عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 02:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 36 إلى 55]

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44) اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54) يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإلى مدين} [العنكبوت: 36]، أي: وأرسلنا إلى مدين.
{أخاهم شعيبًا} [العنكبوت: 36] أخوهم في النّسب وليس بأخيهم في الدّين.
{فقال يا قوم اعبدوا اللّه} [العنكبوت: 36] وحّدوا اللّه، تفسير السّدّيّ.
{وارجوا اليوم} [العنكبوت: 36]، أي: صدّقوا باليوم الآخر.
{ولا تعثوا في الأرض مفسدين} [العنكبوت: 36] ولا تسيروا في الأرض مفسدين، في تفسير قتادة.
وتفسير الحسن: ولا تكونوا في الأرض مفسدين). [تفسير القرآن العظيم: 2/629]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({وارجوا اليوم الآخر }: مجازه: واخشوا اليوم الآخر، قال أبو ذؤيب:

إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها= وحالفها في بيت نوبٍ عوامل
أي: لم يخف.
{ولا تعثوا في الأرض مفسدين }: مجازه من: عثيت تعثى عثواً , هو أشد مباللغة من عثيت ثعيت). [مجاز القرآن: 2/115-116]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإلى مدين أخاهم شعيبا}
قال قتادة : أرسل شعيب صلى الله عليه وسلم مرتين إلى أمتين : إلى أهل مدين, وإلى أصحاب الأيكة). [معاني القرآن: 5/225]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فكذّبوه فأخذتهم الرّجفة} [العنكبوت: 37] والرّجفة هاهنا، عند الحسن، مثل الصّيحة وهما عنده العذاب.
وتفسير السّدّيّ: صيحة جبريل.
قال: {فأصبحوا في دارهم جاثمين} [العنكبوت: 37] قال: موتى قد هلكوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/629]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({جاثمين }: بعضهم على بعض، وجاثمين لركبهم , وعلى ركبهم.).
[مجاز القرآن: 2/116]

تفسير قوله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وعادًا وثمود} [العنكبوت: 38] قال: وأهلكنا عادًا وثمود.
{وقد تبيّن لكم من مساكنهم} [العنكبوت: 38]، يعني: ما رأوا من آثارهم.
قال: {وزيّن لهم الشّيطان أعمالهم فصدّهم عن السّبيل} [العنكبوت: 38] عن سبيل الهدى.
[تفسير القرآن العظيم: 2/629]
{وكانوا مستبصرين} [العنكبوت: 38] في الضّلالة في تفسير مجاهدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/630]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وكانوا مستبصرين...}

في دينهم, يقول: ذوو بصائر.). [معاني القرآن: 2/317]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{وعادا وثمود وقد تبيّن لكم من مساكنهم وزيّن لهم الشّيطان أعمالهم فصدّهم عن السّبيل وكانوا مستبصرين (38)}
المعنى : وأهلكنا عادا وثمودا، لأن قبل هذا قارون , وأصحابه، فأخذتهم الرجفة.). [معاني القرآن: 4/168]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم}
أي : أهلكنا عادا وثمود , وقيل التقدير: واذكر عادا , وثمود.
وقوله جل وعز: {وكانوا مستبصرين}
قال مجاهد: (أي : في الضلالة).
وقال قتادة: (أي: معجبين بضلالتهم).
وقيل: وكانوا مستبصرين, أي: قد علموا أنهم معذبون , وقد فعلوا ما فعلوا.). [معاني القرآن: 5/226]

تفسير قوله تعالى:{وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقارون وفرعون وهامان} [العنكبوت: 39]، أي: وأهلكنا قارون وفرعون وهامان.
{ولقد جاءهم موسى بالبيّنات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين} [العنكبوت: 39] ما كانوا بالّذين يسبقوننا حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم.
وقال السّدّيّ: {وما كانوا سابقين} [العنكبوت: 39] ما كانوا سابقي اللّه بأعمالهم الخبيثة فيفوتوه هربًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/630]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({ وما كانوا سابقين }, مجازه: فائقين معجزين.).
[مجاز القرآن: 2/116]

