عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 06:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها} أي: من سعى في أمرٍ، فترتّب عليه خيرٌ، كان له نصيبٌ من ذلك {ومن يشفع شفاعةً سيّئةً يكن له كفلٌ منها} أي: يكون عليه وزرٌ من ذلك الأمر الّذي ترتّب على سعيه ونيّته، كما ثبت في الصّحيح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "اشفعوا تؤجروا ويقضي اللّه على لسان نبيّه ما شاء".
وقال مجاهد بن جبر: نزلت هذه الآية في شفاعات النّاس بعضهم لبعضٍ.
وقال الحسن البصريّ: قال اللّه تعالى: {من يشفع} ولم يقل: من يشفّع.
وقوله: {وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا} قال ابن عبّاسٍ، وعطاءٌ، وعطيّة، وقتادة، ومطرٌ الورّاق: {مقيتًا} أي: حفيظًا. وقال مجاهدٌ: شهيدًا. وفي روايةٍ عنه: حسيبًا. وقال سعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ، وابن زيدٍ: قديرًا. وقال عبد اللّه بن كثيرٍ: المقيت: الواصب وقال الضّحّاك: المقيت: الرّزّاق.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبد الرّحيم بن مطرّفٍ، حدّثنا عيسى بن يونس، عن إسماعيل، عن رجلٍ، عن عبد اللّه بن رواحة، وسأله رجلٌ عن قول اللّه: {وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا} قال: يقيت كلّ إنسانٍ على قدر عمله). [تفسير القرآن العظيم: 2/368]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها} أي: إذا سلّم عليكم المسلم، فردّوا عليه أفضل ممّا سلّم، أو ردّوا عليه بمثل ما سلّم [به] فالزّيادة مندوبةٌ، والمماثلة مفروضةٌ.
قال ابن جريرٍ: حدّثني موسى بن سهلٍ الرّمليّ، حدّثنا عبد اللّه بن السّري الأنطاكيّ، حدّثنا هشام بن لاحقٍ، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي عثمان النّهدي، عن سلمان الفارسيّ قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: السّلام عليك يا رسول اللّه. فقال: "وعليك السّلام ورحمة اللّه". ثمّ أتى آخر فقال: السّلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه. فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "وعليك السّلام ورحمة اللّه وبركاته". ثمّ جاء آخر فقال: السّلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته فقال له: "وعليك" فقال له الرّجل: يا نبيّ اللّه، بأبي أنت وأمّي، أتاك فلانٌ وفلانٌ فسلّما عليك فرددت عليهما أكثر ممّا رددت عليّ. فقال: "إنّك لم تدع لنا شيئًا، قال اللّه تعالى: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها} فرددناها عليك".
وهكذا رواه ابن أبي حاتمٍ معلّقًا فقال: ذكر عن أحمد بن الحسن التّرمذيّ، حدّثنا عبد اللّه بن السّريّ -أبو محمّدٍ الأنطاكيّ -قال أبو الحسن: وكان رجلًا صالحًا -حدّثنا هشام بن لاحقٍ، فذكر بإسناده مثله.
ورواه أبو بكر بن مردويه: حدّثنا عبد الباقي بن قانعٍ، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن لاحقٍ أبو عثمان، فذكره بمثله، ولم أره في المسند واللّه أعلم.
وفي هذا الحديث دلالةٌ على أنّه لا زيادة في السّلام على هذه الصّفة: السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته، إذ لو شرع أكثر من ذلك، لزاده رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن كثيرٍ -أخو سليمان بن كثيرٍ -حدّثنا جعفر بن سليمان، عن عوفٍ، عن أبي رجاءٍ العطاردي، عن عمران بن حصين؛ أنّ رجلًا جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: السّلام عليكم فردّ عليه ثمّ جلس، فقال: "عشرٌ". ثمّ جاء آخر فقال: "السّلام عليكم ورحمة اللّه. فردّ عليه، ثمّ جلس، فقال: "عشرون". ثمّ جاء آخر فقال: السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته. فردّ عليه، ثمّ جلس، فقال: "ثلاثون".
وكذا رواه أبو داود عن محمّد بن كثيرٍ، وأخرجه التّرمذيّ والنّسائيّ والبزّار من حديثه، ثمّ قال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه، وفي الباب عن أبي سعيدٍ وعليٍّ وسهل بن حنيف [رضي اللّه عنهم].
وقال البزّار: قد روي هذا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من وجوهٍ، هذا أحسنها إسنادًا وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن حربٍ الموصليّ، حدّثنا حميد بن عبد الرّحمن الرّؤاسيّ عن الحسن بن صالحٍ، عن سماك، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: من يسلّم عليك من خلق اللّه، فاردد عليه وإن كان مجوسيًّا؛ ذلك بأنّ اللّه يقول: {فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها}
وقال قتادة: {فحيّوا بأحسن منها} يعني: للمسلمين {أو ردّوها} يعني: لأهل الذّمّة.
وهذا التّنزيل فيه نظرٌ، بل كما تقدّم في الحديث من أنّ المراد أن يردّ بأحسن ممّا حيّاه به، فإن بلغ المسلم غاية ما شرع في السّلام؛ ردّ عليه مثل ما قال، فأمّا أهل الذّمّة فلا يبدؤون بالسّلام ولا يزادون، بل يردّ عليهم بما ثبت في الصّحيحين، عن ابن عمر أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "إذا سلّم عليكم اليهود فإنّما يقول أحدهم: السّامّ عليك فقل: وعليك".
وفي صحيح مسلمٌ، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "لا تبدؤوا اليهود والنّصارى بالسّلام، وإذا لقيتموهم في طريقٍ فاضطرّوهم إلى أضيقه".
وقال سفيان الثّوريّ، عن رجلٍ، عن الحسن البصريّ قال: السّلام تطوّعٌ، والرّدّ فريضةٌ.
وهذا الّذي قاله هو قول العلماء قاطبةً: أنّ الرّدّ واجبٌ على من سلّم عليه، فيأثم إن لم يفعل؛ لأنّه خالف أمر اللّه في قوله: {فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها} وقد جاء في الحديث الّذي رواه). [تفسير القرآن العظيم: 2/368-370]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {اللّه لا إله إلا هو} إخبارٌ بتوحيده وتفرّده بالإلهيّة لجميع المخلوقات، وتضمّن قسمًا، لقوله: {ليجمعنّكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} وهذه اللّام موطّئةٌ للقسم، فقوله: {اللّه لا إله إلا هو} خبرٌ وقسم أنّه سيجمع الأوّلين والآخرين في صعيدٍ واحدٍ فيجازي كلّ عاملٍ بعمله.
وقوله تعالى: {ومن أصدق من اللّه حديثًا} أي: لا أحد أصدق منه في حديثه وخبره، ووعده ووعيده، فلا إله إلّا هو، ولا ربّ سواه). [تفسير القرآن العظيم: 2/370]

رد مع اقتباس