عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد * وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد * أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد}
قال الطبري والثعلبي وغيرهما: "يرى" معطوف على ما قبله من الأفعال، والظاهر أنه فعل مستأنف، وأن الواو إنما عطفت جملة على جملة، وكأن المعنى الإخبار بأن أهل العلم يرون الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم حقا وأنه يهدي إلى صراط مستقيم.
وقوله: {الذي أنزل} مفعول بـ"يرى"، و"الحق" مفعول ثان، و"هو" عماد. والذين أوتوا العلم قيل: هم من أسلم من أهل الكتاب،وقال قتادة: هم أمة محمد عليه الصلاة والسلام المؤمنون به كائنا من كان، و"يهدي" معناه: يرشد، و"الصراط المستقيم" الطريق المعتدل، وأراد طريق الشرع والدين). [المحرر الوجيز: 7/ 158]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم حكى عن الكفار مقالتهم التي قالوها على جهة التعجب والهزء، أي: قالها بعضهم لبعض، كما يقول الرجل لمن يريد أن يعجبه: هل أدلك على أضحوكة ونادرة؟ فلما كان البعث عندهم من البعيد المحال جعلوا من يخبر به في حيز من يتعجب منه، والعامل في "إذا" فعل مضمر قبلها فيما قال بعض الناس، تقديره: ينبئكم بأنكم تبعثون إذا مزقتم، ويصح أن يكون العامل ما في قوله: {إنكم لفي خلق جديد} من معنى الفعل; لأن تقدير الكلام: ينبئكم إنكم لفي خلق جديد إذا مزقتم. وقال الزجاج: العامل في "إذا" هو "مزقتم" وهو خطأ وإفساد للمعنى المقصود، ولا يجوز أن يكون العامل "ينبئكم" بوجه، و"مزقتم" معناه: بالبلى وتقطع الأوصال في القبور وغيرها.
وكسر الألف من "إنكم" لأن "ينبئكم" في معنى: يقول لكم، ولمكان اللام التي في الخبر. و"جديد" بمعنى: مجدد.
وقولهم: "أفترى" هو من قول بعضهم لبعض، وهي ألف الاستفهام دخلت على ألف الوصل، فحذفت ألف الوصل، وبقيت مفتوحة غير ممدودة، فكأن بعضهم استفهم بعضا عن محمد صلى الله عليه وسلم: أحال الفرية على الله هي حاله أم حال الجنون؟ لأن هذا القول إنما يصدر عن أحد هذين. فأضرب القرآن عن قولهم وكذبه، فكأنه قال: ليس الأمر كما قالوا، بل الذين لا يؤمنون بالآخرة والإشارة بذلك إليهم، "في العذاب"، يريد: عذاب الآخرة; لأنهم يصيرون إليه، ويحتمل أن يريد: في العذاب في الدنيا بمكابدة الشرع ومكايدته، ومحاولة إطفاء نور الله وهو يتم، فهذا كله عذاب، وفي الضلال البعيد، أي: قويت الحيرة وتمكن التلف لأنه قد أبعد صاحبه عن الطريق الذي ضل منه). [المحرر الوجيز: 7/ 158-159]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب * ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد * أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير}
الضمير في "يروا" لهؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة، وقفهم الله تعالى على قدرته، وخوفهم من إحاطتها بهم، المعنى: أليس يرون أمامهم ووراءهم سمائي وأرضي، لا سبيل لهم إلى فقد ذلك عن أبصارهم، ولا عدم إحاطته بهم.
وقرأ الجمهور: "إن نشأ نخسف"، أو "نسقط" بالنون في الثلاثة، وقرأ حمزة، والكسائي بالياء فيهن، وهي قراءة ابن وثاب، وابن مصرف، والأعمش، وعيسى، واختارها أبو عبيد. و"خسف الأرض" هو إهواؤها بهم وتهورها وغرقهم فيها، و"الكسف" قيل: هو مفرد اسم القطعة، وقيل: هو جمع كسفة، جمعها على مثال تمرة وتمر، ومشهور جمعها كسف كسدرة وسدر.
وأدغم الكسائي الفاء في الباء في قوله تعالى: "نخسف بهم"، قال أبو علي: وذلك لا يجوز; لأن الباء أضعف في الصوت من الفاء فلا تدغم فيها، وإن كانت الباء تدغم في الفاء كقولك: "اضرب فلانا"، وهذا كما تدغم الباء في الميم كقولك: "اضرب محمدا"، ولا تدغم الميم في الباء كقولك: "أصمم بك"; لأن الباء انحطت عن الميم بفعل الغنة التي في الميم.
والإشارة بقوله: {في ذلك} إلى إحاطة السماء بالمرء، ومماسة الأرض له على كل حال. و"المنيب": الراجع). [المحرر الوجيز: 7/ 159-160]

رد مع اقتباس