عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 02:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 15]

{الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)}

تفسير قوله تعالى: {الم (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الم} قد فسّرناه في أوّل سورة البقرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/615]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (قوله: {ألم} ).
[معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الم أحسب النّاس}: ساكنٌ لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن من مجاز حروف التهجي , ومجاز موضعه في المعنى مجاز ابتداء فواتح سائر السور.). [مجاز القرآن: 2/113]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {الم (1)}
{الم}: تفسيرها : أنا اللّه أعلم, وقد فسرنا كل شيء قيل في هذا في أول سورة البقرة.). [معاني القرآن: 4/159]

تفسير قوله تعالى:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} [العنكبوت: 2] يعني وهم لا يبتلون في إيمانهم، في تفسير السّدّيّ.
عمّارٌ، عن المبارك، عن الحسن، قال: {وهم لا يفتنون} [العنكبوت: 2] لا يبتلون). [تفسير القرآن العظيم: 2/615]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (قوله: {أحسب النّاس أن يتركوا...}

{يتركوا} يقع فيها لام الخفض، فإذا نزعتها منها كانت منصوبةً. وقلّما يقولون: تركتك أن تذهب، إنما يقولون: تركتك تذهب. ولكنها جعلت مكتفية بوقوعها على الناس وحدهم, وإن جعلت {حسب} مكرورة عليها , كان صواباً؛ كأنّ المعنى: {أحسب النّاس أن يتركوا}, أحسبوا {أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} ). [معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وهم لا يفتنون }مجازه: وهم لا يبتلون، ومن بلوته , أي: خبرته.). [مجاز القرآن: 2/113]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يفتنون}: يختبرون). [غريب القرآن وتفسيره: 295]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({وهم لا يفتنون} , أي: لا يقتلون , ولا يعذّبون.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون (2)}
اللفظ لفظ استخبار , والمعنى معنى تقرير وتوبيخ، ومعناه : أحسبوا أن نقنع منهم أن يقولوا " إنّا مؤمنون " فقط , ولا يمتحنون بما يتبين به حقيقة إيمانهم.
وجاء في التفسير في قوله - جلّ وعزّ -: {وهم لا يفتنون}: لا يختبرون بما يعلم به صدق إيمانهم من كذبه.
وقيل:{لا يفتنون}: لا يبتلون في أنفسهم , وأموالهم، فيعلم بالصبر على البلاء الصادق الإيمان من غيره.
وموضع " أن " الأولى : نصب اسم حسب , وخبره, وموضع " أن " الثانية نصب من جهتين:
أجودهما : أن تكون منصوبة بـ (يتركوا) , فيكون المعنى : حسب الناس أن يتركوا لأن يقولوا، وبأن يقولوا.
فلما حذف حرف الخفض وصل بـ (يتركوا) إلى أن فنصب، ويجوز أن تكون الثانية العامل فيها " أحسب "، كان المعنى على هذا - والله أعلم – : أحسب الناس أن يقولوا آمنا , وهم لا يفتنون, والأولى أجود.). [معاني القرآن: 4/160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الم (1) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
هذا استفهام فيه معنى التقرير والتوبيخ , أي : أحسب الناس أن يقنع منهم بأن يقولوا آمنا فقط , ولا يختبروا حتى يعرف حقيقة إيمانهم وصبرهم وصدقهم , وكذبهم ويظهر ذلك منهم فيجازوا عليه , وأما الغيب , فقد علمه الله جل وعز منهم .
ثم قال: أن يقولوا آمنا , أي : عللى أن يقولوا , ولأن يقولوا , وبأن يقولوا آمنا , وهم لا يفتنون
قال مجاهد , وقتادة : (أي : لا يبتلون)). [معاني القرآن: 5/211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُفْتَنُونَ}: يقتلون ويعذبون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُفْتَنُونَ}: يختبرون). [العمدة في غريب القرآن: 237]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولقد فتنّا} [العنكبوت: 3]، يعني: ولقد ابتلينا، وهو تفسير السّدّيّ، أي: وهم لا يبتلون بالجهاد في سبيل اللّه، وذلك أنّ قومًا كانوا بمكّة ممّن أسلم كان
[تفسير القرآن العظيم: 2/615]
قد وضع عنهم الجهاد والنّبيّ عليه السّلام بالمدينة بعد ما افترض الجهاد، وقبل منهم أن يقيموا الصّلاة ويؤتوا الزّكاة ولا يجاهدوا، ثمّ أذن لهم في القتال حين أخرجهم أهل مكّة، فقال: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم
ظلموا} [الحج: 39] فلمّا أمروا بالجهاد كره قومٌ القتال، فقال اللّه تبارك وتعالى: {ألم تر إلى الّذين قيل لهم كفّوا أيديكم وأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فلمّا كتب عليهم القتال إذا فريقٌ منهم يخشون النّاس كخشية اللّه أو أشدّ خشيةً وقالوا ربّنا لم كتبت علينا القتال لولا أخّرتنا إلى أجلٍ قريبٍ} [النساء: 77] وأنزل في هذه السّورة {أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} [العنكبوت: 2] لا يبتلون بالجهاد في سبيل اللّه.
وقال السّدّيّ: يبتلون في إيمانهم.
{ولقد فتنّا الّذين من قبلهم} [العنكبوت: 3]، يعني: ابتلينا الّذين من قبلهم.
{فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا} [العنكبوت: 3] بما أظهروا من الإيمان.
{وليعلمنّ الكاذبين} [العنكبوت: 3] الّذين أظهروا الإيمان وقلوبهم على الكفر، وهم المنافقون، وهذا علم الفعال.
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: واللّه ما قال عبدٌ في هذا الدّين من قولٍ إلا وعلى قوله دليلٌ من عمله يصدّقه أو يكذّبه). [تفسير القرآن العظيم: 2/616]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({فليعلمنّ الله الّذين صدّقوا }: مجازه: فليميزن الله ؛ لأن الله قد علم ذلك من قبل.).
[مجاز القرآن: 2/113]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد فتنّا الّذين من قبلهم} :أي : ابتليناهم.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الفتنة: الاختبار، يقال: فتنت الذهب في النّار: إذا أدخلته إليها لتعلم جودته من رداءته.
وقال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}. أي: اختبرناهم.
وقال لموسى عليه السلام: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}.
ومنه قوله: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} أي: جوابهم، لأنهم حين سئلوا اختبر ما عندهم بالسؤال، فلم يكن الجواب عن ذلك الاختبار إلا هذا القول). [تأويل مشكل القرآن: 472]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين (3)}
أي: اختبرنا , وابتلينا.
وقوله:{فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين}
المعنى : وليعلمنّ صدق الصادق بوقوع صدقه منه، وكذب الكاذب بوقوع كذبه منه، وهو الذي يجازي عليه، واللّه قد علم الصادق من الكاذب قبل أن يخلقهما, ولكنّ القصد : قصد وقوع العلم بما يجازى عليه.).[معاني القرآن: 4/160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولقد فتنا الذين من قبلهم}: أي : ابتليناهم.). [معاني القرآن: 5/212]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَتَنَّا الذين من قبلهم}: أي: ابتليناهم.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]

