنى كفى اللّه في حال الشهادة). [معاني القرآن: 3/261]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن يهد اللّه فهو المهتد} [الإسراء: 97] ولا يستطيع أحدٌ أن يضلّه.
{ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء} [الإسراء: 97] وقال يحيى: أولياءٌ من دونه، يمنعونهم من عذاب اللّه.
قال: {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا} [الإسراء: 97] إمّا عميًا: فعموا في النّار حين دخلوها فلم يبصروا فيها شيئًا، وهي سوداء مظلمةٌ لا يضيء لهبها.
وبكمًا: خرسًا، انقطع كلامهم حين قال: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} [المؤمنون: 108] وقد فسّرناه في غير هذا الموضع.
وصمًّا: ذهب الزّفير والشّهيق بسمعهم فلا يسمعون معه شيئًا.
وقال في آية أخرى: {وهم فيها لا يسمعون} [الأنبياء: 100].
قوله: {كلّما خبت} [الإسراء: 97] وخبوّها أنّها تأكل كلّ شيءٍ: الجلد، والعظم، والشّعر، والبشر، والأحشاء، حتّى تهجم على الفؤاد، فلا يريد اللّه أن تأكل أفئدتهم، فإذا انتهت إلى الفؤاد خبت، سكنت فلم تشعر بهم وتركت فؤاده تصيح، ثمّ يجدّد خلقهم فيعود فتأكلهم.
فلا يزالون كذلك، وهو قوله: {كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودًا غيرها} [النساء: 56].
وقال المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: {كلّما خبت} [الإسراء: 97] كلّما طفئت أسعرت). [تفسير القرآن العظيم: 1/164]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {كلّما خبت زدناهم سعيراً} أي تأججا، وخبت سكنت قال الكميت:

ومنّا ضرارٌ وأبنماه وحاجبٌ= مؤجّج نيران المكارم لا المخبى
قال: ولا تكون لزيادة إلا على أقل منها قبل الزيادة قال القطامىّ:
وتخبو ساعة وتشبّ ساعا
ولم يذكر ها هنا جلودهم فيكون الخبوّ لها). [مجاز القرآن: 1/391]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {كلما خبت زدناهم سعيرا} فالخبو: السكون؛ ويقال: خبت النار، تخبو خبوا.
وقال أبو ذؤيب:
إذا استعجلت بعد الخبو ترازمت = كهزم ظؤار جر عنها حوارها
وقال عدي:
وسطه كاليراع أو سرج المجدل حينا يخبو وحينا ينير
وقال عدي:
تراه كالشهاب فثم يخبوا = وهادي الموت عنه لا يحار). [معاني القرآن لقطرب: 842]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {كلما خبت}: سكنت). [غريب القرآن وتفسيره: 221]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كلّما خبت} أي سكنت. يقال: خبت النار - إذا سكن لهبها - تخبو. فإن سكن اللهب ولم يطفأ الجمر.
قلت: خمدت تخمد خمودا.
فإن طفئت ولم يبق منها شيء، قيل: همدت تهمد همودا.
{زدناهم سعيراً} أي نارا تتسعّر، أي تتلهب). [تفسير غريب القرآن: 261]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ومن يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصمّا مأواهم جهنّم كلّما خبت زدناهم سعيرا }
{كلّما خبت زدناهم سعيرا} أي كلما خمدت، ونضجت جلودهم ولحومهم بدلهم اللّه غيرها ليذوقوا العذاب). [معاني القرآن: 3/261]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما}
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم
قال ابن عباس عميا لا يرون شيئا يسرهم وبكما لا ينطقون بحجة وصما لا يسمعون ما يسرون به). [معاني القرآن: 4/197-196]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا}
قال مجاهد كلما خبت أي كلما طفئت أو قدت وقال الضحاك كلما سكنت
قال أبو جعفر يقال خبت النار إذا سكن لهبها فإن سكن لهبها وعاد الجمر رمادا قيل كبت فإن طفيء بعض الجمر وسكن اللهب قيل خمدت فإن طفئت كلها قيل:
همدت تهمد همودا.
