عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 29 ذو الحجة 1431هـ/5-12-2010م, 11:39 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 135 إلى 152]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)}

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {كونوا قوّامين بالقسط شهداء للّه...}
هذا في إقامة الشهادة على أنفسهم وعلى الوالدين والأقربين. ولا تنظروا في غنى الغني ولا فقر الفقير؛ فإن الله أولى بذلك.
(فلا تتّبعوا الهوى [أن تعدلوا]) فرارا من إقامة الشهادة. وقد يقال: لا تتبعوا الهوى لتعدلوا؛ كما تقول: لا تتبعنّ هواك لترضي ربك، أي إني أنهاك عن هذا كيما ترضي ربك. وقوله: {وإن تلووا} وتلوا، قد قرئتا جميعا. ونرى الذين قالوا (تلوا) أرادوا (تلؤوا) فيهمزون الواو لانضمامها، ثم يتركون الهمز فيتحوّل إعراب الهمز إلى اللام فتسقط الهمزة. إلا أن يكون المعنى فيها: وإن تلوا ذلك، يريد: تتولّوه {أو تعرضوا} عنه: أو تتركوه، فهو وجه). [معاني القرآن: 1/291]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وإن تلووا أو تعرضوا): كلّ شيء لويته من حق أو غيره). [مجاز القرآن: 1/141]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء للّه ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيّاً أو فقيراً فاللّه أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيراً}
قال: {إن يكن غنيّاً أو فقيراً فاللّه أولى بهما} لأنّ {أو} ههنا في معنى الواو. أو يكون جمعهما في قوله: {بهما} لأنهما قد ذكرا نحو قوله عز وجل: {وله أخٌ أو أختٌ فلكلّ واحدٍ مّنهما}. أو يكون أضمر {من} كأنه "إن يكن من تخاصم غنيّاً أو فقيراً" يريد "غنيين أو فقيرين" يجعل "من" في ذلك المعنى ويخرج {غنيّاً أو فقيراً} على لفظ "من".
وقال: {وإن تلووا أو تعرضوا} لأنها من "لوى" "يلوى". وقال بعضهم {وإن تلوا} فان كانت لغة فهو لاجتماع الواوين، ولا أراها إلاّ لحناً إلاّ على معنى "الولاية" وليس لـ"الولاية" معنى ههنا إلا في قوله "وإن تلوا عليهم" فطرح {عليهم} فهو جائز). [معاني القرآن: 1/212-213]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({وان تلووا}: لويته حقه دفعته عنه). [غريب القرآن وتفسيره: 124]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({وإن تلووا} من اللّيّ في الشهادة والميل إلى أحد الخصمين). [تفسير غريب القرآن: 136]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء للّه ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيّا أو فقيرا فاللّه أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرا (135)
القسط والإقساط العدل، يقال أقسط الرجل يقسط إقساطا إذا عدل وأتى بالقسط، ويقال قسط الرجل قسوطا إذا جار.
قال الله جلّ وعزّ: (وأقسطوا إنّ اللّه يحبّ المقسطين).
أي اعدلوا إن الله يحب العادلين.
وقال جلّ وعزّ: (وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطبا).
أي الجائرون، يقال قسط البعير قسطا إذا يبست يده، ويد قسطاء أي يابسة، فكأن أقسط أقام الشيء على حقيقة التعديل، وكأنّ قسط بمعنى جار معناه يبّس الشيء، وأفسد جهته المستقيمة.
وقوله: (ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين)
المعنى قوموا بالعدل وأشهدوا للّه بالحق، وإن كان الحق على نفس الشاهد أو على والديه وأقر بيه.
(إن يكن غنيّا أو فقيرا فاللّه أولى بهما).
أي إن يكن المشهود له فقيرا فاللّه أولى به، وكذلك إن يكن المشهود عليه غنيا فاللّه أولى به، فالتأويل أقيموا الشهادة لله على أنفسكم وأقاربكم، ولا تميلوا في الشهادة رحمة للفقير، ولا تحيفوا لاحتفال غنى عنيّ عندكم.
وقوله: (فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا).
أي لا تتبعوا الهوى فتعدلوا.
(وإن تلووا أو تعرضوا).
قرأ عاصم وأبو عمرو بن العلاء وأهل المدينة " تلووا " بواوين، وقرأ يحيى ابن وثاب والأعمش وحمزة بواو واحدة " تلوا "، والأشبه على ما جاء في التفسير ومذهب أهل المدينة وأبي عمرو، لأنه جاء في التفسير أن " لوى الحاكم في قضيته " أعرض.
(فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرا).
يقال لويت فلانا حقه إذا دفعته به ومطلته، ويجوز أن يكون " وأن تلو " أصله تلووا فأبدلوا من الواو المضمومة - همزة فصارت تلووا - بإسكان اللام - ثم طرحت الهمزة وطرحت حركتها على اللام فصار تلوا كما قيل في أدور أدوّر ثم طرحت الهمزة فصارت آدر.
ويجوز أن يكون وإن تلوا من الولاية، وتعرضوا أي إن قمتم بالأمر أو أعرضتم عنه، فإن اللّه كان بما تعملون خبيرا.
وقوله: (فتذروها كالمعلّقة).
قيل كالمحبوسة لا أيّما ولا ذات بعل). [معاني القرآن: 2/117-119]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط} القسط والإقساط العدل يقال أقسط يقسط إقساطا إذا عدل وقسط يقسط إذا جار). [معاني القرآن: 2/211]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما} المعنى إن يكن المشهود له غنيا فلا يمنعكم ذلك من أن تشهدوا وإن يكن المشهود عليه فقيرا فلا يمنعكم ذلك من أن تشهدوا عليه فإن قيل كيف يقوم بالشهادة على نفسه وهل يشهد على نفسه قيل يكون عليه حق لغيره فيقر له به فذلك قيامه بالشهادة على نفسه أدب الله عز وجل بهذا المؤمنين كما قال ابن عباس رحمه الله أمروا أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم). [معاني القرآن: 2/211-212]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل: {فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا} المعنى فلا تتبعوا الهوى لأن تعدلوا وأدوا ما عندكم من الشهادة فهذا قول أكثر أهل اللغة ويجوز أن يكون المعنى فلا تتبعوا الهوى كراهة أن تعدلوا لأنه إذا خالف الحق فكأنه كره العدل). [معاني القرآن: 2/213]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وإن تلووا أو تعرضوا} روى قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال هو في الخصمين يتقدمان إلى القاضي فيكون ليه لأحدهما وإعراضه عن الآخر وقال مجاهد {وإن تلووا} أي تبدلوا أو تعرضوا تتركوا
فمذهب ابن عباس أن اللي من الحاكم ومذهب مجاهد أنه من الشاهد وكذلك قال الضحاك هو أن يلوي لسانه عن الحق في الشهادة أو يعرض فيكتمها وأصل لوى في اللغة مطل وأنشد سيبويه:
قد كنت داينت بها حسانا مخافة الإفلاس والليانا
وقرئ (وإن تلوا أو تعرضوا) وفيه قولان: أحدهما للكسائي قال والمعنى من الولاية وإن تلوا شيئا أو تدعوه وقال أبو إسحاق من قرأ (وإن تلوا) فالمعنى على قراءته وإن تلووا ثم همز الواو الأولى فصارت تلؤوا كما قال يقال أدؤر في جمع دار ثم ألقى حركة الهمزة على اللام وحذف الهمزة فصارت تلوا كما يقال آدر في جمع دار). [معاني القرآن: 2/213-215]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({وَإِن تَلْوُواْ} من اللَي في الشهادة، والميل إلى أحد الخصمين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 64]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({تَلْوُواْ}: تعدلوا عن الحق). [العمدة في غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (من يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلّ ضلالا بعيداً) (135) والكفر بملائكته: انهم جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً). [مجاز القرآن: 1/141]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله والكتاب الّذي نزّل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلّ ضلالا بعيدا (136)
قيل فيه قولان: - يا أيها الذين آمنوا أقيموا على الإيمان باللّه كما قال عزّ وجلّ (وعد اللّه الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما)، أي وعد من أقام على الإيمان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين ذكروا في هذه القصة مغفرة وأجرا عظيما.
وقيل يعنى بهذا المنافقون الذين أظهروا التصديق وأسروا التكذيب.
فقيل: يا أيها الذين أظهروا الإيمان آمنوا باللّه ورسوله أي أبطنوا مثل ما أظهرتم.
والتأويل الأول أشبه واللّه أعلم). [معاني القرآن: 2/119]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله} في معنى هذا قولان: أحدهما اثبتوا على الإيمان كما يقال للقائم قف حتى أجيء
أي اثبت قائما.
