عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 06:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) }.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({تلك حدود اللّه ومن يطع اللّه ورسوله يدخله جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم (13) ومن يعص اللّه ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذابٌ مهينٌ (14) }
أي: هذه الفرائض والمقادير الّتي جعلها اللّه للورثة بحسب قربهم من الميّت واحتياجهم إليه وفقدهم له عند عدمه، هي حدود اللّه فلا تعتدوها ولا تجاوزوها؛ ولهذا قال: {ومن يطع اللّه ورسوله} أي: فيها، فلم يزد بعض الورثة ولم ينقص بعضًا بحيلةٍ ووسيلةٍ، بل تركهم على حكم اللّه وفريضته وقسمته {يدخله جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص اللّه ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذابٌ مهينٌ} أي، لكونه غيّر ما حكم اللّه به وضادّ اللّه في حكمه. وهذا إنّما يصدر عن عدم الرّضا بما قسم اللّه وحكم به، ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم المقيم.
قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمر، عن أيّوب، عن أشعث بن عبد اللّه، عن شهر ابن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنةً، فإذا أوصى حاف في وصيّته، فيختم بشرّ عمله، فيدخل النار؛ وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنةً، فيعدل في وصيّته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة». قال: ثمّ يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {تلك حدود اللّه} إلى قوله: {عذابٌ مهينٌ}.
وقال أبو داود في باب الإضرار في الوصيّة من سننه: حدّثنا عبدة بن عبد اللّه أخبرنا عبد الصّمد، حدّثنا نصر بن عليٍّ الحدّاني، حدّثنا الأشعث بن عبد اللّه بن جابرٍ الحدّاني، حدّثني شهر بن حوشب: أنّ أبا هريرة حدّثه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«إنّ الرّجل ليعمل أو المرأة بطاعة اللّه ستّين سنةً، ثمّ يحضرهما الموت فيضاران في الوصيّة، فتجب لهما النّار » وقال: قرأ عليٌّ أبو هريرة من هاهنا: {من بعد وصيّةٍ يوصى بها أو دينٍ غير مضارٍّ} حتّى بلغ: {وذلك الفوز العظيم}.
وهكذا رواه التّرمذيّ وابن ماجه من حديث ابن عبد اللّه بن جابرٍ الحدّاني به، وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ، وسياق الإمام أحمد أتم وأكمل). [تفسير القرآن العظيم: 2/232-233]


رد مع اقتباس