عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 06:26 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة عن عبد الرحمن الأعرج قال: سمعت مروان يقرأ: {قالوا سلاما}، قال: سلمٌ). [الجامع في علوم القرآن: 3/51]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى بعجل حنيذ قال نضيج). [تفسير عبد الرزاق: 1/305]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر وقال الكلبي الحنيذ الذي يحنذ في الأرض). [تفسير عبد الرزاق: 1/305]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت: 295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ أبو يعقوب أخو زكريّا بن عديٍّ بمصر قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عز وجل: {عجلٍ حنيذٍ} قال: النّضيج السّخن). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 87]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلامًا قال سلامٌ فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ}.
يقول تعالى ذكره: {ولقد جاءت رسلنا} من الملائكة وهم فيما ذكر كانوا جبرئيل وملكين آخرين. وقيل أنّ الملكين الآخرين كانا ميكائيل وإسرافيل معه. {إبراهيم} يعني إبراهيم خليل اللّه {بالبشرى} يعني: بالبشارة.
واختلفوا في تلك البشارة الّتي أتوه بها، فقال بعضهم: هي البشارة بإسحاق.
وقال آخرون: هي البشارة بهلاك قوم لوطٍ.
{قالوا سلامًا} يقول: فسلّموا عليه سلامًا، ونصب سلامًا بإعمال قالوا فيه، كأنّه قيل: قالوا قولاً وسلّموا تسليمًا.
{قال سلامٌ} يقول: قال إبراهيم لهم: سلامٌ. فرفع سلامٌ، بمعنى عليكم السّلام، أو بمعنى سلامٌ منكم.
وقد ذكر عن العرب أنّها تقول سلمٌ بمعنى السّلام؛ كما قالوا: حلٌّ وحلالٌ، وحرمٌ وحرامٌ. وذكر الفرّاء أنّ بعض العرب أنشده:
مررنا فقلنا إيه سلمٌ فسلّمت = كما اكتلّ بالبرق الغمام اللّوائح
بمعنى سلامٌ. وقد روي كما انكلّ.
وقد زعم بعضهم أنّ معناه إذا قرئ كذلك: نحن سلمٌ لكم، من المسالمة الّتي هي خلاف المحاربة، وهذه قراءة عامّة قرّاء الكوفيّين.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز والبصرة {قالوا سلامًا قال سلامٌ} على أنّ الجواب من إبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم لهم، بنحو تسليمهم، عليكم السّلام.
والصّواب من القول في ذلك عندي: أنّهما قراءتان متقاربتا المعنى، لأنّ السّلم قد يكون بمعنى السّلام على ما وصفت، والسّلام بمعنى السّلم، لأنّ التّسليم لا يكاد يكون إلاّ بين أهل السّلم دون الأعداء، فإذا ذكر تسليمٌ من قومٍ على قومٍ وردّ الآخرين عليهم، دلّ ذلك على مسالمة بعضهم بعضًا. وهما مع ذلك قراءتان قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما أهل قدوةٍ في القراءة، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب.
وقوله: {فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ}. يقول: فما بطّأ إبراهيم إذ تضيّفته رسل الله أن جاءهم بعجلٍ حينئذٍ، وأصله محنوذٍ، صرف من مفعولٍ إلى فعيلٍ.
وقد اختلف أهل العربيّة في معناه، فقال بعض أهل البصرة منهم: معنى المحنوذ: المشوي، قال: ويقال منه: حنذت فرسي، بمعنى سخّنته وعرّقته. واستشهد لقوله ذلك ببيت الرّاجز:
ورهبا من حنذه أن يهرجا
وقال آخر منهم: حنذ فرسه: أي أضمره، وقال: قالوا حنذه يحنذه حنذًا: أي عرّقه.
وقال بعض أهل الكوفة: كلّ ما انشوى في الأرض إذا خددت له فيه فدفنته، وغممته، فهو الحنيذ والمحنوذ. قال: والخيل تحنذ إذا ألقيت عليها الجلال بعضها على بعضٍ لتعرق. قال: ويقال: إذا سقيت فأحنذ، يعني أخفس، يريد: أقلّ الماء وأكثر النّبيذ.
قال: وأمّا أهل التّأويل، فإنّهم قالوا في معناه ما أنا ذاكره.
وذلك ما:
- حدّثني به المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {بعجلٍ حنيذٍ} يقول: نضيجٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {بعجلٍ حنيذٍ} قال: بعجلٍ حسيل البقر، والحنيذ: المشويّ النّضيج.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاج، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى} إلى {بعجلٍ حنيذٍ} قال: نضيجٍ سخنٍ أنضج بالحجارة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ} والحنيذ: النّضيج.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {بعجلٍ حنيذٍ} قال: نضيجٍ قال: وقال الكلبيّ: والحنيذ: الّذي يحنذ في الأرض.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن حفص بن حميدٍ، عن شمرٍ، في قوله: {جاء بعجلٍ حنيذٍ} قال: الحنيذ: الّذي يقطر ماءً وقد شوي. وقال حفصٌ: الحنيذ: مثل حناذ الخيل.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: ذبحه ثمّ شواه في الرّضف فهو الحنيذ حين شواه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو يزيد، عن يعقوب، عن حفص بن حميدٍ، عن شمر بن عطيّة، {جاء بعجلٍ حنيذٍ} قال: المشويّ الّذي يقطر.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا هشامٌ، قال: حدّثنا يعقوب، عن حفص بن حميدٍ، عن شمر بن عطيّة، قال: الحنيذ الّذي يقطر ماؤه وقد شوي.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {بعجلٍ حنيذٍ} قال: نضيجٍ.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {بعجلٍ حنيذٍ} الّذي أنضج بالحجارة.
- وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سفيان، {فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ} قال: مشويّ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: ثني عبد الصّمد، أنّه سمع وهب بن منبّهٍ يقول: حنيذٍ، يعني شوي.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: الحناذ: الإنضاج.
وهذه الأقوال الّتي ذكرناها عن أهل العربيّة وأهل التّفسير، متقاربات المعاني بعضها من بعضٍ، وموضع أن في قوله: {أن جاء بعجلٍ حنيذٍ} نصب بقوله: فما لبث أن جاء). [جامع البيان: 12/465-470]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلامًا قال سلامٌ فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ (69)
قوله تعالى: ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا نصر بن عليٍّ، ثنا عبد الوهّاب الثّقفيّ، عن داود، عن عكرمة يعني قوله: جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قال بشر بنبوته.
قوله تعالى: قالوا سلامًا قال سلامٌ
- ذكر أبي عن نصر بن عليٍّ، ثنا أبي عن حسامٍ، عن أبي بشيرٍ، عن سعيد، بن جبيرٍ ما كان من قوله الملائكة فردّ عليهم إبراهيم عليه السّلام فإنّه يقول قالوا سلامًا قال سلامٌ.
قوله تعالى: فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذٍ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، ثنا بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله بعجلٍ حنيذٍ قال: يعني: شواه نضجه.
قوله تعالى: فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذ
- ذكره عن أبي موسى محمّد بن المثنّى، ثنا أبو عامرٍ، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن مسلمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ بعجلٍ حنيذٍ قال: سميطٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن عبد الرحمن المقري وعيسى بن زياد قالا، ثنا يعقوب ابن عبد اللّه الأشعريّ، عن حفص بن حميدٍ، عن شمر بن عطيّة جاء بعجلٍ حنيذٍ قال الحنيذ: الذي يقط ماؤه وقد شوي قال حفصٌ: والحنيذ: مثل حناذ الخيل حين يقطر منه الماء.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك، قوله: بعجلٍ حنيذٍ والحنيذ: الّذي أنضج بالحجارة.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ قراءةً، أخبرني محمّد بن شعيبٍ، أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه وأمّا عجل حنيذ فيقال: النضيج السخن.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا نصر بن عليٍّ، ثنا نوح بن قيسٍ، عن عثمان بن محصنٍ في ضيف إبراهيم قال: كانوا أربعةً جبريل وميكائيل وإسرافيل ورفائيل قال نوحٌ فزعم عون بن أبي شدّادٍ أنّه لمّا دخل على إبراهيم فقرّب إليهم العجل مسحه جبريل بجناحيه فقام يدرج حتّى لحق بأمّه وأمّ العجل في الدّار). [تفسير القرآن العظيم: 6/2053-2054]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني أبو الحسن إسماعيل بن محمّد بن الفضل بن محمّدٍ الشّعرانيّ، ثنا جدّي، ثنا أبو ثابتٍ محمّد بن عبيد اللّه المدنيّ، حدّثني إبراهيم بن سعدٍ، عن سفيان الثّوريّ، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن جابرٍ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «ألهم إبراهيم الخليل عليه السّلام هذا اللّسان العربيّ إلهامًا» هذا حديثٌ غريبٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين " إن كان الفضل بن محمّدٍ حفظه متّصلًا عن أبي ثابتٍ فقد حدّثناه أبو عليٍّ الحافظ، أنبأ أبو عبد الرّحمن النّسائيّ، ثنا عبيد اللّه بن سعدٍ الزّهريّ، ثنا عمّي، عن أبيه، عن سفيان، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم مرسلًا نحوه). [المستدرك: 2/374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 69.