والقول الآخر أنه خطاب للمنافقين فالمعنى على هذا يا أيها الذين آمنوا في الظاهر أخلصوا لله). [معاني القرآن: 2/215-216]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا...}
وهم الذين آمنوا بموسى ثم كفرا من بعده بعزير، ثم آمنوا بعزير وكفروا بعيسى. وآمنت اليهود بموسى وكفرت بعيسى.
ثم قال: {[ثمّ] ازدادوا كفراً} يعني اليهود: ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 1/292]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفرا لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا (137)
قيل فيه غير قول: قال بعضهم يعنى به اليهود لأنّهم آمنوا بموسى ثم كفروا بعزير ثم آمنوا بعزير ثم كفروا بعيسى، ثم ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل جائز أن يكون محارب آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر.
وقيل جائز أن يكون منافق أظهر الإيمان وأبطن الكفر ثم آمن بعد ثم كفر وازداد كفرا بإقامته على الكفر.
فإن قال قائل: اللّه جلّ وعزّ لا يغفر كفر مرة واحدة فلم قيل ههنا فيمن آمن ثمّ كفر ثمّ آمن ثمّ كفر: (لم يكن اللّه ليغفر لهم) وما الفائدة في هذا؟ فالجواب في هذا - واللّه أعلم - أن اللّه عزّ وجلّ يغفر للكافر إذا آمن بعد كفره، فإن كفر بعد إيمانه لم يغفر اللّه له الكفر الأول، لأن اللّه جلّ وعزّ يقبل التوبة، فإذا كفر بعد إيمان قبله كفر فهو مطالب بجميع كفره.
ولا يجوز أن يكون إذا آمن بعد ذلك لا يغفر له، لأن اللّه جل ثناؤه يغفر لكل مؤمن بعد كفره.
والدليل على ذلك قوله جلّ وعزّ: (وهو الّذي يقبل التّوبة عن عباده ويعفو عن السّيّئات).
وهذا في القرآن كثير، وهو شبيه بالإجماع أيضا.
ومعنى: (ولا ليهديهم سبيلا)
أي لا يجعلهم بكفرهم مهتدين بل يضلهم، لأنه جلّ وعزّ يضل الفاسقين). [معاني القرآن: 2/119-120]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا} قال مجاهد يعنى به المنافقون قال ومعنى ثم ازدادوا كفرا ماتوا على ذلك
وهذا القول ليس يبعد في اللغة لأنهم إذا ماتوا على الكفر فقد هلكوا فهم بمنزلة من ازداد وقال أبو العالية {إن الذين آمنوا ثم كفروا} اليهود والنصارى {ثم ازدادوا كفرا} بذنوب عملوها وقال قتادة {الذين آمنوا ثم كفروا} اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة ثم كفرت يعني بالإنجيل ثم آمنوا بعزير ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم
وآمنت النصارى بالإنجيل ثم كفرت وكفرهم به تركهم إياه ثم ازدادوا كفرا بالقرآن وبمحمد عليه السلام). [معاني القرآن: 2/216-217]

تفسير قوله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - جلّ وعزّ: (بشّر المنافقين بأنّ لهم عذابا أليما (138)
معنى (أليم) موجع.
قال " بشر " أي اجعل في مكان بشارتهم " لهم العذاب " العرب تقول تحيتك الضرب، وعتابك السيف أي لك - بدلا من التحية... هذا.
قال الشاعر:
وخيل قد دلفت لها بخيل... تحية بينهم ضرب وجيع). [معاني القرآن: 2/120]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما} المعنى اجعل ما يقوم مقام البشارة العذاب وأنشد سيبويه:
وخيل قد دلفت لها بخيل تحية بينهم ضرب وجيع
أي الذي يقوم مقام التحية ضرب وجيع). [معاني القرآن: 2/218]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (فإنّ العزّة لله جميعاً) أي العزة جميعاً لله). [مجاز القرآن: 1/141]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ (الّذين يتّخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزّة فإنّ العزّة للّه جميعا (139)
(أيبتغون عندهم العزّة)
أي أيبتغي المنافقون عند الكافرين العزة.
والعزة المنعة وشدة الغلبة وهو مأخوذ من قولهم أرض عزاز.
قال الأصمعي: العزاز: النفل من الأرض والصّلب الحجارة، الذي يسرع منه جري الماء والسيل هذا لفظ الأصمعي.
