عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 10:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 95 إلى 110]

{إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107) وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)}:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {إنّ اللّه فالق الحبّ والنّوى يخرج الحيّ من الميّت ومخرج الميّت من الحيّ ذلكم اللّه فأنّى تؤفكون}
أي يشق الحبة اليابسة الميتة والنواة اليابسة فيخرج منها ورقا أخضر.
وهو معنى، {يخرج الحيّ من الميّت} أي يخرج النبات الغض الطريّ الخضر من الحب اليابس.
{ومخرج الميّت من الحيّ} ويخرج الحب اليابس من النبات الحي النامي.
احتج اللّه جل ثناؤه عليهم بما يشاهدون من خلقه لأنّهم أنكروا البعث فأعلمهم أنه الذي خلق هذه الأشياء وأنه قادر على بعثهم.
وقوله: {فأنّى تؤفكون} أي فمن أين تصرفون عن الحق). [معاني القرآن:2/273]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {إن الله فالق الحب والنوى} قال مجاهد يعني الشق فيها وقال الضحاك فالق خالق). [معاني القرآن:2/460]

تفسير قوله تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {فالق الإصباح...}
والإصباح مصدر أصبحنا إصباحا، والأصباح صبح كل يوم بمجموع.
وقوله: {وجعل اللّيل سكناً والشّمس والقمر حسباناً} الليل في موضع نصب في المعنى. فردّ الشمس والقمر على معناه لما فرق بينهما بقوله: (سكنا) فإذا لم تفرق بينهما بشيء آثروا الخفض. وقد يجوز أن ينصب وإن لم يحل بينهما بشيء؛ أنشد بعضهم:
وبينا نحن ننظره أتانا = معلّق شكوةٍ وزناد راع

وتقول: أنت آخذٌ حقّك وحقّ غيرك فتضيف في الثاني وقد نوّنت في الأوّل؛ لأن المعنى في قولك: أنت ضارب زيدا وضارب زيدٍ سواء. وأحسن ذلك أن تحول بينهما بشيء؛ كما قال امرؤ القيس:
فظلّ طهاة اللحم من بين منضج = صفيف شواءٍ أو قديرٍ معجّل

فنصب الصفيف وخفض القدير على ما قلت لك). [معاني القرآن:1/346]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وجاعل اللّيل سكناً والشّمس والقمر} منصوبتين، لأنه فرق بينهما وبين الليل المضاف إلى جاعل قوله: (سكناً)، فأعملوا فيهما الفعل الذي عمل في قوله: سكناً، فنصبوهما كما أخرجوهما من الإضافة، كما قال الفرزدق:
قعوداً لدى الأبواب طالب حاجةٍ = عوانٍ من الحاجات أو حاجةٍ بكرا

{والشّمس والقمر حسباناً}، وهو جميع حساب، فخرج مخرج شهاب، والجميع شهبان). [مجاز القرآن:1/201]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فالق الإصباح وجعل اللّيل سكناً والشّمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم}
وقال: {فالق الإصباح} جعله مصدرا من "أصبح". وبعضهم يقول (فالق الأصباح) جماع "الصّبح".
وقال: {والشّمس والقمر حسباناً} أي: بحسابٍ. فحذف الباء كما حذفها من قوله: {أعلم من يضلّ عن سبيله} أي: أعلم بمن يضلّ. و"الحسبان" جماعة "الحساب" مثل "شهاب" و"شهبان"، ومثله "الشمس والقمر بحسبان" أي: بحساب). [معاني القرآن:1/245]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({حسبانا}: جماعة حساب).[غريب القرآن وتفسيره:139]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(الحسبان) الحساب. يقال: خذ كل شيء بحسبانه [أي بحسابه]). [تفسير غريب القرآن:157]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {فالق الإصباح وجعل اللّيل سكنا والشّمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم}
معنى الإصباح والصبح واحد، جائز أن يكون خالق الإصباح وجائز أن يكون معناه شاق الصبح، وهو راجع إلى معنى خالق الصبع.
وقوله: {والشّمس والقمر حسبانا}.
النصب في (الشمس والقمر) هي القراءة. والجر جائز على معنى وجاعل (الشمس والقمر حسبانا)، لأن في جاعل معنى جعل.
وبه نصبت {سكنا} ولا يجوز جاعل الليل سكنا، لأن أسماء الفاعلين إذا كان الفعل قد رفع أضيفت إلى ما بعدها لا غير تقول هذا ضارب زيد أمس.
فإجماع النحويين أنه لا يجوز في زيد النصب، وعلى ذلك أكثر الكوفيين، وبعض الكوفيين يجيز النصب. فإذا قلت هذا معطي زيد درهما فنصب الدرهم محمول على أعطى). [معاني القرآن: 2/273-274]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فالق الإصباح} ويقرأ {الإصباح} وقرأ به الحسن وعيسى وهو جمع صبح والإصباح كما تقول الإمساء وقرأ النخعي (فلق الإصباح) ). [معاني القرآن:2/460]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا}
والحسبان والحساب واحد أي ذوي حساب يعني دورانهما.
وقال ابن عباس في قوله جل وعز: {الشمس والقمر بحسبان} أي بحساب). [معاني القرآن:2/460-461]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ((الحسبان) والحساب واحد). [تفسير المشكل من غريب القرآن:78]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({حُسْبَانًا}: ما بينكم). [العمدة في غريب القرآن:129]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97)}:

