عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ويرى الّذين أوتوا العلم الّذي أنزل إليك من ربّك هو الحقّ}. هذه حكمةٌ أخرى معطوفةٌ على الّتي قبلها، وهي أنّ المؤمنين بما أنزل على الرّسل إذا شاهدوا قيام السّاعة ومجازاة الأبرار والفجّار بالّذي كانوا قد علّموه من كتب اللّه في الدّنيا رأوه حينئذٍ عين اليقين، ويقولون يومئذٍ أيضًا: {لقد جاءت رسل ربّنا بالحقّ} [الأعراف: 43]، ويقال أيضًا: {هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون} [يس:52]، {لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث} [الرّوم:56]، {ويرى الّذين أوتوا العلم الّذي أنزل إليك من ربّك هو الحقّ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد}. العزيز هو: المنيع الجناب، الّذي لا يغالب ولا يمانع، بل قد قهر كلّ شيءٍ، الحميد في جميع أقواله وأفعاله وشرعه، وقدره، وهو المحمود في ذلك كله).[تفسير ابن كثير: 6/ 495]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجلٍ ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ (7) أفترى على اللّه كذبًا أم به جنّةٌ بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضّلال البعيد (8) أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السّماء إنّ في ذلك لآيةً لكلّ عبدٍ منيبٍ (9) }
هذا إخبارٌ من اللّه عن استبعاد الكفرة الملحدين قيام السّاعة واستهزائهم بالرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في إخباره بذلك: {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجلٍ ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ} أي: تفرّقت أجسادكم في الأرض وذهبت فيها كلّ مذهبٍ وتمزّقت كلّ ممزّقٍ: {إنّكم} أي: بعد هذا الحال {لفي خلقٍ جديدٍ} أي: تعودون أحياءً ترزقون بعد ذلك، وهو في هذا الإخبار لا يخلو أمره من قسمين: إمّا أن يكون قد تعمّد الافتراء على اللّه أنّه قد أوحى إليه ذلك، أو أنّه لم يتعمّد لكن لبّس عليه كما يلبّس على المعتوه والمجنون؛ ولهذا قالوا: {أفترى على اللّه كذبًا أم به جنّةٌ}؟ قال اللّه تعالى رادًّا عليهم: {بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضّلال البعيد} أي: ليس الأمر كما زعموا ولا كما ذهبوا إليه، بل محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم هو الصّادق البارّ الرّاشد الّذي جاء بالحقّ، وهم الكذبة الجهلة الأغبياء، {في العذاب} أي: [في] الكفر المفضي بهم إلى عذاب اللّه، {والضّلال البعيد} من الحقّ في الدّنيا). [تفسير ابن كثير: 6/ 496]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال منبهًا لهم على قدرته في خلق السموات والأرض، فقال: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض} أي: حيثما توجّهوا وذهبوا فالسّماء مظلّةٌ مظلّلة عليهم، والأرض تحتهم، كما قال: {والسّماء بنيناها بأيدٍ وإنّا لموسعون. والأرض فرشناها فنعم الماهدون} [الذّاريات:47، 48].
قال عبد بن حميدٍ: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمر، عن قتادة: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض}؟ قال: إنّك إن نظرت عن يمينك أو عن شمالك، أو من بين يديك أو من خلفك، رأيت السّماء والأرض.
وقوله: {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السّماء} أي: لو شئنا لفعلنا بهم ذلك لظلمهم وقدرتنا عليهم، ولكن نؤخّر ذلك لحلمنا وعفونا.
ثمّ قال: {إنّ في ذلك لآيةً لكلّ عبدٍ منيبٍ} قال معمر، عن قتادة: {منيبٍ}: تائبٌ.
وقال سفيان عن قتادة: المنيب: المقبل إلى اللّه عزّ وجلّ.
أي: إنّ في النّظر إلى خلق السّماء والأرض لدلالةٌ لكلّ عبدٍ فطن لبيبٍ رجّاع إلى اللّه، على قدرة اللّه على بعث الأجساد ووقوع المعاد؛ لأنّ من قدر على خلق هذه السّموات في ارتفاعها واتّساعها، وهذه الأرضين في انخفاضها وأطوالها وأعراضها، إنّه لقادرٌ على إعادة الأجسام ونشر الرّميم من العظام، كما قال تعالى: {أوليس الّذي خلق السّموات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم بلى} [يس: 81]، وقال: {لخلق السّموات والأرض أكبر من خلق النّاس ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} [غافر: 57] ).[تفسير ابن كثير: 6/ 496]

رد مع اقتباس