عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 10 رمضان 1438هـ/4-06-2017م, 01:34 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

المحيي المميت

قالَ أبو إسحاق إِبراهيمُ بنُ السَّرِيِّ الزجَّاجُ (ت:311هـ): (المحيي الله الذي أحيا الخلق بأن خلق فيهم الحياة وأحيا الموات بإنزال الحيا وإنبات العشب وعنهما تكون الحياة وقال الله عز وعلا: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا}.
المميت الله تعالى خلق الموت كما أنه خالق الحياة لا خالق سواه استأثر بالبقاء وكتب على خلقه الموت). [تفسير أسماء الله الحسنى: ؟؟]

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (المحيي المميت
المحيي: اسم الفاعل من أحيا يحيى فهو محي، والمميت: اسم الفاعل من أمات يميت فهو مميت، فالله عز وجل المحيي المميت، واسم المفعول محيًا مقصور وممات، والمصدر الإحياء والإماتة.
وأصل أمات: «أموت» فنقلت حركة الواو إلى الميم لاعتلالها في «مات يموت» فانقلبت ألفًا فقيل «أمات» وكان سبيل مصدره أن يكون «إمواتًا» كقولك: «أكرم إكرامًا» و«أقبل إقبالاً» ولكنه لما كانت الواو في الفعل معتلة أعلت في المصدر أيضًا، فنقلت حركتها إلى ما قبلها وقلبت ألفًا، فاجتمعت ألفان ألف «أفعال» والألف المنقلبة من الواو، فلزم حذف إحداهما لأنه لا يمكن التحريك فيهما فحذفت إحداهما وجعلت الهاء في المصدر لازمة عوضًا من الألف المحذوفة فقيل «إماتة». فالخليل ومن تابعه يذهب إلى المحذوفة الزائدة من عين الفعل. ولكل فريق احتجاج لمذهبه ليس هذا موضع ذكره.
وكذلك ما كان من هذا النوع من الأفعال معتل العين فالهاء تلزم في مصدره عوضًا من الذاهب منه نحو «أقام الصلاة إقامة»، و«أراد إرادة» و«أماط الأذى إماطة»، وما أشبه ذلك.
وربما حذفت الهاء منه إذا كان مضافًا يكون المضاف إليه كالعوض منها كما قال عز وجل: {وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} فحذف الهاء منه كما ترى لما كان مضافًا.
وقد مضى القول في الحياة وتصريف فعلها في ذكر الحي فيما مضى من الكتاب.
وتقول: «مات زيد يموت موتًا فهو ميت»، واسم الفاعل على القياس «مائت» كقولك: «قام زيد فهو قائم»، و«نام فهو نائم» و«صام فهو صائم»، وكذلك ما أشبهه ولم يجئ ذلك في كلامهم فيما أعلمه، وأحسبه عدل عنه لما لم يكن فاعلاً للموت في الحقيقة كما يفعل «الصوم» و«القيام» وما أشبه ذلك. ولو جاء لم يكن فاعلاً للموت في الحقيقة كما يفعل «الصوم» و«القيام» وما أشبه ذلك. ولو جاء لم يكن بممتنع لأنه قد تأتي أفعال ليس الموصوف بها فاعلاً في الحقيقة ثم يصرف منها اسم الفاعل والمفعول كقولنا: «طال زيد فهو طويل» و«شب فهو شاب» و«عمى فهو أعمى» و«سقم فهو سقيم»، و«مرض فهو مريض» وما أشبه ذلك، فلو قيل: «مات زيد فهو مائت» على هذا ما كان منكرًا، وإن جاء في كلام قديم لم يكن مردودًا ألا ترى أن الفرق بين فعله المجاز وفعل الله به في الحقيقة يقع بقولنا: «أمات الله زيدًا» فالله مميت وزيد ممات، ولم يكن في إخراج اسم الفاعل من «مات» على القياس ليس إذا كان المعنى في ذلك معلومًا.
فأما قول المنطقيين في حد الإنسان «أنه حي ناطق مائت» قالوا: تأويل مائت عندهم هو القابل للموت، فليست هذه اللفظة في مذهب العربية صحيحة وإن كانت صحيحة المعنى في غرضهم عندهم، لأنه لا يعرف في العربية «فاعل» بتأويل قابل للفعل مثل «ضارب» بتأويل «قابل للضرب»، و«شاتم» بتأويل «قابل للشتم». ولكن يجيء في العربية «فاعل» بتأويل «مفعول» و«مفعول» بتأويل «فاعل» وليس من هذا الذي ذهبوا إليه في شيء.
واختلف العلماء في الفرق بين «ميت» و«ميت» بالتشديد والتخفيف، فقال بعضهم: «ميت» بالتشديد لما سيموت و«ميت» بالتخفيف لما قد مات وتعلقوا بقول عر فرفعت الأسماء بها استعارة كما جاز استعمالها استعارة لمن ليست هي له.
