عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1431هـ/24-10-2010م, 09:11 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 41 إلى 64]

{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48) هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54) هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)}

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بنصبٍ وعذابٍ...}.
اجتمعت القراء على ضمّ النون من (نصبٍ) وتخفيفها, وذكروا أن أبا جعفر المدنيّ قرأ
{بنصبٍ وعذابٍ} ينصب النون والصاد, وكلاهما في التفسير واحد.
وذكروا أنه المرض , وما أصابه من العناء فيه.
والنّصب والنّصب : بمنزلة الحزن والحزن، والعدم والعدم، والرّشد والرشد، والصّلب والصّلب: إذا خفّف ضمّ أوله , ولم يثقّل ؛ لأنهم جعلوهما على سمتين: إذا فتحوا أوّله ثقّلوا، وإذا ضمّوا أوله خفّفوا، قال: وأنشدني بعض العرب:
لئن بعثت أم الحميدين مائرا = لقد غنيت في غير بؤسٍ ولا جحد
والعرب تقول: جحد عيشهم جحداً إذا ضاق واشتدّ، فلمّا قال: جحد , وضمّ أوله خفّف, فابن على ما رأيت من هاتين اللغتين).
[معاني القرآن: 2/405-406]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (
{ بنصبٍ وعذابٍ } قال بشر بن أبي خازم:
= تعنّاك نصبٌ من أميمة منصبٌ=
أي: بلاء وشر , وقال النابغة:
كليني لهمّ يا أميمة ناصب= وليل أقاسيه بطيءٍ الكواكب
تقول العرب: أنصبني , أي: عذبني , وبرح بي , وبعضهم يقول: نصبني , والنصب إذا فتحت , وحركت حروفها كانت من الأعياء.
والنصب إذا فتح أولها , وأسكن ثانيها واحدة : أنصاب الحرم , وكل شيء نصبته , وجعلته علماً يقال: لا نصبنك نصب العود.).
[مجاز القرآن: 2/184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({بنصب}: أي ببلاء وشر).[غريب القرآن وتفسيره: 323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( (النّصب) , والنصب واحد - مثل حزن وحزن - وهو: العناء والتعب.
وقال أبو عبيدة النّصب: الشر. والنصب الإعياء).
[تفسير غريب القرآن: 380]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {واذكر عبدنا أيّوب إذ نادى ربّه أنّي مسّني الشّيطان بنصب وعذاب (41)}
(عبدنا) منصوب بوقوع الفعل عليه، و (أيّوب) بدل من (عبدنا)؛ لأن أيوب هو الاسم الخاص، والاسم الخاص لا يكون نعتا , إنما يكون بدلا مبيّنا بـ (نصب) , ونصب بفتح النون والصاد، ونصب بضم النون بمعنى واحد , وقد قرئت بنصب بضم النون وإسكان الصاد، وقرئت بفتح النون وإسكان الصاد.
ونصب بفتح النون والصاد بمنزلة نصب بضم النون، والنّصب والنّصب: بمنزلة الرّشد والرّشد، والبّخل والبّخل والعرب والعرب.
والنّصب بفتح النون وإسكان الصاد على أصل المصدر.
والنّصب والنصب على معنى : نصبت نصبا ونصبا, ونصبا على أصل المصدر.
ومعنى
{بنصب وعذاب} : بضرّ في بدني، وعذاب في مالي وأهلي , ويجوز أن يكون بضرّ في بدني , ووعذاب فيه.
وروي أنه مكث أيوب عليه السلام سبع سنين مبتلى يسعى الدّود من بدنه، فنادى ربّه:
{أنّي مسّني الضّرّ وأنت أرحم الرّاحمين}). [معاني القرآن: 4/334]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب}
ويروى عن الحسن , والجحدري , وأبي جعفر بنصب بفتح النون والصاد .
وهما عند أكثر أهل اللغة بمعنى واحد , كما يقال: حزن وحزن، إلا أن القتبي حكى: أن أبا عبيدة قال: النصب الشر , والنصب : الإعياء .
قال أبو جعفر : يقال أنصبه ينصبه إذا عذبه وآذاه ومنه:
= كليني لهم يا أميمة ناصب=
قال أبو جعفر : وأحسن ما قيل في معنى :
{أني مسني الشيطان بنصب وعذاب }
ما رواه يوسف بن مهران , عن ابن عباس قال : (لما أصاب أيوب البلاء , أخذ إبليس تابوتا , وقعد على الطريق يداوي الناس , فجاءته امرأة أيوب فقالت : أتداوي رجلا به علة كذا وكذا ؟.
فقال: نعم , بشرط واحد على أني إذا شفيته , قال لي: أنت شفيتني , لا أريد منه أجرا غير هذا .
فجاءت امرأة أيوب إلى أيوب , فأخبرته , فقال لها: ذاك الشيطان , والله لئن برأت , لأضربنك مائة , فلما برأ, أخذ شمراخا فيه مائة , فضربها به ضربة)
.
قال أبو جعفر : فمعنى النصب على هذا : هو ما ألقاه إليه , أي: يكون شيئا وسوس به , فأما قول من قال : إن النصب ما أصابه في بدنه , والعذاب ما أصابه في ماله , فبعيد .
قال مجاهد , عن ابن عباس : (ضربها بالأسل) .
قال قتادة: (أخذ عودا فيه تسعة وتسعون عودا , وهو تمام المائة , فضربها به) .
قال مجاهد: (هذا له خاص).
وقال عطاء : (هذا لجميع الناس).