تفسير قوله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى: {فكلًّا أخذنا بذنبه} [العنكبوت: 40]، يعني: من أهلك من الأمم الّذين قصّ في هذه السّورة إلى هذا الموضع.
وقال السّدّيّ: {فكلًّا أخذنا بذنبه} [العنكبوت: 40]، يعني: فكلا عذّبناه بذنبه.
قال: {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا} [العنكبوت: 40]، يعني: قوم لوطٍ، يعني: الحجارة الّتي رمي بها من كان خارجًا من مدينتهم، وأهل السّفر منهم وخسف بمدينتهم.
قال: {ومنهم من أخذته الصّيحة} [العنكبوت: 40]، يعني: ثمود.
{ومنهم من خسفنا به الأرض} [العنكبوت: 40] مدينة قوم لوطٍ وقارون.
{ومنهم من أغرقنا} [العنكبوت: 40] قوم نوحٍ وفرعون وقومه.
قال: {وما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [العنكبوت: 40]، أي: يضرّون.
وفي تفسير الحسن ينقضون بشركهم وجحودهم رسلهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/630]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({أرسلنا عليه حاصباً }: أي : ريحاً عاصفاً فيها حصىً , ويكون في كلام العرب: الحاصب من الجليد , ونحوه أيضاً، قال الفرزدق:

مستقبلين شمال الشام تضربنا= بحاصب كنديف القطن منثور).[مجاز القرآن: 2/116]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً}: يعني: الحجارة, وهي: الحصباء أيضا, يعني: قوم لوط.). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأخذ: التعذيب، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} أي: تعذيبه. وقال: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} أي عذبنا.
وقال: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} أي ليعذبوه أو ليقتلوه). [تأويل مشكل القرآن: 503](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فكلّا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصّيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (40)}
{فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً}: وهم قوم لوط.
{ومنهم من أخذته الصّيحة}: وهم قوم ثمود , ومدين.
{ومنهم من خسفنا به الأرض}: وهم قارون , وأصحابه.
{ومنهم من أغرقنا}: وهم قوم نوح, وفرعون.
فأعلم اللّه أن الذي فعل بهم عدل، وأنه لم يظلمهم، وأنهم ظلموا أنفسهم؛ لأنه قد بيّن لهم، وذلك قوله:{وكانوا مستبصرين}: أتوا ما أتوه , وقد بيّن لهم أن عاقبته عذابهم.). [معاني القرآن: 4/168-169]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا}
أي: حصبا , وهي الحجارة , وهم قوم لوط.
ومنهم من أخذته الصيحة : هم ثمود , وأهل مدين, ومنهم من خسفنا به الأرض: قارون, وأصحابه, ومنهم من أغرقنا: قوم نوح, وفرعون, وأصحابه.
ثم أخبر تعالى أنه لم يظلمهم في ذلك, فقال: وما كان الله ليظلمهم, ولكن كانوا أنفسهم يظلمون). [معاني القرآن: 5/227]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {مثل الّذين اتّخذوا من دون اللّه أولياء} [العنكبوت: 41]، يعني:
[تفسير القرآن العظيم: 2/630]
أوثانهم الّتي عبدوها.
وقال السّدّيّ: {أولياء}، يعني: آلهةً وهو أحدٌ.
قال: {كمثل العنكبوت اتّخذت بيتًا وإنّ أوهن البيوت} [العنكبوت: 41] أضعف البيوت.
{لبيت العنكبوت} [العنكبوت: 41]، أي: أنّ أوثانهم لا تغني عنهم شيئًا كما لا يغني بيت العنكبوت من حرٍّ ولا بردٍ.
{لو كانوا يعلمون} [العنكبوت: 41] يعلمون لعلموا أنّ أوثانهم لا تغني عنهم شيئًا كبيت العنكبوت). [تفسير القرآن العظيم: 2/631]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {كمثل العنكبوت اتّخذت بيتاً...}

