عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:53 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني أبو صخر عن محمد بن كعب القرظي، قال أبو صخرٍ: وحدّثني أبو معاوية البجليّ عن سعيد بن جبيرٍ أنّ سعد بن أبي وقّاصٍ ورجلا من الأنصار خرجا يقتتلان وينتفلان نفلا فوجدا سيفًا ملقًى فخرّا عليه جميعًا، فقال سعدٌ: هو لي، فقال [الأنصاريّ]: بل، هو لي، فتنازعا في ذلك؛ فقال الأنصاريّ إن أيسر ما يكون لأن يكون [ .. .. ] جمعياً، وخررنا عليه جميعًا، فقال: لا أسلّمه إليك حتّى نأتي رسول [اللّه .... ] القصّة على رسول اللّه؛ قال رسول اللّه: ليس لك، يا سعد، ولا لك [ ....... ]: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول [فاتّقوا اللّه] وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله}، يقول: [ .......... ] لمحمدٍ {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه [وللرّسول ولذي القربى واليتامى] والمساكين وابن السبيل}). [الجامع في علوم القرآن: 2/67-68] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة في قول الله: {يسألونك عن الأنفال}، قال: نسختها: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه}). [الجامع في علوم القرآن: 3/87] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عثمان الجزري عن مقسم في قوله تعالى {يوم الفرقان} قال يوم بدر فرق الله بين الحق والباطل). [تفسير عبد الرزاق: 1/259]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن عكرمة بن خالد عن مالك عن أوس ابن الحدثان أن عمر بن الخطاب قال إنما الصدقات للفقراء والمسكين حتى عليم حكيم قال هذه لهؤلاء ثم قرأ واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ثم قال هذه لهؤلاء ثم قرأ ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى حتى بلغ والذين جاءوا من بعدهم ثم قال هذه استوعبت المسلمين عامة فلئن عشت ليأتين الراعي وهو بسرو حمير نصيبه منها لم يعرق فيها جبينه). [تفسير عبد الرزاق: 2/283-284] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ: {واعلموا أنما غنمتم من شيء} المخيط من الشيء [الآية: 41]). [تفسير الثوري: 119]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (41) : قوله تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى... } إلى قوله تعالى: {يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كلّ شيءٍ قديرٌ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا مغيرة، عن إبراهيم - في قوله عزّ وجلّ: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ لله خمسه وللرّسول} -، قال: يقسّم الخمس على خمسة أخماسٍ، فخمس اللّه والرّسول واحدٌ، ويقسّم ما سوى ذلك على الآخرين.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، قال: سألت يحيى بن الجزّار عن سهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الخمس، قال: خمس الخمس.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سويد بن عبد العزيز، عن حصين، عن إبراهيم، عن ابن مسعودٍ - في قوله: {يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} -، قال: كانت ليلة بدرٍ لسبع عشرة ليلةً مضت من شهر رمضان.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو عوانة، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن ابن مسعودٍ، قال: التمسوا ليلة القدر لسبع عشرة (خلت) من رمضان، صبيحة يوم بدر: {يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} وفي (إحدى) وعشرين وفي ثلاثٍ وعشرين فإنّها لا تكون إلّا في وتر). [سنن سعيد بن منصور: 5/214-218]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل}.
قال أبو جعفرٍ: وهذا تعليمٌ من اللّه عزّ وجلّ المؤمنين قسم غنائمهم إذا غنموها، يقول تعالى ذكره: واعلموا أيّها المؤمنون أنّما غنمتم من غنيمةٍ.
واختلف أهل العلم في معنى الغنيمة والفيء، فقال بعضهم: فيهما معنيان كلّ واحدٍ منهما غير صاحبه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حميد بن عبد الرّحمن، عن الحسن بن صالحٍ، قال: سألت عطاء بن السّائب عن هذه الآية: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} وهذه الآية: {ما أفاء اللّه على رسوله} قال قلت: ما الفيء وما الغنيمة؟ قال: إذا ظهر المسلمون على المشركين وعلى أرضهم، وأخذوهم عنوةً فما أخذوا من مال ظهروا عليه فهو غنيمةٌ، وأمّا الأرض فهي في سوادنا هذا فيءٌ.
وقال آخرون: الغنيمة ما أخذ عنوةً. والفيء: ما كان عن صلحٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان الثّوريّ، قال: الغنيمة: ما أصاب المسلمون عنوةً بقتالٍ فيه الخمس، وأربعة أخماسه لمن شهدها. والفيء: ما صولحوا عليه بغير قتالٍ، وليس فيه خمسٌ، هو لمن سمّى اللّه.
وقال آخرون: الغنيمة والفيء بمعنًى واحدٍ. وقالوا: هذه الآية الّتي في الأنفال ناسخة قوله: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول} الآية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل} قال: كان الفيء في هؤلاء، ثمّ نسخ ذلك في سورة الأنفال، فقال: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل} فنسخت هذه ما كان قبلها في سورة الحشر، وجعل الخمس لمن كان له الفيء في سورة الحشر، وسائر ذلك لمن قاتل عليه.
وقد بيّنّا فيما مضى الغنيمة، وأنّها المال يوصل إليه من مال من خوّل اللّه ماله أهل دينه بغلبةٍ عليه وقهرٍ بقتالٍ.
فأمّا الفيء، فإنّه ما أفاء اللّه على المسلمين من أموال أهل الشّرك، وهو ما ردّه عليهم منها بصلحٍ، من غير إيجاف خيلٍ ولا ركابٍ. وقد يجوز أن يسمّى ما ردّته عليهم منها سيوفهم ورماحهم وغير ذلك من سلاحهم فيئًا؛ لأنّ الفيء إنّما هو مصدرٌ من قول القائل: فاء الشّيء يفيء فيئًا: إذا رجع، وأفاءه اللّه: إذا ردّه.
غير أنّ الّذي ورد حكم اللّه فيه من الفيء يحكيه في سورة الحشر إنّما هو ما وصفت صفته من الفيء دون ما أوجف عليه منه بالخيل والرّكاب، لعللٍ قد بيّنتها في كتابنا: كتاب لطيف القول في أحكام شرائع الدّين وسنبيّنه أيضًا في تفسير سورة الحشر إذا انتهينا إليه إن شاء اللّه تعالى.
وأمّا قول من قال: الآية الّتي في سورة الأنفال ناسخةٌ الآية الّتي في سورة الحشر فلا معنى له، إذ كان لا معنى في إحدى الآيتين ينفي حكم الأخرى. وقد بيّنّا معنى النّسخ، وهو نفي حكمٍ قد ثبت بحكمٍ بخلافه، في غير موضعٍ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وأمّا قوله: {من شيءٍ} فإنّه مرادٌ به كلّ ما وقع عليه اسم شيءٍ ممّا خوّله اللّه المؤمنين من أموال من غلبوا على ماله من المشركين ممّا وقع فيه القسم حتّى الخيط والمخيط.
- كما حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ} قال: المخيط من الشّيء.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ بمثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ الفضل، قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ مثله.

القول في تأويل قوله تعالى: {فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: قوله: {فأنّ للّه خمسه} مفتاح كلامٍ، وللّه الدّنيا والآخرة وما فيهما، وإنّما معنى الكلام: فأنّ للرّسول خمسه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، قال: سألت الحسن عن قول اللّه: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول} قال: هذا مفتاح كلامٍ، للّه الدّنيا والآخرة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، قال: سألت الحسن بن محمّدٍ، عن قوله: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} قال: هذا مفتاح كلامٍ، للّه الدّنيا والآخرة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أحمد بن يونس، قال: حدّثنا أبو شهابٍ، عن ورقاء، عن نهشلٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا بعث سريّةً فغنموا خمّس الغنيمة فضرب ذلك الخمس في خمسةٍ. ثمّ قرأ: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول} قال: وقوله: {فأنّ للّه خمسه} مفتاح كلامٍ {للّه ما في السّموات وما في الأرض} فجعل سهم اللّه وسهم الرّسول واحدًا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم: {فأنّ للّه خمسه} قال: للّه كلّ شيءٍ.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، في قوله: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} قال: للّه كلّ شيءٍ، وخمسٌ للّه ورسوله، ويقسم ما سوى ذلك على أربعة أسهمٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كانت الغنيمة تقسم خمس أخماسٍ، فأربعة أخماسٍ لمن قاتل عليها، ويقسم الخمس الباقي على خمسة أخماسٍ، فخمسٌ للّه والرّسول.