فتأويل العزة الغلبة والشدة التي لا يتعلق بها إذلال.
قالت الخنساء:
كأن لم يكونوا حمى يتقى... إذ الناس إذ ذاك من عزّ بزّا
أي من قوى وغلب سلب.
ويقال: قد استعز على المريض إذا اشتد وجعه، وكذلك قول الناس:
يعزّ علي أن تفعل، أي يشتد، فأما قولهم قد عزّ الشيء إذا لم يوجد فتأويله قد اشتد وجوده أي صعب أن يوجد، والمآب، واحد).
[معاني القرآن: 2/120-121]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {أيبتغون عندهم العزة} أيبتغي المنافقون عند الكافرين العزة أي المنعة قال الأصمعي يقال أرض عزاز بالفتح والكسر إذا كانت صلبة شديدة وقولهم يعز علي أي يشتد علي
ومنه قوله تعالى: {وعزني في الخطاب} أي قهرني لأنه أعز مني ومنه قولهم من عز بز أي من غلب استلب ومنه قوله فعزته يداه وكاهله).
[معاني القرآن: 2/218-219]

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (حتّى) يخوضوا في حديثٍ غيره) يأخذوا في حديث غيره). [مجاز القرآن: 1/141]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديث غيره إنّكم إذا مثلهم إنّ اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعا (140)
أعلم الله عزّ وجلّ المؤمنين أن المنافقين يهزأون بكتاب اللّه، فأمروا ألا يقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديث غيره أي في حديت غير القرآن.
وقوله: (إنّكم إذا مثلهم).
أي إنكم إذا جالستموهم على الخوض في كتاب اللّه بالهزؤ فأنتم مثلهم). [معاني القرآن: 2/121]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم...}
جزم. ولو نصبت على تأويل الصرف؛ كقولك في الكلام: ألم نستحوذ عليكم وقد منعناكم، فيكون مثل قوله: {ولمّا يعلم اللّه الّذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} وهي في قراءة أبيّ (ومنعناكم من المؤمنين) فإن شئت جعلت "ومنعناكم" في تأويل "وقد كنا منعناكم" وإن شئت جعلته مردودا على تأويل {ألم} كأنه قال: أما استحوذنا عليكم ومنعناكم. وفي قراءة أبيّ (ألم تنهيا عن تلكما الشّجرة وقيل لكما) ). [معاني القرآن: 1/292]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ألم نستحوذ عليكم): نغلب عليكم (استحوذ عليهم الشّيطان): غلب عليهم، قال العجاج:
يحوذهنّ وله حوذىّ... كما يحوذ الفئة الكمىّ
أي يغلب عليها، يحوذهن: مثل يحوزهن، أي يجمعهن). [مجاز القرآن: 1/141-142]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({ألم نستحوذ عليكم}: نغلب عليكم). [غريب القرآن وتفسيره: 124]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({نستحوذ عليكم} نغلب عليكم). [تفسير غريب القرآن: 136]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (الفتح: أن يفتح المغلق...، والفتح: النّصر، كقوله: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ} وقوله: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ}، لأن النصر يفتح الله به أمرا مغلقا). [تأويل مشكل القرآن: 492]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (الّذين يتربّصون بكم فإن كان لكم فتح من اللّه قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فاللّه يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا (141)
(ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين)
هذا يقوله المنافقون إذا كان للكافرين نصيب قالوا: ألم نستحوذ عليكم، أي ألم نغلب عليكم بالموالاة لكم، ونمنعكم من المؤمنين بما كنا نعلمكم من أخبارهم.
ونستحوذ في اللغة: نستولي على الشيء، يقال حاذ الحمار آتنه إذا استولى عليها وجمعها، وكذلك حازها.
قال الشاعر:
يحوذهن وله حوذيّ
ورووه أيضا:
يحوزهن وله حوزيّ
قال النحويون: استحوذ خرج على أصله، فمن قال حاذ يحوذ لم يقل إلا استحاذ يستحيذ، ومن قال أحوذ فهو كما قال بعضهم أجودت وأطيبت بمعنى أجدت وأطبت، فأخرجه على الأصل قال: استحوذ.
وقوله: (ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا).