ضربه مثلاً لمن اتّخذ من دون الله وليّاً, أنه لا ينفعه , ولا يضرّه، كما أن بيت العنكبوت , لا يقيها حرّاً , ولا برداً, والعنكبوت أنثى, وقد يذكّرها بعض العرب, قال الشاعر:
على هطّالهم منهم بيوتٌ = كأنّ العنكبوت هو ابتناها).[معاني القرآن: 2/317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (المَثَل: بمعنى الشَّبَه، يقال: هذا مَثَلُ الشَّيءِ وَمِثْلُهُ، كما يقال: شَبَهُ الشَّيءِ وَشِبْهُهُ، قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} [العنكبوت: 41] أي شَبَه الذين كفروا شبه العنكبوت). [تأويل مشكل القرآن: 496]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{مثل الّذين اتّخذوا من دون اللّه أولياء كمثل العنكبوت اتّخذت بيتا وإنّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون (41)}
(لو) متصلة بقوله : {اتّخذوا}, أي: لو علموا أن اتخاذهم الأولياء كاتخاذ العنكبوت، ليس أنهم لا يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف, وذلك أن بيت العنكبوت لا بيت أضعف منه، فيما يتّخذه الهوام في البيوت، ولا أقل وقاية منه من حرّ , أو برد.
والمعنى : أن أولياءهم لا ينقصونهم، ولا يرزقونهم و, لا يدفعون عنهم ضررا، كما أن بيت العنكبوت غير موق للعنكبوت.). [معاني القرآن: 4/169]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا} قال قتادة : هذا مثل ضربه الله عز وجل, أي: إنه لا ينفع لضعفه كما أن بيت العنكبوت لا ينفع, ولا يقي.
ثم قال جل وعز: {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون}
لو متعلقة بقوله: {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت}, لو كانوا يعلمون أن أولياءهم لا يغنون عنهم شيئا , وأن هذا مثلهم.). [معاني القرآن: 5/227-228]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {إنّ اللّه يعلم ما يدعون من دونه من شيءٍ} [العنكبوت: 42] يقوله للمشركين، يعني: ما تعبدون من دونه.
{وهو العزيز} [العنكبوت: 42] في نقمته.
{الحكيم} في أمره). [تفسير القرآن العظيم: 2/631]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وتلك الأمثال نضربها للنّاس} [العنكبوت: 43]، يعني: نصفها للنّاس، فنبيّنها للنّاس، تفسير السّدّيّ.
قال: {وما يعقلها إلا العالمون} [العنكبوت: 43]، يعني: المؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 2/631]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({ وتلك الأمثال نضربها للنّاس}, مجازها: هذه الأشباه والنظائر نحتج بها، يقال اضرب لي مثلاً: قال الأعشى:

هل تذكر العهد في تنمّص إذ= تضرب لي قاعداً بها مثلا).[مجاز القرآن: 2/116]

تفسير قوله تعالى: (خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {خلق اللّه السّموات والأرض بالحقّ} [العنكبوت: 44]، أي: للبعث والحساب كقوله: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما باطلا} [ص: 27]، أي: خلقناهما للبعث والحساب، قال: {ذلك ظنّ الّذين كفروا} [ص: 27] ألا يبعثوا ولا يحاسبوا.
قال: {إنّ في ذلك لآيةً} لعبرةً، ويقال: لمعرفةً.
{للمؤمنين} في خلق السّموات والأرض يعلمون أنّ الّذي خلق السّموات والأرض يبعث الخلق يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/631]

تفسير قوله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصّلاة إنّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/631]
الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} [العنكبوت: 45] تفسير الكلبيّ أنّ العبد المؤمن ما دام في صلاته لا يأتي فحشاء ولا منكرًا.
- الحسن، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «كلّ صلاةٍ لا تنهى عن الفحشاء والمنكر فإنّ صاحبها لا يزداد من اللّه إلا بعدًا».
- وحديث المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من صلّى صلاةً لم تنهه عن الفحشاء والمنكر فإنّها لا تزيده عند اللّه إلا مقتًا».
قوله عزّ وجلّ: {ولذكر اللّه أكبر} [العنكبوت: 45] الحسن بن دينارٍ، عن الحسن في تفسيرها قال: قال اللّه: {فاذكروني أذكركم} [البقرة: 152] فإذا ذكر العبد اللّه ذكره اللّه، فذكر اللّه للعبد أكبر من ذكر العبد إيّاه.
- قال يحيى: وحدّثني أبو الجرّاح المهديّ أنّ محارب بن دثارٍ قال: قال لي ابن عمر: كيف كان تفسير ابن العبّاس في هذه الآية {ولذكر اللّه أكبر} [العنكبوت: 45]؟ فقلت: كان يقول: إنّ ذكر اللّه العبد عند المعصية، فكيف أكبر من ذكر اللّه باللّسان، فقال ابن عمر: إنّ العبد إذا ذكر اللّه ذكره اللّه، فذكر اللّه العبد أكبر من ذكر العبد إيّاه.
قال يحيى: وحدّثني أبو الأشهب، عن الحسن، قال: الذّكر ذكران أحدهما
[تفسير القرآن العظيم: 2/632]
أفضل من الآخر: ذكر اللّه باللّسان حسنٌ، وأفضل منه ذكر اللّه عندما نهاك عنه، والصّبر صبران أحدهما أفضل من الآخر: الصّبر عند المصيبة حسنٌ وأفضل منه الصّبر عمّا نهاك اللّه عنه.
قال: {واللّه يعلم ما تصنعون} [العنكبوت: 45] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/633]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللّه أكبر...}

