عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:46 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الّذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون (11) }
يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنّه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنّه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم -والحالة هذه -لطفًا ورحمةً، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنّماء؛ ولهذا قال: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم} أي: لو استجاب لهم كلّ ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك، كما جاء في الحديث الّذي رواه الحافظ أبو بكرٍ البزّار في مسنده:
حدّثنا محمّد بن معمر، حدّثنا يعقوب بن محمّدٍ، حدّثنا حاتم بن إسماعيل، حدّثنا يعقوب بن مجاهدٍ أبو حزرة عن عبادة بن الوليد، حدّثنا جابرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من اللّه ساعةً فيها إجابةٌ فيستجيب لكم".
ورواه أبو داود، من حديث حاتم بن إسماعيل، به.
وقال البزّار: [و] تفرّد به عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصّامت الأنصاريّ، لم يشاركه أحدٌ فيه، وهذا كقوله تعالى: {ويدع الإنسان بالشّرّ دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا} [الإسراء: 11].
وقال مجاهدٌ في تفسير هذه الآية: {ولو يعجّل اللّه للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير} هو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: "اللّهمّ لا تبارك فيه والعنه". فلو يعجل لهم الاستجابة فيذلك، كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 251-252]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون (12) ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبيّنات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين (13) ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون (14) }
يخبر تعالى عن الإنسان وضجره وقلقه إذا مسّه الضّرّ، كقوله: {وإذا مسّه الشّرّ فذو دعاءٍ عريضٍ} [فصّلت: 51] أي: كثيرٍ، وهما في معنًى واحدٍ؛ وذلك لأنّه إذا أصابته شدّةٌ قلق لها وجزع منها، وأكثر الدّعاء عند ذلك، فدعا اللّه في كشفها وزوالها عنه في حال اضطجاعه وقعوده وقيامه، وفي جميع أحواله، فإذا فرّج اللّه شدّته وكشف كربته، أعرض ونأى بجانبه، وذهب كأنّه ما كان به من ذاك شيءٌ، {مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه}
ثمّ ذمّ تعالى من هذه صفته وطريقته فقال: {كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون} فأمّا من رزقه اللّه الهداية والسّداد والتّوفيق والرّشاد، فإنّه مستثنى من ذلك، كما قال تعالى: {إلا الّذين صبروا وعملوا الصّالحات} [هودٍ: 11]، وكقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "عجبًا لأمر المؤمن لا يقضي اللّه له قضاءً إلّا كان خيرًا له: إن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له"، وليس ذلك لأحدٍ إلّا للمؤمن). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 252]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبيّنات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون}
أخبر تعالى عمّا أحلّ بالقرون الماضية، في تكذيبهم الرّسل فيما جاءوهم به من البيّنات والحجج الواضحات، ثمّ استخلف اللّه هؤلاء القوم من بعدهم، وأرسل إليهم رسولًا لينظر طاعتهم له، واتّباعهم رسوله، وفي صحيح مسلمٍ من حديث أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ الدّنيا حلوةٌ خضرة، وإنّ اللّه مستخلفكم فيها فناظرٌ ماذا تعملون، فاتّقوا الدّنيا واتّقوا النّساء؛ فإنّ أوّل فتنة بني إسرائيل كانت في النّساء".
وقال ابن جريرٍ: حدّثني المثنّى، حدّثنا زيد بن عوفٍ أبو ربيعة فهدٌ حدّثنا حمّادٌ، عن ثابت البناني، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى؛ أنّ عوف بن مالكٍ قال لأبي بكرٍ: رأيت فيما يرى النّائم كأنّ سببًا دلّي من السّماء، فانتشط رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ أعيد، فانتشط أبو بكرٍ، ثمّ ذرع النّاس حول المنبر، ففضل عمر بثلاث أذرعٍ إلى المنبر. فقال عمر: دعنا من رؤياك، لا أرب لنا فيها! فلمّا استخلف عمر قال: يا عوف، رؤياك! فقال: وهل لك في رؤياي من حاجةٍ؟ أولم تنتهرني ؟ فقال: ويحك! إنّي: كرهت أن تنعى لخليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نفسه! فقصّ عليه الرّؤيا، حتّى إذا بلغ: "ذرع النّاس إلى المنبر بهذه الثّلاث الأذرع"، قال: أمّا إحداهنّ فإنّه كائنٌ خليفةً. وأمّا الثّانية فإنّه لا يخاف في اللّه لومة لائمٍ. وأمّا الثّالثة فإنّه شهيدٌ. قال: فقال: يقول اللّه تعالى: {ثمّ جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} فقد استخلفت يا ابن أمّ عمر، فانظر كيف تعمل؟ وأمّا قوله: "فإنّي لا أخاف في اللّه لومة لائمٍ"، فما شاء اللّه! وأمّا قوله: [إنّي] شهيدٌ فأنّى لعمر الشّهادة والمسلمون مطيفون به). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 252-253]


رد مع اقتباس