عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:23 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر إنّهم لن يضرّوا اللّه شيئًا يريد اللّه ألاّ يجعل لهم حظًّا في الآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ}.
يقول جلّ ثناؤه: ولا يحزنك يا محمّد كفر الّذين يسارعون في الكفر مرتدّين على أعقابهم من أهل النّفاق، فإنّهم لن يضرّوا اللّه بمسارعتهم في الكفر شيئًا، كما أنّ مسارعتهم لو سارعوا إلى الإيمان لم تكن بنافعته، كذلك مسارعتهم إلى الكفر غير ضارّته.
- كما: حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ولا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر} يعني: انهم المنافقون.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ولا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر} أي المنافقون.
القول فيى تأويل قوله تعالى: {يريد اللّه ألاّ يجعل لهم حظًّا في الآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: يريد اللّه أن لا يجعل لهؤلاء الّذين يسارعون في الكفر نصيبًا في ثواب الآخرة، فلذلك خذلهم، فسارعوا فيه، ثمّ أخبر أنّهم مع حرمانهم ما حرموا من ثواب الآخرة، لهم عذابٌ عظيمٌ في الآخرة، وذلك عذاب النّار.
وقال ابن إسحاق في ذلك بما:
- حدّثني ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {يريد اللّه ألاّ يجعل لهم حظًّا في الآخرة} أن يحبط أعمالهم). [جامع البيان: 6/257-258]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر إنّهم لن يضرّوا اللّه شيئًا يريد اللّه ألّا يجعل لهم حظًّا في الآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ (176)
قوله تعالى: ولا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
قوله: ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر قال: هم الكافرون
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: ولا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر قال: هم الكفّار.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا زكريّا يعني: ابن أبي زائدة، عن عامرٍ ولا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر قال: كان رجلٌ من اليهود قتل رجلا من أهل بيته، فقالوا لحلفائه من المسلمين: سلوا محمّداً، فإن كان يقضي بالدّية اختصمنا إليه، وإن كان يأمر بالقتل لم نأته.
قوله تعالى: إنّهم لن يضرّوا اللّه شيئاً
- حدّثنا حجّاجٌ، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: إنّهم لن يضرّوا اللّه شيئاً قال: هم: المنافقون.
قوله تعالى: يريد اللّه ألا يجعل لهم حظّاً في الآخرة ولهم عذاب عظيم
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: يريد اللّه ألّا يجعل لهم حظًّا في الآخرة أي: تحبط أعمالهم ولهم عذابٌ عظيمٌ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ عذابٌ يقول: نكالٌ.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ ثنا بكيرٌ، عن مقاتل بن حيّان عظيمٌ يعني عذاباً وافراً). [تفسير القرآن العظيم: 2/821-822]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر قال هم المنافقون). [تفسير مجاهد: 139]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيتان 176 – 177
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} قال: هم المنافقون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} قال: هم الكفار). [الدر المنثور: 4/151-152]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضرّوا اللّه شيئًا ولهم عذابٌ أليمٌ}
يعني بذلك جلّ ثناؤه المنافقين الّذين تقدّم إلى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيهم أن لا يحزنه مسارعتهم إلى الكفر، فقال لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ هؤلاء الّذين ابتاعوا الكفر بإيمانهم، فارتدّوا عن إيمانهم بعد دخولهم فيه، ورضوا بالكفر باللّه وبرسوله، عوضًا من الإيمان، لن يضرّوا اللّه بكفرهم وارتدادهم، عن إيمانهم شيئًا، بل إنّما يضرّون بذلك أنفسهم بإيجابهم بذلك لها من عقاب اللّه ما لا قبل لها به.
