عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 27 ذو القعدة 1431هـ/3-11-2010م, 11:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 11 إلى آخر السورة]


{أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ألم تر إلى الّذين نافقوا يقولون لإخوانهم الّذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنّكم واللّه يشهد إنّهم لكاذبون} هم إخوانهم يضمّهم الكفر). [معاني القرآن: 5/147]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنّكم واللّه يشهد إنّهم لكاذبون} وقد بان ذلك في أمر بني النضير الذين عاقدهم المنافقون لأنهم أخرجوا من ديارهم وأموالهم فلم يخرج معهم المنافقون، وقوتلوا فلم ينصروهم.فأظهر الله عزّ وجلّ كذبهم.
فإن قال قائل: ما وجه قوله: {ولئن قوتلوا لا ينصرونهم} ثم قال: {ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار ثمّ لا ينصرون}؟ قال أهل اللغة في هذا قولين: قالوا معناه أنهم لو تعاطوا نصرهم، أي ولئن نصرهم من بقي منهم ليولّنّ الأدبار). [معاني القرآن: 5/147]

تفسير قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12) }
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نّصروهم ليولّنّ الأدبار ثمّ لا ينصرون}وقال: {لئن أخرجوا لايخرجون معهم} فرفع الآخر لأنه معتمد لليمين لأن هذه اللام التي في أول الكلام إنما تكون لليمين كقول الشاعر:
لئن عادلي عبد العزيز بمثلها = وأمكنني منها إذا لا أقيلها). [معاني القرآن: 4/29]

تفسير قوله تعالى: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لأنتم أشدّ رهبةً في صدورهم...} يقول: أنتم يا معشر المسلمين أهيب في صدورهم [يعني بني النضير] من عذاب الله عندهم، وذلك أن بني النضير كانوا ذوي بأس، فقذف الله في قلوبهم الرعب من المسلمين، ونزل في ذلك: {تحسبهم} يعني: بني النضير جميعاً، وقلوبهم مختلفة، وهي في قراءة عبد الله: (وقلوبهم أشت) أي: أشد اختلافاً). [معاني القرآن: 3/146]

تفسير قوله تعالى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لأنتم أشدّ رهبةً في صدورهم...}.يقول: أنتم يا معشر المسلمين أهيب في صدورهم [يعني بني النضير] من عذاب الله عندهم، وذلك أن بني النضير كانوا ذوي بأس، فقذف الله في قلوبهم الرعب من المسلمين، ونزل في ذلك: {تحسبهم} يعني: بني النضير جميعاً، وقلوبهم مختلفة، وهي في قراءة عبد الله: (وقلوبهم أشت)، أي: أشد اختلافاً). [معاني القرآن: 3/146] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أو من وراء جدرٍ...} قرأ ابن عباس: (جدار)، وسائر القراء: (جدر) على الجمع). [معاني القرآن: 3/146]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والبأس: الشدّة بالقتال، قال الله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} وقال تعالى: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} وقال: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} وقال: {وَحِينَ الْبَأْسِ}). [تأويل مشكل القرآن: 505](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لا يقاتلونكم جميعا إلّا في قرى محصّنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون}
وقرئت (أو من وراء جدار) - على الواحد - وقرئت بتسكين الدال.
فمن قرأ (جدر) فهو جمع جدار، وجدر مثل حمار وحمر.
ومن قرأ بتسكين الدال حذف الضمة لثقلها كما قالوا صحف وصحف. ومن قرأ (جدار) فهو الواحد.
فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنهم إذا اجتمعوا على قتالكم لما قذف اللّه في قلوبهم من الرعب لا يبرزون لحربكم إنما يقاتلون متحصنين بالقرى والجدران.
وقوله: {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى} أي مختلفون لا تستوي قلوبهم ولا يتعاونون بنيات مجتمعة لأن اللّه -عزّ وجلّ- ناصر حزبه وخاذل أعدائه). [معاني القرآن: 5/147-148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({جدر}: جمع جدار. {شتى}: متفرقة). [العمدة في غريب القرآن: 303]

تفسير قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كمثل الّذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم} مثل ما نال أهل بدر). [معاني القرآن: 5/148]

