العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 جمادى الآخرة 1434هـ/26-04-2013م, 07:37 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة الضحى [ من الآية (1) إلى الآية (5) ]

{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) }

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:24 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَالضُّحَى (1) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {والضحى} قال: ساعة من ساعات النهار وفي قوله: {والليل إذا سجى} قال: إذا سكن بالناس). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 379]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (أَقْسَمَ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ بالضُّحَى، وَهوَ النهارُ كُلُّهُ، وَأَحْسَبُ أَنَّهُ مِنْ قولِهِم: ضَحِيَ فلانٌ للشمسِ: إِذا ظَهَرَ منهُ؛ وَمنهُ قولُهُ: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}. أيْ: لا يُصِيبُكَ فيها الشمسُ.
وقدْ ذَكَرْتُ اختلافَ أهلِ العلمِ في معناهُ، فِي قَوْلِهِ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} معَ ذِكْرِي اخْتِيَارَنَا فيهِ. وَقيلَ: عُنِيَ بهِ وَقتُ الضُّحَى.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ: {وَالضُّحَى}. ساعةٌ مِنْ ساعاتِ النهارِ). [جامع البيان: 24/ 481]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({وَالضُّحَى} يَعْنِي: النَّهَارَ كُلَّهُ، قَالَهُ الثَّعْلَبِيُّ، وَعَنْ قَتَادَةَ وَمُقَاتِلٍ يَعْنِي وَقْتَ الضُّحَى، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي فِيهَا ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ وَاعْتِدَالُ النَّهَارِ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَهُوَ قَسَمٌ تَقْدِيرُهُ وَرَبِّ الضُّحَى). [عمدة القاري: 19/ 298]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قتادةَ في قَوْلِهِ: {وَالضُّحَى}. قالَ: ساعةٌ مِن ساعاتِ النهارِ). [الدر المنثور: 15/ 482] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه في قول الله في: {والليل إذا عسعس}، قال: إذا ذهب، وفي قول الله: {والليل إذا سجى}، قال: سجوه سكونه). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 16] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {والضحى} قال: ساعة من ساعات النهار وفي قوله: {والليل إذا سجى} قال: إذا سكن بالناس). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 379] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن الحسن في قوله: {والليل إذا سجى} قال: الليل إذا ألبس الناس إذا جاء). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 379]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {إذا سجى} : «استوى» وقال غيره: {سجى} : «أظلم وسكن»). [صحيح البخاري: 6/ 172]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (وقَالَ مُجَاهِدٌ: إذا سَجَى: استَوَى) وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ من طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بهذا.
قولُهُ: (وقَالَ غَيرُهُ: سَجَى: أَظلَمَ وسكَنَ) قَالَ الفَرَّاءُ في قَولِهِ: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} قَالَ: الضُّحَى النَّهَارُ كُلُّه، {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} إذا أَظلَمَ ورَكَد في طُولِهِ، تَقُولُ: بحرٌ ساجٍ وليلٌ ساجٍ؛ إذا سَكَنَ.
ورَوَى الطَّبَرِيُّ من طَرِيقِ قَتَادَة في قَولِهِ: {إِذَا سَجَى} قَالَ: إذا سكَنَ بالخَلقِ). [فتح الباري: 8/ 709]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد إذا سجى استوى
قال الفريابيّ: ثنا ورقاء ،عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله : {واللّيل إذا سجى} قال استوى). [تغليق التعليق: 4/ 371]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِذَا سَجَى} اسْتَوَى
أَيْ قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّيْل إِذَا سَجَى} مَعْنَاهُ: اسْتَوَى. رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنْ شَبَابَةَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {سَجَى} أَظْلَمَ وَسَكَنَ.
أَيْ قَالَ غَيْرُ مُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ {سَجَى} أَظْلَمَ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَوْلُهُ: (وَسَكَنَ) مَنْقُولٌ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَعَنِ ابْن عَبَّاس أَيْضًا: {سَجَى} ذَهَب. وَعَنِ الْحَسَنِ: جَاءَ، وَعَنْهُ: اسْتَقَرَّ وَسَكَنَ. وَقَالَ الطَّبَرَيُّ: أَوْلَى الأَقْوَالِ مَنْ قَالَ: سَكَنَ، يُقَالُ: بَحْرٌ سَاجٍ إِذَا كَانَ سَاكِنًا). [عمدة القاري: 19/ 298-299]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ: {إِذَا سَجَى} ولأَبِي ذَرٍّ: (إِذَا سَجَا) مَكْتُوبٌ بِالأَلِفِ بَدَلَ الْيَاءِ. (اسْتَوَى وَقَالَ غَيْرُهُ) غَيْرُ مُجَاهِدٍ: مَعْنَاهُ (أَظْلَمَ) ولأَبِي ذَرٍّ: سَجَا: أَظْلَمَ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ، وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: اشْتَدَّ ظَلاَمُهُ، (وَ) قِيلَ (سَكَنَ) ومِنْهُ: سَجَا الْبَحْرُ يَسْجُو سَجْوًا أي: سَكَنَتْ أَمْوَاجُهُ، وَلَيْلَةٌ سَاجِيَةٌ: سَاكِنَةُ الرِّيحِ). [إرشاد الساري: 7/ 423]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (استوى) أي: استوى نصفاً وذلك وقت نصفه. قوله: (وسكن) أي: سكن الناس فيه). [حاشية السندي على البخاري: 3/ 79]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {والضحى} في قوله عزّ وجلّ {واللّيل إذا سجى} قال: إذا سكن بالخلق). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 68]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {والليل إذا سجى} قال: إذا سكن). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 106]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. اخْتَلَفَ أهلُ التَأْوِيلِ في تأويلِهِ، فَقَالَ بعضُهُم: معناهُ: وَالليلِ إِذا أَقْبَلَ بِظَلامِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. يَقُولُ: وَالليلِ إِذا أَقْبَلَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الحسنِ، في قولِ اللَّهِ: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. قَالَ: إِذا لَبِسَ الناسَ إِذا جَاءَ.
وقالَ آخرونَ: بلْ معنَى ذلكَ: إِذا ذَهَبَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أبو صالحٍ، قَالَ: ثني معاويةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. يَقُولُ: إِذا ذَهَبَ.
وقالَ آخرونَ: بل مَعْنَاهُ: إِذا اسْتَوَى وَسَكَنَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حميدٍ، قَالَ: ثنا مَهْرَانُ؛ وَحَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ جَمِيعاً عَنْ سفيانَ، عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهدٍ {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. قَالَ: إِذا اسْتَوَى.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عَنِ ابنِ أبي نجيحٍ، عَنْ مجاهدٍ {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. قَالَ: إِذا اسْتَوَى.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}: سَكَنَ بالخلقِ.
- حُدِّثْتُ عَنِ الحسينِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. يعنِي: اسْتِقْرَارَهُ وَسُكُونَهُ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابنُ وَهبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. قَالَ: إِذا سَكَنَ، قَالَ: ذلكَ سَجْوُهُ، كما يَكُونُ سكونُ البحرِ سَجْوَهُ.
وَأَوْلَى هذهِ الأقوالِ بالصوابِ عندي في ذلكَ قولُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ: وَالليلِ إِذا سَكَنَ بأهلِهِ، وَثَبَتَ بظلامِهِ، كما يُقَالُ: بَحْرٌ سَاجٍ: إِذا كانَ سَاكِناً؛ وَمنهُ قولُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
فَمَا ذَنْبُنَا أنْ جَاشَ بَحْرُ ابنِ عَمِّكُمْ.......وَبَحْرُكَ سَاجٍ مَا يُوَارِي الدَّعَامِصَا
وقولُ الرَّاجِزِ:
يَا حَبَّذَا الْقَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ السَّاجْ.......وَطُرُقٌ مِثْلُ مُلَاءِ النَّسَّاجْ
). [جامع البيان: 24/ 481-484]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {والليل إذا سجى} يقول إذا استوى). [تفسير مجاهد: 2/ 766]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قتادةَ في قَوْلِهِ: {وَالضُّحَى}. قالَ: ساعةٌ مِن ساعاتِ النهارِ، {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. قالَ: سَكَنَ بالناسِ). [الدر المنثور: 15/ 482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. قالَ: اسْتَوَى). [الدر المنثور: 15/ 482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، عن الحسَنِ: {إِذَا سَجَى}. قالَ: إِذَا لَبِسَ الناسَ). [الدر المنثور: 15/ 482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِذَا سَجَى}. قالَ: إذا أَقْبَلَ). [الدر المنثور: 15/ 483]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. قالَ: إِذَا أَقْبَلَ فَغَطَّى كلَّ شيءٍ). [الدر المنثور: 15/ 483]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِذَا سَجَى}. قالَ: إذا ذَهَبَ). [الدر المنثور: 15/ 483] (م)