ومعنى زدناهم سعيرا زدناهم نارا تسعر أي تلتهب). [معاني القرآن: 4/198-197]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {كلما خبت} أي: سكن لهيبها، فإذا تغير جمرها عن بريقه قيل: همدت). [ياقوتة الصراط: 315]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خبت} سكنت من اللهب، فإن سكن الجمر قيل: خمدت، فإن طفئت قيل: همدت همودا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 140]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خَبَتْ}: سكنت). [العمدة في غريب القرآن: 185]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ذلك جزاؤهم بأنّهم كفروا بآياتنا وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا أإنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا} [الإسراء: 98] على الاستفهام، أي: إنّ هذا ليس بكائنٍ، يكذّبون بالبعث). [تفسير القرآن العظيم: 1/165]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة نافع {أئذا كنا عظاما} والأخرى مثلها.
وشيبة وأبو جعفر لا يستفهمان). [معاني القرآن لقطرب: 832]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ورفاتا} الرفات: فتات الطعام، إذا فتت). [ياقوتة الصراط: 315]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:45 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول ظننت به جعلته موضع ظنّك كما قلت نزلت به ونزلت عليه ولو كانت الباء زائدة بمنزلتها في قوله عزّ وجلّ: {كفى بالله} لم يجز السكت عليها فكأَنّك قلت ظننتُ في الدار ومثله شككت). [الكتاب: 1/41] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وخبت حرف من الأضداد. يقال: خبت النار إذا سكنت، وخبت إذا حميت، وقال الكميت:
ومنا ضرار وابنماه وحاجب = موجج نيران المكارم لا المخبي
إراد بـ (المخبي) المسكن للنار. وقال الآخر:

أمن زينب ذي النار = قبيل الصبح ما تخبو
إذا ما خمدت يلقى = عليها المندل الرطب
قال أبو بكر: أراد: أمن زينب هذه النار. وقال القطامي:
وكنا كالحريق أصاب غابا = فيخبو ساعة ويهب ساعا
وقول الله جل وعز: {كلما خبت زدناهم سعيرا}، قال بعض المفسرين: معناه توقدت.
وهذا ضد الأول.
حدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا بكر بن الأسود، قال: حدثنا علي بن مسهر، عن إسماعيل، عن أبي صالح، في قوله: {كلما خبت} قال: معناه كلما حميت.
وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريح في قوله: {كلما خبت} قال: خبوها توقدها؛ فإذا أحرقتهم فلم تبق منهم شيئا صارت جمرا تتوهج؛ فإذا أعادهم الله خلقا جديدا عاودتهم. عن ابن عباس.
قال أبو بكر: والذين يذهبون إلى أن الخبو هو السكون يقولون: معنى قوله: {كلما خبت}: كلما خبت سكنت، وليس في سكونها راحة لهم؛ لأن النار يسكن لهبها ويتضرم جمرها؛ هذا مذهب أبي عبيدة.
وقال غير أبي عبيدة: نار جهنم لا تسكن ألبتة؛ لأن الله تعالى قال: {لا يفتر عنهم}، وإنما الخبو للأبدان والتأويل: كلما خبت الأبدان زدناهم سعيرا، أي إذا احترقت جلودهم ولحومهم، فأبدلهم الله جلودا غيرها ازداد تسعر النار في حال عملها في الجلود المبدلة.
أخبرنا عبد الله، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا عمرو بن حمران، عن سعيد، عن قتادة، في قوله: {كلما خبت زدناهم سعيرا}، قال: كلما احترقت جلودهم بدلوا جلودا غيرها.
وقال بعض أهل اللغة: الخبو لا يكون أبدا إلا بمعنى
السكون، والنار تسكن في حال يأمرها الله عز وجل بالسكون فيها، قال: وهذا لا يبطله قوله: {لا يفتر عنهم}، لأن معناه لا يفتر عنهم من العذاب الذي حكم عليهم به في الأوقات التي حكم عليهم بالعذاب فيها؛ فأما الوقت الذي تسكن فيه النار فهو خارج من هذا المذكور في الآية الأخرى.
قال: ويدل على صحة هذا القول أنه لو حكم رجل على رجل بأن يعذب أول النهار وآخره، وألا يعذب في وسطه لجاز له أن يقول: ما نقصته من العذاب شيئا، وهو لم يعذبه وسط النهار، لأنه يريد ما نقصته من العذاب الذي حكمت به عليه شيئا.