والاستعارة في كلام العرب كثيرة جدًا كقولهم: «غرز فلان ذنبه في هذا البلد» إذا قام به، وكقولهم: «ما زلت أفتل في ذروة فلان وغاربه حتى صرفته عن كذا وكذا»، وإنما الذروة والغارب للجمل وكقولهم: «حرك خشاش فلان فغضب»، والخشاش: الخشبة التي تجعل في عظم أنف البعير، قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد: تقول العرب: «فلان غليظ الجحافل» لذوات الحوافر، والمشافر لذوات الخف، قال الحطيئة:
سقوا جارك العيمان لما تركته = وقلص عن برد الشراب مشافره
وقال آخر:
ولو كنت ضبيًا عرفت قرابتي = ولكن زنجيا غليض المشافر
وقال آخر:
.............. = إلى ملك أظلافه لم تشقق
وقال أبو دؤاد الأيادي:
فبتنا قيامً لدي مهرنا = ننزع من شفتيه الصفارا
فجعل له شفتين وإنما هما للناس، وهو كثير في كلامهم.
يا نعم المولى ويا نعم النصير
اعلم أن نعم للحمد والثناء. وهي كلمة موضوعة لاستيعاب الحمد في الجنس المذكور للممدوح بها كقولك: «نعم الرجل زيد»، إنما ذكرت أنه مستحق للثناء في جنس الرجال، وبئس للذم، وأصلهما من قولك: «نعم الرجل» إذا أصاب نعمة وبئس إذا أصاب بؤسًا، فنقلا من ذلك إلى الحمد والثناء، فنعم للمحمدة والثناء وبئس للذم.
وهما عند الكسائي وجميع البصريين فعلان غير متصرفين، وهما عند الفراء اسمان. فتقدير هذا الكلام على مذهب الكسائي وسيبويه وجميع البصريين: أن النداء واقع على غير نعم لأن الأفعال لا تنادى لأنه مما تختص به الأسماء لا خلاف في ذلك، فتقدير هذا على وجهين:
أحدهما أن يكون المعنى «يا ألله نعم المولى أنت» و«يا الله نعم النصير أنت» لأنه وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: {إنك ميت وإنهم ميتون} أي إنك ستموت وإنهم سيموتون. وذهب الأكثر إلى أن الميت والميت سواء لما قد مات وما سيموت وإنما هو تخفيف، وأنشدوا لابن الرعلاء الغساني:
ليس من مات فاستراح بميت = إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيبًا = كاسفًا باله قليل الرجاء
فاستعملهما جميعًا فيما سيموت.
واختلف النحويون في وزن ميت فقال البصريون: وزنه «فيعل» وأصله «ميوت» قلبت الواو ياء لسكون الياء قبلها. وأدغمت الياء الأولى في الثانية فقيل: «ميت»، ومثل ذلك «سيد» أصله«سيود» فقلبت الواو ياء وأدغمت الأولى في الثانية. وأما «ميت» فإنما هو تخفيف «ميت» كما قيل «هين» و«هين» و«طيب» و«طيب».
وقال الفراء: أصله «مويت» على «فعيل» ثم أعلت الواو وقلب وأدغمت، قال: لأنه ليس في كلام العرب «فيعل» بكسر العين إنما فيه فيعل مثل بيطر وبيدر فقال البصريون: «فيعل» بكسر العين بناء اختص به المعتل لأنهم يخصون المعتل بما لا يكون في الصحيح، كما قالوا: «قاض» و«قضاة» و«رام» و«رماة»، وما أشبه ذلك مما لا نظير له في الصحيح.
واختلف النحويون في رفع الأسماء بهذه الأفعال المستعارة نحو «تحركت النخلة»، و«سقط الحائط»، و«مات زيد»، وما أشبه ذلك بأي شيء ترفع الأسماء ولا أفعال لها في الحقيقة؟ فقالوا في ذلك أقوالاً: أما ما ذهب إليه من لزم مذهب سيبويه ومقياس كلامه فإنه يقول: إنا لا نرفع الأسماء بالأفعال لأنها فاعلة في الحقيقة، وإنما الفعل حديث عن المحدث عنه وآلة ترفع ما شغلت به، فتقول: «قام زيد» و«لم يقم زيد» و«سيقوم زيد» و«هل قام زيد»؟ و«لن يقوم زيد». فهو في كل هذه الأحوال مرفوع بإسناد الحديث إليه فاعلاً كان في الحقيقة أو غير فاعل. وكذلك «ضرب زيد» و«أكرم عبد الله» لما حذف الفاعل وشغل الفعل بالمفعول فجعل حديثًا عنه ارتفع به، وكذلك «مرض زيد»، و«مات عمرو»، و«سقط الحائط» وما أشبه ذلك. لما شغلت الأفعال بهذه الأسماء وجعلت حديثًا عنها وجب رفعها بها.
وقال الكسائي ومن ذهب مذهبه: الأسماء ترفع بعد هذه الأفعال لأنها فاعلة في المعنى فذهب إلى أن «ما قام زيد» بمنزلة «ترك القيام زيد» وكذلك «لم يقم عمرو»، كذلك «ضرب زيد» و«شتم عمرو» وما أشبه ذلك، لأنه في معنى «عجز ونكل عن الانتصار» فهو فاعل على هذا التقدير. وإذا سمي الفاعل انصرف الحديث إليه وخرج المفعول منصوبًا.
