عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 29 ذو الحجة 1431هـ/5-12-2010م, 10:26 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 36 إلى 46]

{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37) وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38) وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39) إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (42) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46)}

تفسير قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً...}
أمرهم بالإحسان إلى الوالدين. ومثله {وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلا إيّاه وبالوالدين إحسانا} ولو رفع الإحسان بالباء إذ لم يظهر الفعل كان صوابا؛ كما تقول في الكلام: أحسن إلى أخيك، وإلى المسيء الإساءة.

{والجار ذي القربى} بالخفض.

وفي بعض (مصاحف أهل الكوفة وعتق المصاحف) (ذا القربى) مكتوبة بالألف، فينبغي لمن قرأها على الألف أن ينصب (والجار ذا القربى) فيكون مثل قوله: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} يضمر فعلا يكون النصب به.
{والجار الجنب}: الجار الذي ليس بينك وبينه قرابة.
{والصّاحب بالجنب}: الرفيق.
{وابن السّبيل}: الضيف). [معاني القرآن: 1/266-267]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وبالوالدين إحساناً}: مختصر، تفعل العرب ذلك، فكان في التمثيل: واستوصوا بالوالدين إحساناً.

{والجار ذي القربى} القريب.
{والجار الجنب}الغريب، يقال: ما تأتينا إلا عن جنابة، أي: من بعيد، قال علقمة بن عبدة:
فلا تحرمني نائلاً عن جنابةٍ... فإني امرؤٌ وسط القباب غريب
وإنما هي من الاجتناب.

وقال الأعشى:
أتيت حريثاً زائراً عن جنابةٍ... فكان حريثٌ عن عطائي جامدا
{والصّاحب بالجنب} أي: يصاحبك في سفرك، ويلزمك، فينزل إلى جنبك:{وابن السّبيل}: الغريب.
{مختالاً} المختال: ذو الخيلاء والخال، وهما واحد، ويجىء مصدراً، قال العجّاج:
والخال ثوبٌ من ثياب الجهّال
وقال العبديّ:
فإن كنت سيّدنا سدتنا... وإن كنت للخال فاذهب فخل
أي: اختل). [مجاز القرآن: 1/126-127]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصّاحب بالجنب وابن السّبيل وما ملكت أيمانكم إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالاً فخوراً}
قال: {والجار الجنب} وقال بعضهم {الجنب} وقال الراجز:

* الناس جنبٌ والأمير جنب *
يريد بـ"جنب": الناحية. وهذا هو المتنحى عن القرابة فلذلك قال "جنبٌ" و"الجنب" أيضاً: المجانب للقرابة ويقال: "الجانب" أيضا.
وأما {الصّاحب بالجنب} فمعناه: "هو الذي بجنبك"، كما تقول "فلان بجنبي" و"إلى جنبي"). [معاني القرآن: 1/202]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({والقربى}: القريب.
{الجار الجنب}: الغريب.
{والصاحب بالجنب}: الرفيق في السفر الذي يرافقك ويلزمك وينزل إلى جانبك، وقالوا المرأة.
{ابن السبيل}: الغريب المنقطع به.
{المختال}: ذو الخيلاء والكبر). [غريب القرآن وتفسيره: 118]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({والجار ذي القربى} القرابة.

{والجار الجنب} الغريب.
والجنابة: البعد. يقال: رجل جنب، أي: غريب.
{والصّاحب بالجنب}: الرفيق في السفر.
{وابن السّبيل}: الضيف.
و(المختال): ذو الخيلاء والكبر). [تفسير غريب القرآن:126-127]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصّاحب بالجنب وابن السّبيل وما ملكت أيمانكم إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخورا} أي: لا تعبدوا معه غيره، فإن ذلك يفسد عبادته.
{وبالوالدين إحسانا}المعنى: أوصاكم الله بعبادته، وأوصاكم بالوالدين إحسانا، وكذلك قوله تعالى: {وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا} لأن معنى قضى ههنا أمر ووصّى.
وقال بعض النحويين: {إحسانا} منصوب على وأحسنوا بالوالدين إحسانا.

كما تقول: ضربا زيدا، المعنى: اضرب زيدا ضربا.

{وبذي القربى..}: أمر الله بالإحسان إلى ذوي القربى بعد الوالدين.
و
{اليتامى} في موضع جر، المعنى: وباليتامى والمساكين أوصاكم أيضا، وكذلك جميع ما ذكر في هذه الآية، المعنى: أحسنوا بهؤلاء كلهم.
{والجار ذي القربى} أي: الجار الذي يقاربك وتعرفه ويعرفك.
{والجار الجنب}: والجار القريب المتباعد.
قال علقمة:
فلا تحرمني نائلا عن جنابة... فإني امرؤ وسط القباب غريب
وقوله عزّ وجلّ - {والصّاحب بالجنب}: قيل هو الصاحب في السفر.

{وابن السبيل}: الضيف يجب قراه، وأن يبلّغ حيث يريد.
وقوله:
{وما ملكت أيمانكم} أي: وأحسنوا بملك أيمانكم، موضع ما عطف على ما قبلها.
وكانت وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - عند وفاته: ((الصلاة وما ملكت أيمانكم)).

وقوله عزّ وجلّ:
{إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخورا} المختال: الصّلف التيّاه الجهول، وإنما ذكر الاختيال في هذه القصة لأن المختال يأنف من ذوي قراباته إذا كانوا فقراء، ومن جيرانه إذا كانوا كذلك، فلا يحسن عشرتهم). [معاني القرآن: 2/49-51]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} أي: لا تعبدوا معه غيره فتبطل عبادتكم). [معاني القرآن: 2/82]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {وبالوالدين إحسانا} أي: وصاكم بهذا والتقدير وأحسنوا بالوالدين إحسانا). [معاني القرآن: 2/82-83]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {والجار ذي القربى} هو الذي بينك وبينه قرابة، ثم قال جل وعز: {والجار الجنب} قال ابن عباس: هو الغريب، وكذلك هو في اللغة ومنه فلان أجنبي وكذلك الجنابة البعد وأنشد أهل اللغة:

فلا تحرمني نائلا عن جنابة فإني امرؤ وسط القباب غريب). [معاني القرآن: 2/83]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{والصاحب بالجنب} روي عن علي وعبد الله بن مسعود وابن أبي ليلى أنهم قالوا: الصاحب بالجنب المرأة.