تفسير قوله تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بريء منك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين} أي مثل المنافقين في غرورهم لبني النضير وقولهم لهم: {لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنّكم} -{كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بريء منك} وهو - واللّه أعلم - يدل عليه قوله: {وإذ زيّن لهم الشّيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من النّاس وإنّي جار لكم فلمّا تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنّي بريء منكم} فكذلك المنافقون، لمّا نزل ببني النضير ما نزل تبرأوا منهم.
وقد جاء في التفسير أن عابدا كان يقال له برصيصا كان يداوي من الجنون فداوى امرأة فأعجبته فأغواه الشيطان حتى وقع بها ثم قتلها - ثم تبرأ منه الشيطان، وفي الحديث طول ولكن هذا معناه). [معاني القرآن: 5/148-149]

تفسير قوله تعالى: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فكان عاقبتهما أنّهما في النّار خالدين...}.وهي في قراءة عبد الله: فكان عاقبتهما أنهما خالدان في النار، وفي قراءتنا {خالدين فيها} نصب، ولا أشتهي الرفع، وإن كان يجوز؛ وذلك أن الصفة قد عادت على النار مرتين، والمعنى للخلود، فإذا رأيت الفعل بين صفتين قد عادت إحداهما على موضع الأخرى نصبت الفعل، فهذا من ذلك، ومثله في الكلام قولك: مررت برجل على بابه متحملا به، ومثله قول الشاعر:
والزعفران على ترائبها = شرقاً به اللبات والنحر
لأن الترائب هي اللبات ها هنا، فعادت الصفة باسمها الذي وقعت عليه أولا، فإذا اختلفت الصفتان: جاز الرفع والنصب على حسن. من ذلك قولك: عبد الله في الدار راغبٌ فيك.
ألا ترى أن (في) التي في الدار مخالفة (لفي) التي تكون في الرغبة؛ والحجة ما يعرف به النصب من الرفع، ألا ترى الصفة الآخرة تتقدم قبل الأولى، إلاّ أنك تقول: هذا أخوك في يده درهم قابضا عليه، فلو قلت: هذا أخوك قابضاً عليه في يده درهم لم يجز. وأنت تقول: هذا رجل في يده درهم قائمٌ إلى زيد. ألا ترى أنك تقول: هذا رجل قائم إلى زيد في يده درهم، فهذا يدل على المنصوب إذا امتنع تقديم الآخر، ويدل على الرفع إذا سهل تقديم الآخر). [معاني القرآن: 3/146-147]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أنّهما في النّار خالدين فيها} نصبهما على تمام الكلام الأول فاستغنى). [مجاز القرآن: 2/256]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فكان عاقبتهما أنّهما في النّار خالدين فيها وذلك جزاء الظّالمين} وقال{أنّهما في النّار خالدين فيها} فنصب الخالدين على الحال و{في النّار} خبر. ولو كان في الكلام "إنّهما في النار" كان الرفع في {خالدين} جائزا.
وليس قولهم: إذا جئت بـ"فيها" مرتين فهو نصب "بشيء". إنّما "فيها" توكيد جئت بها أو لم تجيء بها فهو سواء.
ألا ترى أن العرب كثيرا ما تجعله حالا إذا كان فيها التوكيد وما أشبهه. وهو في القرآن منصوب في غير مكان. قال: {إنّ الّذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنّم خالدين فيها} ). [معاني القرآن: 4/29]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فكان عاقبتهما أنّهما في النّار خالدين فيها وذلك جزاء الظّالمين} وقرأ عبد الله بن مسعود أنهما في النار خالدان فيها، وهو في العربية جائز إلّا أنه خلاف المصحف، فمن قال (خالدين فيها) فنصب على الحال. ومن قرأ (خالدان) فهو خبر أنّ.
والقراءة فكان عاقبتهما على اسم كان ويكون خبر كان أنهما في النار على معنى فكان عاقبتهما كونهما في النّار ويقرأ فكان (عاقبتهما) والنصب أحسن. ويكون اسم كان (أنّهما) ). [معاني القرآن: 5/149]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه ولتنظر نفس ما قدّمت لغد واتّقوا اللّه إنّ اللّه خبير بما تعملون} أي ليوم القيامة، وقرّب على الناس فجعل كأنه يأتي غدا. وأصل غد غدو إلا أنه لم يأت في القرآن إلا بحذف الواو، وقد تكلّم به بحذف الواو، وجاء في الشعر بإثبات الواو وحذفها.قال الشاعر في إثباتها:
وما الناس إلاّ كالدّيار وأهلها = بها يوم حلّوها وغدوا بلاقع
وقال آخر:
لا تغلواها وادلواها دلوا = إنّ مع اليوم أخاه غدو). [معاني القرآن: 5/149]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {ولا تكونوا كالّذين نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}
{نسوا الله}: تركوا ذكره وما أمرهم به فترك اللّه ذكرهم بالرحمة والتوفيق). [معاني القرآن: 5/149]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا يستوي أصحاب النّار وأصحاب الجنّة...}. وفي قراءة عبد الله: ولا أصحاب النار، ولا صلةٌ إذا كان في أول الكلام جحد، ووصل بلا من آخره. وأنشد في بعض بني كلاب:
إرادة ألاّ يجمع الله بيننا = ولا بينها أخرى الليالي الغوابر
معناه: إرادة ألا يجمع الله بيننا وبينها، فوصل بلا). [معاني القرآن: 3/147]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدّعا من خشية اللّه وتلك الأمثال نضربها للنّاس لعلّهم يتفكّرون}
أعلم اللّه عزّ وجلّ أن من شأن القرآن وعظمته وبيانه أنه لو جعل في الجبل تمييز كما جعل فيكم وأنزل عليه القرآن لخشع وتصدّع من خشية اللّه ومعنى خشع تطأطأ وخضع، ومعنى تصدّع تشقق.وجائز أن يكون هذا على المثل لقوله: (وتلك الأمثال نضربها للنّاس)كما قال - سبحانه -: {لقد جئتم شيئا إدّا (89) تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّا (90)}). [معاني القرآن: 5/149-150]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خاشعا}: خاضعاً). [العمدة في غريب القرآن: 303]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {هو اللّه الّذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشّهادة هو الرّحمن الرّحيم (22)} هذا رد على أول السورة، على قوله: {سبّح للّه ما في السّماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم}. {هو اللّه الّذي لا إله إلّا هو} ). [معاني القرآن: 5/150]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" مهيمن " ومبيقر ومبيطر ومسيطر هذه الأربعة الأحرف صفات، لها أفعالٌ ووجدنا من الأسماء مالا ندري لعلها مصغرة مديبر اسم واد، ومجيمر ومبيقر). [مجاز القرآن: 2/256]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والله مؤمن: مصدّق ما وعده، أو قابل إيمانه. ويقال في الكلام: ما أومن بشيء مما تقول أي ما أصدّق به). [تأويل مشكل القرآن: 481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {هو اللّه الّذي لا إله إلّا هو الملك القدّوس السّلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر سبحان اللّه عمّا يشركون}
(الملك القدّوس).والقدوس الطاهر ومن هذا قيل: بيت المقدس أي بيت المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب.وقوله: (السّلام).اسم من أسماء اللّه عزّ وجلّ، وقيل السلام الذي قد سلم الخلق من ظلمه.
{المؤمن} الذي وحّد نفسه بقوله: {شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلّا هو العزيز الحكيم}.
وقيل {المؤمن}: الذي أمن الخلق من ظلمه.
وقوله: {العزيز} أي الممتنع الذي لا يغلبه شيء.
{المهيمن} جاء في التفسير أنه الشهيد، وجاء في التفسير أنه الأمين، وزعم بعض أهل اللغة أن الهاء بدل من الهمزة وأن أصله المؤيمن، كما قالوا: إياك وهيّاك، والتفسير يشهد لهذا القول لأنه جاء أنه الأمين، وجاء أنه "الشهيد". وتأويل "الشهيد": الأمين في شهادته.
وقوله: {الجبّار} تأويله الذي جبر الخلق على ما أراده من أمره.
وقوله: {المتكبّر} الذي تكبر عن ظلم عباده.