يقول: ولذكر الله إيّاكم بالثواب خير من ذكركم إيّاه إذا انتهيتم, ويكون: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر }, وأحقّ أن ينهى). [معاني القرآن: 2/317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}, قالوا: المصلّي لا يكون في منكر ولا فاحشة، ما دام فيها.
{ولذكر اللّه أكبر}: يقول: ذكر اللّه العبد - ما كان في صلاته - أكبر من ذكر العبد للّه.
ويقال: {ولذكر اللّه أكبر}, أي: التسبيح والتكبير أكبر , وأحرى بأن ينهي عن الفحشاء والمنكر). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصّلاة إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللّه أكبر واللّه يعلم ما تصنعون (45)}
قال الحسن وقتادة: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر , فليست صلاته بصلاة، وهي: وبال عليه).
وقوله:{ولذكر اللّه أكبر} فيها أوجه:
- فمنها أن أكبر في معنى كبير، وجاء في التفسير: ولذكر اللّه إياكم إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم.
- ووجه آخر: معناه: {ولذكر اللّه أكبر}: النهى عن الفحشاء والمنكر أكبر من الانتهاء عن الفحشاء والمنكر؛ لأن اللّه قد نهى عنها). [معاني القرآن: 4/169-170]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}
روى يونس عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر , لم يزدد بها من الله إلا بعدا)).

وروى علي بن طلحة , عن ابن عباس قال: (في الصلاة منتهى, ومزدجر عن المعاصي).
قال أبو جعفر: قيل: معنى هذا: إن العبد مادام في الصلاة, فليس في فحشاء, ولا منكر.
ثم قال جل وعز: {ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون}
روى سفيان, عن ابن مسعود, وروى عن سلمان, وسعيد بن جبير, عن ابن عباس في قوله جل وعز: {ولذكر الله أكبر} قالوا: (ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه).
زاد ابن عباس: (إذا ذكرتموه بعد قوله: إياكم) ). [معاني القرآن: 5/228-229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}: قيل: ذكر الله تعالى للعبد ما كان في صلاته أكبر من ذكر العبد لله.
وقيل: الذكر هنا: التسبيح, والتكبير, أي: هو أكبر أن ينهى عن الفحشاء والمنكر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن} [العنكبوت: 46] قال يحيى: سمعت سعيدًا يذكر عن قتادة، قال: أي: بكتاب اللّه، قال: نهى اللّه عن مجادلتهم في هذه الآية ولم يكن يومئذٍ أمر بقتالهم ثمّ نسخ ذلك فأمر بقتالهم فلا مجادلة أشدّ من السّيف، فقال في سورة براءةٍ: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر
ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [التوبة: 29] همّامٌ عن قتادة، قال: أمر بقتالهم حتّى يسلموا أو يقرّوا بالجزية.
قوله عزّ وجلّ: {إلا الّذين ظلموا منهم} [العنكبوت: 46] قال بعضهم: من قاتلك ولم يعطك الجزية، يعني: إذ أمر بجهادهم.
وإنّما أمر بجهادهم بالمدينة وهذه الآية مكّيّةٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/633]
وحدّثني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {إلا الّذين ظلموا منهم} [العنكبوت: 46] وقالوا مع اللّه إلهًا آخر، وليس له ندٌّ ولا شريكٌ.
وقال مجاهدٌ: من أقام على الشّرك منهم ولم يؤمن.
وقال ابن مجاهدٍ: عن أبيه: {إلا الّذين ظلموا} [العنكبوت: 46] وقالوا إنّ مع اللّه إلهًا آخر أو له ندٌّ، أو له شريكٌ.
وقال السّدّيّ: يعني: من آمن.
قال: {وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون} [العنكبوت: 46] تفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: قوله من لم يقل من هذا شيئًا من أهل الكتاب، أي: لم يقل مع اللّه إلهٌ أو له ندٌّ أو له شريكٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/634]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلّا بالّتي هي أحسن إلّا الّذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون (46)}