تفسير قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة، عن الأسود بن قيس قال: سمعت جندب بن سفيان البجلي يقول: أبطأ جبريل ،عن النبي فقال: المشركون قد ودع محمد فأنزل الله تعالى: {ما ودعك ربك وما قلى}). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 379]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر في قوله تعالى: {وما ودعك ربك وما قلى} قال: أبطأ عنه جبريل فقال المشركون: قد قلاه ربه وودعه فأنزل الله تعالى: {ما ودعك ربك وما قلى}). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 379]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {ما ودّعك ربّك وما قلى}
- حدّثنا أحمد بن يونس، حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا الأسود بن قيسٍ، قال: سمعت جندب بن سفيان رضي اللّه عنه، قال: «اشتكى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فلم يقم ليلتين - أو ثلاثًا -» ، فجاءت امرأةٌ فقالت: يا محمّد، إنّي لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين - أو ثلاثةٍ - فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {والضّحى واللّيل إذا سجى، ما ودّعك ربّك وما قلى} قوله: {ما ودّعك ربّك وما قلى} : «تقرأ بالتّشديد والتّخفيف، بمعنًى واحدٍ، ما تركك ربّك» وقال ابن عبّاسٍ: «ما تركك وما أبغضك»
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ غندرٌ، حدّثنا شعبة، عن الأسود بن قيسٍ، قال: سمعت جندبًا البجليّ، قالت امرأةٌ: يا رسول اللّه ما أرى صاحبك إلّا أبطأك " فنزلت: {ما ودّعك ربّك وما قلى}"). [صحيح البخاري: 6/ 172]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (بَابٌ مَا وَدَّعَك رَبُّكَ وَمَا قَلَى) سَقَطَتْ هذه التَّرجَمَةُ لِغَيرِ أَبِي ذَرٍّ، وذَكَرَ في سَبَبِ نُزُولِهَا حَدِيثَ جُنْدُبٍ، وأَنَّ ذلك سَبَبُ شَكْوَاهُ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ، وقد تَقَدَّمَتْ في صلاةِ اللَّيْلِ أنَّ الشَّكْوَى المَذْكُورَةَ لم تَرِدْ بِعَيْنِهَا، وأَنَّ مَنْ فَسَّرَها بأُصْبُعِهِ التي دَمِيَتْ لم يُصِبْ، ووَجَدْتُ الآنَ في الطَّبَرَانِيِّ بإسنادٍ فيه مَنْ لا يُعْرَفُ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا وُجُودُ جَرْوٍ- كَلْبٍ- تَحْتَ سَرِيرِهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ لم يَشْعُرْ به، فأَبْطَأَ عنه جِبْرِيلُ لذلك، وقِصَّةُ إِبْطَاءِ جِبْرِيلَ بِسَبَبِ كَوْنِ الكَلْبِ تَحْتَ سَرِيرِهِ مَشْهُورَةٌ، لَكِنَّ كَوْنَهَا سَبَبُ نُزُولِ هذه الآيةِ غَرِيبٌ بل شاذٌّ مَرْدُودٌ بما في الصَّحيحِ. واللهُ أَعْلَمُ.
ووَرَدَ لذلك سَبَبٌ ثالثٌ وهُو مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ من طَرِيقِ العَوْفِيِّ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ على رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ القُرْآنُ أَبْطَأَ عنه جِبْرِيلُ أَيَّامًا، فتَغَيَّرَ بِذَلِكَ، فقالوا: وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَقَلاهُ. فأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. ومِن طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ مَوْلَى آلِ الزُّبَيرِ قَالَ: فَتَرَ الوَحْيُ حتَّى شَقَّ ذلك على النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ وأَحْزَنَهُ فقَالَ:
«لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبِي قَلانِي» فجاءَ جِبْرِيلُ بسُورَةِ {والضُّحَى}.
وذَكَرَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ في السيرةِ التي جَمَعَهَا ورَوَاهَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عن مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عن أَبِيهِ قَالَ: وفَتَرَ الوَحْيُ فقَالُوا: لَوْ كَانَ مِنْ عِندِ اللهِ لَتَابَعَ، ولَكِنَّ اللهَ قَلاهُ. فأنزلَ اللهُ والضُّحَى، وَأَلَمْ نَشْرَحْ بِكَمَالِهِمَا. وكُلُّ هذه الرواياتِ لا تَثْبُتُ، والحَقُّ أَنَّ الفَتْرَةَ المَذْكُورَةَ في سببِ نُزُولِ والضُّحَى غَيْرُ الفَتْرَةِ المَذْكُورَةِ في ابتداءِ الوَحْيِ؛ فإنَّ تِلْكَ دَامَتْ أَيَّامًا، وهذه لم تَكُنْ إلا لَيْلَتَيْنِ أو ثلاثًا، فاخْتَلَطَتَا على بعضِ الرُّوَاةِ. وتَحْرِيرُ الأمرِ في ذلك مَا بَيَّنْتُهُ، وقد أَوْضَحْتُ ذلك في التعبيرِ. وللهِ الحَمْدُ.
وَوَقَعَ في سيرةِ ابنِ إِسْحَاقَ في سببِ نُزُولِ والضُّحَى شَيْءٌ آخَرُ؛ فإنه ذَكَرَ أَنَّ المُشْرِكِينَ لما سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ عن ذِي القَرْنَيْنِ والرُّوحِ وغَيْرِ ذلك، ووَعَدَهُمْ بالجوابِ ولم يَسْتَثْنِ، فأَبْطَأَ عليه جِبْرِيلُ اثنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً أو أَكْثَرَ فضاقَ صَدْرُهُ، وتَكَلَّمَ المُشْرِكُونَ، فنَزَلَ جِبْرِيلُ بسُورَةِ والضُّحَى وبجَوَابِ مَا سَأَلُوا وبقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللهُ} انتَهَى.
وذِكْرُ سُورَةِ الضُّحَى هنا بعيدٌ لَكِنْ يَجُوزُ أن يكونَ الزمانُ في القِصَّتَيْنِ مُتَقارِبًا، فضَمَّ بعضُ الرواةِ إحدى القِصَّتَيْنِ إلى الأُخرى، وكُلٌّ منهما لم يَكُنْ في ابتداءِ البَعْثِ، وإنما كان بعدَ ذلك بمدةٍ. واللهُ أعلَمُ.
قولُهُ: (سَمِعْتُ جُنْدُبَ بنَ سُفْيَانَ) هُو البَجَلِيُّ.
قولُهُ: (فَجَاءَتِ امرأةٌ فَقَالَتْ: يا مُحَمَّدُ، إني لأَرْجُو أن يكونَ شَيْطَانُكَ تَرَكَكَ) هِيَ أُمُّ جَمِيلٍ بنتُ حَرْبٍ امرأةُ أَبِي لَهَبٍ، وقد تَقَدَّمَ بيانُ ذلك في كتابِ قيامِ اللَّيْلِ، وأَخرَجَهُ الطَّبَرِيُّ من طَرِيقِ المُفَضَّلِ بنِ صَالِحٍ عنِ الأسودِ بنِ قَيْسٍ بِلَفظِ: فَقَالَتْ امرأةٌ مِنْ أَهْلِهِ. ومِن وَجهٍ آخَرَ عنِ الأسودِ بنِ قَيْسٍ بِلَفظِ: حتَّى قَالَ المشركونَ، ولا مُخالَفَةَ؛ لأنهم قد يُطْلِقُونَ لفظَ الجَمْعِ ويَكُونُ القائلُ أو الفاعلُ واحدًا، بمَعْنَى أنَّ الباقينَ راضُونَ بما وَقَعَ من ذلك الواحدِ. قولُه: (قَرِبَكَ) بكَسْرِ الراءِ يُقَالُ: قَرِبَهُ يَقْرَبُهُ بفتحِ الراءِ مُتَعَدِّيًا، ومنه {لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} وأما قَرُبَ بالضَّمِّ فهو لازِمٌ تَقُولُ: قَرُبَ الشيءُ أي: دنا، وقد بَيَّنْتُ هناك أنه وَقَعَ في رِوَايَةٍ أُخْرَى عِندَ الحَاكِم فَقَالَتْ خَدِيجَةُ، وأَخرَجَهُ الطَّبَرِيُّ أيضًا من طَرِيقِ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: ولاَ أُرَى رَبَّكَ. ومِن طريقِ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عن أَبِيهِ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ لِمَا تَرَى مِن جَزَعِهِ، وهَذَانِ طَرِيقَانِ مُرْسَلانِ، ورُوَاتُهُما ثِقَاتٌ، فالذي يَظْهَرُ أَنَّ كُلاًّ مِن أُمِّ جَمِيلٍ وخَدِيجَةَ قَالَتْ ذلك، لَكِنَّ أُمَّ جَمِيلٍ عَبَّرَتْ لِكَوْنِهَا كَافِرَةً بِلَفظِ: شَيْطَانَكَ، وخَدِيجَةُ عَبَّرَتْ لِكَوْنِهَا مؤمنةً بِلَفظِ: رَبَّكَ، أو صَاحِبَكَ، وقَالَتْ أُمُّ جَمِيلٍ شَمَاتَةً، وخَدِيجَةُ تَوَجُّعًا.
قولُهُ: (بَابٌ: قولُهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}) كذا ثَبَتَتْ هذه التَّرجَمَةُ في رِوَايَةِ المُسْتَمْلِيِّ، وهُو تَكْرَارٌُ بالنسبةِ إليه لا بالنسبةِ للباقينَ؛ لأنهم لم يَذْكُرُوهَا في الأُولَى.
قولُهُ: (تقرأُ بالتَّشْدِيدِ والتَّخفِيفِ بمعنًى واحدٍ مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ)، أما القراءةُ بالتَّشْدِيدِ فهي في قِراءةِ الجُمهورِ، وقَرَأَ بالتَّخْفِيفِ عُرْوَةُ، وابنُهُ هِشَامٌ، وابنُ أَبِي عُلَيَّةَ، وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَا وَدَّعَكَ- يَعْنِي بالتشديدِ- مِنَ التوديعِ، ومَا وَدَعَكَ- يَعْنِي بالتخفيفِ- مِنْ وَدَعْتُ. انتَهَى.
ويُمكِنُ تَخْرِيجُ كَوْنِهِمَا بِمَعنًى وَاحِدٍ على أن التوديعَ مُبَالغةٌ في الوَدَعِ؛ لأنَّ مَنْ وَدَّعَكَ مُفارِقًا فقد بَالَغَ في تَرْكِكَ.
قولُهُ: (وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ) وصَلَهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ من طَرِيقِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَلْحَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ بهذا.
قولُهُ في الروايةِ الأخيرةِ: (قَالَتْ امرأةٌ: يا رسولَ اللهِ: مَا أُرَى صَاحِبَكَ إلا أَبْطَأَكَ). هَذَا السياقُ يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ خِطَابَ خَدِيجَةَ دُونَ الخِطَابِ الأوَّلِ، فإنه يَصْلُحُ أن يكونَ خِطَابَ حَمَّالَةِ الحَطَبِ لِتَعْبِيرِهَا بالشَّيْطَانِ والتَّرْكِ، ومُخَاطَبَتِهَا بمُحَمَّدٍ، بخِلافِ هذه فَقَالَتْ: صَاحِبَكَ، وقَالَتْ: أَبْطَأَ، وقَالَتْ: يا رسولَ اللهِ. وجَوَّزَ الكِرْمَانِيُّ أن يَكُونَ مِنْ تَصَرُّفِ الرواةِ وهُو مُوَجَّهٌ؛ لأنَّ مَخْرَجَ الطَّرِيقَيْنِ واحدٌ، وقولُهُ: (أَبْطَأَكَ) أي: صَيَّرَكَ بَطِيئًا في القِرَاءَةِ؛ لأن بُطْأَهُ في الإقراءِ يَسْتَلْزِمُ بُطْءَ الآخَرِ في القِرَاءَةِ. وَوَقَعَ في رِوَايَةِ أَحْمَدَ عن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، عن شُعْبَةَ: إلا أَبْطَأَ عَنْكَ). [فتح الباري: 8/ 710-711]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس: ما تركك وما أبغضك.
قال ابن مردويه ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبد الله، ثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علّي عن ابن عبّاس قوله : {ما ودعك ربك وما قلى} يقول ما تركك ربك وما أبغضك). [تغليق التعليق: 4/ 371]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بَابٌ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى
أَيْ: هَذَا بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} وَلَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ إِلاَّ لأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ.
ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُس، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَ– {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَفِيهِ بَيَانُ سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَزُهَيْرٌ مُصَغَّرُ زَهْرٍ هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ، وَالأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ الْعَبْدِيُّ وَقِيلَ: الْبَجَلِيُّ جُنْدُبٌ -بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا- وَهُوَ جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيُّ تَارَةً يُنْسَبُ إِلَى أَبِيهِ وَتَارَةً إِلَى جَدِّهِ.
وَالْحَدِيثُ قَدْ مَرَّ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ لِلْمَرِيضِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ هُنَاكَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَسْوَدِ إلخ.
قَوْلُهُ: (اشْتَكَى) أَيْ: مَرِضَ.
قَوْلُهُ: فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ وَهِيَ أُمُّ جَمِيلٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ وَهِيَ بِنْتُ حَرْبٍ أُخْتُ أَبِي سُفْيَانَ وَاسْمُهَا الْعَوْرَاءُ.
قَوْلُهُ: (قَرِبَكَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَلَفْظُ قَرِبَ يَجِيءُ لاَزِمًا وَمُتَعَدِّيًا، يُقَالُ قَرُبَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ أَيْ: دَنَا، وَقَرِبْتُهُ بِالْكَسْرِ أَيْ: دَنَوْتُ مِنْهُ، وَهُنَا مُتَعَدٍّ). [عمدة القاري: 19/ 299]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بَابٌ قَوْلُهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}؛
أَيْ: هَذَا بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} كَذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ لِلْمُسْتَمْلِيِّ وَهِيَ مُكَرَّرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ لاَ إِلَى غَيْرِهِ؛ لأَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الأُولَى، تُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ.
أَيْ: يُقْرَأُ قَوْلُهُ: مَا وَدَّعَكَ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ وَتَخْفِيفِهَا، فَالتَّشْدِيدُ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ وَالتَّخْفِيفُ قِرَاءَةُ ابْنِ أَبِي عَبْلَةَ.
قَوْلُهُ: بِمَعْنًى وَاحِدٍ يَعْنِي: كِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَا تَرَكَكَ يَعْنِي: وَدَّعَ سَوَاءٌ كَانَ بِالتَّشْدِيدِ أَوْ بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنَى تَرَكَ، فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَالَ: التَّشْدِيدُ مِنَ التَّوْدِيعِ، وَالتَّخْفِيفُ مِنْ وَدَعَ يَدَعُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَمَاتُوا مَاضِيَهُ فَلاَ يُقَالُ: وَدَعَهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ: تَرَكَهُ قُلْتُ: قِرَاءَةُ ابْنِ أَبِي عَبْلَةَ تَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ.
(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ).
أَيْ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: {مَا وَدَّعَكَ}: مَا تَرَكَكَ. وَفِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: {وَمَا قَلَى} أَيْ: وَمَا أَبْغَضَكَ وَأَصْلُهُ وَمَا قَلاَكَ فَحَذَفَ الْكَافَ مِنْهُ وَمِنْ قَوْلِهِ: {فَأَغْنَى} وَقَوْلِهِ: {فَهَدَى} لِلْمُشَاكَلَةِ فِي أَوَاخِرِ الآيِ، وَيُقَالُ لِهَذَا: فَوَاصِلُ كَمَا يُقَالُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ أَسْجَاعٌ، وَقَلَى يَقْلِي مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ وَمَصْدَرُهُ قِلًى وَقَلًى، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِذَا فَتَحْتَ مَدَدْتَ وَمَعْنَاهُ الْبُغْضُ، وَقَلاَهُ أَبْغَضَهُ وَتُقْلِيهِ تُبْغِضُهُ وَلُغَةُ طَيِّئٍ تَقَلاَّهُ.
ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا البَجَلِيَّ قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أُرَى صَاحِبَكَ إِلاَّ أَبْطَأَ عَنْكَ. فَنَزَلَتْ مَا {وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
هَذَا طَرِيقٌ آخَرُ فِي حَدِيثِ جُنْدُبٍ أَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ هُوَ بُنْدَارٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ هُوَ غُنْدَرٌ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَكِلاَهُمَا لَقَبٌ.
(قَوْلُهُ قَالَتِ امْرَأَةٌ) قِيلَ إِنَّهَا خَدِيجَةُ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ الْمَرْأَةُ كَانَتْ كَافِرَةً فَكَيْفَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قُلْتُ: قَالَتْ إِمَّا اسْتِهْزَاءً وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الرَّاوِي إِصْلاَحًا لِلْعِبَارَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلاَمَ الْكِرْمَانِيِّ هُوَ مُوَجَّهٌ؛ لأَنَّ مَخْرَجَ الطَّرِيقَيْنِ وَاحِدٌ. قُلْتُ أَمَّا قَوْلُ الْكِرْمَانِيِّ: الْمَرْأَةُ كَانَتْ كَافِرَةً. فِيهِ نَظَرٌ فَمِنْ أَيْنَ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ كَافِرَةً فِي هَذَا الطَّرِيقِ؟ نَعَمْ كَانَتْ كَافِرَةً فِي الطَّرِيقِ الأَوَّلِ لأَنَّهُ صَرَّحَ فِيهِ بِقَوْلِهِ: إِنِّي لأَرْجُوَ أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ. وَهَذَا الْقَوْلُ لاَ يَصْدُرُ عَنْ مُسْلِمٍ وَلاَ مُسْلِمَةٍ، وَهُنَا قَالَ: "صَاحِبُكَ" وَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ" وَمِثْلُ هَذَا لاَ يَصْدُرُ عَنْ كَافِرٍ.
وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: هَذَا مُوَجَّهٌ؛ لأَنَّ مَخْرَجَ الطَّرِيقَيْنِ وَاحِدٌ. فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا؛ لأَنَّ اتِّحَادَ الْمَخْرَجِ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ هُنَا بِعَيْنِهَا تِلْكَ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ هُنَاكَ عَلَى أَنَّ الْوَاحِدِيَّ ذَكَرَ عَنْ عُرْوَةَ: أَبْطَأَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فَخَرَجَ جَزِعًا شَدِيدًا، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: قَدْ قَلاَكَ رَبُّكَ؛ لِمَا يَرَى مِنْ جَزَعِكَ. فَنَزَلَتْ وَهِيَ فِي تَفْسِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَمِنْ قَوْمِهِ: وَدَّعَ مُحَمَّدًا. فَإِنْ قُلْتَ ذَكَرَ ابْنُ بَشْكُوَالَ أَنَّ الْقَائِلَ بِذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: ذَكْرَهُ ابْنُ سُنَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ. قُلْتُ: هَذَا لاَ يَصِحُّ؛ لأَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ بِلاَ خِلاَفٍ وَأَيْنَ عَائِشَةُ حِينَئِذٍ؟!.
قَوْلُهُ: (إِلاَّ أَبْطَأَ عَنْكَ) وَكَأَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الْكِرْمَانِيِّ: أَبْطَأَكَ. ثُمَّ تَكَلَّفَ فِي نَقْلِ كَلاَمٍ وَالْجَوَابِ عَنْهُ. فَقَالَ: قِيلَ: الصَّوَابُ أَبْطَأ عَنْكَ وَأَبْطَأَ بِكَ أَوْ عَلَيْكَ. أَقُولُ: وَهَذَا أَيْضًا صَوَابٌ إِذْ مَعْنَاهُ: مَا أَرَى صَاحِبَكَ يَعْنِي: جِبْرِيلَ إِلاَّ جَعَلَكَ بَطِيئًا فِي الْقِرَاءَةِ؛ لأَنَّ بُطْأَهُ فِي الإِقْرَاءِ إِبْطَاءٌ فِي قِرَاءَتِهِ، أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ وَإِيصَالِ الْفِعْلِ بِهِ، وَهُنَا فَصْلاَنِ:
الأَوَّلُ: فِي مُدَّةِ احْتِبَاسِ جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- فَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَعَنْهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَعَنْ مُقَاتِلٍ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَقِيلَ: ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ.
وَالثَّانِي: سَبَبُ الاحْتِبَاسِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ: فَعَنْ خَوْلَةَ خَادِمَةِ النَّبِيِّ أَنَّ جَرْوًا دَخَلَ الْبَيْتَ فَمَاتَ تَحْتَ السَّرِيرِ فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أَيَّامًا لاَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَقَالَ:
« يَا خَوْلَةُ مَاذَا حَدَثَ فِي بَيْتِي؟» قَالَتْ فَقُلْتُ: لَوْ هَيَّأْتُ الْبَيْتَ وَكَنَسْتُهُ فَأَهْوَيْتُ بِالْمِكْنَسَةِ تَحْتَ السَّرِيرِ فَإِذَا شَيْءٌ ثَقِيلٌ فَنَظَرْتُ فَإِذَا جَرْوٌ مَيِّتٌ، فَأَلْقَيْتُهُ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ يَرْعُدُ لِحْيَاهُ فَقَالَ: «يَا خَوْلَةُ دَثِّرِينِي». فَنَزَلَتْ: {وَالضُّحَى}.
وَعَنْ مُقَاتِلٍ: لَمَّا أَبْطَأَ الْوَحْيُ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَلَبَّثَ عَلَيْكَ الْوَحْيُ. فَقَالَ:
« كَيْفَ يَنْزِلُ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنْتُمْ لاَ تُنَقُّونَ بَرَاجِمَكُمْ وَلاَ تُقَلِّمُونَ أَظْفَارَكُمْ».
وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ عَنِ الْخَضِرِ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَالرُّوحِ فَوَعَدَهُمْ بِالْجَوَابِ إِلَى غَدٍ وَلَمْ يَسْتَثْنِ، فَأَبْطَأَ جَبْرَائِيلُ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَقِيلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: وَدَّعَهُ رَبُّهُ. فَنَزَلَ جَبْرَائِيلُ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- بِسُورَةِ وَالضُّحَى وَبِقَوْلِهِ: {وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} انْتَهَى.
فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا يُعَارِضُ رِوَايَةَ جُنْدُبٍ. قُلْتُ: لاَ إِذْ يَكُونُ جَوَابًا لِذَيْنِكَ الشَّيْئَيْنِ أَوْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ كَائِنًا مَنْ كَانَ). [عمدة القاري: 19/ 299-300]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (هذا بَابُ (مَا وَدَّعَكَ) ما تَرَكَكَ مُنْذُ اخْتَارَكَ (رَبُّكَ وَمَا قَلَى) وَمَا أَبْغَضَكَ مُنْذُ أَحَبَّكَ، وَحَذَفَ الْمَفْعُولَ اسْتِغْنَاءً بِذِكْرِهِ فِيمَا سَبَقَ، وَمُرَاعَاةً لِلْفَوَاصِلِ، وَثَبَتَ بَابٌ لأَبِي ذَرٍّ. وبه قَالَ: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ) التَّمِيمِيُّ الْيَرْبُوعِيُّ الْكُوفِيُّ، وَنَسَبَهُ لِجَدِّهِ، واسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ) بِضَمِّ الزَّايِ مُصَغَّرٌ، ابْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: (حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ) الْعَبْدِيُّ (قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ) بِضَمِّ الْجِيمِ والدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِهَا أيضًا، وهو جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ: اشْتَكَى) مَرِضَ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ) لِلتَّهَجُّدِ (لَيْلَتَيْنِ) وفي نُسْخَةٍ: لَيْلَةً بِالإفرادِ، (أو ثلاثًا) بالشَّكِّ والنَّصْبِ على الظَّرْفِيَّةِ (فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ) هي الْعَوْرَاءُ بِنْتُ حَرْبٍ أُخْتُ أَبِي سُفْيَانَ وهي حَمَّالَةُ الْحَطَبِ زَوْجُ أَبِي لَهَبٍ، كما عِنْدَ الْحَاكِمِ، (فَقَالَتْ) مُتَهَكِّمَةً: (يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ؛ قَرِبَهُ يَقْرَبُهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ مُتَعَدِّيًا وَمِنْهُ: {لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ}، وأَمَّا قَرُبَ بِضَمِّهَا فهو لازمٌ تَقُولُ: قَرُبَ الشَّيْءُ إِذَا دَنَا، وَقَرِبْتُهُ بِالْكَسْرِ أَيْ: دَنَوْتُ مِنْهُ، وهنا مُتَعَدٍّ (مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا) نُصِبَ وفي نُسْخَةٍ: أو ثَلاَثٍ، ولأَبِي ذَرٍّ: أو ثَلاَثَةٍ خُفِضَ بِمُنْذُ (فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالضُّحَى) وَقْتِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ أَوِ النَّهَارِ كُلِّهِ {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} وقَدَّمَ اللَّيْلَ على النَّهَارِ في السُّورَةِ السَّابِقَةِ بِاعْتِبَارِ الأصْلِ، والنَّهَارَ في هذه بِاعْتِبَارِ الشَّرَفِ. (قَوْلُهُ: مَا).
وَلِلْمُسْتَمْلِيِّ بَابٌ بِالتَّنْوِينِ أي: في قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} تُقْرَأُ وَدَّعَكَ (بِالتَّشْدِيدِ) في الدَّالِ وهي قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ، (وَبِالتَّخْفِيفِ) وهِيَ قِرَاءَةُ عُرْوَةَ وَهِشَامٍ ابْنِهِ وأَبِي حَيْوَةَ وابْنِ أَبِي عَبْلَةَ وهما (بِمَعْنًى وَاحِدٍ) أي: (مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) مِمَّا وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ). وبه قَالَ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ الْمُشَدَّدَةِ بُنْدَارٌ قَالَ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جْعَفَرٍ غُنْدَرٌ) ولأَبِي ذَرٍّ إِسْقَاطُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بْنُ الْحَجَّاجِ (عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ) الْعَبْدِيِّ أَنَّهُ (قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا الْبَجَلِيَّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْجِيمِ يَقُولُ: (قَالَتِ امْرَأَةٌ) هِيَ خَدِيجَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تَوَجُّعًا وَتَأَسُّفًا (يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أُرَى) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ: مَا أَظُنُّ، ولأَبِي ذَرٍّ: ما أَرَى؛ بِفَتْحِهَا (صَاحِبَكَ) جِبْرِيلَ (إِلاَّ أَبْطَأَكَ) أي: جَعَلَكَ بَطِيئًا في الْقِرَاءَةِ؛ لأَنَّ بُطْأَهُ في الإقْرَاءِ بُطْءٌ في قِراءَتِه، أو هو من بابِ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ وَإِيصَالِ الْفِعْلِ بِهِ. قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ (فَنَزَلَتْ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}) وهذا الْحَدِيثُ سَبَقَ في بابِ تركِ القيامِ للمرِيضِ). [إرشاد الساري: 7/ 423-424]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {ما ودعك ربك وما قلى}
قوله: (اشتكى) أي: مرض. قوله: (فلم يقم) أي: للتهجد). [حاشية السندي على البخاري: 3/ 79]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب قوله: {ما ودعك ربك وما قلى}
قوله: (قالت امرأة) هي خديجة أم المؤمنين. قوله: (صاحبك) هو جبريل. قوله: (إلا أبطأك) أي: جعلك بطيئاً في القراءة اهـ شيخ الإسلام). [حاشية السندي على البخاري: 3/ 79-80]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن الأسود بن قيسٍ، عن جندبٍ البجليّ، قال: كنت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غارٍ، فدميت إصبعه، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
هل أنت إلاّ إصبعٌ دميت.......وفي سبيل الله ما لقيت
قال: وأبطأ عليه جبريل، فقال المشركون: قد ودّع محمّدٌ، فأنزل اللّه تعالى: {ما ودّعك ربّك وما قلى}.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وقد رواه شعبة، والثّوريّ، عن الأسود بن قيسٍ). [سنن الترمذي: 5/ 299]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. وَهذا جوابُ القسمِ، وَمعناهُ: ما تَرَكَكَ يا محمَّدُ رَبُّكَ وَمَا أَبْغَضَكَ. وَقيلَ: {وَمَا قَلَى} وَمعناهُ: وَما قَلاكَ، اكْتِفَاءً بِفَهْمِ السامعِ لمعناهُ، إِذْ كانَ قدْ تَقَدَّمَ ذلكَ قولُهُ: {مَا وَدَّعَكَ}, فَعُرِفَ بذلكَ أنَّ المخاطبَ بهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وبِنَحْوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أبو صالحٍ، قَالَ: ثني معاويةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. يَقُولُ: ما تَرَكَكَ رَبُّكَ، وَما أَبْغَضَكَ.
- حَدَّثَنِي يونسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ فِي قَوْلِهِ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. قَالَ: ما قَلاكَ رَبُّكَ وَما أَبْغَضَكَ. قَالَ: وَالقَالِي: المُبْغِضُ.
وذُكِرَ أنَّ هذهِ السورةَ نَزَلَتْ على رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْذِيباً مِنَ اللَّهِ قُرَيْشاً في قِيلِهِمْ لرسولِ اللَّهِ لَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ الوحيُ: قدْ وَدَّعَ مُحَمَّداً رَبُّهُ وَقَلاهُ.
ذِكْرُ الروايةِ بذلكَ:
- حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّهَّانُ، قَالَ: ثنا مُفَضَّلُ بنُ صالحٍ، عَنِ الأسودِ بنِ قيسٍ العَبْدِيِّ، عَنِ ابنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيلُ على رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ، أَوْ مِنْ قَوْمِهِ: وَدَّعَ الشيطانُ مُحَمَّداً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {وَالضُّحَى}... إِلى قولِهِ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
قالَ أبو جعفرٍ: ابنُ عَبْدِ اللَّهِ هوَ جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلِيُّ.
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عيسى الدَّامْغَانِيُّ وَمحمدُ بنُ هارونَ القَطَّانُ قَالا: ثنا سفيانُ عَنِ الأسودِ بنِ قيسٍ سَمِعَ جُنْدُباً البَجَلِيَّ يَقُولُ: أَبْطَأَ جبريلُ على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى قَالَ المشركونَ: وَدَّعَ مُحَمَّداً رَبُّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بنُ جعفرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الأسودِ بنِ قيسٍ أَنَّهُ سَمِعَ جُنْدُباً البَجَلِيَّ قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أَرَى صَاحِبَكَ إِلاَّ قدْ أَبْطَأَ عَنْكَ، فَنَزَلَتْ هذهِ الآيةُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مَهْرَانُ عَنْ سفيانَ، عَنِ الأسودِ بنِ قيسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جُندُبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إِنَّ امرأةً أَتَت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالتْ: مَا أَرَى شيطانَكَ إِلاَّ قدْ تَرَكَكَ، فَنَزَلَتْ: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
- حَدَّثَنَا ابنُ أبي الشَّوَارِبِ، قَالَ: ثنا عبدُ الواحدِ بنُ زيادٍ، قَالَ: ثنا سليمانُ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ شَدَّادٍ أنَّ خديجةَ قَالَتْ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أَرَى رَبَّكَ إِلاَّ قدْ قَلاكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. قَالَ: إِنَّ جبريلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبْطَأَ عَلَيْهِ بالوحْيِ، فَقَالَ ناسٌ مِنَ الناسِ، وَهم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، ما نَرَى صَاحِبَكَ إِلاَّ قدْ قَلاكَ فَوَدَّعَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ما تَسْمَعُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قتادةَ فِي قَوْلِهِ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. قَالَ: أَبْطَأَ عَلَيْهِ جبريلُ، فَقَالَ المشركونَ: قدْ قَلاهُ رَبُّهُ وَوَدَّعَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
- حُدِّثْتُ عَنِ الحسينِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
مَكَثَ جبريلُ عَنْ محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ المشركونَ: قدْ وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَقَلاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هذهِ الآيةَ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ القرآنُ، أَبْطَأَ عنهُ جبريلُ أَيَّاماً، فَعُيِّرَ بذلكَ، فَقَالَ المشركونَ: وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَقَلاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَبْطَأَ جبريلُ على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً، وَقالتْ خَدِيجَةُ: أَرَى رَبَّكَ قَدْ قَلاكَ مِمَّا نَرَى مِنْ جَزَعِكَ، قَالَ: فَنَزَلَتْ {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}... إِلى آخرِهَا). [جامع البيان: 24/ 484-487]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا إسحاق بن محمّدٍ الهاشميّ بالكوفة، ثنا محمّد بن عليّ بن عفّان العامريّ، حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم رضي اللّه عنه، قال: لمّا نزلت تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ إلى {وامرأته حمالة الحطب في جيدها} [المسد: 5] حبلٌ من مسدٍ قال: فقيل لامرأة أبي لهبٍ: إنّ محمّدًا قد هجاك فأتت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وهو جالسٌ في الملأ فقالت: يا محمّد على ما تهجوني؟ قال: فقال: «إنّي واللّه ما هجوتك ما هجاك إلّا اللّه» قال: فقالت: هل رأيتني أحمل حطبًا أو رأيت في جيدي حبلًا من مسدٍ؟ ثمّ انطلقت، فمكث رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أيّامًا لا ينزّل عليه فأتته فقالت: يا محمّد ما أرى صاحبك إلّا قد ودّعك وقلاك. فأنزل اللّه عزّ وجلّ {والضّحى (1) واللّيل إذا سجى} [الضحى: 1] ما ودّعك ربّك وما قلى «هذا حديثٌ صحيحٌ كما حدّثناه هذا الشّيخ إلّا أنّي وجدت له علّةً»). [المستدرك: 2/ 574]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) جندب بن سفيان البجلي - رضي الله عنه - قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقم ليلة أو ليلتين، وفي رواية: ليلتين أو ثلاثاً - فجاءته امرأةٌ، فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين، أو ثلاثٍ قال: فأنزل الله عز وجل: {والضّحى (1) واللّيل إذا سجى (2) ما ودّعك ربّك وما قلى} [الضّحى: 1- 3].
وفي رواية قال: أبطأ جبريل على رسولٍ الله صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد ودّع محمّدٌ، فأنزل الله عز وجل: {والضّحى (1) واللّيل إذا سجى (2) ما ودّعك ربّك وما قلى}. أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرجه الترمذي قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غارٍ، فدميت إصبعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
هل أنت إلا إصبعٌ دميت.......وفي سبيل الله ما لقيت؟
قال: فأبطأ عليه جبريل عليه السلام، فقال المشركون: قد ودّع محمدٌ، فأنزل الله تبارك وتعالى: {ما ودّعك ربّك وما قلى}.
[شرح الغريب]
(قلا) قلاه: إذا هجره، والاسم: القلى). [جامع الأصول: 2/ 430-431]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن حَفْصِ بنِ مَيْسَرَةَ القُرَشِيِّ قالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي، عن أُمِّها - وكانَت خَادِمَ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ -: أنَّ جِرْواً دَخَلَ البَيْتَ ودَخَلَ تَحْتَ السَّرِيرِ وماتَ، فَمَكَثَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أيَّاماً لا يَنْزِلُ عليه الوَحْيُ. فقالَ:«يَا خَوْلَةُ، مَا حَدَثَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ جِبْرِيلُ لاَ يَأْتِينِي؟! فَهَلْ حَدَثَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ حَدَثٌ؟!
». فقُلْتُ: ما أتَى علينا يَوْمٌ خَيْرٌ مِن يَوْمِنَا. فَأَخَذَ بُرْدَهُ فلَبِسَه وخَرَجَ، فقُلْتُ: لَوْ هَيَّأْتُ البَيْتَ وكَنَسْتُه، فأَهْوَيْتُ بالمِكْنَسَةِ إلى السَّرِيرِ، فإذَا شَيْءٌ تَحْتُ ثَقِيلٌ، فلم أزَلْ حتى أَخْرَجْتُه، فإذا جِرْوٌ مَيِّتٌ، فأَخَذْتُه بِيَدِي فأَلْقَيْتُه خَلْفَ الدَّارِ، فجاءَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ تُرْعَدُ لِحْيَتُه، وكانَ إِذَا أتَى الوَحْيُ أَخَذَتْهُ الرِّعْدَةُ، فقالَ:«يَا خَوْلَةُ, دَثِّرِينِي». فأنْزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
رَوَاه الطبرانيُّ. وأُمُّ حَفْصٍ لم أَعْرِفْها). [مجمع الزوائد: 7/ 138]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا أبو نعيمٍ، ثنا حفص بن سعيدٍ القرشيّ الأعور، قال: حدّثتني أمّي، عن أمّها- رضي اللّه عنها، وكانت خادم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أنّ جروًا دخل بيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فدخل تحت السّرير فمات، فمكث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أربعة أيّامٍ لا ينزل عليه الوحي فقال:
« يا خولة، ما حدث في بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جبريل لا يأتيني، فما حدث في بيت نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟» فقالت: يا نبيّ اللّه، ما أتى علينا يومٌ أخير، منّا اليوم. قال: فأخذ برديه فلبسهما وخرج، فقلت في نفسي: لو هيّأت البيت وكنسته، فأهويت بالمكنسة تحت السّرير فإذا بشيءٍ ثقيلٍ فلم أزل أهيّئه حتّى بدا لي الجرو ميّتًا، فأخذته بيدي فألقيته خلف الدار، فجاء نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ترعد لحيته، وكان إذا أنزل عليه استبطنته الرّعدة، فقال:« يا خولة، دثّريني». فأنزل اللّه عليه {والضّحى (1) واللّيل إذا سجى (2) ما ودعك ربك وما قلى} إلى قوله: {يعطيك ربك فترضى} فقام من نومه فوضعت له ماءً فتطهّر ولبس برديه".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/ 301]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال أبو بكر: حدثنا أبو نعيمٍ، ثنا حفص بن سعيدٍ القرشيّ الأعور، حدّثتني أمّي، عن أمّها وكانت خادم رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، رضي الله عنها قالت: إنّ جروًا دخل بيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فدخل تحت السّرير فمات، فمكث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أربعة أيّامٍ لا ينزل عليه الوحي. فقال صلّى اللّه عليه وسلّم:
«يا خولة، ما حدث في بيت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم؟ جبريل عليه الصلاة والسلام لا يأتيني. فما حدث في بيت نبيّ الله صلّى اللّه عليه وسلّم»، فقالت رضي الله عنها: يا نبيّ اللّه، ما أتى علينا يومٌ خيرٌ منا اليوم. قالت فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم برديه، فلبسهما، وخرج فقلت في نفسي: لو هيّأت البيت، وكنسته. فأهويت بالمكنسة تحت السّرير، فإذا بشيءٍ ثقيلٍ، فلم أزل أهيّه حتّى بدا لي الجرو ميّتًا، فأخذته بيدي، فألقيته خلف الدّار، فجاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ترعد لحيته، وكان صلّى اللّه عليه وسلّم إذا نزل عليه استبطنته الرّعدة. فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: «يا خولة، دثّريني»، فأنزل الله عز وجل عليه: {والضّحى (1) واللّيل إذا سجى (2) ما ودّعك ربّك وما قلى} - إلى قوله - {فترضى}، فقام صلّى اللّه عليه وسلّم من نومه فوضعت له ماءً، فتطهّر، ولبس برديه). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/ 437-438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ، وسعيدُ بنُ منصورٍ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، والطبرانيُّ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن جُنْدُبٍ، قالَ: أَبْطَأَ جبريلُ على النبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالَ المشركون: قَدْ وُدِّعَ محمدٌ. فأُنْزِلَتْْ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ). [الدر المنثور: 15/ 480]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الحاكمُ وابنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في الدلائلِ مِن طريقِ عُرْوَةَ، عن خديجةَ، قالَت: لَمَّا أَبْطَأَ على رسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الوَحْيُ جَزِعَ مِن ذلك، فَقُلْتُ لَه مِمَّا رَأَيْتُ مِن جَزَعِه: لَقَدْ قَلاَكَ رَبُّكَ مِمَّا يَرَى مِن جَزَعِكَ. فأَنْزَلَ اللَّهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ). [الدر المنثور: 15/ 482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِذَا سَجَى}. قالَ: إذا ذَهَبَ، {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ}. قالَ: مَا تَرَكَكَ، {وَمَا قَلَى}. قالَ: ما أَبْغَضَكَ). [الدر المنثور: 15/ 483]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ في مُسْنَدِهِ، والطبرانيُّ، وابنُ مَرْدُويَهْ، عن أمِّ حَفْصٍ، عن أمِّها، وكانَتْ خَادِمَ رسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ جَرْواً دَخَلَ بيتَ النبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فدَخَلَ تَحْتَ السَّرِيرِ، فماتَ، فمَكَثَ النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعةَ أيامٍ لاَ يَنْزِلُ عليه الوحيُ، فقالَ:
«يَا خَوْلَةُ، مَا حَدَثَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ جِبْرِيلُ لاَ يَأْتِينِي». فقُلْتُ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا أَتَى علينا يومٌ خيرٌ منَّا اليومَ. فأَخَذَ بُرْدَه فلَبِسَه وخَرَجَ، فقُلْتُ في نَفْسِي: لو هَيَّأْتُ البيتَ وكَنَسْتُه، فأَهْوَيْتُ بالمِكْنَسَةِ تحتَ السريرِ، فإذا بشيءٍ ثقِيلٍ، فلم أزَلْ حَتَّى بَدَا ليَ الجَرْوُ مَيِّتاً، فأَخَذْتُه بِيَدِي فأَلْقَيْتُه خَلْفَ الدارِ، فجاءَ النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُرْعَدُ لِحْيَتُه، وكانَ إذَا نَزَلَ عليه أَخَذَتْهُ الرِّعْدَةُ، فقالَ: «يَا خَوْلَةُ، دَثِّرِينِي» فأَنْزَلَ اللَّهُ عليه: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}. إلى قَوْلِه: {فَتَرْضَى} ). [الدر المنثور: 15/ 483]

