عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 07:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض اللّه واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيرًا (97) إلا المستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلا (98) فأولئك عسى اللّه أن يعفو عنهم وكان اللّه عفوًّا غفورًا (99) ومن يهاجر في سبيل اللّه يجد في الأرض مراغمًا كثيرًا وسعةً ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى اللّه ورسوله ثمّ يدركه الموت فقد وقع أجره على اللّه وكان اللّه غفورًا رحيمًا (100)}
قال البخاريّ: حدّثنا عبد اللّه بن يزيد المقرئ، حدّثنا حيوة وغيره قالا حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن أبو الأسود قال: قطع على أهل المدينة بعثٌ، فاكتتبت فيه، فلقيت عكرمة مولى ابن عبّاسٍ فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشدّ النّهي، ثمّ قال: أخبرني ابن عبّاسٍ أنّ ناسًا من المسلمين كانوا مع المشركين، يكّثرون سواد المشركين على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يأتي السّهم فيرمى به، فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب عنقه فيقتل، فأنزل اللّه [عزّ وجلّ] {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} رواه اللّيث عن أبي الأسود.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن منصورٍ الرّمادي، حدّثنا أبو أحمد -يعني الزبيري-حدثنا محمّد بن شريك المكّيّ، حدّثنا عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: كان قومٌ من أهل مكّة أسلموا، وكانوا يستخفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون يوم بدرٍ معهم، فأصيب بعضهم بفعل بعضٍ قال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا، فاستغفروا لهم، فنزلت: {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم [قالوا فيم كنتم} إلى آخر] الآية، قال: فكتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الآية: لا عذر لهم. قال: فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة، فنزلت هذه الآية: {ومن النّاس من يقول آمنّا باللّه} الآية [البقرة: 8].
وقال عكرمة: نزلت هذه الآية في شبابٍ من قريشٍ، كانوا تكلّموا بالإسلام بمكّة، منهم: عليّ بن أميّة بن خلف، وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو العاص بن منبّه بن الحجّاج، والحارث بن زمعة.
وقال الضّحّاك: نزلت في ناسٍ من المنافقين، تخلّفوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمكة، وخرجوا مع المشركين يوم بدرٍ، فأصيبوا فيمن أصيب فنزلت هذه الآية الكريمة عامّةً في كلّ من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادرٌ على الهجرة، وليس متمكّنًا من إقامة الدّين، فهو ظالمٌ لنفسه مرتكبٌ حرامًا بالإجماع، وبنصّ هذه الآية حيث يقول تعالى: {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} أي: بترك الهجرة {قالوا فيم كنتم} أي: لم مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة؟ {قالوا كنّا مستضعفين في الأرض} أي: لا نقدر على الخروج من البلد، ولا الذّهاب في الأرض {قالوا ألم تكن أرض اللّه واسعةً [فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيرًا]}.
وقال أبو داود: حدّثنا محمّد بن داود بن سفيان، حدّثني يحيى بن حسّان، أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود، حدّثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، حدثني خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن سمرة بن جندب: أما بعد، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " من جامع المشرك وسكن معه فإنّه مثله ".
وقال السّدّيّ: لمّا أسر العبّاس وعقيل ونوفل، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم للعبّاس: " افد نفسك وابن أخيك " قال: يا رسول اللّه، ألم نصلّ قبلتك، ونشهد شهادتك؟ قال: " يا عبّاس، إنّكم خاصمتم فخصمتم". ثمّ تلا عليه هذه الآية: {ألم تكن أرض اللّه واسعةً [فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيرًا]} رواه ابن أبي حاتمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/388-389]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إلا المستضعفين [من الرّجال والنّساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلا]} هذا عذرٌ من اللّه تعالى لهؤلاء في ترك الهجرة، وذلك أنّهم لا يقدرون على التّخلّص من أيدي المشركين، ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطّريق، ولهذا قال: {لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلا} قال مجاهدٌ وعكرمة، والسّدّيّ: يعني طريقًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/389-390]

تفسير قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {فأولئك عسى اللّه أن يعفو عنهم} أي: يتجاوز عنهم بترك الهجرة، وعسى من اللّه موجبةٌ {وكان اللّه عفوًّا غفورًا}.
قال البخاريّ: حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: بينا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي العشاء إذ قال: " سمع اللّه لمن حمده " ثمّ قال قبل أن يسجد " اللّهمّ نج عيّاش بن أبي ربيعة، اللّهمّ نجّ سلمة بن هشامٍ، اللّهمّ نجّ الوليد بن الوليد، اللّهمّ نج المستضعفين من المؤمنين، اللّهمّ اشدد وطأتك على مضر، اللّهمّ اجعلها سنين كسنيّ يوسف".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو معمرٍ المقريّ حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا عليّ بن زيدٍ، عن سعيد بن المسّيب، عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رفع يده بعدما سلّم، وهو مستقبلٌ القبلة فقال: " اللّهمّ خلّص الوليد بن الوليد، وعيّاش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشامٍ، وضعفة المسلمين الّذين لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلًا من أيدي الكفّار".
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا المثنّى، حدّثنا حجّاجٌ، حدّثنا حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ عن عبد اللّه -أو إبراهيم بن عبد اللّه القرشيّ-عن أبي هريرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يدعو في دبر صلاة الظّهر: " اللّهمّ خلّص الوليد، وسلمة بن هشامٍ، وعيّاش بن أبي ربيعة، وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الّذين لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلًا ".
ولهذا الحديث شاهدٌ في الصّحيح من غير هذا الوجه كما تقدّم.
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا ابن عيينة، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: كنت أنا وأمّي من المستضعفين من النّساء والولدان
وقال البخاريّ: أنبأنا أبو النّعمان، حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن أيّوب، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ: {إلا المستضعفين} قال: كانت أمّي ممّن عذر اللّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/390]

رد مع اقتباس