تفسير قوله تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أم حسب الّذين يعملون السّيّئات} [العنكبوت: 4] والسّيّئات هاهنا الشّرك.
{أن يسبقونا} [العنكبوت: 4] حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم، أي: قد حسبوا ذلك وليس كما ظنّوا.
قال: {ساء ما} [العنكبوت: 4] بئس ما.
{يحكمون} [العنكبوت: 4] أن يظنّوا أنّ اللّه خلقهم ثمّ لا يبعثهم فيجزيهم
[تفسير القرآن العظيم: 2/616]
بأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {أم حسب الّذين يعملون السّيّئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون (4)}

أي: يحسبون أنهم يفوتوننا، أي: ليس يعجزوننا.
{ساء ما يحكمون}: على معنى : ساء حكما يحكمون، كما تقول : نعم رجلا زيد , ويجوز أن تكون رفعا، على معنى : ساء الحكم حكمهم.). [معاني القرآن: 4/160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا}
قال مجاهد: (أي: أن يعجزونا)). [معاني القرآن: 5/212]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {من كان يرجو لقاء اللّه فإنّ أجل اللّه لآتٍ} [العنكبوت: 5] يقول: من كان يخشى البعث، وهو المؤمن.
{فإنّ أجل اللّه لآتٍ} [العنكبوت: 5] فإنّ القيامة آتيةٌ، يعني: البعث.
{وهو السّميع العليم} [العنكبوت: 5] لا أسمع منه ولا أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({من كان يرجو لقاء الله }:مجازه: من كان يخاف بعث الله، قال أبو ذؤيب:

إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها= وحالفها في بيت نوبٍ عوامل
أي : لم يجف.). [مجاز القرآن: 2/113]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({من كان يرجو لقاء اللّه}: أي: يخافه.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {من كان يرجو لقاء اللّه فإنّ أجل اللّه لآت وهو السّميع العليم (5)}
معناه : واللّه أعلم من كان يرجو ثواب لقاء اللّه،، فأمّا من قال: إن معناه الخوف، فالخوف ضدّ الرجاء، وليس في الكلام ضد, وقد بيّنّا ذلك في كتاب الأضداد.
وقوله: {فإنّ أجل اللّه لآت}
{من} في معنى الشرط، يرتفع بالابتداء، وخبرها: كان, وجواب الجزاء: {فإنّ أجل اللّه لآت} .). [معاني القرآن: 4/160-161]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت}
قال أبو إسحاق : المعنى : من كان يرجو لقاء ثواب الله جل وعز.). [معاني القرآن: 5/212]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن جاهد فإنّما يجاهد لنفسه} [العنكبوت: 6] تفسير السّدّيّ: {ومن جاهد} [العنكبوت: 6]، يعني: ومن عمل الخير {فإنّما يجاهد لنفسه} [العنكبوت: 6] فإنّما يعمل لنفسه، إنّما نفع ذلك له.
قال يحيى: يعطيه اللّه ثواب ذلك في الجنّة.
{إنّ اللّه لغنيٌّ عن العالمين} [العنكبوت: 6] عن عبادتهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنكفّرنّ عنهم سيّئاتهم ولنجزينّهم أحسن الّذي كانوا يعملون} [العنكبوت: 7] يجزيهم به الجنّة.
- أبو الأشهب، والرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألا إنّ الصّلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفّاراتٌ لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر»). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]

تفسير قوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ووصّينا الإنسان} [العنكبوت: 8]، يعني: جميع النّاس.
{بوالديه حسنًا} [العنكبوت: 8]، يعني: برًّا، تفسير السّدّيّ كقوله: {بوالديه إحسانًا} [الأحقاف: 15]، يعني: برًّا.
قال: {وإن جاهداك لتشرك بي} [العنكبوت: 8] إن أراداك على أن تشرك بي.
{ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما} [العنكبوت: 8]، أي: أنّك لا تعلم أنّ معي شريكًا،
[تفسير القرآن العظيم: 2/617]
يعني بذلك المؤمنين.
{إليّ مرجعكم} [العنكبوت: 8] يوم القيامة.
{فأنبّئكم بما كنتم تعملون} [العنكبوت: 8]). [تفسير القرآن العظيم: 2/618]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({وإن جاهداك}: مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقوله: وقلنا له , وإن جاهداك.).
[مجاز القرآن: 2/113]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ووصّينا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما إليّ مرجعكم فأنبّئكم بما كنتم تعملون}
قال: {ووصّينا الإنسان بوالديه حسناً} , على "ووصّيناه حسناً" , وقد يقول الرجل: "وصّيته خيراً" أي: بخيرٍ.). [معاني القرآن: 3/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ووصّينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إليّ مرجعكم فأنبّئكم بما كنتم تعملون (8)}
القراءة : {حسنا}, وقد رويت : {إحسان}, و{حسناً}: أجود لموافقة المصحف، فمن قال: حسنا , فهو مثل وصّينا، إلا أن يفعل بوالديه ما يحسن.
ومن قرأ {إحسان}:فمعناه: ووصينا الإنسان أن يحسن إلى والديه إحسانا، وكأنّ (حسنا) أعمّ في البر.
وقوله: {وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما}
معناه: وإن جاهداك أيها الإنسان والداك؛ لتشرك بي، وكذلك على أن تشرك بي.
ويروى أن رجلا خرج من مكة مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فحلفت أمه أن لا يظلها بيت حتى يرجع، فأعلم اللّه أن برّ الوالدين واجب، ونهى أن يتابعا على معصية اللّه والشرك به، وإن كان ذلك عند الوالدين برّا.). [معاني القرآن: 4/161]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا}
أي: ما يحسن
ثم قال جل وعز: {وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما}
قال أبو إسحاق : المعنى : وإن جاهداك أيها الإنسان, والداك لتشرك بي ما ليس لك به علم , فلا تطعهما.). [معاني القرآن: 5/212-213]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} [العنكبوت: 9]، يعني: أطاعوا اللّه فيما أمرهم به وفرض عليهم تفسير السّدّيّ.
{لندخلنّهم في الصّالحين} [العنكبوت: 9] مع الصّالحين، يعني: أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/618]

