عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله}، اختلف الناس، من المخاطب بهذا؟، فقالت فرقة من المتأولين: خوطب بهذا أهل الكتاب، فالمعنى: يا أيها الذين آمنوا بعيسى اتقوا الله وآمنوا بمحمد، ويؤيد هذا المعنى الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يؤتيهم الله أجرهم مرتين، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي" الحديث، وقال آخرون: المخاطبة للمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قيل لهم: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله، أي: اثبتوا على ذلك ودوموا عليه، وهذا هو معنى الأمر أبدا لمن هو متلبس بما يؤمر به.
وقوله تعالى: "يؤتكم كفلين" أي: نصيبين بالإضافة إلى ما كان الأمم قبل يعطونه، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: "كفلين": ضعفين بلسان الحبشة، وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لبعض الأحبار: كم كان التضعيف للحسنات فيكم؟ فقال ثلاثمائة وخمسون، فقال عمر رضي الله عنه: الحمد لله الذي ضاعف لنا إلى سبعمائة، ويؤيد هذا المعنى الحديث الصحيح الذي يقتضي أن اليهود عملت إلى نصف النهار على قيراطين، فلما احتجت اليهود والنصارى عن ذلك وقالوا: نحن أكثر عملا وأقل أجرا، قال تعالى: "هل نقصتم من أجركم شيئا؟ قالوا: لا، قال: فإنه فضلي أوتيه من أشاء. و"الكفل": الحظ والنصيب. و"النور" هنا إما أن يكون وعدا بالنور الذي يسعى بين الأيدي يوم القيامة، وإما أن يكون استعارة للهدى الذي يمشي به في طاعة الله تعالى). [المحرر الوجيز: 8/ 241-242]

تفسير قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}
روي أنه لما نزل هذا الوعد للمؤمنين، حسد أهل الكتاب على ذلك، وكانت اليهود تعظم دينها وأنفسها، وتزعم أنها أحباء الله وأهل رضوانه، فنزلت هذه الآية معلمة أن الله تعالى فعل ذلك وأعلم به، ليعلم أهل الكتاب أنهم ليسوا كما يزعمون، و"لا" في قوله تعالى: "لئلا" زائدة، كما هي في قوله تعالى: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} على بعض التأويلات. وقرأ ابن عباس، والجحدري: "ليعلم"، وروى إبراهيم التيمي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "لكيلا يعلم"، وروي عن حطان الرقاشي أنه قرأ: "لأن يعلم"، وقرأ ابن مسعود، وابن جبير، وعكرمة: "لكي يعلم أهل الكتاب"، وقرأ الحسن -فيما روى ابن مجاهد -: "ليلا يعلم" بفتح اللام الأولى وسكون الياء، فأما فتح اللام فلغة في لام الجر مشهورة، وأصل هذه القراءة: "لأن لا"، استغني عن الهمزة بلام الجر فحذفت فجاء "لن لا"، أدغمت النون في اللام للتشابه فجاء "للا"، فاجتمعت أمثلة فقلبت اللام الواحدة ياء. وقرأ الحسن -فيما روى مطرف -: "ليلا" بكسر اللام الأولى وسكون الياء، وتعليلها كالتي تقدمت.
وقوله تعالى: {ألا يقدرون على شيء} معناه: أنهم لا يملكون فضل الله تبارك وتعالى، ولا يدخل تحت قدرهم، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه: "ألا يقدروا" بغير نون. وباقي الآية بين.
كمل تفسير سورة [الحديد] والحمد لله رب العالمين).[المحرر الوجيز: 8/ 242]

رد مع اقتباس