وقال بعض أهل اللغة أيضا: الخبو لا يكون إلا بمعنى السكون، وتأويل الآية: كلما أرادت أن تخبو زدناهم سعيرا، فهي على هذا لا تخبو؛ لأن القائل إذا قال: أردت أن أتكلم، فمعناه لم أتكلم. واحتجوا بقول الله جل وعز: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} معناه: إذا أردت قراءة القرآن؛ لأن الاستعاذة حكمها أن تسبق القراءة.
وقال الآخرون: الخبو معناه السكون، وتأويل الآية
كلما خبت كان خبوها الزيادة في الالتهاب، فما خبوه هكذا فلا خبو له؛ كما تقول: سألت فلانا أن يزورني فكانت زيارته إياي قطيعتي؛ أي جعل القطيعة بدل الزيارة، فمن زيارته قطيعة فلا زيارة له. ومثله: ما لفلان عيب غير السخاء؛ معناه: من السخاء عيبه فلا عيب فيه، قال الشاعر:
قلت أطعمني عميم تمرا = فكان تمري كهرة وزبرا
عميم تصغير عم، معناه: جعل الانتهار بدلا من التمر. وقال النابغة الذبياني:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم = بهن فلول من قراع الكتائب
معناه: من عيبه فل سيفه لكثرة حربه، فلا عيب فيه). [كتاب الأضداد: 175-178]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 09:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 09:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 09:15 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما منع الناس أن يؤمنوا}. هذه الآية على معنى التوبيخ والتلهف من النبي صلى الله عليه وسلم، كأنه يقول متعجبا منهم: ما شاء الله كان، ما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا هذه العلة النزرة واستبعاد الذي لا يستند إلى حجة، وبعثة البشر رسلا غير بدع ولا غريب، فبها يقع الإفهام والتمكن من النظر، كما لو كان في الأرض ملائكة يسكنونها). [المحرر الوجيز: 5/545]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : ("مطمئنين" أي: وادعين فيها مقيمين لكان الرسول إليهم من الملائكة، ليقع الإفهام، وأما البشر فلو بعث إليهم ملك لنفرت طباعهم من رؤيته، ولم تحتمله أبصارهم، ولا تجلدت له قلوبهم، وإنما الله أجرى أحوالهم على معتادها). [المحرر الوجيز: 5/545]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ومن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا}
روي أن الملأ من قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم المقالات التي تقدم ذكرها، من عرض الملك عليه والغنى وغير ذلك، وقالوا له في آخر قولهم: فلتجئ معك طائفة من الملائكة تشهد لك بصدقك في نبوتك. قال المهدوي: روي أنهم قالوا له: فمن يشهد لك؟.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومعنى أقوالهم إنما هو طلب شهادة دون أن يذكروها، ففي ذلك نزلت الآية، أي: الله يشهد بيني وبينكم، الذي له الخبر والبصر بجميعنا، صادقنا وكاذبنا). [المحرر الوجيز: 5/546]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم رد الأمر إلى خلق الله واختراعه الهدى والضلال في قلوب البشر، أي: ليس بيدي من أمركم أكثر من التبليغ، وفي قوله تعالى: {فلن تجد لهم أولياء من دونه} وعيد.
ثم أخبر تعالى أنهم يحشرون على الوجوه عميا وبكما وصما، وهذا قد اختلف فيه، فقيل: هي استعارات، إما لأنهم من الحيرة والهم والذهول يشبهون أصحاب هذه الصفات، وإما من حيث لا يرون ما يسرهم، ولا يسمعون، ولا ينطقون بحجة. وقيل: هي حقيقة كلها، وذلك عند قيامهم من قبورهم، ثم يرد الله تعالى إليهم أبصارهم وسمعهم ونطقهم، فعند رد ذلك إليهم يرون النار، ويسمعون زفيرها، ويتكلمون بكل ما حكي عنهم في ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويقال للمنصرف عن أمر خائفا مهموما: انصرف على وجهه، ويقال للبعير: كأنما يمشي على وجهه، ومن قال ذلك في الآية حقيقة قال: أقدرهم الله تعالى على النقلة على الوجوه، كما أقدرهم في الدنيا على النقلة على الأقدام، وفي هذا المعنى حديث، قيل: يا رسول الله، كيف يمشي الكافر على وجهه؟ قال: "أليس الذي أمشاه في الدنيا
[المحرر الوجيز: 5/546]
على رجلين قادرا أن يمشيه في الآخرة على وجهه"؟ قال قتادة: بلى وعزة ربنا.
