عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 02:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 56 وحتى آخر السورة]

{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}

تفسير قوله تعالى:{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يا عبادي الّذين آمنوا إنّ أرضي واسعةٌ} [العنكبوت: 56] سفيان الثّوريّ، عن الرّبيع بن أبي راشدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: {إنّ أرضي واسعةٌ} [العنكبوت: 56] قال: ذا عمل فيها بالمعاصي، فاخرجوا منها.
وقال مجاهدٌ: فهاجروا وجاهدوا.
وقال السّدّيّ: {إنّ أرضي واسعةٌ} [العنكبوت: 56]، يعني: أرض المدينة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/637]
{فإيّاي فاعبدون} [العنكبوت: 56] فيها.
أمرهم في هذه الآية بالهجرة، وأن يجاهدوا في سبيل اللّه، يهاجروا إلى المدينة ثمّ يجاهدوا إذا أمروا بالجهاد.
وقوله: {فإيّاي فاعبدون} [العنكبوت: 56]، أي: في تلك الأرض الّتي آمركم أن تهاجروا إليها، يعني: المدينة، نزلت هذه الآية بمكّة قبل الهجرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/638]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يا عبادي الّذين آمنوا إنّ أرضي واسعةٌ...}: هذا لمسلمة أهل مكّة الذين كانوا مقيمين مع المشركين, يقول {إنّ أرضي واسعةٌ} : يعني المدينة , أي: فلا تجاوروا أهل الكفر).
[معاني القرآن: 2/318]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا عبادي الّذين آمنوا إنّ أرضي واسعة فإيّاي فاعبدون (56)} تفسيرها: قيل إنهم أمروا بالهجرة من الموضع الذي لا تمكنهم فيه عبادة اللّه عزّ وجلّ , وأداء فرائضه، وأصل هذا: فيمن كان يمكنه ممن آمن , وكان لا يمكنه إظهار إيمانه، وكذلك يجب على كل من كان في بلد يعمل فيه بالمعاصي , ولا يمكنه بغير ذلك أن يهاجر , وينتقل إلى حيث يتهيأ له أن يعبد الله حق عبادته.
وقوله عزّ وجلّ: {فإيّاي فاعبدون}
{إيّاي}: منصوب بفعل مضمر، الذي ظهر يفسّره.
المعنى : فاعبدوا إياي , فاعبدوني، فاستغنى بأحد الفعلين، أعني الثاني عن إظهار الأول، فإذا قلت: فإياي فاعبدوا، فإياي منصوب بما بعد الفاء، ولا تنصبه بفعل مضمر كما أنك إذا قلت: بزيد فامرر، فالباء متعلقة بامرر، والمعنى: إنّ أرضي واسعة فاعبدون، فالفاء إذا قلت زيدا فاضرب , لا يصلح إلا أن تكون جوابا للشرط، كأن قائلا قال: أنا لا أضرب عمرا، ولكني أضرب زيدا، فقلت أنت مجيبا له: فاضرب زيدا، ثم قلت : زيدا فاضرب، فجعلت تقديم الاسم بدلا من الشرط, كأنك قلت : إن كان الأمر على ما تصف, فاضرب زيدا، وهذا مذهب جميع النحويين البصريين.). [معاني القرآن: 4/172-173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون}
قال سعيد بن جبير : (إذا أمرتم بالمعاصي , فاهربوا).
وقال عطاء : (إذا رأيتم المعاصي , فاهربوا) .
وقال مجاهد: (هاجروا واعتزلوا الأوثان) .
قال أبو جعفر : القولان يرجعان إلى شيء واحد .
فقول مجاهد : (أنهم أمروا بالهجرة , ومجانبة أصحاب الأوثان) , وقال العلماء كذلك, إذا لم يقدر أن يأمر بالمعروف , وينهى عن المنكر خرج , وكان حكمه حكم أولئك.