أي إن اللّه ناصر المؤمنين بالحجة والغلبة، فلن يجعل للكافرين أبدا على المؤمنين سبيلا). [معاني القرآن: 2/122]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {قالوا ألم نستحوذ عليكم} يقال استحوذ عليه إذا استولى عليه فالمعنى قال المنافقون للكافرين ألم نغلب عليكم بموالاتنا إياكم {ونمنعكم من المؤمنين} أي أخبرناكم بأخبارهم لتحذروا ما يكون منهم).
[معاني القرآن: 2/219]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} روي عن علي رضي الله عنه أنه قال ذلك في الآخرة وقال ابن عباس ذاك يوم القيامة وقال السدي السبيل الحجة
وقيل إن المعنى أن الله ناصر المؤمنين بالحجة والغلبة ليظهر دينهم على الدين كله). [معاني القرآن: 2/220-221]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): (و{نَسْتَحْوِذْ} نغلب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 64]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({نَسْتَحْوِذْ}: نغلب). [العمدة في غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: (إنّ المنافقين يخادعون اللّه وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصّلاة قاموا كسالى يراءون النّاس ولا يذكرون اللّه إلّا قليلا (142)
أي يخادعون النبي - صلى الله عليه وسلم - بإظهارهم له الإيمان وإبطانهم الكفر، فجعل الله عزّ وجلّ مخادعة النبي - صلى الله عليه وسلم - مخادعة له.
كما قال عزّ وجلّ: (إنّ الّذين يبايعونك إنّما يبايعون اللّه).
ومعنى قوله: (وهو خادعهم).
فيه غير قول: قال بعضهم: مخادعة اللّه إياهم جزاؤهم على المخادعة بالعذاب، وكذلك قوله: (ويمكرون ويمكر اللّه).
وقيل وهو خادعهم بأمره عزّ وجلّ بالقبول منهم ما أظهروا، فاللّه خادعهم بذلك). [معاني القرآن: 2/122-123]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم} قال أهل اللغة سمي الثاني خداعا لأنه مجازاة للأول فسمي خداعا على الازدواج كما قال جل وعز: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} وقال الحسن إذا كان يوم القيامة أعطي المؤمنون والمنافقون نورا فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين فيشفق المؤمنون فيقولون {ربنا أتمم لنا نورنا} فيمضي المؤمنون بنورهم فينادونهم {انظرونا نقتبس من نوركم} الآية قال الحسن فتلك خديعة الله إياهم
وهذا القول ليس بخارج من قول أهل اللغة لأنه قد سماه خداعا لأنه مجازاة لهم). [معاني القرآن: 2/221-222]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا} قال الحسن إنما قل لأنه لغير الله وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال ما قل عمل مع تقى وكيف يقل ما يتقبل).
[معاني القرآن: 2/222]

تفسير قوله تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} قال قتادة ولا يكونون مخلصين بالإيمان ولا مصرحين بالكفر
وروى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين غنمين إذا جاءت إلى هذه نطحتها وإذا جاءت إلى هذه نطحتها فلا نتبع هذه ولا هذه وأصل التذبذب في اللغة التحرك والاضطراب كما قال:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
فالمعنى أن المنافقين متحيرون في دينهم لا يرجعون إلى اعتقاد شيء على صحة ليسوا مع المؤمنين على بصيرة ولا مع المشركين على جهالة فهم حيارى بين ذلك
والنفاق مأخوذ من النافقاء وهو أحد جحور اليربوع إذا أخذت عليه المواضع خرج منه ولا يفطن إليه وكذلك المنافق يظهر الإسلام ويخرج منه سرا وفي الحديث للمنافق ثلاث علامات إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان). [معاني القرآن: 2/222-224]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( (مذبذبين) أي: مرددين بين ذلك). [ياقوتة الصراط: 203]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء): لا إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين).
[ياقوتة الصراط: 204]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا للّه عليكم سلطانا مبينا (144)
أي لا تجعلوهم بطانتكم وخاصّتكم.
(أتريدون أن تجعلوا للّه عليكم سلطانا مبينا).
أي حجة ظاهرة، والسلطان في اللغة الحجة، وإنما قيل للخليفة والأمير سلطان لأن معناه أنه ذو الحجة.
والعرب تؤنث السلطان وتذكره، فتقول: قضت عليك بهذا السلطان، وأمرتك به السلطان.
وزعم قوم من الرواة أن التأنيث فيه أكثر، ولم يختلف في التذكير.
وأحسب الذين (رووا) لم يضبطوا معنى الكثرة من القلة.