قال أبو جعفر : البين من هذا أنه خاص ؛ لأنه قال :
{ولا تحنث}: فأسقط عنه الحنث , وقال الله جل وعز: {فاجلدوهم ثمانين جلدة} : ومن جلد بشمراخ فيه مائة , فإنما جلد جلدة واحدة.) [معاني القرآن: 6/118-122]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({نُصْبٍ}: أي: بشر , والنصب بالفتح : الإعياء , وقيل: واحد, وقيل: معناها: الإعياء والتعب.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {نُصْبٍ}: ببلاء). [العمدة في غريب القرآن: 259]

تفسير قوله تعالى:{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ اركض برجلك }: وهو مختصر , والركض : هو الدفع بالرجل , وهي حركة الرجل، يقال: ركضني الدابة , ويقال: لم تركض ثوبك برجلك.
{ هذا مغتسلٌ باردٌ }: وضوءٌ غسول , وهو ما اغتسلت به من الماء.
{وشرابٌ }: أي: وتشرب من, ه والموضع الذي يغتسل فيه : يسمى مغتسلاً.). [مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {اركض برجلك}: أي: اضرب الأرض برجلك, ومنه : ركضت الفرس, و(المغتسل): الماء. وهو: الغسول أيضاً.). [تفسير غريب القرآن: 380]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب (42)}
المعنى قلنا له: اركض برجلك: معناه دس الأرض برجلك , فداس الأرض دوسة خفيفة، فنبعت له عين , فاغتسل منها , فذهب الداء من ظاهر بدنه، ثم داس دوسة ثانية , فنبع ماء فشرب منه , فغسلت الداء من باطن بدنه).
[معاني القرآن: 4/334]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ارْكُضْ بِرِجْلِكَ}: أي : أضرب الأرض برجلك.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 211]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منّا وذكرى لأولي الألباب (43)}
قيل:
ووهبنا له أهله : أعطيناه في الآخرة ثواب فقدهم، ووهبنا له في الدنيا مثلهم، وقيل: أحيي له أهله، ووهب له مثلهم.
{رحمة منّا}: (رحمة) منصوبة مفعول لها.
{وذكرى لأولي الألباب}: لذوي العقول، ومعنى {وذكرى لأولي الألباب}: إذا ابتلي اللبيب , ذكر بلاء أيوب فصبر.). [معاني القرآن: 4/335]

تفسير قوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ضغثاً...}
والضّغث: ما جمعته من شيء؛ مثل حزمة الرطبة، وما قام على ساقٍ , واستطال, ثم جمعته , فهو ضغث.).
[معاني القرآن: 2/406]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وخذ بيدك ضغثاً }: وهو ملء الكف من الشجر , أو الحشيش , والشماريخ , وما أشبه ذلك , قال عوف بن الخرع:
وأسفل مني نهدةً قد ربطتها = وألقيت ضغثاً من خليً متطيّب.).
[مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الضغث}: الأسل). [غريب القرآن وتفسيره: 323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (و(الضغث): الحزمة من الخلى , والعيدان.).[تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنّا وجدناه صابرا نعم العبد إنّه أوّاب (44)}
المعنى : وقلنا خذ بيدك, والضغث: الحزمة من الحشيش , أو الريحان , أو ما أشبه ذلك.
وجاء في التفسير: أن امرأة أيوب قالت له: لو تقربت إلى الشيطان , فذبحت له عناق.
قال : ولا كفّا من تراب، وحلف أن يجلدها إذا عوفي مائة جلدة, وشكر الله لها خدمتها إيّاه , فجعل تحلة يمينه أن يأخذ حزمة فيها مائة قضيب , فيضربها ضربة واحدة.
فاختلف النّاس , فقال قومه: ذا لأيوب - عليه السلام - خاصّة, وقال قوم: هذا لسائر الناس.
{أوّاب}: كثير الرجوع إلى اللّه.). [معاني القرآن: 4/335]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب}
ويروى عن الحسن , والجحدري , وأبي جعفر بنصب بفتح النون والصاد , وهما عند أكثر أهل اللغة بمعنى واحد , كما يقال حزن وحزن إلا أن القتبي حكى: أن أبا عبيدة قال: النصب الشر , والنصب : الإعياء .
قال أبو جعفر : يقال أنصبه ينصبه إذا عذبه وآذاه ومنه:
= كليني لهم يا أميمة ناصب
قال أبو جعفر : وأحسن ما قيل في معنى :
{أني مسني الشيطان بنصب وعذاب }
ما رواه يوسف بن مهران , عن ابن عباس قال : (لما أصاب أيوب البلاء , أخذ إبليس تابوتا , وقعد على الطريق يداوي الناس , فجاءته امرأة أيوب فقالت : أتداوي رجلا به علة كذا وكذا ؟.
فقال: نعم , بشرط واحد على أني إذا شفيته , قال لي: أنت شفيتني , لا أريد منه أجرا غير هذا .
فجاءت امرأة أيوب إلى أيوب , فأخبرته , فقال لها: ذاك الشيطان , والله لئن برأت , لأضربنك مائة , فلما برأ, أخذ شمراخا فيه مائة , فضربها به ضربة)
.
قال أبو جعفر : فمعنى النصب على هذا : هو ما ألقاه إليه , أي: يكون شيئا وسوس به , فأما قول من قال : إن النصب ما أصابه في بدنه , والعذاب ما أصابه في ماله , فبعيد .
قال مجاهد , عن ابن عباس : (ضربها بالأسل) .
قال قتادة: (أخذ عودا فيه تسعة وتسعون عودا , وهو تمام المائة , فضربها به) .