وقيل : أي: إن أرض الجنة واسعة , فاعبدوني حتى أعطيكموها.).[معاني القرآن: 5/233-234]

تفسير قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {كلّ نفسٍ ذائقة الموت} [العنكبوت: 57] كقوله: {ثمّ إنّكم بعد ذلك لميّتون} [المؤمنون: 15] وكقوله: {كلّ من عليها فانٍ} [الرحمن: 26] وكقوله: {إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون} [الزمر: 30].
قال: {ثمّ إلينا ترجعون} [العنكبوت: 57] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/638]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنبوّئنّهم} [العنكبوت: 58] لنسكننّهم {من الجنّة غرفًا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} [العنكبوت: 58] لا يموتون ولا يخرجون منها.
{نعم أجر العاملين} [العنكبوت: 58] نعم ثواب العاملين في الدّنيا، يعني: الجنّة.
- أبو أميّة، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسارٍ، عن رفاعة بن عرابة الجهنيّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أشهد باللّه»، قال: وكان إذا حلف يقول: «والّذي نفسي بيده لا يموت رجلٌ كان يشهد أن لا إله إلا اللّه صادقًا من قلبه وأنّ محمّدًا رسول اللّه ثمّ يسدّد إلا سلك به إلى الجنّة مع أنّ ربّي قد وعدني أن يدخل من أمّتي الجنة سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب، وإنّي لأرجو أن تدخلوها حتّى تبوّءوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرّيّاتكم مساكن في الجنّة»). [تفسير القرآن العظيم: 2/638]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنبوّئنّهم...}
قرأها العوام {لنبوّئنّهم} , وحدثني قيس , عن أبي إسحاق أن ابن مسعود قرأها :{لنثوينّهم}, وقرأها كذلك يحيى بن وثّاب , وكلّ حسن : بوّأته منزلاً, وأثويته منزلاً). [معاني القرآن: 2/318]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ لنبوّئنّهم من الجنّة غرفاً }, مجازه: لننزلنهم، وهو من قولهم: " اللهم بوّئنا مبوّأ صدقٍ ".). [مجاز القرآن: 2/117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لنبؤنهم}: من تبوأت ومن قال {لنثوينهم} من الثواء وهم الإقامة). [غريب القرآن وتفسيره: 295]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لنبوّئنّهم من الجنّة غرفاً} : أي : لننزلنّهم, ومن قرأ: لنثوينهم، فهو من «ثويت بالمكان» , أي :أقمت به.). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا} : أي : لننزلنهم , ومعنى لنثوينهم : لنعطينهم منازل يثوون فيها , يقال : ثوى إذا أقام.). [معاني القرآن: 5/234]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لنبوئنهم}: لنثوينهم، ولنسكننهم معا.). [ياقوتة الصراط: 401]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَنُبَوِّئَنَّهُم}: لننزلنهم , {لَنُثوِّئَنَّهُم}: من الثوا). [العمدة في غريب القرآن: 237]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكأيّن} [العنكبوت: 60]، يعني: وكم.
{من دابّةٍ لا تحمل رزقها} [العنكبوت: 60] تأكل بأفواهها ولا تحمل شيئًا لغدٍ.
تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: يعني: البهائم والطّير والوحوش والسّباع.