أخرج ابن أبي حاتم عن عثمان بن محسن رضي الله عنه في ضيف إبراهيم كانوا أربعة، جبريل عليه السلام وميكائيل وإسرافيل ورفائيل). [الدر المنثور: 8/89]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ قالوا سلاما قال سلام وكل شيء سلمت عليه الملائكة فقالوا سلاما قال سلام). [الدر المنثور: 8/89]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {بعجل حنيذ} قال: نضيج). [الدر المنثور: 8/89-90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حنيذ} قال: مشوي). [الدر المنثور: 8/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {بعجل حنيذ} قال: سميط). [الدر المنثور: 8/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {بعجل حنيذ} قال: الحنيذ النضيج ما يشوى بالحجارة، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
لهم راح وفار المسك فيهم * وشاوهم إذا شاوا حنيذ). [الدر المنثور: 8/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {بعجل حنيذ} قال: الحنيذ الذي أنضج بالحجارة). [الدر المنثور: 8/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن شمر بن عطية قال: الحنيذ الذي شوي وهو يسيل منه الماء). [الدر المنثور: 8/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 70 - 73
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال: بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول: ويلك يا سدوم يوم مالك ثم قال {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (سورة هود الآية 76) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (سورة هود الآية 77) قال: ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال: يوم سوء من قومي فذهب بهم إلى منزله فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال: يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (سورة هود الآية 78) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (سورة هود الآية 79) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (سورة هود الآية 80) قال: إلى عشيرة تمنع فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (سورة هود الآية 81)، فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: على أهل بواديهم وعلى رعاثهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد). [الدر المنثور: 8/90-92]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم قال كانوا إذا نزل لهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يأت بخير وأنه يحدث نفسه بشر قال ثم حدثوه عند ذلك لما جاؤوه فضحكت امرأته عند ذلك تعجبا من غفلة القوم وما أتاهم من العذاب فبشروها بإسحاق بعد الذي كان من أمره ومن وراء إسحاق يعقوب). [تفسير عبد الرزاق: 1/305-306]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({نكرهم} [هود: 70] : «وأنكرهم واستنكرهم واحدٌ»). [صحيح البخاري: 6/73]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله نكرهم وأنكرهم واستنكرهم واحدٌ هو قول أبي عبيدة وأنشد وأنكرتني وما كان الّذي نكرت). [فتح الباري: 8/351]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (نكرهم وأنكرهم واستنكرهم واحد) أشار به إلى قوله تعالى {فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة} الآية أي فلمّا رأى أيدي الملائكة لا تصل إلى عجل حنيذ الّذي قدمه إليهم حين جاء خاف فقالوا {لا تخف إنّا أرسلنا إلى قوم لوط} وأشار بأن معنى نكرهم الثلاثي المجرّد وأنكرهم الثلاثي المزيد فيه واستنكرهم من باب الاستفعال كلها بمعنى واحد من الإنكار وقال الجوهري نكرت الرجل بالكسر نكرا ونكورا وأنكرته كله بمعنى). [عمدة القاري: 18/292]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: ({فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم}) [هود: 70] قال أبو عبيدة {نكرهم} أي الثلاثي المجرد (وأنكرهم) الثلاثي المزيد فيه (واستنكرهم) الذي هو من باب الاستفعال كلها (واحد) في المعنى وهو الإنكار، وذلك أن الخليل عليه الصلاة والسلام لما جاءه الرسل كلها جبريل ومن معه من الملائكة وجاء بعجل مشوي ورأى أيديهم لا ئصل إليه أنكر ذلك، وخاف أن يريدوا به مكروهًا فقالوا له: لا تخف إنّا ملائكة مرسلة بالعذاب إلى قوم لوط عليه الصلاة والسلام وإنما لم نمد أيدينا إليه لأنا لا نأكل). [إرشاد الساري: 7/170]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخف إنّا أرسلنا إلى قوم لوطٍ}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا رأى إبراهيم أيديهم لا تصل إلى العجل الّذي أتاهم به والطّعام الّذي قدّم إليهم نكرهم، وذلك أنّه لمّا قدّم طعامه صلّى اللّه عليه وسلّم إليهم فيما ذكر كفّوا عن أكله، لأنّهم لم يكونوا ممّن يأكله، وكان إمساكهم عن أكله عند إبراهيم، وهم ضيفانه مستنكرًا، ولم تكن بينهم معرفةٌ، وراعه أمرهم، وأوجس في نفسه منهم خيفةً.
وكان قتادة يقول: كان إنكار إبراهيم ذلك من أمرهم. لما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفةً} وكانت العرب إذا نزل بهم ضيفٌ، فلم يطعم من طعامهم، ظنّوا أنّه لم يجيء بخيرٍ، وأنّه يحدّث نفسه بشرٍّ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم} قال: كانوا إذا نزل بهم ضيفٌ فلم يأكل من طعامهم، ظنّوا أنّه لم يأت بخيرٍ، وأنّه يحدّث نفسه بشرٍّ، ثمّ حدّثوه عند ذلك بما جاءوا.
وقال غيره في ذلك ما:
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا إسرائيل، عن الأسود بن قيسٍ، عن جندب بن سفيان، قال: لمّا دخل ضيف إبراهيم عليه السّلام قرّب إليهم العجل، فجعلوا ينكتون بقداحٍ في أيديهم من نبلٍ، ولا تصل أيديهم إليه، نكرهم عند ذلك.
يقال منه: نكرت الشّيء أنكره، وأنكرته أنكره بمعنًى واحدٍ، ومن نكرت وأنكرت قول الأعشى:
وأنكرتني وما كان الّذي نكرت = من الحوادث إلاّ الشّيب والصّلعا
فجمع اللّغتين جميعًا في البيت.
وقال أبو ذؤيبٍ:
فنكرنه فنفرن وامترست به = هوجاء هاديةٌ وهادٍ جرشع
وقوله: {وأوجس منهم خيفةً} يقول: أحسّ في نفسه منهم خيفةً وأضمرها، {قالوا لا تخف} يقول: قالت الملائكة لمّا رأت ما بإبراهيم من الخوف منهم: لا تخف منّا وكن آمنًا، فإنّا ملائكة ربّك أرسلنا إلى قوم لوطٍ). [جامع البيان: 12/470-472]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخف إنّا أرسلنا إلى قوم لوطٍ (70)
قوله تعالى: فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن رجاءٍ، ثنا شيبان أبو معاوية، ثنا الأسود بن قيسٍ، عن جندب بن سفيان قال: فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم قال: لمّا جاء إبراهيم الرّسل فأتاهم بالطّعام فجعل ينكت في جنب العجل بقداحٍ من نبلٍ لمّا رأى أيديهم لا تصل إليه فنكرهم عند ذلك إبراهيم.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن هاشمٍ الرّمليّ، ثنا ضمرة، عن يزيد بن أبي يزيد في قوله: فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم قال: لم نر لهم أيدي فنكرهم.
قوله تعالى: وأوجس منهم خيفةً
- حدّثنا أبي هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قال: فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفةً وكانت العرب إذا نزل بهم ضيفٌ فلم يطعم من طعامهم ظنوا إنه لم يجيء لخيرٍ وأنّه يحدث نقمةً بالسّرّ ثمّ حدّثوه عن ذلك بما جاءوا فيه فضحكت امرأته.