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وهو الّذي أنشأكم مّن نّفسٍ واحدةٍ فمستقرٌّ...}
يعني في الرحم {ومستودعٌ} في صلب الرجل. ويقرأ {فمستقرّ} يعني الولد في الرحم {ومستودع} في صلب الرجل. ورفعها على إضمار الصفة؛ كقولك: رأيت الرجلين عاقل وأحمق، يريد منهما كذا وكذا). [معاني القرآن:1/347]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فمستقرٌّ ومستودعٌ} مستقرٌّ في صلب الأب، ومستودع في رحم الأم). [مجاز القرآن:1/201]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وهو الّذي أنشأكم مّن نّفسٍ واحدةٍ فمستقرٌّ ومستودعٌ قد فصّلنا الآيات لقومٍ يفقهون}
وقال: {أنشأكم مّن نّفسٍ واحدةٍ فمستقرٌّ ومستودعٌ} فنراه يعنى: فمنها مستقرٌّ ومنها مستودعٌ والله أعلم. وتقرأ {مستقرّ}). [معاني القرآن:1/246]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({فمستقر}: في الصلب.
{ومستودع}: في الرحم). [غريب القرآن وتفسيره:140]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فمستقرٌّ} في الصلب. {ومستودعٌ} في الرحم). [تفسير غريب القرآن:157]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وهو الّذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقرّ ومستودع قد فصّلنا الآيات لقوم يفقهون}
الأكثر في القراءة {مستقرّ} بفتح القاف، وقد قرئت بكسرها. و{مستودع} بالفتح لا غير.
- وأما رفع (مستقر ومستودع) فعلى معنى: لكم مستقرّ ولكم مستودع.
- ومن قرأ بالكسر (فمستقر ومستودع) فعلى معنى: فمنكم مستقر ومنكم مستودع.
وتأويل مستقر أي مستقر في الرحم ومستودع أي منكم مستودع في أصلاب الرجال، وعلى هذا أيضا فمستقر بفتح القاف، ومستودع.
أي فلهم مستقر ولكم في الأصلاب مستودع وجائز أن يكون فمستقر -بالكسر- ومستودع أي: فمنكم مستقر في الأحياء ومنكم مستودع أي مستقر في الدنيا موجود، ومستودع في الأصلاب لم يخلق بعد.
- وجائز أن يكون (فمستقرّ) بالكسر، (ومستودع): فمنكم مستقر في الأحياء ومنكم مستودع في الثرى.
وهذه الأقوال كلها قد قيلت واللّه أعلم بحقيقة ذلك). [معاني القرآن: 2/274-275]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع} قال عطاء ومجاهد وقتادة والضحاك وألفاظهم متقاربة: فمستقر في الرحم ومستودع في الصلب.
وقرأ جماعة بالفتح.

وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "المستقر": الرحم، و"المستودع": الأرض التي تموت بها. والفتح على معنى: ولكم في الأرحام مستقر وفي الأصلاب مستودع. والكسر بمعنى: فمنكم مستقر.
وقال سعيد بن جبير: قال ابن عباس: هل تزوجت؟ فقلت: لا. فقال: إن الله جل وعز يستخرج من ظهرك ما استودعه فيه.
وقرأ ابن عباس وسعيد بن جبير وغيرهما (فمستقر) بالكسر {ومستودع}.

وقال إبراهيم النخعي: المعنى: فمستقر في الرحم ومستودع في الصلب.
وقال الحسن: فمستقر في القبر ومستودع في الدنيا يوشك أن يلحق بصاحبه.
- حدثني محمد بن إدريس قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا أبو داود عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله جل وعز: {فمستقر ومستودع} قال: المستقر ما كان في الرحم والمستودع الصلب). [معاني القرآن: 2/461-463]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون}
قال قتادة: (فصلنا) بمعنى بينا). [معاني القرآن:2/463]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَمُسْتَقَرٌّ} أي في الصلب، {وَمُسْتَوْدَعٌ} أي في الرحم).[تفسير المشكل من غريب القرآن:78]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَمُسْتَقَرٌّ}: في الأصلاب
{وَمُسْتَوْدَعٌ}: في الأرحام). [العمدة في غريب القرآن:129]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فأخرجنا به نبات كلّ شيءٍ...}
يقول: رزق كل شيء، يريد ما ينبت ويصلح غذاء لكل شيء. وكذا جاء التفسير، وهو وجه الكلام.

وقد يجوز في العربية أن تضيف النبات إلى كل شيء وأنت تريد بكل شيء النبات أيضا، فيكون مثل قوله: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين} واليقين هو الحقّ.
وقوله: {من النّخل من طلعها قنوانٌ دانيةٌ} الوجه الرفع في القنوان؛ لأن المعنى: ومن النخل قنوانه دانية. ولو نصب: وأخرج من النخل من طلعها قنوانا دانية لجاز في الكلام، ولا يقرأ بها لمكان الكتاب.
وقوله: {وجنّاتٍ مّن أعنابٍ} نصب، إلا أن جمع المؤنث بالتاء يخفض في موضع النصب، ولو رفعت الجنات تتبع القنوان كان صوابا.
وقوله: {وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجنّاتٌ} الوجه فيه الرفع، تجعلها تابعة للقطع. ولو نصبتها وجعلتها تابعة للرواسي والأنهار كان صوابا.
وقوله: {والزّيتون والرّمّان} يريد شجرة الزيتون وشجر الرمان، كما قال: {واسأل القرية} يريد أهل القرية.
وقوله: {انظروا إلي ثمره إذا أثمر} يقول: انظروا إليه أول ما يعقد.

{وينعه}: بلوغه وقد قرئت (وينعه، ويانعه). فأما قوله: {وينعه} فمثل نضجه، ويانعه مثل ناضجه وبالغه). [معاني القرآن: 1/347-348]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({قنوانٌ}: القنو هو العذق، والاثنان: قنوان، النون مكسورة، والجميع قنوانٌ على تقدير لفظ الاثنين، غير أن نون الاثنين مجرورة في موضع الرفع والنصب والجر، ونون الجميع يدخله الرفع والجر والنصب، ولم نجد مثله غير قولهم صنوٌ، وصنوان، والجميع صنوانٌ.
{وينعه إنّ في ذلكم}، ينعه: مصدر من ينع إذا أينع؛ أي: من مدركه، واحده يانع والجميع ينع، بمنزلة تاجر والجميع تجر، وصاحب والجميع صحب، ويقال: قد ينع الثمر فهو يينع ينوعاً، فمنه اليانع؛ ويقال: قد ينعت الثمرة وأينعت لغتان، فالآية فيها اللغتان جميعاً، قال:
في قبابٍ حول دسكرة = حولها الزيتون قد ينعا).
[مجاز القرآن:1/202]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وهو الّذي أنزل من السّماء ماء فأخرجنا به نبات كلّ شيءٍ فأخرجنا منه خضراً نّخرج منه حبّاً مّتراكباً ومن النّخل من طلعها قنوان دانيةٌ وجنّاتٍ مّن أعنابٍ والزّيتون والرّمّان مشتبهاً وغير متشابهٍ انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إنّ في ذلكم لآياتٍ لّقومٍ يؤمنون}
وقال: {فأخرجنا منه خضراً} يريد "الأخضر" كقول العرب: "أرنيها نمرةً أركها مطرةً".
وقال: {ومن النّخل من طلعها قنوان دانيةٌ} ثم قال: {وجنّاتٍ مّن أعنابٍ} أي: "وأخرجنا به جنّاتٍ من أعنابٍ".
ثم قال: {والزّيتون} وواحد: "القنوان": قنوٌ، وكذلك "الصّنوان" واحدها: صنوٌ). [معاني القرآن:1/246]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({خضرا}: أخضر وفي الحديث " تجنبوا من خضراتكم ذوات الريح" يعني البصل والثوم.
{قنوان}: أعذاق الواحد قنو.
{وينعه}: إدراكه، يقال "أينعت الثمرة" إذا أدركت وينعت). [غريب القرآن وتفسيره:140]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ((القنوان) عذوق النّخل. واحدها قنو. جمع على لفظ تثنيته، غير أن الحركات تلزم نونه في الجمع، وهي في الاثنين مكسورة، مثل:
صنو وصنوان في التّثنية. وصنوان في الجمع.
{انظروا إلى ثمره إذا أثمر} وهو غضّ.
{و ينعه} أي إدراكه ونضجه. يقال: ينعت الثّمرة وأينعت: إذا أدركت. وهو الينع والينع والينوع). [تفسير غريب القرآن:157]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وهو الّذي أنزل من السّماء ماء فأخرجنا به نبات كلّ شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبّا متراكبا ومن النّخل من طلعها قنوان دانية وجنّات من أعناب والزّيتون والرّمّان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إنّ في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون}
قال أهل اللغة: أصل كلمة ماء ماه إلا أن الهمزة أبدلت من الهاء لخفاء الهاء، والدليل على ذلك قولهم أمواه في جمعه، ومياه، ويصغر مويه.
قال الشاعر:
سقى الله أمواها عرفت مكانها = جرابا وملكوما وبذّر والغمرا

وقوله: {فأخرجنا منه خضرا}
معنى خضر كمعنى أخضر، يقال اخضر فهو أخضر وخضر، مثل أعوز فهو أعور وعور.
وقوله: {ومن النّخل من طلعها قنوان دانية}
{قنوان} جمع قنو مثل صنو وصنوان، وإذا ثنيت القنو فهما قنوان يا هذا بكسر النون، والقنو العذق بكسر العين وهي الكباسة، والعذق النخلة.
و(دانية) أي قريبة المتناول، ولم يقل ومنها قنوان بعيدة.
لأن في الكلام دليلا أن البعيدة السحيقة من النخل قد كانت غير سحيقة، واجتزئ بذكر القريبة عن ذكر البعيدة، كما قال عزّ وجلّ:
{سرابيل تقيكم الحرّ} ولم يقل وسرابيل تقيكم البرد.
لأن في الكلام دليلا على أنها تقي البرد لأن ما يستر من الحر يستر من البرد.
وقوله: {وجنّات من أعناب}
عطف على قوله {خضرا} أي فأخرجنا من الماء خضرا وجناب من أعناب والجنة البستان، وإنما سمي البستان جنة، وكل نبت متكاثف يستر بعضه بعضا فهو جنة، وهو مشتق من جننت الشيء إذا سترته.
ومن هذا قيل للترس مجن لأنه يستر.
وقوله: {والزّيتون والرّمّان مشتبها وغير متشابه}.
أي في الطعم وفيه ما يشبه طعم بعضه طعم بعض.
وقرن الزيتون بالرمان لأنهما شجرتان تعرف العرب أن ورقهما يشتمل على الغصن من أوله إلى آخره.
قال الشاعر:
بورك الميت الغريب كما = بورك نضر الرمّان والزيتون

ومعناه أن البركة في ورقه واشتماله على عوده كله.
وقوله: {انظروا إلى ثمره}
يقال ثمرة وثمر وثمار، وثمر جمع ثمار، فمن قرأ إلى ثمره بالضم أراد جمع الجمع، وإن شئت قلت إلى ثمره فخففت لثقل الضمة.
{وينعه}، الينع: النضج، يقال ينع الشجر وأينع إذا أدرك.
قال الشاعر:
في قباب حول دسكرة = حولها الزيتون قد ينعا
قال أبو عبيدة البيت ليزيد بن معاوية أو للأحوص.
احتج اللّه عليهم بتصريف ما خلق ونقله من حال إلى حال، بما يعلمون أنه لا يقدر عليه المخلوقون، وأنه كذلك يبعثهم لأنهم كانوا ينكرون البعث فقال لهم: {إنّ في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون}.
فأعلمهم أن فيما قص دليلا لمن صدّق). [معاني القرآن: 2/275-277]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا} خضرا بمعنى أخضر). [معاني القرآن:2/463]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {ومن النخل من طلعها قنوان دانية}

قال قتادة: (القنوان): العذوق، وكذلك هو عند أكثر أهل اللغة يقال: عذق، وقنو بمعنى واحد؛ فأما العذق: فالنخلة، وقيل القنوان: الجمار.
وقال البراء بن عازب: دانية قريبة والمعنى ومنها قنوان بعيدة كما قال تعالى: {سرابيل تقيكم الحر}). [معاني القرآن:2/463-464]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه} أي مشتبها في المنظر وغير متشابه في الطعم). [معاني القرآن:2/464]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه} أي ونضجه يقال ينع وينع وأينع وينع إذا نضج وأدرك
وقال الحجاج في خطبته: أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها). [معاني القرآن: 2/464-465]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ((القنوان) عذوق النخل، واحدها قنو، جمع على لفظ تثنينه، ومثله صنوان.
{ويَنْعِهِ} إدراكه. يقال: ينعت وأينعت، وهو الينع والينع). [تفسير المشكل من غريب القرآن:78]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({قنوان}: أعذاق
{وَيَنْعِهِ}: إدراكه). [العمدة في غريب القرآن:129]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ}
إن شئت جعلت الْجِنَّ تفسيرا للشركاء. وإن شئت جعلت نصبه على : جعلوا الجنّ شركاء للّه تبارك وتعالى.
وقوله : {وَخَرَقُوا}: واخترقوا وخلقوا واختلقوا، يريد: افتروا). [معاني القرآن:1/348]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وخرقوا له بنين وبناتٍ}

افتعلوا لله بنين وبنات وجعلوها له واختلقوه من كفرهم كذباً). [مجاز القرآن:1/203]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وجعلوا للّه شركاء الجنّ وخلقهم وخرقوا له بنين وبناتٍ بغير علمٍ سبحانه وتعالى عمّا يصفون}
وقال: {وجعلوا للّه شركاء الجنّ} على البدل كما قال: {إلى صراطٍ مّستقيمٍ * صراط اللّه}. وقال الشاعر:
ذريني إنّ أمرك لن يطاعا = وما ألفيتني حلمي مضاعا

وقال:
إنّي وجدتك يا جرثوم من نفرٍ = جرثومة اللّؤم لا جرثومة الكرم


إنّا وجدنا بني جلان كلّهم = كساعد الضّبّ لا طولٌ ولا عظم
وقال:
ما للجمال مشيها وئيدا = أجندلاً لا يحملن أم حديدا

ويقال: ما للجمال مشيها وئيدا. كما قيل:
فكيف ترى عطيّة حين تلقى = عظاماً هامهنّ قرآسيات).
[معاني القرآن: 1/246-247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({وخرقوا له بنين وبنات}: اخترقوا واختلقوا سواء أي فعلوا كذبا). [غريب القرآن وتفسيره:141]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وجعلوا للّه شركاء الجنّ}: يعني الزّنادقة، جعلوا إبليس يخلق الشرّ، واللّه يخلق الخير.
{وخرقوا له بنين وبناتٍ} أي اختلقوا وخلقوا ذلك بمعنى واحد، كذبا وإفكا). [تفسير غريب القرآن:157]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {وجعلوا للّه شركاء الجنّ وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عمّا يصفون}
المعنى أنهم أطاعوا الجن فيما سولت لهم من شركهم.
فجعلوهم شركاء للّه عزّ وجلّ وكان بعضهم ينسب إلى الجن الأفعال التي لا تكون إلا لله عزّ وجلّ فقال: {وجعلوا للّه شركاء الجنّ وخلقهم}.
فالهاء والميم إن شئت كانت عائدة عليهم، أي فجعلوا للّه الذي خلقهم شركاء لا يخلقون. وجائز إن تكون الهاء والميم تعودان على الجن، فيكون المعنى: وجعلوا للّه شركاء الجن واللّه خلق الجن.
وكيف يكون الشريك لله المحدث الذي لم يكن ثمّ كان.
فأما نصب الجن فمن وجهين أحدهما أن يكون الجن مفعولا فيكون المعنى وجعلوا للّه الجن شركاء، ويكون الشركاء مفعولا ثانيا كما قال:
{وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثا}
وجائز أن يكون الجن بدلا من {شركاء} ومفسرا للشركاء.
وقوله: {وخرقوا له بنين وبنات بغير علم}
معنى خرقوا اختلقوا وكذبوا، وذلك لأنهم زعموا أن الملائكة بنات الله، وزعمت النصارى أن المسيح ابن اللّه، وذكرت اليهود أن عزير ابن اللّه، فأعلم جل ثناؤه أنهم اختلقوا ذلك بغير علم، أي لم يذكروه عن علم، وإنما ذكروه تكذبا.
وقوله: {سبحانه وتعالى} أي: براءته من السوء، ومعنى سبحانه التبرئة عن كل سوء، لا اختلاف بين أهل اللغة في معنى التسبيح أن التبرئة للّه جلّ وعزّ). [معاني القرآن: 2/277-278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وجعلوا لله شركاء الجن} قيل معناه إنهم أطاعوهم كطاعة الله وقيل معناه نسبوا إليهم الأفاعيل التي لا تكون إلا لله جل وعز أي فكيف يكون الشريك لله المحدث الذي لم يكن ثم كان). [معاني القرآن:2/465]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وخلقهم} يجوز أن يكون المعنى وخلق الشركاء ويجوز أن يكون المعنى وخلق الذين جعلوا وقرأ يحيى بن يعمر (وخلقهم) بإسكان اللام قال ومعناه وجعلوا خلقهم لله شركاء
وسئل الحسن عن معنى {وخرقوا له بنين وبنات} بالتشديد فقال إنما هو وخرقوا بالتخفيف كلمة عربية كان الرجل إذا كذب في النادي قيل خرقها ورب الكعبة وقال أهل اللغة معنى خرقوا اختلفوا وافتعلوا خرقوا على التكثير). [معاني القرآن: 2/465-466]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ((وخرقوا) أي: كذبوا.

وليقولوا دارست: أي: ذاكرت وقارأت). [ياقوتة الصراط:223]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ} يعني من زعم من الزنادقة أن إبليس يخلق الشر، والله يخلق الخير.
{وَخَرَقُواْ} أي اختلقوا).[تفسير المشكل من غريب القرآن:78]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وخَرَقُواْ}: كذبوا). [العمدة في غريب القرآن:129]

تفسير قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({بديع السّموات والأرض} أي مبتدع). [مجاز القرآن:1/203]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أنّى: يكون بمعنيين. يكون بمعنى: كيف، نحو قول الله تعالى: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ} أي كيف يحييها؟ وقوله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أي كيف شئتم.
وتكون بمعنى: من أين، نحو قوله: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}، وقوله: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ}، والمعنيان متقاربان، يجوز أن يتأول في كل واحد منهما الآخر.
وقال الكميت:
أَنَّى ومِن أَين آبَكَ الطَّرَبُ = مِن حيث لا صبوةٌ ولا رِيَبُ

فجاء بالمعنيين جميعا). [تأويل مشكل القرآن:525](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {بديع السّماوات والأرض أنّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كلّ شيء وهو بكلّ شيء عليم} أي هو خالق السّماوات والأرض.
{أنّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة}.
أي من أين يكون له ولد، والولد لا يكون إلا من صاحبة.
{وخلق كلّ شيء} فاحتج جلّ وعزّ في نفي الولد بأنه خالق كل شيء، فليس كمثله شيء.
وكيف يكون الولد لمن لا مثل له، فإذا نسب إليه الولد فقد جعل له مثل). [معاني القرآن:2/278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة} أي من أين يكون له ولد والولد لا يكون له إلا من صاحبة وخلق كل شيء أي فليس شيء مثله فكيف يكون له ولد). [معاني القرآن:2/466]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله : {ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}
يرفع خالِقُ على الابتداء، وعلى أن يكون خبرا.

ولو نصبته إذ لم يكن فيه الألف واللام على القطع كان صوابا، وهو مثل قوله: {غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ}.
وكذلك: {فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} لو نصبته إذا كان قبله معرفة تامّة جاز ذلك لأنك قد تقول: الفاطر السموات، الخالق كل شيء، القابل التوب، الشديد العقاب.

وقد يجوز أن تقول: مررت بعبد اللّه محدّث زيد، تجعله معرفة وإن حسنت فيه الألف واللام إذا كان قد عرف بذلك، فيكون مثل قولك: مررت بوحشيّ قاتل حمزة، وبابن ملجم قاتل علىّ، عرف به حتى صار كالاسم له). [معاني القرآن: 1/348-349]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({على كلّ شيء وكيلٌ} أي حفيظ ومحيط). [مجاز القرآن: 1/203]

تفسير قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللّطيف الخبير}
أعلم عزّ وجلّ أنّه يدرك الأبصار، وفي هذا الإعلام دليل أن خلقه لا يدركون الأبصار، أي لا يعرفون كيف حقيقة البصر، وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر بعينيه دون أن يبصر من غيرهما من سائر أعضائه، فأعلم أن خلقا من خلقه لا يدرك المخلوقون كنهه، ولا يحيطون بعلمه، فكيف به عزّ وجلّ؟! فالأبصار لا تحيط به {وهو اللّطيف الخبير}.
فأما ما جاء من الأخبار في الرؤية وصح عن رسول اللّه فغير مدفوع.
وليس في هذه الآية دليل على دفعه، لأن معنى هذه الآية معنى إدراك الشيء والإحاطة بحقيقته.
وهذا مذهب أهل السنة والعلم والحديث). [معاني القرآن: 2/278-279]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {لا تدركه الإبصار}
قيل: معناه في الدنيا، وقال الزجاج: أي لا يبلغ كنه حقيقته، كما تقول أدركت كذا وكذا؛ لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأحاديث في الرؤية يوم القيامة). [معاني القرآن: 2/466-467]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({قد جاءكم بصائر من ربّكم} واحدتها بصيرة، ومجازها: حجح بّينة واضحة ظاهرة). [مجاز القرآن: 1/203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قد جاءكم بصائر من ربّكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ}
أي قد جاءكم القرآن الذي فيه البيان والبصائر.
{فمن أبصر فلنفسه} المعنى: فلنفسه نفع ذلك.
{ومن عمي فعليها} أي فعلى نفسه ضرر ذلك، لأن اللّه جل ثناؤه غني عن خلقه.
وقوله: {وما أنا عليكم بحفيظ} أي لست آخذكم بالإيمان أخذ الحفيظ والوكيل، وهذا قبل الأمر بالقتال، فلما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقتال صار حفيظا عليهم ومسيطرا على كل من تولّى). [معاني القرآن: 2/279]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه} المعنى فلنفسه نفع ذلك ومن عمي فعليها أي فعليها ضرر ذلك). [معاني القرآن: 2/467]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ}
يقولون: تعلمت من يهود. وفى قراءة عبد اللّه وليقولوا درس يعنون محمدا صلى اللّه عليه وسلم. وهو كما تقول فى الكلام: قالوا لي: أساء ، وقالوا لي: أسأت. ومثله : {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سيغلبون وسَتُغْلَبُونَ}.
وقرأ بعضهم (دارست) يريد : جادلت اليهود وجادلوك. وكذلك قال ابن عباس. وقرأها مجاهد (دارَسْت) وفسّرها : قرأت على اليهود وقرءوا عليك.
وقد قرئت (دُرِسَتَ) أي قرئت وتليت.
وقرءوا (دَرُسَتْ) وقرءوا (دَرَسَتْ) يريد : تقادمت ، أي هذا الذي يتلوه علينا شىء قد تطاول ومرّ بنا). [معاني القرآن: 1/349]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ((دارست): من المدارسة، و(درست) أي: امتحنت). [مجاز القرآن: 1/203]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست ولنبيّنه لقومٍ يعلمون}
وقوله: {وليقولوا درست} أي: دارست أهل الكتاب {وكذلك نصرّف الآيات} يعني: هكذا. وقال بعضهم {دَرَسْتَ} وبها نقرأ لأنها أوفق للكتاب. وقال بعضهم (دَرَسَتْ)). [معاني القرآن: 1/247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وليقولوا درست} أي قرأت الكتب.
و«دارست»: أي دارست أهل الكتاب. و«درست»: انمحت). [تفسير غريب القرآن: 157-158]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست ولنبيّنه لقوم يعلمون}
أي ومثل ما بيّنّا نبيّن الآيات.
وموضع الكاف نصب. التي في أول كذلك.
المعن:ى ونصرف الآيات في مثل ما صرفناهما فيما تلي عليك.
وقوله: (وليقولوا درست) فيها خمسة أوجه:

- فالقراءة (درست) بفتح الدال وفتح التاء، ومعناه: وليقولوا قرأت كتب أهل الكتاب.
- وتقرأ أيضا (دارست) أي: ذاكرت أهل الكتاب.
- وقال بعضهم: (وليقولوا درست) أي هذه الأخبار التي تتلوها علينا قديمة قد درست، أي قد مضت وامّحت.
- وذكر الأخفش (درست) بضم الراء ومعناها (درست) إلا أن (درست) بضم الراء أشد مبالغة، وحكى (درست) بكسر الراء أي قرئت.
وقوله: {ولنبيّنه لقوم يعلمون}
* إن قال قائل: إنما صرفت الآيات ليقولوا درست؟
فالجواب في هذا أن: السبب الذي أدّاهم إلى أن يقولوا (درست) هو تلاوة الآيات.
وهذه اللام يسميها أهل اللغة لام الصيرورة، وهذا كقوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّا وحزنا} فهم لم يلتقطوه يطلبون بأخذه أن يعاديهم ولكن كانت عاقبة أمره أن صار لهم عدوا وحزنا.
وكما تقول: كتب فلان هذا الكتاب لحتفه، فهو لم يقصد بالكتاب أن يهلك نفسه، ولكن العاقبة كانت الهلاك). [معاني القرآن: 2/279-280]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست} هذه قراءة أهل المدينة وأهل الكوفة وابن الزبير، ومعناها: تلوت.

- وقرأت وقرأ علي بن أبي طالب (دارست) وهو الصحيح من قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وأبي عمرو وأهل مكة. قال ابن عباس: معنى (دارست): تاليت. قال سعيد بن جبير: أي دارست أهل الكتاب.
وقرأ قتادة(درست) أي قرئت. وقرأ الحسن (درست) أي امحت وقدمت.
وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه قرأ (دارست)، وكان أبو حاتم يذهب إلى أن هذه القراءة لا تجوز، قال: لأن الآيات لا تدارس.
وقال غيره: القراءة بهذا تجوز وليس المعنى على ما ذهب إليه أبو حاتم ولكن معناه دارست أمتك أي دارستك أمتك فإن كان لم يتقدم لها ذكر فإنه يكون مثل قوله تعالى: {حتى توارت بالحجاب} وحكى الأخفش وليقولوا درست وهو بمعنى درست إلا أنه أبلغ وحكى أبو العباس أنه يقرأ وليقولوا درست بإسكان اللام على الأمر وفيه معنى التهديد أي فليقولوا ما شاءوا فإن الحق بين كما قال جل وعز: {فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا} فأما من كسر اللام فإنها عنده لام كي قال أبو أسحاق وأهل اللغة يسمونها لام الصيرورة أي صار إلى هذا كما قال جل وعز: {ربنا ليضلوا عن سبيلك} وكما تقول كتب فلان هذا الكتاب لحتفه أي فصار أمره إلى ذلك وهذه القراءات كلها يرجع اشتقاقها إلى شيء واحد إلى التليين والتذليل ودرست قرأت وذللت ودرست الدار ذلت وأمحقت ودرس الحنطة أي داسها). [معاني القرآن: 2/467-470]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): (و(درست) أي: قرأت أنت وحدك حتى حفظت). [ياقوتة الصراط: 223]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ} الكتب، ودارسته أهل الكتاب. ودرست: امحت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 78]

تفسير قوله تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ولو شاء اللّه ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل}
أي لو شاء اللّه لجعلهم مؤمنين، وقيل لو شاء اللّه لأنزل عليهم آية تضطرهم إلى الإيمان، وقال بعضهم (لو شاء اللّه ما أشركوا).
أي لو شاء لاستأصلهم فقطع سبب شركهم). [معاني القرآن: 2/280]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولو شاء الله ما أشركوا} قيل معناه لو شاء الله لاستأصلهم والله أعلم بما أراد). [معاني القرآن: 2/470]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل} وهذا قبل أن يؤمر بالقتال). [معاني القرآن: 2/471]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فيسبّوا الله عدواً بغير علمٍ} عدواً أي اعتداءً). [مجاز القرآن: 1/203]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدواً بغير علمٍ كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ عملهم ثمّ إلى ربّهم مّرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون}
وقال: {فيسبّوا اللّه عدوّاً بغير علمٍ} ثقيلة مشددة و{عدواً} خفيفة، والأصل من "العدوان". وقال بعضهم {عدوّاً} بغير علم. أي: سبّوه في هذه الحال. ولكن "العدوّ" جماعة كما قال: {فإنّهم عدوٌّ لي} وكما قال: {لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء} ونقرأ {عدواً} لأنها أكثر في القراءة وأجود في المعنى لأنك تقول: عدواً علينا" مثل "ضربه ضرباً"). [معاني القرآن: 1/247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فيسبوا الله عدوا}: اعتداء). [غريب القرآن وتفسيره: 141]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوا بغير علم كذلك زيّنّا لكلّ أمّة عملهم ثمّ إلى ربّهم مرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون}
نهوا في ذلك الوقت قبل القتال أن يلعنوا الأصنام التي يعبدها المشركون.
(فيسبّوا اللّه عدوا بغير علم) أي فيسبّوا اللّه ظلما، وقال بعضهم فيسبوا اللّه عدوّا.
وعدوّا ههنا في معنى جماعة، كأنه قيل: فيسبوا اللّه أعداء.
وعدوّا منصوب في هذا القول على الحال. وعدوا منصوب على المصدر على إرادة اللام، لأن المعنى فيعتدون عدوا، أي يظلمون ظلما.
ويكون بإرادة اللام [أي فيسبوا الله للظلم]، وفيها وجه آخر. فيسبواالله عدوا - بضم الدال - وهو في معنى عدوا ويقال في الظلم عدا فلان عدوا وعدوا، وعدوانا، وعداء. أي ظلما جاوز فيه القدرا.
وقوله تعالى عزّ وجلّ: {كذلك زيّنّا لكلّ أمّة عملهم} فيه غير قول: أنه بمنزلة {طبع اللّه على قلوبهم} فذلك تزيين أعمالهم.
قال اللّه عزّ وجلّ: {بل طبع الله عليها بكفرهم}.
وقال بعضهم: {زيّنّا لكلّ أمّة عملهم} أي زيّن لكل أمّة العمل الذي هو فرض عليهم. والقول الأول أجود. لأنة بمنزلة (طبع الله على قلوبهم). والدليل على ذلك، ونقض هذا قوله: (أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا فإنّ اللّه يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء) ). [معاني القرآن: 2/280-281]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم} قال قتادة كان المسلمون يسبون الأصنام فيسب المشركون الله عدوا بغير علم وروي أن في قراءة أهل مكة عدوا بغير علم والقراءة حسنة ومعنى عدوا بمعنى أعداء كما قال تعالى: {إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا}
وتقرأ (عدوا) يقال إذا تجاوز في الظلم عدا يعدو عدوا وعدوا وعدوانا وعداء). [معاني القرآن: 2/471-472]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {كذلك زينا لكل أمة عملهم} قيل معناه مجازاة على كفرهم وقيل أعمالهم يعني الأعمال التي يجب أن يعملوا بها وهي الإيمان والطاعة والله أعلم بحقيقة ذلك). [معاني القرآن: 2/472]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَدْوًا}: اعتداء). [العمدة في غريب القرآن: 130]

تفسير قوله تعالى {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم...}
المقسمون الكفار. سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالآية التي نزلت في الشعراء {إن نشأ ننزّل عليهم من السّماء آيةً فظلّت أعناقهم لها خاضعين}
فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلها وحلفوا ليؤمنن، فقال المؤمنون: يا رسول الله سل ربك ينزلها عليهم حتى يؤمنوا، فأنزل الله تبارك وتعالى: قل للذين آمنوا: وما يشعركم أنهم يؤمنون. فهذا وجه النصب في أنّ؛ وما يشعركم أنهم يؤمنون (و) نحن {نقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا}، وقرأ بعضهم: (إنها) مكسور الألف (إذا جاءت) مستأنفة، ويجعل قوله (وما يشعركم) كلاما مكتفيا.
وهي في قراءة عبد الله: (وما يشعركم إذا جاءتهم أنهم لا يؤمنون).
و(لا) في هذا الموضع صلة؛ كقوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون}: المعنى: حرام عليهم أن يرجعوا. ومثله: {ما منعك أن لا تسجد} معناه: أن تسجد.
وهي في قراءة أبيّ: (لعلها إذا جاءتهم لا يؤمنون) وللعرب في (لعلّ) لغة بأن يقولوا: ما أدري أنك صاحبها، يريدون: لعلك صاحبها، ويقولون: ما أدري لو أنك صاحبها، وهو وجه جيد أن تجعل (أنّ) في موضع لعل). [معاني القرآن: 1/350-351]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما يشعركم} أي ما يدريكم.
(إنّها إذا جاءت) ألف (إنها) مكسورة على ابتداء (إنها)، أو تخبير عنها؛ ومن فتح ألف (أنها) فعلى إعمال (يشعركم) فيها، فهي في موضع اسم منصوب). [مجاز القرآن: 1/204]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءتهم آيةٌ لّيؤمننّ بها قل إنّما الآيات عند اللّه وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون}
وقال: {وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون} وقرأ بعضهم {أنّها} وبها نقرأ وفسر على "لعلها" كما تقول العرب: "اذهب إلى السوق أنّك تشتري لي شيئاً" أي: لعلّك. وقال الشاعر:
قلت لشيبان اذن من لقائه = أنّا نغذّي القوم من شوائه

في معنى "لعلّنا"). [معاني القرآن: 1/247-248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله سبحانه: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} يريد وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون، فزاد (لا) لأنهم لا يؤمنون إذا جاءت.
ومن قرأها بكسر إنّ، فإنه يجعل الكلام تاما عند قوله: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} ثم يبتدئ فيقول: {أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 244]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمننّ بها قل إنّما الآيات عند اللّه وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون}
أي اجتهدوا في المبالغة في اليمين.
{لئن جاءتهم آية ليؤمننّ بها}.
وإنما حلفوا على ما اقترحوا هم من الآيات، وإنما قالوا: {لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا} إلى قوله: {والملائكة قبيلا}.
أي تأتي بهم كفيلا، أي يكفلون.
فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن الآيات عند اللّه.
ويروى أن المؤمنين قالوا: لو أنزل عليهم آية لعلهم كانوا يؤمنون، فقال الله عزّ وجلّ: {قل إنّما الآيات عند اللّه وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون} أي وما يدريكم، أي لستم تعلمون الغيب، فلا تدرون أنهم يؤمنون.
كما تقول للرجل إذا قال لك: افعل بي كذا وكذا حتى أفعل كذا وكذا مما لا تعلم أنه يفعله لا محالة: ما يدريك. ثم استأنف فقال:
{أنّها إذا جاءت لا يؤمنون} هذه هي القراءة، وقرئت أيضا (إنّها إذا جاءت لا يؤمنون).
وزعم سيبويه عن الخليل أن معناها لعلها إذا جاءت لا يؤمنون، وهي قراءة أهل المدينة، وقال الخليل: إنها كقولهم إيت السوق أنك تشتري شيئا، أي لعلك.
وقد قال بعضهم إنها "أن" التي على أصل الباب، وجعل "لا" لغوا.
قال: والمعنى وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون، كما قال عزّ وجلّ: {وحرام على قرية أهلكناها أنّهم لا يرجعون}
والقول الأول أقوى وأجود في العربية والكسر أحسنها وأجودها.
والذي ذكر أن "لا" لغو غالط، لأن ما كان لغوا لا يكون غير لغو.
من قرأ: إنها إذا جاءت -بكسر إنّ- فالإجماع أن " لا " غير لغو، فليس يجوز أن يكون معنى لفظة مرة النفي ومرة الإيجاب.
وقد أجمعوا أن معنى أن ههنا إذا فتحت معنى لعل، والإجماع أولى بالإتباع.
وقد بينت الحجة في دفع. ما قاله من زعم أن لا لغو). [معاني القرآن: 2/281-283]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} أي اجتهدوا في الحلف لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها يعنون آية مما يقترحون). [معاني القرآن: 2/472]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}
قال مجاهد: معناه وما يدريكم قال ثم ابتدأ فقال إنها إذا جاءت لا يؤمنون وقرأ أهل المدينة أنها إذا جاءت قال الكسائي لا ههنا زائدة والمعنى وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون وشبهه بقوله جل وعز: {قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك} وهذا عند البصريين غلط لأن «لا» لا تكون زائدة في موضع تكون فيه نافيه قال الخليل المعنى لعلها وشبهه بقول العرب ايت السوق أنك تشتري لنا شيئا بمعنى لعلك.
وروي أنها في قراءة أبي وما يشعركم لعلها إذا جاءت لا يؤمنون وأنشد أهل اللغة في أن بمعنى لعل:
أريني جوادا مات هزلا لأنني = أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا

وقيل في الكلام حذف والمعنى وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون أو يؤمنون ثم حذف هذا لعلم السامع ويروى أن المشركين قالوا ادع الله أن ينزل علينا الآية التي قال فيها {إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} ونحن والله نؤمن فقال المسلمون يا رسول الله ادع الله أن ينزلها فأنزل الله عز وجل: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}). [معاني القرآن: 2/472-475]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({وما يشعركم} أي: وما يعلمكم). [ياقوتة الصراط: 223]

تفسير قوله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم} وأفئدة جمع فؤاد). [معاني القرآن: 2/475]


رد مع اقتباس