عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 08:30 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وهو الحكيم الخبير قال حكيم في أمره خبير بخلقه). [تفسير عبد الرزاق: 2/126]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الحمد للّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: الشّكر الكامل، والحمد التّامّ كلّه للمعبود الّذي هو مالك جميع ما في السّموات السّبع، وما في الأرضين السّبع دون كلّ ما يعبد من دونه، ودون كلّ شيءٍ سواه، لا مالك لشيءٍ من ذلك غيره؛ بالمعنى: الّذي هو مالكٌ جميعه {وله الحمد في الآخرة} يقول: وله الشّكر الكامل في الآخرة، كالّذي هو له ذلك في الدّنيا العاجلة، لأنّ منه النّعم كلّها على كلّ من في السّموات والأرض في الدّنيا، ومنه يكون ذلك في الآخرة، فالحمد للّه خالصًا دون كلّ أحدٍ سواه في عاجل الدّنيا، وآجل الآخرة، لأنّ النّعم كلّها من قبله لا يشركه فيها أحدٌ من دونه، وهو الحكيم في تدبيره خلقه وصرفه إيّاهم في تقديره، خبيرٌ بهم وبما يصلحهم، وبما عملوا، وما هم عاملون، محيطٌ بجميع ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وهو الحكيم الخبير} حكيمٌ في أمره، خبيرٌ بخلقه). [جامع البيان: 19/207-208]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير * يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور * وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين * ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم * ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد * وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد * أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد * أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وهو الحكيم الخبير} قال {حكيم} في أمره {خبير} بخلقه). [الدر المنثور: 12/164]

تفسير قوله تعالى: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها وهو الرّحيم الغفور}.
يقول تعالى ذكره: يعلم ما يدخل الأرض وما يغيب فيها من شيءٍ؛ من قولهم: ولجت في كذا: إذا دخلت فيه، كما قال الشّاعر:
رأيت القوافي يتّلجن موالجًا = تضايق عنها أن تولّجها الإبر
يعني بقوله: يتّلجن موالجًا: يدخلن مداخل.
{وما يخرج منها} يقول: وما يخرج من الأرض {وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها} يعني: وما يصعد في السّماء؛ وذلك خبرٌ من اللّه أنّه العالم الّذي لا يخفى عليه شيءٌ في السّموات والأرض، ممّا ظهر فيها وما بطن {وهو الرّحيم الغفور} وهو الرّحيم بأهل التّوبة من عباده أن يعذّبهم بعد توبتهم، الغفور لذنوبهم إذا تابوا منها). [جامع البيان: 19/208]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يعلم ما يلج في الأرض} قال: من المطر {وما يخرج منها} قال: من النبات {وما ينزل من السماء} قال: الملائكة {وما يعرج فيها} قال: الملائكة). [الدر المنثور: 12/164]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب قال يقول بلى وربي عالم الغيب لتأتينكم). [تفسير عبد الرزاق: 2/126]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {لا يعزب} [سبأ: 3] : «لا يغيب»). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ لا يعزب لا يغيب وصله الفريابيّ عن ورقاء عن بن أبي نجيحٍ عنه بهذا). [فتح الباري: 8/536]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد {لا يعزب} لا يغيب {العرم} السد ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنبتين وغاب عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الأحمر من السد ولكنه كان عذبا أرسله الله عليهم من حيث شاء
وقال عمرو بن شرحبيل العرم المسناة بلحن أهل اليمن
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 3 سبأ {لا يعزب عنه مثقال ذرة} قال لا يغيب عنه). [تغليق التعليق: 4/287-288] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ لا يعزب لا يغيب
أشار به إلى قوله تعالى: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السّموات ولا في الأرض} (سبإ: 3) . وفسّر: (لا يعزب) بقوله (لا يغيب) ، وروى هذا التّعليق أبو محمّد الحنظلي عن أبي سعيد الأشج: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عبّاس: لا يعزب لا يغيب عن ربك). [عمدة القاري: 19/128-129]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي فبقوله تعالى: ({لا يعزب}) أي (لا يغيب) {عنه مثقال ذرة} [سبأ: 3] ). [إرشاد الساري: 7/308]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة قل بلى وربّي لتأتينّكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلاّ في كتابٍ مبينٍ}.