قوله تعالى: قالوا لا تخف إنّا أرسلنا إلى قوم لوطٍ
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن عمر بن شقيقٍ، ثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران أخبرني، عن عبد اللّه بن رباح الأنصاريّ، عن كعبٍ إنّا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت بخزي اللّه إيّاهم.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة يعني قوله: وامرأته قائمةٌ فضحكت قال: فضحكت امرأته وعجبت إنّ قومًا أتاهم العذاب وهم في غفلةٍ فضحكت من ذلك وعجبت.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ قال: سمعت وهب بن منبّهٍ فلمّا رأى اللّه ذلك يعني فاحشة قوم لوطٍ بعث اللّه عزّ وجلّ الملائكة ليعذّبوهم فأتوا إبراهيم فلمّا رأهم راعه هيئتهم وجمالهم فسلّموا عليه وجلسوا إليه فقام ليقرب لهم العجل فقالوا مكانك قال: بل دعوني آتيكم بما ينبغي لكم فإنّ لكم حقًّا لم يأتنا أحدٌ أحقّ بالكرامة منكم فأمر بعجلٍ سمينٍ فحنذ له يعني شوي فقرّب إليهم الطّعام فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفةً وسارة وراء الباب تسمع). [تفسير القرآن العظيم: 6/2054-2055]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما رأى إبراهيم أنه لا تصل إلى العجل أيديهم نكرهم وخافهم وإنما كان خوف إبراهيم أنهم كانوا في ذلك الزمان إذا هم أحدهم بأمر سوء لم يأكل عنده يقول: إذا أكرمت بطعامه حرم علي أذاه فخاف إبراهيم أن يريدوا به سوءا فاضطربت مفاصله وامرأته سارة قائمة تخدمهم وكان إذا أراد أن يكرم أضيافه أقام سارة لتخدمهم فضحكت سارة وإنما ضحكت أنها قالت: يا إبراهيم وما تخاف إنهم ثلاثة نفر وأنت وأهلك وغلمانك قال لها جبريل: أيتها الضاحكة أما أنك ستلدين غلاما يقال له إسحاق ومن ورائه غلام يقال له يعقوب {فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها} فأقبلت والهة تقول: واويلتاه، ووضعت يدها على وجهها استحياء، فذلك قوله {فصكت وجهها} و{قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا} قال: لما بشر إبراهيم بقول الله {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى} بإسحاق {يجادلنا في قوم لوط} وإنما كان جداله أنه قال: يا جبريل أين تريدون وإلى من بعثتم قال: إلى قوم لوط وقد أمرنا بعذابهم، فقال إبراهيم (إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته) (العنكبوت الآية 32) وكانت فيما زعموا تسمى والقة فقال إبراهيم: إن كان فيهم مائة مؤمن تعذبونهم قال جبريل: لا، قال: فإن كان فيهم تسعون مؤمنون تعذبونهم قال جبريل: لا قال: فإن كان فيهم ثمانون مؤمنون تعذبونهم قال جبريل: لا حتى انتهى في العدد إلى واحد مؤمن قال جبريل: لا فلما لم يذكروا لإبراهيم أن فيها مؤمنا واحدا قال: (إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته) (العنكبوت الآية 32) ). [الدر المنثور: 8/92-93]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن وهب بن منبه رضي الله عنه، أن إبراهيم عليه السلام حين أخرجه قومه بعدما ألقوه في النار خرج بامرأته سارة ومعه أخوها لوط وهما ابنا أخيه فتوجها إلى أرض الشام ثم بلغوا مصر وكانت سارة رضي الله عنها من أجمل الناس فلما دخلت مصر تحدث الناس بجمالها وعجبوا له حتى بلغ ذلك الملك فدعا ببعلها وسأله ما هو منها فخاف إن قال له زوجها أن يقتله فقال: أنا أخوها، فقال: زوجينها، فكان على ذلك حتى بات ليلة فجاءه حلم فخنقه وخوفه فكان هو وأهله في خوف وهول حتى علم أنه قد أتى من قبلها فدعا إبراهيم فقال: ما حملك على أن تغرني زعمت أنها أختك فقال: إني خفت إن ذكرت أنها زوجتي أن يصيبني منك ما أكره فوهب لها هاجر أم إسمعيل وحملهم وجهزهم حتى استقر قرارهم على جبل ايليا فكانوا بها حتى كثرت أموالهم ومعايشهم فكان بين رعاء إبراهيم ورعاء لوط جوار وقتال: فقال لوط لإبراهيم: إن هؤلاء الرعاء قد فسد ما بينهم وكانت تضيق فيهم المراعي ونخاف أن لا تحملنا هذه الأرض فإن أحببت أن أخف عنك خففت، قال إبراهيم: ما شئت إن شئت فانتقل منها وإن شئت انتقلت منك، قال لوط عليه السلام: لا بل أنا أحق أن أخف عنك، ففر بأهله وماله إلى سهل الأردن فكان بها حتى أغار عليه أهل فلسطين فسبوا أهله وماله، فبلغ ذلك إبراهيم عليه السلام فأغار عليهم بما كان عنده من أهله ورقيقه وكان عددهم زيادة على ثلاثمائة من كان مع إبراهيم فاستنقذ من أهل فلسطين من كان معهم من أهل لوط حتى ردهم إلى قرارهم ثم انصرف إبراهيم إلى مكانه وكان أهل سدوم الذين فيهم لوط قوم قد استغنوا عن النساء بالرجال فلما رأى الله كان عند ذلك بعث الملائكة ليعذبوهم فأتوا إبراهيم فلما رآهم راعه هيئتهم وجمالهم فسلموا عليه وجلسوا إليه فقام ليقرب إليهم قرى فقالوا: مكانك، قال: بل دعوني آتيكم بما ينبغي لكم فإن لكم حقا لم يأتنا أحد أحق بالكرامة منكم فأمر بعجل سمين فحنذ له - يعني شوي لهم - فقرب إليهم الطعام {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة} وسارة رضي الله عنها وراء الباب تسمع {قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم} مبارك فبشر به امرأته سارة فضحكت وعجبت كيف يكون له مني ولد وأنا عجوز وهذا شيخ كبير، {قالوا أتعجبين من أمر الله} فإنه قادر على ما يشاء وقد وهبه الله لكم فأبشروا به، فقاموا وقام معهم إبراهيم عليه السلام فمشوا معا وسألهم قال: أخبروني لم بعثتم وما دخل بكم قالوا: إنا أرسلنا إلى أهل سدوم لندمرها فإنهم قوم سوء وقد استغنوا بالرجال عن النساء، قال إبراهيم: إن فيها قوما صالحين فكيف يصيبهم من العذاب ما يصيب أهل عمل السوء قالوا: وكم فيها قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون رجلا صالحا، قالوا: إذن لا نعذبهم، قال: إن كان فيهم أربعون قالوا: إذن لا نعذبهم، فلم يزل ينقص حتى بلغ إلى عشرة ثم قال: فأهل بيت قالوا: فإن كان فيها بيت صالح، قال: فلوط وأهل بيته قالوا: إن امرأته هواها معهم فكيف يصرف عن أهل قرية لم يتم فيها أهل بيت صالحين، فلما يئس منهم إبراهيم عليه السلام انصرف وذهبوا إلى أهل سدوم فدخلوا على لوط عليه السلام فلما رأتهم امرأته أعجبها هيئتهم وجمالهم فأرسلت إلى أهل القرية أنه قد نزل بنا قوم لم ير قط أحسن منهم ولا أجمل، فتسامعوا بذلك فغشوا دار لوط من كل ناحية وتسوروا عليهم الجدران فلقيهم لوط عليه السلام فقال: يا قوم لا تفضحوني في بيتي وأنا أزوجكم بناتي فهن أطهر لكم، قالوا: لو كنا نريد بناتك لقد عرفنا مكانك ولكن لا بد لنا من هؤلاء القوم الذين نزلوا بك فخل بيننا وبينهم وأسلم منا فضاق به الأمر {قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فوجد عليه الرسل في هذه الكلمة فقالوا: إن ركنك لشديد وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ومسح أحدهم أعينهم بجناحه فطمس أبصارهم فقالوا: سحرنا انصرف بنا حتى ترجع إليهم تغشاهم الليل فكان من أمرهم ما قص الله في القرآن فأدخل ميكائيل وهو صاحب العذاب جناحه حتى بلغ أسفل الأرض ثم حمل قراهم فقلبها عليهم ونزلت حجارة من السماء فتتبعت من لم يكن منهم في القرية حيث كانوا فأهلكهم الله تعالى ونجا لوط وأهله إلا امرأته). [الدر المنثور: 8/93-97]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد البصري رضي الله عنه في قوله {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه} قال: لم ير لهم أيديا فنكرهم). [الدر المنثور: 8/97]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {نكرهم} الآية قال: كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يأت بخير وأنه يحدث نفسه بشر ثم حدثوه عند ذلك بما جاءوا فيه فضحكت امرأته). [الدر المنثور: 8/97]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن عمرو بن دينار رضي الله عنه قال: لما تضيفت الملائكة عليهم السلام إبراهيم عليه السلام قدم لهم العجل فقالوا: لا نأكله إلا بثمن، قال: فكلوا وأدوا ثمنه، قالوا: وما ثمنه قال: تسمون الله إذا أكلتم وتحمدونه إذا فرغتم، قال: فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: لهذا اتخذك الله خليلا). [الدر المنثور: 8/97-98]

تفسير قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى فضحكت قال ضحكت حين راعوا إبراهيم مما رأت من الروع بإبراهيم). [تفسير عبد الرزاق: 1/306]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر وقال قتادة فضحكت تعجبا مما فيه لوط من الغفلة وما أتاهم من العذاب). [تفسير عبد الرزاق: 1/306]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا سلمة عن إبراهيم بن الحكم قال حدثني أبي عكرمة في قوله فضحكت قال فحاضت). [تفسير عبد الرزاق: 1/306]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (71) : قوله تعالى: {وامرأته قائمةٌ فضحكت فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خالد بن عبد اللّه، عن داود، عن الشّعبي - في قوله عزّ وجلّ: {ومن وراء إسحاق يعقوب} - قال: ((من وراء)) : ولد ولدٍ). [سنن سعيد بن منصور: 5/356]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وامرأته قائمةٌ فضحكت}.
يقول تعالى ذكره: {وامرأته} سارة بنت هاران بن ناحور بن ساروج بن راعو بن فالغ، وهي ابنة عمّ إبراهيم، {قائمةٌ} قيل: كانت قائمةٌ من وراء السّتر تستمع كلام الرّسل، وكلام إبراهيم عليه السّلام. وقيل: كانت قائمةٌ تخدم الرّسل، وإبراهيم جالسٌ مع الرّسل.