قال مجاهد: (هذا له خاص) .
وقال عطاء : (هذا لجميع الناس).
قال أبو جعفر : البين من هذا أنه خاص , لأنه قال :
{ولا تحنث}: فأسقط عنه الحنث , وقال الله جل وعز: {فاجلدوهم ثمانين جلدة} : ومن جلد بشمراخ فيه مائة , فإنما جلد جلدة واحدة.)[معاني القرآن: 6/118-122] (م)
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (ضغثا) أي: باقة من كل شيء، من قضبان، من ريحان، من عيدان). [ياقوتة الصراط: 441]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الضغث): الحزمة من الخلى أو العيدان.
أمر : أن يضرب امرأته بقبضة من خلى , أو عيدان فيبر في يمينه التي حلف عليها ليضربنها إذ كان في القبضة من العيدان , ما حلف عليه , وهذا لأيوب عليه السلام خاصةً عند العلماء.).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الضِغْث): الأسبل قبضة.).[العمدة في غريب القرآن: 260]

تفسير قوله تعالى:{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واذكر عبادنا...}
قرأت القراء :
{عبادنا} يريدون: إبراهيم , وولده .
وقرأ ابن عباس:
{واذكر عبدنا إبراهيم} , وقال: (إنما ذكر إبراهيم, ثم ذكرت ذريّته من بعده, ومثله: {قالوا نعبد إلهك وإله أبيك}) , على هذا المذهب في قراءة ابن عباس, والعامّة : {آبائك} , وكلّ صواب.
وقوله:
{أولي الأيدي والأبصار} : يريد: أولي القوّة والبصر في أمر الله, وهي في قراءة عبد الله:{أولي الأيد} بغير ياء، فقد يكون له وجهان, إن أراد: الأيدي , وحذف الياء , فهو صواب؛ مثل: {الجوار} و{المناد}، وأشباه ذاك, وقد يكون في قراءة عبد الله : من القوّة , من التأييد).[معاني القرآن: 2/406-407]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أولي الأيدي والأبصار}: قالوا: أولي النعم والبصائر.
يقال: لي عندك يد أي نعمة.
ومن قرأ {الأيد} بغير ياء فزعموا أنه بمعنى القوة {والأبصار}: قالوا العقول أيضا).[غريب القرآن وتفسيره: 323-324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار (45)}
{واذكر عبدنا},{وعبادنا}, من قال :{عبادنا} : جعل إبراهيم , وإسحاق , ويعقوب بدلا من عبادنا.
ومن قرأ :
{عبدنا }: جعل إبراهيم وحده البدل، وجعل إسحاق , ويعقوب عطفا على قوله :{عبدنا}.
وقوله:
{أولي الأيدي} : وقرئت الأيد بغير ياء , ومعنى أولي الأيدي : أولي القوة في العبادة.
(والأبصار): أي : هم ذوو بصيرة فيما يقرب إلى اللّه, وقد يقول للقوم: لهم أيدي بهؤلاء , أي: هم قادرون عليهم.
قال الشاعر:
اعمد لما تعلو فما لك بالذي = لا تستطيع من الأمور يدان
أي : أعمد لما تقهر , ولا تعمد لما تقهر فيه، أي: فما لك قوة.
من قرأ :
{أولي الأيد }: بغير ياء , فمعناه من التأييد , والتقوية على الشيء.).[معاني القرآن: 4/336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار}
روى علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس :
{أولي الأيدي }, قال: (القوة , والعبادة , والأبصار, قال: (الفقه في دين الله جل وعز) .
قال أبو جعفر : واحد الأيدي: يد , واليد: تقع للقوة .
وفي قراءة عبد الله بن مسعود : (أولي الأيد , بلا ياء) .
وهذا بين من قولهم : أيده إذا قواه).
[معاني القرآن: 6/122-123]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَيْدِي}: النعم , {الْأَبْصَارِ}: البصائر.).[العمدة في غريب القرآن: 260]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدّار...}
فردّ
{ذكرى الدّار}, وهي معرفة على (خالصةٍ) وهي نكرة, وهي كقراءة مسروق : {بزينةٍ الكواكب}, ومثله قوله: {هذا وإنّ للطّاغين لشرّ مآبٍ جهنّم يصلونها}: فردّ جهنّم , وهي معرفة على:{شرّ مآبٍ} وهي نكرة, وكذلك قوله: {وإنّ للمتّقين لحسن مآبٍ جنّات عدنٍ مفتّحة} , والرفع في المعرفة كلّها جائز على الابتداء, أنشدني بعض العرب:
لعمرك ما نخلى بدار مضيعةٍ = ولا ربّها إن غاب عنها بخائف
وإن لها جارين لن يغدرا بها = ربيب النبي وابن خير الخلائف
فرفع على الابتداء.
وقد قرأ أهل الحجاز
{بخالصة ذكرى الدار} أضافوها, وهو وجه حسنٌ, ومنه: {كذلك يطبع الله على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ} .
ومن قال:
{قلبٍ متكبّرٍ}: جعل القلب : هو المتكبر.). [معاني القرآن: 2/407]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إنا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدّار}: تنوين خالصةٍ عمل في { ذكرى}.). [مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدّار (46)}
ويقرأ : بخالصة ذكرى الدار : على إضافة خالصة إلى ذكرى , ومن قرأ بالتنوين جعل : ذكرى الدار بدلا من خالصة.
ويكون المعنى : إنا أخلصناهم بذكرى الدّار.
ومعنى الدار ههنا : الدار الآخرة.