تفسير قوله تعالى: {وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وَقَوْلُهُ: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَدَارُ الآخرةِ وَما أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فيها خيرٌ لَكَ مِنَ الدارِ الدنيا وَما فِيهَا؛ يَقُولُ: فلا تَحْزَنْ عَلَى ما فَاتَكَ منها، فإِنَّ الذي لَكَ عندَ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ منها). [جامع البيان: 24/ 487]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن ابنِ عباسٍ قالَ: عُرِضَ على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ ما هو مَفْتُوحٌ على أُمَّتِه كَفْراً كَفْراً، فسُرَّ بذلك، فأنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} فأَعْطَاهُ اللهُ تعالى في الجنَّةِ أَلْفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما يَنْبَغِي له مِنَ الوِلْدَانِ والخَدَمِ.
رَوَاه الطبرانيُّ في الكبيرِ والأوسطِ.
وفي رِوَايَةٍ فيه: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ:
«عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ مَفْتُوحٌ لأُمَّتِي بَعْدِي فَسَرَّنِي»، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَللآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى}. فذَكَرَ نَحْوَه.
وفيه مُعاويةُ بنُ أبي العبَّاسِ، ولم أَعْرِفْه، وبقيَّةُ رِجالِه ثِقاتٌ، وإسنادُ الكبيرِ حَسَنٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 138-139]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطبرانيُّ في الأوسطِ والبَيْهَقِيُّ في الدلائلِ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
«عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ مَفْتُوحٌ لأُمَّتِي بَعْدِي فَسَرَّنِي». فأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى} ). [الدر المنثور: 15/ 484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن عِكْرِمَةَ، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيْةُ: {وَللآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى}. قالَ العَبَّاسُ بنُ عبدِ المُطَّلِبِ: لا يَدَعُ اللَّهُ نَبِيَّهُ فيكم إلاَّ قليلاً؛ لِمَا هو خيرٌ له). [الدر المنثور: 15/ 486-487]