وقوله: {فضحكت} اختلف أهل التّأويل في معنى قوله {فضحكت} وفي السّبب الّذي من أجله ضحكت، فقال بعضهم: ضحكت الضّحك المعروف تعجّبًا من أنّها وزوجها إبراهيم يخدمان ضيفانهم بأنفسهما تكرمةً لهم، وهم عن طعامهم ممسكون لا يأكلون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: بعث اللّه الملائكة لتهلك قوم لوطٍ، أقبلت تمشي في صورة رجالٍ شبابٍ، حتّى نزلوا على إبراهيم فتضيّفوه، فلمّا رآهم إبراهيم أجلّهم فراغ إلى أهله، فجاء بعجلٍ سمينٍ، فذبحه، ثمّ شواه في الرّضف، فهو الحنيذ حين شواه. وأتاهم فقعد معهم، وقامت سارة تخدمهم، فذلك حين يقول: {وامرأته قائمةٌ} وهو جالسٌ. في قراءة ابن مسعودٍ فلمّا قرّبه إليهم قال: ألا تأكلون قالوا: يا إبراهيم إنّا لا نأكل طعامًا إلاّ بثمنٍ قال: فإنّ لهذا ثمنًا. قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم اللّه على أوّله وتحمدونه على آخره.
فنظر جبرئيل إلى ميكائيل فقال: حقٌّ لهذا أن يتّخذه ربّه خليلاً. {فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه} يقول: لا يأكلون، فزع منهم وأوجس منهم خيفةً؛ فلمّا نظرت إليه سارة أنّه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم، ضحكت وقالت: عجبًا لأضيافنا هؤلاء، إنّا نخدمهم بأنفسنا تكرمةً لهم، وهم لا يأكلون طعامنا.
وقال آخرون: بل ضحكت من أنّ قوم لوطٍ في غفلةٍ، وقد جاءت رسل اللّه لهلاكهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: لمّا أوجس إبراهيم خيفةً في نفسه حدّثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته وعجبت من أنّ قومًا أتاهم العذاب، وهم في غفلةٍ، فضحكت من ذلك وعجبت، فبشّرناها بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، أنّه قال: ضحكت تعجّبًا ممّا فيه قوم لوطٍ من الغفلة وممّا أتاهم من العذاب.
وقال آخرون: بل ضحكت ظنًّا منها بهم أنّهم يريدون عمل قوم لوطٍ.
ذكر من قال ذلك ذلك:
- حدّثنا الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن قيسٍ، في قوله: {وامرأته قائمةٌ فضحكت} قال: لمّا جاءت الملائكة ظنّت أنّهم يريدون أن يعملوا كما يعمل قوم لوطٍ.
وقال آخرون: بل ضحكت لمّا رأت بزوجها إبراهيم من الرّوع.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الكلبيّ، {فضحكت} قال: ضحكت حين راعوا إبراهيم ممّا رأت من الرّوع بإبراهيم.
وقال آخرون: بل ضحكت حين بشّرت بإسحاق، تعجّبًا من أن يكون لها ولدٌ على كبر سنّها وسنّ زوجها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: ثني عبد الصّمد أنّه سمع وهب بن منبّهٍ يقول: لمّا أتى الملائكة إبراهيم عليه السّلام فرآهم، راعه هيئتهم وجمالهم، فسلّموا عليه، وجلسوا إليه، فقام فأمر بعجلٍ سمينٍ، فحنذ له، فقرّب إليهم الطّعام، فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم، وأوجس منهم خيفةً، وسارة وراء البيت تسمع؛ قالوا: لا تخف إنّا نبشّرك بغلامٍ حليمٍ مباركٍ وبشّر به امرأته سارة، فضحكت، وعجبت كيف يكون لي ولدٌ وأنا عجوزٌ، وهو شيخٌ كبيرٌ فقالوا: أتعجبين من أمر اللّه؟ فإنّه قادرٌ على ما يشاء، فقد وهبه اللّه لكم فأبشروا به.
وقد قال بعض من كان يتأوّل هذا التّأويل: إنّ هذا من المقدّم الّذي معناه التّأخير، وكان معنى الكلام عنده: وامرأته قائمةٌ، فبشّرناها بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فضحكت وقالت: {يا ويلتى أألد وأنا عجوزٌ}.
وقال آخرون: بل معنى قوله: فضحكت في هذا الموضع: فحاضت.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني سعيد بن عمرٍو السّكونيّ، قال: حدّثنا بقيّة بن الوليد، عن عليّ بن هارون، عن عمرو بن الأزهر، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فضحكت} قال: حاضت، وكانت ابنة بضعٍ وتسعين سنةً، قال: وكان إبراهيم ابن مائة سنةٍ.
وقال آخرون: بل ضحكت سرورًا بالأمن منهم لمّا قالوا لإبراهيم: لا تخف، وذلك أنّه قد كان خافهم وخافتهم أيضًا كما خافهم إبراهيم؛ فلمّا أمنت ضحكت، فأتبعوها البشارة بإسحاق.
وقد كان بعض أهل العربيّة من الكوفيّين يزعم أنّه لم يسمع ضحكت بمعنى حاضت من ثقةٍ.
وذكر بعض أهل العربيّة من البصريّين أنّ بعض أهل الحجاز أخبره عن بعضهم أنّ العرب تقول ضحكت المرأة: حاضت، قال: وقد قال: الضّحك: الحيض.
وقد قال بعضهم: الضّحك: العجب، وذكر بيت أبي ذؤيبٍ:
فجاء بمزجٍ لم ير النّاس مثله = هو الضّحك إلاّ أنّه عمل النّحل
وذكر أنّ بعض أصحابه أنشده في الضّحك بمعنى الحيض:
وضحك الأرانب فوق الصّفا = كمثل دم الجوف يوم اللّقا
قال: وذكر له بعض أصحابه أنّه سمع للكميت:
فأضحكت الضّباع سيوف سعدٍ = بقتلى ما دفنّ ولا ودينا
وقال: يريد الحيض.
قال: وبلحرث بن كعبٍ يقولون: ضحكت النّخلة: إذا أخرجت الطّلع أو البسر. وقالوا: الضّحك: الطّلع. قال: وسمعنا من يحكي: أضحكت حوضًا: أي ملأته حتّى فاض. قال: وكأنّ المعنى قريبٌ بعضه من بعضٍ كلّه، لأنّه كأنّه شيءٌ يمتلئ فيفيض.
وأولى الأقوال الّتي ذكرت في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى قوله: فضحكت: فعجبت من غفلة قوم لوطٍ عمّا قد أحاط بهم من عذاب اللّه وغفلتهم عنه.
وإنّما قلنا هذا القول أولى بالصّواب لأنّه ذكر عقيب قولهم لإبراهيم: لا تخف إنّا أرسلنا إلى قوم لوطٍ. فإذ كان ذلك كذلك، وكان لا وجه للضحك، والتّعجّب من قولهم لإبراهيم: لا تخف، كان الضّحك والتّعجّب إنّما هو من أمر قوم لوطٍ.
القول في تأويل قوله تعالى: {فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب}.
يقول عزّ وجلّ: فبشّرنا سارة امرأة إبراهيم ثوابًا منّا لها على نكيرها وعجبها من فعل قوم لوطٍ بإسحاق ولدًا لها. {ومن وراء إسحاق يعقوب} يقول: ومن خلف إسحاق يعقوب من ابنها إسحاق.
والوراء في كلام العرب: ولد الولد، وكذلك تأوّله أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، قال: {ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: الوراء: ولد الولد.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، ومحمّد بن المثنّى، قال كلّ واحدٍ منهما: حدّثني أبو اليسع إسماعيل بن حمّاد بن أبي المغيرة مولى الأشعريّ، قال: كنت إلى جنب جدّي أبي المغيرة بن مهران في مسجد عليّ بن زيدٍ، فمرّ بنا الحسن بن أبي الحسن، فقال: يا أبا المغيرة من هذا الفتى؟ قال: ابني من ورائي، فقال الحسن: {فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب}.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، ومحمّد بن المثنّى، قالا: حدّثنا محمّد بن أبي عديٍّ، قال: حدّثنا داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ، في قوله: {فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد هو الوراء.
- حدّثني إسحاق بن شاهين، قال: حدّثنا خالدٌ، عن داود، عن عامرٍ، في قوله: {ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: الوراء: ولد الولد.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن داود، عن الشّعبيّ، مثله.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو عمرٍو الأزديّ، قال: سمعت الشّعبيّ يقول: ولد الولد: هم الولد من الوراء.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، قال: جاء رجلٌ إلى ابن عبّاسٍ، ومعه ابن ابنه، فقال: من هذا معك؟ قال: هذا ابن ابني، قال: هذا ولدك من الوراء. قال: فكأنّه شقّ على ذلك الرّجل، فقال ابن عبّاسٍ: إنّ اللّه يقول: {فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} فولد الولد: هم الوراء.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا ضحكت سارة وقالت: عجبًا لأضيافنا هؤلاء، إنّا نخدمهم بأنفسنا تكرمةً لهم وهم لا يأكلون طعامنا قال لها جبريل: أبشري بولدٍ اسمه إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فضربت وجهها عجبًا، فذلك قوله: {فصكّت وجهها} وقالت: {أألد وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخًا إنّ هذا لشيءٌ عجيبٌ قالوا أتعجبين من أمر اللّه رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميدٌ مجيدٌ} قالت سارة: ما آية ذلك؟ قال: فأخذ بيده عودًا يابسًا فلواه بين أصابعه، فاهتزّ أخضر، فقال إبراهيم: هو للّه إذًا ذبيحًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: {فضحكت} يعني سارة لمّا عرفت من أمر اللّه جلّ ثناؤه، ولمّا تعلم من قوم لوطٍ فبشّروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب بابنٍ وبابن ابنٍ، فقالت وصكّت وجهها يقال: ضربت على جبينها: {يا ويلتى أألد وأنا عجوزٌ} إلى قوله: {إنّه حميدٌ مجيدٌ}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء العراق والحجاز: ومن وراء إسحاق يعقوب برفع يعقوب، ويعيد ابتداء الكلام بقوله: {ومن وراء إسحاق يعقوب} وذلك وإن كان خبر مبتدأ، ففيه دلالةٌ على معنى التّبشير.