وقال مجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك: الصاحب بالجنب الرفيق في السفر). [معاني القرآن: 2/84]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{وابن السبيل} قال قتادة ومجاهد والضحاك: هو الضيف.
والسبيل في اللغة: الطريق فنسب إليها لأنه إليها يأوي). [معاني القرآن: 2/84]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل:
{إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} المختال في اللغة: ذو الخيلاء، فان قيل فكيف ذكر المختال ههنا وكيف يشبه هذا الكلام الأول؟

فالجواب: أن من الناس من تكبر على أقربائه إذا كانوا فقراء فأعلم الله عز وجل أنه لا يحب من كان كذا). [معاني القرآن: 2/85]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ):{والجار الجنب} أي: الغريب). [ياقوتة الصراط: 197]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ):
{الصاحب بالجنب} أي: الزوجة، {والصاحب بالجنب} - أيضا: الجار الملاصق). [ياقوتة الصراط: 197]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ):
{ابن السبيل} أي: الضيف). [ياقوتة الصراط: 197]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): (
{وَالْجَارِ الْجُنُبِ} الغريب، {وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ} الرفيق بالسفر، وقيل: هي الزوجة.

{وَابْنِ السَّبِيلِ} الضيف.
(والمختال) ذو الخيلاء والكبر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 60]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الْجَارِ الْجُنُبِ}: الغريب. {الصَّاحِبِ بِالجَنبِ}: المرأة. وقيل: الرفيق في السفر.

{ابْنِ السَّبِيلِ}: الغريب.

{المُخْتَال}: المتكبر). [العمدة في غريب القرآن:110-111]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا}
والبخل جميعا يقرآن، يعني به اليهود. لأنهم يبخلون بعلم ما كان عندهم من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -.

{ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله}أي: ما أعطاهم من العلم برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: {وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا} أي: جعلنا ذلك عتادا لهم، أو مثبتا لهم.
فجائز أن يكون: موضع الذين نصبا على البدل، والمعنى: إنّ اللّه لا يحب من كان مختالا فخورا، أي: لا يحب الذين يبخلون.
وجائز أن يكون: رفعه على الابتداء، ويكون الخبر {إنّ اللّه لا يظلم مثقال ذرّة}، ويكون {والّذين ينفقون أموالهم رئاء النّاس} عطفا على
{الذين يبخلون} في النصب والرفع.
وهؤلاء يعنى بهم: المنافقون، كانوا يظهرون الإيمان ولا يؤمنون باللّه واليوم الآخر). [معاني القرآن: 2/51]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل:
{الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا}
قال إبراهيم ومجاهد وقتادة: نزل هذا في اليهود، وهو قل حسن عند أهل اللغة لأن اليهود بخلوا أن يخبروا بصفة النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندهم في التوراة وكتموا ما آتاهم الله من فضله، أي: ما أعطاهم والدليل على هذا قوله: {وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا}).
[معاني القرآن: 2/85-86]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{فساء قريناً...}
بمنزلة قولك: نعم رجلا، وبئس رجلا، وكذلك {وساءت مصيرا} و{كبر مقتا} وبناء نعم وبئس ونحوهما أن ينصبا ما وليهما من النكرات، وأن يرفعا ما يليهما من معرفة غير موقّتة وما أضيف إلى تلك المعرفة، وما أضيف إلى نكرة كان فيه الرفع والنصب.

فإذا مضى الكلام بمذكر قد جعل خبره مؤنثا مثل: الدار منزل صدق، قلت: نعمت منزلا، كما قال
{وساءت مصيرا} وقال {حسنت مرتفقا} ولو قيل: وساء مصيرا، وحسن مرتفقا، لكان صوابا؛ كما تقول: بئس المنزل النار، ونعم المنزل الجنة، فالتذكير والتأنيث على هذا.

ويجوز: نعمت المنزل دارك، وتؤنث فعل المنزل لما كان وصفا للدار.
وكذلك تقول: نعم الدار منزلك، فتذكّر فعل الدار إذ كانت وصفا للمنزل. وقال ذو الرمّة:
أو حرّةٌ عيطل ثبجاء مجفرةٌ * دعائم الزّور نعمت زورق البلد
ويجوز: أن تذكر الرجلين فتقول بئسا رجلين، وبئس رجلين، وللقوم: نعم قوما ونعموا قوما. وكذلك الجمع من المؤنث وإنما وحّدوا الفعل وقد جاء بعد الأسماء لأن بئس ونعم دلالة على مدح أو ذمّ لم يرد منهما مذهب الفعل، مثل قاما وقعدا. فهذا في بئس ونعم مطرد كثير، وربما قيل في غيرها مما هو في معنى بئس ونعم.
وقال بعض العرب: قلت أبياتا جاد أبياتا، فوحّد فعل البيوت.
وكان الكسائيّ يقول: أضمر حاد بهن أبياتا، وليس ها هنا مضمر إنما هو الفعل وما فيه.
وقوله: {وحسن أولئك رفيقا} إنما وحد الرفيق وهو صفة لجمع لأن الرفيق والبريد والرسول تذهب به العرب إلى الواحد وإلى الجمع، فلذلك قال {وحسن أولئك رفيقا} ولا يجوز في مثله من الكلام أن تقول: حسن أولئك رجلا، ولا قبح أولئك رجلا، إنما يجوز أن توحد صفة الجمع إذا كان اسما مأخوذا من فعل ولم يكن اسما مصرحا؛ مثل رجل وامرأة، ألا ترى أن الشاعر قال:
وإذا هم طعموا فألأم طاعم * وإذا هم جاعوا فشرّ جياع
وقوله: {كبرت كلمةً تخرج من أفواههم} كذلك، وقد رفعها بعضهم ولم يجعل قبلها ضميرا تكون الكلمة خارجة من ذلك المضمر، فإذا نصبت فهي خارجة من قوله: {وينذر الّذين قالوا اتّخذ اللّه ولداً} أي: كبرت هذه كلمة). [معاني القرآن: 1/267-269]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فساء قريناً} أي: فساء الشيطان قريناً، على هذا نصبه). [مجاز القرآن: 1/127]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (
{والّذين ينفقون أموالهم رئاء النّاس ولا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ومن يكن الشّيطان له قرينا فساء قرينا}
{ومن يكن الشّيطان له قرينا فساء قرينا
}أي: من يكن عمله بما يسوّل له الشيطان فبئس العمل عمله، {فساء قرينا} منصوب على التفسير، كما تقول: زيد نعم رجلا.
وكما قال
{ساء مثلا القوم الّذين كذّبوا بآياتنا} ). [معاني القرآن: 2/51-52]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل: {والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس}