تفسير قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني من سمع الأوزاعي يقول: حدثني إسماعيل بن عبيد الله قال: عرض على النبي صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوحٌ على أمته بعده كفرا كفرا، قال: فسر بذلك، قال: فأنزل الله عليه: {والضحى (1) والليل إذا سجى (2) ما ودعك ربك وما قلى (3) وللآخرة خيرٌ لك من الأولى (4) ولسوف يعطيك ربك فترضى}، فأعطاه الله ألف قصرٍ في الجنة من لؤلؤ ترابهن المسك، في كل قصر ما ينبغي له). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 13]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ يَا مُحَمَّدُ رَبُّكَ فِي الآخرةِ مِنْ فواضلِ نِعَمِهِ، حتَّى تَرْضَى.
وَقد اخْتَلَفَ أهلُ العلمِ في الذي وَعَدَهُ مِنَ العطاءِ، فَقَالَ بَعْضُهُم: هوَ ما حَدَّثَنِي بهِ موسَى بنُ سهلٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: ثنا عمرُو بنُ هاشمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ إِسماعيلَ بنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ أبي المُهَاجِرِ المَخْزُومِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عُرِضَ على رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما هوَ مَفْتُوحٌ على أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، كَفْراً كَفْراً، فَسُرَّ بذلكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. فَأَعْطَاهُ في الجنَّةِ ألفَ قَصْرٍ، في كلِّ قصرٍ ما يَنْبَغِي مِنَ الأزواجِ وَالخَدَمِ.
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ خلفٍ العَسْقَلانِيُّ، قَالَ: ثني رَوَّادُ بنُ الجرَّاحِ، عَنِ الأوزاعيِّ، عَنْ إِسماعيلَ بنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. قَالَ: ألفَ قصرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ، تُرَابُهُنَّ الْمِسْكُ، وَفِيهِنَّ ما يَصْلُحْهُنَّ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}: وَذلكَ يومُ القيامةِ. وَقالَ آخَرُونَ في ذلكَ ما حَدَّثَنِي بهِ عَبَّادُ بنُ يعقوبَ، قَالَ: ثنا الحكمُ بنُ ظهيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. قَالَ: مِنْ رِضَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألاَّ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ أهلِ بَيْتِهِ النارَ). [جامع البيان: 24/ 487-488]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني أبو عمرٍو محمّد بن إسحاق العدل، ثنا محمّد بن الحسن العسقلانيّ، ثنا عصام بن روّاد بن الجرّاح، حدّثني أبي، ثنا الأوزاعيّ، عن إسماعيل بن عبيد اللّه، قال: حدّثني عليّ بن عبد اللّه بن عبّاسٍ، عن أبيه رضي اللّه عنهما، قال: «أري رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ما يفتح على أمّته من بعده، فسرّ بذلك» فأنزل اللّه عزّ وجلّ والضّحى واللّيل إذا سجى إلى قوله {ولسوف يعطيك ربّك فترضى} قال: «فأعطاه ألف قصرٍ في الجنّة من لؤلؤٍ ترابه المسك في كلّ قصرٍ منها ما ينبغي له» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/ 573]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن ابنِ عباسٍ قالَ: عُرِضَ على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ ما هو مَفْتُوحٌ على أُمَّتِه كَفْراً كَفْراً، فسُرَّ بذلك، فأنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} فأَعْطَاهُ اللهُ تعالى في الجنَّةِ أَلْفَ قَصْرٍ، في كلِّ قَصْرٍ ما يَنْبَغِي له مِنَ الوِلْدَانِ والخَدَمِ.
رَوَاه الطبرانيُّ في الكبيرِ والأوسطِ.
وفي رِوَايَةٍ فيه: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ:
«عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ مَفْتُوحٌ لأُمَّتِي بَعْدِي فَسَرَّنِي»، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَللآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى}. فذَكَرَ نَحْوَه.
وفيه مُعاويةُ بنُ أبي العبَّاسِ، ولم أَعْرِفْه، وبقيَّةُ رِجالِه ثِقاتٌ، وإسنادُ الكبيرِ حَسَنٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 138-139] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أَبِي حاتمٍ، والطبرانيُّ، والحاكمُ وصَحَّحَه، وابنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، وأبو نُعَيْمٍ كلاهما في الدلائلِ عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: عُرِضَ عَلى رسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما هو مَفْتوحٌ على أُمَّتِه مِن بَعْدِه كَفْراً كَفْراً، فَسُرَّ بذلك، فأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. فأَعْطَاهُ فِي الجَنَّةِ أَلْفَ قَصْرٍ مِن لُؤْلُؤٍ، تُرَابُه المِسْكُ، في كلِّ قَصْرٍ ما يَنْبَغِي له مِن الأزواجِ والخَدَمِ). [الدر المنثور: 15/ 484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ مِن طريقِ السُّدّيِّ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. قالَ: مِن رِضَا محمدٍ ألاَّ يَدْخُلَ أحدٌ مِن أهلِ بيتِه النارَ). [الدر المنثور: 15/ 484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ من طريقِ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ َتَرْضَى}. قالَ: رِضَاهُ: أنْ تَدْخُلَ أُمَّتُه كُلُّهُمُ الجنةَ). [الدر المنثور: 15/ 485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الخَطِيبُ في تَلْخِيصِ المُتَشَابِهِ مِن وَجْهٍ آخَرَ عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. قالَ: لا يَرْضَى محمدٌ – صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَأَحَدٌ مِن أُمَّتِهِ في النارِ). [الدر المنثور: 15/ 485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ مسلمٌ عن ابنِ عَمْرٍو، أن النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تلا قَوْلَ اللَّهِ في إبراهيمَ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}. وقولَ عيسى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ}. الآيةَ. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وقالَ: «اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي» وبكَى، فقالَ اللَّهُ: يا جِبْريلُ، اذْهَبْ إلى محمدٍ فقلْ له: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ ولا نَسُوءُكَ). [الدر المنثور: 15/ 485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ مِن طريقِ حَرْبِ بنِ سُرَيجٍ، قالَ: قُلْتُ لأبي جَعْفَرٍ محمدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ: أَرَأَيْتَ هذه الشفاعةَ التي يَتَحَدَّثُ بها أهلُ العراقِ، أحَقٌّ هي؟ قالَ: إي واللَّهِ، حَدَّثَنِي عَمِّي محمدُ ابنُ الحَنَفِيَّةِ، عن علِيٍّ، أنَّ رسولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: «أَشْفَعُ لأُمَّتِي حَتَّى يُنَادِيَنِي رَبِّي: أَرَضِيتَ يَا محمدُ؟ فأقولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ رَضِيتُ». ثم أَقْبَلَ عليٌّ فقالَ: إنَّكُمْ تقولونَ يا معشرَ أهلِ العراقِ: إنَّ أَرْجَى آيةٍ في كتابِ اللَّهِ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً}. قُلْتُ: إنا لنَقُولُ ذلك. قالَ: فكُلُّنَا أهلَ البيتِ نقولُ: إنَّ أرْجَى آيةٍ في كتابِ اللَّهِ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. وهي الشفاعةُ). [الدر المنثور: 15/ 485-486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن الحسَنِ، أنَّه سُئِلَ عن قولِه: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. قالَ: هي الشفاعةُ). [الدر المنثور: 15/ 486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ، عن ابنِ مسعودٍ، قَالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّا أَهْلَ البَيْتِ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}» ). [الدر المنثور: 15/ 486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ العَسْكَرِيُّ في المَوَاعِظِ وابنُ لالٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وابنُ النجَّارِ، عن جابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ، قالَ: دَخَلَ رسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على فاطمةَ وهي تَطْحَنُ بالرَّحَى وعليها كِسَاءٌ مِن جِلْدِ الإبلِ، فلمَّا نَظَرَ إليها قالَ:
«يَا فَاطِمَةُ، تَعَجَّلِي مَرَارَةَ الدُّنْيَا لِنَعِيمِ الآخِرَةِ غَداً» فأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} ). [الدر المنثور: 15/ 486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. قالَ: ذلك يومَ القيامةِ فِي الجنةُ). [الدر المنثور: 15/ 487] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 جمادى الآخرة 1434هـ/4-05-2013م, 03:04 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