وقرأه بعض قرّاء أهل الكوفة والشّام: {ومن وراء إسحاق يعقوب} نصبًا؛
فأمّا الشّاميّ منهما فذكر أنّه كان ينحو بيعقوب نحو النّصب بإضمار فعلٍ آخر مشاكلٍ للبشارة، كأنّه قال: ووهبنا له من وراء إسحاق يعقوب، فلمّا لم يظهر وهبنا عمل فيه التّبشير وعطف به على موضع إسحاق، إذ كان إسحاق، وإن كان مخفوضًا فإنّه بمعنى المنصوب بعمل بشّرنا فيه، كما قال الشّاعر:
جئني بمثل بني بدرٍ لقومهم = أو مثل أسرة منظور بن سيّار
أو عامر بن طفيلٍ في مركّبه = أو حارثًا يوم نادى القوم يا حار
وأمّا الكوفيّ منهما فإنّه قرأه بتأويل الخفض فيما ذكر عنه، غير أنّه نصبه لأنّه لا يجرى.
وقد أنكر ذلك أهل العلم بالعربيّة من أجل دخول الصّفة بين حرف العطف والاسم، وقالوا: خطأٌ أن يقال: مررت بعمرٍو في الدّار وفي الدّار زيدٌ، وأنت عاطفٌ بزيدٍ على عمرٍو، إلاّ بتكرير الباء وإعادتها، فإن لم تعد كان وجه الكلام عندهم الرّفع وجاز النّصب، فإن قدّم الاسم على الصّفة جاز حينئذٍ الخفض، وذلك إذا قلت: مررت بعمرٍو في الدّار، وزيدٍ في البيت. وقد أجاز الخفض، والصّفة معترضةٌ بين حرف العطف والاسم بعض نحويي البصرة.
وأولى القراءتين في ذلك بالصّواب عندي قراءة من قرأه رفعًا، لأنّ ذلك هو الكلام المعروف من كلام العرب، والّذي لا يتناكره أهل العلم بالعربيّة، وما عليه قراءة الأمصار. فأمّا النّصب فيه فإنّ له وجهًا، غير أنّي لا أحبّ القراءة به، لأنّ كتاب اللّه نزل بأفصح ألسن العرب، والّذي هو أولى بالعلم بالّذي نزل به من الفصاحة). [جامع البيان: 12/472-483]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وامرأته قائمةٌ فضحكت فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب (71)
قوله تعالى: وامرأته قائمةٌ
[الوجه الأول]
- حدثنا عمر بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قالوا لا تخف إنّا أرسلنا إلى قوم لوطٍ وامرأته قائمةٌ فضحكت لما عرفت من أمر اللّه ولما تعلم من قوم لوطٍ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن سعيدٍ النّحويّ قال حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ في قوله: وامرأته قائمةٌ قال في خدمة أضياف إبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: فضحكت
- حدثنا يزداد بن عمر الهمذاني، ثنا العلا بن عبد الملك بن أبي سويّة، ثنا عبد الصّمد بن عليّ الهاشميّ، عن أبيه، عن جدّه يعني ابن عبّاسٍ في قوله: وامرأته قائمة فضحكت قال: حاضت.
قوله تعالى: فبشّرناها بإسحاق
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشرٍ، عن قتادة في قوله: فبشّرناها بإسحاق بابنها.
- حدّثنا أبي، ثنا شعيب بن شعيب بن إسحاق، ثنا أبو المغيرة، ثنا أبو بكر بن أبي مريم، حدّثني ضمرة بن حبيبٍ أنّ سارة لمّا بشّرها الرّسل بإسحاق قال بينما هي تمشي وتحدّثهم حين آنست بالحيضة فحاضت قبل أن تحمل إسحاق فكان من قولها للرّسل حين بشّروها بإسحاق كنت شابّةٌ وكان إبراهيم شابًّا فلم أحمل فحين كبرت وكبر أألد قالوا: تعجبين من ذلك يا سارة فإنّ اللّه قد صنع بكم ما هو أعظم من ذلك ان الله قد جعل رحمته وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميدٌ مجيدٌ.
قوله تعالى: ومن وراء إسحاق يعقوب
- ذكر أبي، عن نصر بن عليٍّ، ثنا أبو أحمد، ثنا نصرٌ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن ابن عبّاسٍ ومن وراء إسحاق يعقوب قال: هو ولد الولد.
- حدّثنا أبي ثنا أبو سلمة، ثنا وهيبٌ، عن داود، عن عامرٍ في قوله: فضحكت فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قال: وراء.
ولد الولد). [تفسير القرآن العظيم: 6/2055-2056]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 70 - 73
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال: بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول: ويلك يا سدوم يوم مالك ثم قال {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (سورة هود الآية 76) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (سورة هود الآية 77) قال: ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال: يوم سوء من قومي فذهب بهم إلى منزله فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال: يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (سورة هود الآية 78) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (سورة هود الآية 79) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (سورة هود الآية 80) قال: إلى عشيرة تمنع فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (سورة هود الآية 81)، فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: على أهل بواديهم وعلى رعاثهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد). [الدر المنثور: 8/90-92] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما رأى إبراهيم أنه لا تصل إلى العجل أيديهم نكرهم وخافهم وإنما كان خوف إبراهيم أنهم كانوا في ذلك الزمان إذا هم أحدهم بأمر سوء لم يأكل عنده يقول: إذا أكرمت بطعامه حرم علي أذاه فخاف إبراهيم أن يريدوا به سوءا فاضطربت مفاصله وامرأته سارة قائمة تخدمهم وكان إذا أراد أن يكرم أضيافه أقام سارة لتخدمهم فضحكت سارة وإنما ضحكت أنها قالت: يا إبراهيم وما تخاف إنهم ثلاثة نفر وأنت وأهلك وغلمانك قال لها جبريل: أيتها الضاحكة أما أنك ستلدين غلاما يقال له إسحاق ومن ورائه غلام يقال له يعقوب {فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها} فأقبلت والهة تقول: واويلتاه، ووضعت يدها على وجهها استحياء، فذلك قوله {فصكت وجهها} و{قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا} قال: لما بشر إبراهيم بقول الله {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى} بإسحاق {يجادلنا في قوم لوط} وإنما كان جداله أنه قال: يا جبريل أين تريدون وإلى من بعثتم قال: إلى قوم لوط وقد أمرنا بعذابهم، فقال إبراهيم (إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته) (العنكبوت الآية 32) وكانت فيما زعموا تسمى والقة فقال إبراهيم: إن كان فيهم مائة مؤمن تعذبونهم قال جبريل: لا، قال: فإن كان فيهم تسعون مؤمنون تعذبونهم قال جبريل: لا قال: فإن كان فيهم ثمانون مؤمنون تعذبونهم قال جبريل: لا حتى انتهى في العدد إلى واحد مؤمن قال جبريل: لا فلما لم يذكروا لإبراهيم أن فيها مؤمنا واحدا قال: (إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته) (العنكبوت الآية 32) ). [الدر المنثور: 8/92-93] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن وهب بن منبه رضي الله عنه، أن إبراهيم عليه السلام حين أخرجه قومه بعدما ألقوه في النار خرج بامرأته سارة ومعه أخوها لوط وهما ابنا أخيه فتوجها إلى أرض الشام ثم بلغوا مصر وكانت سارة رضي الله عنها من أجمل الناس فلما دخلت مصر تحدث الناس بجمالها وعجبوا له حتى بلغ ذلك الملك فدعا ببعلها وسأله ما هو منها فخاف إن قال له زوجها أن يقتله فقال: أنا أخوها، فقال: زوجينها، فكان على ذلك حتى بات ليلة فجاءه حلم فخنقه وخوفه فكان هو وأهله في خوف وهول حتى علم أنه قد أتى من قبلها فدعا إبراهيم فقال: ما حملك على أن تغرني زعمت أنها أختك فقال: إني خفت إن ذكرت أنها زوجتي أن يصيبني منك ما أكره فوهب لها هاجر أم إسمعيل وحملهم وجهزهم حتى استقر قرارهم على جبل ايليا فكانوا بها حتى كثرت أموالهم ومعايشهم فكان بين رعاء إبراهيم ورعاء لوط جوار وقتال: فقال لوط لإبراهيم: إن هؤلاء الرعاء قد فسد ما بينهم وكانت تضيق فيهم المراعي ونخاف أن لا تحملنا هذه الأرض فإن أحببت أن أخف عنك خففت، قال إبراهيم: ما شئت إن شئت فانتقل منها وإن شئت انتقلت منك، قال لوط عليه السلام: لا بل أنا أحق أن أخف عنك، ففر بأهله وماله إلى سهل الأردن فكان بها حتى أغار عليه أهل فلسطين فسبوا أهله وماله، فبلغ ذلك إبراهيم عليه السلام فأغار عليهم بما كان عنده من أهله ورقيقه وكان عددهم زيادة على ثلاثمائة من كان مع إبراهيم فاستنقذ من أهل فلسطين من كان معهم من أهل لوط حتى ردهم إلى قرارهم ثم انصرف إبراهيم إلى مكانه وكان أهل سدوم الذين فيهم لوط قوم قد استغنوا عن النساء بالرجال فلما رأى الله كان عند ذلك بعث الملائكة ليعذبوهم