عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 10:34 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل اللّه...}
ولم يقل: ينفقونهما. فإن شئت وجّهت الذهب والفضة إلى الكنوز فكان توحيدها من ذلك. وإن شئت اكتفيت بذكر أحدهما من صاحبه؛ كما قال: {وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضّوا إليها} فجعله للتجارة، وقوله: {ومن يكسب خطيئةً أو إثماً ثمّ يرم به بريئاً} فجعله - والله أعلم - للإثم، وقال الشاعر في مثل ذلك:

نحن بما عندنا وأنت بما عنـ = دك راضٍ والرأي مختلف
ولم يقل: راضون، وقال الآخر:

إني ضمنت لمن أتاني ما جنى =وأبى وكان وكنت غير غدور
ولم يقل: غدورين، وذلك لاتفاق المعنى يكتفى بذكر الواحد. وقوله: {والله ورسوله أحق أن يرضوه} إن شئت جعلته من ذلك: مما اكتفى ببعضه من بعض، وإن شئت جعلت الله تبارك وتعالى في هذا الموضع ذكر لتعظيمه، والمعنى للرسول صلى الله عيه وسلم؛ كما قال: {وإذ تقول للّذي أنعم اللّه عليه وأنعمت عليه} ألا ترى أنك قد تقول لعبدك: قد أعتقك الله وأعتقتك، فبدأت بالله تبارك وتعالى تفويضا إليه وتعظيما له، وإنما يقصد قصد نفسه). [معاني القرآن: 1/434]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {والّذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها} صار الخبر عن أحدهما، ولم يقل (ولا ينفقونهما) والعرب تفعل ذلك، إذا أشركوا بين اثنين قصروا فخبّروا عن أحدهما استغناءً بذلك وتخفيفاً، لمعرفة السامع بأن الآخر قد شاركه ودخل معه في ذلك الخبر، قال:

فمن يك أمسى بالمدينة رحله..=. فإنّي وقيّارٌ بها لغريب
وقال:

نحن بما عندنا وأنت بما..=. عندك راض والرأي مختلف
وقال حسّان بن ثابت:
إن شرخ الشّباب والشّعر الأسـ .=.. ود ما لم يعاص كان جنونا
ولم يقل يعاصيا وقال جرير:
ما كان حينك والشقّاء لينتهي..=. حتى أزورك في مغار محصدٍ
لم يقل لينتهيا). [مجاز القرآن: 1/257-258]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ كثيراً مّن الأحبار والرّهبان ليأكلون أموال النّاس بالباطل ويصدّون عن سبيل اللّه والّذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل اللّه فبشّرهم بعذابٍ أليمٍ * يوم يحمى عليها في نار جهنّم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}
وقال: {يكنزون الذّهب والفضّة} ثم قال: {يحمى عليها في نار جهنّم} فجعل الكلام على الآخر. وقال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما = عندك راضٍ والرأي مختلف).
[معاني القرآن: 2/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ كثيرا من الأحبار والرّهبان ليأكلون أموال النّاس بالباطل ويصدّون عن سبيل اللّه والّذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل اللّه فبشّرهم بعذاب أليم}
{والّذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل اللّه فبشّرهم بعذاب أليم}
أكثر التفسير إنما هو للمشركين، وقد قيل إنها فيمن منع الزكاة من أهل القبلة لأن من أدى من ماله زكاته فقد أنفق في سبيل الله ما يجب من ماله.
وقوله: {ويأبى اللّه إلّا أن يتمّ نوره}.
دخلت إلا، ولا جحد في الكلام، وأنت لا تقول ضربت إلا زيدا، لأن الكلام غير دال على المحذوف.
وإذا قلت: {ويأبى اللّه إلّا أن يتمّ نوره}.
فالمعنى يأبى اللّه كل شيء إلا أن يتم نوره وزعم بعض النحويين أن في " يأبى " طرفا من الجحد، والجحد والتحقيق ليسا بذي أطراف، وآلة الجحد لا، وما، ولم، ولن، وليس، فهذه لا أطراف لها. ينطق بها على حالها، ولا يكون الإيجاب جحدا ولو جاز هذا على أن فيه طرفا من الجحد لجاز: كرهت إلا أخاك، ولا دليل ههنا على
المكروه، ما هو ولا من هو، فكرهت مثل أبيت، إلا أن أبيت الحذف مستعمل وقوله: {ولا ينفقونها في سبيل اللّه}.
فقال: {الذهب والفضة} ولم يقل ولا ينفقونهما في سبيل اللّه، فإنما جاز ذلك لأن المعنى يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقون المكنوز في سبيل الله.
ويجوز أن يكون محمولا على الأموال، فيكون: {ولا ينفقونها}، ولا ينفقون الأموال، ويجوز أن يكون: ولا ينفقونها. ولا ينفقون الفضة، وحذف الذهب لأنه داخل في الفضّة كما قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما.=.. عندك راض والرأي مختلف.
يريد نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راض.
فحذف " راضون " فكذلك يكون المعنى:
والذين يكنزون الذهب ولا ينفقونه في سبيل اللّه، والفضة ولا ينفقونها في سبيل اللّه). [معاني القرآن: 2/444-445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله}
يجوز أن يكون المعنى ولا ينفقون الكنوز لأن الكنوز تشتمل
على الذهب والفضة ههنا
ويجوز أن يكون لأحدهما كما قال والله ورسوله أحق أن يرضوه
وفي هذه الآية أقوال
روى عكرمة عن ابن عباس وعطية ونافع عن ابن عمر أنهما قالا ما أديت زكاته فليس بكنز
ويقوي ذلك أن ابن جريج روى عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت شره عنك
وقيل إن هذه الآية نزلت في المشركين
وقال أبو هريرة من خلف عشرة آلاف جعلت صفائح وعذب بها حتى ينقضي الحساب
وقال أبو أمامة من خلف بيضاء أو صفراء كوي بها مغفورا له أو غير مغفور له وإن حله السيف من ذلك
وروى موسى بن عبيدة عن عمران بن أبي أنس عن مالك ابن أوس بن الحدثان عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جمع دينارا أو درهما أو تبرا أو فضة لا يعده لغريم ولا ينفقه في سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة
وقال معاوية نزلت في أهل الكتاب فرد عليه أبو ذر وقال نزلت فينا وفيهم
وحديث ابن عمر في هذا حسن على توقيه وهو جيد الإسناد رواه مالك وأيوب وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر
وقد روي أيضا عن عمر أنه قال ليس كنزا ما أديت زكاته
وكذلك قال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز إلا أنه قال أراها منسوختا لقوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} وليس في الخبر ناسخ ولا منسوخ
وروى أبو زبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((ما من عبد لا يؤدي زكاة ماله إلا أتى له بماله فأحمي عليه في نار جهنم فتكوى به جنباه وجبهته وظهره حتى يحكم الله بين عباده)) وذكر الحديث). [معاني القرآن: 3/202-205]

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) )
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {يوم يحمى عليها} فالفعل: أحميت الحديدة إحماءً؛ وسنذكر كل ما في هذا اللفظ في سورة الكهف إن شاء الله). [معاني القرآن لقطرب: 641]


رد مع اقتباس