قوله تعالى: {وَالضُّحَى (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {والضّحى... واللّيل إذا سجى...}.
فأمّا الضحى فالنهار كله). [معاني القرآن: 3/ 273] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله تعالى: {والضّحى (1) واللّيل إذا سجى (2)} هذا قسم، وجوابه {ما ودّعك ربّك وما قلى} والضحى: النهار، وقيل ساعة من ساعات النهار). [معاني القرآن: 5/ 339]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَالضُّحَى} هو النهار كلّه. وكذلك {وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] معناه ونهارها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 304]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الضُّحَى}: النهار كله). [العمدة في غريب القرآن: 349]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {والضّحى... واللّيل إذا سجى...} فأمّا الضحى: فالنهار كله، و{الليل إذا سجى}: إذا أظلم وركد في طوله، كما تقول: بحر ساج، وليل ساج، إذا ركد وسكن وأظلم). [معاني القرآن: 3/ 273]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({والليل إذا سجى} إذا سكن، يقال: ليلة ساجية وليلة ساكنة.
قال الحادي:
يا حبّذا القمراء والليل السّاج.......وطــرقٌ مـثـل مــلاءٍ الـنـسّـاج ).

[مجاز القرآن: 2/ 302]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({إذا سجا}: إذا سكن. يقال: "ليلة ساجية" أي ساكنة). [غريب القرآن وتفسيره: 432]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({واللّيل إذا سجى}: إذا سكن. وذلك عند تناهي ظلامه وركوده).
[تفسير غريب القرآن: 531]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله تعالى: {والضّحى (1) واللّيل إذا سجى (2)} هذا قسم، وجوابه {ما ودّعك ربّك وما قلى}).[معاني القرآن: 5/ 339](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({واللّيل إذا سجى (2)} وقوله "إذا سجا" معناه إذا سكن.
قال الشاعر:
يا حبّذا القمراء والليل الساج.......وطــرق مـثـل مــلاء الـنّـسّـاج ).