وتأويله يحتمل وجهين:
أحدهما: إنا أخلصناهم جعلناهم لنا خالصين، بأن جعلناهم يذكرون بالدار الآخرة، ويزهّدون في الدنيا، وكذلك شأن الأنبياء صلوات اللّه عليهم.
ويجوز: أن يكون بأنهم يكثرون ذكر الآخرة , والرجوع إلى الله جلّ وعزّ.).
[معاني القرآن: 4/336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار}
قال قتادة : (أي: يذكرون بالآخرة , وبطاعة الله جل وعز) .
قال أبو جعفر: وهذا قول بين , أي: إنهم يزهدون في الدنيا , ويرغبون في الآخرة, وكذا الأنبياء صلى الله عليهم وسلم .
وقال الضحاك: (أي : بخوف الآخرة) .
قال أبو جعفر : والمعنى على هذا القول : أنهم يذكرون الآخرة , ويرغبون فيها , ويزهدون في الدنيا .
وهذا القول : ظاهر معنى الكلمة , وقد يكون من صفتهم أيضا : الترغيب في الآخرة.
وهذان التأويلان على قراءة من قرأ بالتنوين , ومن أضاف , قال معناه : أخلصناهم بأفضل ما في الآخرة , هذا قول ابن زيد.
والمعنى على هذا القول: أنهم يذكرون بالآخرة , ويرغبون فيها , ويزهدون في الدنيا .
وفي القراءة بالإضافة قول آخر , وهو قول مجاهد : (يكون المعنى : إنا أخلصناهم بأن ذكرنا الجنة لهم).).
[معاني القرآن: 6/124]

تفسير قوله تعالى:{وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الأخيار }: والخيار واحد , مثل: الشرار , والأشرار.).[مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإنّهم عندنا لمن المصطفين الأخيار (47)}
أي : الذين اتخذهم اللّه صفوة، صفاهم من الأدناس كلّها , وأخلصهم منها.).
[معاني القرآن: 4/336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار}
أي: هم مصطفون من الذنوب , والأدناس.).
[معاني القرآن: 6/124-125]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واذكر إسماعيل واليسع...}
قرأه أصحاب عبد الله بالتشديد, وقرأه العوامّ
{اليسع} بالتخفيف, والأوّل أشبه بالصّواب, وبأسماء الأنبياء من بني إسرائيل...
- حدثني محمد بن عبد العزيز التيمي , عن مغيرة , عن إبراهيم أنه قرأ
{واللّيسع} بالتشديد, وأما قولهم: {واليسع} , فإن العرب لا تدخل على يفعل إذا كان في معنى فلانٍ ألفاً ولاماً, يقولون: هذا يسع، وهذا يعمر، وهذا يزيد, فهكذا الفصيح من الكلام, وقد أنشدني بعضهم:
وجدنا الوليد بن اليزيد مباركاً = شديداً بأحناء الخلافة كاهله
فلمّا ذكر الوليد في أول الكلمة بالألف , واللام , أتبعه يزيد بالألف , واللام , وكلّ صواب.
وقوله:
{وذا الكفل} , يقال: إنه سمّي ذا الكفل : أن مائة من بني إسرائيل انفلتوا من القتل , فآواهم وكفلهم.
ويقال: إنه كفل لله بشيء فوفى به.
والكفل في كلام العرب: الجدّ , والحظّ , فلو مدح بذلك كان وجهاً على غير المذهبين الأوّلين.).
[معاني القرآن: 2/408]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكلّ من الأخيار (48)}
ويقرأ : واللّيسع , وذا الكفل, وكان تكفل بعمل رجل صالح.
يقال: إنه كان يصلي ذلك الرجل في كل يوم مائة صلاة , فتوفّي الرجل الصالح , فتكفل ذو الكفل بعمله، فكان يعمل عمله.
ويقال : إن ذا الكفل تكفّل بأمر أنبياء , فخلّصهم من القتل , فسمّي ذا الكفل.
{وكلّ من الأخيار}:المعنى : وكل هؤلاء المذكورين من الأخيار.
والأخيار : جمع خيّر , وأخيار , مثل: ميّت , وأموات.).
[معاني القرآن: 4/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفيل وكل من الأخيار}
قال الأشعري : قيل: ذو الكفل ؛ لأنه كفل بعمل رجل صالح كان يصلي في كل يوم مائة صلاة , فأثنى الله جل وعز عليه بحسن كفالته , ولم يكن نبيا .
وقيل : كفل لبعض الملوك بالجنة , وكتب له كتابا بذلك
والكفل في اللغة: النصيب , والحظ.).
[معاني القرآن: 6/125-126]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا ذكر وإنّ للمتّقين لحسن مآب (49)}
معناه - واللّه - أعلم - : هذا شرف, وذكر جميل يذكرون به أبدا، وإن لهم مع ذلك لحسن مآب , أي: لحسن مرجع.
يذكرون في الدنيا بالجميل , ويرجعون في الآخرة إلى مغفرة اللّه).
[معاني القرآن: 4/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب} : هذا ذكر , أي: شرف , وذكر حسن في الدنيا.
ثم قال:
{ وإن للمتقين لحسن مآب}: أي: لهم مع الذكر الحسن في الدنيا , حسن مرجع في الآخرة.). [معاني القرآن: 6/126]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {جنّات عدنٍ مّفتّحةً لّهم الأبواب}
ترفع
{الأبواب} : لأن المعنى: مفتّحةً لهم أبوابها.
والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة , فيقولون: مررت على رجلٍ حسنةٍ العين , قبيحٍ الأنف , والمعنى: حسنةٍ عينه , قبيحٍ أنه, ومنه قوله:
{فإنّ الجحيم هي المأوى}.
فالمعنى - والله أعلم -: مأواه, ومثله قول الشاعر:
ما ولدتكم حيّة بنة مالك = سفاحاً وما كانت أحاديث كاذب
ولكن نرى أقدامنا في نعالكم = وآنفنا بين اللحى والحواجب
ومعناه: ونرى آنفنا بين لحاكم , وحواجبكم في الشبه, ولو قال:
{مّفتّحةً لّهم الأبواب}: على أن تجعل المفتّحة في اللفظ للجنات , وفي المعنى للأبواب، فيكون مثل قول الشاعر:
وما قومي بثعلبة بن سعدٍ = ولا بفزارة الشعر الرقابا
والشعرى : رقابا, ويروى: الشّعر الرقابا.
وقال عديّ:
من وليّ أو أخي ثقةٍ = والبعيد الشاحط الدّارا
وكذلك تجعل : معنى الأبواب في نصبها، كأنك أردت: مفتّحة الأبواب , ثم نوّنت , فنصبت, وقد ينشد بيت النابغة:
ونأخذ بعده بذناب دهرٍ = أجبّ الظهر ليس له سنام
وأجبّ الظهر).
[معاني القرآن: 2/408-409]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم بين كيف حسن ذلك المرجع , فقال:{جنّات عدن مفتّحة لهم الأبواب (50)}
(جنّات) بدل من (لحسن مآب)
ومعنى مفتحة لهم الأبواب: أي: منها.
وقال بعضهم: مفتحة لهم أبوابها , والمعنى واحد، إلا أن على تقدير العربية
{ الأبواب منها }: أجود من أن تجعل الألف واللام , وبدلا من الهاء والألف؛ لأن معنى الألف واللام , ليس معنى الهاء والألف في شيء.
لأن الهاء , والألف اسم، والألف واللام دخلتا للتعريف، ولا يبدل حرف جاء لمعنى من اسم , ولا ينوب عنه, هذا محال.).
[معاني القرآن: 4/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم بين ذلك, فقال: {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب}: أي: أبوابها.). [معاني القرآن: 6/126]

تفسير قوله تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52)}
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):(وقوله: {وعندهم قاصرات الطّرف أترابٌ}
مرفوعة لأنّ
{قاصرات} نكرة , وإن كانت مضافة إلى معرفة؛ ألا ترى أن الألف واللام يحسنان فيها , كقول الشاعر:
من القاصرات الطرف لو دبّ محول= من الذرّ فوق الإتب منها لأثّرا
(الإتب: المئزر) : فإذا حسنت الألف واللام في مثل هذا , ثم ألقيتها , فالاسم نكرة, وربما شبّهت العرب لفظه بالمعرفة لما أضيف إلى الألف واللام، فينصبون نعته إذا كان نكرة.
فيقولون: هذا حسن الوجه قائماً وذاهباً, ولو وضعت مكان الذاهب والقائم نكرة فيها مدح أو ذمّ , آثرت الإتباع.
فقلت: هذا حسن الوجه موسر، لأن اليسارة مدح.
ومثله قول الشاعر:
ومن يشوه يوم فإن وراءه = تباعة صيّاد الرّجال غشوم
قال الفراء: (ومن يشوه): أي: يأخذ شواه وأطايبه, فخفض الغشوم لأنه مدح، ولو نصب لأنّ لفظه نكرة , ولفظ الذي هو نعت له معرفة كان صوابا؛ كما قالوا: هذا مثلك قائماً، ومثلك جميلاً.).
[معاني القرآن للفراء: 2/409-410]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أترابٌ }: أسنان , واحدها : ترب.). [مجاز القرآن: 2/185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أتراب}: أسنان واحدها ترب). [غريب القرآن وتفسيره: 324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أترابٌ}: أسنان واحدة). [تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وعندهم قاصرات الطّرف أتراب (52)}
يعني : حورا قد قصرن طرفهن على أزواجهن , فلا ينظرن إلى غيرهم.
{أتراب}: أقران، {وكواعب أتراب} : أي: أسنانهن واحدة، وهن في غاية الشباب والحسن.). [معاني القرآن: 4/337-338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وعندهم قاصرات الطرف أتراب}
روى سعيد , عن قتادة قال : (قصرن طرفهن على أزواجهن , فلا يردن غيرهم) .
قال أبو جعفر , وأنشد أهل اللغة:
من القاصرات الطرف لو دب محول = من الذر فوق الأتب منها لأثرا
الإتب : الجلد
ثم قال تعالى:
{أتراب}
قال قتادة : (على سن واحدة) .
قال مجاهد : (أي: أمثال).
وحكى السدي : (متواخيات, لا يتعادين , ولا يتغايرن).).
[معاني القرآن: 6/126-127]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {قاصرات الطرف}: أي: غاضات الطرف، إلا عن أزواجهن). [ياقوتة الصراط: 441-442]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَتْرَابٌ}: على سن واحد). [العمدة في غريب القرآن: 260]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا ما توعدون ليوم الحساب (53)}
أي: ليوم تجزى كل نفس بما عملت.).
[معاني القرآن: 4/338]

تفسير قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن نعيم أهل الجنة غير منقطع , فقال:{إنّ هذا لرزقنا ما له من نفاد (54)}
أي: ماله من انقطاع.).
[معاني القرآن: 4/338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن هذا لرزقنا ماله من نفاد}, أي: انقطاع.
