عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {قل أعوذ بربّ النّاس * ملك النّاس * إله النّاس * من شرّ الوسواس الخنّاس * الّذي يوسوس في صدور النّاس * من الجنّة والنّاس}
(الوسواس) اسمٌ من أسماء الشيطان، وهو أيضًا: ما توسوس به شهوات النفس وتسوّله، وذلك هو الهوى الذي نهي المرء عن اتّباعه وأمر بمعصيته، والغضب الذي وصّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بطرحه وتركه حين قال له رجلٌ: أوصني. فقال: ((لا تغضب)). قال: زدني. قال: ((لا تغضب)).
وقوله تعالى: {الخنّاس} معناه: الراجع على عقبه، المستتر أحيانًا، وذلك في الشيطان متمكّنٌ، إذا ذكر العبد اللّه تعالى وتعوّذ، وتذكّر فأبصر، كما قال تعالى: {إنّ الّذين اتّقوا إذا مسّهم طائفٌ من الشّيطان تذكّروا فإذا هم مبصرون}.
وإذا فرضنا ذلك في الشّهوات والغضب ونحوهما، فهو يخنس بتذكّر النفس اللوامة وبلمّة الملك، وبأنّ الحياء يردع والإيمان يردع بقوةٍ، فتخنس تلك العوارض المتحركة، وتنقمع عند من أعين بتوفيق اللّه، وقد اندرج هذان المعنيان من الوسواس في قوله تعالى: {من الجنّة والنّاس}. أي: من الشياطين، ونفس الإنسان.
ويظهر أيضًا أن يكون قوله تعالى: {والنّاس} يراد به من يوسوس بخدعةٍ من البشر، ويدعو إلى الباطل، فهو في ذلك كالشيطان.
وكلّهم قرأ: {النّاس} غير ممالةٍ، وروى الدّوريّ عن الكسائيّ، أنه أمال النون من {النّاس} في حال الخفض، ولا يميل في الرفع والنصب.
وقالت عائشة رضي اللّه عنها: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أوى إلى فراشه جمع كفّيه ونفث فيهما وقرأ: {قل هو اللّه أحدٌ} والمعوّذتين، ثمّ مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ برأسه ووجهه، ثمّ ما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاثًا.
وقال قتادة رحمه اللّه تعالى: إنّ من الناس شياطين، ومن الجنّ شياطين، فتعوّذوا باللّه عزّ وجلّ من شياطين الإنس والجنّ). [المحرر الوجيز: 8/ 717-718]


رد مع اقتباس