عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 10:18 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى}
قال بعض الناس: سبب هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل به ضيف فلم يكن عنده شيء، فبعث إلى يهودي ليسلفه شعيرا، فأبى اليهودي إلا برهن، فبلغ الرسول ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: والله إني لأمين في السماء وأمين في الأرض، فرهنه درعه، فنزلت الآية في ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا معترض أن يكون سببا؛ لأن السورة مكية والقصة المذكورة مدنية في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مات ودرعه مرهونة بهذه القصة التي ذكرت، وإنما الظاهر أن الآية متناسقة مع ما قبلها، وذلك أن الله تعالى وبخهم على ترك الاعتبار بالأمم السابقة، ثم توعدهم بالعذاب المؤجل، ثم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاحتقار لشأنهم والصبر على أقوالهم والإعراض عن أموالهم وما في أيديهم من الدنيا؛ إذ ذلك منصرم عنهم، صائر بهم إلى خزي.
[المحرر الوجيز: 6/146]
وقوله تعالى: {ولا تمدن عينيك} أبلغ من "ولا تنظر"، لأن الذي يمد بصره إنما يحمله على ذلك حرص مقترن، والذي ينظر قد لا يكون ذلك معه، و"الأزواج": الأنواع، فكأنه قال: إلى ما متعنا به أقواما منهم وأصنافا، وقوله: {زهرة الحياة الدنيا} شبه نعم هؤلاء الكفار بالزهر، وهو ما اصفر من النور، وقيل: الزهر: النور جملة؛ لأن الزهر له منظر ثم يضمحل، فكذلك حال هؤلاء، ونصب "زهرة" يجوز أن يكون بإضمار فعل تقديره: جعلناه زهرة، ويجوز أن ينصب على الحال، وذلك أن تعريفها ليس بمحض. وقرأت فرقة: "زهرة" بالتنوين، وقرأت فرقة: "زهرة" بالهاء مسكنة، وفرقة: "زهرة" بفتح الهاء. ثم أخبر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن ذلك إنما هو ليختبرهم به، ويجعله فتنة لهم وأمرا يجازون عليه بالسوء لفساد تقلبهم فيه، ورزق الله تعالى الذي أحله للمتقين من عباده خير وأبقى، أي: ورزق الدنيا خير، ورزق الآخرة أبقى، وبين أنه خير من رزق الدنيا). [المحرر الوجيز: 6/147]

تفسير قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمره تبارك وتعالى بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم ويصطبر عليها ويلازمها، وتكفل هو برزقه، لا إله إلا هو، وأخبره أن العاقبة لأولى التقوى وفي حيزها، فثم نصر الله في الدنيا ورحمته في الآخرة، وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ويدخل في عمومه جميع أمته، وروي أن عروة بن الزبير رضي الله عنه كان إذا رأى شيئا من أخبار السلاطين وأحوالهم بادر إلى منزله فدخله وهو يقرأ هذه الآية ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى، ثم ينادي: الصلاة الصلاة يرحمكم الله، ويصلي، وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
[المحرر الوجيز: 6/147]
يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي ويتمثل بهذه الآية. وقرأ الجمهور: "نحن نرزقك" بضم القاف، وقرأت فرقة: "نحن نرزقك" بسكونها). [المحرر الوجيز: 6/148]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن طوائف من الكفار قالوا عن محمد صلى الله عليه وسلم: {لولا يأتينا بآية من ربه} أي بعلامة مما اقترحناها عليه، أو بما يبهر ويضطر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ورسل الله تعالى إنما اقترنت معهم آيات معرضة للنظر، محفوفة بالبراهين العقلية، ليضل من سبق في علم الله ضلاله، ويهتدي من سبق في هداه، فوبخهم الله تعالى بقوله: {أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى} يعني التوراة، أعظم شاهد وأكبر آية له. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: "تأتهم" على لفظة "بينة"، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم: "يأتهم" بالياء على المعنى، وقرأت فرقة: "بينة ما في الصحف" بالإضافة إلى "ما"، وقرأت فرقة: "بينة" بالتنوين، و"ما" بدل على هذه القراءة، وقرأت فرقة: "بينة ما" بالنصب، و"ما" على هذه القراءة - فاعلة بـ "تأتي"، وقرأ الجمهور: "في الصحف" بضم الحاء، وقرأت فرقة: "في الصحف" بسكونها). [المحرر الوجيز: 6/148]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى}
أخبر الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أنه لو أهلك هذه الأمة الكافرة قبل إرساله إليهم محمدا صلى الله عليه وسلم لقامت لهم حجة وقالوا: لولا أرسلت إلينا رسولا الآية. وروى أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: يحتج على الله تعالى يوم القيامة ثلاثة: الهالك في الفترة، والمغلوب على عقله، والصبي الصغير، فيقول المغلوب على عقله: رب، لم لم تجعل لي عقلا؟ ويقول الصبي نحوه، ويقول الهالك في
[المحرر الوجيز: 6/148]
الفترة: يارب، لم لم ترسل إلي رسولا؟ ولو جاءني لكنت أطوع خلقك لك، قال: فترفع لهم نار، ويقال لهم: ردوها، قال: فيردها من كان في علم الله أنه سعيد، ويكع عنها الشقي، فيقول الله تبارك وتعالى: إياي عصيتم، فكيف برسلي لو أتتكم؟".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
أما الصبي والمغلوب على عقله فبين أمرهما، وأما صاحب الفترة فليس ككفار قريش قبل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن كفار قريش وغيرهم ممن علم وسمع عن نبوة ورسالة في أقطار الأرض فليس بصاحب فترة، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال للرجل الذي سأله عن أبيه: أبي وأبوك في النار، ورأى عمرو بن لحي في النار، إلى غير هذا مما يطول ذكره، وإنما صاحب الفترة يفرض أنه آدمي لم يصل إليه أن الله تعالى بعث رسولا ولا دعا إلى دين، وهذا قليل الوجود، اللهم إلا أن يشذ في أطراف الأرض المنقطعة عن العمران، والذل والخزي مقترنان بعذاب الآخرة). [المحرر الوجيز: 6/149]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يتوعدهم ويحملهم ونفسه على التربص وانتظار الفرج، و"التربص": التأني، و"الصراط": الطريق. وقرأت فرقة: "من أصحاب الصراط السوي"، وقرأت فرقة: "الصراط السواء"، فكأن هذه الآية قسمت الفريقين،
[المحرر الوجيز: 6/149]
أي: ستعلمون هذا من هذا، وقرأت فرقة: "الصراط السوا" بشد الواو وفتحها، وقرأت فرقة: "الصراط السوؤى" بضم السين وهمزة على الواو، على وزن فعلى. و"من اهتدى" معناه: رشد). [المحرر الوجيز: 6/150]

رد مع اقتباس