وإنّما حثّ اللّه جلّ ثناؤه بهذه الآيات من قوله: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه} إلى هذه الآية عباده المؤمنين على إخلاص اليقين، والانقطاع إليه في أمورهم، والرّضا به ناصرًا وحده دون غيره من سائر خلقه، ورغّب بها في جهاد أعدائه وأعداء دينه، وشجّع بها قلوبهم، وأعلمهم أنّ من وليه بنصره فلن يخذل ولو اجتمع عليه جميع من خالفه وحادّه، وأنّ من خذله فلن ينصره ناصرٌ ينفعه نصره ولو كثرت أعوانه أو نصراؤه.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {إنّ الّذين اشتروا الكفر بالإيمان} أي المنافقين {لن يضرّوا اللّه شيئًا ولهم عذابٌ أليمٌ} أي موجعٌ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: هم المنافقون). [جامع البيان: 6/258-259]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ الّذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضرّوا اللّه شيئًا ولهم عذابٌ أليمٌ (177)
قوله تعالى: إنّ الّذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضرّوا اللّه شيئًا
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة قوله: اشتروا أي: استحبوا الضلالة على الهدى.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: إنّ الّذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضرّوا اللّه شيئاً قال: هم المنافقون.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية قوله: ولهم عذابٌ أليمٌ قال: الأليم: الموجع في القرآن كلّه- وروي عن سعيد بن جبيرٍ، وأبي مالكٍ، والضّحّاك، وقتادة، وأبي عمران الجونيّ، ومقاتل بن حيّان نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/822-823]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان} قال: هم المنافقون، والله أعلم). [الدر المنثور: 4/151-152]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): ([ .... ] والموت {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}، ثم تلا حتى بلغ: {نزلا من عند الله وما عند الله خيرٌ للأبرار}). [الجامع في علوم القرآن: 2/55]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن الأعمش عن خيثمة عن الأسود عن عبد الله قال ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها ثم قرأ عبد الله وما عند الله خير للأبرار وقرأ هذه الآية ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم الآية). [تفسير عبد الرزاق: 1/142]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معشر، عن محمّد بن كعبٍ قال: الموت خيرٌ للمؤمن والكافر، ثمّ تلا: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا}، {وما عند الله خيرٌ للأبرار}، ثمّ (قال) : إنّ الكافر ما عاش كان أشدّ لعذابه يوم القيامة.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا فرج بن فضالة، عن لقمان بن عامرٍ، عن أبي الدّرداء قال: ما من مؤمنٍ إلّا الموت خيرٌ له، وما من كافرٍ إلّا الموت خيرٌ له، فمن لم يصدّقني، فإنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: {وما عند الله خيرٌ للأبرار}، {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ} ). [سنن سعيد بن منصور: 3/1127-1128]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود، قال: قال عبد الله: ما من نفسٍ برّةٍ، ولا فاجرةٍ إلاّ وإنّ الموت خيرٌ لها من الحياة، لئن كان برًّا لقد قال اللّه: {وما عند الله خيرٌ للأبرار} ولئن كان فاجرًا لقد قال اللّه: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنمّا نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 175]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ}

يعني بذلك تعالى ذكره: ولا يظنّنّ الّذين كفروا باللّه ورسوله، وما جاء به من عند اللّه أنّ إملاءنا لهم خيرٌ لأنفسهم.
ويعني بالإملاء: الإطالة في العمر والإنساء في الأجل؛ ومنه قوله جلّ ثناؤه: {واهجرني مليًّا} أي حينًا طويلاً؛ ومنه قيل: عشت طويلاً وتملّيت حينًا والملا نفسه الدّهر، والملوان: اللّيل والنّهار، ومنه قول تميم بن مقبلٍ:.
ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان = أملّ عليها بالبلى الملوان
يعني بالملوان اللّيل والنّهار.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم} فقرأ ذلك جماعةٌ منهم: (ولا يحسبنّ) بالياء وفتح الألف من قوله {أنّما} على المعنى الّذي وصفت من تأويله، وقرأه آخرون: ولا تحسبنّ بالتّاء و{أنّما} أيضًا بفتح الألف من أنّما بمعنى: ولا تحسبنّ يا محمّد انت الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم.
فإن قال قائلٌ: فما الّذي من أجله فتحت الألف من قوله: {أنّما} في قراءة من قرأ بالتّاء، وقد علمت أنّ ذلك إذا قرئ بالتّاء فقد أعملت تحسبنّ في الّذين كفروا، وإذا أعملتها في ذلك لم يجز لها أن تقع على أنّما لأنّ أنّما إنّما يعمل فيها عاملٌ يعمل في شيئين نصبًا.