وقوله تعالى: {كلما خبت} أي: كلما فرغت من إحراقهم، فيسكن اللهيب القائم عليهم قدر ما يعادون ثم يثور، فتلك زيادة السعير، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فالزيادة في حيزهم، وأما جهنم فعلى حالها من الشدة لا يصيبها فتور. و"خبت النار" معناه: سكن اللهب والجمر على حاله، و"خمدت" معناه: سكن الجمر وضعف، و"همدت" معناه: طفيت جملة، ومن هذه اللفظة قول الشاعر:
لمن النار قبيل الصبـ ... ـح عند البيت ما تخبو
إذا ما أخمدت يلقى .... عليها المندل الرطب؟
ومنه قول عدي بن زيد:
وسطه كاليراع أو سرج المجـ ... ـدل حينا يخبو وحينا ينير
[المحرر الوجيز: 5/547]
ومنه قول القطامي:
فيخبو ساعة ويهب ساعا). [المحرر الوجيز: 5/548]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ذلك جزاؤهم}، الآية إشارة إلى الوعيد المتقدم بجهنم. وقوله: "بآياتنا" يعم الدلائل والحجج التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويعم آيات القرآن الكريم وما تضمن من خبر وأمر ونهي. ثم عظم عليهم أمر إنكار البعث، وخصه بالذكر مع كونه في عموم الكفر بآيات القرآن الكريم، ووجه تخصيصه التعظيم له، والتنبيه على خطارة الكفر في إنكاره، وقد تقدم اختلاف القراء في الاستفهامين في غير هذا الموضع.
و "الرفات": بقية الشيء التي قد أصارها البلى إلى حال التراب، و"البعث": تحريك الشيء الساكن، وهذا الاستفهام منهم هو على جهة الإنكار والاستبعاد للمحال بزعمهم). [المحرر الوجيز: 5/548]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 05:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 05:56 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث اللّه بشرًا رسولا (94) قل لو كان في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئنّين لنزلنا عليهم من السّماء ملكًا رسولا (95)}
يقول تعالى: {وما منع النّاس} أي: أكثرهم {أن يؤمنوا} ويتابعوا الرّسل، إلّا استعجابهم من بعثته البشر رسلًا كما قال تعالى: {أكان للنّاس عجبًا أن أوحينا إلى رجلٍ منهم أن أنذر النّاس وبشّر الّذين آمنوا} [يونس: 2].
وقال تعالى: {ذلك بأنّه كانت تأتيهم رسلهم بالبيّنات فقالوا أبشرٌ يهدوننا فكفروا وتولّوا واستغنى اللّه واللّه غنيٌّ حميدٌ} [التّغابن: 6]، وقال فرعون وملؤه: {أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون} [المؤمنون: 47]، وكذلك قالت الأمم لرسلهم: {إن أنتم إلا بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدّونا عمّا كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطانٍ مبينٍ} [إبراهيم: 10]، والآيات في هذا كثيرةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 121]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى منبّهًا على لطفه ورحمته بعباده: إنّه يبعث إليهم الرّسول من جنسهم، ليفقهوا عنه ويفهموا منه، لتمكّنهم من مخاطبته ومكالمته، ولو بعث إلى البشر رسولًا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه، كما قال تعالى: {لقد منّ اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} [آل عمران: 164]، وقال تعالى: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} [التّوبة: 128]، وقال تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكّيكم ويعلّمكم الكتاب والحكمة ويعلّمكم ما لم تكونوا تعلمون * فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} [البقرة: 151، 152]؛ ولهذا قال هاهنا: {لو كان في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئنّين} أي: كما أنتم فيها {لنزلنا عليهم من السّماء ملكًا رسولا} أي: من جنسهم، ولـمّا كنتم أنتم بشرًا، بعثنا فيكم رسلنا منكم لطفًا ورحمة). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 121]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل كفى باللّه شهيدًا بيني وبينكم إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا (96)}
يقول تعالى مرشدًا نبيّه إلى الحجّة على قومه، في صدق ما جاءهم به: أنّه شاهدٌ عليّ وعليكم، عالمٌ بما جئتكم به، فلو كنت كاذبًا [عليه] انتقم منّي أشدّ الانتقام، كما قال تعالى: {ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثمّ لقطعنا منه الوتين} [الحاقّة: 44 -46].