قال إبراهيم، يعني به: اليهود أيضا.

وقال غيره، يعني به: المنافقين). [معاني القرآن: 2/86-87]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا} أي: من يقبل ما سول له الشيطان فساء عملا عمله). [معاني القرآن: 2/87]

تفسير قوله تعالى: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأنفقوا ممّا رزقهم الله} أي: أعطوا في وجوه الخير). [مجاز القرآن: 1/127]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{وماذا عليهم لو آمنوا باللّه واليوم الآخر وأنفقوا ممّا رزقهم اللّه وكان اللّه بهم عليماً}
قال:
{وماذا عليهم لو آمنوا باللّه واليوم الآخر} فإن شئت جعلت {ماذا} بمنزلتها وحدها وإن شئت جعلت {ذا} بمنزلة "الذي"). [معاني القرآن: 1/202]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{وماذا عليهم لو آمنوا باللّه واليوم الآخر وأنفقوا ممّا رزقهم اللّه وكان اللّه بهم عليما}
يصلح أن تكون: " ما " و " ذا " اسما واحدا، المعنى: وأي شيء عليهم.

ويجوز أن يكون: " ذا " في معنى الذي، أو تكون " ما " وحدها اسما.
المعنى: وما الّذي عليهم {لو آمنوا باللّه واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله}هذا يدل على أن الذين يبخلون {يبخلون} بما علموا {وكان اللّه بهم عليما} ). [معاني القرآن: 2/52]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{وإن تك حسنةً يضاعفها...}
ينصب الحسنة ويضمر في (تك) اسم مرفوع.

وإن شئت رفعت الحسنة ولم تضمر شيئا، وهو مثل قوله: {وإن كان ذو عسرةٍ فنظرة إلى ميسرة}). [معاني القرآن: 1/269]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مثقال ذرّةٍ} أي: زنة ذرة. {يضاعفها} أضعافاً، ويضعّفها ضعفين). [مجاز القرآن: 1/127]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (
{مثقال ذرّةٍ} أي: زنة ذرة.

يقال: هذا على مثقال هذا، أي: على وزن هذا، والذرة: جمعها ذر، وهي: أصغر النمل.
{يضاعفها} أي: يؤتي مثلها مرات.

ولو قال: يضعّفها لكان مرة واحدة). [تفسير غريب القرآن: 127]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ ثناؤه:
{إنّ اللّه لا يظلم مثقال ذرّة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} مثقال: مفعال من الثقل، أي: ما كان وزنه الذرة وقيل لكل ما يعمل " وزن مثقال " تمثيلا، لأن الصلاة والصيام والأعمال لا وزن لها.
لكنّ الناس خوطبوا فيما في قلوبهم بتمثيل ما يدرك بأبصارهم، لأن ذلك - أعني ما يبصر - أبين لهم.
وقوله - عزّ وجلّ -
{وإن تك حسنة يضاعفها}
الأصل في " يكن ": " تكون " فسقطت الضمة للجزم وسقطت الواو لسكونها وسكون النون، فأما سقوط النون من " تكن " فأكثر الاستعمال جاء في القرآن بإثباتها، وإسقاطها قليل - قال الله عزّ وجلّ -: {إن يكن غنيّا أو فقيرا فاللّه أولى بهما} فاجتمع في النون أنها تشبه حروف اللين، وأنها ساكنة.

فحذفت استخفافا لكثرة الاستعمال كما قالوا - لا أدر، ولا أبل، والأجود لم أبال ولا أدري.
و
{حسنة} يكون فيها الرفع والنصب، المعنى: وإن تكن فعلته حسنة يضاعفها، ومن قرأ {وإن تكن حسنة} بالرفع،، رفع على اسم كان، ولا خبر لها وهي ههنا في مذهب التمام، والمعنى: وإن تحدث حسنة يضاعفها.
{ويؤت من لدنه أجرا عظيما}
و
{يؤت} بغير ياء سقطت الياء للجزم، معطوف على {يضاعفها}، ووقعت " لدن " وهي في موضع جر، وفيها لغات.
يقال لد ولدن، ولدن، ولدى والمعنى واحد، ومعناه: من قبله، إلا أنها لا تتمكن تمكن عند، لأنك تقول: " هذا القول عندي صواب " ولا يقال: الوقت لدنيّ صواب، وتقول: عندي مال عظيم والمال غائب عنك، و " لدن " لما يليك). [معاني القرآن: 2/52-53]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} أي: وزن ذرة يقال هذا مثقال هذا، أي: وزن هذا.