- حدّثنا عمران بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث، قال: حدّثنا أبان، عن الحسن، قال: أوصى أبو بكرٍ رضي اللّه عنه بالخمس من ماله وقال: ألا أرضى من مالي بما رضي اللّه لنفسه؟!.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عبد الملك، عن عطاءٍ: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول} قال: خمس اللّه وخمس رسوله واحدٌ، كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يحمل منه ويصنع فيه ما شاء.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن أصحابه، عن إبراهيم: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} قال: كلّ شيءٍ للّه، الخمس للرّسولٍ، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السّبيل.
وقال آخرون: معنى ذلك فإنّ لبيت اللّه خمسه وللرّسول.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيع بن الجرّاح، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية الرّياحيّ، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يؤتى بالغنيمة، فيقسمها على خمسةٍ تكون أربعة أخماسٍ لمن شهدها، ثمّ يأخذ الخمس، فيضرب بيده فيه، فيأخذ منه الّذي قبض كفّه فيجعله للكعبة، وهو سهم اللّه، ثمّ يقسم ما بقي على خمسة أسهمٍ، فيكون سهمٌ للرّسول. وسهمٌ لذي القربى، وسهمٌ لليتامى، وسهمٌ للمساكين، وسهمٌ لابن السّبيل.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} إلى آخر الآية، قال: فكان يجاء بالغنيمة فتوضع، فيقسمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خمسة أسهمٍ، فيجعل أربعةً بين النّاس ويأخذ سهمًا، ثمّ يضرب بيده في جميع ذلك السّهم، فما قبض عليه من شيءٍ جعله للكعبة، فهو الّذي سمي للّه، ويقول: لا تجعلوا للّه نصيبًا فإنّ للّه الدّنيا والآخرة ثمّ يقسم بقيّته على خمسة أسهمٍ: سهمٍ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وسهمٍ لذوي القربى، وسهمٍ لليتامى، وسهمٍ للمساكين، وسهمٍ لابن السّبيل.
وقال آخرون: ما سمّي لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من ذلك فإنّما هو مرادٌ به قرابته، وليس للّه ولا لرسوله منه شيءٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماسٍ، فأربعةٌ منها لمن قاتل عليها، وخمسٌ واحدٌ يقسم على أربعٍ، فربعٌ للّه والرّسول ولذي القربى يعني قرابة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فما كان للّه والرّسول فهو لقرابة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يأخذ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، من الخمس شيئًا، والرّبع الثّاني لليتامى، والرّبع الثّالث للمساكين، والرّبع الرّابع لابن السّبيل.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال قوله: {فأنّ للّه خمسه} افتتاح كلامٍ؛ وذلك لإجماع الحجّة على أنّ الخمس غير جائزٍ قسمه على ستّة أسهمٍ، ولو كان للّه فيه سهمٌ كما قال أبو العالية، لوجب أن يكون خمس الغنيمة مقسومًا على ستّة أسهمٍ. وإنّما اختلف أهل العلم في قسمه على خمسةٍ فما دونها، فأمّا على أكثر من ذلك فما لا نعلم قائلاً قاله غير الّذي ذكرنا من الخبر عن أبي العالية، وفي إجماع من ذكرت الدّلالة الواضحة على صحّة ما اخترنا.
فأمّا من قال: سهم الرّسول لذوي القربى، فقد أوجب للرّسول سهمًا، وإن كان صلّى اللّه عليه وسلّم صرفه إلى ذوي قرابته، فلم يخرج من أن يكون القسم كان على خمسة أسهمٍ.
- وقد حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} الآية، قال: كان نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا غنم غنيمةً جعلت أخماسًا، فكان خمسٌ للّه ولرسوله، ويقسم المسلمون ما بقي. وكان الخمس الّذي جعل للّه ولرسوله ولذوي القربى واليتامى وللمساكين وابن السّبيل، فكان هذا الخمس خمسة أخماسٍ: خمسٌ للّه ورسوله، وخمسٌ لذوي القربى، وخمسٌ لليتامى، وخمسٌ للمساكين، وخمسٌ لابن السّبيل.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن،. قال: حدّثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، قال: سألت يحيى بن الجزّار عن سهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: هو خمس الخمس.
- حدّثنا ابن وكيعٍ. قال: حدّثنا ابن عيينة، وجريرٌ عن موسى بن أبي عائشة، عن يحيى بن الجزّار مثله.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد. قال: حدّثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن يحيى بن الجزّار مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {فأنّ للّه خمسه} قال: أربعة أخماسٍ لمن حضر البأس، والخمس الباقي للّه، وللرّسول خمسه يضعه حيث رأى، وخمسه لذوي القربى، وخمسه لليتامى، وخمسه للمساكين، ولابن السّبيل خمسه.
وأمّا قوله: {ولذي القربى} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا فيهم، فقال بعضهم: هم قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من بني هاشمٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن شريكٍ، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، قال: كان آل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم لا تحلّ لهم الصّدقة، فجعل لهم خمس الخمس.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأهل بيته لا يأكلون الصّدقة، فجعل لهم خمس الخمس.
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا عبد السّلام، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، قال: قد علم اللّه أنّ في بني هاشمٍ الفقراء، فجعل لهم الخمس مكان الصّدقة.
- حدّثني محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدّثنا الصّبّاح بن يحيى المزنيّ، عن السّدّيّ، عن ابن الدّيلميّ، قال: قال عليّ بن الحسين رضي اللّه عنه لرجلٍ من أهل الشّأم: أما قرأت في الأنفال: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول} الآية؟ قال: نعم، قال: فإنّكم لأنتم هم؟ قال: نعم.
- حدّثنا الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا إسرائيل، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، قال: هؤلاء قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الّذين لا تحلّ لهم الصّدقة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن حجّاجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ: أنّ نجدة، كتب إليه يسأله عن ذوي القربى، فكتب إليه كتابًا: تزعم أنّا نحن، هم، فأبى ذلك علينا قومنا.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {فأنّ للّه خمسه} قال: أربعة أخماسٍ لمن حضر البأس، والخمس الباقي للّه، وللرّسول خمسه يضعه حيث رأى، وخمسٌ لذوي القربى، وخمسٌ لليتامى، وخمسٌ للمساكين، ولابن السّبيل خمسه.
وقال آخرون: بل هم قريشٌ كلّها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرني عبد اللّه بن نافعٍ، عن أبي معشرٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، قال: كتب نجدة إلى ابن عبّاسٍ يسأله عن ذي القربى، قال: فكتب إليه ابن عبّاسٍ: قد كنّا نقول: إنّا هم فأبى ذلك علينا قومنا، وقالوا: قريشٌ كلّها ذوو قربى.
وقال آخرون: سهم ذي القربى كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ صار من بعده لوليّ الأمر من بعده.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، أنّه سئل عن سهم، ذي القربى، فقال: كان طعمةً لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما كان حيًّا، فلمّا توفّي جعل لوليّ الأمر من بعده.
وقال آخرون: بل سهم ذي القربى كان لبني هاشمٍ وبني المطّلب خاصّةً.
وممّن قال ذلك الشّافعيّ وكانت علّته في ذلك ما:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن جبير بن مطعمٍ، قال: لمّا قسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سهم ذي القربى من خيبر على بني هاشمٍ وبني المطّلب مشيت أنا وعثمان بن عفّان رضي اللّه عنه، فقلنا: يا رسول اللّه، هؤلاء إخوتك بنو هاشمٍ لا ننكر فضلهم لمكانك الّذي جعلك اللّه به منهم، أرأيت إخواننا بني المطّلب أعطيتهم وتركتنا، وإنّما نحن وهم منك بمنزلةٍ واحدةٍ؟ فقال: إنّهم لم يفارقونا في جاهليّةٍ ولا إسلامٍ، إنّما بنو هاشمٍ وبنو المطّلب شيءٌ واحدٌ ثمّ شبّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يديه إحداهما بالأخرى.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب عندي قول من قال: سهم ذي القربى كان لقرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من بني هاشمٍ وحلفائهم من بني المطّلب؛ لأنّ حليف القوم منهم، ولصحّة الخبر الّذي ذكرناه بذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
واختلف أهل العلم في حكم هذين السّهمين، أعني سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وسهم ذي القربى بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال بعضهم: يصرفان في معونة الإسلام وأهله.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أحمد بن يونس، قال: حدّثنا أبو شهابٍ، عن ورقاء، عن نهشلٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: جعل سهم اللّه وسهم الرّسول واحدًا ولذي القربى، فجعل هذان السّهمان في الخيل والسّلاح، وجعل سهم اليتامى والمساكين وابن السّبيل لا يعطى غيرهم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، قال: سألت الحسن عن قول اللّه: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى} قال: هذا مفتاح كلامٍ، للّه الدّنيا والآخرة.