{اللّه يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم} [العنكبوت: 60] لا أسمع منه ولا أعلم منه). [تفسير القرآن العظيم: 2/639]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقولوا: {وكأيّن مّن دابّةٍ...}نزلت في مؤمني أهل مكّة، لمّا أمروا بالتحوّل عنها , والخروج إلى المدينة قالوا: يا رسول الله , ليس لنا بالمدينة منازل , ولا أموال, فمن أين المعاش؟ , فأنزل الله : {وكأيّن مّن دابّةٍ لاّ تحمل رزقها} لا تدّخر رزقها , ولا تجمعه، أي: كذلك جميع هوامّ الأرض كلّها إلاّ النملة , فإنها تدّخر رزقها لسنتها.). [معاني القرآن: 2/318]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وكأين من دابّةٍ لا تحمل رزقها} مجازه: وكم من دابة، ومجاز : الدابة: أن كل شيء يحتاج إلى الأكل والشرب , فهو دابة من إنس , أو غيرهم.). [مجاز القرآن: 2/117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكأيّن من دابّةٍ}: أي كم من دابة , {لا تحمل رزقها}: لا ترفع شيئا لغد، {اللّه يرزقها}. قال ابن عيينة: (ليس شيء يخبأ، إلا الإنسان , والنملة , والفأرة)). [تفسير غريب القرآن: 339]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وكأيّن من دابّة لا تحمل رزقها اللّه يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم (60)}كل حيوان على الأرض مما يعقل، وما لا يعقل فهو دابة، وإنما هو من دبّت على الأرض , فهي دابّة، والمعنى : نفس دابّة.
ومعنى {وكأيّن}:وكم من دابّة.
وقوله: {لا تحمل رزقها}: أي: لا تدّخر رزقها، إنما تصبح , فيرزقها اللّه.
وعلى هذا أكثر الحيوان , والدّبيب , وليس في الحيوان الذي هو دبيب ما يدخر فيما تبيّن غير النّمل، فإن ادّخاره بيّن.). [معاني القرآن: 4/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكأين من دابة لا تحمل رزقها}
قال مجاهد : (الطير , والبهائم لا تحمل رزقها) .
وروى الحميدي , عن سفيان : (لا تحمل) : لا تخبئ , قال: (وليس شيء يدخر إلا الإنسان, والنملة , والفأرة) .
قال أبو جعفر : دابة : تقع لكل الحيوان مما يعقل , ولا يعقل إلا أن معناه ههنا الخصوص , أي : وكم من دابة عاجزة الله يرزقها , وإياكم.). [معاني القرآن: 5/235]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا}: أي : لا تدخر وتخببيء, وليس شيء يدخر سوى الإنسان , والنملة , والفأرة.ومعنى {كأين} حيث وقعت، على وجه الخبر بالكثرة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 186]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم} [العنكبوت: 61]، يعني: المشركين.
{من خلق السّموات والأرض وسخّر الشّمس والقمر} [العنكبوت: 61] تجريان.
{ليقولنّ اللّه فأنّى يؤفكون} [العنكبوت: 61] فكيف يصرفون بعد إقرارهم بأنّ اللّه خلق هذه الأشياء). [تفسير القرآن العظيم: 2/639]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده} [العنكبوت: 62] يوسّع الرّزق على من يشاء من عباده.
{ويقدر له} [العنكبوت: 62]، أي: ويقتّر عليه نظرًا له، يعني بذلك المؤمن.
{إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} [العنكبوت: 62] كقوله: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفًا من فضّةٍ} [الزخرف: 33] إلى آخر الآية.
- يحيى، عن بعض أصحابه، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لو كانت الدّنيا تعدل عند اللّه جناح ذبابٍ ما أعطى منها كافرًا شيئًا».
- الحسن بن دينارٍ، والمبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألا إنّ الدّنيا، في حديث المبارك، سجن المؤمن وجنّة الكافر»). [تفسير القرآن العظيم: 2/639]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم} [العنكبوت: 63]، يعني: المشركين.
{من نزّل من السّماء ماءً} [العنكبوت: 63]، يعني: المطر.
{فأحيا به الأرض من بعد موتها} [العنكبوت: 63] فأخرج به النّبات من بعد أن كانت تلك الأرض ميّتةً، أي: يابسةً ليس فيها نباتٌ.
قال: {ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعقلون} [العنكبوت: 63] فيؤمنون.