قال السدي: (كلما أخذ منه شيء , عاد مثله)).
[معاني القرآن: 6/127-128]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا وإنّ للطّاغين لشرّ مآب (55)}
المعنى: الأمر هذا, فهذا رفع خبر الابتداء المحذوف، وإن شئت كان هذا رفعا بالابتداء , والخبر محذوف، وجهنم بدل من
{شرّ مآب}: أي: شر مرجع.). [معاني القرآن: 4/338]

تفسير قوله تعالى: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56)}
تفسير قوله تعالى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عزّ وجل: {فليذوقوه حميمٌ وغسّاقٌ}
رفعت الحميم والغسّاق بهذا مقدّماً ومؤخراً.
والمعنى : هذا حميم وغسّاق فليذوقوه, وإن شئت جعلته مستأنفا، وجعلت الكلام قبله مكتفياً؛ كأنك قلت: هذا فليذوقوه، ثم قلت: منه حميم ومنه غسّاق .
كقول الشاعر:
حتّى إذا ما أضاء الصّبح في غلسٍ = وغودر البقل ملوي ومحصود
ويكون (هذا) في موضع رفعٍ، وموضع نصبٍ, فمن نصب أضمر قبلها ناصباً , كقول الشاعر:
زيادتنا نعمان لا تحرمنّها = تق الله فينا والكتاب الذي تتلو
ومن رفع , رفع بالهاء التي في قوله:
{فليذوقوه} , كما تقول في الكلام: الليل فبادروه , واللّيل.
والغساق تشدّد سينه , وتخفّف شدّدها يحيى بن وثّاب , وعامّة أصحاب عبد الله، وخفّفها الناس بعد.
وذكروا: أنّ الغسّاق بارد يحرق كإحراق الحميم.
ويقال: إنه ما يغسق , ويسيل من صديدهم , وجلودهم.).
[معاني القرآن: 2/410]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({والغساق}: يثقل ويخفف، ويقال إنها مثل القرحة التي تنفطت وهو من لغة أهل الحجاز). [غريب القرآن وتفسيره: 324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( (الغساق): ما يسيل من جلود أهل النار , وهو الصديد.
يقال: غسقت عينه، إذا سالت, ويقال: هو البارد المنتن.).
[تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا فليذوقوه حميم وغسّاق (57)}: بتشديد السين , وتخفيفها، وحميم رفع من جهتين:
إحداهما : على معنى هذا حميم وغسّاق ؛ فليذوقوه.
ويجوز أن يكون (هذا) على معنى تفسير هذا :
{فليذوقوه}, ثم قال بعد :{حميم وغسّاق}.
ويجوز أن يكون (هذا) في موضع نصب على هذا التفسير, ويجوز أن يكون في موضع رفع.
فإذا كان في موضع نصب فعلى: " فليذوقوا هذا " , فليذوقوه.
كما قال:
{وإيّاي فاتّقون}, ومثل ذلك زيدا , فاضربه.
ومن رفع , فبالابتداء , ويجعل الأمر في موضع خبر الابتداء، مثل:
{والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما}.
وقيل إن معنى (غساق) : الشديد البرد الذي يحرق من برده، وقيل : إن الغساق: ما يغسق من جلود أهل النار.
ولو قطرت منه قطرة في المشرق , لأنتنت أهل المغرب, وكذلك لو سقطت في المغرب.).
[معاني القرآن: 4/338-339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {هذا فليذوقوه حميم وغساق}
يجوز أن يكون المعنى : هذا حميم وغساق , فليذوقوه .
ويجوز أن يكون المعنى : هذا فليذوقوه منه حميم , ومنه غساق , كما قال الشاعر:
لها متاع وأعوان غدون لها = قتب وغرب إذا ما أفرغ انسحقا
قال قتادة : (كنا نحدث: أن الغساق ما يسيل من بين الجلد , واللحم) .
قال الفراء : وهو مذهب الضحاك. قيل: الغساق، شيء بارد يحرق كما يحرق الحميم .
قال أبو جعفر : قول قتادة أولى ؛ لأنه يقال: غسقت عينه إذا سالت .
وقال ابن زيد : الحميم : دموع أعينهم يجمع في حياض النار يسقونه .
والغساق : الصديد الذي يخرج من جلودهم , والاختيار على ذلك : غساق حتى يكون مثل سيال.).
[معاني القرآن: 6/129]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والغساق): ما يسيل من جلود أهل النار من الصديد.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 212]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الغَسَّاقٌ}: الأسود.). [العمدة في غريب القرآن: 260]

تفسير قوله تعالى: {وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وآخر من شكله أزواجٌ}
قرأ الناس :
{وآخر من شكله} إلاّ مجاهداً فإنه قرأ : (وأخر) : كأنه ظنّ أن الأزواج لا تكون من نعتٍ واحدٍ.
وإذا كان الاسم فعلاً , جاز أن ينعت بالاثنين والكثير, كقولك في الكلام: عذاب فلان ضروب شتّى , وضربان مختلفان, فهذا بيّن.
وإن شئت جعلت الأزواج نعتاً للحميم وللغساق , ولآخر، فهنّ ثلاثة، وأن تجعله صفة لواحد أشبه، والذي قال مجاهد: (جائز، ولكني لا أستحبّه ؛ لاتّباع العوامّ , وبيانه في العربيّة).).
[معاني القرآن: 2/411]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({من شكله}: من ضربه .
ما أنت من شكلى , ما أنت من ضربى , والشكل من المرأة : ما علقت مما تحسن به , وتشكل تغنج , قال رؤبة:
لمّا اكتست من ضرب كل شكل= صفراً وخضراً كاخضرار البقل).