تفسير قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن النّاس من يقول آمنّا باللّه فإذا أوذي في اللّه جعل فتنة النّاس} [العنكبوت: 10] تفسير السّدّيّ: جعل عذاب النّاس في الدّنيا كعذاب اللّه في الآخرة، وهذه الآية نزلت في عيّاش بن أبي ربيعة أخي أبي جهلٍ، تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: رجعت القصّة إلى الكلام الأوّل: {أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون {2} ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين {3}} [العنكبوت: 2-3] فوصف المنافقين في هذه الآية الآخرة، فقال: {ومن النّاس من يقول آمنّا باللّه فإذا أوذي في اللّه} [العنكبوت: 10] إذا أمر بالجهاد في سبيل اللّه، فدخل عليه فيه أذًى، رفض ما أمر به،
يعني: المنافق، واجترأ على عذاب اللّه وأقام عن الجهاد، فتبيّن نفاقه، أي: {جعل فتنة النّاس} [العنكبوت: 10]، يعني: ما يدخل عليه من البليّة في القتال إذا كانت بليّةً.
{كعذاب اللّه} [العنكبوت: 10] في الآخرة، فترك القتال في سبيل اللّه، واجترأ على عذاب اللّه في الآخرة لأنّ اللّه تبارك وتعالى قد خوّفه عذاب الآخرة
[تفسير القرآن العظيم: 2/618]
وهو لا يقرّ به.
وقال مجاهدٌ: أناسٌ يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهم بلاءٌ من النّاس أو مصيبةٌ في أنفسهم وأموالهم افتتنوا وجعلوا ذلك في الدّنيا كعذاب اللّه في الآخرة.
قال: {ولئن جاء نصرٌ من ربّك} [العنكبوت: 10] على المشركين فجاءت غنيمةً.
{ليقولنّ} [العنكبوت: 10]، يعني: جماعتهم.
{إنّا كنّا معكم} [العنكبوت: 10] يطلبون الغنيمة، فيظنّ المؤمن أنّ المنافق عارفٌ، وليس بعارفٍ؛ لأنّه ليس بموقنٍ بالآخرة.
قال اللّه تبارك وتعالى: {أوليس اللّه بأعلم بما في صدور العالمين} [العنكبوت: 10].
والعالمون الخلق كلّهم، أي: أنّه يعلم أنّ هؤلاء المنافقين في صدورهم التّكذيب باللّه ورسله وهم يظهرون الإيمان). [تفسير القرآن العظيم: 2/619]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ فإذا أذوي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله " مجازه: جعل أذى الناس " وليعلمنّ الله الّذين آمنوا وليعلّمنّ المنافقين }, مجازه: وليميزن الله هؤلاء من هؤلاء.).
[مجاز القرآن: 2/114]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفتنة: التعذيب. قال: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} أي عذّبوهم بالنار.
وقال عز وجل: { يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} أي يعذبون. {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} أي يقال لهم: ذوقوا فتنتكم، يراد هذا العذاب بذاك.
وقال عز وجل: {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} أي: جعل عذاب الناس وأذاهم كعذاب الله). [تأويل مشكل القرآن: 472] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ومن النّاس من يقول آمنّا باللّه فإذا أوذي في اللّه جعل فتنة النّاس كعذاب اللّه ولئن جاء نصر من ربّك ليقولنّ إنّا كنّا معكم أوليس اللّه بأعلم بما في صدور العالمين (10)}
أي : فإذا ناله أذى, أو عذاب بسبب إيمانه جزع من ذلك ما يجزع من عذاب اللّه, وينبغي للمؤمن أن يصبر على الأذيّة في اللّه عزّ وجلّ.). [معاني القرآن: 4/161]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله}
قال مجاهد : (فإذا أوذي في الله , أي : عذب خاف من عذاب الناس كما يخاف من عذاب الله جل وعز).
قال الضحاك : (هؤلاء قوم قالوا : آمنا , فإذا أوذي أحدهم أشرك).
وروى ابن عيينة , عن عمرو بن دينار , عن عكرمة قال: (كان قوم بمكة قد شهدوا أن لا إله إلا الله , فلما خرج المشركون إلى بدر , أكرهوهم على الخروج معهم , فقتل بعضهم فأنزل الله
جل وعز فيهم: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم} إلى قوله: {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا} , فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة , فخرج مسلمون من مكة , فلحقهم المشركون , فافتتن بعضهم , فأنزل الله جل وعز فيهم:
{ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله})
قال الشعبي : (نزلت فيهم عشر آيات من قوله تعالى: {الم أحسب الناس أن يتركوا}).
قال عكرمة : (فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين كانوا بمكة , قال رجل من بني ضمرة : كان مريضا أخرجوني إلى الروح , فأخرجوه , فمات , فأنزل الله جل وعز فيه: {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله} إلى آخر الآية, وأنزل في المسلمين الذين كانوا افتتنوا , ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة , ثم تابوا إلى آخر الآية)). [معاني القرآن: 5/213-215]