أي أنّهم قد أقرّوا بأنّ اللّه خالق هذه الأشياء ثمّ عبدوا الأوثان من دونه). [تفسير القرآن العظيم: 2/640]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما هذه الحياة الدّنيا إلا لهوٌ ولعبٌ} [العنكبوت: 64]، أي: أنّ أهل الدّنيا أهل لهوٍ ولعبٍ، يعني: المشركين هم أهل الدّنيا الّذين لا يريدون غيرها، لا يقرّون بالآخرة.
{وإنّ الدّار الآخرة} [العنكبوت: 64]، يعني: الجنّة.
{لهي الحيوان} [العنكبوت: 64] ابن مجاهدٍ، عن أبيه قال: لا موتٌ فيها، أي: يبقى فيها أهلها لا يموتون.
قال: {لو كانوا يعلمون} [العنكبوت: 64]، يعني: المشركين، أي: لو كانوا يعلمون لعلموا أنّ الآخرة خيرٌ من الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 2/640]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان...}: حياة لا موت فيها.).
[معاني القرآن: 2/318]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (و{ الدّار الآخرة لهي الحيوان }, مجازه: الدار الآخرة هي الحيوان، واللام تزاد للتوكيد، قال الشاعر:
أمّ الحليس لعجوزٌ شهر به= ترضى من اللحم يعظم الرّقبه
ومجاز الحيوان , الحياة واحد، ومنه قولهم: نهر الحيوان , أي : نهر الحياة، ويقال: حييت حياً على تقدير: عييت عياً، فهو مصدر، والحيوان , والحياة اسمان , منه فيما تقول العرب، قال العجاج:
= وقد ترى إذ الحياة حيّ
أي : الحياة.). [مجاز القرآن: 2/117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الحيوان}: والحياة واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 296]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان} : يعني: الجنة هي دار الحياة، أي:لا موت فيها.). [تفسير غريب القرآن: 339]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما هذه الحياة الدّنيا إلّا لهو ولعب وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون (64)}{وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون}:معناه : هي دار الحياة الدائمة.وقوله عزّ وجلّ: {لنبوّئنّهم من الجنّة غرفاً}وقرئت{لنثوينّهم}- بالثاء - يقال: ثوى الرجل إذا أقام بالمكان , وأثويته : أنزلته منزلا يقيم فيه.). [معاني القرآن: 4/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان}قال مجاهد : (لا موت فيها).
وقال قتادة : (الحيوان) : (الحياة) .
قال أبو جعفر : يقال : حيوان , وحياة , وحي , كما قال:
= قد ترى إذ الحياة حي). [معاني القرآن: 5/236]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):({الْحَيَوَانُ}: الحياة.). [العمدة في غريب القرآن: 237]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين} [العنكبوت: 65] إذا خافوا الغرق.
{فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون {65}). [تفسير القرآن العظيم: 2/640]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إذا هم يشركون...}
يقول: يخلصون الدعاء , والتوحيد إلى الله في البحر، فإذا نجّاهم صاروا إلى عبادة الأوثان.). [معاني القرآن: 2/318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون (65)}أي : لم يدعوا أن تنجيهم أصنامهم , وما يعبدونه مع اللّه.{فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون}:أي: عبدون مع اللّه غيره.). [معاني القرآن: 4/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين}أي: فإذا أصابتهم شدة , دعوا الله وحده , وتركوا ما يعبدون من دونه .وقوله جل وعز: {فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} : أي: يدعون معه غيره.). [معاني القرآن: 5/236]

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ليكفروا بما آتيناهم} [العنكبوت: 66]، يعني: لئلا يكفروا بما آتيناهم , تفسير السّدّيّ.
وقال في آيةٍ أخرى: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرًا} [إبراهيم: 28].
قال: {وليتمتّعوا} [العنكبوت: 66] في الدّنيا.
{فسوف يعلمون} [العنكبوت: 66] إذا صاروا إلى النّار، وهذا وعيدٌ.