والتذكير (فيه) أكثر، فأمّا القرآن فلم يأت فيه ذكر السلطان إلا مذكرا، قال الله عزّ وجلّ: (لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن) وقال: (هلك عني سلطانيه)، وقال: (سلطانا مبينا).
فجميع ما في القرآن من ذكر السلطان مذكر، ولو كان التأنيث أكثر لكان في كتاب الله جلّ وعزّ.
فإن قال قائل إنما رووا أن السلطان بين الناس هو المؤنث قيل إنما السلطان معناه ذو السلطان. والسلطان الحجة. والاحتجاج والحجة معناهما واحد. فأما التأنيث فصحيح، إلا أنه أقل من التذكير، فمن قال: قضت به عليك السلطان أراد قضت عليك به الحجة، وقضت عليك حجة الوالي، ومن قال قضى به عليك السلطان ذهب إلى معنى صاحب السلطان.
وجائز أن يكون ذهب به إلى البرهان والاحتجاج، أي قضى به عليك البرهان). [معاني القرآن: 2/123-124]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا} قال قتادة السلطان الحجة وكذلك هو عند أهل اللغة). [معاني القرآن: 2/224]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {في الدّرك الأسفل من النّار...} يقال الدرك، والدرك، أي أسفل درج في النار).
[معاني القرآن: 1/292]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (في الدّرك الأسفل): جهنم أدراك أي منازل وأطباق، ويقال للحبل الذي قد عجز عن (بلوغ) الركية: أعطنى دركا أصل به). [مجاز القرآن: 1/142]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (قوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} فدلّ على أن المنافقين شرّ من كفر به، وأولاهم بمقته، وأبعدهم من الإنابة إليه، لأنه شرط عليهم في التوبة: الإصلاح والاعتصام، ولم يشرط ذلك على غيرهم.
ثم شرط الإخلاص، لأن النّفاق ذنب القلب، والإخلاص توبة القلب.
ثم قال: {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} ولم يقل: فأولئك هم المؤمنون.
ثم قال: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} ولم يقل: وسوف يؤتيهم الله، بغضا لهم، وإعراضا عنهم، وحيدا بالكلام عن ذكرهم).
[تأويل مشكل القرآن: 7-8]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: (إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار ولن تجد لهم نصيرا (145)
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: جهنم أدراك، أي منازل، فكل منزلة منها درك.
والقراءة: الدرك بفتح الراء. والدّرك بتسكين الراء، فأما أهل المدينة وأهل البصرة فيقرأونها..
(الدرك) بفتح الراء وأما أهل الكوفة والأعمش وحمزة ويحيى بن وثاب، فيقرأون (الدرك).
وقد اختلف فيها عن عاصم، فرواها بعضهم عنه الدرك ورواها بعضهم الدرك - بالحركة والسكون جميعا – واللغتان حكاهما جميعا أهل اللغة، إلا أن الاختيار فتح الراء، لإجماع المدنيين والبصريين عليها وأن أحدا من المحدثين ما رواها إلا الدرك بفتح الراء.
فلذلك اخترنا الدرك.
وقوله عزّ وجلّ: (ولن تجد لهم نصيرا).
أي لا يمنعهم مانع من عذاب الله عزّ وجلّ ولا يشفع لهم شافع). [معاني القرآن: 2/124]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار}
قال عبد الله بن مسعود يجعلون في توابيت من حديد تغلق عليهم وفي بعض الحديث من نار ثم تطبق عليهم والإدراك في اللغة المنازل والطبقات). [معاني القرآن: 2/224-225]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): (و(الدرك): الطبق من أطباق جهنم، ويسكن - أيضا). [ياقوتة الصراط: 204]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {فأولئك مع المؤمنين...} جاء في التفسير: (من المؤمنين) ). [معاني القرآن: 1/293]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (قوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} فدلّ على أن المنافقين شرّ من كفر به، وأولاهم بمقته، وأبعدهم من الإنابة إليه، لأنه شرط عليهم في التوبة: الإصلاح والاعتصام، ولم يشرط ذلك على غيرهم.
ثم شرط الإخلاص، لأن النّفاق ذنب القلب، والإخلاص توبة القلب.
ثم قال: {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} ولم يقل: فأولئك هم المؤمنون.
ثم قال: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}ولم يقل: وسوف يؤتيهم الله، بغضا لهم، وإعراضا عنهم، وحيدا بالكلام عن ذكرهم).