تفسير قوله تعالى: (وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وليعلمنّ اللّه الّذين آمنوا وليعلمنّ المنافقين} [العنكبوت: 11] وهذا علم الفعال.
وهو مثل قوله الأوّل: {فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين} [العنكبوت: 3] وما بعد هذه العشر آياتٍ مكّيٌّ، وهذه العشر مدنيّةٌ نزلت بعدها من هذه السّورة وهي قبل ما بعدها في التّأليف). [تفسير القرآن العظيم: 2/619]

تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا اتّبعوا سبيلنا} [العنكبوت: 12] الّتي نحن عليها.
{ولنحمل خطاياكم} [العنكبوت: 12] فيما اتّبعتمونا فيه، أي: ما كان فيه من إثمٍ فهو علينا.
وهذا منهم إنكارٌ للبعث والحساب.
[تفسير القرآن العظيم: 2/619]
قال اللّه تبارك وتعالى: {وما هم} [العنكبوت: 12]، يعني: الكفّار.
{بحاملين من خطاياهم} [العنكبوت: 12] المؤمنين.
{من شيءٍ} [العنكبوت: 12] لو اتّبعوهم.
{إنّهم لكاذبون} [العنكبوت: 12] لا يحملون خطاياهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/620]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {اتّبعوا سبيلنا ولنحمل...}