يقول تعالى ذكره: ويستعجلك يا محمّد الّذين جحدوا قدرة اللّه على إعادة خلقه بعد فنائهم لهيئتهم الّتي كانوا بها من قبل فنائهم من قومك بقيام السّاعة، فقالوا لك: لا تأتينا السّاعة استهزاءً بوعدك إيّاهم، وتكذيبًا لخبرك، قل لهم: بلى تأتيكم وربّي، قسمًا به لتأتينّكم السّاعة، ثمّ عاد جلّ جلاله إلى الثناء على نفسه، وتمجيدها، فقال: {عالم الغيب}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة: (عالم الغيب) على مثال فاعل، بالرّفع على الاستئناف، إذ دخل بين قوله: {وربّي}، وبين قوله: {عالم الغيب} كلامٌ حائلٌ بينه وبينه. وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة والبصرة، عالم على مثال (فاعل)، غير أنّهم خفضوا عالم ردًّا منهم له على قوله {وربّي} إذ كان من صفته، وقرأ ذلك بعد بقيّة عامّة قرّاء الكوفة: (علاّم الغيب) على مثال (فعّال)، وبالخفض ردًّا لإعرابه على أعراب قوله {وربّي} إذ كان من نعته.
والصّواب من القول في ذلك عندنا، أنّ كلّ هذه القراءات الثّلاث، قراءاتٌ مشهوراتٌ في قرّاء الأمصار متقاربات المعاني، فبأيّتهنّ قرأ القارئ فمصيبٌ؛ غير أنّ أعجب القراءات في ذلك إليّ أن أقرأ بها: (علاّم الغيب) على القراءة الّتي ذكرتها عن عامّة قرّاء أهل الكوفة.
فأمّا اختيار (علاّم الغيب) على {عالم}، فلأنّها أبلغ في المدح وأمّا الخفض فيها فلأنّها من نعت الرّبّ، وهو في موضع الجرّ وعنى بقوله: (علاّم الغيب): علاّم ما يغيب عن أبصار الخلق، فلا يراه أحدٌ، إمّا ممّا لم يكوّنه ممّا سيكوّنه، أو ممّا قد كوّنه فلم يطلع عليه أحدًا غيره. وإنّما وصف جلّ ثناؤه في هذا الموضع نفسه بعلمه الغيب، إعلامًا منه خلقه أنّ السّاعة لا يعلم وقت مجيئها أحدٌ سواه، وإن كانت جائيةً، فقال لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل للّذين كفروا بربّهم: بلى وربّكم لتأتينّكم السّاعة، ولكنّه لا يعلم وقت إتيانها غير علاّم الغيوب، الّذي لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {لا يعزب عنه} لا يغيب عنه، ولكنّه ظاهرٌ له.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا يعزب عنه} يقول: لا يغيب عنه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {لا يعزب عنه} قال: لا يغيب.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ} أي لا يغيب عنه.
وقد بيّنّا ذلك بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: {مثقال ذرّةٍ} يعني: زنة ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض؛ يقول تعالى ذكره: لا يغيب عنه شيءٌ من زنة ذرّةٍ فما فوقها فما دونها، أين كان في السّموات ولا في الأرض {ولا أصغر من ذلك} يقول: ولا يعزب عنه أصغر من مثقال ذرّةٍ {ولا أكبر} منه {إلاّ في كتابٍ مبينٍ} يقول: هو مثبتٌ في كتابٍ يبين للنّاظر فيه أنّ اللّه تعالى ذكره قد أثبته وأحصاه وعلمه، فلم يعزب عنه علمه). [جامع البيان: 19/209-211]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لا يعزب عنه مثقال ذرة يقول لا يغيب عنه). [تفسير مجاهد: 523]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب} قال: يقول: بلى وربي عالم الغيب لتأتينكم). [الدر المنثور: 12/164]

تفسير قوله تعالى: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ}.