ثمّ اختلف النّاس في هذين السّهمين بعد وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال قائلون: سهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لقرابة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. وقال قائلون: سهم القرابة لقرابة الخليفة، واجتمع رأيهم أن يجعلوا هذين السّهمين في الخيل والعدّة في سبيل اللّه، فكانا على ذلك في خلافة أبي بكرٍ وعمر رضي اللّه عنهما.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، قال: سألت الحسن بن محمّدٍ، فذكر نحوه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمر بن عبيدٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان أبو بكرٍ وعمر رضي اللّه عنهما يجعلان سهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الكراع والسّلاح، فقلت لإبراهيم: ما كان عليّ رضي اللّه عنه يقول فيه؟ قال: كان عليٌّ أشدّهم فيه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين} الآية. قال ابن عبّاسٍ: فكانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماسٍ، أربعةٍ بين من قاتل عليها، وخمسٍ واحدٍ يقسم على أربعةٍ: للّه، وللرّسول، ولذي القربى، يعني قرابة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فما كان للّه وللرّسول فهو لقرابة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يأخذ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من الخمس شيئًا. فلمّا قبض اللّه رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، ردّ أبو بكرٍ رضي اللّه عنه نصيب القرابة في المسلمين، فجعل يحمل به في سبيل اللّه؛ لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: لا نورث، ما تركنا صدقةٌ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: أنّه سئل عن سهم ذي القربى، فقال: كان طعمةً لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلمّا توفّي حمل عليه أبو بكرٍ وعمر في سبيل اللّه صدقةً على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: سهم ذوي القربى من بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مع سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى وليّ أمر المسلمين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا عمرو بن ثابتٍ، عن عمران بن ظبيان، عن حكيم بن سعدٍ، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قال: يعطى كلّ إنسانٍ نصيبه من الخمس، ويلي الإمام سهم اللّه ورسوله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: أنّه سئل عن سهم، ذوي القربى، فقال: كان طعمةً لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما كان حيًّا، فلمّا توفّي جعل لوليّ الأمر من بعده.
وقال آخرون: سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مردودٌ في الخمس، والخمس مقسومٌ على ثلاثة أسهمٍ: على اليتامى، والمساكين، وابن السّبيل. وذلك قول جماعةٍ من أهل العراق.
وقال آخرون: الخمس كلّه لقرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا عبد الغفّار، قال: حدّثنا المنهال بن عمرٍو، قال: سألت عبد اللّه بن محمّد بن عليٍّ وعليّ بن الحسين عن الخمس، فقالا: هو لنا فقلت لعليٍّ: إنّ اللّه يقول: {واليتامى والمساكين وابن السّبيل} فقال: يتامانا ومساكيننا.
والصّواب من القول في ذلك عندنا، أنّ سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مردودٌ في الخمس، والخمس مقسومٌ على أربعة أسهمٍ على ما روي عن ابن عبّاسٍ: للقرابة سهمٌ، ولليتامى سهمٌ، وللمساكين سهمٌ، ولابن السّبيل سهمٌ؛ لأنّ اللّه أوجب الخمس لأقوامٍ موصوفين بصفاتٍ، كما أوجب الأربعة الأخماس الآخرين. وقد أجمعوا أنّ حقّ الأربعة الأخماس لن يستحقّه غيرهم، فكذلك حقّ أهل الخمس لن يستحقّه غيرهم، فغير جائزٍ أن يخرج عنهم إلى غيرهم، كما غير جائزٍ أن تخرج بعض السّهمان الّتي جعلها اللّه لمن سمّاه في كتابه بفقد بعض من يستحقّه إلى غير أهل السّهمان الأخر.
وأمّا اليتامى: فهم أطفال المسلمين الّذين قد هلك آباؤهم. والمساكين: هم أهل الفاقة والحاجة من المسلمين. وابن السّبيل: المجتاز سفرًا قد انقطع به.
- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: الخمس الرّابع لابن السّبيل، وهو الضّيف الفقير الّذي ينزل بالمسلمين.

القول في تأويل قوله تعالى: {إن كنتم آمنتم باللّه وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان}.
يقول تعالى ذكره: أيقنوا أيّها المؤمنون أنّما غنمتم من شيءٍ فمقسوم القسم الّذي بيّنته، وصدّقوا به إن كنتم أقررتم بوحدانيّة اللّه وبما أنزل اللّه على عبده محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم فرّق بين الحقّ والباطل ببدرٍ، فأبان فلج المؤمنين وظهورهم على عدوّهم، وذلك يوم التقى الجمعان، جمع المؤمنين، وجمع المشركين. واللّه على إهلاك أهل الكفر وإذلالهم بأيدي المؤمنين، وعلى غير ذلك ممّا يشاء قديرٌ لا يمتنع عليه شيءٌ أراده.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يوم الفرقان} يعني بالفرقان يوم بدرٍ، فرّق اللّه فيه بين الحقّ والباطل.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني اللّيث، قال: حدّثني عقيلٌ، عن ابن شهابٍ، عن عروة بن الزّبير وإسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن عروة بن الزّبير، يزيد أحدهما على صاحبه في قوله: {يوم الفرقان} يوم فرّق اللّه بين الحقّ والباطل، وهو يوم بدرٍ، وهو أوّل مشهدٍ شهده رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وكان رأس المشركين عتبة بن ربيعة. فالتقوا يوم الجمعة لتسع عشرة ليلةً مضت من شهر رمضان، وأصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاثمائةٍ وبضعة عشر رجلاً، والمشركون ما بين الألف والتّسعمائة، فهزم اللّه يومئذٍ المشركين، وقتل منهم زيادةٌ على سبعين، وأسر منهم مثل ذلك.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن مقسمٍ: {يوم الفرقان} قال: يوم بدرٍ، فرّق اللّه بين الحقّ والباطل.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال أخبرنا معمرٌ، عن عثمان الجزريّ، عن مقسمٍ، في قوله: {يوم الفرقان} قال: يوم بدرٍ، فرّق اللّه بين الحقّ والباطل.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} يوم بدرٍ، وبدرٌ بين المدينة ومكّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثني يحيى بن يعقوب أبو طالبٍ، عن ابن عونٍ، عن محمّد بن عبد اللّه الثّقفيّ، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ عبد اللّه بن حبيبٍ، قال: قال الحسن بن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه: كانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان لسبع عشرة من شهر رمضان.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {يوم التقى الجمعان} قال ابن جريجٍ: قال ابن كثيرٍ: يوم بدرٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} أي يوم فرّق بين الحقّ والباطل ببدرٍ، أي يوم التقى الجمعان منكم ومنهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان} وذاكم يوم بدرٍ، يوم فرّق اللّه بين الحقّ والباطل). [جامع البيان: 11/184-203]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل إن كنتم آمنتم باللّه وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (41)
قوله تعالى: واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ
- حدّثنا أبي حدّثنا الحسن بن الرّبيع ثنا ابن إدريس عن ابن إسحاق ثنا يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير عن أبيه قال: ثمّ وضع مقاسم الفيء وأعلمه فقال واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ بعد الّذي مضى من بدرٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول إلى آخر الآية: يعني: يوم بدرٍ.
قوله تعالى: من شيءٌ
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ ثنا ابن لهيعة ثنا عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ يعني: من المشركين.
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ ثنا الحسين بن حفصٍ ثنا سفيان عن ليثٍ عن مجاهدٍ أنّما غنمتم من شيءٍ قال: المخيط من الشّيء.