وقال من يذهب هذا المذهب وقد تعلق به أيضًا جماعة من متأخري البصريين إن قولنا: «تحركت النخلة» إنما رفعناها بفعلها لأن التأويل إنه ظهر منها ما يشبه فعل المتحرك باختياره وفعله فرفعناها حملاً على ذلك. وكذلك «طالت النخلة» و«سقط الحائط». وما أشبه ذلك عندهم «مات زيد» لأن الموت وإن كان ليس من فعله فالذي يكابده عند الموت من النفس والعلاج والعلز، وما أشبه فعله فوجب رفع اسمه ذلك.
وقال آخرون «مات زيد» و«تحركت النخلة» و«سقط الحائط» وما أشبه ذلك أفعال مستعارة مضافة لفظًا إلى غير فاعلها في الحقيقة، وقد علم المقصد والمراد بها قد علم أن الداعي لله في حال دعائه وندائه مخاطب له مناد فجاز الإضمار لذلك.
والآخر أن يكون التقدير: «يا هؤلاء نعم المولى الله» و«يا هؤلاء نعم النصير هو» كما ذكرنا ذلك فيما مضى في شرحنا قولهم: «يا لا إله إلا هو».
فأما على مذهب الفراء فإن النداء واقع بنعم لأنه يزعم أنه اسم واستدل على ذلك بقول العرب: «نعم السير على بئس العير» فأدخلوا على بئس الجر، ولا يدخل إلا على اسم.
ويقول حسان:
ألست بنعم الجار يؤلف بيته = كذي العرف ذا مال كثير ومصرما
وبإدخال حرف النداء عليها كقولهم: «يا نعم المولى ونعم النصير» وكل هذا من دلائل الأسماء.
واستدل على ذلك أيضًا بامتناعهما من التصرف من ردها إلى المستقبل وبناء اسم الفاعل والمفعول منهما، وبأنهما ليس على شيء من أوزان الأفعال لأنه ليس فعل على وزن «نعم» و«بئس» على «فعل» بإسكان الثاني وكسر الأول.
فمن حجة من خالفه أنهم يقولون: إن «نعم» و«بئس» لما خالفا بابهما ونقلا عنه فخرجا من باب النعمة والبؤس إلى باب الحمد والثناء وتضمنا معنى وليس من حكم الأفعال أن تدل على المعاني، إنما تدخل عليها الحروف الدالة على المعاني ضارعًا الحروف وجمدا فصارا كالأسماء فلم يبن منهما مستقبل ولا اسم الفاعل والمفعول لذلك.
وأما دخول حروف الخفض عليهما فلذلك على الحكاية. وأما دخول حرف النداء فقد مضى القول فيه أن النداء واقع بغيرهما من المضمر المنوي به في النية. وأما بناؤهما فأصلهما «نعم» و«بئس» ثم قيل «نعم» و«بئس» ثم أسكنا من ذلك
كما قالوا: «كرم زيد «يريدون» كرم زيد»، وكما قال الشاعر:
لو عصر منه ألبان والمسك انعصر =
ولا تدخل «نعم» و«بئس» إلا على ما عرف بالألف واللام، أو ما أضيف إلى ما عرف بالألف واللام، أو المضمر فيهما، وتنصب النكرة معهما على التمييز. هذه جملة بابهما.
والمولى في كلام العرب على وجوه: المولى: الناصر، والمولى: المنعم، والمولى: المنعم عليه، والمراد به في الآية يجوز أن يكون الناصر فقيل: «يا نعم المولى ويا نعم النصير». والنصير والناصر والمولى سواء، فجاز الجمع بينهما لاختلاف الألفاظ. والمولى في غير هذا: ابن العم. قال الشاعر:
مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا = لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
وقال عز وجل: {وإني خفت الموالي من ورائي}. والمولى: معتق العبد، والمولى: العبد المعتق، والمولى: الحليف، والمولى: الولي والوارث، وقالوا في قوله عز وجل: {ولكل جعلنا موالي} أي أولياء، ورثة وعصبة.
وقد ذكرنا من تصريف فعل الولي فيما مضى من الكتاب ما فيه كفاية). [اشتقاق أسماء الله: 138-146]

قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ): (61-62- المحيي المميت: المحي هو الذي يحيي النطفة الميتة فيخرج منها النسمة الحية ويحيي الأجسام البالية بإعادة الأرواح إليها عند البعث ويحيي القلوب بنور المعرفة، ويحيي الأرض بعد موتها بإنزال الغيث، وإنبات الرزق.
[و] المميت: هو الذي يميت الأحياء ويوهن بالموت قوة الأصحاء الأقوياء {يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير} [الحديد: 2]. تمدح سبحانه بالإماتة كما تمدح بالإحياء ليعلم أن مصدر الخير والشر والنفع والضر من قبله وأنه لا شريك له في الملك استأثر بالبقاء وكتب على خلقه الفناء). [شأن الدعاء: 79-80]


رد مع اقتباس