ومثقال: مفعال من الثقل.
والذرة: النملة الصغيرة .
وروى عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)) ثم قال أبو سعيد: إن شككتم فاقرؤوا {إن الله لا يظلم مثقال ذرة}). [معاني القرآن: 2/87-88]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} قال سعيد بن جبير: يعني الجنة.
ومعنى {يضاعفها}: يجعلها أضعافا، وقرأ أبو رجاء العطاردي {يضعفها}
ومعنى {من لدنه}: من قبله). [معاني القرآن: 2/88-89]


تفسير قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (قوله - جلّ وعزّ -
{فكيف إذا جئنا من كلّ أمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} أي: فكيف تكون حال هؤلاء يوم القيامة، وحذف " تكون حالهم " لأنّ في الكلام دليلا على ما حذف، و " كيف " لفظها لفظ الاستفهام، ومعناها معنى التوبيخ.
قوله: {وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} أي: نأتي بكل نبي أمّة يشهد عليها ولها). [معاني القرآن: 2/53-54]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} في الكلام حذف لعلم السامع، والمعنى: فكيف تكون حالهم إذا جئنا من كل أمة بشهيد وفي الكلام معنى التوبيخ.

قال عبد الله بن مسعود: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)) فقلت: آقرأ عليك وعليك أنزل فقال: ((نعم)) فقرأت عليه من أول النساء حتى بلغت إلى قوله: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} فرأيت عينيه تذرفان.
وقال {شهيدا عليهم ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم}). [معاني القرآن: 2/89-90]


تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (42)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{يومئذٍ يودّ الّذين كفروا وعصوا الرّسول لو تسوّى بهم الأرض...}
و
{تسوى} ومعناه: لو يسوون بالتراب، وإنما تمنّوا ذلك لأن الوحوش وسائر الدواب يوم القيامة يقال لها: كوني ترابا، ثم يحيا أهل الجنة، فإذا رأى ذلك الكافرون قال بعضهم لبعض: تعالوا فلنقل إذا سئلنا: والله ما كنا مشركين، فإذا سئلوا فقالوها ختم على أفواههم وأذن لجوارحهم فشهدت عليهم، فهنالك يودّون أنهم كانوا ترابا ولم يكتموا الله حديثا، فكتمان الحديث ههنا في التمني.

ويقال: إنما المعنى: يومئذ لا يكتمون الله حديثا ويودون لو تسوى بهم الأرض). [معاني القرآن: 1/269-270]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لو تسوّى بهم الأرض}: لو يدخلون فيها حتى تعلوهم). [مجاز القرآن: 1/128]


قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{يومئذٍ يودّ الّذين كفروا وعصوا الرّسول لو تسوّى بهم الأرض ولا يكتمون اللّه حديثاً}
قال: {ولا يكتمون اللّه حديثاً} أي: لا تكتمه الجوارح أو يقول: "لا يخفى عليه وإن كتموه".

وقال: {لو تسوّى بهم الأرض} وقال بعضهم {تسوّى} [و] كل حسن). [معاني القرآن: 1/202]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({لو تسوّى بهم الأرض} أي: كونون ترابا، فيستوون معها حتى يصيروا وهي شيئا واحدا.

{ولا يكتمون اللّه حديثاً} هذا حين سئلوا فأنكروا فشهدت عليهم الجوارح). [تفسير غريب القرآن: 127]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{يومئذ يودّ الّذين كفروا وعصوا الرّسول لو تسوّى بهم الأرض ولا يكتمون اللّه حديثا}
الاختيار الضّم في الواو في {عصوا الرسول} لالتقاء السّاكنين والكسر جائز، وقد فسرناه فيما مضى.
وقوله:
{لو تسوّى بهم الأرض} وبهم الأرض بضم الميم وكسرها.
{ولا يكتمون اللّه حديثا} أي: يودون أنهم لم يبعثوا، وأنهم كانوا والأرض سواء.
وقد جاء في التفسير: أن البهائم يوم القيامة تصير ترابا، فيودون أنهم يصيرون ترابا.

قوله
{ولا يكتمون اللّه حديثا}فيه غير قول:
1- قال بعضهم: ودوا أن الأرض سويت بهم وأنهم لم يكتموا الله حديثا، لأن قولهم: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين} قد كذبوا فيه.
2- وقال بعضهم: {ولا يكتمون اللّه حديثا}مستأنف لأن ما عملوه ظاهر عند اللّه لا يقدرون على كتمه). [معاني القرآن: 2/54]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض}.

وقرأ مجاهد وأبو عمرو {لو تسوى بهم الأرض} فمن قرأ {تسوى} فمعناه: على ما روي عن قتادة: لو تخرقت بهم الأرض فساخوا فيها.
وقيل وهو أبين أن المعنى أنهم تمنوا أن يكونوا ترابا كالأرض فيستوون هم وهي ويدل على هذا {يا ليتني كنت ترابا} .
وكذلك تسوى لو سواهم الله عز وجل فصاروا ترابا مثلها، والقراءة الأولى: موافقة لقولهم كنت ولم يقولوا كونت وروي عن الحسن في قوله: {تسوى بهم الأرض} قال تنشق فتسوى عليهم يذهب إلى أن معنى {بهم}: عليهم فتكون الباء بمعنى على كما تكون في بمعنى على في قوله عز وجل: {ولأصلبنكم في جذوع النخل}). [معاني القرآن: 2/90-91]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل:
{ولا يكتمون الله حديثا}
فيقال أليس قد قالوا
{والله ربنا ما كنا مشركين} ففي هذا أجوبة:

1- منها أن يكون داخلا في التمني، فيكون المعنى: أنهم يتمنون ألا يكتموا الله حديثا فيكون مثل قولك ليتني ألقى فلانا وأكلمه.
وقال قتادة: هي مواطن في القيامة يقع هذا في بعضها.
وقال بعض أهل اللغة: هم لا يقدرون على أن يكتموا لأن الله عالم بما يسرون .
2- وقيل قولهم:
{والله ربنا ما كنا مشركين} عندهم أنهم قد صدقوا في هذا فيكون على هذا ولا يكتمون الله حديثا مستأنفا). [معاني القرآن: 2/91-93]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} أي: يصيرون مثلها تراباً،
وتصديقه قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا}
{ولاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا} هذا حين سُئلوا فأنكروا، فشهدت عليهم الجوارح). [تفسير المشكل من غريب القرآن:60-61]


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى...}
نزلت في نفر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم شربوا وحضروا الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل تحريم الخمر، فأنزل الله تبارك وتعالى: {لا تقربوا الصّلاة} مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن صلّوها في رحالكم.