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 2/640]
عليه وسلّم: «المؤمن يأكل في معًى واحدٍ والكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ»). [تفسير القرآن العظيم: 2/641]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وليتمتّعوا...}
قرأها عاصم , والأعمش على جهة الأمر , والتوبيخ بجزم اللام , وقرأها أهل الحجاز {وليتمتّعوا} مكسورة على جهة كي). [معاني القرآن: 2/319]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ليكفروا بما آتيناهم وليتمتّعوا فسوف يعلمون (66)}
{وليتمتّعوا} قرئ بكسر اللام وتسكينها، والكسر أجود على معنى : لكي يكفروا , وكي يتمتعوا.). [معاني القرآن: 4/173-174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون}, وليتمتعوا على التهديد وكسر اللام.). [معاني القرآن: 5/237]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمنًا} [العنكبوت: 67]، أي: بلى قد رأوا ذلك.
{ويتخطّف النّاس من حولهم} [العنكبوت: 67]، يعني: أهل الحرم أنّهم آمنوا والعرب حولهم يقتل بعضهم بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا.
قال: {أفبالباطل يؤمنون} [العنكبوت: 67]، أي: أفبإبليس {يؤمنون} [العنكبوت: 67] يصدّقون، يعبدونه بما وسوس إليهم من عبادة الأوثان وهي عبادته، قال: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ {60} وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ {61}} [يس: 60-61].
قال: {وبنعمة اللّه يكفرون} [العنكبوت: 67] وهذا على الاستفهام.
بلى قد فعلوا، وقوله عزّ وجلّ: {وبنعمة اللّه يكفرون} [العنكبوت: 67]، يعني: ما جاء به النّبيّ عليه السّلام من الهدى). [تفسير القرآن العظيم: 2/641]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فعسى أن يكون من المفلحين...}
وكلّ شيء في القرآن من {عسى} فذكر لنا أنها واجبة). [معاني القرآن: 2/309]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقولهم: أين قوله: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} من قوله: {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
وتأويل هذا: أن أهل الجاهلية كانوا يتغاورون ويسفكون الدماء بغير حقها، ويأخذون الأموال بغير حلّها، ويخيفون السّبل، ويطلب الرجل منهم الثأر فيقتل غير قاتله، ويصيب غير الجاني عليه، ولا يبالي من كان بعد أن يراه كفأ لوليّه ويسمّيه: الثأر المنيم، وربما قتل أحدهم حميمه بحميمه.
قال ابن مضرّس وقتل خاله بأخيه:
بكت جزعا أمّي رميلة أن رأت = دما من أخيها بالمهنّد باقيا
فقلت لها: لا تجزعي إنّ طارقا = خليلي الذي كان الخليل المصافيا
وما كنت لو أعطيت ألفي نجيبة = وأولادها لغوا وستين راعيا
لأقبلها من طارق دون أن أرى = دما من بني حصن على السيف جاريا
وما كان في عوف قتيل علمته = ليوفيني من طارق غير خاليا
وربما أسرف في القتل فقتل بالواحد ثلاثة وأربعة وأكثر.
وقال الشاعر:
هم قتلوا منكم بظنّة واحد = ثمانية ثم استمرّوا فأرتعوا
يقول: إنهم اتهموكم بقتل رجل منهم، فقتلوا منكم ثمانية به. فجعل الله الكعبة البيت الحرام وما حولها من الحرم، والشهر الحرام، والهدي، والقلائد- قواما للناس. أي أمنا لهم، فكان الرجل إذا خاف على نفسه لجأ إلى الحرم فأمن.
يقول الله جل وعز: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}.
وإذا دخل الشهر الحرام تقسّمتهم الرّحل، وتوزّعتهم النّخع، وانبسطوا في متاجرهم، وأمنوا على أموالهم وأنفسهم.وإذا أهدى الرجل منهم هديا، أو قلّد بعيره من لحاء شجر الحرم- أمن كيف تصرّف وحيث سلك.