أي: أهل الحرب، فالمعنى: لا تجادلوا أهل الجزية إلاّ بالتي هي أحسن، وقاتلوا الذين ظلموا.
وقيل: إن الآية منسوخة بقوله:{قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (29)}
فكان الصّغار خارجا من التي هي أحسن، فالأشبه أن تكون منسوخة.
وجائز أن يكون الصغار: أخذ الجزية منهم , وإن كرهوا، فالذين تؤخذ منهم الجزية بنص الكتاب اليهود والنصارى؛ لأنهم أصحاب التوراة والإنجيل، فأمّا المجوس, فأخذت منهم الجزية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سنّوا بهم سنة أهل الكتاب)).
واختلف الناس فيمن سوى هؤلاء من الكفار مثل عبدة الأوثان , ومن أشبههم فهم عند مالك بن أنس يجرون هذا المجرى, تؤخذ منهم الجزية سواء كانوا عجماً, أو عرباً, وأما أهل العراق فقالوا: نقبل الجزية من العجم غير العرب إذا كانوا كفارا، وإن خرجوا من هذه الأصناف , أعني : اليهود, والنصارى, والمجوس، نحو الهند والترك والديلم، فأمّا العرب عندهم, فإذا خرجوا من هذه الثلاثة الأصناف لم تقبل منهم جزية، وكان القتل في أمرهم إن أقاموا على ملّة غير اليهودية, والنصرانية, والمجوسية.
وبعض الفقهاء لا يرى إلا القتل في عبدة الأوثان, والأصنام, ومن أشبههم). [معاني القرآن: 4/170-171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم}
روى ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: (من قاتلك ولم يعطك الجزية, فقاتله بالسيف).
وروى معمر, عن قتادة: (هي منسوخة نسخها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}, ولا مجادلة أشد من السيف).


قال أبو جعفر: قول قتادة أولى بالصواب, لأن السورة مكية, وإنما أمر بالقتال بعد الهجرة , وأمر بأخذ الجزية بعد ذلك بمدة طويلة , وأيضا فإنه قال:{وهم صاغرون}.
وقوله جل وعز: {وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم}
روى سفيان, عن سعد بن إبراهيم , عن عطاء بن يسار قال: (كان قوم من اليهود يجلسون مع المسلمين, فيحدثونهم, فأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم, فقال لهم: ((لا تصدقوهم ولا تكذبوهم, وقولوا :{آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم })), إلى آخر الآية)). [معاني القرآن: 5/230-231]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به} [العنكبوت: 47] يعني: من آمن منهم.
{ومن هؤلاء} [العنكبوت: 47]، يعني: مشركي العرب.
{من يؤمن به} [العنكبوت: 47]، يعني: القرآن.
{وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون} [العنكبوت: 47] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/634]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به...}: بمحمّدٍ صلى الله عليه وسلم, ويقال: إنه عبد الله بن سلام
.
{ومن هؤلاء من يؤمن به}: يعني الذين آمنوا من أهل مكّة.). [معاني القرآن: 2/317]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما كنت تتلو} [العنكبوت: 48]، أي: تقرأ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/634]
{من قبله} من قبل القرآن.
{من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون} [العنكبوت: 48] لو كنت تقرأ وتكتب.
والمبطلون في تفسير مجاهدٍ مشركو قريشٍ.
وقال بعضهم: من لم يؤمن من أهل الكتاب.
وفي تفسير السّدّيّ: {المبطلون} [العنكبوت: 48] يقول: المكذّبون، وهم اليهود). [تفسير القرآن العظيم: 2/635]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما كنت تتلو من قبله...}
: من قبل القرآن , {من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك} , ولو كنت كذلك {لاّرتاب المبطلون} يعني: النصارى الذين وجدوا صفته , ويكون {لاّرتاب المبطلون}: أي: لكان أشدّ لريبة من كذّب من أهل مكّة وغيرهم). [معاني القرآن: 2/317]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون}, مجازه: ما كنت تقرأ من قبل القرآن حتى أنزل إليك , ولا قبل ذلك من كتاب، مجازه: ما كنت تقرأ كتاباً، ومن من حروف الزوائد.
وفي آية أخرى:{فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين }: مجازه: ما منكم أحد عنه حاجزين.
{ولا تخطّه بيمنك}: أي: ولا تكتب كتاباً، ومجازه: مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: ولو كنت تقرأ الكتاب , وتخطه , لارتاب المبطلون.). [مجاز القرآن: 2/116-117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ} : يقول: هم يجدونك أمّيا في كتبهم، فلو كنت تكتب؛ لارتابوا.). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذا لارتاب المبطلون (48)}
أي: ما كنت قرأت الكتب , ولا كنت كاتبا، وكذلك صفة النبي صلى الله عليه وسلم عندهم في التوراة والإنجيل.
وقوله: {إذا لارتاب المبطلون}, قيل: إنهم كفار قريش). [معاني القرآن: 4/171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} : وكذا صفته صلى الله عليه وسلم في التوراة ثم قال تعالى: {إذا لارتاب المبطلون}, قال مجاهد : قريش.). [معاني القرآن: 5/231-232]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({بل هو} [العنكبوت: 49]، يعني: القرآن.
{آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} [العنكبوت: 49]، يعني: النّبيّ والمؤمنين.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: أعطيت هذه الأمّة الحفظ، وكان من قبلنا لا يقرءون كتابهم إلا نظرًا، فإذا أطبقوه لم يحفظ ما فيه إلا النّبيّون.
وقال يحيى: بلغني عن كعبٍ في صفة هذه الأمّة قال: حلماء، علماء، كأنّهم من الفقه أنبياء.
قال: {وما يجحد بآياتنا إلا الظّالمون} [العنكبوت: 49] المشركون). [تفسير القرآن العظيم: 2/635]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ...}: يريد القرآن.