ثم قال
{ولا جنباًً} أي: لا تقربوها جنباً {حتّى تغتسلوا}
ثم استثنى فقال
{إلاّ عابري سبيلٍ} يقول: إلا أن تكونوا مسافرين لا تقدرون على الماء.
ثم قال {فتيمّموا} والتيمم: أن تقصد الصعد الطيّب حيث كان، وليس التيمم إلا ضربة للوجه وضربة لليدين للجنب وغير الجنب).
[معاني القرآن: 1/270]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا جنباً إلاّ عابري سبيلٍ} معناه في هذا الموضع: لا تقربوا المصلّى جنباً إلاّ عابر سبيلٍ يقطعه، ولا يقعد فيه (والمصلّى) مختصر.

{أو على سفرٍ}: أو في سفر، وتقول: أنا على سفر، في معنى آخر: تقول: أنا متهىّءٌ له.
{أو جاء أحدٌ منكم من الغائط}: كناية عن حاجة ذي البطن، والغائط: الفيح من الأرض المتصوّب وهو أعظم من الوادي.
{أو لامستم النّساء}: اللماس النكاح: لمستم، ولامستم أكثر.
{فتيمّموا صعيداً طيّباً} أي: فتعمدوا ذاك، والصعيد: وجه الأرض). [مجاز القرآن: 1/128]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى حتّى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلاّ عابري سبيلٍ حتّى تغتسلوا وإن كنتم مّرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ مّنكم مّن الغائط أو لامستم النّساء فلم تجدوا ماء فتيمّموا صعيداً طيّباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إنّ اللّه كان عفوّاً غفوراً}
قوله:
{ولا جنباً} في اللفظ واحد وهو للجمع كذلك، وكذلك هو للرجال والنساء، كما قال: {والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ} فجعل "الظهير" واحدا.
والعرب تقول: "هم لي صديقٌ".
وقال:
{عن اليمين وعن الشّمال قعيدٌ} وهما قعيدان.

وقال: {إنّا رسول ربّ العالمين} وقال: {فإنّهم عدوٌّ لي} لأن "فعول" و"فعيل" مما يجعل واحدا للاثنين والجمع.
وقال: {ولا جنباً إلاّ عابري سبيلٍ} لأنه قال: {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} فقوله: {وأنتم سكارى} في موضع نصب على الحال، فقال: {ولا جنباً} على العطف كأنه قال: "ولا تقربوها جنباً إلاّ عابري سبيلٍ" كما تقول: "لا تأتي إلاّ راكباً"). [معاني القرآن: 1/203]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({الجنب}: الذكر والأنثى، والإثنان والجمع فيه سواء كالواحد.

{الغائط}: كناية عن قضاء الحاجة، والغائط: من الأرض الواسع الفسيح.
{أو لامستم النساء}: كناية عن الزواج
وقال بعضهم: الملامسة دون الجماع.
{فتيمموا}: تعمدوا.
{صعيدا}: الصعيد وجه الأرض). [غريب القرآن وتفسيره:118-119]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({ولا جنباً إلّا عابري سبيلٍ} يعني: المساجد لا تقربوها وأنتم جنب، إلا مجتازين غير مقيمين ولا مطمئنين.
{الغائط} الحدث.
وأصل الغائط: المطمئن من الأرض، وكانوا إذا أرادوا قضاء الحاجة أتوا غائطا من الأرض ففعلوا ذلك فيه، فكني عن الحدث بالغائط.
{فتيمّموا} أي: تعمدوا. {صعيداً طيّباً} أي: ترابا نظيفا). [تفسير غريب القرآن: 127]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ:
{يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى حتّى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلّا عابري سبيل حتّى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النّساء فلم تجدوا ماء فتيمّموا صعيدا طيّبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إنّ اللّه كان عفوّا غفورا}
قيل في التفسير: إنها نزلت قبل تحريم الخمر، لأن جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتمعوا فشربوا الخمر فبل تحريمها، وتقدم رجل منهم فصلى بهم فقرأ: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون، وأنتم عابدون ما أعبد، وأنا عابد ما عبدتم فنزلت
{لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى}
ويروى أن عمر بن الخطاب قال:
اللهم إن الخمر تضرّ بالعقول وتذهب بالمال، فأنزل فيها أمرك، فنزل في سورة المائدة: {إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس}
وقال:
{يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير}
والتحريم نص بقوله - عزّ وجلّ -
{قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحقّ}
فقد حرمت الخمر بأنه قال: إنها إثم كبير.

وقد حرم اللّه - عزّ وجلّ -: الإثم، فأمر اللّه - عزّ وجلّ - في ذلك الوقت ألا يقرب الصلاة السكران.
وحرم بعد ذلك: السّكر، لأن إجماع الأمّة أن السّكر حرام.
وإنما حرّم ذو السّكر، لأن حقيقة السكر إنّه لم يزل حراما وقد بيّنّا هذا في سورة البقرة.
وقوله:
{حتّى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلّا عابري سبيل حتّى تغتسلوا} أي: لا تقربوا الصلاة وأنتم جنب، {إلا عابري سبيل} أي: إلا مسافرين لأن المسافر يعوزه الماء، وكذلك المريض الذي يضر به الغسل.
ويروى أن: قوما غسلوا مجدرا فمات، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((قتلوه قتلهم اللّه، كان يجزيه التيمم)).
وقال قوم: لا تقربوا موضع الصلاة، حقيقته: لا تصلوا إذا كنتم جنبا حتى تغتسلوا، إلا أن لا تقدروا على الماء، وإلا أن تخافوا أن يضركم الغسل إضرارا شديدا، وذلك لا يكون إلا في حال مرض.

