عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر الله تعالى عن فعله بالفرق المذكورين وهم المؤمنون بمحمد عليه صلى الله عليه وسلم وغيره، واليهود، والصابئون. وهم قوم يعبدون الملائكة ويستقبلون القبلة ويوحدون الله ويقرؤون الزبور، قاله قتادة. والنصارى والمجوس وهم عبدة النار والشمس والقمر. والمشركون وهم عبدة الأوثان. قال قتادة: الأديان ستة، خمسة للشيطان وواحد للرحمن. وخبر "إن" قوله تعالى: {إن الله يفصل بينهم}، ثم دخلت "إن" على الخبر مؤكدة، وحسن ذلك لطول الكلام فهي وما بعدها خبر "إن" الأولى، وقرن الزجاج هذه الآية بقول الشاعر:
إن الخليفة إن الله سربله ... سربال ملك به ترجى الخواتيم
[المحرر الوجيز: 6/224]
نقله الطبري.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وليس هذا البيت كالآية؛ لأن الخبر في البيت في قوله: "به ترجى الخواتيم"، و"إن" الثانية وجملتها معترضة بين الكلامين. ثم تم الكلام كله في قوله تعالى: "القيامة"، واستأنف الخبر عن إن الله تبارك وتعالى على كل شيء شهيد وعالم به، وهذا خبر مناسب للفصل بين الفرق، وفصل الله تعالى بين هذه الفرق هو بإدخال المؤمنين الجنة والكافرين النار). [المحرر الوجيز: 6/225]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق}
"ألم تر" تنبيه، من رؤية القلب، وهذه آية إعلام بتسليم المخلوقات جميعها لله تعالى وخضوعها. وذكر في الآية كل ما عبد الناس إذ في المخلوقات أعظم مما ذكر كالبحار والرياح والهواء، فـ "من في السماوات": الملائكة، و"من في الأرض" من عبد من البشر. و"الشمس" كانت تعبدها حمير، وهم قوم بلقيس، و"القمر" كانت كنانة تعبده، قاله ابن عباس رضي الله عنهما: وكانت تميم تعبد الدبران، وكانت لخم تعبد المشتري، وكانت طي تعبد الثريا، وكانت قريش تعبد الشعر، وكانت أسد
[المحرر الوجيز: 6/225]
تعبد عطارد، وكانت ربيعة تعبد المرزم، و"الجبال والشجر" منها النار وأصنام الحجارة والخشب، و"الدواب" فيها البقر وغير ذلك مما عبد من الحيوان كالديك ونحوه.
و "السجود" في هذه الآية هو بالخضوع والانقياد للأمر، وهذا كما قال الشاعر:
... ... ... ... ... .... ترى الأكم فيها سجدا للحوافر
وهذا مما يتعذر فيه السجود المتعارف. وقال مجاهد: سجود هذه الأشياء هو بطلانها، وقال بعضهم: سجودها هو بظهور الصنعة فيها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا وهم، وإنما خلط هذه الآية بآية التسبيح، وهنالك يحتمل أن يقال: هي بآثار الصنعة.
وقوله: {وكثير حق عليه العذاب} يحتمل أن يكون معطوفا على ما تقدم، أي: وكثير حق عليه العذاب سجدا، أي كراهية وعلى رغمه، إما بخضوعه عند المكاره ونحو ذلك، قاله مجاهد، وقال: سجوده بظله، ويحتمل أن يكون رفعا بالابتداء مقطوعا مما قبله، وكأن الجملة معادلة لقوله: {وكثير من الناس} لأن المعنى أنهم مرحومون بسجودهم، ويؤيد هذا قوله تعالى بعد ذلك: {ومن يهن الله} الآية.
وقرأ جمهور الناس: "فما له من مكرم" بكسر الراء، وقرأ ابن أبي عبلة بفتح الراء على معنى: من موضع، أو على أنه مصدر كمدخل، وقرأ جمهور الناس: "والدواب" مشددة الباء، وقرأ الزهري وحده بتخفيف الباء، وهي قليلة ضعيفة، وهي تخفيف على
[المحرر الوجيز: 6/226]
غير قياس كما قالوا: ظلت وأحست، وكما قال علقمة:
كأن إبريقهم ظبي على شرف ... مفدم بسبا الكتان ملثوم
أراد: بسبائب الكتان: وأنشد أبو علي في مثله:
حتى إذا ما لم أجد غير الشر ... كنت امرءا من مالك بن جعفر
وهذا باب إنما يستعمل في الشعر فلذلك ضعفت هذه القراءة). [المحرر الوجيز: 6/227]

رد مع اقتباس