وفي قراءة عبد الله: {بل هي آياتٌ}, يريد: بل آيات القرآن آيات بيّنات, ومثله: {هذا بصائر للنّاس}, ولو كانت هذه بصائر للناس كان صواباً، ومثله: {هذا رحمةٌ من ربّي} لو كان: هذه رحمة لجاز). [معاني القرآن: 2/317]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {بل هو آيات بيّنات في صدور الّذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلّا الظّالمون (49)}
قيل فيه ثلاثة أوجه:
منها: بل القرآن: آيات بينات.
ومنها: بل النبي صلى الله عليه وسلم , وأموره: آيات بينات.
ومنها: {بل هو آيات بيّنات}, أي: بل إنه لا يقرأ , ولا يكتب : آيات بينات؛ لأنه إذا لم يكن قرأ كتابا، ولا هو كاتب, ثم أخبر بأقاصيص الأولين, والأنبياء, فذلك آيات بينّات في صدور الذين أوتوا العلم.). [معاني القرآن: 4/171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم}
في معناه ثلاثة أقوال:
أ- قال الحسن: (بل القرآن آيات بينات في صدور المؤمنين).
ب- وقال قتادة: (بل النبي صلى الله عليه وسلم آية بينة) , كذا قرأ قتادة : (في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب).
ج- وقال الضحاك: (كانت صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يكتب بيمينه , ولا يتلو كتابا , فذلك آية بينة)). [معاني القرآن: 5/232]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقالوا لولا} [العنكبوت: 50] هلا.
{أنزل عليه آياتٌ من ربّه قل إنّما الآيات عند اللّه} [العنكبوت: 50] كانوا يسألون النّبيّ عليه السّلام أن يأتيهم بالآيات كقولهم: {فليأتنا بآيةٍ كما أرسل الأوّلون} [الأنبياء: 5] وأشباه ذلك، قال اللّه تبارك وتعالى: {قل إنّما الآيات عند اللّه} [العنكبوت: 50] إذا أراد أن ينزل آيةً أنزلها كقوله: {قل إنّ اللّه قادرٌ على أن ينزّل آيةً ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [الأنعام: 37].
وقال اللّه: {قل إنّما الآيات عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ} [العنكبوت: 50] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/635]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال تبارك وتعالى: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} [العنكبوت: 51] أي تتلوه وتقرؤه عليهم وأنت لا تقرأ ولا تكتب، فكفاك ذلك لو عقلوا.
قال: {إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون} [العنكبوت: 51] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/636]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}