{فتيمّموا صعيدا طيّبا} معنى: تيمموا أقصدوا، والصعيد: وجه الأرض.
فعلى الإنسان في التيمم: أن يضرب بيديه ضربة واحدة فيمسح بهما جميعا وجهه، وكذلك يضرب ضربة واحدة، فيمسح بهما يديه، والطيب: هو النظيف الطاهر، ولا يبالي أكان في الموضع تراب أم لا، لأن الصعيد ليس هو التراب، إنما هو وجه الأرض، ترابا كان أو غيره، ولو أن أرضا كانت كلها صخرا لا تراب عليها ثم ضرب المتيمم يده على ذلك الصخر لكان ذلك طهورا إذا مسح به وجهه.

قال اللّه عزّ وجل -: {فتصبح صعيدا زلقا} فأعلمك أن الصعيد يكون زلقا، والصعدات الطرقات.
وإنما سمي صعيدا: لأنّها نهاية ما يصعد إليه من باطن الأرض، لا أعلم بين أهل اللغة اختلافا في أن الصعيد وجه الأرض.
{إنّ اللّه كان عفوّا غفورا} أي: يقبل منكم العفو ويغفر لكم، لأن قبوله التيمم تسهيل عليكم). [معاني القرآن: 2/54-56]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل:
{يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} قال الضحاك: أي سكارى من النوم.

وقال عكرمة وقتادة: هذا منسوخ.
وقال قتادة: نسخه تحريم الخمر.
يذهب إلى أن معنى سكارى: من الشراب، والدليل على أن هذا القول هو الصحيح: أن عمر بن الخطاب رحمه الله قال:
أقيمت الصلاة فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقربن الصلاة سكران.
وروي أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بقوم فقرأ {قل يا أيها الكافرون} فخلط فيها فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} ثم نسخ هذا بتحريم الخمر). [معاني القرآن: 2/93-94]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} قال عبد الله بن عباس وأنس: إلا أن تمر ولا تجلس.

وروي عن ابن عباس: هو المسافر يمر بالمسجد مجتازا.
وروي عن عائشة رحمها الله أنها حاضت وهي محرمة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)).). [معاني القرآن: 2/95]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط}
قال بعض الفقهاء، المعنى: وجاء أحد منكم من الغائط، وهذا لا يجوز عند أهل النظر من النحويين لأن لـ «أو» معناها وللواو معناها وهذا عندهم على الحذف، والمعنى: وإن كنتم مرضى لا تقدرون فيه على مس الماء أو على سفر ولم تجدوا ماء واحتجتم إلى الماء). [معاني القرآن: 2/95-96]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {أو لامستم النساء} قال ابن عباس: {لامستم} جامعتم.

ويقرأ (أو لمستم).

قال محمد بن يزيد: من ذهب إلى أنه: الجماع فالأحسن أ يقول لمستم مثل غشيتم وهذا الفعل إنما نسب إلى الرجل.
ومن ذهب إلى أنه: دون الجماع فالأحسن أن يقول لامستم). [معاني القرآن: 2/96-97]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {فتيمموا صعيدا طيبا} معنى تيمموا: تعمدوا واقصدوا، يقال تيممت كذا وتأممته إذا قصدته.
والصعيد في اللغة: وجه الأرض كان عليه تراب أو لم يكن، والدليل على هذا: قوله عز وجل {فتصبح صعيدا زلقا} وإنما سمي صعيدا: لأنه نهاية ما يصعد إليه من الأرض.

والطيب: النظيف ثم قال تعالى: {إن الله كان عفوا غفورا} لأنه قد عفا جل وعز وسهل في التيمم).[معاني القرآن: 2/97-98]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): (
{لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ} أي: موضعها، يعني: المساجد.

وقيل معناه: لا تصلوا وأنتم سكارى، وهذا قبل تحريم الخمر.
وقيل: سكارى من النوم.
{وَلاَ جُنُبًا} أي: لا تقربوا المساجد وأنتم جُنُب، إلا أن تكونوا مسافرين، لا تجدون الماء، فتيمموا.

و{الْغَائِطِ} الحدث، وأصله: المطمئن من الأرض لتستقروا به، فكثر فسموا به الحدث.

و
{الجبت والطاغوت} هما كل معبودٍ من دون الله من الشيطان أو الحجر، أو غيره.

وقيل: هما هنا رجلان: وهما حُيي بن أخطب وكعب بن الأشرف، صدقوهما وأطاعوهما.
وقوله: {فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ}، يعني: الشيطان). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 61]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الْغَائِطِ}: المتسع من الأرض.

(المُلاَمَسَةُ): الجماع.
{فَتَيَمَّمُواْ}: تعمدوا.
{الصَّعِيدُ}: وجه الأرض.
{طَيِّباً}: نظيفاً). [العمدة في غريب القرآن:111-112]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{ألم تر إلى الّذين أوتوا...}
{ألم تر} في عامة القرآن: ألم تخبر.

وقد يكون في العربية: أما ترى، أما تعلم). [معاني القرآن: 1/270]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {نصيباً من الكتاب}: طرفاً وحظاً). [مجاز القرآن: 1/128]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({نصيباً من الكتاب} أي: حظا). [تفسير غريب القرآن: 128]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومن الاختصار قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}أراد: يشترون الضلالة بالهدى، فحذف (الهدى)، أي: يستبدلون هذا بهذا.

ومثله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى}). [تأويل مشكل القرآن: 230]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضّلالة ويريدون أن تضلّوا السّبيل}
قال بعضهم:
{ألم تر} ألم تخبر.

وقال أهل اللغة ألم تعلم، المعنى: ألم ينته علمك إلى هؤلاء، ومعناه: أعرفهم، يعنى به: علماء أهل الكتاب، أعطاهم اللّه في كتابهم علم نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه عندهم مكتوب في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.
وقوله:
{يشترون الضلالة} أي: يؤثرون التكذيب بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ليأخذوا على ذلك الرشا ويثبت لهم رياسة.
وقوله:
(ويريدون أن تضلّوا السّبيل) أي: تضلّوا طريق الهدى، لأن السبيل في اللغة الطريق). [معاني القرآن: 2/56-57]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} قال أهل التفسير: يعني به اليهود لأن عندهم صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى {يشترون الضلالة}: يلزمونها وقد صاروا بمنزلة المشتري لها، والعرب تقول لكل من رغب في شيء قد اشتراه.

ومعنى {ويريدون أن تضلوا السبيل} أي: يريدون أن تضلوا طريق الحق). [معاني القرآن: 2/99]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{واللّه أعلم بأعدائكم وكفى باللّه وليّا وكفى باللّه نصيرا}أي: هو أعرف بهم فهو يعلمكم ما هم عليه.
{وكفى باللّه وليّا وكفى باللّه نصيرا} أي: اللّه ناصركم عليهم، ومعنى الباء: التوكيد.
المعنى وكفى الله وليا وكفى اللّه نصيرا، إلا أن الباء دخلت في اسم الفاعل، لأن معنى الكلام الأمر، المعنى: اكتفوا بالله). [معاني القرآن: 2/57]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {والله أعلم بأعدائكم} أي: فهو يكفيكموهم).
[معاني القرآن: 2/99-100]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا} قال أبو إسحاق: إنما دخلت الباء في {وكفى بالله} لأن في الكلام معنى الأمر، والمعنى: اكتفوا بالله وليا واكتفوا بالله نصيرا). [معاني القرآن: 2/100]


تفسير قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{مّن الّذين هادوا يحرّفون الكلم...}
أن شئت: جعلتها متصلة بقوله:
{ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب}، {مّن الّذين هادوا يحرّفون الكلم}.
وإن شئت: كانت منقطعة منها مستأنفة، ويكون المعنى: من الذين هادوا من يحرفون الكلم. وذلك من كلام العرب: أن يضمروا (من) في مبتدأ الكلام، فيقولون: منّا يقول ذلك، ومنا لا يقوله، وذلك أن (من) بعض لما هي منه، فلذلك أدّت عن المعنى المتروك؛ قال الله تبارك وتعالى: {وما منّا إلاّ له مقامٌ معلوم} وقال {وإن منكم إلا واردها} وقال ذو الرمّة:
فظلّوا ومنهم دمعه سابقٌ له * وآخر يثني دمعة العين بالهمل
يريد: منهم من دمعه سابق.
ولا يجوز إضمار (من) في شيء من الصفات إلا على المعنى الذي نبأتك به، وقد قالها الشاعر في (في) ولست أشتهيها، قال:
لو قلت ما في قومها لم تأثم * يفضلها في حسب وميسم
ويروى أيضا (تيثم) لغة، وإنما جاز ذلك في (في) لأنك تجد معنى (من) أنه بعض ما أضيفت إليه؛ ألا ترى أنك تقول؛ فينا صالحون وفينا دون ذلك، فكأنك قلت: منا،

ولا يجوز أن تقول: في الدار يقول ذلك؛ وأنت تريد في الدار من يقول ذلك، إنما يجوز إذا أضفت (في) إلى جنس المتروك.
وقوله: {ليّاً بألسنتهم} يعني: ويقولون {وراعنا} يوجهونها إلى شتم محمد صلى الله عليه وسلم. فذلك الليّ.
وقوله: {وأقوم} أي: أعدل). [معاني القرآن: 1/271-272]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (
{من الذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه}
{هادوا} في هذا الموضع: اليهود، و{الكلم}: جماعة كلمة، {يحرّفون}: يقلّبون ويغيّرون). [مجاز القرآن: 1/129]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{مّن الّذين هادوا يحرّفون الكلم عن مّواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمعٍ وراعنا ليّاً بألسنتهم وطعناً في الدّين ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لّهم وأقوم ولكن لّعنهم اللّه بكفرهم فلا يؤمنون إلاّ قليلاً}
قال:
{مّن الّذين هادوا يحرّفون الكلم عن مّواضعه} يقول "منهم قومٌ" فأضمر "القوم".

قال النابغة الذبياني:
كأنّك من جمال بني أقيشٍ = يقعقع بين رجليه بشنّ
أي: كأنّك جملٌ منها.

وكما قال: {وإن مّن أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ به} أي: وإن منهم واحدٌ إلاّ ليؤمننّ به".
والعرب تقول: "رأيت الذي أمس" أي: رأيت الذي جاءك أمس" أو"تكلّم أمس".
{واسمع غير مسمعٍ وراعنا ليّاً}
وقوله: {راعنا} أي: "راعنا سمعك، في معنى: أرعنا.
وقوله: {غير مسمعٍ} أي: لا سمعت، أي: لا سمعت، وأما {غير مسمعٍ} أي: لا يسمع منك فأنت غير مسمعٍ.
وقال:
{واسمع وانظرنا لكان خيراً لّهم}. وإنما قال: {وانظرنا} لأنّها من "نظرته" أي: "انتظرته".
وقال: {انظرونا نقتبس من نّوركم} أي: انتظروا.
وأما قوله: {يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه} فإنما هي: إلى قدّمت يداه.
قال الشاعر:
ظاهرات الجمال والحسن ينظر = ن كما تنظر الأراك الظّباء
وإن شئت كان {ينظر المرء ما قدّمت يداه} على الاستفهام مثل قولك "ينظر خيراً قدّمت يداه أم شرّاً"). [معاني القرآن: 1/203-204]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({يحرفون الكلم}: يغيرون). [غريب القرآن وتفسيره: 119]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({واسمع غير مسمعٍ} كانوا يقولون للنبي صلى اللّه عليه وعلى آله: اسمع لا سمعت.

{وراعنا ليًّا بألسنتهم} أراد أنهم يحرفون «راعنا» من طريق المراعاة والانتظار إلى السب بالرعونة، وقد بينت هذا في «المشكل».
{واسمع وانظرنا} أي: لو قالوا: اسمع وانظرنا، أي: لو قالوا: اسمع ولم يقولوا: لا سمعت، وقالوا: انظرنا - أي: انتظرنا - مكان راعنا {لكان خيراً لهم}.
والعرب تقول: نظرتك وانتظرتك بمعنى واحد). [تفسير غريب القرآن: 128]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.

هؤلاء قوم من اليهود كانوا يقولون للنبي، صلّى الله عليه وسلم، إذا حدّثهم وأمرهم: سمعنا، ويقولون في أنفسهم: عصينا، وإن أرادوا أن يكلموه بشيء قالوا له: اسمع يا أبا القاسم، ويقولون في أنفسهم: لا سمعت: ويقولون له: راعنا، يوهمونه في ظاهر اللفظ أنهم يريدون انتظرنا حتى نكلمك بما نريد، كما تقول العرب: أرعني سمعك وراعني، أي: انتظرني وترفّق وتلوّم عليّ، هذا ونحوه، وإنما يريدون سبّه بالرّعونة في لغتهم، فقال الله سبحانه: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ} كذا وكذا.

ويقولون:
{وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ} أي: قلبا للكلام بها، {وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} {وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} مكان قولهم {سمعنا وعصينا}، وقالوا: {واسمع} مكان قوله: لا سمعت، {وانظرنا}، مكان قولهم: {وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ}.
والعرب تقول: نظرتك وانتظرتك، بمعنى واحد، قال الحطيئة:
وقد نظرتكم إيناء عاشية للخمس طال بها حوزي وتنساسي). [تأويل مشكل القرآن:375-376]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - عزّ وجلّ -
{من الّذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليّا بألسنتهم وطعنا في الدّين ولو أنّهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم اللّه بكفرهم فلا يؤمنون إلّا قليلا} فيها قولان:

جائز أن تكون: من صلة الذين أوتوا الكتاب.
والمعنى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا.

ويجوز أن يكون: من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم، ويكون {يحرفون} صفة، والموصوف محذوف.
أنشد سيبويه في مثل هذا قول الشاعر:
وما الدّهر إلا تارتان فمنهما أموت... وأخرى أبتغي العيش أكدح
المعنى: منهما تارة أموت فيها.
وقال بعض النحويين، المعنى: من الذين هادوا من يحرفونه فجعل يحرفون صلة من وهذا لا يجوز لأنه لا يحذف الموصول وتبقى صلته.

وكذلك قول الشاعر:
لو قلت ما في قومها لم تيثم... يفضلها في حسب وميسم
المعنى: ما في قومها أحد يفضلها.
وزعم النحويون أن هذا إنما يجوز مع " من " و " في "، وهو جائز إذا كان " فيما بقي دليل على ما ألقى.
لو قلت: ما فيهم يقول ذاك أو ما عندهم يقول ذاك جازا جميعا جوازا واحدا.
والمعنى: ما عندهم أحد يقول ذاك.
وقوله عزّ وجلّ:
{ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع}
كانت اليهود - لعنت - تقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اسمع، وتقول في أنفسها لا أسمعت.
وقيل {غير مسمع} غير مجاب إلى ما تدعو إليه

وقوله:
{وراعنا} هذه كلمة كانت تجري بينهم على حد السّخرى والهزؤ.
وقال بعضهم: كانوا يسبّون النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة.

وقال بعضهم: كانوا يقولونها كبرا، كأنّهم يقولون: ارعنا سمعك، أي: اجعل كلامك لسمعنا مرعى.
وهذا مما لا تخاطب به الأنبياء - (صلوات الله عليهم) - إنما يخاطبون بالإجلال والإعظام.
وقوله:
{ليّا بألسنتهم} أي: يفعلون ذلك معاندة للحق وطغيانا في الدين.
وأصل " ليا ": لويا ولكن الواو أدغمت في الياء لسبقها بالسكون.

وقوله:
{فلا يؤمنون إلّا قليلا} أي: فلا يؤمنون إلّا إيمانا قليلا، لا يجب به أن يسمّوا المؤمنين.
وقال بعضهم: {فلا يؤمنون إلّا قليلا} أي: إلا قليلا منهم، فإنهم آمنوا). [معاني القرآن: 2/57-59]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه} يجوز أن يكون المعنى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا وهو الأولى بالصواب لأن الخبرين والمعنيين من صفة نوع واحد من الناس وهم اليهود وبهذا جاء التفسير.

ويجوز أن يكون المعنى: وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا.
ويجوز أن يكون المعنى: على مذهب سيبويه من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ثم حذف وأنشد النحويون:
لو قلت ما في قومها لم تيثم يفضلها في حسب ومبسم
قالوا المعنى: لو قلت ما في قومها أحد يفضلها ثم حذف

ومعنى {يحرفون}: يغيرون ومنه تحرفت عن فلان، أي: عدلت عنه، فمعنى {يحرفون}: يعدلون عن الحق). [معاني القرآن: 2/100-102]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع} روي عن ابن عباس أنه قال: أي يقولون اسمع لا سمعت.

وقال الحسن: أي اسمع غير مسمع منك، أي: غير مقبول منك ولو كان كذا لكان غير مسموع وقوله عز وجل:
{وراعنا} نهي المسلمون أن يقولوها وأمروا أن يخاطبوا النبي صلى الله عليه وسلم بالإجلال والإعظام.

وقرأ الحسن (وراعنا منونا) جعله من الرعونة وقد استقصينا شرحه في سورة البقرة). [معاني القرآن: 2/102-103]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ليا بألسنتهم وطعنا في الدين} أي: يلوون ألسنتهم ويعدلون عن الحق). [معاني القرآن: 2/104]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم}
ومعنى {انظرنا}: انتظرنا، ومعنى {سمعنا}: قبلنا لكان خيرا لهم، أي: عند الله جل وعز: {وأقوم} أي: وأصوب في الرأي والاستقامة منه). [معاني القرآن: 2/104]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا} ويجوز أن يكون المعنى: فلا يؤمنون إلا إيمانا قليلا لا يستحقون اسم الإيمان.
ويجوز أن يكون المعنى: فلا يؤمنون إلا قليلا منهم). [معاني القرآن: 2/104-105]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({يُحَرِّفُونَ}: يغيّرون). [العمدة في غريب القرآن: 112]


رد مع اقتباس