قيل: أمّا الصّواب في العربيّة ووجه الكلام المعروف من كلام العرب كسر إنّ إذا قرئت تحسبنّ بالتّاء، لأنّ تحسبنّ إذا قرئت بالتّاء، فإنّها قد نصبت الّذين كفروا، فلا يجوز أن تعمل وقد نصبت اسمًا في أنّ، ولكنّي أظنّ أنّ من قرأ ذلك بالتّاء في تحسبنّ وفتح الألف من أنّما، إنّما أراد تكرير تحسبنّ على أنّما، كأنّه قصد إلى أنّ معنى الكلام: ولا تحسبنّ يا محمّد أنت الّذين كفروا، لا تحسبنّ أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم، كما قال جلّ ثناؤه: {فهل ينظرون إلاّ السّاعة أن تأتيهم بغتةً}، بتأويل: هل ينظرون إلاّ السّاعة، هل ينظرون إلاّ أن تأتيهم بغتةً؟ وذلك وإن كان وجهًا جائزًا في العربيّة، فوجه كلام العرب ما وصفنا قبل.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأ: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا} بالياء من (يحسبنّ)، وبفتح الألف من أنّما، على معنى ان الحسبان للّذين كفروا دون غيرهم، ثمّ يعمل في أنّما نصبًا؛ لأنّ (يحسبنّ) حينئذٍ لم يشغل بشيءٍ عمل فيه، وهي تطلب منصوبين، وإنّما اخترنا ذلك لإجماع القرّاء على فتح الألف من أنّما الأولى، فدلّ ذلك على أنّ القراءة الصّحيحة في {يحسبنّ} بالياء لما وصفنا؛ وأمّا ألف إنّما الثّانية فالكسر على الابتداء بالإجماع من القرّاء عليه.
وتأويل قوله: {إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا} إنّما نؤخّر آجالهم فنطيلها
ليزدادوا إثمًا، يقول: يكتسبوا المعاصي فتزداد آثامهم وتكثر {ولهم عذابٌ مهينٌ} يقول: ولهؤلاء الّذين كفروا باللّه ورسوله في الآخرة عقوبةٌ لهم مهينةٌ مذلّةٌ.
وبنحو ما قلنا في ذلك جاء الأثر.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود، قال: قال عبد اللّه: ما من نفسٍ برّةٍ ولا فاجرةٍ إلاّ والموت خيرٌ لها وقرأ: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا} وقرأ: {نزلاً من عند اللّه وما عند اللّه خيرٌ للأبرار}). [جامع البيان: 6/259-262]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ (178)
قوله تعالى: ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيلٍ قال:
سمعت أبا الأحوص قال: قال عبد اللّه: مستريحٌ ومستراحٌ منه. قال أبو الأحوص:
إنّي لأحسبنّ، كما قال: ألم تسمع إلى قول اللّه تعالى: ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم.
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خير لأنفسهم قال: ربّ مغترٍ من الكفّار.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: ثمّ ذكر إظهار المشركين فقال: لا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم.
قوله تعالى: إنّما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذابٌ مهينٌ
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن خيثمة قال الأسود قال: قال عبد اللّه: ما من نفسٍ برّةٍ ولا فاجرةٍ إلا الموت خيرٌ لها، لئن كان فاجراً لقد قال اللّه تعالى: ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم، إنّما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذابٌ مهينٌ.
قوله تعالى: عذابٌ مهينٌ
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: عذابٌ مهينٌ يعني بالمهين:
الهوان). [تفسير القرآن العظيم: 2/823-824]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، ثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن خيثمة، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: " والّذي لا إله غيره ما على الأرض نفسٌ إلّا الموت خيرٌ لها إن كان مؤمنًا، فإنّ اللّه يقول: {لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار} [آل عمران: 198] ، وإن كان فاجرًا فإنّ اللّه يقول: {إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا} [آل عمران: 178] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه» ). [المستدرك: 2/326]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ابن عباس - رضي الله عنهما -) قال: ما من برٍّ ولا فاجرٍ، إلا والموت خيرٌ له، ثم تلا {إنّما نملي لهم ليزدادوا إثماً} [آل عمران: 178] وتلا {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار} [آل عمران: 198]. أخرجه.
[شرح الغريب]
(نملي) الإملاء: الإمهال وإطالة العمر). [جامع الأصول: 2/75-76] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 178.
أخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وأبو بكر المروزي في الجنائز، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها من الحياة إن كان برا فقد قال الله {وما عند الله خير للأبرار} وإن كان فاجرا فقد قال الله {ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}، واخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي الدرداء قال: ما من مؤمن إلا الموت خير له وما من كافر إلا الموت خير له، فمن لم يصدقني فإن الله يقول (و ما عند الله خير للأبرار) (آل عمران الآية 198) {ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين}.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن محمد بن كعب قال: الموت خير للكافر والمؤمن ثم تلا هذه الآية ثم قال: إن الكافر ما عاش كان أشد لعذابه يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي برزة قال: ما أحد إلا والموت خير له من الحياة فالمؤمن يموت فيستريح وأما الكافر فقد قال الله {ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير} الآية). [الدر المنثور: 4/152-153]


رد مع اقتباس