[مجاز القرآن: 2/185-186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({من شكله}: من ضربه). [غريب القرآن وتفسيره: 324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وآخر من شكله}: أي: من نحوه، {أزواجٌ} :أي: أصناف.
قال قتادة: (هو الزمهرير)).
[تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وآخر من شكله أزواج (58)}
ويقرأ (وأخر) , (وآخر) عطف على قوله :
{حميم وغسّاق}
أي: وعذاب آخر من شكله , يقول مثل ذلك الأول.
ومن قرأ : وأخر، فالمعنى : وأنواع أخر من شكله.
لأن قوله:
{أزواج}, معناه : أنواع.). [معاني القرآن: 4/339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وآخر من شكله أزواج}
وقرأ مجاهد , وأبو عمرو بن العلاء :
{وأخر من شكله}
وأنكر أبو عمرو آخر , لقوله:
{أزواج}: أي: لا يخبر عن واحد بجماعة .
وأنكر عاصم الجحدري :{وأخر },قال : ولو كانت :وأخر : لكان من شكلها .
قال أبو جعفر : كلا الردين لا يلزم ؛ لأنه إذا قرأ : وأخر من شكله , جاز أن يكون المعنى : وأخر من شكل ما ذكرنا : وأخر من شكل الحميم , وأخر من شكل الغساق وأن يكون المعنى , وأخر من شكل الجميع .
ومن قرأ : وآخر من شكله : فقراءته حسنة لأن المعنى للفعل , وإذا كان المعنى للفعل خبر عن الواحد باثنين , وجماعة كما تقول عذاب فلان ضربان , وعذابه ضروب شتى
ويجوز أن يكون أزواج لحميم وغساق , وآخر , قال قتادة : من شكله من نحوه .
قال يعقوب : الشكل المثل , والشكل الدل.
قال عبد الله بن مسعود : (وآخر من شكله أزواج : الزمهرير) .
حدثنا محمد بن جعفر الأنباري , قال: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني , قال: حدثنا إسماعيل بن علية , عن أبي رجاء , عن الحسن في قوله:
{أزواج} , قال: (ألوان من العذاب).). [معاني القرآن: 6/129-131]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من شكله}: أي: من مثله.).[ياقوتة الصراط: 442]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هذا فوجٌ مّقتحمٌ مّعكم...}
هي : الأمّة تدخل بعد الأمّة النار.
ثم قال:
{لا مرحباً بهم} : الكلام متّصل، كأنه قول واحدٍ.
وإنما قوله:
{لا مرحباً بهم} : من قول أهل النار، وهو كقوله: {كلّما دخلت أمّةٌ لعنت أختها}: وهو في اتّصاله, كقوله: {يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون} : فاتصل قول فرعون, بقول أصحابه.). [معاني القرآن: 2/411]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ هذا فوجٌ}: والفوج فرقة.
{لا مرحباً بهم}: تقول العرب للرجل: لا مرحباً بك , أي: لا رحبت عليك , أي: لا اتسعت , قال أبو الأسود:
إذا جئت بوّاباً له قال مرحباً= ألا مرحبٌ واديك غير مضيّق).
[مجاز القرآن: 2/186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فوج} فرقة).[غريب القرآن وتفسيره: 324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنّهم صالو النّار (59)}
الفوج: هم تبّاع الرؤساء , وأصحابهم في الضلالة, وقيل لهم:
{لا مرحبا} منصوب , كقولك رحبت بلادك مرحبا، وصادفت مرحبا، فأدخلت (لا) على ذلك المعنى.). [معاني القرآن: 4/339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار}
هذا فوج : أي : جماعة , وفرقة .
مقتحم معكم : أي شيء بعد شيء.
لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار : لا مرحبا بمعنى : لا أصبت رحبا , أي سعة , بمعنى : لا اتسعت منازلهم في النار
الفراء : يذهب إلى أن الكلام معترض , وأن المعنى : قالوا لا مرحبا بهم.).
[معاني القرآن: 6/132]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {هذا فوج}: أي: جماعة، وجمعها: أفواج.).[ياقوتة الصراط: 442]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدّمتموه لنا فبئس القرار (60)}
هذا قول الأتباع للرؤساء.).
[معاني القرآن: 4/339]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالوا ربّنا من قدّم لنا هذا...}
معناه: من شرع لنا وسنّه
{فزده عذاباً ضعفاً في النّار}. ). [معاني القرآن: 2/411]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فزده عذاباً ضعفاً }: أي: مضعفاً إليه مثله.). [مجاز القرآن: 2/186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({من قدّم لنا هذا}: أي :من سنة وشرعه.). [تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا ربّنا من قدّم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النّار (61)}
أي : زده على عذابه عذابا آخر.
ودليل هذا قوله تعالى:
{ربّنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا السّبيلا (67) ربّنا آتهم ضعفين}
ومعنى: صعفين , معنى : فزده عذابا ضعفاً.).
[معاني القرآن: 4/339]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار}
قال عبد الله بن مسعود : (يعني : الحيات والأفاعي).).
[معاني القرآن: 6/132]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا}:أي :سنه, وشرعه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 212]

تفسير قوله تعالى:{وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار (62) اتخذناهم سخريا}
ويقرأ:{ أتخذناهم } , على الاستفهام
وفي القراءة الأولى قولان:
أحدهما : وهو قول الفراء : أنها على التوبيخ والتعجب , قال : والعرب تأتي بالاستفهام في التوبيخ والتعجب , ولا تأتي به .