هو أمر فيه , تأويل جزاءٍ، كما أن قوله: {ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم} , نهى فيه تأويل الجزاء, وهو كثير في كلام العرب.
قال الشاعر:
فقلت ادعي وأدع فإنّ أندى = لصوتٍ أن ينادى داعيان
أراد: ادعي ولأدع , فإن أندى؛ فكأنه قال: إن دعوت دعوت.). [معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم }, مجازه: اتبعوا ديننا.). [مجاز القرآن: 2/114]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم مّن شيءٍ إنّهم لكاذبون}
وقال: {ولنحمل خطاياكم} على الأمر , كأنهم أمروا أنفسهم.). [معاني القرآن: 3/25]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {اتّبعوا سبيلنا}, أي: ديننا, {ولنحمل خطاياكم}, أي: لنحمل عنكم ذنوبكم, والواو زائدة.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(واو النّسق) قد تزاد حتى يكون الكلام كأنه لا جواب له، كقوله:
[تأويل مشكل القرآن: 252]
{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا}. والمعنى: قال لهم خزنتها.
وقوله: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ}.
وقوله سبحانه: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ}.
وكقوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ}.
وقوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12] أي: لنحمل خطاياكم عنكم.
قال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحيِّ وانتحَى = بنا بطن خَبْتٍ ذي قِفَافٍ عَقَنْقَلِ
أراد انتحى.
وقال آخر:
حتَّى إذا قَمِلَتْ بطونُكم = ورأيتمُ أبناءَكمْ شَبُّوا
وَقَلَبْتمُ ظَهْرَ المجَنِّ لَنَا = إِنَّ اللَّئيمَ العَاجِزَ الخَبُّ
أراد: قلبتم). [تأويل مشكل القرآن: 253-254] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنّهم لكاذبون (12)}
يقرأ {ولنحمل} بسكون اللام وبكسرها, في قوله {ولنحمل}.
وهو أمر في تأويل الشرط والجزاء, والمعنى : إن تتبعوا سبيلنا , حملنا خطاياكم.
والمعنى : إن كان فيه إثم , فنحن نحتمله.
ومعنى {سبيلنا}: الطريق في ديننا الذي نسلكه، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنهم لا يحملون شيئا من خطاياهم , فقال:{وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء}
معناه : من شيء يخفف عن المحمول عنه العذاب.). [معاني القرآن: 4/161-162]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم}
قال الضحاك : (هؤلاء القادة من المشركين) .
قال مجاهد : (هم مشركو أهل مكة ,قالوا: لمن آمن منهم نحن , وأنتم لا نبعث , فاتبعونا , فإن كان عليكم وزر , فهو علينا) .
قال أبو جعفر : هذا كما تقول: قلدني هذا إن كان فيه وزر , أي : ليس فيه وزر .
قال الفراء : وفيه معنى المجازاة وأنشد:
فقلت ادعي وادع فإن أندى = لصوت أن ينادي داعيان
قال المعنى : ادعي , ولأدع , أي :إن دعوت دعوت
وقوله جل وعز: {وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء}
المعنى : وما هم بحاملين عنهم شيئا يخفف ثقلهم.). [معاني القرآن: 5/215-216]

تفسير قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وليحملنّ أثقالهم} [العنكبوت: 13]، يعني: آثامهم، آثام أنفسهم {وأثقالا مع أثقالهم} [العنكبوت: 13] مع آثام أنفسهم يحملون من ذنوب من اتّبعهم على الضّلالة، ولا ينقص ذلك من ذنوب الّذين اتّبعوهم شيئًا.
- أبو الأشهب، عن الحسن، وخالدٍ، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أيّما داعٍ دعا إلى هدًى، فاتّبع عليه كان له مثل أجر من اتّبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، وأيّما
[تفسير القرآن العظيم: 2/620]
داعٍ دعا إلى ضلالةٍ فاتّبع عليها كان له مثل أوزار من اتّبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا».
الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم، عن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعودٍ، عن أبيه في قوله: {علمت نفسٌ ما قدّمت وأخّرت} [الانفطار: 5] قال: ما قدّمت من خيرٍ وما أخّرت، يعني: ما أخّرت من سنّةٍ صالحةٍ فعمل بها، قال: فإنّ له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيئًا، أو سنّةٍ سيّئةٍ فإنّ عليه مثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئًا.
ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبي سلمة، قال: من استنّ سنّةً في الإسلام ثمّ عمل بها، فإنّ له مثل أجور من عمل بها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن ابتدع بدعةً في الإسلام فعمل بها، فإنّ عليه مثل أوزار من اتّبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا.
قال: {وليسألنّ يوم القيامة عمّا كانوا يفترون} [العنكبوت: 13] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/621]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وليحملنّ أثقالهم...}: يعني أوزارهم .