[تأويل مشكل القرآن: 7-8] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ : (إلّا الّذين تابوا وأصلحوا واعتصموا باللّه وأخلصوا دينهم للّه فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت اللّه المؤمنين أجرا عظيما (146)
(وسوف يؤت اللّه المؤمنين أجرا عظيما)
الخط حذفت منه الياء في هذا الموضع، وزعم النحويون أن الياء حذفت من الخط كما حذفت في اللفظ، لأن الياء سقطت من اللفظ لسكونها وسكون اللام في " اللّه " وكذلك قوله: (يوم يناد المناد) الياء من يناد حذفت في الخط لهذه العلة، وكذلك (سندع الزّبانية) و(يوم يدع الدّاع) فالواوات حذفت ههنا لالتقاء السّاكنين، فأما قول الله عزّ وجلّ: - (ذلك ما كنّا نبغ)، فهو كقوله (يناد المناد).
و(يدع الداع)، فهذه الياءات من نحو (نبغ) حذفت لأن الكسرة دلت على الياء فحذفت الياء لثقلها، وليس الوجه عند النحويين حذفها.
فأمّا المنادي والداعي فحذفت الياء منها كما حذفت قبل دخول الألف واللام، لأنك تقول: هذا داع وهذا مناد.
فأما (والليل إذا يسر). فحذفت الياء لأنها رأس آية، ورؤوس الآي الحذف جائز فيها كما يجوز في آخر الأبيات). [معاني القرآن: 2/125]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( (واعتصموا بالله) أي: وامتنعوا بالله). [ياقوتة الصراط: 204]

تفسير قوله تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما * لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} وقرأ زيد بن أسلم وابن أبي إسحاق (إلا من ظلم) وعلى هذه القراءة فيه ثلاثة أقوال: قال الضحاك المعنى ما يفعل الله بعذابكم إلا من ظلم
وقيل المعنى لا يجهر أحد بالسوء إلا من ظلم فإنه يجهر به اعتداء وقال أبو إسحاق الزجاج يجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم فقال سوءا فإنه ينبغي أن تأخذوا على يديه ويكون استثناء ليس من الأول وعلى الجوابين الأولين يكون استثناء ليس من الأول أيضا ومن قرأ (إلا من ظلم) ففيه أقوال: أحدها روي عن مجاهد أنه قال نزلت هذه الآية في رجل من ضاف قوما فلم يحسنوا إليه فذكرهم بما فعلوا فعذبوه بذلك فنزلت: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم}
فالمعنى على هذا لكن من ظلم فله أن يذكر ما فعل به قال الحسن هذا في الرجل يظلم فلا ينبغي أن يدعو على من ظلمه ولكن ليقل اللهم أعني عليه واستخرج لي حقي منه ونحو ذلك وقال قطرب إلا من ظلم إنما يريد المكره لأنه مظلوم وذلك موضوع عنه وإن كفر قال ويجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم على البدل كأنه لا يحب الله إلا من ظلم أي لا يحب الظالم وكأنه يقول يحب من ظلم أي يأجر من ظلم والتقدير على هذا القول لا يحب الله ذا الجهر بالسوء إلا من ظلم على البدل). [معاني القرآن: 2/225-227]

تفسير قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {لاّ يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم...}
وظلم. وقد يكون (من) في الوجهين نصبا على الاستثناء على الانقطاع من الأوّل. وإن شئت جعت (من) رفعا إذا قلت (ظلم) فيكون المعنى: لا يحبّ الله أن يجهر بالسوء من القول إلا المظلوم. وهو الضيف إذا أراد النزول على رجل فمنعه فقد ظلمه، ورخّص له أن يذكره بما فعل؛ لأنه منعه حقّه. ويكون {لاّ يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول} كلاما تاما، ثم يقول: إلا الظالم فدعوه، فيكون مثل قول الله تبارك وتعالى: {لئلاّ يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا} فإن الظالم لا حجّة له، وكأنه قال إلا من ظلم فخلّوه. وهو مثل قوله: {فذكّر إنما أنت مذكّر} ثم استثنى فقال {إلا من تولّى وكفر} فالاستثناء من قوله: {إنما أنت مذكّر} وليست فيه أسماء. وليس الاستثناء من قوله: {لست عليهم بمصيطر} ومثله مّما يجوز أن يستثنى (الأسماء ليس قبلها) شيء ظاهر قولك: إني لأكره الخصومة والمراء، اللهم إلاّ رجلا يريد بذلك الله. فجاز استثناء الرجل ولم يذكر قبله شيء من الأسماء؛ لأن الخصومة والمراء لا يكونان إلا بين الآدمييّن). [معاني القرآن: 1/293-294]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (لا يحبّ الله الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم): (من) في هذا الموضع اسم من فعل).
