عرض مشاركة واحدة
  #47  
قديم 22 محرم 1439هـ/12-10-2017م, 01:03 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

أوجه تفاضل ثواب التلاوة

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (أوجه تفاضل ثواب التلاوة
ومما ينبغي أن يعلم أن ثواب التلاوة يتفاضل من وجوه:

فمن ذلك: أن التلاوة بحضور قلب وتدبّر وخشوع أعظم أجراً من التلاوة التي يضعف فيها حضور القلب وعقل المعاني وتدبّر الآيات.
فإنّ العبد يثاب على ما يقوم في قلبه من العبادات القلبية عند تلاوته، وما يظهر من آثارها على جوارحه؛ كما قال الله تعالى: { وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)}
فهؤلاء بلغوا مرتبة الإحسان في استماع تلاوة القرآن؛ وأثنى الله عليهم بما يدل على محبّة عملهم؛ من معرفة الحقّ وظهور أثره عليهم وقولهم ما أحبّه الله تعالى؛ حتى نوّه بذكرهم في كتابه الكريم، وأعلى شأنهم وأحسن جزاءهم وأغرى بالاتّساء بهم.
- ومن أوجه التفاضل أن الإقبال على تلاوة القرآن في حال الفتن والعوارض والصوارف أعظم أجراً لصاحبها مع سلامته من تلك الفتن المثبّطة.
- ومن أوجه التفاضل في ثواب التلاوة: أن سور القرآن تتفاضل؛ وآياته تتفاضل كذلك، فتلاوة السور والآيات الفاضلة أعظم أجراً من تلاوة غيرها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (حروف القرآن تتفاضل لتفاضل المعاني وغير ذلك؛ فحروف الفاتحة له بكل حرف منها حسنة أعظم من حسنات حروف من {تبت يدا أبي لهب}).
وهذا مبني على أصل تفاضل آيات القرآن وسوره؛ فإنّ تفاضل ثواب التلاوة من آثار تفاضل الآيات نفسها؛ فقراءة الآية الأعظم فضلاً ثوابها أعظم، لعظمة معانيها ودلائلها وما تقتضيه من عبادات تقوم في قلب التالي.

ومن أوجه التفاضل أيضاً: أنَّ التلاوة الحسنة التي يرتّل القارئ فيها ما يقرأ، ويحبّر قراءته ويزيّن صوته بها، أعظم أجراً من التلاوة التي لا تكون كذلك.
وقد اختلف العلماء في المفاضلة بين إكثار التلاوة مع الإسراع وبين ترتيلها وتحبيرها، ولكل أصحاب قول أدلّتهم.
وخلص ابن القيّم رحمه الله من بحث هذه المسألة إلى قوله: (والصواب في المسألة أن يقال: إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرا، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا
- فالأول: كمن تصدق بجوهرة عظيمة، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا.
- والثاني: كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم، أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة)ا.هـ.
وقد يحتاج القارئ إلى التنويع في قراءته؛ فيقرأ أحيانا بتحبير وتجويد، وأحيانا يحدر في قراءته لتحقيق مقاصد أخرى كالتيسير على النفس بالتنويع، ومراجعة الحفظ، والاستكثار من الختمات في الأوقات الفاضلة والأماكن الفاضلة.
وهذه المسألة من مباحث آداب تلاوة القرآن، وإنما المراد هنا التنبيه على أسباب التفاضل في ثواب التلاوة.
وهذه الحسنات العظيمة التي جعلها الله للمؤمن الذي يقرأ القرآن؛ داخلة في جملة الفضل الكبير الذي بشّر الله به المؤمنين في قوله تعالى: {وبشّر المؤمنين بأنّ لهم من الله فضلاً كبيراً}.
فإن الحسنات تذهب السيئات، وترتفع بها الدرجات، وتقود إلى حسنات أخرى؛ فلا يزال المؤمن يستكثر من الحسنات بتلاوته حتى يكون القرآن ربيع قلبه ونور صدره، وجلاء حزنه، وذهاب غمّه، فإنّ الغم والحزن من جملة عقوبات السيئات؛ فإذا كفّرت السيئات بالحسنات؛ ذهب أثرها، واستقبل القلب أثر الحسنات وبركاتها وهو في عافية من آثار السيئات). [بيان فضل القرآن:99 - 101]

رد مع اقتباس