[معاني القرآن: 5/ 339]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ((سَجَى): سكن، وسجا امتد، وغطى كل شيء بظلامه، وسجا: أظلم). [ياقوتة الصراط: 583]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إِذَا سَجَى} أي سكن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 304]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سَجَى}: سكن). [العمدة في غريب القرآن: 349]

تفسير قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ما ودّعك ربّك وما قلى...} نزلت في احتباس الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة [ليلة]، فقال المشركون: قد ودّع محمدا صلى الله عليه وسلم ربّه، أو قلاه التابع الذي يكون معه، فأنزل الله جلّ وعزّ: {ما ودّعك ربّك} يا محمد، {وما قلى} يريد: وما قلاك، فألقيت الكاف، كما يقول: قد أعطيتك وأحسنت، ومعناه: أحسنت إليك، فتكتفى بالكاف الأولى من إعادة الأخرى، ولأن رءوس الآيات بالياء، فاجتمع ذلك فيه). [معاني القرآن: 3/ 273-274]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ما ودّعك} من التوديع وما ودعك مخفّفةٌ من ودعت تدعه.
{وما قلى} أبغض). [مجاز القرآن: 2/ 302]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({وما قلى}: أبغض). [غريب القرآن وتفسيره: 432]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({وما قلى}: ما أبغضك).
[تفسير غريب القرآن: 531]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ومعنى: {ما ودّعك ربّك وما قلى (3)} أي لم يقطع الوحي عنك ولا أبغضك، وذلك أنه تأخر الوحي عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - خمسة عشر يوما، فقال ناس من الناس: إن محمدا قد ودعه صاحبه وقلاه، فأنزل الله عزّ وجلّ - {ما ودّعك ربّك وما قلى} المعنى ما قلاك، كما قال: {والذّاكرين اللّه كثيرا والذّاكرات} المعنى والذاكراته). [معاني القرآن: 5/ 339]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَمَا قَلَى} أي أبغضك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 304]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَمَا قَلَى}: أبغض). [العمدة في غريب القرآن: 349]

تفسير قوله تعالى: {وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى...}. وهي في قراءة عبد الله: "ولسيعطيك ربك فترضى" والمعنى واحد، إلا أن (سوف) كثرت في الكلام، وعرف موضعها، فترك منها الفاء والواو، والحرف إذا كثر فربما فعل به ذلك، كما قيل: أيشٍ تقول، وكما قيل: قم لا باك، وقم لا بشانئك، يريدون: لا أبالك، ولا أبا لشانئك، وقد سمعت بيتاً حذفت الفاء فيه من كيف، قال الشاعر:
من طالبين لبعران لنا رفضت.......كيلا يحسون مـن بعراننـا أثـرا

أراد: كيف لا يحسون؟ وهذا لذلك). [معاني القرآن: 3/ 274]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 10:43 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {وَالضُّحَى (1)}
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وقال بعضهم في صفة أوّل النهار: قال الله تعالى: {بكرةً وعشيّا} و{بالغداة والعشيّ}.
وقالوا: لقيته غدوةً غدوةً وبكرةً بكرةً.
وحكي عن الخليل: رأيته غديّة وبكيرة يا هذا، معرفةٌ غير مصروفةٍ.
وقالوا: بكرت بكوراً، وأبكرت وبكّرت. وغدوت غدوًّا. فهذا من أوّل النهار.
ويقال: أضحينا في الغدوّ، إذا أخّروه.
ثمّ الضّحى بعد الغدوّ. ثمّ الضّحاء بعد ذلك بالمدّ). [الأزمنة: 57] (م)
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (و«الضُّحى» أنثى؛ يقال: ارتفعت الضحى، وتصغيرها: «ضحيا» بغير الهاء، كأنهم كرهوا أن يشبه تصغيرها تصغير «ضحوة». قال الشاعر:
يفعت خليقا بعد ما اشتدت الضحى.......بمرتقب عالي النشاز رفيع

تصغير: خلقاء. وإذا قلت: «الضحاء» فهو ذكر ممدود). [المذكور والمؤنث: 74]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ (ت: 328هـ): (والضحى ارتفاع النهار والضحاء الأكل في الضحى ويقال الضحاء بعد الضحى). [شرح المفضليات: 467]


تفسير قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)}
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (ويقال أيضاً: سجا الليل وأسجى. وقال الله عزّ وجلّ: {والليل إذا سجى}.
ويقال: يومٌ أسجى، وليلةٌ سجواء: وهي اللّيّنة. وبعيرٌ أسجى، وناقةٌ سجواء، أي أديبةٌ). [الأزمنة: 54]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "ساج "أي ساكن، قال الله عز وجل: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} وقال جرير:


ولقد رمينك يوم رحن بأعينٍ.......يقتلن من خلل الستور سواج
وقال الراجز:
يا حبذا القمراء والليل الساج.......وطرقٌ مثل ملاء النساج
). [الكامل: 1/ 371]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
صافي اللون وطرفًا ساجيًا.......أكحل العينين ما فيه قمع
الساجي: الساكن، والقمع: كمد في لحم المؤق وورم فيه يقال قمعت عينه تقمع، قال الأعشى:
وقلبت مقلة ليست بكاذبة.......إنسان عين ومأقًا لم يكن قمعا
قال أبو جعفر ومؤقًا، والساجي: الساكن الذي ليس حديدًا كثير التحرك، وقال: القمع حمرة تكون في العين وفساد في المؤق، قال أبو عمرو: وهو بثر يخرج في أشفار العين تسميه تميم الجدجد وتسميه ربيعة القمع، قمعت العين تقمع قمعًا وعين قمعة وسجا الطرف يسجو سجوًا إذا سكن وهو طرف ساجٍ ومنه قول الله عز وجل: {والليل إذا سجا}). [شرح المفضليات: 383]

تفسير قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ): (والقِلَى: البُغْضُ، ورَجُلٌ مَقْلِيٌّ: كان يَقلاهُ الناسُ). [شرح لامية العرب: --]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
علي أني قليت بني جريب.......زمان زمانهم فيمن قلاه
...
(قليت الرجل أقليه قلى ومقلية) إذا أغضته، و(قلاء) ). [شرح أشعار الهذليين: 2/ 757]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فما لحقتنا العيس حتى تناضلت.......بنا وقلانا الآخر المتخلف
تناضلت: تبادرت في سيرنا، وقلانا: أبغضنا لشدة سيرنا؛ وقليته: أبغضته أقليه قلى –مكسور مقصور- فإن فتحت القاف مددت، وأنشد لنصيب:
فما لك عندي إن نأيت قلاء
). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 14]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ): (والقلى: البغض). [الأمالي: 2/ 65]

تفسير قوله تعالى: {وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)}


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالضُّحَى (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {والضّحى * واللّيل إذا سجى * ما ودّعك ربّك وما قلى * وللآخرة خيرٌ لّك من الأولى * ولسوف يعطيك ربّك فترضى * ألم يجدك يتيمًا فآوى * ووجدك ضالًّا فهدى * ووجدك عائلًا فأغنى * فأمّا اليتيم فلا تقهر * وأمّا السّائل فلا تنهر * وأمّا بنعمة ربّك فحدّث}.
تقدّم تفسير (الضّحى) بأنه: سطوع الضوء وعظمه. وقال قتادة: «الضحى هنا النهار كلّه
»). [المحرر الوجيز: 8/ 638]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{سجى} معناه: سكن واستقرّ ليلًا تامًّا، وقال بعض المفسّرين: {سجى} معناه: أقبل. وقال آخرون: معناه: أدبر. والأول أصحّ، ومنه قول الشاعر:
يا حبّذا القمراء واللّيل السّاج ....... وطرقٌ مثل ملاء النّسّاج
ويقال: (بحرٌ ساجٍ) أي: ساكنٌ، ومنه قول الأعشى:
وما ذنبنا أن جاش بحر ابن عمّكم ....... وبحرك ساجٍ لا يواري الدّعامصا
و(طرفٌ ساجٍ) إذا كان ساكنًا غير مضطرب النظر). [المحرر الوجيز: 8/ 638-639]