{وأثقالاً مّع أثقالهم}, يقول: أوزار من أضلّوا.). [معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وليحملنّ أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم }, مجازها: وليحملن أوزارهم , وخطاياهم , وأوزاراً , وخطايا مع أوزارهم , وخطاياهم.
{ عمّا كانوا يفترون }, أي: يكذبون , ويخترعون.). [مجاز القرآن: 2/114]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وليحملنّ أثقالهم} : أي : أوزارهم.
{وأثقالًا مع أثقالهم}: أوزارا مع أوزارهم.
قال قتادة: «من دعا قوما إلى ضلالة، فعليه مثل أوزارهم من غير أن ينقض من أوزارهم شيء»). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13] يريد آثامهم). [تأويل مشكل القرآن: 140]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (ثم أعلم أنهم يحملون أثقالهم , أثقالا مع أثقالهم , كما قال عزّ وجلّ:
{ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الّذين يضلّونهم بغير علم}
فقال في هذه السورة:{وليحملنّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألنّ يوم القيامة عمّا كانوا يفترون (13)}
وجاء في الحديث تفسير هذا أنه من سنّ سنة ظلم، أو من سنّ سنّة سيئة , فعليه إثمها و إثم من عمل بها، ولا ينتقص من أوزار الّذين عملوا بها شيء.
ومن سنّ سنّة حسنة , كان له أجرها , وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة , ولا ينتقص من أجورهم شيء.
وعلى قوله: {علمت نفس ما قدّمت وأخّرت}, أي: علمت ما قدّمت من عمل، وما سنّت من سنة خير أو شرّ، فإن ذلك مما أخّرت.
ويجوز أن يكون {ما قدّمت وأخّرت}: ما قدّمت من عمل , وما أخّرت مما كان يجب أن تقدّمه.
ثم أعلم اللّه عز وجل أنه يوبّخهم فقال: {وليسألنّ يوم القيامة عمّا كانوا يفترون}, فذلك سؤال توبيخ, كما قال:{وقفوهم إنّهم مسئولون (24)}
فأما سؤال استعلام , فقد أعلم اللّه عزّ وجلّ -أنّه لا يسأل سؤال استعلام في
قوله: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ (39)}. ). [معاني القرآن: 4/162-163]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم}
قال أبو أمامة الباهلي : (( يؤتى بالرجل يوم القيامة , وهو كثير الحسنات , فلا يزال يقتص منه حتى تفنى حسناته , ثم يطالب , ثم يقول الله جل وعز : اقتصوا من عبدي .
فتقول الملائكة: ما بقيت له حسنات .
فيقول : خذوا من سيئات المظلوم , فاجعلوها عليه
قال أبو أمامة :ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم :{وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم }.)).
وقال قتادة في قوله عز وجل: {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم}, قال : (من دعا إلى ضلالة , كتب عليه وزرها , ووزر من يعمل بها , ولا ينقص ذلك منها شيئا ..)
قال أبو جعفر : وأهل التفسير على أن معنى الآية , كما قال قتادة , ومثله قوله جل وعز: {ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} ). [معاني القرآن: 5/216-217]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا} [العنكبوت: 14] يقول: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا} [العنكبوت: 14] أبو سهلٍ، عن الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: كان جميع عمره ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا، يقول: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم}
[العنكبوت: 14] من يوم ولد إلى يوم مات {ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا} [العنكبوت: 14] قال: وحدّثني عن الحسن بن دينارٍ، عن حميد بن هلالٍ، أنّ كعبًا قال: لبث نوحٌ في قومه ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا، ثمّ لبث بعد الطّوفان ستّ مائة عامٍ.
قال: {فأخذهم الطّوفان وهم ظالمون} [العنكبوت: 14] والطّوفان الماء، فأغرقهم به.