فأتوا إبراهيم فلما رآهم راعه هيئتهم وجمالهم فسلموا عليه وجلسوا إليه فقام ليقرب إليهم قرى فقالوا: مكانك، قال: بل دعوني آتيكم بما ينبغي لكم فإن لكم حقا لم يأتنا أحد أحق بالكرامة منكم فأمر بعجل سمين فحنذ له - يعني شوي لهم - فقرب إليهم الطعام {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة} وسارة رضي الله عنها وراء الباب تسمع {قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم} مبارك فبشر به امرأته سارة فضحكت وعجبت كيف يكون له مني ولد وأنا عجوز وهذا شيخ كبير، {قالوا أتعجبين من أمر الله} فإنه قادر على ما يشاء وقد وهبه الله لكم فأبشروا به، فقاموا وقام معهم إبراهيم عليه السلام فمشوا معا وسألهم قال: أخبروني لم بعثتم وما دخل بكم قالوا: إنا أرسلنا إلى أهل سدوم لندمرها فإنهم قوم سوء وقد استغنوا بالرجال عن النساء، قال إبراهيم: إن فيها قوما صالحين فكيف يصيبهم من العذاب ما يصيب أهل عمل السوء قالوا: وكم فيها قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون رجلا صالحا، قالوا: إذن لا نعذبهم، قال: إن كان فيهم أربعون قالوا: إذن لا نعذبهم، فلم يزل ينقص حتى بلغ إلى عشرة ثم قال: فأهل بيت قالوا: فإن كان فيها بيت صالح، قال: فلوط وأهل بيته قالوا: إن امرأته هواها معهم فكيف يصرف عن أهل قرية لم يتم فيها أهل بيت صالحين، فلما يئس منهم إبراهيم عليه السلام انصرف وذهبوا إلى أهل سدوم فدخلوا على لوط عليه السلام فلما رأتهم امرأته أعجبها هيئتهم وجمالهم فأرسلت إلى أهل القرية أنه قد نزل بنا قوم لم ير قط أحسن منهم ولا أجمل، فتسامعوا بذلك فغشوا دار لوط من كل ناحية وتسوروا عليهم الجدران فلقيهم لوط عليه السلام فقال: يا قوم لا تفضحوني في بيتي وأنا أزوجكم بناتي فهن أطهر لكم، قالوا: لو كنا نريد بناتك لقد عرفنا مكانك ولكن لا بد لنا من هؤلاء القوم الذين نزلوا بك فخل بيننا وبينهم وأسلم منا فضاق به الأمر {قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فوجد عليه الرسل في هذه الكلمة فقالوا: إن ركنك لشديد وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ومسح أحدهم أعينهم بجناحه فطمس أبصارهم فقالوا: سحرنا انصرف بنا حتى ترجع إليهم تغشاهم الليل فكان من أمرهم ما قص الله في القرآن فأدخل ميكائيل وهو صاحب العذاب جناحه حتى بلغ أسفل الأرض ثم حمل قراهم فقلبها عليهم ونزلت حجارة من السماء فتتبعت من لم يكن منهم في القرية حيث كانوا فأهلكهم الله تعالى ونجا لوط وأهله إلا امرأته). [الدر المنثور: 8/93-97] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي قال: لما بعث الله الملائكة عليهم السلام لتهلك قوم لوط أقبلت تمشي في صورة رجال شباب حتى نزلوا على إبراهيم السلام فضيفوه فلما رآهم أجلهم فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فذبحه ثم شواه في الرضف فهو الحنيذ وأتاهم فقعد معهم وقامت سارة رضي الله عنها تخدمهم فذلك حين يقول {وامرأته قائمة} وهو جالس في قراءة ابن مسعود (فلما قربه إليهم قال ألا تأكلون) قالوا: يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن، قال: فإن لهذا ثمنا، قالوا: وما ثمنه قال: تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره، فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا، فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تصل إليه يقول: لا يأكلون فزع منهم وأوجس منهم خيفة فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم ضحكت وقالت: عجبا لأضيافنا هؤلاء إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا، قال لها جبريل: أبشري بولد اسمه إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، فضربت وجهها عجبا فذلك قوله {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب (72) قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال سارة رضي الله عنها: ما آية ذلك فأخذ بيده عودا يابسا فلواه بين أصابعه فاهتز أخضر، فقال إبراهيم عليه السلام: هو لله إذن ذبيحا). [الدر المنثور: 8/98-99]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن المغيرة رضي الله عنه قال: في مصحف ابن مسعود وامرأته قائمة وهو جالس). [الدر المنثور: 8/99]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وامرأته قائمة} قال: في خدمة أضياف إبراهيم عليه السلام). [الدر المنثور: 8/99]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال: لما أوجس إبراهيم خيفة في نفسه حدثوه عند ذلك بما جاءوا فيه فضحكت امرأته تعجبا مما فيه قوم لوط من الغفلى ومما أتاهم من العذاب). [الدر المنثور: 8/99]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {فضحكت} قال: فحاضت وهي بنت ثمان وتسعين سنة). [الدر المنثور: 8/99]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {فضحكت} قال: حاضت وكانت ابنة بضع وتسعين سنة وكان إبراهيم عليه السلام ابن مائة سنة). [الدر المنثور: 8/99-100]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {فضحكت} قال: حاضت، قال الشاعر:
إني لأتي العرس عند طهورها * وأهجرها يوما إذا هي ضاحك). [الدر المنثور: 8/100]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن الضحاك رضي الله عنه قال: كان اسم سارة يسارة فلما قال لها جبريل عليه السلام: يا سارة، قالت: إن اسمي يسارة فكيف تسمينني سارة قال الضحاك: يسارة العاقر التي لا تلد وسارة الطالق الرحم التي تلد، فقال لها جبريل عليه السلام: كنت يسارة لا تحملين فصرت سارة تحملين الولد وترضعينه، فقالت سارة رضي الله عنها: يا جبريل نقصت اسمي قال جبريل: إن الله قد وعدك بأن يجعل هذا الحرف في اسم ولد من ولدك في آخر الزمان وذلك إن اسمه عند الله حي فسماه يحيى). [الدر المنثور: 8/100]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان حسن سارة رضي الله عنها حسن حواء عليها السلام). [الدر المنثور: 8/100-101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن سارة بنت ملك من الملوك وكانت قد أوتيت حسنا). [الدر المنثور: 8/101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: هو ولد الولد). [الدر المنثور: 8/101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء عن حسان بن أبحر قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل من هذيل فقال له ابن عباس: ما فعل فلان قال: مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء، فقال ابن عباس: {فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد). [الدر المنثور: 8/101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد). [الدر المنثور: 8/101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ضرار بن مرة عن شيخ من أهل المسجد قال: بشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومائة سنة). [الدر المنثور: 8/102]

تفسير قوله تعالى: (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخًا إنّ هذا لشيءٌ عجيبٌ (72) قالوا أتعجبين من أمر اللّه رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميدٌ مجيدٌ}.
يقول تعالى ذكره: قالت سارة لمّا بشّرت بإسحاق أنّها تلد تعجّبًا ممّا قيل لها من ذلك، إذ كانت قد بلغت السّنّ الّتي لا يلد من كان قد بلغها من الرّجال والنّساء، وقيل: إنّها كانت يومئذٍ ابنة تسعٍ وتسعين سنةً، وإبراهيم ابن مائة سنةٍ، وقد ذكرت الرّواية فيما روي في ذلك عن مجاهدٍ قبل.
وأمّا ابن إسحاق، فإنّه قال في ذلك ما:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كانت سارة يوم بشّرت بإسحاق فيما ذكر لي بعض أهل العلم ابنة تسعين سنةً، وإبراهيم ابن عشرين ومئة سنةٍ {يا ويلتى} وهي كلمةٌ تقولها العرب عند التّعجّب من الشّيء، والاستنكار للشّيءٍ، فيقولون عند التّعجّب: ويل أمّه رجلاً ما أرجله.
وقد اختلف أهل العربيّة في هذه الألف الّتي في: {يا ويلتى}
فقال بعض نحويّي البصرة: هذه ألف حقيقةً، إذا وقفت قلت: يا ويلتاه، وهي مثل ألف النّدبة، فلطفت من أن تكون في السّكت، وجعلت بعدها الهاء لتكون أبين لها، وأبعد في الصّوت؛ وذلك لأنّ الألف إذا كانت بين حرفين كان لها صدًى كنحو الصّوت يكون في جوف الشّيء، فيتردّد فيه، فتكون أكثر وأبين.