قوله تعالى: فأنّ لله خمسه
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أبو أسامة وأبو نعيمٍ عن سفيان عن قيس بن مسلمٍ قال: سألت الحسن بن محمّد بن عليّ بن أبي طالبٍ عن قوله: واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه أمّا قوله: فأنّ للّه خمسه فهذا مفتاح كلام، فلله الآخرة والأولى. وروي عن أبي العالية وعطاءٍ وإبراهيم النّخعيّ والحسن البصريّ والشّعبيّ نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا كثير بن شهابٍ القزوينيّ ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع عن أبي العالية في قوله: واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه الآية، قال: كان يجاء بالغنيمة فتوضع فيقسمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على خمسة أسهمٍ، فيعزل سهمًا منها ويقسم أربعة أسهمٍ بين النّاس- يعني لمن شهد الوقعة- ثمّ يضرب بيده في جميعه- يعني السّهم الذي عذله- فما قبض من شيءٍ جعله للكعبة هو الّذي سمّى اللّه، ويقول: لا تجعلوا للّه نصيبًا فإنّ للّه الدّنيا والآخرة، ثمّ يعمد إلى بقيّة السّهم فيقسمه على خمسة أسهمٍ: سهمٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وسهمٌ لذي القربى وسهمٌ لليتامى وسهمٌ للمساكين وسهمٌ لابن السبيل.
قوله تعالى: وللرسول
[الوجه الأول]
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى أنبأ عبد اللّه بن وهبٍ أخبرني يونس عن ابن شهابٍ عن عمر بن محمّد بن جبير بن مطعمٍ عن أبيه عن جدّه رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو حديث فيه، ثمّ تناول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم شيئًا من الأرض أو وبرةً من بعيره فقال: والّذي نفسي بيده مالي ممّا أفاء اللّه عليكم ولا مثل هذه أو هذا إلا الخمس، والخمس مردودٌ عليكم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا ابن فضيلٍ عن عبد الملك عن عطاءٍ واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول قال: خمسٌ اللّه والرّسول واحدٌ يحمل فيه ويصنع فيه ما شاء، يعني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وروي عن ابن عبّاسٍ مرسلٌ والشّعبيّ والنّخعيّ وابن بريدة والحسن البصريّ وقتادة أنّهم قالوا: سهمٌ اللّه وسهم الرّسول واحدٌ.
الوجه الثّاني:
أنّه لأزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا أبي ثنا أبو معمرٍ المنقريّ حدّثنا عبد الوارث بن سعيدٍ عن الحسين المعلّم قال: سألت عبد اللّه بن بريدة عن قوله: واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول فقال: الّذي للّه فلنبيّه، والذين للرّسول لأزواجه.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول قال ابن عبّاسٍ: كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماسٍ فأربعةٌ منها بين من قاتل عليها وخمسٌ واحدٌ يقسم على أربعة أخماسٍ فربعٌ للّه وللرّسول، فما كان للّه وللرّسول فلقربة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يأخذ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من الخمس شيئًا.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أبو أسامة وأبو نعيمٍ عن قيس بن مسلمٍ قال: سألت الحسن بن محمّد بن عليٍّ عن قوله: فأنّ للّه خمسه وللرّسول فقال فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا قبض اختلف أصحابه من بعده، فقال بعضهم سهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم للخليفة وأجمعوا رأيهم أن يجعلوها في الخيل والعدّة في سبيل اللّه فكان خلافة أبي بكرٍ وعمر رضي اللّه عنهما
قوله تعالى: ولذي القربى
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقري ثنا سفيان عن إسماعيل بن أميّة عن سعيدٍ المقبريّ عن يزيد بن هرمز قال: كتب نجدة إلى ابن عبّاسٍ يسأله عن ذوي القربى قال ابن عبّاسٍ: وأمّا ذوي القربى فإنّا نزعم أنّا نحن هم فيأبى ذلك علينا قومنا
- حدّثنا أبي حدّثنا إبراهيم بن مهديّ المصّيصيّ ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنشٍ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رغبت لكم عن غسالة الأيدي، لأنّ لكم في خمس الخمس ما يغنيكم أو يكفيكم
- حدّثنا أبي ثنا سهل بن عثمان ثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمّد بن إسحاق عن الزّهريّ وعبد اللّه بن أبي بكرٍ أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قسم سهم ذي القربى من خيبر على بني هاشمٍ وبني المطّلب، قال ابن إسحاق: قسم لهم خمس الخمس
وروي عن عبد اللّه بن بريدة والسّدّيّ، قالا: بني عبد المطّلب.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ ثنا سفيان عن قيس بن مسلمٍ قال: سألت الحسن عن قوله: واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى قال: اختلف النّاس بعد وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في هذين السّهمين، فقال قائلون: سهم القرابة لقرابة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال قائلون: لقرابة الخليفة.
وروي عن سعيد بن جبيرٍ وعكرمة، قالا: قرابة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا أبي ثنا هدبة حدّثنا همّامٌ عن قتادة قال: قال الحسن في سهم ذي القربى: هو لقرابة الخلفاء وقال عكرمة هو لقرابة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: واليتامى
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى فكانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماسٍ، وخمسٌ واحدٌ يقسم على أربعة أخماسٍ، فربعٌ للّه وللرّسول ولذي القربى والرّبع الثّاني لليتامى.
قوله تعالى: والمساكين
- وبه عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين قال: كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماسٍ: فأربعةٌ منها بين من قاتل عليها، وخمسٌ واحدٌ يقسم على أربعةٍ: فربعٌ للّه وللرّسول ولذي القربى، والرّبع الثّاني: لليتامى، والرّبع الثّالث: للمساكين.
وبه عن ابن عبّاسٍ ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل والرّبع الرّابع من الخمس لأبناء السّبيل وهو الضّيف الفقير الّذي ينزل بالمسلمين.
قوله تعالى: إنّ كنتم آمنتم باللّه
- قرأت على محمّد بن الفضل حدّثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: إن كنتم آمنتم باللّه يقول: أقرّوا بحكمي.
قوله تعالى: وما أنزلنا على عبدنا
- وبه عن مقاتل بن حيّان وما أنزلنا على عبدنا يقول: وما أنزلت على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم في القسمة.
قوله تعالى: يوم الفرقان
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم بدرٍ فرّق اللّه فيه بين الحقّ والباطل. وروي عن مجاهدٍ ومقسمٍ وعبيد اللّه بن عبد اللّه والضّحّاك وقتادة ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين قال: قرأت على أبي مصعبٍ ثنا حاتم بن إسماعيل عن مصعب بن ثابتٍ، أخبرني عطاء بن دينارٍ، أو ريّان عن يزيد بن أبي حبيبٍ قال: في يوم الاثنين ولد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو يوم الفرقان.
قوله تعالى: يوم التقى الجمعان
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ ثنا أبي ثنا عمّي عن أبيه عن جدّه عن عبد اللّه بن عبّاسٍ قوله: يوم التقى الجمعان يقول: يوم بدرٍ، وبدرٌ بين مكّة والمدينة.
- قرأت على محمّد بن الفضل حدّثنا محمّد بن عليٍّ حدّثنا محمّد بن مزاحمٍ عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: يوم التقى الجمعان جمع المؤمنين وجمع المشركين.
قوله تعالى: واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ
- حدّثنا محمّد بن العبّاس حدّثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة عن ابن إسحاق على كلّ شيءٍ قديرٌ أي أنّ اللّه على ما أراد بعباده من نقمةٍ أو عفوٍ لقديرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 5/1702-1707]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان هو يوم بدر فرق فيه بين الحق والباطل). [تفسير مجاهد: 263]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} [الأنفال: 41].
- عن ابن مسعودٍ في قوله: {يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} [الأنفال: 41] قال: كانت بدرٌ لسبع عشرة مضت من رمضان.
رواه الطّبرانيّ، وإبراهيم لم يدرك ابن مسعودٍ). [مجمع الزوائد: 7/27]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 41.
أخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: ثم وضع مقاسم الفيء واعلمه، قال {واعلموا أنما غنمتم من شيء} بعد الذي مضى من بدر {فأن لله خمسه وللرسول} إلى آخر الآية
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} قال: المخيط من شيء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن أبي نجيح رضي الله عنه قال: إنما المال ثلاثة: مغنم أو فيء أو صدقة، فليس فيه درهم إلا بين الله موضعه، قال في المغنم {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين، وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله} تحرجا عليهم وقال في الفيء (كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم) (الحشر الآية 7) وقال في الصدقة (فريضة من الله والله عليم حكيم) (التوبة الآية 60).
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم عن قيس بن مسلم الجدلي قال: سألت الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب بن الحنفية عن قول الله {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} قال: هذا مفتاح كلام لله الدنيا والآخرة {وللرسول ولذي القربى} فاختلفوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين السهمين، قال قائل: سهم ذوي القربى لقرابة الخليفة وقال قائل: سهم النّبيّ للخليفة من بعده، واجتمع رأي أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله تعالى فكان كذلك في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وأخرج ابن جرير والطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية فغنموا خمس الغنيمة فضرب ذلك الخمس في خمسة ثم قرأ {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول} قال: قوله {فأن لله خمسه} مفتاح كلام (لله ما في السموات وما في الأرض) (البقرة الآية 284) فجعل الله سهم الله والرسول واحدا {ولذي القربى} فجعل هذين السهمين قوة في ال خيل والسلاح وجعل سهم اليتامى والمساكين، وابن السبيل لا يعطيه غيره وجعل الأربعة أسهم الباقية للفرس سهمين ولراكبه سهم وللراجل سهم.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فأن لله خمسه} يقول: هو لله ثم قسم الخمس خمسة أخماس {وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين، وابن السبيل}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس، فأربعة منها بين من قاتل عليها وخمس واحد يقسم على أربعة أخماس فربع لله ولرسوله ولذي القربى - يعني قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم - فما كان لله وللرسول فهو لقرابة النّبيّ ولم يأخذ النّبيّ من الخمس شيئا والربع الثاني لليتامى والربع الثالث للمساكين والربع الرابع لابن السبيل وهو الضيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} الآية، قال: كان يجاء بالغنيمة فتوضع فيقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة أسهم فيعزل سهما منه ويقسم أربعة أسهم بين الناس - يعني لمن شهد الوقعة - ثم يضرب بيده في جميع السهم الذي عزله فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة فهو الذي سمى لله تعالى: لا تجعلوا لله نصيبا فإن لله الدنيا والآخرة ثم يعمد إلى بقية السهم فيقسمه على خمسة أسهم، سهم للنبي صلى الله عليه وسلم وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم وذو قرابته لا يأكلون من الصدقات شيئا لا يحل لهم فللنبي خمس الخمس ولذي قراباته خمس الخمس ولليتامى مثل ذلك وللمساكين مثل ذلك ولابن السبيل مثل ذلك
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن أبي شيبة، وابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه قال: كان سهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدعى الصفى إن شاء عبدا وإن شاء فرسا يختاره قبل الخمس ويضرب له بسهمه إن شهد وإن غاب وكانت صفية بنة حيي من الصفى.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في الآية قال: خمس الله والرسول واحد إن كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يحمل فيه ويصنع فيه ما شاء الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله تناول شيئا من الأرض أو وبرة من بعير فقال: والذي نفسي بيده مالي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذه إلا الخمس والخمس مردود عليكم.
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي مالك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ما افتتح على خمسة أخماس، فأربعة منها لمن شهده ويأخذ الخمس خمس الله فيقسمه على ستة أسهم، فسهم لله وسهم للرسول وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يجعل سهم الله في السلاح والكراع وفي سبيل الله وفي كسوة الكعبة وطيبها وما تحتاج إليه الكعبة ويجعل سهم الرسول في الكراع والسلاح ونفقة أهله وسهم لذي القربى لقرابته يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم مع سهمهم مع البأس ولليتامى والمساكين، وابن السبيل ثلاثة أسهم يضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن شاء وحيث شاء ليس لبني عبد المطلب في هذه الثلاثة إلا سهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم سهمه مع سهام الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين المعلم قال: سألت عبد الله بن بريدة رضي الله عنه في قوله {فأن لله خمسه وللرسول} قال: الذي لله لنبيه والذي للرسول لأزواجه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن السدي رضي الله عنه {ولذي القربى} قال: هم بنو عبد المطلب.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق في المصنف، وابن أبي شيبة ومسلم، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن نجدة كتب إليه يسأله عن ذوي القربى الذين ذكر الله فكتب إليه: إنا كنا نرى أنا هم فأبى ذلك علينا قومنا وقالوا: قريش كلها ذوو قربى
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن نجدة الحروري أرسل إليه يسأله عن سهم ذي القربى الذي ذكر الله فكتب إليه: إنا كنا نرى أنا هم فأبى ذلك علينا قومنا وقالوا: ويقول: لمن تراه، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان عمر رضي الله عنه عرض علينا من ذلك عرضا رأينا دون حقنا، فرددناه عليه وأبينا أن نقبله وكان عرض عليهم أن يعين ناكحهم وأن يقضي عن غارمهم وأن يعطي فقيرهم وأبى أن يزيدهم على ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سألت عليا رضي الله عنه فقلت: يا أمير المؤمنين أخبرني كيف كان صنع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الخمس نصيبكم فقال: أما أبو بكر رضي الله عنه فلم تكن في ولايته أخماس وأما عمر رضي الله عنه فلم يزل يدفعه إلي في كل خمس حتى كان خمس السوس وجند نيسابور، فقال وأنا عنده: هذا نصيبكم أهل البيت من الخمس وقد أحل ببعض المسلمين واشتدت حاجتهم فقلت: نعم، فوثب العباس بن عبد المطلب فقال: لا تعرض في الذي لنا، فقلت: ألسنا أحق من المسلمين وشفع أمير المؤمنين فقبضه فوالله ما قبضناه ولا صدرت عليه في ولاية عثمان رضي الله عنه ثم أنشأ علي رضي الله عنه يحدث فقال: إن الله حرم الصدقة على رسول صلى الله عليه وسلم فعوضه سهما من الخمس عوضا عما حرم عليه وحرمها على أهل بيته خاصة دون أمته فضرب لهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهما عوضا مما حرم عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبت لكم عن غسالة الأيدي لأن لكم في خمس الخمس ما يغنيكم أو يكفيكم.
وأخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قسم سهم ذي القربى من خيبر على بني هاشم وبني عبد المطلب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال قسم رسول الله سهم ذي القربى على بني هاشم وبني عبد المطلب قال: فمشيت أنا وعثمان بن عفان حتى دخلنا عليه فقلنا: يا رسول الله هؤلاء إخوانك من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم دوننا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة في النسب فقال: إنهم لم يفارقونا في الجاهلية والإسلام.
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: آل محمد صلى الله عليه وسلم الذين أعطوا الخمس، آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال: كان آل محمد لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} يعني من المشركين {فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى} يعين قرابة النّبيّ صلى الله عليه وسلم {واليتامى والمساكين، وابن السبيل} يعني الضيف وكان المسلمون إذا غنموا في عهد النّبيّ أخرجوا خمسه فيجعلون ذلك الخمس الواحد أربعة أرباع فربعه لله وللرسول ولقرابة النّبيّ صلى الله عليه وسلم فما كان لله فهو للرسول القرابة وكان للنبي نصيب رجل من القرابة والربع الثاني للنبي صلى الله عليه وسلم والربع الثالث للمساكين والربع الرابع لابن السبيل ويعمدون إلى التي بقيت فيقسمونها على سهمانهم فلما توفي النّبيّ صلى الله عليه وسلم رد أبو بكر رضي الله تعالى عنه نصيب القرابة فجعل يحمل به في سبيل الله تعالى وبقي نصيب اليتامى والمساكين، وابن السبيل.
وأخرج ابن أبي شيبة والبغوي، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن رجل من بلقين عن ابن عم له قال: قلت: يا رسول الله ما تقول في هذا المال قال لله خمسه وأربعة أخماسه لهؤلاء - يعني المسلمين - قلت: فهل أحد أحق به من أحد قال: لا ولو انتزعت سهما من جنبك لم تكن بأحق به من أخيك المسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ، وابن مردوبه والبيهقي في "سننه" عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان ينفل قبل أن تنزل فريضة الخمس في المغنم فلما نزلت {واعلموا أنما غنمتم من شيء} الآية، ترك التنفل وجعل ذلك في خمس الخمس وهو سهم الله وسهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مالك بن عبد الله الحنفي رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند عثمان رضي الله عنه قال: من ههنا من أهل الشام فقمت فقال: ابلغ معاوية إذا غنم غنيمة أن يأخذ خمسة أسهم فيكتب على كل سهم منها: لله ثم ليقرع فحيثما خرج منها فليأخذه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} قال: سهم الله وسهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم واحد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: في المغنم خسم لله وسهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالصفى كان يصطفى له في المغنم خير رأس من السبي إن سبي وإلا غيره ثم يخرج الخمس ثم يضرب له بسهمه شهد أو غاب مع المسلمين بعد الصفى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن السائب رضي الله عنه، أنه سئل عن قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} وقوله (ما أفاء الله على رسوله) (الحشر الآية 7) ما الفيء وما الغنيمة قال: إذا ظهر المسلمون على المشركين وعلى أرضهم فأخذوهم عنوة فما أخذوا من مال ظهروا عليه فهو غنيمة وأما الأرض: فهو فيء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سفيان قال: الغنيمة ما أصاب المسلمون عنوة فهو لمن سمى الله وأربعة أخماس لمن شهدها.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن مردويه، عن جابر رضي الله عنه أنه سئل: كيف كان رسول الله يصنع في الخمس قال: كان يحمل الرجل سهما في سبيل الله ثم الرجل ثم الرجل.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم شيء واحد في المغنم يصطفيه لنفسه أما خادم وأما فرس ثم نصيبه بعد ذلك من الخمس.
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سلمنا الأنفال لله ورسوله ولم يخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا ونزلت بعد {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين الخمس فيما كان من كل غنيمة بعد بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ألا توليني ما خصنا الله به من الخمس فولانيه
وأخرج الحاكم وصححه عن علي رضي الله عنه قال: ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مكحول رضي الله عنه رفعه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لا سهم من الخيل إلا لفرسين وإن كان معه ألف فرس إذا دخل بها أرض العدو قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر للفارس سهمين وللراجل سهم.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفارس سهمين وللراجل سهما.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه، أوصى بالخمس وقال: أوصي بما رضي الله به لنفسه ثم قال {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل رضي الله عنه في قوله {إن كنتم آمنتم بالله} يقول: أقروا بحكمي {وما أنزلنا على عبدنا} يقول: وما أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم في القسمة {يوم الفرقان} يوم بدر {يوم التقى الجمعان} جمع المسلمين وجمع المشركين.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يوم الفرقان} قال: هو يوم بدر وبدر: ماء بين مكة والمدينة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يوم الفرقان} قال: هو يوم بدر فرق الله بين الحق والباطل.
وأخرج سعيد بن منصور ومحمد بن نصر والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} قال: كانت بدر لسبع عشرة مضت من شهر رمضان
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان في صبيحتها ليلة الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان.
وأخرج ابن جرير عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: كانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان لسبع عشرة مضت من رمضان.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل في آي من القرآن فكان أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وكان رئيس المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فالتقوا يوم الجمعة لسبع أو ست عشرة ليلة مضت من رمضان وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثمائة وبضعة عشر رجلا والمشركون بين الألف والتسعمائة وكان ذلك يوم الفرقان: يوم فرق الله بين الحق والباطل فكان أول قتيل قتل يومئذ مهجع مولى عمر ورجل من الأنصار وهزم الله يومئذ المشركين فقتل منهم زيادة على سبعين رجلا وأسر منهم مثل ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه قال: كانت بدر لسبع عشرة من رمضان في يوم جمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أنه سئل أي ليلة كانت ليلة بدر فقال: هي ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة بقيت من رمضان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر بن ربيعة البدري قال: كان يوم بدر يوم الإثنين لسبع عشرة من رمضان). [الدر المنثور: 7/122-136]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى {إذ أنتم بالعدوة الدنيا} قال شقير الوادي الأدنى وهم بشفير الوادي الأقصى {والركب أسفل منكم} يقول أبو سفيان وأصحابه أسفل منهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/259]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا وهم بالعدوة القصوى والرّكب أسفل منكم}.
يقول تعالى ذكره: أيقنوا أيّها المؤمنون واعلموا أنّ قسم الغنيمة على ما بيّنه لكم ربّكم إن كنتم آمنتم باللّه وما أنزل على عبده يوم بدرٍ، إذ فرّق بين الحقّ والباطل من نصر رسوله {إذ أنتم} حينئذٍ {بالعدوة الدّنيا} يقول: بشفير الوادي الأدنى إلى المدينة {وهم بالعدوة القصوى} يقول: وعدوّكم من المشركين نزولٌ بشفير الوادي الأقصى إلى مكّة {والرّكب أسفل منكم} يقول: والعير فيه أبو سفيان وأصحابه في موضعٍ أسفل منكم إلى ساحل البحر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا} قال: شفير الوادي الأدنى وهي بشفير الوادي الأقصى. {والرّكب أسفل منكم} قال: أبو سفيان وأصحابه أسفل منهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا وهم بالعدوة القصوى} وهما شفيرا الوادي، كان نبيّ اللّه أعلى الوادي والمشركون بأسفله. {والرّكب أسفل منكم} يعني أبا سفيان، انحدر بالعير على حوزته حتّى قدم بها مكّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا وهم بالعدوة القصوى} من الوادي إلى مكّة. {والرّكب أسفل منكم} أي عير أبي سفيان الّتي خرجتم لتأخذوها وخرجوا ليمنعوها عن غير ميعادٍ منكم ولا منهم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {والرّكب أسفل منكم} قال: أبو سفيان وأصحابه مقبلون من الشّام تّجّارًا، لم يشعروا بأصحاب بدرٍ، ولم يشعر محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم بكفّار قريشٍ ولا كفّار قريشٍ بمحمّدٍ وأصحابه، حتّى التقيا على ماء بدرٍ من يسقي لهم كلّهم، فاقتتلوا، فغلبهم أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأسروهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: ذكر منازل القوم والعير، فقال: {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا وهم بالعدوة القصوى} والرّكب: هو أبو سفيان وعيره، أسفل منكم على شاطئ البحر.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {إذ أنتم بالعدوة} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدنيّين والكوفيّين: {بالعدوة} بضمّ العين، وقرأه بعض المكّيّين والبصريّين: (بالعدوة) بكسر العين. وهما لغتان مشهورتان بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، ينشد بيت الرّاعي:
وعينان حمرٌ مآقيهما = كما نظر العدوة الجؤذر
بكسر العين من العدوة، وكذلك ينشد بيت أوس بن حجرٍ:
وفارسٍ لو تحلّ الخيل عدوته = ولّوا سراعًا وما همّوا بإقبال.

القول في تأويل قوله تعالى: {ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً}.
يعني تعالى ذكره: ولو كان اجتماعكم في الموضع الّذي اجتمعتم فيه أنتم أيّها المؤمنون وعدوّكم من المشركين عن ميعادٍ منكم ومنهم، لاختلفتم في الميعاد لكثرة عدد عدوّكم وقلّة عددكم، ولكنّ اللّه جمعكم على غير ميعادٍ بينكم وبينهم ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً. وذلك القضاء من اللّه كان نصره أولياءه من المؤمنين باللّه ورسوله، وهلاك أعدائه وأعدائهم ببدرٍ بالقتل والأسر.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد} ولو كان ذلك عن ميعادٍ منكم ومنهم ثمّ بلغكم كثرة عددهم وقلّة عددكم ما لقيتموهم. {ولكن ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً} أي ليقضي اللّه ما أراد بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله، وإذلال الشّرك وأهله، عن غير بلاءٍ منكم، ففعل ما أراد من ذلك بلطفه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: أخبرني يونس بن شهابٍ، قال: أخبرني عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالكٍ، أنّ عبد اللّه بن كعبٍ قال: سمعت كعب بن مالكٍ، يقول في غزوة بدرٍ: إنّما خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمسلمون يريدون عير قريشٍ، حتّى جمع اللّه بينهم وبين عدوّهم على غير ميعادٍ.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ابن عونٍ، عن عمير بن إسحاق، قال: أقبل أبو سفيان في الرّكب من الشّام، وخرج أبو جهلٍ ليمنعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، فالتقوا ببدرٍ، ولا يشعر هؤلاء بهؤلاء ولا هؤلاء بهؤلاءٍ، حتّى التقت السّقاة، قال: ونهد النّاس بعضهم لبعضٍ.

القول في تأويل قوله تعالى: {ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيا من حيّ عن بيّنةٍ وإنّ اللّه لسميعٌ عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ولكنّ اللّه جمعهم هنالك ليقضي أمرًا كان مفعولاً {ليهلك من هلك عن بيّنةٍ}.
وهذه اللاّم في قوله: {ليهلك} مكرّرةٌ على اللاّم في قوله: {ليقضي} كأنّه قال: ولكن ليهلك من هلك عن بيّنةٍ، جمعكم.
ويعني بقوله: {ليهلك من هلك عن بيّنةٍ} ليموت من مات من خلقه عن حجّةٍ للّه قد أثبتت له، وقطعت عذره، وعبرةٍ قد عاينها ورآها. {ويحيا من حيّ عن بيّنةٍ} يقول: وليعيش من عاش منهم عن حجّةٍ للّه قد أثبتت له وظهرت لعينه فعلمها، جمعنا بينكم وبين عدوّكم هنالك.