تفسير قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: {ودّعك}، بشدّ الدال ـ من التوديع، وقرأ عروة بن الزّبير وابنه هشامٌ: (ودعك) ، بتخفيف الدال ـ بمعنى: تركك.
و{قلى}، معناه: أبغض.
واختلف في سبب هذه الآية؛ فقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما وغيره:
«أبطأ الوحي مدّةً عن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وهو بمكة - اختلفت في حدّها الروايات - حتى شقّ ذلك عليه، فجاءت امرأةٌ من الكفّار - وهي أمّ جميلٍ امرأة أبي لهبٍ - فقالت: يا محمّد، ما أرى شيطانك إلاّ قد تركك. فنزلت الآية بسبب ذلك».
وقال ابن وهبٍ عن رجاله، عن عروة بن الزّبير، أنّ خديجة -رضي اللّه عنها- قالت:
«ما أرى اللّه إلا قد خلاك؛ لإفراط جزعك لبطء الوحي عنك. فنزلت الآية بسبب ذلك». وقال زيد بن أسلم: «إنّما احتبس عنه جبريل لجروٍ كان في بيته»). [المحرر الوجيز: 8/ 639]

تفسير قوله تعالى: {وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وللآخرة خيرٌ لك من الأولى}، يحتمل أن يريد الدارين: الدنيا والآخرة. وهذا تأويل ابن إسحاق وغيره، ويحتمل أن يريد حاليه في الدنيا قبل نزول السورة وبعدها، فوعده اللّه تعالى - على هذا التأويل - بالنّصر والظّهور.
وكذلك قوله تعالى: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى}؛ قال جمهور الناس: ذلك في الآخرة.
وقال بعض أهل البيت: هذه أرجى آيةٍ في القرآن؛ لأنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- لا يرضى وواحدٌ من أمّته في النار. وقال ابن عبّاسٍ:
«رضاه ألاّ يدخل أحدٌ من أهل بيته النار». وقال ابن عبّاسٍ أيضًا: رضاه: «أنّ اللّه تعالى وعده بألف قصرٍ في الجنة بما تحتاج إليه من النّعم والخدم». وقال بعض العلماء: رضاه في الدنيا بفتح مكة وغيره. وفي مصحف ابن مسعودٍ: (ولسيعطيك) ). [المحرر الوجيز: 8/ 639-640]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:23 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:23 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالضُّحَى (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم الله الرّحمن الرّحيم
{والضّحى * واللّيل إذا سجى * ما ودّعك ربّك وما قلى * وللآخرة خيرٌ لّك من الأولى * ولسوف يعطيك ربّك فترضى * ألم يجدك يتيمًا فآوى * ووجدك ضالًّا فهدى * ووجدك عائلًا فأغنى * فأمّا اليتيم فلا تقهر * وأمّا السّائل فلا تنهر * وأمّا بنعمة ربّك فحدّث}
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا سفيان، عن الأسود بن قيسٍ، قال:
«سمعت جندباً يقول: اشتكى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فلم يقم ليلةً أو ليلتين، فأتت امرأةٌ فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلاّ قد تركك. فأنزل الله عزّ وجلّ: {والضّحى * واللّيل إذا سجى * ما ودّعك ربّك وما قلى}».
رواه البخاريّ، ومسلمٌ، والتّرمذيّ، والنّسائيّ، وابن أبي حاتمٍ، وابن جريرٍ، من طرقٍ، عن الأسود بن قيسٍ، عن جندبٍ، هو ابن عبد الله البجليّ ثمّ العلقيّ به، وفي رواية سفيان بن عيينة، عن الأسود بن قيسٍ سمع جندباً قال:
« أبطأ جبريل على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال المشركون: ودّع محمّدٌ. فأنزل الله تعالى: {والضّحى * واللّيل إذا سجى * ما ودّعك ربّك وما قلى}».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، وعمرو بن عبد الله الأوديّ، قالا: حدّثنا أبو أسامة، حدّثني سفيان، حدّثني الأسود بن قيسٍ، أنه سمع جندباً يقول: رمي رسول الله -صلّى الله تعالى عليه وسلّم- بحجرٍ في إصبعه، فقال:
«هل أنت إلاّ إصبعٌ دميت وفي سبيل الله ما لقيت». قال: فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم، فقالت له امرأةٌ: ما أرى شيطانك إلاّ قد تركك. فنزلت: {والضّحى * واللّيل إذا سجى * ما ودّعك ربّك وما قلى}. والسّياق لأبي سعيدٍ.
قيل: إنّ هذه المرأة هي أمّ جميلٍ امرأة أبي لهبٍ، وذكر أنّ إصبعه عليه السلام دميت. وقوله هذا الكلام الذي اتّفق أنه موزونٌ ثابتٌ في الصحيحين، ولكنّ الغريب ههنا جعله سبباً لتركه القيام ونزول هذه السورة.
فأمّا ما رواه ابن جريرٍ: حدّثنا ابن أبي الشّوارب، حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، حدّثنا سليمان الشّيبانيّ، عن عبد الله بن شدّادٍ، أن خديجة قالت للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-:
«ما أرى ربّك إلاّ قد قلاك. فأنزل الله: {والضّحى * واللّيل إذا سجى * ما ودّعك ربّك وما قلى}».
وقال أيضاً: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا وكيعٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أبطأ جبريل على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فجزع جزعاً شديداً، فقالت خديجة:
«إنّي أرى ربّك قد قلاك ممّا نرى من جزعك. قال: فنزلت: {والضّحى * واللّيل إذا سجى * ما ودّعك ربّك وما قلى} إلى آخرها».
فإنه حديثٌ مرسلٌ من هذين الوجهين، ولعلّ ذكر خديجة ليس محفوظاً، أو قالته على وجه التأسّف والتحزّن. والله أعلم.
وقد ذكر بعض السّلف، منهم ابن إسحاق، أنّ هذه السورة التي أوحاها جبريل إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين تبدّى له في صورته التي هي خلقه الله عليها، ودنا إليه وتدلّى منهبطاً عليه، وهو بالأبطح {فأوحى إلى عبده ما أوحى} قال: قال له هذه: {والضّحى * واللّيل إذا سجى}.
قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: لمّا نزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم القرآن، أبطأ عنه جبريل أيّاماً، فتغيّر بذلك، فقال المشركون: ودّعه ربّه وقلاه. فأنزل الله: {ما ودّعك ربّك وما قلى}.
وهذا قسمٌ منه تعالى بالضّحى، وما جعل فيه من الضّياء). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 424-425]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واللّيل إذا سجى}؛ أي: سكن فأظلم وادلهمّ. قاله مجاهدٌ وقتادة والضحّاك وابن زيدٍ وغيرهم. وذلك دليلٌ ظاهرٌ على قدرة خالق هذا وهذا، كما قال: {واللّيل إذا يغشى * والنّهار إذا تجلّى} وقال: (فالق الإصباح وجاعل اللّيل سكناً والشّمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم) ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 425]

تفسير قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قوله: {ما ودّعك ربّك}؛ أي: ما تركك، {وما قلى}؛ أي: وما أبغضك). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 425]

تفسير قوله تعالى: {وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وللآخرة خيرٌ لك من الأولى}؛ وللدّار الآخرة خيرٌ لك من هذه الدار.
ولهذا كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أزهد الناس في الدنيا، وأعظمهم لها اطّراحاً، كما هو معلومٌ بالضرورة من سيرته، ولمّا خيّر عليه السلام في آخر عمره بين الخلد في الدنيا إلى آخرها، ثمّ الجنّة، وبين الصّيرورة إلى الله عزّ وجلّ اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدّنيّة.
قال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد، حدّثنا المسعوديّ، عن عمرو بن مرّة، عن إبراهيم النّخعيّ، عن علقمة، عن عبد الله - هو ابن مسعودٍ - قال:
«اضطجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حصيرٍ فأثّر في جنبه، فلمّا استيقظ جعلت أمسح جنبه وقلت: يا رسول الله، ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئاً؟» فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما لي وللدّنيا؟! ما أنا والدّنيا؟! إنّما مثلي ومثل الدّنيا كراكبٍ ظلّ تحت شجرةٍ ثمّ راح وتركها».
ورواه التّرمذيّ وابن ماجه من حديث المسعوديّ به، وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 425]

تفسير قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى} أي: في الدار الآخرة يعطيه حتّى يرضيه في أمّته، وفيما أعدّه له من الكرامة، ومن جملته نهر الكوثر، الذي حافتاه قباب اللّؤلؤ المجوّف، وطينه مسكٌ أذفر، كما سيأتي.
وقال الإمام أبو عمرٍو الأوزاعيّ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزوميّ، عن عليّ بن عبد الله بن عبّاسٍ، عن أبيه، قال:
«عرض على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما هو مفتوحٌ على أمّته من بعده كنزاً كنزاً، فسرّ بذلك، فأنزل الله:{ولسوف يعطيك ربّك فترضى} فأعطاه في الجنّة ألف ألف قصرٍ، في كلّ قصرٍ ما ينبغي له من الأزواج والخدم. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ من طريقه»، وهذا إسنادٌ صحيحٌ إلى ابن عبّاسٍ، ومثل هذا لا يقال إلاّ عن توقيفٍ.
وقال السّدّيّ عن ابن عبّاسٍ: من رضى محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- ألاّ يدخل أحدٌ من أهل بيته النار. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ.
وقال الحسن: يعني بذلك الشفاعة. وهكذا قال أبو جعفرٍ الباقر.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدّثنا معاوية بن هشامٍ، عن عليّ بن صالحٍ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
«إنّا أهل بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدّنيا» {ولسوف يعطيك ربّك فترضى}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 425-426]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة