عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:56 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {الّذي خلقكم مّن نّفسٍ واحدةٍ...}
قال {واحدة} لأن النفس مؤنثة، فقال: واحدة لتأنيث النفس، وهو [يعني] آدم، ولو كانت {من نفس واحد} لكان صوابا، يذهب إلى تذكير الرجل.

وقوله: {وبثّ منهما} العرب تقول: بثّ الله الخلق
، أي: نشرهم.
وقال في موضع آخر: {كالفراش المبثوث} ومن العرب من يقول: أبثّ الله الخلق، ويقولون: بثثتك ما في نفسي، وأبثثتك.
وقوله: {الّذي تساءلون به والأرحام} فنصب الأرحام؛ يريد واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
قال: حدّثنا الفرّاء قال: حدثني شريك بن عبد الله عن الأعمش عن إبراهيم أنه خفض الأرحام، قال: هو كقولهم: بالله والرحم؛ وفيه قبح؛ لأن العرب لا تردّ مخفوضا على مخفوض وقد كني عنه، وقد قال الشاعر في جوازه:
نعلّق في مثل السّواري سيوفنا * وما بينها والكعب غوط نفانف
وإنما يجوز هذا في الشعر لضيقه.
وقرأ بعضهم "تسّاءلون به" يريد: تتساءلون به، فأدغم التاء عند السين). [معاني القرآن: 1/252-253]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {واتّقوا الله الّذي تساءلون به والأرحام}: اتّقوا الله والأرحام نصب، ومن جرها فإنما يجرها بالباء.
{كان عليكم رقيبا}: حافظاً، وقال أبو دؤاد الإياديّ:
كمقاعد الرّقباء للضّرباء أيديهم نواهد
الضريب الذي يضرب بالقداح؛ نهدت أيديهم أي مدّوها). [مجاز القرآن: 1/113]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم مّن نّفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساء واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به والأرحام إنّ اللّه كان عليكم رقيباً}
قال تعالى: {تساءلون به} خفيفة لأنها من تساؤلهم فإنهم "يتساءلون" فحذف التاء الأخيرة، وذلك كثير في كلام العرب نحو {تكلّمون} وإن شئت ثقلّت فأدغمت.
قال الله تعالى: {والأرحام} منصوبة،
أي: اتقوا الأرحام.
وقال بعضهم {والأرحام} جرّ. والأوّل أحسن لأنك لا تجري الظاهر المجرور على المضمر المجرور.
و[قال تعالى: {إنّ اللّه كان عليكم رقيباً}] تقول من "الرقيب": "رقب" "يرقب" "رقباً" و"رقوبا"). [معاني القرآن: 1/190-191]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({رقيبا}: حافظا). [غريب القرآن وتفسيره: 113]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({وبثّ منهما رجالًا كثيراً ونساءً} أي: نشر في الأرض.

{تسائلون به والأرحام} من نصب أراد: اتقوا اللّه الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها.

ومن خفض أراد: الذي تساءلون به وبالأرحام، وهو مثل قول الرجل: نشدتك باللّه والرحم). [تفسير غريب القرآن: 118]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (والزّوج: القرين، قال الله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}، وقال: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}أي: قرناءهم). [تأويل مشكل القرآن: 498]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (قوله - عزّ وجلّ -
{يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به والأرحام إنّ اللّه كان عليكم رقيبا}
ابتدأ اللّه السورة بالموعظة، أخبر بما يوجب أنه واحد وأن حقه عز وجلّ - أن يتقى فقال: {الّذي خلقكم من نفس واحدة} يعني من آدم عليه السلام، وإنما قيل في اللغة واحدة لأن لفظ النفس مؤنث، ومعناها مذكر في هذا الموضع، ولو قيل من نفس واحد لجاز.
{وخلق منها زوجها} حواء خلقت من ضلع من أضلاع آدم، وبث اللّه جميع خلق الناس منها.
ومعنى {بث} نشر، يقال: بث الله الخلق، وقال - عزّ وجلّ - {كالفراش المبثوث
}، فهذا يدل على بث.
وبعض العرب يقول: أبث اللّه الخلق، ويقال بثثتك سري وأبثثتك سري.
وقوله - عزّ وجلّ: {واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به
} بالتشديد، فالأصل تتساءلون. وأدغمت التاء في السين لقرب مكان هذه من هذه.
ومن قرأ بالتخفيف فالأصل تتساءلون، إلا أن التاء الثانية حذفت لاجتماع التاءين، وذلك يستثقل في اللفظ فوقع الحذف استخفافا، لأن الكلام غير ملبس.
ومعنى {تساءلون به}: تطلبون حقوقكم به.
{والأرحام
} القراءة الجيّدة نصب الأرحام.
المعنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فأما الجر في الأرحام فخطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار شعر، وخطأ أيضا في أمر الدين عظيم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تحلفوا بآبائكم)).
فكيف يكون تساءلون به وبالرحم على ذا؟.
رأيت أبا إسحاق إسماعيل بن إسحاق يذهب إلى: أن الحلف بغير اللّه أمر عظيم، وأن ذلك خاص للّه - عزّ وجلّ - على ما أتت به الرواية.
فأما العربية فإجماع النحويين أنه: يقبح أن ينسق باسم ظاهر على اسم مضمر في حال الجر إلا بإظهار الجار، يستقبح النحويون: مررت به وزيد.
وبك وزيد، إلا مع إظهار الخافض حتى يقولوا بك وبزيد، فقال بعضهم: لأن المخفوض حرف متصل غير منفصل، فكأنّه كالتنوين في الاسم، فقبح أن يعطف باسم يقوم بنفسه على اسم لا يقوم بنفسه. وقد فسر المازي هذا تفسيرا مقنعا فقال: الثاني في العطف شريك للأول، فإن كان الأول يصلح شريكا للثاني وإلا لم يصلح أن يكون الثاني شريكا له.
قال: فكما لا تقول مررت بزيد و " ك " فكذلك لا يجوز مررت بك وزيد.
وقد جاز ذلك في الشعر.
أنشد سيبويه:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا... فاذهب فما بك والأيّام من عجب). [معاني القرآن: 2/5-7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (من ذلك قوله عز وجل: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها} قال مجاهد:
خلقت حواء من قصيرى آدم وفي الحديث خلقت المرأة من ضلع عوجاء .
وقيل {منها} من جنسها). [معاني القرآن: 2/7-8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وبث منهما رجالا كثيرا ونساء} يقال بثثت الشيء وأبثثته إذا نشرته ومنه {كالفراش المبثوث}). [معاني القرآن: 2/8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} قال عكرمة:
المعنى واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وقال إبراهيم: هو من قولهم أسألك بالله والرحم.
قال أبو جعفر: وهذا على قراءة من قرأ بالخفض). [معاني القرآن: 2/8]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({وَبَثَّ مِنْهُمَا}: خلق منهما. {الرَّقِيب}: الحافظ). [العمدة في غريب القرآن: 105]


رد مع اقتباس