وقال ابن إسحاق في ذلك بما:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ليهلك من هلك عن بيّنةٍ} لمّا رأى من الآيات والعبر، ويؤمن من آمن على مثل ذلك.
وأمّا قوله: {وإنّ اللّه لسميعٌ عليمٌ} فإنّ معناه: وإنّ اللّه أيّها المؤمنون لسميعٌ لقولكم وقول غيركم حين يري اللّه نبيّه في منامه، ويريكم عدوّكم في أعينكم قليلاً وهم كثيرٌ، ويراكم عدوّكم في أعينهم قليلاً، عليمٌ بما تضمره نفوسكم وتنطوي عليه قلوبكم، حينئذٍ وفي كلّ حالٍ.
يقول جلّ ثناؤه لهم ولعباده: واتّقوا ربّكم أيّها النّاس في منطقكم أن تنطقوا بغير حقٍّ، وفي قلوبكم أن تعتقدوا فيها غير الرّشد، فإنّ اللّه لا يخفى عليه خافيةٌ من ظاهرٍ أو باطنٍ). [جامع البيان: 11/203-208]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إذ أنتم بالعدوة الدّنيا وهم بالعدوة القصوى والرّكب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولًا ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيى من حيّ عن بيّنةٍ وإنّ اللّه لسميعٌ عليمٌ (42)
قوله تعالى: إذ أنتم بالعدوة الدّنيا
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قوله: إذ أنتم بالعدوة الدّنيا قال: شاطئ الوادي.
وروي عن قتادة نحو ذلك.
- حدّثنا أبي ثنا الحسن بن الرّبيع ثنا ابن إدريس عن محمّد بن إسحاق إذ أنتم بالعدوة الدّنيا إلى المدينة.
قوله تعالى: وهم بالعدوة القصوى
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ أنبأ محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ عن قتادة وهم بالعدوة القصوى وهم بشفير الوادي الأقصى.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق ثنا يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير عن أبيه وهم بالعدوة القصوى الوادي إلى مكّة.
قوله تعالى: والرّكب أسفل منكم
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ والرّكب أسفل منكم قال: الرّكب: أبو سفيان
- حدّثنا أبي ثنا الحسن بن الرّبيع ثنا ابن إدريس عن محمّد بن إسحاق ثنا يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير عن أبيه والرّكب أسفل منكم يعني: أبا سفيان وغيره، وهي أسفل من ذلك نحو السّاحل.
- حدّثنا أبي ثنا عبد العزيز بن المغيرة ثنا حمّاد بن سلمة عن هشام بن عروة في قول اللّه: والرّكب أسفل منكم وكان أبو سفيان أسفل الوادي في سبعين راكبًا، ونفرت قريشٌ وكانوا تسعمائةٍ وخمسين، فبعث أبو سفيان إلى قريشٍ وهم بالجحفة: إنّي قد جاوزت القوم فارجعوا، قالوا: لا واللّه لا نرجع حتّى نأتي ماء بدرٍ
قوله تعالى: ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق قال: وحدّثني يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير عن أبيه ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد أي ولو كان ذلك عن ميعادٍ منكم ومنهم ثمّ بلغكم كثرة عددهم وقلّة عددكم ما لقيتموهم.
قوله تعالى: ولكن ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً
- وبه عن أبيه ولكن ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً أي ليقضي ما أراد بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله وإذلال الكفر وأهله عن غير ملإٍ منكم، ففعل ما أراد من ذلك بلطفه سبحانه.
- حدّثنا أبي ثنا الحسن بن الرّبيع ثنا عبد اللّه بن إدريس عن محمّد بن إسحاق حدّثني يحيى بن عبّاد بن الزّبير عن أبيه ولكن ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً فأخرجه اللّه ومن معه إلى العير لا يريد غيرها، وأخرج قريشًا من مكّة لا يريدون إلا الدّفع عن عيرهم، ثمّ ألّف بين القوم على الحرب، وكان لا يريد إلا العير فقال في ذلك: ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً ليفصل بين الحقّ والباطل ويعزّ الإسلام وأهله، ويذلّ الشّرك وأهله.
قوله تعالى: ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيى من حيّ عن بيّنةٍ
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة عن ابن إسحاق وحدّثني يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير عن أبيه ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيى من حيّ عن بيّنةٍ وإنّ اللّه لسميعٌ عليمٌ أي ليكفر من كفر بعد الحجّة، لما رأى من الآيات والعبر، ويؤمن من آمن على مثل ذلك.
قوله تعالى: وإن الله لسميع عليم
قد تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 5/1707-1709]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله والركب أسفل منكم يعني به أبا سفيان وأصحابه مقبلين من الشام تجارا لم يشعروا بأصحاب بدر ولم يشعر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بكفار قريش ولا كفار قريش بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى التقى على ماء بدر من يستقي لهم كلهم فاقتتلوا فغلبهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأسروهم). [تفسير مجاهد: 263-264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 42.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {إذ أنتم بالعدوة الدنيا}
قال: شاطئ الوادي {والركب أسفل منكم} قال: أبو سفيان.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {إذ أنتم بالعدوة الدنيا} الآية، قال: العدوة الدنيا: شفير الوادي الأدنى والعدوة القصوى: شفير الوادي الأقصى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله {والركب أسفل منكم} قال: كان أبو سفيان أسفل الوادي في سبعين راكبا، ونفرت قريش وكانت تسعمائة وخمسين فبعث أبو سفيان إلى قريش وهم بالجحفة: إني قد جاوزت القوم فارجعوا، قالوا: والله لا نرجع حتى نأتي ماء بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {والركب أسفل منكم} قال: أبو سفيان وأصحابه مقبلين من الشام تجارا لم يشعروا بأصحاب بدر ولم يشعر أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم بكفار قريش ولا كفار قريش بهم حتى التقوا على ماء بدر فاقتتلوا فغلبهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأسروهم.
وأخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه في قوله {وهم بالعدوة القصوى} من الوادي إلى مكة {والركب أسفل منكم} يعني أبا سفيان وغيره وهي أسفل من ذلك نحو الساحل {ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد} أي ولو كان على ميعاد منكم ومنهم ثم بلغكم كثرة عددهم وقلة عددكم ما التقيتم {ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا} أي ليقضي ما أراد بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله وإذلال الكفر وأهله من غير ملأ منكم ففعل ما أراد من ذلك بلطفه فأخرجه الله ومن معه إلى العير لا يريد غيرها.
وأخرج قريشا من مكة لا يريدون إلا الدفع عن عيرهم ثم ألف بين القوم على الحرب وكانوا لا يريدون إلا العير فقال في ذلك {ليقضي الله أمرا كان مفعولا} ليفصل بين الحق والباطل {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} أي ليكفر من كفر بعد الحجة لما رأى من الآيات والعبر يؤمن من آمن على مثل ذلك). [الدر المنثور: 7/136-138]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى {إذ يريكهم الله في منامك قليلا} قال أراهم الله تعالى إياه في منامه قليلا فأخبر النبي بذلك أصحابه وكان تثبيتا لهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/259-260]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى {ولكن الله سلم} قال سلم أمره فيهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/260]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إذ يريكهم اللّه في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكنّ اللّه سلّم إنّه عليمٌ بذات الصّدور}.
يقول تعالى ذكره: وإنّ اللّه يا محمّد سميعٌ لما يقول أصحابك، عليمٌ بما يضمرونه، إذ يريك اللّه عدوّك وعدوّهم {في منامك قليلاً} يقول: يريكهم في نومك قليلاً فتخبرهم بذلك، حتّى قويت قلوبهم واجترءوا على حرب عدوّهم.
ولو أراك ربّك عدوّك وعدوّهم كثيرًا لفشل أصحابك، فجبنوا وخافوا، ولم يقدروا على حرب القوم، ولتنازعوا في ذلك، ولكنّ اللّه سلّمهم من ذلك بما أراك في منامك من الرّؤيا، إنّه عليمٌ بما تخفيه الصّدور، لا يخفى عليه شيءٌ ممّا تضمره القلوب.
وقد زعم بعضهم أنّ معنى قوله: {إذ يريكهم اللّه في منامك قليلاً} أي في عينك الّتي تنام بها، فصيّر المنام هو العين، كأنّه أراد: إذ يريكهم اللّه في عينك قليلاً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {إذ يريكهم اللّه في منامك قليلاً} قال: أراه اللّه إيّاهم في منامه قليلاً، فأخبر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أصحابه بذلك، فكان تثبيتًا لهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- وقال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {إذ يريكهم اللّه في منامك قليلاً} الآية، فكان أوّل ما أراه من ذلك نعمةً من نعمه عليهم، شجّعهم بها على عدوّهم، وكفاهم بها ما تخوّف عليهم من ضعفهم لعلمه بما فيهم.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {ولكنّ اللّه سلّم} فقال بعضهم: معناه: ولكنّ اللّه سلّم للمؤمنين أمرهم حتّى أظهرهم على عدوّهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولكنّ اللّه سلّم} يقول: سلّم اللّه لهم أمرهم حتّى أظهرهم على عدوّهم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولكنّ اللّه سلّم أمره فيهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، قال: حدّثنا معمرٌ، عن قتادة: {ولكنّ اللّه سلّم} قال: سلّم أمره فيهم.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب عندي ما قاله ابن عبّاسٍ، وهو أنّ اللّه سلّم القوم بما أرى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم في منامه من الفشل والتّنازع، حتّى قويت قلوبهم واجترءوا على حرب عدوّهم، وذلك أنّ قوله: {ولكنّ اللّه سلّم} عقيب قوله: {ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر} فالّذي هو أولى بالخبر عنه، أنّه سلّمهم منه جلّ ثناؤه ما كان مخوّفًا منه لو لم ير نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم من قلّة القوم في منامه). [جامع البيان: 11/208-211]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إذ يريكهم اللّه في منامك قليلًا ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكنّ اللّه سلّم إنّه عليمٌ بذات الصّدور (43)
قوله تعالى: إذ يريكهم اللّه
- حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ أنبأ حفص بن عمر ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة إذ يريكهم اللّه في منامك قليلاً الآية. قال: حرّش بينهم.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الأعلى أنبأ محمّد بن ثورٍ عن معمرٌ عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ إذ يريكهم اللّه في منامك قليلاً قال: أراه إيّاهم في منامه قليلاً، فأخبر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أصحابه بذلك، وكان تثبيتًا لهم.
- حدّثنا أبي ثنا يوسف بن موسى التّستريّ ثنا أبو قتيبة عن سهلٍ السّرّاج عن الحسن في قوله: إذ يريكهم اللّه في منامك قليلاً قال: بعينك.
قوله تعالى: ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عمر العدنيّ ثنا سفيان عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم يقول: لفشلت أنت، فرأى أصحابك في وجهك الفشل ففشلوا.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ- فيما كتب إليّ- ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ ثنا شيبان بن عبد الرّحمن عن قتادة في قوله: ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم يقول: لجبنتم.
قوله تعالى: ولتنازعتم في الأمر
- وبه عن قتادة قوله: ولتنازعتم في الأمر قال: لاختلفتم.
قوله تعالى: ولكنّ اللّه سلّم
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة- فيما كتب إليّ- ثنا أبي ثنا عمّي عن أبيه عن جدّه عن عبد اللّه بن عبّاسٍ قوله: ولكنّ اللّه سلّم يقول: سلّم لهم أمرهم حتّى أظهرهم على عدوهم.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: ولكنّ اللّه سلّم أي أتمّ.
قوله تعالى: إنّه عليمٌ بذات الصّدور
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى ثنا محمّد بن عليٍّ أنبأ محمّد بن مزاحمٍ عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: عليمٌ بذات الصّدور بما في قلوبهم.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: عليمٌ بذات الصّدور أي لا يخفى عليه ما في صدورهم ممّا استخفوا به منكم). [تفسير القرآن العظيم: 5/1709-1710]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل ولو أراكهم كثيرا لفشلتم يقول لفشلت يا محمد ولفشل أصحابك إذا رأوا ذلك في وجهك). [تفسير مجاهد: 264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 43
أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إذ يريكهم الله في منامك قليلا} قال: أراه الله إياهم في منامه قليلا فأخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك وكان تثبيتا لهم.
وأخرج ابن إسحاق، وابن المنذر عن حيان بن واسع بن حيان عن أشياخ من قومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر ورجع إلى العريش فدخله ومعنا أبو بكر رضي الله عنه وقد خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو في العريش ثم انتبه فقال: أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النقع.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر} قال: لاختلفتم
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولكن الله سلم} أي أتم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولكن الله سلم} يقول: سلم بهم أمرهم حتى أظهرهم على عدوهم). [الدر المنثور: 7/138-139]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلاً ويقلّلكم في أعينهم ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً وإلى اللّه ترجع الأمور}.
يقول تعالى ذكره: وإنّ اللّه لسميعٌ عليمٌ إذ يري اللّه نبيّه في منامه المشركين قليلاً، وإذ يريهم اللّه المؤمنين إذ لقوهم في أعينهم قليلاً، وهم كثيرٌ عددهم، ويقلّل المؤمنين في أعينهم، ليتركوا الاستعداد لهم فيهوّن على المؤمنين شوكتهم.
- كما حدّثني ابن بزيعٍ البغداديّ، قال: حدّثنا إسحاق بن منصورٍ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه، قال: لقد قلّلوا في أعيننا يوم بدرٍ حتّى قلت لرجلٍ إلى جنبي: تراهم سبعين؟ قال أراهم مائةً. قال: فأسرنا رجلاً منهم، فقلنا: كم هم؟. قال: كنّا ألفًا.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه بنحوه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {إذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلاً} قال ابن مسعودٍ: قلّلوا في أعيننا حتّى قلت لرجلٍ: أتراهم يكونون مائةً؟.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: قال ناسٌ من المشركين: إنّ العير قد انصرفت فارجعوا، فقال أبو جهلٍ: الآن إذ برز لكم محمّدٌ وأصحابه؟ فلا ترجعوا حتّى تستأصلوهم، وقال: يا قوم لا تقتلوهم بالسّلاح، ولكن خذوهم أخذًا، فاربطوهم بالحبال، يقوله من القدرة في نفسه.
وقوله: {ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً} يقول جلّ ثناؤه: قلّلتكم أيّها المؤمنون في أعين المشركين وأريتكموهم في أعينكم قليلاً حتّى يقضي اللّه بينكم ما قضى من قتال بعضكم بعضًا، وإظهاركم أيّها المؤمنون على أعدائكم من المشركين والظّفر بهم، لتكون كلمة اللّه هي العليا وكلمة الّذين كفروا السّفلى، وذلك أمرٌ كان اللّه فاعله وبالغًا فيه أمره.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً} أي ليؤلّف بينهم على الحرب للنّقمة ممّن أراد الانتقام منه والإنعام على من أراد إتمام النّعمة عليه من أهل ولايته.
{وإلى اللّه ترجع الأمور} يقول جلّ ثناؤه: مصير الأمور كلّها إليه في الآخرة، فيجازي أهلها على قدر استحقاقهم: المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته). [جامع البيان: 11/211-212]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلًا ويقلّلكم في أعينهم ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولًا وإلى اللّه ترجع الأمور (44)
قوله تعالى: وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ ثنا أبو أحمد الزّبيريّ ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد اللّه قال: لقد قلّلوا في أعيننا يوم بدرٍ حتّى قلت لرجلٍ إلى جنبي: تراهم سبعين؟ قال: لا، بل هم مائةٌ، حتّى أخذنا رجلاً منهم فسألناه قال: كنّا ألفًا.
- حدّثنا أبي ثنا سليمان بن حربٍ ثنا حمّاد بن زيدٍ عن الزبير ابن خرّيتٍ عن عكرمة وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقلّلكم في أعينهم قال: حضّض بعضهم على بعضٍ.
قوله تعالى: ويقلّلكم في أعينهم الآية.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق قال: ثنا يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير عن أبيه، فكان ما أراه اللّه عزّ وجلّ من ذلك من نعمة اللّه عليهم شجّعهم بها على عدوّهم وكفّ بها عنهم ما تخوّف عليهم من ضعفهم لعلمه بما فيهم وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقلّلكم في أعينهم ليقضي اللّه أمرًا كان مفعولاً أي ليؤلّف بينهم على الحرب للنقمة ممّن أراد الانتقام منه والإنعام على من أراد تمام النّعمة عليه من أهل ولايته). [تفسير القرآن العظيم: 5/1710]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 44.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي: تراهم سبعين قال: لا بل مائة حتى أخذنا رجلا منهم فسألناه قال: كنا ألفا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم} قال: حضض بعضهم على بعض). [الدر المنثور: 7/139]


رد مع اقتباس