قال أبو جعفرٍ، رحمة اللّه عليه: يقول تعالى ذكره: أثبت ذلك في الكتاب المبين، كي يثيب الّذين آمنوا باللّه ورسوله، وعملوا بما أمرهم اللّه ورسوله به، وانتهوا عمّا نهاهم عنه على طاعتهم ربّهم {أولئك لهم مغفرةٌ} يقول جلّ ثناؤه: لهؤلاء الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات، مغفرةٌ من ربّهم لذنوبهم {ورزقٌ كريمٌ} يقول: وعيشٌ هنيءٌ يوم القيامة في الجنّة.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {أولئك لهم مغفرةٌ} لذنوبهم {ورزقٌ كريمٌ} في الجنّة). [جامع البيان: 19/211-212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أولئك لهم مغفرة ورزق كريم} قال: مغفرة لذنوبهم {ورزق كريم} في الجنة {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال: أي لا يعجزون وفي قوله {أولئك لهم عذاب من رجز أليم} قال: الرجز هو العذاب الأليم الموجع، وفي قوله {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق} قال: أصحاب محمد). [الدر المنثور: 12/164-165]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال: {معاجزين} [سبأ: 5] : مسابقين، {بمعجزين} [الأنعام: 134] : بفائتين معاجزيّ: مسابقيّ، {سبقوا} [الأنفال: 59] : فاتوا، {لا يعجزون} [الأنفال: 59] : لا يفوتون، {يسبقونا} [العنكبوت: 4] : يعجزونا، وقوله: {بمعجزين} [الأنعام: 134] : بفائتين، ومعنى {معاجزين} [سبأ: 5] : مغالبين، يريد كلّ واحدٍ منهما أن يظهر عجز صاحبه). [صحيح البخاري: 6/121]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله معاجزين مسابقين بمعجزين بفائتين معاجزي مسابقي سبقوا فاتوا لا يعجزون لا يفوتون يسبقونا يعجزونا قوله بمعجزين بفائتين ومعنى معاجزين مغالبين يريد كلّ واحدٍ منهما أن يظهر عجز صاحبه أمّا قوله معاجزين مسابقين فقال أبو عبيدة في قوله والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أي مسابقين يقال ما أنت بمعجزي أي سابقي وهذا اللّفظ أي معاجزين على إحدى القراءتين وهي قراءة الأكثر في موضعين من هذه السّورة وفي سورة الحجّ والقراءة الأخرى لابن كثيرٍ وأبي عمرٍو معجزين بالتّشديد في المواضع الثّلاثة وهي بمعناها وقيل معنى معاجزين معاندين ومغالبين ومعنى معجزين ناسبين غيرهم إلى العجز وأمّا قوله بمعجزين فلعلّه أشار إلى قوله في سورة العنكبوت وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء وقد أخرج بن أبي حاتمٍ بإسنادٍ صحيحٍ عن عبد اللّه بن الزّبير نحوه وأمّا قوله معاجزي مسابقي فسقط من رواية الأصيليّ وكريمة وثبت عندهما معاجزين مغالبين وتكرّر لهما بعد وقد ظهر أنّه بقيّة كلام أبي عبيدة كما قدّمته وأمّا قوله سبقوا إلخ فقال أبو عبيدة في سورة الأنفال في قوله ولا تحسبن الّذين كفروا سبقوا مجازه فاتوا أنهم لا يعجزون أي لا يفوتون وأما قوله يسبقونا فأخرج بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله أم حسب الّذين يعملون السّيّئات أن يسبقونا أي يعجزونا وأمّا قوله بمعجزين بفائتين فكذا وقع مكرّرًا في رواية أبي ذرٍّ وحده وسقط للباقين وأمّا قوله معاجزين مغالبين إلخ فقال الفراء معناه معاندين وذكر بن أبي حاتمٍ من طريق يزيد النّحويّ عن عكرمة عن بن عبّاسٍ في قوله معاجزين قال مراغمين وكلّها بمعنًى). [فتح الباري: 8/535-536]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (معاجزين مسابقين. بمعجزين بفائتين. معاجزين مغالبين: معاجزيّ مسابقيّ سبقوا فاتوا لا يعجزون لا يفوتون: يسبقونا يعجزونا. وقوله بمعجز بن بفائتين ومعنى معاجزين مغالبين يريد كلّ واحدٍ منهما أن يظهر عجز صاحبه.