كان قوم من المسلمين كتبوا شيئا عن اليهود, فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام: ((كفى بها حماقة قوم، أو ضلالة قوم أن رغبوا عما أتى به نبيّهم إلى ما أتى به غير نبيّهم إلى غير قومهم)) ). [معاني القرآن: 4/172]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}
روى ابن عيينة, عن عمرو بن دينار, عن يحيى بن جعدة قال: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بكتف فيها كتاب, فقال : (( كفى بقوم حمقا, أو ضلالة: أن يرغبوا عن نبيهم إلى نبي غيره, أو إلى كتاب غير كتابهم)), فأنزل الله جل وعز: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم})). [معاني القرآن: 5/233]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا} [العنكبوت: 52]، أي: رسوله، وأنّ هذا الكتاب من عنده، وأنّكم على الكفر.
قال: {يعلم ما في السّموات والأرض والّذين آمنوا بالباطل} [العنكبوت: 52] بإبليس.
{وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون} [العنكبوت: 52] في الآخرة، خسروا أنفسهم أن يغنموها، فصاروا في النّار.
وتفسير السّدّيّ: {والّذين آمنوا بالباطل} [العنكبوت: 52]، يعني بعبادة الشّيطان: الشّرك {وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون} [العنكبوت: 52] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/636]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجلٌ مسمًّى لجاءهم العذاب} [العنكبوت: 53] وذلك أنّ النّبيّ عليه السّلام كان يخوّفهم بالعذاب إن لم يؤمنوا، فكانوا يستعجلون به استهزاءً وتكذيبًا قال اللّه تبارك وتعالى: {ولولا أجلٌ مسمًّى} [العنكبوت: 53]، يعني: النّفخة الأولى: {لجاءهم العذاب} [العنكبوت: 53].
أنّ اللّه تبارك وتعالى أخّر عذاب كفّار آخر هذه الأمّة بالاستئصال، الدّائنين بدين أبي جهلٍ وأصحابه، إلى النّفخة الأولى بها يكون هلاكهم.
قال: {وليأتينّهم بغتةً وهم لا يشعرون} [العنكبوت: 53]
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تقوم السّاعة والرّجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعان به فما يطويانه
[تفسير القرآن العظيم: 2/636]
حتّى تقوم السّاعة، وتقوم السّاعة والرّجل يخفض ميزانه ويرفعه، وتقوم السّاعة والرّجل يليط حوضه ليسقي ماشيته، فما يسقيها حتّى تقوم السّاعة، وتقوم السّاعة والرّجل قد رفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتّى تقوم السّاعة»). [تفسير القرآن العظيم: 2/637]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولولا أجلٌ مّسمًّى...}

يقول: لولا أن الله جعل عذاب هذه الأمّة مؤخّراً إلى يوم القيامة - وهو الأجل - لجاءهم العذاب, ثم قال: {وليأتينّهم بغتةً}, يعني : القيامة فذكّر لأنه يريد عذاب القيامة, وإن شئت ذكّرته على تذكير الأجل, ولو كانت {ولتأتينّهم} كان صواباً: يريد: القيامة , والسّاعة.). [معاني القرآن: 2/318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمّى لجاءهم العذاب وليأتينّهم بغتة وهم لا يشعرون (53) هذه نزلت في قوم جهلة, قالوا: {اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء}، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ – أنّ لعذابهم أجلا, قال: {بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ (46)}
وقوله عزّ وجلّ: {وليأتينّهم بغتة} معناه: فجاءة، و{بغتة}: اسم منصوب في موضع الحال، ومعناه: وليأتينهم مفاجأة). [معاني القرآن: 4/172]

تفسير قوله تعالى: (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يستعجلونك بالعذاب وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين} [العنكبوت: 54] كقوله: {أحاط بهم سرادقها} [الكهف: 29] سورها). [تفسير القرآن العظيم: 2/637]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم} [العنكبوت: 55] وهذا عذاب جهنّم.
كقوله: {لهم من جهنّم مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ} [الأعراف: 41]، أي: يغشاهم.
كقوله: {لهم من فوقهم ظللٌ من النّار ومن تحتهم ظللٌ} [الزمر: 16].
قال: {ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون} [العنكبوت: 55] في الدّنيا، أي: ثواب ما كنتم تعملون في الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 2/637]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ويقول ذوقوا...}

وهي في قراءة عبد الله: (ويقال ذوقوا), وقد قرأ بعضهم: {ونقول} بالنون, وكلّ صواب). [معاني القرآن: 2/318]


رد مع اقتباس