وقوله: {إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا} أي: عليمٌ بهم بمن يستحقّ الإنعام والإحسان والهداية، ممّن يستحقّ الشّقاء والإضلال والإزاغة؛ ولهذا قال: {ومن يهد اللّه فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا مأواهم جهنّم كلّما خبت زدناهم سعيرًا (97)}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 122]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن يهد اللّه فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا مأواهم جهنّم كلّما خبت زدناهم سعيرًا (97)}.
يقول تعالى مخبرًا عن تصرّفه في خلقه، ونفوذ حكمه، وأنّه لا معقّب له، بأنّه من يهده فلا مضلّ له (ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه) أي: يهدونهم، كما قال: {من يهد اللّه فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا} [الكهف: 17].
وقوله: (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم) قال الإمام أحمد:
حدّثنا ابن نميرٍ، حدّثنا إسماعيل عن نفيع قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: قيل: يا رسول اللّه، كيف يحشر النّاس على وجوههم؟ قال: "الّذي أمشاهم على أرجلهم قادرٌ على أن يمشيهم على وجوههم". وأخرجاه في الصّحيحين.
وقال الإمام أحمد أيضًا: [حدّثنا يزيد]، حدّثنا الوليد بن جميع القرشيّ، عن أبيه، حدّثنا أبو الطّفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيدٍ قال: قام أبو ذرٍّ فقال: يا بني غفارٍ، قولوا ولا تحلفوا، فإنّ الصّادق المصدوق حدّثني: أنّ النّاس يحشرون على ثلاثة أفواجٍ: فوجٍ راكبين طاعمين كاسين، وفوجٍ يمشون ويسعون، وفوجٍ تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم إلى النّار. فقال قائلٌ منهم: هذان قد عرفناهما، فما بال الّذين يمشون ويسعون ؟ قال: يلقي اللّه، عزّ وجلّ، الآفة على الظّهر حتّى لا يبقى ظهرٌ، حتّى إنّ الرّجل لتكون له الحديقة المعجبة، فيعطيها بالشّارف ذات القتب، فلا يقدر عليها.
وقوله: (عميًا) أي: لا يبصرون (وبكمًا) يعني: لا ينطقون (وصمًّا): لا يسمعون. وهذا يكون في حالٍ دون حالٍ جزاءً لهم كما كانوا في الدّنيا بكمًا وعميًا وصمًّا عن الحقّ فجوزوا في محشرهم بذلك أحوج ما يحتاجون إليه (مأواهم) أي: منقلبهم ومصيرهم (جهنّم كلّما خبت) قال ابن عبّاسٍ: سكنت. وقال مجاهدٌ: طفئت (زدناهم سعيرًا) أي: لهبًا ووهجًا وجمرًا، كما قال: {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابًا} [النّبإ: 30]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 122-123]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ذلك جزاؤهم بأنّهم كفروا بآياتنا وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا (98) أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض قادرٌ على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظّالمون إلا كفورًا (99)}.
يقول تعالى: هذا الّذي جازيناهم به، من البعث على العمى والبكم والصّمم، جزاؤهم الّذي يستحقّونه؛ لأنّهم كذّبوا (بآياتنا) أي بأدلّتنا وحججنا، واستبعدوا وقوع البعث (وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا) باليةً نخرةً (أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا) أي: بعد ما صرنا إلى ما صرنا إليه من البلى والهلاك، والتّفرّق والذّهاب في الأرض نعاد مرّةً ثانيةً؟ فاحتجّ تعالى عليهم، ونبّههم على قدرته على ذلك، بأنّه خلق السّماوات والأرض، فقدرته على إعادتهم أسهل من ذلك كما قال: {لخلق السّماوات والأرض أكبر من خلق النّاس} [غافرٍ: 57] وقال {أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض ولم يعي بخلقهنّ بقادرٍ على أن يحيي الموتى بلى إنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} [الأحقاف: 33] وقال {أوليس الّذي خلق السّماوات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون * فسبحان الّذي بيده ملكوت كلّ شيءٍ وإليه ترجعون} [يس: 81، 83].
وقال هاهنا: (أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض قادرٌ على أن يخلق مثلهم) أي: يوم القيامة يعيد أبدانهم وينشّئهم نشأةً أخرى، ويعيدهم كما بدأهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 123]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة