عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 29 ذو الحجة 1431هـ/5-12-2010م, 09:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 7 إلى 14]

{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}

تفسير قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {لّلرّجال نصيبٌ...}
ثم قال الله تبارك وتعالى: {نصيباً مّفروضاً} وإنما نصب النصيب المفروض وهو نعت للنكرة لأنه أخرجه مخرج المصدر، ولو كان اسما صحيحا لم ينصب، ولكنه بمنزلة قولك: لك عليّ حقّ حقّا، ولا تقول: لك على حقّ درهما، ومثله عندي درهمان هبةً مقبوضة، فالمفروض في هذا الموضع بمنزلة قولك: فريضة وفرضا). [معاني القرآن: 1/257]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إسرافاً} الإسراف: الإفراط.
{وبداراً} أي: مبادرة قبل أن يدرك فيؤنس منه الرّشد فيأخذ منك.
{فليأكل بالمعروف} أي: لا يتأثّل مالاً، التأثل: اتخاذ أصل مالٍ، والأثلة الأصل، قال الأعشى:
ألست منتهياً عن نحت أثلتنا... ولست ضائرها ما أطّت الإبل
مجد مؤثّل: قديم له أصل). [مجاز القرآن: 1/117-118]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {نصيباً مفروضاً}: نصب على الخروج من الوصف). [مجاز القرآن: 1/118]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({لّلرّجال نصيبٌ مّمّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيبٌ مّمّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيباً مّفروضاً}
قال: {لّلرّجال نصيبٌ مّمّا ترك الوالدان} إلى قوله: {نصيباً مّفروضاً} فانتصابه كانتصاب {كتاباً مّؤجّلاً}). [معاني القرآن: 1/193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (قال قتادة: وكانوا لا يورّثون النساء فنزلت: {وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيباً مفروضاً} موجبا فرضه اللّه، أي: أوجبه). [تفسير غريب القرآن: 121]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: عزّ وجلّ: {للرّجال نصيب ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيب ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيبا مفروضا}
كانت العرب لا تورّث إلا من طاعن بالرماح وزاد عن المال وحاز الغنيمة، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن حق الميراث على ما ذكر من الفرض.
وجاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها بنات لها توفّي أبوهنّ وهو زوجها وقد همّ عمّا البنات بأخذ المال فنزلت: {يوصيكم اللّه في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين} الآية، فقال العمّان: يا رسول الله أيرث من لا يطاعن بالرماح ولا يزود عن المال ولا يحوز الغنيمة؟
فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطيا البنات الثلثين، وأعطيا الزوجة - وهي أمّهنّ - الثمن، وما بقي فلكما))، فقالا: فمن يتولى القيام بأمرهما؟ فأمرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوليا ذلك.
وقوله عزّ وجلّ: {نصيبا مفروضا} هذا منصوب على الحال، المعنى: لهؤلاء أنصبة على ما ذكرناها في حال الفرض، وهذا كلام مؤكّد لأن قوله - جل ثناؤه - {للرّجال نصيب ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيب...} معناه: إنّ ذلك مفروض لهنّ). [معاني القرآن: 2/15]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} يروى أنهم كانوا لا يورثون النساء وقالوا: لا يرث إلا من طاعن بالرمح وقاتل بالسيف فأنزل الله: {وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا}). [معاني القرآن: 2/23]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم مّنه وقولوا لهم قولاً مّعروفاً}
قال: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} ثم قال: {فارزقوهم مّنه} لأن معناه المال والميراث فذكّر على ذلك المعنى). [معاني القرآن: 1/193-194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} فيه قولان:
أحدهما: أن تكون القسمة الوصية، يقول: إذا حضرها أقرباؤكم الذين لا يرثونكم، والمساكين، واليتامى- فاجعلوا لهم فيها حظا، وألينوا لهم القول، وليخش من حضر الوصية، وهو لو كان له ولد صغار خاف عليهم بعده الضّيعة- أن يأمر الموصي بالإسراف فيما يعطيه اليتامى والمساكين وأقاربه الذين لا يرثون فيكون قد أمره بما لم يكن يفعله لو كان هو الميت، وهو معنى قول سعيد بن جبير وقتادة.
قال قتادة: إذا حضرت وصية ميت فمره بما كنت آمرا به نفسك، وخف على ورثته ما كنت خائفا على ضعفة أولادك لو تركتهم بعدك.
والقول الآخر: أن تكون القسمة قسمة الورثة الميراث بعد وفاة الرجل، يقول: فإذا حضرها الأقارب واليتامى والمساكين، فارضخوا لهم وعدوهم، ثم استأنف معنى آخر فقال: وليخش من لو ترك ولدا صغارا خاف عليهم الضّيعة، فليحسن إلى من كفله من اليتامى، وليفعل بهم ما يجب أن يفعل بولده من بعده. وهو معنى قول ابن عباس في رواية أبي صالح عنه). [تأويل مشكل القرآن: 323]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - عزّ وجلّ -: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا}أي: فأعطوهم منه.
قال الحسن رحمة اللّه عليه والنخعي: أدركنا الناس وهم يقسمون على القرابات والمساكين. واليتامى من العين، يعنيان الورق، والذهب، فإذا قسم الورق والذهب وصارت القسمة إلى الأرضين والرقيق وما أشبه ذلك؛ قالوا لهم قولا معروفا كانوا يقولون لهم: بورك فيكم.
وقال قوم: نسخ الأمر للمساكين ومن ذكر في هذه الآية الفرض في القسمة، وإباحة الثلث للميّت يجعله حيث شاء.
قال أبو إسحاق: وقد أجمعوا أن الأمر بالقسمة من الميراث للقرابة والمساكين واليتامى قد أمر بهما، ولم يجمعوا على نسخها، والأمر في ذلك على ما أجمع عليه، واللّه أعلم). [معاني القرآن: 2/15-16]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} في هذه الآية أقوال:
أحدهما: أنها منسوخة، قال سعيد بن المسيب: نسختها الميراث والوصية.
والإجماع من أكثر العلماء في هذا الوقت: أنه لا يجب إعطاؤهم وإنما هذا على جهة الندبة إلى الخير أي إذا حضروا فأعطوهم كما كان المتوفى يؤمر بإعطائهم.
وقال عبيدة والشعبي والزهري والحسن: هي محكمة.
قال ابن أبي نجيح: يجب أن يعطوا ما طابت به الأنفس
قال أبو جعفر: وأن يكون ذلك شكرا على ما رزقهم الله دونه). [معاني القرآن: 2/23-25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وقولوا لهم قولا معروفا} قال سعيد بن جبير: يقال لهم خذوا بورك لكم). [معاني القرآن: 2/25]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قولاً سديداً} أي: قصداً). [مجاز القرآن: 1/118]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافاً خافوا عليهم فليتّقواّ اللّه وليقولوا قولاً سديداً}
قال: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً} لأنه يريد "وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية يخافون عليهم" مثل ما يتركون منهم من ذرية غيرهم، أي: فلا يفعلن ذلك حتى لا يفعله بهم غيرهم؛ "فليخشوا" أي: "فليخشوا هذا" أي: فليتّقوا، ثم عاد أيضاً فقال: {فليتّقوا اللّه}). [معاني القرآن: 1/194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({سديدا}: قصدا). [غريب القرآن وتفسيره: 115]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({وليخش الّذين لو تركوا} مبينة في كتاب «المشكل».
{قولًا سديداً} من السّداد، وهو الصواب والقصد في القول). [تفسير غريب القرآن: 121]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّة ضعافا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولا سديدا}
الكلام في ذرية: بضم الذال، ويجوز ذرية، - بكسر الذال، وقد قرئ بهما، إلا أن الضمّ أجود وهي منسوبة إلى الذر، وهي فعليّة منه.
ويجوز أن يكون: أصلها ذرّورة، ولكن الراء أبدلت ياء وأدغمت الواو فيها، فأما الكسر في الذال فلكسر الراء كما قالوا في عتي: عتي.
وضعاف جمع ضعيف وضعيفة، كما تقول ظريف وظراف وخبيث وخباث، وإن قيل ضعفاء جاز، تقول ضعيف وضعفاء.
قيل: ومعنى الآية أنهم كانوا يوصون بأموالهم على قدر أهوائهم ويتركون ضعفة ذراريهم وأولادهم فأمرهم اللّه - عز وجل - أن يوصوا لهم، وأن يجروا ذلك من سداد.
وقيل: قيل لهم هذا بسبب اليتامى، فوعظوا في توليتهم اليتامى بأن يفعلوا كما يحبون أن يفعل بأولادهم من بعدهم.
وكلا القولين جائر حسن، ألا أن تسمية الفرائض قد نسخ ذلك بما جعل من الأقسام للأولاد وذوي العصبة). [معاني القرآن: 2/16-17]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم} قال سعيد بن جبير ومجاهد في الرجل يحضر عند المريض فيقول له قدم خيرا أو تصدق على أقربائك فأمروا أن يشفقوا على ورثة المريض كما يشفقون على ورثتهم .
وقال مقسم: يقول له من حضره اتق الله وأمسك عليك مالك فليس أحد أحق بمالك من ولدك ولو كانوا ذوي قرابة من الذي أوصى لأحبوا أن يوصي لأولادهم، وقول سعيد بن جبير أشبه بمعنى الآية والله أعلم لأن المعنى خافوا عليهم الفقر فالخوف واقع على ذرية الموتى). [معاني القرآن: 2/25-26]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): (قوله: {سديدا} أي: حقا مستويا). [ياقوتة الصراط: 196]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({قَوْلاً سَدِيدًا} أي: صوابا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 58]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({سَدِيداً}: قصد). [العمدة في غريب القرآن: 107]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً}
[و] قال: {سيصلون سعيراً} فالياء تفتح وتضم ههنا وكل صواب. وقوله: {في بطونهم} توكيد). [معاني القرآن: 1/194]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (ثم خوّف اللّه عزّ وجلّ وغلظ في أمر اليتامى وأوعد فقال:
{إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنّما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا}
(يقرأ) {وسيصلون}
في هذا - أعني في قوله.. يأكلون أموال اليتامى} - دليل أن مال اليتيم إن أخذ منه على قدر القيام له ولم يتجاوز ذلك جاز، بل يستظهر فيه إن أمكن ألا يقرب ألبتّة لشدة الوعيد فيه، بأن لا يؤكل منه إلا قرضا، وإن أخذ القصد وقدر الحاجة على قدر نفعه فلا بأس إن شاء الله). [معاني القرآن: 2/17]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} اليتيم في اللغة: المنفرد فقيل لمن مات أبوه من بني آدم يتيم وهو في البهائم الذي ماتت أمه). [معاني القرآن: 2/26]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} هذا مجاز في اللفظ، وحقيقته في اللغة: أنه لما كان ما يأكلون يؤديهم إلى النار كانوا بمنزلة من يأكل النار وإن كانوا يأكلون الطيبات). [معاني القرآن: 2/27]

تفسير قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فإن كان له إخوةٌ} أي: أخوان فصاعداً، لأن العرب تجعل لفظ الجميع على معنى الإثنين، قال الراعى:
أخليد إنّ أباك ضاف وساده... همّان باتا جنبةً ودخيلا
طرقا فتلك هما همى أقريهما... قلصاً لواقح كالقسيّ وحولا
فجعل الإثنين في لفظ الجميع وجعل الجميع في لفظ الاثنين.
{أقرب لكم نفعاً} أدنى نفعاً لكم). [مجاز القرآن: 1/118]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({يوصيكم اللّه في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين فإن كنّ نساء فوق اثنتين فلهنّ ثلثا ما ترك وإن كانت واحدةً فلها النّصف ولأبويه لكلّ واحدٍ مّنهما السّدس ممّا ترك إن كان له ولدٌ فإن لّم يكن لّه ولدٌ وورثه أبواه فلأمّه الثّلث فإن كان له إخوةٌ فلأمّه السّدس من بعد وصيّةٍ يوصي بها أو دينٍ آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيّهم أقرب لكم نفعاً فريضةً مّن اللّه إنّ اللّه كان عليماً حكيماً}
قال: {يوصيكم اللّه في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين} فالمثل مرفوع على الابتداء وإنما هو تفسير الوصية كما قال: {وعد اللّه الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لهم مّغفرةٌ وأجرٌ عظيمٌ} فسر الوعد يقول: "هكذا وعدهم" أي: قال "لهم مغفرةٌ". قال الشاعر:
عشيّة ما ودّ ابن غرّاء أمّه = لها من سوانا إذ دعا أبوان
قال: {فإن كنّ نساءً} فترك الكلام الأول وقال "إذا كان المتروكات نساءً" نصب وكذلك {وإن كانت واحدةً}.
وقال: {ولأبويه لكلّ واحدٍ مّنهما السّدس} فهذه الهاء التي في "أبويه" ضمير الميت لأنه لما قال: {يوصيكم اللّه في أولادكم} كان المعنى: يوصي اللّه الميت قبل موته بأنّ عليه لأبويه كذا ولولده كذا، أي: فلا يأخذنّ إلاّ ماله.
وقال: {فإن كان له إخوةٌ} فيذكرون أن الإخوة اثنان ومثله "إنّا فعلنا" وأنتما اثنان، وقد يشبه ما كان من شيئين وليس مثله، ولكن اثنين قد جعل جماعة [في] قول الله عز وجل: {إن تتوبا إلى اللّه فقد صغت قلوبكما} وقال: {والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما} وذلك أن في كلام العرب أن كل شيئين من شيئين فهو جماعة وقد يكون اثنين في الشعر [قال الشاعر]:
بما في فؤادينا من الشوق والهوى = فيجبر منهاض الفؤاد المشعّف
وقال الفرزدق:
هما نفثا في فيّ من فمويهما = على النّابح العاوي أشدّ لجام
وقد يجعل هذا في الشعر واحدا. قال:
لا ننكر القتل وقد سبينا = في حلقكم عظمٌ وقد شجينا
وقال الآخر:
كلوا في بعض بطنكم تعفّوا = فإنّ زمانكم زمن خميص
ونظير هذا قوله: "تسع مائة" وإنما هو "تسع مئات" أو"مئين" فجعله واحدا، وذلك أن ما بين العشرة إلى الثلاثة يكون جماعة نحو: "ثلاثة رجال" و"عشرة رجال" ثم جعلوه في "المئين" واحدا.
وقال: {من بعد وصيّةٍ يوصي بها} لأنه ذكر الرجل حين قال: {وورثه أبواه}، وقال بعضهم {يوصى} وكلٌّ حسن. ونظير {يوصي} بالياء). [معاني القرآن: 1/194-196]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لّم يكن لّهنّ ولدٌ فإن كان لهنّ ولدٌ فلكم الرّبع ممّا تركن من بعد وصيّةٍ يوصين بها أو دينٍ ولهنّ الرّبع ممّا تركتم إن لّم يكن لّكم ولدٌ فإن كان لكم ولدٌ فلهنّ الثّمن ممّا تركتم مّن بعد وصيّةٍ توصون بها أو دينٍ وإن كان رجلٌ يورث كلالةً أو امرأةٌ وله أخٌ أو أختٌ فلكلّ واحدٍ مّنهما السّدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثّلث من بعد وصيّةٍ يوصى بها أو دينٍ غير مضآرٍّ وصيّةً مّن اللّه واللّه عليمٌ حليمٌ}
{توصون} و{يوصين} حين ذكرهن، واحتج الذي قال: {يوصي} بالياء بقوله: {غير مضارٍّ وصيّةً مّن اللّه} [فـ] نصب {وصيّةً} و{فريضةً مّن اللّه} كما نصب {كتاباً مؤجّلاً}.
وقال: {وإن كان رجلٌ يورث كلالةً} ولو قرئت {يورث} كان جيدا وتنصب {كلالةً} وقد ذكر عن الحسن، فإن شئت نصبت كلالةً على خبر {كان} وجعلت {يورث} من صفة الرجل، وإن شئت جعلت {كان} تستغني عن الخبر نحو "وقع"، وجعلت نصب {كلالةً} على الحال، أي: "يورث كلالةً" كما تقول: "يضرب قائماً" قال الشاعر في "كان" التي لا خبر لها:
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي = إذا كان يومٌ ذو كواكب أشهب
قال: {وإن كان رجلٌ يورث كلالةً أو امرأةٌ وله أخٌ أو أختٌ فلكلّ واحدٍ مّنهما} يريد من المذكورين.
ويجوز أن نقول: للرجل إذا قلت "زيدٌ أو عمرٌ منطلقٌ": "هذان رجلا سوء" أي: اللذان ذكرت).[معاني القرآن: 1/196-197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (الفرض: وجوب الشيء، ويقال: فرضت عليك كذا، أي: أوجبته...
ومنه قوله في آية الصدقات بعد أن عدّد أهلها: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}
وقيل للصلاة المكتوبة: فريضة.
وقيل لسهام الميراث: فريضة). [تأويل مشكل القرآن: 475]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومنه جمع يراد به واحد واثنان كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} واحد واثنان فما فوق.
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ}: كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين، فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم فقال: ((ويلك، ذاك الله جل وعز)) ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}، أي: أخوان فصاعدا). [تأويل مشكل القرآن:282-283] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - عزّ وجلّ - {يوصيكم اللّه في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين فإن كنّ نساء فوق اثنتين فلهنّ ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النّصف ولأبويه لكلّ واحد منهما السّدس ممّا ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمّه الثّلث فإن كان له إخوة فلأمّه السّدس من بعد وصيّة يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيّهم أقرب لكم نفعا فريضة من اللّه إنّ اللّه كان عليما حكيما}
معنى {يوصيكم}: يفرض عليكم، لأن الوصية من اللّه - عز وجل - فرض، والدليل على ذلك قوله: {ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ ذلكم وصّاكم به}وهذا من المحكم علينا.
{للذّكر مثل حظّ الأنثيين}المعنى: يستقر للذكر مثل حظ الأنثيين، له الثلثان وللابنة الثلث.
{فإن كنّ نساء فوق اثنتين فلهنّ ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النّصف}
يجوز واحدة وواحدة ههنا، وقد قرئ بهما جميعا إلا أن النصب عندي أجود بكثير، لأن قوله: {فإن كنّ نساء فوق اثنتين} قد بين أن المعنى فإن كان الأولاد نساء، وكذلك، وإن كانت المولودة واحدة فلذلك اخترنا النصب، وعليه أكثر القراءة.
فإن قال قائل إنما ذكر لنا ما فوق الثنتين وذكرت واحدة فلم أعطيت البنتان الثلثين فسوّي بين الثنتين والجماعة؟
فقد قال الناس في هذا غير قول: قال بعضهم: أعطيت البنتان الثلثين بدليل لا تفرض لهما مسمى، والدليل: أهو، قوله: {يستفتونك قل اللّه يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك}، فقد صار للأخت النصف كما أن للابنة النصف، {فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان} فأعطيت البنتان الثلثين كما أعطيت الأختان، وأعطي جملة الأخوات الثلثين قياسا على ما ذكر اللّه - عزّ وجلّ - في جملة البنات، وأعلم اللّه في مكان آخر أن حظ الابنتين وما فوقهما حظ واحد في قوله: {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكلّ واحد منهما السّدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثّلث}،فدلت هذه الآية: أن حظّ الجماعة إذا كان الميراث مسمى حظ واحدة.
وهذا أيضا في العربية كذا قياسه لأن منزلة الاثنتين من الثلاث كمنزلة الثلاث من الأربع فالاثنان جمع كما أن الثلاث جمع، وصلاة الاثنين وصلاة الاثنتين جماعة، والاثنان يحجبان كما تحجب الجماعة.
فهذا بيّن واضح.
وهذا جعله اللّه في كتابه يدل بعضه على بعض تفقيها للمسلمين وتعليما، ليعلموا فيما يحزبهم من الأمور على هذه الأدلة.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد، وكذا قال إسماعيل بن إسحاق – أنه قال: في الآية نفسها دليل أن للبنتين الثلثين، لأنه إذا قال: للذكر مثل حظ الأنثيين، وكان أول العدد ذكرا وأنثى، فللذّكر الثلثان وللأنثى الثلث، فقد بأن من هذا أن للبنتين الثلثين، واللّه قد أعلم أن ما فوق الثنثين لهما الثلثان.
وجميع هذه الأقوال التي ذكرنا: حسن جميل بين، فأمّا ما ذكر عن ابن عباس من أن البنتين بمنزلة البنت فهذا لا أحسبه صحيحا عن ابن عباس وهو يستحيل في القياس لأن منزلة الاثنين منزلة الجمع، فالواحد خارج عن الاثنين، ويقال ثلث وربع وسدس، ويجوز تخفيف هذه الأشياء لثقل الضم، فيقال ثلث وربع وسدس.
ومن زعم أن الأصل فيه: التخفيف وأنّه ثقل فخطأ، لأن الكلام موضوع على الإيجاز والتخفيف.
وقوله عزّ وجلّ: {ولأبويه لكلّ واحد منهما السّدس ممّا ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمّه الثّلث فإن كان له إخوة فلأمّه السّدس} فالأم لها في الميراث تسمية من جهتين:
1- تسمية السدس مع الولد.
2- وتسمية السدس مع الإخوة، وتسمية الثلث إن لم يكن له ولد.
والأب يرث: من جهة التسمية السدس، ويرث بعد التسمية على جهة التعصيب.
والأم يحجبها: الإخوة عن الثلث فترث معهم السدس.
قال أبو إسحاق: ونذكر من كل شيء من هذا مسألة، إذ كان أصل الفرائض في الأموال والمواريث في هذه السورة.
فإن مات رجل أو امرأة فخلفا أبوين، فلام الثلث، والثلثان الباقيان للأب، بهذا جاء التنزيل وعليه اجتمعت الأمة، فإن خلّف الميت ولدا وكان ذكرا فللأم السدس وللأب السدس، وما بقي فللابن، فإن خلّف بنتا وأبوين، فللبنت النصف وللأم السدس، وما بقي للأب يأخذ الأب سدسا بحق التسمية، ويأخذ السدس الآخر بحق التعصيب.
فإن خلّف الميت - وكانت امرأة - زوجا وأبوين، فللزوج النصف وللأم ثلث ما بقي للأب ثلثا ما بقي، وهو ثلث أصل المال.
وقد ذكر عن ابن عباس إنّه كان يعطي الأمّ الثلث من جميع المال.
ويعطي الأب السدس، فيفضل الأم على الأب في هذا الموضع.
والإجماع: على خلاف ما روي عنه.
وقال الذين احتجوا مع الإجماع: لو أعلمنا اللّه - عزّ وجلّ - أن المال بين الأب والأم ولم يسم لكل واحد لوجب أن نقسمه بينهما نصفين، فلما أعلمنا اللّه - عزّ وجلّ - أنّ للأم الثلث علمنا أن للأب الثلثين، فلما دخل على الأب والأم داخل أخذ نصف المال، دخل النقص عليهما جميعا، فوجب أن يكون الميراث للأبوين إنّما هو النص، فصار للأم ثلث النصف، وللأب ثلثا النصف..
وقيل في الاحتجاج في هذا قول آخر:
قال بعضهم: إنما قيل {فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمّه الثّلث}
ولم يرثه ههنا أبواه فقط، بل ورثه أبواه وورثه مع الأبوين غير الأبوين، فرجع ميراث الأم إلى ثلث ما بقي.
وقال أصحاب هذا الاحتجاج: كيف تفضل الأم على الأب والإخوة يمنعون الأم الثلث فيقتصر بها على السدس، ويوفر الباقي على الأب، فيأخذ الأب خمسة أسداس، وتأخذ الأم سدسا.
فإن توفي رجل أو امرأة، وخلّف إخوة ثلاثة فما فوق، وأمّا وأبا أخذت الأم السدس وأخذ الأب الباقي. هذا إجماع.
وقد روي عن ابن عباس في هذا شيء شاذ: رووا أنّه كان يعطي الإخوة هذا السدس الذي منع الإخوة الأم أن تأخذه، فكان يعطي الأمّ السّدس، والإخوة السّدس. ويعطي الأب الثلثين، وهذا لا يقوله أحد من الفقهاء.
وقد أجمعت فقهاء الأمصار: أن الإخوة لا يأخذون مع الأبوين.
فإن توفّي رجل وخلف أخوين وأبوين، فقد أجمع الفقهاء أن الأخوين يحجبان الأم عن الثلث، إلا ابن عباس فإنه كان لا يحجب بأخوين، وحجته أن اللّه - عزّ وجلّ - قال: {فإن كان له إخوة فلأمّه السّدس}
وقال جميع أهل اللغة: إن الأخوين جماعة، كما أن الإخوة جماعة، لأنك إذا جمعت واحدا إلى واحد فهما جماعة، ويقال لهما إخوة.
وحكى سيبويه أن العرب تقول: قد وضعا رحالهما، يريدون رحليهما.
وما كان الشيء منه واحدا فتثنيته جمع، لأنّ الأصل هو الجمع.
قال اللّه تعالى: {إن تتوبا إلى اللّه فقد صغت قلوبكما}.
وقال: {ولأبويه} لأن كل واحد منهما قد ولده.
والأصل في " أم " أن يقال " أبة "، ولكن استغني عنها بأم. وأبوان تثنية أب، وأبة، وكذلك لو ثنيت ابنا وابنة، - ولم تخف اللبس - قلت: ابنان.
{فلأمّه}
تقرأ بضم الهمزة وهي أكثر القراءات.
وتقرأ بالكسر " فلإمّه "، فأما إذا كان قبل الهمزة غير كسر، فالضم لا غير، مثل قوله:
{وجعلنا ابن مريم وأمّه آية} لا يجوز وإمّه، وكذلك قوله: {ما هنّ أمّهاتهم}، وإنما جاز " لإمّه " و {في أمّها رسولا} بالكسر، لأن قبل الهمزة كسرة.
فاستثقلوا الضمة بعد الكسرة، وليس في كلام العرب مثل: " فعل " بكسر الفاء وضم العين، فلما اختلطت اللام بالاسم شبه بالكلمة الواحدة، فأبدل من الصفة كسرة،.
ومن قال: فلامه كح - بضم الهمزة. أتى بها على أصلها، على أن اللام تقديرها تقدير الانفصال.
وقوله عزّ وجل: {من بعد وصيّة يوصي بها أو دين} أي: إن هذه الأنصبة إنما تجب بعد قضاء الدين، وإنفاذ وصية الميت في فإن قال قائل: فلم قال أو دين، وهلا كان " من بعد وصية يوصي بها ودين؟
فالجواب في هذا: أن " أو " تأتي للإباحة، فتأتي لواحد واحد على انفراد، وتضم الجماعة فيقال جالس الحسن أو الشعبي، والمعنى كل واحد من هؤلاء أهل أن يجالس، فإن جالست الحسن فأنت مصيب، ولو قلت جالس الرجلين فجالست واحدا منهما وتركت الآخر كنت غير متبع ما أمرت.
فلو كان " من بعد وصية يوصي بها ودين " احتمل اللفظ أن يكون هذا إذا اجتمعت الوصية والدين، فإذا انفردا كان حكم آخر، فإذا كانت " أو " دلّت على أن أحدهما إن كان فالميراث بعده، وكذلك إن كانا كلاهما وقوله - عزّ وجلّ -: {آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيّهم أقرب لكم نفعا} في هذا غير قول: أمّا التفسير فإنه يروى أن الابن إن كان أرفع درجة من أبيه في الجنة أن يرفع إليه أبوه فيرفع، وكذلك الأب إن كان أرفع درجة من ابنه سأل يرفع ابنه إليه فأنتم لا تدرون في الدنيا أيهم أقرب لكم نفعا، أي: إن اللّه - عزّ وجلّ - قد فرض الفرائض على ما هي عنده حكمة، ولو ذلك إليكم لم تعلموا أيهم لكم أنفع في الدنيا، فوضعتم أنتم الأموال على غير حكمة.
{إنّ اللّه كان عليما حكيما} أي: عليم بما يصلح خلقه - حكيم فيما فرض من هذه الأموال وغيرها.
وقوله: {فريضة من اللّه} منصوب على التوكيد والحال من.. ولأبويه... أي: ولهؤلاء الورثة ما
ذكرنا مفروضا، ففريضة مؤكدة لقوله {يوصيكم الله}
ومعنى {إن اللّه كان عليما حكيما}فيه ثلاثة أقوال:
1- قال سيبويه: كان القوم شاهدوا علما وحكمة ومغفرة وتفضلا، فقيل لهم إن الله كان كذلك ولم يزل، أي لم يزل على ما شاهدتم.
2- وقال الحسن: كان عليما بالأشياء قبل خلقها، حكيما فيما يقدر تدبيره منها.
3- وقال بعضهم: الخبر عن الله في هذه الأشياء بالمضي، كالخبر بالاستقبال والحال، لأن الأشياء عند الله في حال واحدة، ما مضى وما يكون وما هو كائن.
والقولان الأولان هما الصحيحان: لأن العرب خوطبت بما تعقل، ونزل القرآن بلغتها فما أشبه من التفسير كلامها فهو أصح، إذ كان القرآن بلغتها نزل.
وقال بعضهم: الأب تجب عليه النفقة للابن إذا كان محتاجا إلى ذلك، وكذلك الأب تجب نفقته على الابن إذا كان محتاجا إلى ذلك، فهما في النفع في هذا الباب لا يدرى أيهما أقرب نفعا.
والقول الأول هو الذي عليه أهل التفسير). [معاني القرآن: 2/18-25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {يوصيكم الله في أولادكم} أي: يفرض عليكم كما قال {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به}).[معاني القرآن: 2/27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {للذكر مثل حظ الأنثيين} خلافا على أهل الجاهلية لأنهم كانوا لا يورثون الإناث). [معاني القرآن: 2/27-28]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك} ولم يسم للاثنتين شيئا ففي هذا أقوال:
أ- منها أنه قيل إن فوقا ههنا زائدة وأن المعنى فإن كن نساء اثنتين كما قال فاضربوا فوق الأعناق.
ب- وقيل أعطي الاثنتان الثلثين بدليل لا بنص لأن الله عز وجل جعل هذه الأشياء يدل بعضها على بعض ليتفقه لها المسلمون والدليل أنه جعل فرض الأخوات والإخوة للأم إذا كن اثنتين أو أكثر واحدا فقال عز وجل: {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث}.
ج- ودليل آخر أنه جعل فرض الأخت كفرض البنت فلذلك يجب أن يكون فرض البنتين كفرض الأختين
قال الله عز وجل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك}
وقال أبو العباس محمد بن يزيد: في الآية نفسها دليل على أن للبنتين الثلثين لأنه قال {للذكر مثل حظ الأنثيين} وأقل العدد ذكر وأنثى فإذا كان للواحدة الثلث دل ذلك على أن للأنثيين الثلثين فهذه أقاويل أهل اللغة.
وقد قيل: ليس للبنات إلا النصف والثلثان فلما وجب أن لا يكون للابنتين وجب أن يكون لهما الثلثان، على أن ابن عباس قال: لهما النصف.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعطى البنتين الثلثين .
وروى جابر بن عبد الله أن امرأة سعد بن الربيع أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن زوجي قتل معك وإنما يتزوج النساء للمال وقد خلفني وخلف ابنتين وأخا وأخذ الأخ المال فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ادفع إليها الثمن وإلى البنتين الثلثين ولك ما بقي)).). [معاني القرآن: 2/28-31]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {فإن كان له إخوة فلامه السدس} أجمعت الفقهاء أن: الإخوة اثنان فصاعدا، إلا ابن عباس فإنه قال: لا يكون الإخوة أقل من ثلاثة والدليل على أن الاثنين يقال لهما إخوة قوله: {وإن كانوا إخوة رجالا ونساء}، فلا اختلاف بين أهل العلم أن هذا يكون للاثنين فصاعدا والاثنان جماعة لأنه واحد جمعته إلى آخر.
وقال {وأطراف النهار} يعني: طرفيه والله أعلم وصلاة الاثنين جماعة). [معاني القرآن: 2/31-32]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {من بعد وصية يوصي بها أو دين} روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إنكم تقرؤون {من بعد وصية يوصي بها أو دين} وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية.
قال أبو جعفر: كأن هذا على التقديم والتأخير وليست أو ههنا بمعنى الواو وإنما هي للإباحة.
والفرق بينها وبين الواو: أنه لو قال من بعد وصية يوصي بها ودين جاز أن يتوهم السامع بأن هذا إذا اجتمعا فلما جاء بأو جاز أن يجتمعا وأن يكون واحد منهما). [معاني القرآن: 2/32-33]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا} قال ابن عباس: في الدنيا.
وقال غيره: إذا كان الابن أرفع درجة من الأب سأل الله أن يلحقه به وكذلك الأب إذا كان أرفع درجة منه). [معاني القرآن: 2/33]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما} أي: عليم بما فرض حكيم به .
ومعنى كان ههنا فيه أقوال :
أحدهما: أن معناه لم يزل كأن القوم عاينوا حكمة وعلما فأعلمهم الله عز وجل أنه لم يزل كذلك وقيل الإخبار من الله في الماضي والمستقبل واحد لأنه عنده معلوم). [معاني القرآن: 2/33-34]

تفسير قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {يورث كلالةً...}
الكلالة: ما خلا الولد والوالد.
وقوله: {وله أخٌ أو أختٌ} ولم يقل: ولهما؛ وهذا جائز؛ إذا جاء حرفان في معنى واحد بأو أسندت التفسير إلى أيّهما شئت.
وإن شئت: ذكرتهما فيه جميعا؛ تقول في الكلام: من كان له أخ أو أخت فليصله، تذهب إلى الأخ (و) فليصلها، تذهب إلى الأخت.
وإن قلت (فليصلهما) فذلك جائز.
وفي قراءتنا: {إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما}.
وفي إحدى القراءتين: (فالله أولى بهم) ذهب إلى الجماع لأنهما اثنان غير موقّتين.
وفي قراءة عبد الله: (والذين يفعلون منكم فآذوهما) فذهب إلى الجمع لأنهما اثنان غير موقتين، وكذلك في قراءته: (والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما).
وقوله: {غير مضارٍّ} يقول: يوصى بذلك غير مضارّ.
ونصب قوله وصية من قوله: {لكلّ واحدٍ منهما السّدس - وصيةً من الله} مثل قولك: لك درهمان نفقةً إلى أهلك، وهو مثل قوله: {نصيبا مفروضا}). [معاني القرآن: 1/257-258]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فلهنّ الثّمن}، (والرّبع) والمعنى واحد (؟).
{كلالةً}: كل من لم يرثه أب أو ابن أو أخ فهو عند العرب كلالة.
{يورث كلالةً}: مصدرٌ من تكلّله النسب، أي: تعطّف النسب عليه، ومن قال: {يورث كلالة} فهم الرجال الورثة، أي: يعطف النسب عليه). [مجاز القرآن: 1/118-119]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (وقوله: {يورث كلالةً} هو الرجل يموت ولا ولد له ولا والد.
قال أبو عبيدة: هو مصدر من تكلّله النّسب. وتكلله النسب: أحاط به.
والأب والابن طرفان للرجل. فإذا مات ولم يخلفهما، فقد مات عن ذهاب طرفيه. فمسي ذهاب الطرفين: كلالة، وكأنها اسم للمصيبة في تكلل النسب مأخوذ منه، نحو هذا قولهم: وجهت الشيء: أخذت وجهه، وثغّرت الرجل: كسرت ثغره.
وأطراف الرجل: نسبه من أبيه وأمه. وأنشد أبو زيد:
فكيف بأطرافي إذا ما شتمتني وما بعد شتم الوالدين صلوح
أي: صلاح). [تفسير غريب القرآن:121-122]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجل: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهنّ ولد فإن كان لهنّ ولد فلكم الرّبع ممّا تركن من بعد وصيّة يوصين بها أو دين ولهنّ الرّبع ممّا تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهنّ الثّمن ممّا تركتم من بعد وصيّة توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكلّ واحد منهما السّدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثّلث من بعد وصيّة يوصى بها أو دين غير مضارّ وصيّة من اللّه واللّه عليم حليم}
{وإن كان رجل يورث كلالة}

يقرأ يورث ويورث.. بفتح الراء وكسرها -. فمن قرأ يورث - بالكسر - فكلالة.. مفعول، ومن قرأ " يورث " فكلالة منصوب على الحال.
زعم أهل اللغة أن: الكلالة من قولك " تكلله النسب، أي: لم يكن الذي يرثه ابنه ولا أباه.
والكلالة: سوى الولد والوالد، والدليل على أن الأب ليس بكلالة قول الشاعر:
فإن أبا المرء أحمى له... ومولى الكلالة لا يغضب
وإنما هو كالإكليل الذي على الرأس. وإنما استدل على أن الكلالة ههنا الإخوة لأمّ دون الأب بما ذكر في آخر السورة أن للأختين الثلثين وأن للإخوة كل المال، فعلم ههنا لما جعل للواحد السدس، وللاثنين الثلث، ولم يزادوا على الثلث شيئا ما كانوا، علم أنه يعني بهم الإخوة لأمّ.
فإن ماتت امرأة وخلّفت زوجا وأمّا وإخوة لأمّ فللزوج النصف وللام السدس، وللإخوة من الأم الثلث.
فإن خلّفت زوجا وأمّا وإخوة لأب وأمّ وإخوة لأمّ فإن هذه المسألة يسميها بعضهم المسألة المشتركة، وبعضهم يسميها الحمارية.
قال بعضهم: إن الثلث الذي بقي للإخوة للأمّ دون الإخوة للأب والأم، لأن لهؤلاء الذين للأمّ تسمية وهي الثلث وليس للإخوة للأب والأم تسمية، فأعطيناهم الثلث.
كما أنّه لو مات رجل وخلّف أخوين لأمّ، وخلّف مائة أخ لأب وأمّ لأعطي الأخوان للأمّ الثلث وأعطي المائة الثلثين، فقد صار الإخوة للأمّ يفضلون في الأنصباء الإخوة للأب والأمّ الأشقاء.
وقال بعضهم: الأمّ واحدة.
وسموها الحمارية بأن قالوا: هب أباهم كان حمارا واشتركوا بينه.
فسمّيت المشتركة.
وقوله عزّ وجلّ: {غير مضارّ وصيّة من اللّه} "غير" منصوب على الحال، المعنى: يوصي بها غير مضار، فمنع اللّه عزّ وجلّ من الضّرار في الوصية.
وروي عن أبي هريرة: من ضارّ في وصية ألقاه الله في واد من جهنّم أو من نار ".
فالضرار: راجع في الوصية إلى الميراث.
{واللّه عليم حليم}أي: عليم ما دبر من هذه الفرائض، حليم عمّن عصاه بأن أخرّه وقبل توبته). [معاني القرآن: 2/25-27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة} في الكلالة أقوال:
1- قال البصريون الكلالة: الميت الذي لا ولد له ولا والد، واحتجوا بأنه روي عن أبي بكر باختلاف وعن علي وزيد بن ثابت وابن مسعود وابن عباس وجابر بن زيد أنهم قالوا: الكلالة من لا ولد له ولا والد.
وقال البصريون هذا مثل قولك رجل عقيم إذا لم يولد له، وهو مشتق من الإكليل: فكأن الورثة قد أحاطوا به وليس له ولد ولا والد فيحوز المال.
2- وقال أهل المدينة وأهل الكوفة: الكلالة الورثة الذين لا والد فيهم ولا ولد.
وروي عن عمر قولان:
أحدهما: أن الكلالة من لا ولد له ولا والد.
والآخر: أنها من لا ولد له .
قال أبو جعفر روي عن عطاء قول شاذ قال: الكلالة المال.
وقال ابن زيد: الكلالة الميت الذي لا والد له ولا ولد والحي كلهم كلالة هذا يرث بالكلالة وهذا يورث بالكلالة.
وقال محمد بن جرير: الصواب أن الكلالة الذي يرثون الميت من عدا ولده ووالده لصحة خبر جابر يعني ابن عبد الله أنه قال: قلت يا رسول الله إنما يرثني كلالة فكيف بالميراث فنزلت). [معاني القرآن: 2/34-36]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس}
وإنما يعني ههنا: الإخوة والأخوات للأم.
وكذلك روي عن سعد بن أبي وقاص أنه قرأ {وله أخ أو أخت من أمه فلكل واحد منهما السدس} وقرأ الحسن وأبو رجاء {يورث كلالة}.
وقال هارون القارئ قرأ بعض أهل الكوفة {يورث كلالة} فعلى هاتين القراءتين لا تكون الكلالة إلا الورثة أو المال). [معاني القرآن: 2/36-37]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار} وروي عن الحسن أنه قرأ (غير مضار وصية من الله) مضاف.
وقد زعم بعض أهل اللغة أن: هذا لحن لأن اسم الفاعل لا يضاف إلى المصدر.
والقراءة حسنة على حذف والمعنى غير مضار ذي وصية، أي: غير مضار بها ورثته في ميراثهم). [معاني القرآن: 2/37-38]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( {يورث كلالة} الكلالة: النسب كله، ما خلا الولد والوالدين). [ياقوتة الصراط: 196]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( (الكلالة) وهو الرجل يموت ولا ولد له ولا والد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 58]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {تلك حدود اللّه...} معناه: هذه حدود الله). [معاني القرآن: 1/258]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تلك حدود الله}: فرائض الله). [مجاز القرآن: 1/119]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ( {تلك حدود اللّه ومن يطع اللّه ورسوله يدخله جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم} أي: الأمكنة التي لا ينبغي أن تتجاوز.
{ومن يطع اللّه ورسوله}أي: يقيم حدوده على ما حدّ.
{يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها}أي: يدخلهم مقدّرين الخلود فيها، والحال يستقبل بها، تقول: مررت به معه باز صائدا به غدا، أي: مقدرا الصيد به غدا). [معاني القرآن: 2/27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {تلك حدود الله} أي: ما منع أن يجاوز وحددت منعت). [معاني القرآن: 2/38]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار} أي: من يطعه فيما فرض وحد). [معاني القرآن: 2/38]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ( {ومن يعص اللّه ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين}أي: يجاوز ما حدّه الله وأمر به.
{يدخله نارا خالدا فيها}خالدا من نعت النار.
ويجوز أن يكون: منصوبا على الحال، أي: يدخله مقدّرا له الخلود فيها). [معاني القرآن: 2/27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا} معنى يتعدى: يتجاوز، أي: يتجاوز ما حد له). [معاني القرآن: 2/38]


رد مع اقتباس