{وهم ظالمون} [العنكبوت: 14]، أي: مشركون، ظالمون لأنفسهم وبظلمهم ضرّوا أنفسهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/621]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({الطّوفان}, مجازه: كل ما طام فاشٍ من سبيل كان, أو من غيره وهو كذلك من للوت إذا كان جارفاً فاشياً كثيراً، قال:أفناهم طوفانُ موتٍ جارف.).
[مجاز القرآن: 2/114]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الطّوفان}: المطر الشديد.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلّا خمسين عاما فأخذهم الطّوفان وهم ظالمون (14)}
{فلبث فيهم ألف سنة إلّا خمسين عاما}: فالاستثناء مستعمل في كلام العرب، وتأويله عند النحويين توكيد العدد , وتحصيله, وكماله؛ لأنك قد تذكر الجملة , ويكون الحاصل أكثرها، فإذا أردت التوكيد في تمامها , قلت: كلها، وإذا أردت التوكيد في نقصانها , أدخلت فيها الاستثناء، تقول: جاءني إخوتك , يعني : أن جميعهم جاءك.
وجائز أن تعني: أن أكثرهم جاءك، فإذا قلت: جاءني إخوتك كلّهم , أكّدت معنى الجماعة، وأعلمت : أنه لم يتخلّف منهم أحد.
وتقول أيضا: جاءني إخوتك إلا زيدا , فتؤكد : أن الجماعة تنقص زيدا.
وكذلك رءوس الأعداد مشبّهة بالجماعات، تقول: عندي عشرة، فتكون ناقصة، وجائز أن تكون تامّة، فإذا قلت: عشرة إلا نصفا , أو عشرة كاملة حقّقت، وكذلك إذا قلت: ألف إلّا خمسين , فهو كقولك عشرة إلا نصفا ؛ لأنك إنّما استعملت الاستثناء فيما كان أملك بالعشرة من التسعة، لأن النصف قد دخل في باب العشرة، ولو قلت عشرة إلا واحدا, أو إلا اثنين كان جائزا , وفيه قبح؛ لأن تسعة وثمانية يؤدي عن ذلك العدد، ولكنه جائز من جهة التوكيد أن هذه التسعة لا تزيد ولا تنقص، لأنّ قولك عشرة إلا واحدا قد أخبرت أفيه، بحقيقة العدد , واستثنيت ما يكون نقصانا من رأس العدد, والاختيار في الاستثناء في الأعداد التي هي عقود الكسور والصحاح جائز أن يستثنى, فأما استثناء نصف الشيء , فقبيح جدّا، لا يتكلم به الجرب، فإذا قلت عشرة إلا خمسة فليس تطور العشرة بالخمسة ؛ لأنها ليست تقرب منها، وإنما تتكلم بالاستثناء كما تتكلم بالنقصان، فتقول: عندي درهم ينقص قيراطاً.
ولو قلت عندي درهم ينقص خمسة دوانيق , أو تنقص نصفه كان الأولى بذلك: عندي نصف درهم, ولم يأت الاستثناء في كلام العرب إلا قليل من كثير, فهذه جملة كافية.
وقوله: {فأخذهم الطّوفان وهم ظالمون}
الطوفان من كل شيء ما كان كثيرا مطيفا بالجماعة كلها كالغرق الذي يشتمل على المدن الكبيرة, يقال فيه : طوفان, وكذلك القتل الذريع , والموت الجارف طوفان.). [معاني القرآن: 4/163-164]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فأخذهم الطوفان وهم ظالمون}
يقال : لكل كثير مطيف بالجميع من مطر , أو قتل , أو موت طوفان .
وقوله جل وعز: {وتخلقون إفكا} : أي : وتنحتون .
والمعنى على هذا : إنما تعبدون من دون الله أوثانا , وأنتم تصنعونها
وقال مجاهد : إفكا , أي: كذبا.
والمعنى على هذا : ويختلقون الكذب , وقرأ أبو عبد الرحمن : {وتخلقون إفكا }, والمعنى واحد.). [معاني القرآن: 5/217-218]

تفسير قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فأنجيناه} [العنكبوت: 15]، يعني: نوحًا.
{وأصحاب السّفينة} [العنكبوت: 15]، يعني: من كان مع نوحٍ في السّفينة.
قال: {وجعلناها آيةً} [العنكبوت: 15]، يعني: عبرةً.
[تفسير القرآن العظيم: 2/621]
{للعالمين} [العنكبوت: 15] وهو تفسير السّدّيّ.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: أبقاها اللّه تبارك وتعالى بباقردى من أرض الجزيرة حتّى أدركها أوائل هذه الأمّة، وكم من سفينةٍ كانت بعدها، فصارت رمددًا.
قال يحيى: بلغني أنّهم كانوا يجدون من مساميرها بعدما بعث النّبيّ عليه السّلام). [تفسير القرآن العظيم: 2/622]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فأنجيناه وأصحاب السّفينة وجعلناها آية للعالمين (15)}

قد بين في غير هذه الآية من أصحاب السفينة - في قوله:{قلنا احمل فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلك إلّا من سبق عليه القول} ). [معاني القرآن: 4/164]


رد مع اقتباس