وفي بعض النّسخ يقال: معاجزين، وأشار بقوله: معاجزين إلى قوله تعالى: {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين} (سبإ: 5) وفسره بقوله: (مسابقين) وفي التّفسير: معاجزين مسابقين يحسبون أنهم يفوتوننا، وعن ابن زيد: جاهدين، وفي هذه اللّفظة قراءتان: إحداهما: معاجزين، وهي قراءة الأكثرين في موضعين من هذه السّورة وفي الحج. والأخرى: قراءة ابن كثير وأبي عمرو: معجزين، بالتّشديد ومعناهما واحد، وقيل: معنى معاجزين معاندين ومغالبين، ومعنى: معجزين ناسبين غيرهم إلى العجز. قوله: (بمعجزين) إشارة إلى قوله تعالى في سورة العنكبوت. {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء} (العنكبوت: 22) . وفسره بقوله: (بفائتين) . وقد أخرج ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن ابن الزبير نحوه. قوله: (معاجزي: مسابقي) ، لم يثبت في رواية الأصيليّ وكريمة. قوله: (معاجزين مغالبين) ، كذا وقع مكرراً في رواية أبي ذر وحده ولم يوجد في رواية الباقين. قوله: (سبقوا: فأتوا لا يعجزون لا يفوتون) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأنفال: {ولا تحسبن الّذين كفروا سبقوا} (الأنفال: 59) وفسره بقوله: (فأتوا إنّهم لا يعجزون) ، أي: لا يفوتون. قوله: (يسبقونا) إشارة إلى قوله تعالى: {أم حسب الّذين يعملون السّيّئات أن يسبقونا} (العنكبوت: 4) وفسره بقوله: (يعجزونا) ، أي: أن يعجزونا. قوله: (وقوله بمعجزين مكرر) ، وفسره بقوله: (بفائتين) ، قوله: (ومعنى: معاجزين)
إلى آخره. أشار به إلى أن معاجزين من باب المفاعلة وهو يستدعي المشاركة بين إثنين). [عمدة القاري: 19/128]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (يقال {معاجزين}) بألف بعد العين وهي قراءة غير ابن كثير وأبي عمرو أي (مسابقين) كي يفوتونا قاله أبو عبيدة.
({بمعجزين}) في قوله في العنكبوت: {وما أنتم بمعجزين} [العنكبوت: 22] (بفائتين) أخرج ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير نحوه ({معاجزين}) بالألف أي (مغالبين) كذا وقع لغير أبي ذر وسقط له ({معاجزيّ}) بالألف وسقوط النون مشدد التحتية أي (مسابقيّ) كذا لأبوي الوقت وذر وابن عساكر وسقط لكريمة والأصيلي ({سبقوا}) أي في قوله في الأنفال: {ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا} [الأنفال: 59] أي (فأتوا) أنهم ({لا يعجزون}) أي (لا يفوتون) قاله أبو عبيدة في المجاز.
({يسبقونا}) في قوله تعالى: {أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا} [العنكبوت: 4] أي (يعجزونا) بسكون العين (قوله) ولأبي ذر وقوله ({بمعجزين}) بالقصر وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير أي (بفائتين ومعنى {معاجزين}) بالألف (مغالبين) كذا وقع مكررًا وسقط لغير أبي ذر (يريد كل واحد منهما أن يظهر عجز صاحبه) يريد أنه من باب المفاعلة بين اثنين). [إرشاد الساري: 7/308]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذابٌ من رجزٍ أليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: أثبت ذلك في الكتاب، ليجزي الّذين آمنوا ما وصف، وليجزي الّذين سعوا في آياتنا معاجزين؛ يقول: وكي يثيب الّذين عملوا في إبطال أدلّتنا وحججنا مفاوتين، يحسبون أنّهم يسبقوننا بأنفسهم فلا نقدر عليهم {أولئك لهم عذابٌ} يقول: هؤلاء لهم عذابٌ من شديد العذاب الأليمٌ؛ ويعني بالأليم: الموجع.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين} أي لا يعجزون {أولئك لهم عذابٌ من رجزٍ أليمٌ} قال: الرّجز: سوء العذاب، الأليم: الموجع.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال: جاهدين ليهبطوها أو يبطلوها، قال: وهم المشركون، وقرأ: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون} ). [جامع البيان: 19/212-213]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أولئك لهم مغفرة ورزق كريم} قال: مغفرة لذنوبهم {ورزق كريم} في الجنة {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال: أي لا يعجزون وفي قوله {أولئك لهم عذاب من رجز أليم} قال: الرجز هو العذاب الأليم الموجع، وفي قوله {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق} قال: أصحاب محمد). [الدر المنثور: 12/164-165] (م)


رد مع اقتباس