ولو ترك الناس على جاهليتهم وتغاورهم في كل موضع وكل شهر- لفسدت الأرض، وفني الناس، وتقطّعت السّبل، وبطلت المتاجر.
ففعل الله ذلك لعلمه بما فيه من صلاح شؤونهم، وليعلموا كما علم ما فيه من الخير لهم- أنه يعلم أيضا ما في السّموات وما في الأرض من مصالح العباد ومرافقهم، وأنه بكل شيء عليم). [تأويل مشكل القرآن: 73-74] (م)

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجيء المفعول به على لفظ الفاعل:كقوله سبحانه: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ}، أي لا معصوم من أمره.
وقوله: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}، أي مدفوق.
وقوله: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}، أي مرضيّ بها.
وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا}، أي مأمونا فيه. وقوله: {وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً}، أي مبصرا بها.
والعرب تقول: ليل نائم، وسرّ كاتم، قال وعلة الجرميّ:

ولما رأيت الخيل تترى أثايجا = علمت بأنّ اليوم أحمس فاجر
أي يوم صعب مفجور فيه). [تأويل مشكل القرآن: 296-297] (م)

تفسير قوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا} [العنكبوت: 68] فعبد الأوثان من دونه.
{أو كذّب بالحقّ} [العنكبوت: 68] بالقرآن.
وقال السّدّيّ: {بالحقّ} [العنكبوت: 68]، يعني: التّوحيد.
قال: {لمّا جاءه} [العنكبوت: 68]، أي: لا أحد أظلم منه.
ثمّ قال: {أليس في جهنّم مثوًى} [العنكبوت: 68] منزلٌ.
{للكافرين} وهو على الاستفهام، أي: بلى فيها مثوًى للكافرين). [تفسير القرآن العظيم: 2/641]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({أليس في جهنّم مثوًى للكافرين }: مجازه مجاز الإيجاب ؛ لأن هذه الألف يكون الاستفهام وللإيجاب , فهي هاهنا للإيجاب، وقال جرير:

ألستم خير من ركب المطايا= وأندى العالمين بطون راح
فهذا لم يشك، ولكن أوجب لهم ؛ أنهم كذلك، ولولا ذلك ما أثابوه؛ والرجل يعاتب عبده , وهو يقول له: أفعلت كذا؟, وهو لا يشك.). [مجاز القرآن: 2/118]

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {والّذين جاهدوا فينا} [العنكبوت: 69]، يعني: عملوا لنا، تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/641]
{لنهدينّهم سبلنا} [العنكبوت: 69]، يعني: سبل الهدى، الطّريق إلى الجنّة.
قال: نزلت قبل أن يؤمر بالجهاد ثمّ أمر بالجهاد بعد بالمدينة.
قال: {وإنّ اللّه لمع المحسنين} [العنكبوت: 69]، أي: المؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 2/642]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ اللّه لمع المحسنين (69)}
أعلم اللّه : أنه يزيد المجاهدين هداية , كما أنه يضل الفاسقين, ويزيد الكافرين بكفرهم ضلالة، كذلك يزيد المجاهدين هداية كذا , قال عزّ وجلّ: {والّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم (17)} فالمعنى : أنه آتاهم ثواب تقواهم , وزادهم هدى على هدايتهم.وقوله: {وإنّ اللّه لمع المحسنين}: تأويله إن الله ناصرهم؛ لأن قوله: {والّذين جاهدوا فينا}: اللّه معهم, يدل على نصرهم، والنصرة تكون في علوّهم على عدوّهم بالغلبة بالحجة , والغلبة بالقهر , والقدرة.). [معاني القرآن: 4/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :(وقوله جل وعز: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}أي : لنزيدنهم هدى , ثم أخبرنا جل وعز أنه ينصرهم , فقال: {وإن الله لمع المحسنين}.).[معاني القرآن: 5/237]


رد مع اقتباس