[مجاز القرآن: 1/142]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({لاّ يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم وكان اللّه سميعاً عليماً}
قال: {لاّ يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلاّ من ظلم} لأنه حين قال: {لاّ يحبّ اللّه} قد أخبر أنه لا يحل. ثم قال: {إلاّ من ظلم} فانه يحل له أن يجهر بالسوء لمن ظلمه. وقال بعضهم {ظلم} على قوله: {مّا يفعل اللّه بعذابكم} [فيكون] {إلاّ من ظلم} [على معنى] "إلاّ بعذاب من ظلم"). [معاني القرآن: 1/213]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم} يقال: منع الضيافة).
[تفسير غريب القرآن: 136]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لا يحبّ اللّه الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم وكان اللّه سميعا عليما (148)
وإلّا من ظلم، يقرأ بهما جميعا.
فالمعنى أن المظلوم جائز أن يظهر بظلامته تشكيا، والظالم يجهر بالسوء من القول ظلما واعتداء، وموضع " من " نصب بالوجهين جميعا، لأنه استثناء ليس من الأول
المعنى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول لكن المظلوم يظهر بظلامته تشكيا، ولكن الظالم يجهر بذلك ظلما.
ويجوز أن يكون موضع " من " رفعا على معنى لا يحب اللّه أن يجهر بالسوء من القول إلّا من ظلم فيكون " من " بدلا من معنى أحد، المعنى: لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول إلا المظلوم.
وفيها وجه آخر لا أعلم النحويين ذكروه، وهو أن يكون " إلا من ظلم " على معنى لكن الظالم اجهروا له بالسوء من القول، وهذا بعد استثناء ليس من الأول. وهو وجه حسن، وموضعه نصب.
وقد روي أن هذا ورد في الضيف إذا أسيء إليه، فله أن يشكو لك.
وحقيقته ما قلناه. واللّه أعلم). [معاني القرآن: 2/125-126]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما * لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} وقرأ زيد بن أسلم وابن أبي إسحاق (إلا من ظلم) وعلى هذه القراءة فيه ثلاثة أقوال: قال الضحاك المعنى ما يفعل الله بعذابكم إلا من ظلم
وقيل المعنى لا يجهر أحد بالسوء إلا من ظلم فإنه يجهر به اعتداء وقال أبو إسحاق الزجاج يجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم فقال سوءا فإنه ينبغي أن تأخذوا على يديه ويكون استثناء ليس من الأول وعلى الجوابين الأولين يكون استثناء ليس من الأول أيضا ومن قرأ (إلا من ظلم) ففيه أقوال: أحدها روي عن مجاهد أنه قال نزلت هذه الآية في رجل من ضاف قوما فلم يحسنوا إليه فذكرهم بما فعلوا فعذبوه بذلك فنزلت: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم}
فالمعنى على هذا لكن من ظلم فله أن يذكر ما فعل به قال الحسن هذا في الرجل يظلم فلا ينبغي أن يدعو على من ظلمه ولكن ليقل اللهم أعني عليه واستخرج لي حقي منه ونحو ذلك وقال قطرب إلا من ظلم إنما يريد المكره لأنه مظلوم وذلك موضوع عنه وإن كفر قال ويجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم على البدل كأنه لا يحب الله إلا من ظلم أي لا يحب الظالم وكأنه يقول يحب من ظلم أي يأجر من ظلم والتقدير على هذا القول لا يحب الله ذا الجهر بالسوء إلا من ظلم على البدل). [معاني القرآن: 2/225-227] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض} قال قتادة هم اليهود والنصارى آمنت اليهود بموسى والتوراة والإنجيل وكفرت بعيسى والإنجيل وآمنت النصارى بعيسى والإنجيل وكفرت بمحمد والقرآن). [معاني القرآن: 2/228]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا} قال قتادة اتخذوا اليهودية والنصرانية وابتدعوهما وتركوا دين الله الإسلام الذي لم يرسل نبي إلا به). [معاني القرآن: 2/228]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)}

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)}


رد مع اقتباس