{سبحان اللّه عمّا يشركون} تأويله تنزيه الله عن شركهم). [معاني القرآن: 5/150-151]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {هو اللّه الخالق البارئ المصوّر له الأسماء الحسنى يسبّح له ما في السّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}
وقد رويت رواية لا ينبغي أن تقرأ، رويت (البارئ المصوّر) بالنصب معناه الذي برأ آدم وصوّرة.
وقوله: {له الأسماء الحسنى} جاء في التفسير أنها تسعة وتسعون اسما، من أحصاها دخل الجنّة وجاء في التفسير أن اسم اللّه الأعظم اللّه، ونحن نبيّن هذه الأسماء واشتقاق ما ينبغي أن يبين منها إن شاء اللّه.
روى أبو هريرة الدوسي عن النبي عليه السلام قال: ((إن للّه مائة اسم غير واحد من أحصاها دخل الجنّة)). وهو الله الواحد الرحمن الرحيم الأحد الصمد الفرد السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الحي القيوم العلى الكبير الغني الكريم الولي الحميد العليم اللطيف السميع البصير الودود الشكور الظاهر الباطن الأول الآخر المبدئ البديع الملك القدوس الذارئ الفاصل الغفور المجيد الحليم الحفيظ الشهيد الربّ القدير التّوّاب الحافظ الكفيل القريب المجيب العظيم الجليل العفوّ الصّفوح الحق المبين المعز المذل القوي الشديد الحنّان المّان الفتاح الرؤوف القابض الباسط الباعث الوارث الدّيّان الفاضل الرقيب الحسيب المتين الوكيل الزكي الطاهر المحسن المجمل المبارك السّبّوح الحكيم البرّ الرّزاق الهادي المولى النصير الأعلى الأكبر الوهاب الجواد الوفي الواسع الخلاّق الوتر.
جاء في التفسير أن اسم اللّه الأعظم اللّه.
قال سيبويه: سألت الخليل عن هذا الاسم فقال: الأصل فيه إله فأدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة.
وقال مرة أخرى: الأصل لاه وأدخلت الألف واللام لازمة.
وأما الرحمن الرحيم فالرحمن اسم الله خاصة لا يقال لغير اللّه رحمن، ومعناه المبالغ في الرحمة وأرحم الراحمين - وفعلان من بناء المبالغة، تقول للشديد الامتلاء ملآن وللشديد الشبع شبعان، والرحيم اسم الفاعل من رحم فهو رحيم، وهو أيضا للمبالغة والأحد أصله الوحد بمعنى الواحد، وهو الواحد الذي ليس كمثله شيء.
والصّمد السيد الذي صمد له كل شيء، أي قصد قصده.
وتأويل صمود كل شيء للّه أن في كل شيء أثر صنعة اللّه.
السلام الذي سلم الخلق من ظلمه. وقد فسّرنا المؤمن المهيمن، وفسرنا الجبار المتكبر.
والبارئ الخالق، تقول برأ اللّه الخلق يبرؤهم أي خلقهم، والقيّوم المبالغ في القيام بكل ما خلق، وما أراد.
والولي المتولي للمؤمنين اللطيف للخلق من حيث لا يعلمون ولا يقدرون.
والودود المحب الشديد المحبّة.
الشكور الذي يرجع الخير عنده.
الظاهر الباطن الذي يعلم ما ظهر وما بطن.
المبدئ الذي ابتدأ كل شيء من غير شيء.
والبديع الذي ابتدع الخلق على غير مثال، القدوس قد رويت القدّوس بفتح القاف، جاء في التفسير أنه المبارك، ومن ذلك أرض مقدّسة مباركة، وقيل الطاهر أيضا.
والمذرئ -مهموز- الذي ذرأ الخلق أي خلقهم، والفاصل الذي فصل بين الحقّ والباطل.
والغفور الذي يغفر الذنوب، وتأويل الغفران في اللغة التغطية على الشيء ومن ذلك المغفر ما غطي به الرأس.
المجيد الجميل الفعال، والشهيد الذي لا يغيب عنه شيء.
والرّبّ مالك كل شيء والصّفوح المتجاوز عن الذنوب يصفح عنها.
الحنّان ذو الرحمة والتعطف المنّان الكثير المنّ على عباده بمظاهر النعم.
الفتاح الحاكم، الدّيّان المجازي، الرقيب الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء.
المتين الشديد القوة على أمره، الوكيل الذي يوكل بالقيام بجميع ما خلق.
والزكي الكثير الخير السّبّوح الذي بيّن عن كل سرّ، الحليم الذي لا يعجل بالعقوبة، وكان الحلم على هذا تأخير العقوبة). [معاني القرآن: 5/151-153]


رد مع اقتباس