والقول الآخر , وهو قول أبي حاتم : أن المعنى , وقالوا : ما لنا لا نرى رجالا, اتخذناهم سخريا , يجعله نعتا للرجال
ومعنى سخري , وسخري عند أكثر أهل اللغة واحد إلا أبا عمرو فإنه زعم أن : سخريا يسخرون منهم , وسخريا يسخرونهم ويستذلونهم.)
[معاني القرآن: 6/133-134]

تفسير قوله تعالى: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) }
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):(وقوله: {أتّخذناهم سخريّاً...}
قال زهير , عن أبان , عن مجاهد , قال الفراء : -ولم أسمعه من زهير - :
{اتّخذناهم سخريّاً} : ولم يكونوا كذلك, فقرأ أصحاب عبد الله بغير استفهامٍ، واستفهم الحسن , وعاصم وأهل المدينة، وهو من الاستفهام الذي معناه التعجّب , والتوبيخ , فهو يجوز بالاستفهام , وبطرحه.). [معاني القرآن للفراء: 2/411]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اتّخذناهم سخريّاً }: من فتح الأول جعلها استفهاماً, وجعل " أم " جواباً لها .
قال طرفة:
أشجاك الرّبع أم قدمه= أم رماد دراسٌ حممه
ومن لم يستفهم ففتحها على القطع ؛ فإنها خبر , ومجاز " أم " : مجاز بل , وفي القرآن:
{ أم أنا خيرٌ من هذا الّذي هو مهينٌ}: مجازها : بل أنا خير من هذا .
لأن فرعون لم يشك , فيسأل أصحابه، إنما أوجب لنفسه، ومن كسر " سخرياً " جعله من الهزء , ويسخر به , ومن ضم أولها جعله من السخرة : يتسخرونهم , ويستذلونهم.).
[مجاز القرآن: 2/186-187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أتّخذناهم سخريًّا}: أي : كنا نسخر منهم.
ومن ضم أوله: جعله من «السخرة»: أي : يتسخرونهم , ويستذلونهم, كذلك قال : أبو عبيدة.).
[تفسير غريب القرآن: 381]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وتكون أم بمعنى ألف الاستفهام، كقوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، أراد: أيحسدون الناس؟.
وقوله: {مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} ، أي زاغت عنهم الأبصار وألف اتخذناهم موصولة.
وكقوله: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} ، أراد: أله البنات {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} . أراد: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ}، أراد: أعندهم الغيب.
وهذا في القرآن كثير، يدلّك عليه قوله: {الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} ، ولم يتقدم في الكلام: أيقولون كذا وكذا فترد عليه: أم تقولون؟ وإنما أراد أيقولون: افتراه، ثم قال: {بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}). [تأويل مشكل القرآن: 546-547] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {أتّخذناهم سخريّا أم زاغت عنهم الأبصار (63)}
{أتّخذناهم}: يقرأ بقطع الألف , وفتحها على معنى الاستفهام , ومن وصلها كان على معننى: إنا اتخذناهم سخريّا.
ويقرأ :
{سخرياً} و {سخريا}: بالكسر , والضم, والمعنى واحد.
وقد قال قوم: إن ما كان من التسخير فهو مضموم الأول, وما كان من الهزؤ , فهو مكسور الأول.).
[معاني القرآن: 4/340]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار (62) اتخذناهم سخريا}
ويقرأ : أتخذناهم : على الاستفهام
وفي القراءة الأولى قولان:
أحدهما : وهو قول الفراء : أنها على التوبيخ والتعجب , قال: والعرب تأتي بالاستفهام في التوبيخ والتعجب , ولا تأتي به .
والقول الآخر : وهو قول أبي حاتم: أن المعنى , وقالوا : ما لنا لا نرى رجالا اتخذناهم سخريا , يجعله نعتا للرجال .
ومعنى سخري وسخري عند أكثر أهل اللغة واحد إلا أبا عمرو فإنه زعم أن سخريا : يسخرون منهم , وسخريا : يسخرونهم ويستذلونهم).
[معاني القرآن: 6/133-134] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أم زاغت عنهم الأبصار}
روى ليث , عن مجاهد , وقالوا: ما لنا لا نرى رجالا , قال: (قال أبو جهل , والوليد بن المغيرة) : ما لنا لا نرى رجالا , قال : (قالوا: أين سلمان ؟, أين خباب؟, أين بلال ؟, أين عمار ؟).
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: (أتخذناهم سخريا ؛ فأخطأنا أمرهم في النار , فزاغت أبصارنا عنهم) .
قال أبو جعفر : وهذا قول حسن ؛ لأن: أم للتسوية, فصار المعنى على قوله: أأخطأنا أم لم نخطئ , وقيل : هي بمعنى بل .
والقراءة بوصل الألف بينة حسنة).
[معاني القرآن: 6/134-135]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا}: أي: كنا نسخر منهم, أي : نهزأ بهم.
ومن ضم أوله : جعل من السخرة , أي : يسخرونهم , ويستذلونهم.).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 212]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{إنّ ذلك لحقّ تخاصم أهل النّار (64)}
أي: إن وصفنا الذي وصفناه عنهم لحق , ثم بين ما هو , فقال: هو تخاصم أهل النار، وهذا كله: على معنى : إذا كان يوم القيامة , قال أهل النار : كذا , وكذلك , كلّ شيء في القرآن مما يحكي عن أهل الجنة والنار.).
[معاني القرآن: 4/340]


رد مع اقتباس