وقال غيره: هذه ألف النّدبة، فإذا وقفت عليها فجائزٌ، وإن وقفت على الهاء فجائزٌ؛ وقال: ألا ترى أنّهم قد وقفوا على قوله: {ويدع الإنسان} فحذفوا الواو وأثبتوها، وكذلك: {ما كنّا نبغ} بالياء، وغير الياء؟ قال: وهذا أقوى من ألف النّدبة وهائها.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّ هذه الألف ألف النّدبة، والوقف عليها بالهاء وغير الهاء جائزٌ في الكلام لاستعمال العرب ذلك في كلامها وقولها: {أألد وأنا عجوزٌ} تقول: أنّى يكون لي ولدٌ وأنا عجوزٌ. {وهذا بعلي شيخًا} والبعل في هذا الموضع: الزّوج؛ وسمّي بذلك لأنّه قيّم أمرها، كما سمّوا مالك الشّيء: بعله، وكما قالوا للنخل الّتي تستغني بماء السّماء عن سقي ماء الأنهار والعيون البعل، لأنّ مالك الشّيء القيّم به، والنّخل البعل بماء السّماء حياته.
وقوله: {إنّ هذا لشيءٌ عجيبٌ} يقول: إنّ كون الولد من مثلي ومثل بعلي على السّنّ الّتي بها نحن لشيءٌ عجيبٌ). [جامع البيان: 12/483-485]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخًا إنّ هذا لشيءٌ عجيبٌ (72)
قوله تعالى: قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوزٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة في قول اللّه: قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوزٌ وهي يومئذٍ بنت سبعين.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: ذكر أبي، عن بعض من قرأ الكتاب أنّها كانت بنت تسعين سنةً.
قوله تعالى: وهذا بعلي
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الخطميّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: بعلي تعني: زوجي.
قوله تعالى: شيخًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة قوله: وهذا بعلي شيخًا وهو يومئذٍ ابن تسعين سنةً.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق ذكر لي، عن بعض من قرأ الكتاب وهذا بعلي شيخًا: إنّ إبراهيم ابن عشرين ومائة سنة). [تفسير القرآن العظيم: 6/2056]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 70 - 73
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال: بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول: ويلك يا سدوم يوم مالك ثم قال {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (سورة هود الآية 76) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (سورة هود الآية 77) قال: ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال: يوم سوء من قومي فذهب بهم إلى منزله فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال: يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (سورة هود الآية 78) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (سورة هود الآية 79) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (سورة هود الآية 80) قال: إلى عشيرة تمنع فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (سورة هود الآية 81)، فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: على أهل بواديهم وعلى رعاثهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد). [الدر المنثور: 8/90-92] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما رأى إبراهيم أنه لا تصل إلى العجل أيديهم نكرهم وخافهم وإنما كان خوف إبراهيم أنهم كانوا في ذلك الزمان إذا هم أحدهم بأمر سوء لم يأكل عنده يقول: إذا أكرمت بطعامه حرم علي أذاه فخاف إبراهيم أن يريدوا به سوءا فاضطربت مفاصله وامرأته سارة قائمة تخدمهم وكان إذا أراد أن يكرم أضيافه أقام سارة لتخدمهم فضحكت سارة وإنما ضحكت أنها قالت: يا إبراهيم وما تخاف إنهم ثلاثة نفر وأنت وأهلك وغلمانك قال لها جبريل: أيتها الضاحكة أما أنك ستلدين غلاما يقال له إسحاق ومن ورائه غلام يقال له يعقوب {فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها} فأقبلت والهة تقول: واويلتاه، ووضعت يدها على وجهها استحياء، فذلك قوله {فصكت وجهها} و{قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا} قال: لما بشر إبراهيم بقول الله {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى} بإسحاق {يجادلنا في قوم لوط} وإنما كان جداله أنه قال: يا جبريل أين تريدون وإلى من بعثتم قال: إلى قوم لوط وقد أمرنا بعذابهم، فقال إبراهيم (إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته) (العنكبوت الآية 32) وكانت فيما زعموا تسمى والقة فقال إبراهيم: إن كان فيهم مائة مؤمن تعذبونهم قال جبريل: لا، قال: فإن كان فيهم تسعون مؤمنون تعذبونهم قال جبريل: لا قال: فإن كان فيهم ثمانون مؤمنون تعذبونهم قال جبريل: لا حتى انتهى في العدد إلى واحد مؤمن قال جبريل: لا فلما لم يذكروا لإبراهيم أن فيها مؤمنا واحدا قال: (إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته) (العنكبوت الآية 32) ). [الدر المنثور: 8/92-93] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي قال: لما بعث الله الملائكة عليهم السلام لتهلك قوم لوط أقبلت تمشي في صورة رجال شباب حتى نزلوا على إبراهيم السلام فضيفوه فلما رآهم أجلهم فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فذبحه ثم شواه في الرضف فهو الحنيذ وأتاهم فقعد معهم وقامت سارة رضي الله عنها تخدمهم فذلك حين يقول {وامرأته قائمة} وهو جالس في قراءة ابن مسعود (فلما قربه إليهم قال ألا تأكلون) قالوا: يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن، قال: فإن لهذا ثمنا، قالوا: وما ثمنه قال: تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره، فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا، فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تصل إليه يقول: لا يأكلون فزع منهم وأوجس منهم خيفة فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم ضحكت وقالت: عجبا لأضيافنا هؤلاء إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا، قال لها جبريل: أبشري بولد اسمه إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، فضربت وجهها عجبا فذلك قوله {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب (72) قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال سارة رضي الله عنها: ما آية ذلك فأخذ بيده عودا يابسا فلواه بين أصابعه فاهتز أخضر، فقال إبراهيم عليه السلام: هو لله إذن ذبيحا). [الدر المنثور: 8/98-99] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ضمرة بن حبيب، أن سارة لما بشرها الرسل بإسحاق قال: بينا هي تمشي وتحدثهم حين أتت بالحيضة فحاضت قبل أن تحمل بإسحاق فكان من قولها للرسل حين بشروها: قد كنت شابة وكان إبراهيم شابا فلم أحبل فحين كبرت وكبر أألد قالوا: أتعجبين من ذلك يا سارة فإن الله قد صنع بكم ما هو أعظم من ذلك إن الله قد جعل رحمته وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد). [الدر المنثور: 8/101-102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا} قال: وهي يومئذ ابنة سبعين وهو يومئذ ابن تسعين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {بعلي} قال: زوجي). [الدر المنثور: 8/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن علي رضي الله عنه قال: قالت سارة رضي الله عنها لما بشرتها الملائكة عليهم السلام {يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقالت الملائكة ترد على سارة {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال: فهو كقوله (وجعلها كلمة باقية في عقبه) (الزخرف الآية 28) بمحمد صلى الله عليه وسلم وآله من عقب إبراهيم). [الدر المنثور: 8/102]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({حميدٌ مجيدٌ} [هود: 73] : «كأنّه فعيلٌ من ماجدٍ، محمودٌ من حمد»). [صحيح البخاري: 6/73]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله حميدٌ مجيدٌ كأنّه فعيلٌ من ماجدٍ محمودٍ من حمد كذا وقع هنا والّذي في كلام أبي عبيدة حميد مجيد أي محمود وهذا هو الصّواب والحميد فعيلٌ من حمد فهو حامدٌ أي يحمد من يطيعه أو هو حميدٌ بمعنى محمودٌ والمجيد فعيلٌ من مجد بضمّ الجيم يمجد كشرف يشرف وأصله الرّفعة). [فتح الباري: 8/351]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (حميد مجيد كأنّه فعيل من ماجد. محمود من حمد) أشار به إلى قوله عز وجل {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميد مجيد} أي أن الله هو الّذي يستحق الحمد والمجد والمجد الشّرف يقال رجل ماجد إذا كان سخيا واسع العطاء قوله " كأنّه فعيل " ليس هذا محل الشّك حتّى قال كأنّه فعيل أي كان وزنه فعيل بل هو على وزن فعيل من صيغة ماجد وحميد بمعنى محمود قوله " من حمد " أي أخذ حميد من حمد على صيغة المجهول وقال الطّيّبيّ المجيد مبالغة الماجد من المجد وهو سعة الكرم من قولهم مجدت الماشية إذا صادفت روضة انفا وأمجدها الرّاعي وقيل المجيد بمعنى العظيم الرفيع القدر). [عمدة القاري: 18/292]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({حميد مجيد}) [هود: 73] (كأنه) أي مجيد على وزن (فعيل من) صيغة (ماجد) والتعبير بكأن فيه شيء فإنه بوزن فعيل من غير شك، وقال القشيري قيل هو بمعنى العظيم الرفيع القدر فهو فعيل بمعنى مفعول وقيل معناه الجزيل العطاء فهو فعيل بمعنى فاعل وحميد أي (محمود) لفعل ما يستحق به الحمد يوصل العبد إلى مراده فلا يبعد أن يرزق الولد في ابان الكبر وهو مأخوذ (من حمد) بفتح الحاء وفي نسخة حمد بضمها مبنيًا للمجهول فهو حامد). [إرشاد الساري: 7/170]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({قالوا أتعجبين من أمر اللّه} يقول اللّه تعالى ذكره: قالت الرّسل لها: أتعجبين من أمرٍ أمر اللّه به أن يكون، وقضاءٍ قضاه اللّه فيك وفي بعلك؟!
وقوله: {رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت} يقول: رحمة اللّه وسعادته لكم أهل بيت إبراهيم. وجعلت الألف واللاّم خلفًا من الإضافة. وقوله: {إنّه حميدٌ مجيدٌ} يقول: إنّ اللّه محمودٌ في تفضّله عليكم بما تفضّل به من النّعم عليكم، وعلى سائر خلقه مجيدٌ؛ يقول: ذو مجدٍ ومدحٍ وثناءٍ كريمٍ، يقال في فعل منه: مجد الرّجل يمجد مجادّةً إذا صار كذلك، وإذا أردت أنّك مدحته قلت: مجّدته تمجيدًا). [جامع البيان: 12/485]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالوا أتعجبين من أمر اللّه رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميدٌ مجيدٌ (73) فلمّا ذهب عن إبراهيم الرّوع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوطٍ (74)
قوله تعالى: قالوا أتعجبين من أمر اللّه رحمت اللّه وبركاته عليكم
- حدّثنا بحر بن نصرٍ الخولانيّ، ثنا ابن وهبٍ أخبرني ابن جريجٍ أنّ عطاء بن أبي رباحٍ حدّثه أنّ ابن عبّاسٍ آتاهم يومًا في مجلسٍ فسلّم عليهم فقال: سلامٌ عليكم ورحمة اللّه وبركاته فقلت: وعليك السّلام ورحمة اللّه وبركاته ومغفرته فقال من هذا؟ فقلت: عطاءٌ فقال: انتبه إلى وبركاته قال: ثم تلا رحمت اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميدٌ مجيدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 6/2057]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الشّيبانيّ الحافظ إملاءً، ثنا حمّاد بن محمودٍ المقرئ، ثنا عيسى بن جعفرٍ الرّازيّ، ثنا سفيان بن سعيدٍ، عن عمرو بن سعيدٍ، عن عطاءٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ {رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت} قال: كنت عند عبد اللّه بن عبّاسٍ إذ جاءه رجلٌ فسلّم عليه، فقلت: وعليكم السّلام ورحمة اللّه وبركاته ومغفرته. فقال ابن عبّاسٍ: «انته إلى ما انتهت إليه الملائكة» هذا حديثٌ غريبٌ صحيحٌ للثّوريّ لا أعلم أنّا كتبناه إلّا بهذا الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 70 - 73
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال: بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول: ويلك يا سدوم يوم مالك ثم قال {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (سورة هود الآية 76) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (سورة هود الآية 77) قال: ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال: يوم سوء من قومي فذهب بهم إلى منزله فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال: يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (سورة هود الآية 78) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (سورة هود الآية 79) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (سورة هود الآية 80) قال: إلى عشيرة تمنع فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (سورة هود الآية 81)، فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: على أهل بواديهم وعلى رعاثهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد). [الدر المنثور: 8/90-92] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن وهب بن منبه رضي الله عنه، أن إبراهيم عليه السلام حين أخرجه قومه بعدما ألقوه في النار خرج بامرأته سارة ومعه أخوها لوط وهما ابنا أخيه فتوجها إلى أرض الشام ثم بلغوا مصر وكانت سارة رضي الله عنها من أجمل الناس فلما دخلت مصر تحدث الناس بجمالها وعجبوا له حتى بلغ ذلك الملك فدعا ببعلها وسأله ما هو منها فخاف إن قال له زوجها أن يقتله فقال: أنا أخوها، فقال: زوجينها، فكان على ذلك حتى بات ليلة فجاءه حلم فخنقه وخوفه فكان هو وأهله في خوف وهول حتى علم أنه قد أتى من قبلها فدعا إبراهيم فقال: ما حملك على أن تغرني زعمت أنها أختك فقال: إني خفت إن ذكرت أنها زوجتي أن يصيبني منك ما أكره فوهب لها هاجر أم إسمعيل وحملهم وجهزهم حتى استقر قرارهم على جبل ايليا فكانوا بها حتى كثرت أموالهم ومعايشهم فكان بين رعاء إبراهيم ورعاء لوط جوار وقتال: فقال لوط لإبراهيم: إن هؤلاء الرعاء قد فسد ما بينهم وكانت تضيق فيهم المراعي ونخاف أن لا تحملنا هذه الأرض فإن أحببت أن أخف عنك خففت، قال إبراهيم: ما شئت إن شئت فانتقل منها وإن شئت انتقلت منك، قال لوط عليه السلام: لا بل أنا أحق أن أخف عنك، ففر بأهله وماله إلى سهل الأردن فكان بها حتى أغار عليه أهل فلسطين فسبوا أهله وماله، فبلغ ذلك إبراهيم عليه السلام فأغار عليهم بما كان عنده من أهله ورقيقه وكان عددهم زيادة على ثلاثمائة من كان مع إبراهيم فاستنقذ من أهل فلسطين من كان معهم من أهل لوط حتى ردهم إلى قرارهم ثم انصرف إبراهيم إلى مكانه وكان أهل سدوم الذين فيهم لوط قوم قد استغنوا عن النساء بالرجال فلما رأى الله كان عند ذلك بعث الملائكة ليعذبوهم فأتوا إبراهيم فلما رآهم راعه هيئتهم وجمالهم فسلموا عليه وجلسوا إليه فقام ليقرب إليهم قرى فقالوا: مكانك، قال: بل دعوني آتيكم بما ينبغي لكم فإن لكم حقا لم يأتنا أحد أحق بالكرامة منكم فأمر بعجل سمين فحنذ له - يعني شوي لهم - فقرب إليهم الطعام {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة} وسارة رضي الله عنها وراء الباب تسمع {قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم} مبارك فبشر به امرأته سارة فضحكت وعجبت كيف يكون له مني ولد وأنا عجوز وهذا شيخ كبير، {قالوا أتعجبين من أمر الله} فإنه قادر على ما يشاء وقد وهبه الله لكم فأبشروا به، فقاموا وقام معهم إبراهيم عليه السلام فمشوا معا وسألهم قال: أخبروني لم بعثتم وما دخل بكم قالوا: إنا أرسلنا إلى أهل سدوم لندمرها فإنهم قوم سوء وقد استغنوا بالرجال عن النساء، قال إبراهيم: إن فيها قوما صالحين فكيف يصيبهم من العذاب ما يصيب أهل عمل السوء قالوا: وكم فيها قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون رجلا صالحا، قالوا: إذن لا نعذبهم، قال: إن كان فيهم أربعون قالوا: إذن لا نعذبهم، فلم يزل ينقص حتى بلغ إلى عشرة ثم قال: فأهل بيت قالوا: فإن كان فيها بيت صالح، قال: فلوط وأهل بيته قالوا: إن امرأته هواها معهم فكيف يصرف عن أهل قرية لم يتم فيها أهل بيت صالحين، فلما يئس منهم إبراهيم عليه السلام انصرف وذهبوا إلى أهل سدوم فدخلوا على لوط عليه السلام فلما رأتهم امرأته أعجبها هيئتهم وجمالهم فأرسلت إلى أهل القرية أنه قد نزل بنا قوم لم ير قط أحسن منهم ولا أجمل، فتسامعوا بذلك فغشوا دار لوط من كل ناحية وتسوروا عليهم الجدران فلقيهم لوط عليه السلام فقال: يا قوم لا تفضحوني في بيتي وأنا أزوجكم بناتي فهن أطهر لكم، قالوا: لو كنا نريد بناتك لقد عرفنا مكانك ولكن لا بد لنا من هؤلاء القوم الذين نزلوا بك فخل بيننا وبينهم وأسلم منا فضاق به الأمر {قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فوجد عليه الرسل في هذه الكلمة فقالوا: إن ركنك لشديد وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ومسح أحدهم أعينهم بجناحه فطمس أبصارهم فقالوا: سحرنا انصرف بنا حتى ترجع إليهم تغشاهم الليل فكان من أمرهم ما قص الله في القرآن فأدخل ميكائيل وهو صاحب العذاب جناحه حتى بلغ أسفل الأرض ثم حمل قراهم فقلبها عليهم ونزلت حجارة من السماء فتتبعت من لم يكن منهم في القرية حيث كانوا فأهلكهم الله تعالى ونجا لوط وأهله إلا امرأته). [الدر المنثور: 8/93-97] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن علي رضي الله عنه قال: قالت سارة رضي الله عنها لما بشرتها الملائكة عليهم السلام {يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقالت الملائكة ترد على سارة {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال: فهو كقوله (وجعلها كلمة باقية في عقبه) (الزخرف الآية 28) بمحمد صلى الله عليه وسلم وآله من عقب إبراهيم). [الدر المنثور: 8/102] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه في قوله {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال: كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فسلم عليه فقلت: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال ابن عباس: انته إلى ما انتهيت إليه الملائكة ثم تلا {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت}). [الدر المنثور: 8/102-103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن سائلا قام على الباب وهو عند ميمونة رضي الله عنها فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته وصلواته ومغفرته فقال ابن عباس: انتهوا بالتحية إلى ما قال الله {رحمة الله وبركاته}). [الدر المنثور: 8/103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن عطاء قال: كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما فجاء سائلا فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته وصلواته، فقال ابن عباس: ما هذا السلام وغضب حتى احمرت وجنتاه إن الله حد للسلام حدا ثم انتهى ونهى عما وراء ذلك ثم قرأ {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد}). [الدر المنثور: 8/103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلا قال له: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فانتهره ابن عمر وقال: حسبك إذا انتهيت إلى وبركاته إلى ما قال الله). [الدر المنثور: 8/103]


رد مع اقتباس